
أنور إبراهيم ورؤيته للوضع في ماليزيا
– أسباب الخلاف بين محاضر وأنور إبراهيم
– أنور إبراهيم والاصطدام بالرؤوس الكبيرة
– علاقة أنور إبراهيم بالغرب
– موقف إبراهيم من رئيس الوزراء الجديد
– علاقة ماليزيا بالعالم الإسلامي
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود، إننا نسمح بوضع الحكم والإدانة جانبا ونرى أن المحكمة العليا أخطأت كان ينبغي تبرئته بهذا القرار المدوي الذي أعلنه القاضي عبد الحميد محمد قاضي المحكمة الفدرالية في ماليزيا أُفرِج في الثاني من سبتمبر الماضي عن أحد أشهر السجناء السياسيين في العالم أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء الماليزي ووزير المالية الأسبق بعد ست سنوات قضاها بالسجن بعد خلافات حادة بينه وبين رئيس الوزراء محاضر محمد أقيل بعدها أنور ثم اُعتقِل ووُجِهت له الاتهامات بالفساد ورغم مرور ست سنوات على تلك القضية إلا أنها لا زالت تشغل الرأي العام الماليزي والعربي والعالمي مع تساؤلات كثيرة عما حدث لا زالت بحاجة إلى إجابة ربما نحاول اليوم من خلال حوارنا معه أن نحصل على بعض تلك الإجابات، ولد أنور إبراهيم في مقاطعة بنين الماليزية عام 1947، درس علم الاجتماع في الجامعة المالاوية وبرز كزعيم طلابي حيث قاد كثيرا من التظاهرات الحاشدة التي خرجت في ماليزيا خلال سنوات وجوده في الجامعة بين عامي 1969 إلى 1973 مما دفع رئيس الوزراء الماليزي آنذاك عبد الرزاق لاختياره ممثلا للشباب الماليزي لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث اختير عضوا بمجموعة المستشارين الشباب للأمين العام للأمم المتحدة عام 1973، أسس بعد تخرجه حركة الشباب المسلم وبرز كزعيم سياسي حيث كان على اتصال بمعظم المنظمات الشبابية الدولية، أُعتقِل للمرة الأولى عام 1974 لمدة 22 شهرا دون محاكمة بسبب نشاطه السياسي ودفاعه عن الفلاحين الفقراء في ماليزيا وبعد خروجه واصل نشاطه فأُعجِب به رئيس الوزراء محاضر محمد ودعاه للالتحاق بحزب الاتحاد القومي الماليزي عام 1982 حيث صعد نجم أنور إبراهيم سريعا وأصبح نائبا لرئيس الحزب وتولى تباعا وزارات الشباب والرياضة والزراعة والتعليم ثم المالية ثم نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا المالية وأصبح الرجل الثاني في ماليزيا غير أن الدنيا دائما لا تصفو فقد نشب خلاف حاد بينه وبين محاضر عام 1998 أقيل على إثره أنور وقضى ست سنوات في السجن مع غموض كبير في قضيته التي لم يتوقف الإعلام عن تناولها طوال فترة سجنه نحاول اليوم استجلاء ما حدث فيها مع تطلع للمستقبل وللمشاهدين الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على أرقام الهواتف والفاكس التي ستظهر تباعا على الشاشة أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net، مرحبا بك.
أنور إبراهيم: شكرا.
أحمد منصور: صعد نجمك السياسي كما ذكرنا في المقدمة وتوليت وزارات عديدة فجأة أقالك محاضر محمد من جميع مناصبك في الثاني من سبتمبر عام 1998 واُتهِمت بالفساد والانحراف الجنسي وأصبحت أشهر سجين سياسي في العالم حتى أُفرِج عنك بقرار مفاجئ من المحكمة العليا في الثاني من سبتمبر الماضي بعد ست سنوات كاملة قضيتها في السجن كيف كانت باختصار قصة الصعود؟
أسباب الخلاف بين محاضر وأنور إبراهيم
أنور إبراهيم: حسنا إنها لخبرة وتجربة جيدة فقد حاولنا أن نخدم المجتمع وأن نخدم الأمة واعتقدت أنه في ذلك الوقت تحديدا أن قائد ماليزيا الرئيس الوزراء الدكتور محاضر كانت له رؤية لمستقبل البلاد وكان أيضا قد أعطاني أيضا بعض حرية الحركة والتصرف لأعبر عن وجهات نظري وآرائي وأن أجعل من الأفكار التي أؤمن بها حقيقة واقعية إذاً الخبرة ساعدت هذه.
أحمد منصور: كيف بدأت الخلافات بينك وبينه وأنت كنت نائبه في رئاسة الحزب ونائبه في رئاسة الحكومة؟
أنور إبراهيم: كما أسلفت الدكتور محاضر كانت له نقاط قوته وكانت له رؤيته وكان له دوره والمساهمة الكبيرة التي قدمها للأمة ولكن أيضا كما هو الحال مع معظم القادة وبعد مرور عقود من الزمن يشعرون بنوع من الرضا عن النفس والقبول بالفساد والتجاوزات وأيضا مصلحة العائلة تغلب على المصلحة القومية وعليه كان علي أن أعبر عن وضعه رغم أنني بقيت أمين ومخلصا له حتى النهاية ولكنني شعرت بأن هناك حدود يجب أن تُرسَم وأيضا من أجل مصلحة البلاد ومن أجل مصلحة الأمة هو التي جازف بها نوعا ما.
أحمد منصور: الإعلام تحدث كثيرا عن أن هناك خلاف أن هناك صراع أن هناك رؤى في وجهات النظر مختلفة بينك وبينه وكان هناك تركيز على أنك تريد أن تجر ماليزيا إلى صندوق النقد الدولي وإلى شروطه وأن تسقط في الهوية كما سقطت إندونيسيا بينما كان محاضر محمد يرفض هذا ولهذه الأسباب أقالك لأنك كنت تريد أن تورط ماليزيا فيما وُرِطت فيه إندونيسيا فيما يتعلق بصندوق النقد.
" استطعت خلال عقد من الزمن أن أدير دفة الاقتصاد في البلاد وحققت نسبة نمو كبيرة بلغت 9% سنويا " |
أنور إبراهيم: بصفتي وزيرا للمالية لنحو عقد من الزمن استطعت أن أدير دفة الاقتصاد في البلاد وحققت نسبة نمو كبيرة وهي 9% سنويا أو أكثر من ذلك وأيضا كان لنا أداء اقتصادي ونمو قوي كما قلت وأيضا فائض كبير أيضا في ميزانية البلاد وكان هذا كافيا لنتصدى لأزمة عام 1997 وماليزيا لم تكن أبدا في موقف صعب كالذي واجهته إندونيسيا أو تايلاند أو كوريا الجنوبية ولا أساس ولا صحة على الإطلاق لما قيل من أن كانت لنا حاجة إلى الرجوع إلى صندوق النقد الدولي وبالطبع استمعنا إلى بعض وجهات نظرهم ووصفاتهم ولكننا لم نحتج أبدا إلى مساعدة صندوق النقد الدولي إذاً نحن لم نخضع لشروطهم ووصفاتهم ولكنني أتفق معهم عندما يتحدثون عن الحكم الصالح أو الرشيد وتخليص البلاد من الفساد وأيضا المصلحة في بعض المشاريع الكبرى التي لم تكن ذات جدوى اقتصادية هذا هو جوهر القضية وليس ذلك.
أحمد منصور: لم يكن ظاهرا هناك ما يسمى بالفساد كان كل الذي كان ظاهرا في ماليزيا في ذلك الوقت هو النمو هو الانتعاش الاقتصادي هو دولة تتخطى نطاق الدول الفقيرة إلى الدول النامية أو الدول النمور كما كان يطلق عليها الآن أنت تتكلم عن الفساد، حينما سافر محاضر محمد عام 1997 في إجازة مطولة وأصبحت أنت رئيسا للوزراء بالإنابة كانت الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد على أشدها في ذلك الوقت هل هذه الفترة هي التي سببت الأزمة هل اكتشفت حينما كنت رئيسا للوزراء مكامن الفساد الرئيسية التي تتحدث عنها الآن؟
أنور إبراهيم: الدكتور محاضر أخذ إجازة لمدة شهرين كنت أنوب عنه في مهام أعماله وكانت هي تلك البداية التي تعرضت لها العملة التايوانية للهجوم والفساد كان ظاهرا آنذاك ولكن نوعا ما أخذ بالتصاعد نوعا ما وكان علي أن أقوم بتشريعات أكثر تأثيرا لمكافحة الفساد وأيضا درسنا قوانين مكافحة الفساد لهونغ كونغ ولم أكن أدرك إن الكثير من زملائي في الحكومة خاصة الوزراء كان لهم هذا الرفض القوي لقوانين مكافحة الفساد وبالطبع هم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا؟
أنور إبراهيم [متابعاً]: أي أسباب يمكن أن تعطي لتشرح ذلك لماذا يكون هناك قادة يخافون من قوانين مكافحة الفساد ما لم يكونوا فاسدين أنفسهم لهذا سبب أقنعت مجلس الوزراء للمضي قدما في ذلك العمل.
أحمد منصور: إذا كنت تقول الآن أنك حينما أصبحت رئيسا للوزراء بالإنابة لمدة شهرين عام 1997 اكتشفت جوانب الفساد وأردت أن تضع تشريعات للفساد لقد بقيت في السلطة 17 عاما منها عشر سنوات وزيرا للمالية ومن المفترض أن وزير المالية يكون مطلع على أهم جوانب الفساد في البلد ألم تكن طوال هذه السنوات شريكا في الفساد؟ اسمح لي أسمح الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نستضيف فيه أشهر سجين سياسي سابق في آسيا أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء الماليزي ووزير المالية الأسبق، ألم تكن شريكا في الفساد طوال 17 عاما شاركت فيها في السلطة؟
أنور إبراهيم: أن موقفي كان واضحا فقد انضممت إلى الحكومة وبنية المساعدة مساعدة الدكتور محاضر لتخليص البلاد من الفساد واكتشفت أن الفساد عمنا وعمه وقيل هذا بشكل واضح تماما ونشرت كتابا حول النهضة الآسيوية أشار إلى ذلك ولكن عندما كنت رئيس الوزراء بالوكالة فكل المسؤولية أحيلت إلي وفي ذلك الوقت لاحظت أن الموقف كان أسوأ بكثير مما سمعت أو رأيت عند ذاك اضطررت إلى إطلاع رئيس الوزراء وأُوصي بتشريعات جديدة لمكافحة الفساد ونُظِر إلى هذا على أنه نوعا ما معاديا رغم أنها لم تكن كذلك..
أحمد منصور: ما هي أشكال الفساد التي كانت موجودة؟
أنور إبراهيم: من الواضح أن القادة الذين يتعاملون بمئات الملايين من الدولارات وكان واضحا أن الكثير من المناقصات والحصص قد أعطيت إلى أفراد في العائلة وإلى منسوبين ومحسوبين هذا لا يمكن السكوت عنه.
أحمد منصور: أي عائلة؟
أنور إبراهيم: لقد أشرنا إلى ذلك وكانت هناك تقارير نُشِرت وكانت هناك بعض التهم التي وُجِهت إلى بعض الوزراء ولكنها لم يتم التعامل معها هذه التهم لم تكن من قِبَّل دوائر مكافحة الإرهاب ولكن من قِبَّل المدعي العام والتي غطى عليها رئيس الوزراء.
أحمد منصور: معنى ذلك أن رئيس الوزراء غطى على هذه الأشياء وكان يحميها؟
أنور إبراهيم: لقد كانت له تفسيراته الخاصة ولكن بالتأكيد لم يكن هناك إي إجراء فعلي يتخذ ضد المحسوبين والمتهمين بالرشاوي والفساد.
أحمد منصور: هل هذا هو الذي صعد الأزمة بينك وبينهم؟
أنور إبراهيم: هذه إحدى الأسباب الرئيسية بالطبع وهي الفساد ولكن أيضا الطريقة التي تعاملنا بها مع الاقتصاد ومع الحكومة التي كانت تميل إلى نوع من الاستبدادية ولم تكن هناك حرية لوسائل الإعلام كافية ولم يكن هناك فسحة للناس ليعبروا عن أنفسهم، الإعلام كانت تسيطر عليه الدولة لم يكن هناك تسامح لأي لفظ أو انشقاق حتى ولو كان بصيغة انتقاد بسيط وبالطبع كل هذه الأمور تعود إلى أنظمة في الماضي أكثر مما هي عليه في المستقبل.
أحمد منصور: يعني هذه الصورة البراقة التي كانت تظهر لماليزيا وقائدها أنت الآن تعكس صورة أخرى هناك ما يسمى بالاستبداد هناك ما يسمى بالفساد هناك ما يسمى بالقمع؟
" وضع ماليزيا أفضل حالا بالمقارنة مع الأنظمة الاستبدادية والقمعية، ومازلت أضعها في مصاف الدول المتقدمة " |
أنور إبراهيم: لو قارنا أنفسنا بأسوأ الديكتاتوريات في العالم لا يكون وضعنا ليس بذلك السوء ولكن الوضع كان أفضل من حيث النمو الاقتصادي والجو السلمي وتعاملاتنا كانت تميل إلى الحضارية أكثر، لم نقصف قرانا بالقنابل ولم نقتل أعداءنا ربما كانوا يُعتقَّلون ويضربون ولكن بالمقارنة بالأنظمة الاستبدادية والقمعية في كثير من البلدان لماليزيا وقع أفضل ومازلت أضعها في مصاف دول متقدمة بالمقارنة ولكن علينا أن نصحح الأخطاء ونيتي كانت هي استخدام هذه المنصة أو هذا الإطار لتحسين الأوضاع وليس السماح للبلد لأن يسقط في الهاوية أكثر وأيضا انظروا إلى التقارير التنافس في اقتصاديات العالم انظروا إلى نحن ساء وضعنا وأيضا في المجال مجال الفساد ساء وضعنا إذاً واجبي كان أن أساعد القائد وهو الدكتور محاضر لأن نصعد لأعلى ولا نسقط في الهاوية.
أحمد منصور: السؤال الهام هنا إذا كان الخلاف بينك وبينه خلاف على محاربة الفساد وهو كان له مبرراته وأسلوبه في التعامل مع هذا الأمر وإذا كان الخلاف الثاني الرئيسي حول علاج الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد فلماذا لم يكتف بعزلك وإنما وجه لك تهمتين كل واحدة منهما بتدميرك نفسيا واجتماعيا وسياسيا وأسريا ومن كافة النواحي؟
" عوقبت لمدة 6 سنوات، وكانت أفضل وسيلة لتوجيه ضربة لي باتهامي في أخلاقي، لاسيما وأنني مرتبط طيلة حياتي بالعمل الإسلامي " |
أنور إبراهيم: السبب في ذلك إنه رأى في تهديدا له وللنظام وقلت إن الدكتور محاضر قد سُجِلت له مواقف باعتباره زعيم قدم مساهمة عظيمة للبلد وأنا لست في موقف ولا سأكون مستعدا لإنكار ذلك ولكن ما سألت حوله أنه بعد مضي عقدين من الزمن الوضع الاقتصادي والوضع السياسي والوضع الديمقراطي والفساد وتنافسية البلد كانت إلى تراجع لماذا اختار هو أن يوجه إلي هذه التهم لأنه رآني مصدر تهديد وكان مقتنعا بتآمر بعض زملائه وبأنني كنت أحاول الإطاحة به وفي الحقيقة هذا لم يكن إنما كان فتنة بالنسبة لي من وجهة نظري فقد توصلت إلى نتيجة حول ذلك، تهمة الفساد ماذا كانت هل تعني مالا لا اقتراضا للأموال لا أسهم لا تهمة الفساد هي لاستخدام قانون الطوارئ لأن قانون الطوارئ يُمكن الزعم من خلاله بأنني تحدثت إلى رئيس الشرطة وحصلت على عقوبة ست سنوات بسبب ذلك، المسألة لا علاقة لها بالفساد الذي نفهمه ولكن تهمة الفساد هي تهمة ثقيلة وفهم الناس يعني عند ذاك إن أنور فاسد وأيضا أنا مرتبط بالعمل الإسلامي طيلة حياتي ما هي أفضل وسيلة لتوجيه ضربة لي هي اتهامي في أخلاقي وهذه وسيلة فعالة لديهم لكن الحمد لله المسألة أزيلت في المحكمة.
أحمد منصور: الآن يعني بعد هذا الحكم الذي صدر من المحكمة هل تعتقد إن يمكن أن تعود لممارسة عملك السياسي قريبا أم لا زال أمامك عقبات؟
أنور إبراهيم: أنا منخرط في العمل السياسي وأنا ملتزم بأجندة الإصلاح وأعتقد أن البلدان الإسلامية يجب أن تعكس صورة عن نفسها باعتبارها نموذجا محتذى للإنسانية للديمقراطية للعدالة للتسامح وأيضا لا شيء سيوقفني عن التعبير عن آرائي ولكن النظام القضائي تم استخدامه من قِبَّل الجهاز التنفيذي للدولة ليحولوا دون مساهمتي في العمل السياسي ولكن هذا لا يعني شيئا سوف أستمر في ماليزيا وخارجها للإفصاح عن أفكاري ووجهات نظري.
أحمد منصور: أنت الآن وكأنك تُحمِل الطرف الآخر المسؤولية الكاملة عما حدث لك أما تعتقد أنك أخطأت أيضا في أسلوب معالجتك لهذه الأشياء أسمع منك الإجابة بعد موجز قصير للأنباء نعود إليكم بعد موجز قصير للأنباء من غرفة الأخبار لمتابعة هذا الحوار فأبقوا معنا.
[موجز الأنباء]
أنور إبراهيم والاصطدام بالرؤوس الكبيرة
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نستضيف فيها أشهر سجين سياسي سابق في آسيا أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الماليزي الأسبق، ألا تعتقد أنك أخطأت أنت أيضا اصطدمت بالرؤوس الكبيرة حينما سعيت لمحاربة الفساد وكنت مثاليا ولم تكن واقعيا رغم أنك قضيت 17 عام في السلطة؟
" وقفت أمام خيارين: إما أن أعرض نفسي للإدانة، أو أن أقدم نفسي من باب إسداء النصح والمشورة لإصلاح الوضع " |
أنور إبراهيم: أنا لم أتحد موقع رئيس الوزراء الدكتور محاضر ما فعلته كان هو إسداء المشورة له لكي تبقى ماليزيا ذات اقتصاد قوي وتمضي قدما مع الزمن إلى الأمام ولم تكن لدي أي خيار فالخيار كان واضحا أمامي إما أن أُعرِض نفسي للإدانة أو أن أقدم نفسي من باب تقديم المشورة لإصلاح الوضع وأنا لا توجد لدي أي شيء يجعلني آسف على ما فعلت وحتى لو أنني عانيت شخصيا بسبب ذلك.
أحمد منصور: لكن نجاح الدكتور محاضر محمد في إدارة البلاد وفي الشكل الناصع لماليزيا يؤكد أنك كنت على خطأ وهو على صواب.
أنور إبراهيم: لا كان ناجحا وقد ساهمت أنا في النجاح ودعمه وعندما كنت أدير دفة الاقتصاد كان بحال أفضل كثيرا من حيث تحقيق معدلات النمو وقلة الفساد والتنافسية وهذا كان مؤكدا، أنا لا أنكر حقيقة أن قيادة الدكتور محاضر كانت من حيث التقدم الاقتصادي لها دورها ولكن أنظر إلى العجز الآن أنظر إلى الهدر الذي نتج عن مشاريع لا جدوى منها والذي يجب أن نتعامل معه الآن أنظر إلى ثمانين ألف خريج جامعي في حالة البطالة الغالبية العظمى منهم من المسلمين أيضا أنظر كمحلل إلى الإحصائيات والأرقام بشكل عام ولكن لو نظرت بشكل أعمق إلى مؤسسات المجتمع المدني إلى استقلالية القضاء والذي كنا نفتخر به سابقا والذي تم تدميره، ماذا عن وسائل الإعلام لا نمتلك الآن وسائل إعلام حرة ولا توجد هناك فرصة للمعارضة أو انتقاد الدولة هذه بالنسبة لي أسس وقضايا مركزية يجب أن نتعامل معها.
أحمد منصور: أنت كان منهجك الإصلاح من الداخل ورغم أنك كنت زعيما للحركة الإسلامية في ماليزيا إلا أنك انضممت إلى الحكومة وعملت معها أما تعتقد أنك لو يعني استمريت في إطار تسديد النصح والتسديد والمقاربة كان أفضل من الصدام الذي وقع أم أن الصدام فُرِِض عليك؟
أنور إبراهيم: أنا مازلت مؤمن بأن عملية الإصلاح هي ضرورة وأيضا اخترت أنا طريقي في محاولة العمل من داخل النظام ولم اختر أسلوب التحدي ولكن كما قلت وأنت محق في ذلك آلت الأمور إلى ما آلت إليه واجبي كان إسداء النصيحة، يا سيدي نحن لا نستطيع القبول بهذا الوضع من تفشي الفساد في وضع واضح ولو أن ذلك يعني أن أعضاء العائلات أو المنسوبين سيرتدون علي ما هي خياراتي.
أحمد منصور: ما الذي اكتسبته من الصدام؟
أنور إبراهيم: الكثير من الخبرة وأيضا إصابة في الظهر ولكن أيضا علي أن أقول الحمد لله الرأي العام يفهم الآن أن ماليزيا باتت ناضجة والمجتمع الدولي هو الآن أكثر تحليلا وأكثر انتقادية ولا يقبل بأيدي رخيصة كيفما اتفق وأيضا السبب صندوق النقد الدولي كان على خطأ من حيث إعطاء بعض الوصفات والحلول التي لم تكن عملية لتطبقها بعض البلدان ولكن أيضا البلدان كانت على خطأ لأنها كانت تنفق بإسراف وسمحت بالفساد لأن يستشري، الحكومة لم تكن رشيدة بما فيه الكافية ولم تكن هناك شفافية كافية إذاًً كان هناك وعي بضرورة التغيير الآن.
أحمد منصور: أما تعتقد أن الغرور قد أخذك في الانطلاقة السريعة أصبحت نائبا لرئيس الحزب توليت الوزارات بشكل سريع جدا حصلت على جوائز كثيرة، في العام 1993 مؤسسة النقد الأوروبي اختارتك كأحد أبرز أربعة وزراء مالية على مستوى العالم، في عام 1996 مؤسسة النقد الآسيوي اختارتك وزير مالية العام، في عام 1998 مجلة نيوزويك اختارتك رجل العام، اُنتخِبت رئيسا للمؤتمر العام لليونسكو عام 1989 و1990 مناصب كثيرة جوائز كثيرة أشياء كثيرة ألم يأخذك الغرور واعتقدت أنك يمكن أن تصلح ما لا يستطيع أحيانا رؤساء الدول أن يصلحوه؟
أنور إبراهيم: أنا مطالب بهذه المناصب أو بهذا الاعتراف ولم أصب بالغرور كلما حصلت على جائزة حمدت الله سبحانه وتعالى وشكرت الدكتور محاضر لقيادته للبلاد إذاً كان تصرفي صحيحا وواضحا تعليقاتي لهذه الشاكلة ولكن الاعتراف أُعطِي لي لأن هناك إحصائيات حققنا ارتفاع أيضا في الميزانية وأحد أكبر معدلات النمو في المنطقة كان هذا في وقته حينذاك وأيضا كانت هناك برامج واضحة للإسكان الشعبي ومكافحة الفقر وتوسيع عملية التعليم وطيلة فترة تسلم مهام وزارة المالية لم أقلل أبدا من إنفاق الدولة على التعليم والصحة، لو كان هناك اعتراف بذلك الحمد لله ولكن هذا لن يحيدني عن الطريق الصواب الذي رأيته وأنا بالطبع لم أعرض نفسي لهذه المناصب ولكن عندما كان الدكتور محاضر مازال موجودا.
أحمد منصور: صحيفة نيوستريت تايمز الماليزية في تقرير نشرته في مارس عام 2002 قالت أنك دفعت أموالا لمركز سياسات آسيا والمحيط الهادي في الولايات المتحدة من أجل تحسين صورتك في واشنطن.
أنور إبراهيم: كان هذا دعاية وحملة وشُنت ضدي وقد أثرت القضية أمام المحاكم ولنرى هل المحكمة مستقلة لتتعامل مع هذه القضية ولكن هناك مزاعم كثرة بهذا الشاكلة وأيضا أشيع عني دعمي لمنظمات ومراكز إسلامية كثيرة هذا صحيح في بعض جوانبه فأنا قدمت الدعم لمؤسسات العلم والبحث العلمي والثقافة والتعليم ولا توجد لدي أي مشكلات مع ذلك ولست بحاجة للاعتذار عن ذلك، كنا بقادرين على بناء دعم بناء المساجد والدعوة الإسلامية بشكل معتدل وللحث على الحوار المسيحي الإسلامي وأيضا الحوار بين الإسلام والكونفوشوسية هذه كلها كنا أمور نساعدها ماليا لكي تستطيع بعض هذه المؤسسات ترتيب لقاءات وندوات ومؤتمرات بشكل ناجح ولكن المزاعم القائلة بأن كانت لدينا ارتباطات خاصة بواشنطن هذا جزء من الحملة الدعائية التي شعر بها بعض الناس المستقبلين..
أحمد منصور: وكانت تهمة موجهة إليك أيضا من التهم التي وجهت إليك أنك كنت ضليعا في مؤامرة خارجية ضد رئيس الوزراء.
أنور إبراهيم: لم تكن تهمة أُثبِتت ولكن مجرد اتهامات ضمن عملية دعاية سياسية وطيلة فترة العمل السياسي كل الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية مشهورة بمهاجمة القوى الإمبريالية والاستعمارية وما إلى ذلك ولكن هذا ربما صحيح ولكنه لن ينفع في تغيير بعض الإصلاحات، أنا مثلا هاجمت ما حصل في أبو غريب أعتقد أن هذا السجل شنيع من قِبَّل الإدارة الأميركية ترتكبه ولكن دعونا لا ننسى أن هناك أبو غريب مشابه في العديد من الدول الإسلامية بما في ذلك ماليزيا إذاً هل من الخطأ أن نقول وأن نتحدث عن مساوئ وعيوب الآخرين ونخفي عيوبنا في داخل مجتمعاتنا مثلا؟
أحمد منصور: أنت قضيت ست سنوات في السجن صورك كانت تطلع ظهرت صورتك الشهيرة وتحت عيناك هالة زرقاء قيل أنها كانت من أثر اعتداء من الشرطة عليك في جلسة لمحكمة الاستئناف الماليزية في 21 يناير الماضي هاجمت القضاة بشدة واتهمتهم بأنهم يفتقدون إلى الشخصية ويعملون لحساب الحكومة واتهمت القضاة بالجبن والعار وأنت متهم يعني ألم يكن غريبا أن يُهاجَم القضاة بهذه الطريقة وأن يسمعوا إلى اتهاماتك دون أن يفعلوا شيئا؟
أنور إبراهيم: أنا انتقدت القضاة عندما يرفض القضاة الاستماع وأيضا عندما رفضوا حتى شهادات الشهود وللشهود أن يمثلوا أمام للمحكمة للإدلاء بأقوالهم وعندما يرفضوا الاستماع إلى شهادات من خبراء طبيين حول التهم المتعلقة بالشذوذ الجنسي فأنا اتهمتهم بالجبن وعدم القدرة على الصمود وأن سمحوا لأنفسهم أن يكون أدوات ليطبق من خلالها الجهاز التنفيذي لرغبته وأهوائه، أنا لم أبدأ الهجوم عليهم ولكن عندما برهنوا على ازدراء كامل للقانون ونظام العدالة لماذا علي أن أحترمهم عندما لا يحترمون أنفسهم ولو أنهم تصرفوا بالطريقة اللائقة واستمعوا إلى وجهات نظر الدفاع، هل تدرك أن أحد المحامين قد وُجٍِهت إليه التهمة وحُكِِم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر لأنه دافع عني فهل تتوقع مني أن أحترم قضاة لا يحترمون القانون ويتصرفون بلا مسؤولية واضحة كهذه؟ الهجمات ضدي كانت حقيقة..
أحمد منصور: أنت كرجل دولة وأزمة القضاء هذه موجودة في معظم الدول أنت كرجل دولة حينما يصبح القضاء بهذا الشكل حينما تصبح السجون وحقوق الإنسان بالشكل الذي تتحدث عنه وتكون هناك ورقة رقيقة في الخارج عن الديمقراطية عن الانفتاح عن النمو الاقتصادي ماذا يكون عليه الوضع ما الذي شعرته ما الذي خرجت به من تجربة السجن المريرة من رجل في قمة السلطة إلى أن تُعامَل وتتهم باتهامات مدمرة؟
أنور إبراهيم: إن موقف النظام القضائي هذا لم أحدده أنا بل هي من خلال الأنظمة والأعراف الدولية المرعية والتي أجمع الجميع على أن النظام القضائي والقضاة كانوا راضخين للحكومة هذا لم يكن من فعلي أنا بل كان علي أن أعبر عن آرائي لأوضح ذلك لأنه من واجبي وخاصة في بلد مسلم إن علينا أن نبدأ بنظام قضائي نظيف، أنا لا توجد لدي أي رغبات عدائية تجاههم بالحقيقة أنا أرد على هذه الأسئلة لأنها وجهت إلي ولكن لن أبدأ أبدا بإحالة قضيتي مع الدكتور محاضر إلى هذه الجوانب والجوانب القضايا تحديدا فمن مصلحتي أن أدعم رئيس الوزراء حاري عبد الله بدوي لإتمام عملية الإصلاح وليس التفوهات الكلامية حولها فقط.
أحمد منصور: علامات استفهام كثيرة تدور حول علاقتك بالغرب ودعم الغرب لك الإعلام الغربي في عام 1998 بعد اعتقالك اُختِرت من نيوزويك رجل العام، الإعلام الغربي كان يغطي قضيتك بشكل غير مسبوق كل منظمات حقوق الإنسان في العالم اهتمت بقضيتك بشكل بارز، ست سنوات كان من المفترض أن تكون مُغيَبا لكنك كنت نجما في وسائل الإعلام وأنك كنت سجينا في هذا الوضع، اهتمام الغرب بك أما يضع علامات وأنت إسلامي والغرب معروف أنه هناك شيء من العداء شكلا ما من العداء بين الغرب والإسلاميين أنت كإسلامي والغرب يتعاطف معك ويدعمك بهذه الطريقة أما يضع علامات استفهام كثيرة حولك؟
" قناة الجزيرة أنصفتني طيلة فترة اعتقالي منذ 6 سنوات، وكثير من الجهات اهتمت بي لأنني أؤمن بالاعتدال الإسلامي وأريد الانخراط بالحوار " |
أنور إبراهيم: الجزيرة كانت منصفة لي طيلة فترة اعتقالي منذ ست سنوات هل كان هذا بسبب أنها لديها أجندة خفية؟ لا أعتقد أنكم تدافعون عن العدالة والحرية والكثير من البلدان الإسلامية والمنظمات الإسلامية وقفت بثبات تدعو من أجلي وقد التقيت بأناس من جنوب إفريقيا من تونس من الجزائر وبلدان أخرى كانوا يدعون لي هل هذه أجندة غربية هل هذه إملاءات من واشنطن؟ أعتقد أن الله سبحانه وتعالى جعل لهذه الجهات تهتم بي لأنني أؤمن بالعدل وأؤمن بالرحمة وبالاعتدال الإسلامي في الوقت نفسه أريد الانخراط في حوار، نعتقد أننا أنا مهم لنا كمسلمين أن تكون لنا الثقة لنستمر في حوارنا مع الغرب مع واشنطن ولندن وباريس وبثقة أيضا ليس أن ننسحب وبطريقة اعتذارية بل بثقة وبقناعات أيضا لأن هذا هو الموقف المعتدل الذي يقبل بالانخراط وبالتحسين وبالقبول بالأخطاء وتحسين أوضاع الأمة، أعتقد أن هذه هي إحدى الأسباب التي جعلت هناك قبولا عاما لي ومع ذلك أنا لدي أيضا وجهات نظر قوية تجاه بعض القرارات بواشنطن ضد المسلمين مثل قضية العراق والقضية الفلسطينية ولا يوجد لدي أي تردد إزاء ذلك وكون أن هناك انتقادات لا يعني أنني لن أدخل في حوار فعال معهم.
أحمد منصور: نحن في هذا البرنامج بلا حدود تناولنا قضيتك مرتين؛ الأولى كانت مع رئيس الوزراء محاضر محمد قبل سنتين في حلقة قدمناها من لندن والثانية كانت مع زوجتك دكتورة وان عزيزة وان إسماعيل من هنا من الدوحة كانت زوجتك تقف إلى جوارك باستماتة وعلى ثقة أنك برئ وضربت مثالا رائعا في صمود المرأة تجاه زوجها بينما كان رئيس الوزراء مُصِر وإلى هذه اللحظة أنك متهم وهو واثق من هذه الاتهامات التي كانت موجهة إليك كيف تعاملت أنت مع هذه المعادلة الجانب النفسي لك وأنت يعني تعيش هذه المأساة زوجتك شكلت حزبا خصيصا من أجل الدفاع عنك واعتبرت الدفاع عنك قضيتها الأساسية طوال ست سنوات كيف تعاملت مع هذا الموقف؟
أنور إبراهيم: الدكتور محاضر أصر طيلة الوقت أنني كنت مذنبا قبل إنهاء التحقيقات وتوجيه التهم وإصدار الأحكام من قبل القضاة طيب هذه هي وجهة نظره الشخصية ولكن قلت انظر إلى القانون انظر إلى الحقائق دع المحققين يجرون تحقيقاتهم ودع القضاء يقول قولته لا تقل أنت هكذا، زوجتي عزيزة والحمد لله كانت فعلا فعالة جدا وقوية في موقفها وقد آمنت بقضيتي وهي تعلم الحقائق وفهمت أيضا ماذا كانت هذه المؤامرة كلها بماذا تتعلق، أنا أشاطرها رأيها ونحن متفقان في موقفينا ولم تكن لدينا نوايا عدائية بل نؤمن بعدالة القضاء وقضية العدالة لماليزيا وبأن لماليزيا دورا تلعبه وهذا لا يتم لعبه من خلال الدعاية بأننا دولة عظيمة متقدمة في حين هناك فساد وهناك قمع بل هناك دور يجب أن نستمر فيه لتقوية الاقتصاد ودعمه وضمان العدالة والسلم وأنا أدعمها في ذلك.
موقف إبراهيم من رئيس الوزراء الجديد
أحمد منصور: هل تتطلع للتعاون مع رئيس الوزراء عبد الله بدوي أم ستكون في المعارضة؟
أنور إبراهيم: لقد قلت من قبل أنا ممتنا فقط لرئيس الوزراء عبد الله للتغييرات التي يود القيام بها بل أعطيت التزاما قويا شفويا عندما التقيته بأنني ملتزم بأجندة الإصلاح وأنا أدعمه في عملية الإصلاح، نحن مازلنا بانتظار قرارات وأعمال تتساوق وتتوافق مع ما وعده ولو فعل ذلك فلا مشكلة لدي ولكن أيضا دوري أنا أن أدعم الذين هم يؤمنون بعملية الإصلاح مثل أحزاب المعارضة التي وضحت تماما إنها من أجل الدفاع عن الديمقراطية والنمو الاقتصادي واستقلالية القضاء والتعاون بين الأعراق والأديان المختلفة ولهذا السبب تحديدا هم واضحون وأنا ملتزم بضمان جعل المعارضة قوة لا يستهان بها في البلاد ولكن دعونا لا نسقط من الحساب تعاوني المستمر مع رئيس الوزراء عبد الله في التزامه بأجندة الإصلاح.
أحمد منصور: لكن محاضر محمد ترك حزبه حزبا قويا يصعب أن يُهزَم، المعارضة في ماليزيا معارضة ضعيفة الآن وممزقة ومن أراد أن يكون له دور في صناعة القرار فلابد أن يكون عبر حزب إمنو هل تفكر في العودة إلى الحزب مرة أخرى؟
أنور إبراهيم: لا، أعتقد إنني أكثر التزاما بأجندة الإصلاح أنا مستعد للعمل مع رئيس الوزراء ولا اعتذارات لدي حول ذلك أبدا لكنني أستثني احتمال الدخول إلى حزب إمنو حاليا ولكن عندما تتحدث عن انتخابات وعن هزيمة المعارضة هذا مقبول ولكن هل كانت الانتخابات نزيهة وهل أن استخدام أصوات أشباح أناس قد سبق وسُجِلت وفاتهم هل هذا صحيح هل هناك فرصة نصف ساعة أو عشر دقائق يوميا لمرشحي المعارضة ليعبروا عن آرائهم وقضاياهم هل كانت وسائل الإعلام مستخدمة بشكل فعال لإدانة المعارضة؟ هذه قضايا أساسية في العملية السياسية الديمقراطية ونحن بحاجة إلى أن ننضج وأنا على قناعة تامة من أن المسلمين يجب أن يكونوا في الطليعة وفي المقدمة للبرهنة على أننا نؤمن بالحرية وبالعدالة وأن الديمقراطية تتواءم مع الإسلام وليس النقيض من ذلك إذاً لا نتحدث عن هزيمة وكسب في الانتخابات بل تحدثوا عن انتخابات نزيهة حرة ووسائل إعلام حرة.
أحمد منصور: قبل أن أحدثك أو أسألك عن مخططاتك السياسية أنت لا يحق لك ممارسة السياسة قبل العام 2008 إلا إذا طلبت عفوا من السلطان هل ستطلب العفو؟
" تم استخدام النظام القضائي الماليزي كي لا يُسمح لي بخوض العملية الانتخابية قبل عام 2008 " |
أنور إبراهيم: إن السلطان كان وأيضا العاملون معه كانوا كرماء معي وأحدهم زارني ولكن تلقي عفوا سلطاني هذا يجب أن يأتي من المدعي العام الذي قاد عملية توجيه الاتهام ويعبر ذلك من خلال رئيس الوزراء الذي يجب أن يوصي الملك بأن يقوم بذلك، أنا لا أنوي الطلب إعطاء العفو لأن هذا يعطي الانطباع بأنني كنت مذنبا ولكنني كنت بريئا والتهم كلها كانت ملفقة وهي فتنة من أسوأ الأنواع، لم أكن عدائيا ولكن لا أتوقع مني أن أفعل ذلك ولكن مع ذلك لا أجد هناك في القانون ما يمنعني من أن أكون فعالا وأن أعبر عن آرائي، نعم النظام القضائي تم استخدامه لكي لا يسمح لي بخوض العملية الانتخابية قبل عام 2008 هذا لا يحدث فرقا كبيرا بالنسبة لي هناك من هو أفضل مني لخوضه.
أحمد منصور: ما الذي ستفعله إلى العام 2008 طالما أنك لن تطلب العفو من السلطان؟
أنور إبراهيم: سأتنقل وأتجول أتحدث إلى الأصدقاء وإلى أنصاري ومن يدعموني وأقوم بدور فعال على المستوى الدولي أروج وأدعم مبادرات ولدي الكثير من أصدقاء من أصحاب هذه المبادرات وأيضا مسألة الحوار بين الإسلام والغرب وبين الشرق والغرب أو الحوار الديني هذه أمور مهمة ونحن بحاجة إلى أن نوضح موقف الإسلام بشكل أكثر عمقا من ذي قبل وعلى المسلمين أنفسهم أن يعيدوا تقييم مواقفهم واستراتيجيتهم وأنا أعتقد من أن هذه الأجندة الدولية لا تقل أهمية وحيوية عن الأجندة الداخلية الماليزية.
أحمد منصور: هل التقيت مع عبد الله بدوي بعد خروجك من السجن؟
أنور إبراهيم: التقيته بعد العيد في هذا العام وكان في منتهى الكرم والكياسة تجاهي، لم تكن هناك نقاشات حول السياسة ولكن قضينا الكثير من الوقت في حديث عن أمور عامة واعتقدت أنها كانت بداية جيدة وكان هناك التفاعل إيجابي بيننا شخصيا وهو صديق للعائلة منذ فترة طويلة وأعتقد أن اللقاء الأول كان مفيدا ونافعا.
أحمد منصور: ما حقيقة أن إفراجه عنك ولقاءه بك قد أساء للعلاقات بينه وبين محاضر محمد؟ وأسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فأبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نحاور فيها أشهر سجين سياسي سابقا في آسيا أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الأسبق في ماليزيا الذي قضى ست سنوات في السجن بتهم مختلفة بعد خلافات له مع رئيس الوزراء محاضر محمد كان خلالها من أبرز السجناء في وسائل الإعلام العالمية، كان سؤالي لك حول إفراج عبد الله بدوي رئيس الوزراء عنك ولقائه بك وحقيقة أن هذا أدى إلى سوء العلاقة بينه وبين محاضر محمد الذي لا زال مصرا على اتهاماته لك.
أنور إبراهيم: لا أستطيع أن أؤكد هنا لأنني لا أملك المعلومات، الحقيقة تبقى أن إطلاق سراحي لا يمكن أن يُستخدَم كوسيلة للتعبير عن عداء معين تجاه الدكتور محاضر أو مهاجمته شخصيا فقلت أنه لا توجد لديه نوايا عدائية وعلي أن أستمر مع أجندة الإصلاح ولهذا السبب القضية برمتها قضية إطلاق سراحي وعلاقتها بمحاضر محمد لا علاقة لها لأنها لم تستخدم إما لنزع المصداقية عنه أو لإثارة قضايا قديمة أيضا.
أحمد منصور: يعني هل تتوقع أن من الممكن أن يطلب هو من السلطان أن يعفو عنك دون أن تطلب أنت منه أم أن الأمر أبعد من ذلك؟
أنور إبراهيم: هذا سيكون حركة مرحبا بها والقانون يسمح بذلك ولكن العملية الإجرائية تقتضي أن السلطان فقط يتصرف بناء على مشورة رئيس الوزراء هذا هو الشرط القانوني الدستوري والصلاحيات مازالت مع الملك في ذلك.
أحمد منصور: في هذا الإطار أيضا هل لديك مخطط لتأسيس حزب سياسي جديد لتقوية الحزب الذي أسسته زوجتك للتعاون مع أحزاب المعارضة الأخرى أم أنك يمكن أن تفضل التعاون مع رئيس الوزراء على التعاون مع المعارضة؟
أنور إبراهيم: إن حزب العدالة الحالي الذي تترأسه عزيزة يمثل أجندة الإصلاح وحزب المعارضة الإسلامية والحزب الديمقراطي أعطيا رسالة واضحة إلي مفادها أنهما يتطلعان قدما لائتلاف جديد للمعارضة لديه أجندة واضحة من أجل الإصلاح وفي الوقت نفسه أنا لا أستثني الانخراط مع رئيس الوزراء حول قضايا محددة وهي قضية الإصلاح تحديدا إذا ما سعى إليها ولهذا السبب وبشكل عام يمكن أن نقول إن هذه تغطي مخطط التغيير الذي هو مطلوب..
أحمد منصور: لكن ليس هناك أعضاء من حزب زوجتك سوى هي في البرلمان الآن المعارضة منيت بهزيمة ساحقة والتغيير والإصلاح بحاجة إلى جماهيرية وبحاجة إلى شعبية وبحاجة إلى برنامج سياسي قوي وبحاجة أيضا إلى دعم كبير إعلامي وغيره هل يتوفر لديكم هذا؟
أنور إبراهيم: نعم عزيزة هي عضو في البرلمان ونحن نعلم ما هي العملية الانتخابية وعلينا أن نطلب بعض التسامح القانوني مع قضايا التعامل مع الإعلام والحرية ومن دون ذلك فلا نستطيع أن نقول أننا نظام ديمقراطي ونحن نستمر في مناشدتنا والمطالبة بالمرونة الأكثر والفسحة أكثر.
أحمد منصور: هل هناك حظر إعلامي لظهورك في وسائل الإعلام الماليزية حقيقة هل هناك حظر إعلامي عليك؟
أنور إبراهيم: أنا ظهرت بعد ثلاثة أيام بعد إطلاق سراحي وبعد ذلك اختفيت من وسائل الإعلام لأنه يجب أن تكون هناك نعم أوامر، أنا أظهر في معظم وسائل الإعلام في العالم ما عدى الماليزية فيجب أن تكون هناك تعليمات واضحة بهذا الصدد وأنا آمل وقد عبرت عن هذا أمام رئيس الوزراء لأن المسألة ليست مسألة أنور شخصيا ولكن هو وسائل إعلام حرة أكثر..
علاقة ماليزيا بالعالم الإسلامي
أحمد منصور: كيف تنظر لعلاقة ماليزيا بالعالم الإسلامي؟
" أتوقع من ماليزيا أن تتعامل مع قضايا مهمة وخطيرة مثل القضية الفلسطينية والاحتلال الأميركي للعراق بعزيمة واضحة وصادقة " |
أنور إبراهيم: إن ماليزيا الآن تترأس منظمة المؤتمر الإسلامي وكانت هناك توقعات من أننا سنقوم ببعض الخطوات الفعالة فيما يخص قضايا المسلمين لم نر أي شيء حتى الآن بهذا الاتجاه وأنا بالتأكيد أتوقع من ماليزيا أن تعمل مع البلدان الأخرى بما في ذلك بلدان العالم العربي للتعامل مع القضايا الخطيرة مثل قضايا الحرية والديمقراطية والحكم الصالح أو الرشيد مع القضية الفلسطينية بالطبع مع الاحتلال الأميركي للعراق لمواقف أكثر قوة ليس فقط من حيث التصريحات الكلامية والإدانات والتصريحات ولكن بعزيمة واضحة وصادقة.
أحمد منصور: باعتبارك كنت شريكا رئيسيا في النهضة الماليزية أو التجربة الماليزية التي أصبح كثير من الدول العربية ينظرون إليها نظرة مميزة على أن ماليزيا استطاعت كدولة إسلامية أن تتخطى أشياء كثيرة لم تنجح دول كثيرة في تخطيها ما هي النصائح أو خلاصة هذه التجربة التي تقدمها لحكومات ودول العالم الإسلامي الأخرى؟
أنور إبراهيم: علينا أن يكون هناك استقرار سياسي الحكومة والمعارضة وكل المعارضين يجب أن يتوصلوا إلى تفاهم مفاده إنه مهما كانت الخلافات فعلينا أن نتعامل بشكل حضاري، المعارضة يجب ألا تلجأ إلى العنف والوسائل المتطرفة المتشددة والحكومة يجب ألا تتصرف بدون رحمة في معاقبة المعارضة وسجنها وهكذا من دون قوانين، القمع يجب أن ينتهي يجب أن تكون هناك علاقة حضارية بين الحكومة والمعارضة هذا هو بالنسبة إلي الشرط الأساس الذي يجب توفره البرنامج الاقتصادي يجب أن يكون واقعيا ويشجع على النمو وجذب الاستثمار وأن يكون هناك قيم أخلاقية واضحة واهتمام بالبيئة في هذا البرنامج، ما هو النمو القوي إذا كان هناك مثلا تهميش لدور الفقراء ومن الذين لا تتوفر لهم المأوى والملجأ وما إلى ذلك، يجب أن نستثمر في التعليم وأن يكون هناك دعم هائل للمؤسسات التعليمية وأيضا برامج مكافحة الأمية في العالم الإسلامي وفي بلدان خاصة منه ولكن لماذا نعتبر ماليزيا إذا فريدة من نوعها لأنه كانت هناك إجراءات مثل هذه ولكن أيضا في جانب الديمقراطية والحكم الرشيد والمجتمع المدني هذا كنا نحن متخلفين في الركب بعيدين عن اللحاق بالسنغال ودول أخرى كانت لدينا فائدة أيضا وجود سياسات واضحة لمدة أربع سنوات حتى ضمن فترة أول رئيس وزراء هذه القضايا الأساسية قد تم التعامل معها ولكن أيضا كان لنا عدد لا يستهان به من الأفراد الجالية الصينية ذوي الخبرة التجارية والصناعية المسلمون قد لا يقبلوا ذلك ولكن الصينيون الجالية الصينية كانوا هم القوى الدافعة في تحقيق هذا النمو والتطور الاقتصادي وهذه هي إحدى الأسباب الرئيسية التي أدت إلى نجاح ماليزيا، أنا بالطبع لا أنكر حقيقة أن المسلمين لهم حصتهم وإسهامهم في ذلك ولكنني لن أكون نزيها إذا ما قبلت حقيقة أن هذا العنصر لا يمكن إسقاطه من الحساب.
أحمد منصور: لدي سؤال ربما يكون محرجا لكن أرجو أن تجيبني عليه بشفافية حينما ننظر الآن إلى واقع العرب والمسلمين نجد أن الدول الإسلامية غير العربية هي الأكثر تقدما في كل شيء ماليزيا تركيا باكستان لا أريد أن أعدد ولكن التقدم حتى الصناعي والديمقراطي والإنساني والاهتمام بالإنسان وبالتعليم في هذه الدول والسنغال كما ذكرت أنت أكثر تقدما من الدول العربية في كل المجالات سواء في التعليم سواء في التقدم الصناعي أو التكنولوجي سواء في نظام الحكم أو السياسة أو المعارضة أو حتى نهضة الشعوب يعني الآن نجد مظاهرات في أقصى جنوب شرق آسيا عن فلسطين والشعوب العربية خلاص ملوا من هذه الأشياء أو ليس لديهم هذا ما هي الفوارق كيف تنظر وأنت جبت العالم العربي وجبت العالم الإسلامي وكنت في السلطة 17 عاما قل لنا ما هو الفرق؟
أنور إبراهيم: العرب بالطبع كانت لهم حضارة عظيمة ولا شك في ذلك على الإطلاق علينا أن ننظر إلى ماهية الجوهر الذي جعل منه أولا الإيمان والقناعة والقيم الأخلاقية في المقام الأول وأيضا الرغبة في التغيير والإرادة في التغيير وحب العلم وأنا لست متأكدا هل إن هذا هو الجوهر الذي يمكن أن نبني عليه حضارتنا؟ الآن إن هناك بلدانا مثل تركيا وإندونيسيا وماليزيا لدينا تاريخنا ولكن أيضا كنا محظوظين أيضا في الوقت نفسه لأننا كانت لدينا هذه القواعد الأساسية التي وُضِعت من البداية ولا أعتقد أننا عانينا من محن وأوضاع سياسية مضطربة كما عانى العرب القضية الفلسطينية بالطبع هي القضية المركزية وهي تكلف كما هائلا من الطاقة والموارد والتي تخرج البعض القضايا عن مسارها ولكنني هنا لا أقبل بالوضع كما هو عليه الآن لأنك لا تستطيع أن تمضي قدما وأنت تطلق الذرائع باعتبار القضية الفلسطينية غير محلولة باعتبارها المعرقل الأساس وتجعل شعبك ينفق أموالا أقل على التعليم مثلا، أعتقد أن هذه هي القضية علينا أنا نتعامل معها بصراحة كاملة وأنا أقدر وجهة نظري وأعتقد أن المفكرين العرب والإندونيسيين والماليزيين والأتراك يتطلعون إلى الإصلاح إذاً لماذا علينا أن نكون بهذه الاعتذارية عندما تتعلق القضية بالحرية والعدالة أن يفهمها المسلمين خاصة القادة المسلمين، لماذا كل مرة تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية يقال إن هناك أجندة غربية وراء هذا كله لماذا قضية حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية ليست أجندة إسلامية؟ أنا لا أستطيع فهم ذلك وبصفتي مسلما هذه أعتقد إن لا يستطيع المسلم أن يسمي نفسه مسلما والدولة تسمي نفسها دولة إسلامية إذا كانت تنكر هذا التعليم الأساسي التعليم الإسلامي من حيث الحرية والديمقراطية والتعليم والصحة والإسكان العام التي يجب أن نتعامل معها الآن.
أحمد منصور: لديكم أنتم أيضا كمسلمين ولستم عرب تجربة مميزة جدا في تركيا في ماليزيا في دول كثيرة أن الحركات الإسلامية يمكن أن يصبح قادة الحركات الإسلامية جزء من الحكومة وهناك شيء من التعامل والتفاعل بينكم، أنت اندمجت بالحركات الإسلامية مع الحكومة 17 عاما والخلافات الشخصية التي ذكرتها لعبت دور بعد ذلك في الإبعاد، هناك الآن رئيس وزراء في تركيا يقول تركيا كما يقول ويفتحها تجاه أوروبا في الأصل هو إسلامي وكان في حزب العدالة والتنمية قبله كان مع أربكان طوال مسيرته، الحركات الإسلامية في العالم العربي في صراع دائم مع الحكومات لا يوجد أي شكل من أشكال التفاهم إما في السجون والمعتقلات وإما في صراع مع الحكومة من جانب آخر وخلاف معها كيف استطعتم أنتم أن تتجاوزوا هذا الأمر لصالح بناء الدولة نفسها وماذا تقول للحكام العرب وللحركات الإسلامية في الدول العربية أيضا ما الذي ينبغي أن تفعله لفهم تلك التجربة وتجاوز هذا الصراع؟
أنور إبراهيم: إن بإمكاني أن أعبر من خلال خبرتي المحدودة أنني لا أعتبر أولئك الذين لا يشاركونني وجهة نظر لا أعتبرهم علمانيين أصوليين علمانيين أعتقد إن علينا أن نتعامل معهم بحكمة وبتسامح وبتحمل كما نحن مطلوب منا أن نتعامل بالتحمل مع الآخرين، المسألة هنا واضحة أنا لدي بعض الصعوبات في محاولة إظهار بعض المجموعات على إنها إسلامية أو متطرفة أو أصولية أو علمانية لأن هذا نوع من الصورة النمطية وأيضا هو نوع من الممارسات التي يتطلع بها المحافظون الجدد في واشنطن علينا أنا من وجهة نظري أن تكون لنا مواقف واضحة ولكن حاسمة وصارمة أيضا، دعنا من مسألة إسلاميين أو لا المسلمون هل هم ملتزمين كمسلمين بمبادئ الإسلام والعمل مع النظام؟ واضح أن أي خطوة معارضة تتعارض مع القيم الإسلامية القيم الأخلاقية والقبول بالفساد والاستمرار في الاستناد إلى قوانين قمعية هذه قضايا صعبة يجب أن يتم التعامل معها، أنا عندما انضممت إلى الحكومة أوضحت المسألة تماما للدكتور محاضر إن علينا أن نتعامل مع هذه القضايا وفي ذلك الوقت يجب أن أقول هنا إنه كان ملتزما في أجندة الإصلاح وقد حاولنا تقديم برامج إصلاحية وتشريعات حتى التي وفق القوانين الإسلامية كانت مدعومة من المؤسسة الحاكمة ولا أدري هل أن بالإمكان الاستمرار فيها الآن أم لا ولكنني أشاطرك قلقك حول ما إذا كان علينا كقاعدة يجب أن نتعاون مع الآخرين أم لا، أنا أعتقد أنه يجب أن نعثر على طرق للتعامل بالحد الأدنى هذا على الأقل حتى لو كان الأمر لا يعني بالتعاون يجب أن تكون هناك حدود دنيا نستطيع من خلالها أن ندعم بعض السياسات وأن نعمل من أجل مصلحة الشعوب.
أحمد منصور: معنى ذلك أن الحركات الإسلامية في العالم العربي بحاجة إلى مراجعة لنفسها وإلى طرحها لاسيما وأن كثير من هذه الحركات بما فيها حركات معتدلة تنظر لمن هو خارجها نظرة دونية على أنه إنسان يعني دوني وأقل من أن يكون داخل إطار التعامل معه؟
أنور إبراهيم: نعم ولا، أنا أعرف الكثير من القادة المسلمين في العالم العربي الذين يفهمون القضايا بشكل جيد ولهم مواقف معتدلة جدا وأيضا المشكلات التي يتعاملون معها لهم وجهات نظر الضوء فيها مسلط بشكل جيد حول قضايا الإرهاب مثلا والعنف وما إلى ذلك وأعتقد أن على الحكومة أن تستجيب لذلك ولكنهم عليهم أن يعيدوا مواقفهم والحكومات أن تعيد وتراجع مواقفها فأنت لا تتوقع من الناس أن يساعدوك إذا لم تكن متسامحا وإذا قبلت بكل الفساد وبدأت باعتقال أفراد عائلات من المعارضين وما إلى ذلك إذاً كلا الجانبين عليهم أن ينظرا إلى المسألة، العالم العربي لا ينظر إليه بشكل إيجابي من قِبَّل غير العرب هذا لماذا لا يقال لهم أنا لا أدري هل القادة يدركون ذلك لأن البعض يتعامل بأدب وبلياقة ولكن العالم العربي يتغير ليس هناك عالم عربي واحد هناك عالم عربي أكثر تقدمية وهناك عالم عربي ديكتاتوري واستبدادي هناك عرب متنورين ومحافظين وما إلى ذلك إذاً بإمكاننا أن نرى أن هناك تغيرات وتيارات مرحب بها في الكثير من البلدان العربية.
أحمد منصور: سؤال من عبد العظيم قدارى المراغي يقول لك أما تعتقد بأن ست سنوات من توجيه الاتهامات لك عبر الإعلام الماليزي جعل الماليزيين يصلون إلى مرحلة تصديق بالتهم الموجهة إليك وأنك ستجد صعوبة كبيرة الآن في إقناع الناس في ماليزيا أنك برئ من هذه التهم؟
أنور إبراهيم: لا، أنا لا أعتقد أن الماليزيين مهما كانت فاعلية أو قساوة المؤامرة في الإعلام وإثارة تلك الفتنة تجعل من الماليزيين يتقبلونها، أنا رأيت الحب والاحترام من قِبَّل كثير من المسلمين في ماليزيا وزرت أقاليم مختلفة حيث كان هناك أعداد هائلة من الناس خرجوا وتجمعوا للاستماع إلي، ربما هناك مجموعات صغيرة مرتبطة بقيادة الحزب من الذين يريدون تصديق هذه الفتنة والاستمرار فيها أنا لست معنيا بهم بشكل كبير ولكنني أعتقد أنه بشكل عام الماليزيين لا يقبلون هذا وأيضا أنا أشاطرهم عواطفهم، إن هذا شيء من الماضي الآن وعلينا أن نتطلع قدما إلى الأمام ويجب ألا نستمر، أنا غير متوقع مني أن أشرح وأفسر كل جوانب هذه الاتهامات فالمسألة بكل تفاصيلها موجودة ومعروفة وعلى مدى ست سنوات قيل الكثير حولها.
أحمد منصور: منذ ثلاثة أشهر تقريبا ونحن نرتب لهذه الحلقة وقتها كنت تسير على كرسي متحرك وأنا أتابعك من مستشفى إلى آخر في ألمانيا كثير من الناس شاهدوك وأنت على الكرسي المتحرك الآن يعني كيف وضعك الصحي؟
أنور إبراهيم: الحمد لله تعافيت بشكل جيد، العملية الجراحية كانت كبرى في العمود الفقري وأعتقد أن الأطباء في ألمانيا قاموا بعمل رائع وما أنا بحاجة إلى عمله هو أن أضمن إجراء التمارين بشكل دوري منتظم للمعافاة الكاملة إن شاء الله.
أحمد منصور: في آخر دقيقتين بقيتا من وقت البرنامج كيف تنظر إلى المستقبل وإلى مستقبلك السياسي بالدرجة الأولى ومستقبل ماليزيا والعالم الإسلامي؟
أنور إبراهيم: حسنا علي أن أعمل وعلي أن استمر في أن أشرح وجهات نظري حول أجندة الإصلاح والأمر متروك للرأي العام الماليزي أن يقرر ونحن نترك الأمر ونفوضه إلى الله وحكمته وهدايته.
أحمد منصور: أنور إبراهيم نائب رئيس الوزراء الماليزي ووزير المالية الأسبق في ماليزيا أشكرك شكرا جزيلا على ما تفضلت به كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم آملا أن نكون قد قدمنا لكم جانبا واضحا من تلك القضية التي استمرت ما يقرب من ست سنوات تُتابع عبر وسائل الإعلام العالمية من الجميع ها هو صاحبها قد جل بعد ما كان غامضا فيها، في الختام أشكر لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.