بلا حدود

الحلول المقترحة لإخراج الجزائر من الأزمة

مستقبل الجزائر في ظل الوضع الراهن والحلول المقترحة للخروج من الأزمة في حوار مباشر مع رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني، يتناول فيه مبادرة المصالحة التي قدمها ووسائل تحقيقها والقوى الداعمة لها وموقف جنرالات الجيش منها.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

الدكتور عباسي مدني: رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر

تاريخ الحلقة:

12/11/2003

– مبادرة خروج الشعب الجزائري من المحنة
– مسؤولية النظام واستمرارية "مشروع الاستعمار"

– ماهية المبادرة وإيقاف نزف الدماء

– النواحي الإجرائية والزمنية لإتمام المبادرة

– القوى الإقليمية والمبادرة

– السعودية وكيفية الخروج من النفق المظلم


undefinedأحمد منصور: السلامُ عَليكم ورحمةُ اللهِ وبَركاته، أُحَيِيكم على الهواءِ مباشرةً، وأُرَحِب بكم في حلقةٍ جديدةٍ من برنامج (بلا حدود)، دَخلت الجزائر نفقاً دموياً أَودى بحياة مائة ألف جزائري حتى الآن، وذلك منذ مُدة إلغاء الانتخابات البَرلمانية التي أُجريَت هُناك في ديسمبر (كانون أول) عام 1991، حيث استقال في أعقابها الرئيس (الشاذلي بن جديد) واعتقل قبلها قادة جبهة الإنقاذ وعلى رأسهم الرجل الأول في الجبهة الدكتور (عباسي مدني) الذي حُكِمَ عليه بالسجن اثني عَشَر عاماً بِتُهمَةِ العِصيان المدني، بَقي في السجن إلى العام 97، ثم انتقل بعدها ليعيش رهن الإقامةِ الجبرية، حتى تَمَكّن أخيراً من الخروج من الجزائر في الثالث والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، لكن الرجل الذي حَظَرت عليه المحكمة العسكرية الإدلاء بأي أحاديث صحفية أو سياسية، قرر الخروج عن صمته متحدثاً عن مبادرة تَخرِج الجزائر تُخرِجُ الجزائر من أزمتها، نُحَاوِل في حلقة اليوم التعرف عليها وفَهمِ مَلامحها، وكيفية تطبيقها، وُلِد عباسي مدني في مدينة عقبة بن نافع في الـ 28 من فبراير (شباط) عام 1931، دَرَس في الكتاتيب القرآنية ودخل المُعتَرك السياسي من خلال حركة الانتصار والديمقراطية عام 45، شارك في الإعداد لثورة نوفمبر (تشرين ثاني) عام 54 حيث دخل إلى سجون الفرنسيين في نفس العام، وبقي في السجن 7 سنوات، حيث خَرَج من السجن مع فجر الاستقلال في الجزائر عام 1962، استأنف تعليمه، فالتحق بجامعة الجزائر، وحصل منها على شهادة الليسانس في الفلسفة، ثُمّ على درجة الدكتوراه في علم النفس التربوي، ثُمّ على الدكتوارة الفلسفة في التربية المُقارنة، عَمِل أستاذاً ورئيساً لقسم علم النفس والتربية بجامعة الجزائر، واعتُقل عدة مرات حتى شارك في تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ 1989، أُلقي القبضُ عليه في الـ 30 من يونيو عام 1991، وبقي رَهن السجون والإقامة الحبرية، حتى أُفرِج عنه في الثاني من يوليو (تموز) الماضي، تمكن الخروج من الجزائر الـ 23 من أغسطس (آب)، له مؤلفات عديدة من بينها (مشكلات تربوية في البلاد الإسلامية)، (أزمة الفكر الحديث ومبررات الحل الإسلامي)، (النوعية التربوية في البلاد الإسلامية)، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد ساعة من الآن على 009744888873 أو على رقم الفاكس 0097444890865 أو يَكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الانترنت www.Aljazeera.net، دكتور مرحبا بكم .

عباسي مدني: السلام عليكم

إعلان

أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، منذ خُرُوجِك من الجزائر في الـ 23 من أغسطس (آب) الماضي، أَعلَنت مراراً بأن لديك مبادرة لإنهاء أزمة العنف التي تعصف بالجزائر منذ عام الـ 1990، باختصار وفي نقاط واضحة تحدثت عن مُبَادرة من قبل، هل بَلوَرت هذه المُبَادرة وأصبحت الآن جاهزة لكي تُعرَض؟

عباسي مدني: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلي اللهم وسلم وبارك على نبيك الكريم وارضى على الصحابة وعلى التابعين والحمد لله رب العالمين، باديء ذِي بِدء، لأول مرة أتقدم فيها أولاً للشعب الجزائري الذي فصلتني عنه هذه المدة التي ذكرتموها، التقي به لأول مرة مُبَاشرة لأُحييه، أُحيي فيهم ثباته على مبادئه، ومن أجل فَرضِ وجوده من أجل إعادة ما فَقَده من مكاسب منها حتى المكاسب الوجودية، التي خاض من أجلها حروباً أكثر من قرن مضى، كما أُحيي سائر الشعوب المَظلُومة، التي تُكافِحُ من أجل حُريتها واستعادة سيادتها وحريتها واستقلالها، ثم أيضا لا يفوتني، تفوتني الفرصة لكي أشكُر، أشكُر رِجال هذا البلد، وهذه الحفاوة التي استُقِبلتُ بها، حفاوة الأهل، حفاوة الأُخُوة الصادقة، وعلى رأسها أَميرُ البلد، كما أشكُر كل الشعب القطري الذي بادلني تجاوباً صادقاً فكرياً كريماً، أما فيما يتعلق بِأَمرِ المُبَادرة، الحقيقة لا يوجد عاقل اليوم يدخل الجزائر أو يكون في الجزائر ويُشاهد فظاعة ما هي عليه أوضاعها، ومدى شدة مُعاداة الشعب الجزائري من هذه المِحنة ومن هذه الأزمة إلى دَرَجةٍ صارت فيها البلاد الجزائر والتي طالما جَاهَد من أجل حريتها واستقلالها وإخراج الاستعمار منها أَزيَدُ من قَرنٍ مضى

أحمد منصور: ما هو المخرج؟

عباسي مدني: هي الآن .. الآن الجزائر مهددة بِالعَودةِ إلى الاستعمار، إذا لم تخرج من مِحنَتِها وأزمتها

أحمد منصور: أي استعمار؟

إعلان

عباسي مدني: كان الاستعمار الفرنسي

أحمد منصور: أي استعمار المهدد الآن بأن يعود للجزائر من جديد؟

عباسي مدني: الاستعمار لا لون له ولا جِنس له، يَتَشكل حسب أَشكال الأزمات التي تُعد نتائج لمقدمات أَعَدها لها

أحمد منصور: أنت أستاذ للفلسفة، وأنا لا علاقة لي بالفلسفة، أنا أتعامل مع أحداث ومع واقع ومع حقائق على الأرض، أرجو أن تُكَلمني بِحقائق الأرض وما نلمسه عليها،

عباسي مدني: أَرجوك…

أحمد منصور: وليس بِرؤية استاذ الفلسفة الذي أعجز وربما يعجز الكثير من المشاهدين على متابعتها

عباسي مدني: أرجوك ..

أحمد منصور: أرجو الحقائق على الأرض

عباسي مدني: أرجوك أنا الآن رجل مَيدان يا سيدي

أحمد منصور: نُريد نفهم الميدان

عباسي مدني: أنا تركت الفلسفة منذ عهد

أحمد منصور: [ابتسـامة]

عباسي مدني: الميدان هو ما هو عليه الشعب الجزائري الآن من تَحطيم وتَشريد وتَفقير إلى دَرجة أن الشعب الآن هو في زِنزانة من التعذيب

أحمد منصور: كيف يخرج الشعب من هذه الأزمة ومن هذه الزنزانة إلى الحرية؟

عباسي مدني:هذه المُبَادرة هي مَشروع أُعِدَ بِالطَريقةِ العلميةِ المطلوبة، مطلوبةٍ ميدانياً

أحمد منصور: من الذي أَعدها؟

عباسي مدني: مجموعة من المُهتمين بأمر الشعب الجزائري

أحمد منصور: يعني ليست مُبَادرتك الشخصية

عباسي مدني: لا، أنا مِمَن يَعملون في ذلك

أحمد منصور: من أي الأوساط هؤلاء الذين يقفون وراء هذه المُبَادرة

عباسي مدني: هي على أَيَةِ حال الآن بدأت والحمد لله تَكتَسِبُ اهتمام ومُشَارَكةِ الكثير من المستويات

أحمد منصور: هل يُمكِن أن نَتَعرف على أَهم ملامح هذه المُبَادرة؟

عباسي مدني:بالطبع

أحمد منصور: تفضل

مبادرة خروج الشعب الجزائري من المحنة

عباسي مدني: أولاً، أن المُبادرة تَشتمل على عناصر حُدِدَت في أَرضيةٍ تُمَرَرُ على المهتمين وعلى الأطراف السائدة في الميدان بما فيها السلطة

إعلان

أحمد منصور: هل هي مدونة؟

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: هل يمكن أن نَتَعرف على أهم ملامح هذه المبادرة؟

عباسي مدني: لا نستطيع أن نَقرأها لأنها ما زالت موضوع مشورة وموضوع نقاش وهي تُبَلوِر تُبَلوِر كل الخطوات الإِجرائية من البِداية إلى النهاية.

أحمد منصور: لكن مَلامِحها أعتقد أنها واضحةٌ في ذِهنك على الأقل.

عباسي مدني: بالطبع

أحمد منصور: ما هي أهم هذه الملامح؟

عباسي مدني: أولا، تركز على عنصر إنهاء المحنة.

أحمد منصور: كيف؟

عباسي مدني: بدءا بإيقاف نزيف الدم

أحمد منصور: كيف يتم إيقافه؟ من الذي يملك مفتاح إيقافه؟

عباسي مدني: الذي يَملِك مفتاح إيقاف نزيف الدم هو الشعب الجزائري

أحمد منصور: كما أوقفه منذ سنوات،

عباسي مدني: أولاً هنا تريد بهذا سؤالا أن تُدخِلَني إلى الجانب الفلسفي والنَظَري

أحمد منصور: لا .. أرجوك .. أرجوك .. أنا لا أريد فلسفة هنا [ابتسامة]

عباسي مدني: عندما تقول هكذا، يَنبَغي أن تعرف بأنه قد مَرَّ على هذه المحنة أكثر من 12 عاما

أحمد منصور: صح

عباسي مدني: دَمَوية

أحمد منصور: كل المُهتَمين يتابعونها ويعيشون أحداثها، نعم

عباسي مدني: أولاً، ثانيا تَقَدّمتها تجربة نِظَام بدأت منذ 1962

أحمد منصور: يعني منذ الاستقلال .

عباسي مدني: منذ الاستقلال إلى اليوم، ماذا فَعَل هذا النظام؟ ما هو انتاج ما فعله من الاستقلال إلى اليوم؟

أحمد منصور: لو دَخَلنا في الحساب لن نصل إلى نتيجة؟

عباسي مدني: لا بل نَصِل إلى النتيجة،

أحمد منصور: ما هي

عباسي مدني: النتيجة المنطقية، إذا أردنا أن نعرف أن النتيجة صَحيحة ينبغي أن نعود إلى مقدماتها، هذه المقدمات أولا النظام .

أحمد منصور: ما هي مسؤولية النظام عن الكارثة وأسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير فأبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

مسؤولية النظام واستمرارية "مشروع الاستعمار"

أحمد منصور: أهلا بِكُم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نَستضيف فيها رئيس الجبهةِ الإسلامية للإنقاذ، الدكتور عباسي مدني ما هي مسؤولية النظام؟

إعلان

عباسي مدني: لتعرف مسؤولية هذا النظام أنه فعل بِالجزائر وبِالشعب الجزائري من خلال مُدَة حُكِمه، من البداية إلى اليوم فَعَل ما لم يَفعله الاستعمار في قرن و….

أحمد منصور: هذا كَلام عام .

عباسي مدني: ليس بِعـام.

أحمد منصور: هل لديك مُحَدَدَات.

عباسي مدني: سامِحني ليسَ بِالعام

أحمد منصور: تَفَضل

عباسي مدني: النظام العامل أولاً أوقف مشروع الثورة

أحمد منصور: ما هو مشروع الثورة الذي أوقفه؟

عباسي مدني: كان مشروع الثورة هو دولة الاستقلال

أحمد منصور: الدولة المستقلة.

عباسي مدني: دولة الاستقلال، دولة عهد الاستقلال، إن الدولة الموجودة الآن هي دولة استمرارية مشروع الاستعمار، تحت عنوان آخر، تحت اسم آخر، تحت شكل آخر، فقد كانت في عهد الاستعمار من أبناء جِلدة الاستعمار أما اليوم، أما اليوم فهي من أبناء جِلدة المجتمع.

أحمد منصور: هل أفهم مِنك أنك هذا النظام الذي تعتبره امتداداً للاستعمار لن يكون طرفاً في هذه المبادرة.

عباسي مدني: [ابتسامة سخرية] كيف يكون عاملُ .. عاملُ الموت .. عاملا الحياة .. النظام جُعِلَ لكي تكون الجزائر كما هي ولِتعود إلى الاستعمار

أحمد منصور: إذاً لا مكان لِمُبَادرتكم حتى تَنجح طالما أنكم سَتُغَيبون عنها الطرف الحاكم والأساسي وهو النظام.

عباسي مدني: عندما نتكلم عن النظام لا نتكلم عن الناس الذين يعيشون تحت وَطأة وتوجيه وتَسيير النظام، النظام هو جِهازٌ أُعِدّ لِغاية، أُعِدّ لِتَجميد وتَحييد مشروع ثورة أول نوفمبر (تشرين ثاني) 1954، دولة السيادة والحُرية والقيم، دولة العِزة والكرامة، إلى دولة الاستبداد.

أحمد منصور: في ظل مسؤولية النظام عما وَصَل إليه وآل إليه وضع الجزائر، من هي الأطراف المُخَوّلة بتنفيذ هذه المبادرة أو أن تُطرح عليها أو تتبناها؟

عباسي مدني: مهلاً اننا لم نستكمل الجواب المتعلق بالنظام

إعلان

أحمد منصور: ممكن نبقى فيه حلقة كاملة، ولذلك أريد…

عباسي مدني: لا .. لا وخاصة الأمور الجوهرية، هذا النظام أولاً عندما نَطرح السؤال التالي، هل يمكن لهذا النظام أن يَحُل هذه الأزمة؟ من يستطيع أن يقول نعم؟

أحمد منصور: كان حلها، لو كان هذا النظام يستطيع أن يَحُلها كان حَلَّها من وقت بعيد.

عباسي مدني: أيو .. إذا لم يستطع، إذا هل يمكن لهذا النظام أن يُوقِف هذه المحنة؟

أحمد منصور: يُمكن، لو توفرت الإرادة لإيقافها

عباسي مدني: الإرادة يا سيدي .. الإرادة ليست إرادة عاطفية ولا خُلُقية أو أخلاقية هنا إرادة فعلية هذا النظام يريد التَقّتِيل يُريد الموت ولا يُريد الحياة هو عاوز

أحمد منصور: تَقّتيل من

عباسي مدني: الشعب الجزائري

أحمد منصور: أريد أسألك الآن، تحدثنا عن مائة ألف قتيل من القاتل والمقتول.

عباسي مدني: يا سيدي .. أسمح ينبغي أن تُصَحِّح مائتي ألف وليس مائة ألف هذا على الأقل

أحمد منصور: الإحصاءات ليست دقيقة هنا أو هناك ولكننا نتكلم عن الحد الأدنى

عباسي مدني: هو ليس في القِيَم، قِيَم الحياة حد أدنى من قتل نفسَاً بغير نفسٍ أو فسادٍ أو سعى في الفساد كما سعى في عملية التَفقير التي وصل إليها الشعب الجزائري لدرجة يا أخي أنا رأيت إمرأةً بعد صلاة الصبح رأيتها من نافذة شُرفة بيتي رأيتها تبحث في الزِبالة عما تأكله، إن الشعب الآن يُعاني من الموت البطيءالجوع

أحمد منصور: في دولة غنية من أغنى دول العالم.

عباسي مدني: في بلد، بلد أغنى، أغنى بلدان المنطقة والشعب الجزائري اليوم أَفقَر الشعوب شعوب العالم بما في ذلك الشعب الفلسطيني العظيم،

أحمد منصور: شيخ …

عباسي مدني: إذاً من الذي فعل هذا، أليس النظام مسؤولاً عن كل هذا

أحمد منصور: مع مسؤولية النظام .. ما هو المَخرج

عباسي مدني: نحن بِصدد الكلام عن الحل لكن قبل الكلام عن الحل الكلام عن الإشكالية، الإشكالية هي أولاً أن هذا النظام لابد من أن يُوضَع له حد

إعلان

أحمد منصور: لن يستطيع أحد أن يضع له حد

عباسي مدني: سامحني .. لا أحد إلا الله

أحمد منصور: [الله] ..

عباسي مدني: ثم الشعب الجزائري .. سامحني الشعب الجزائري شعب تَحمَّل مسؤولياتٍ تاريخية يشهد بها تاريخه وتاريخ الانسانية

أحمد منصور: هل الشعب ، الشعوب حينما تتحرك لا تقوم بِمُبَادرات وإنما تقوم بثورات

عباسي مدني: لا.. هذا تخصيصٌ لِعَام، الشعوب

أحمد منصور: سندخل في الفلسفة التي لا أستطيع فهمها.

عباسي مدني: الشعوب تستطيع، الشعوب الحَيّة كالشعب الجزائري باستطاعته أن يُغَيّر النظام

أحمد منصور: كيف؟

عباسي مدني: كيف. المُبَادرة بَيّنت ذلك عندما تنشر بإذن الله

أحمد منصور: قل لنا ما هي هذه المُبَادرة التي مُمكن للشعب يتبناها، قلها

عباسي مدني: قلنا إنها خُطة علمية أُعدت لهذا النظام: أولا لوضع نهاية للمحنة ثم وضع نهايةٍ للأزمة ثم إعداد لما يكون بعدهما

أحمد منصور: هل هذا الشيء سيكون سِريّ أم مُعلَن؟

عباسي مدني: هو حتى الآن سِريّ

أحمد منصور: يعني حتى الآن لن تفصح لنا منه شيء.

عباسي مدني: على كل حال نبدأ بقضية أساسية نُركِز عليها اليوم

أحمد منصور: ما هي.

عباس مدني: بحيث يكون موضوع اتفاق

أحمد منصور: بين من ومن؟

عباسي مدني: اتفاق كل من مُرِّرَت إليهم هذه الأرضية.

أحمد منصور: أنت مَرَّرتها إلى أي الأطراف.

عباسي مدني: مَرَّرتها على الأطراف السياسية، وعلى السلطة.

أحمد منصور: حتى السلطة لديها نُسخة من هذه المُبَادرة.

عباسي مدني: نعم، السلطة الأساسية عندها نسخة من هذه الأرضية وجاء الجواب مع الأسف بِسرعةٍ فقط شفوية وما زلنا ننتظر جواباً كتابياً.

أحمد منصور: هل الجواب الذي وصلكم من السلطة إيجابي أم جواب سلبي.

عباسي مدني: جزئيا نعم إيجابي بحيث السلطة تقول

أحمد منصور: سأعرف منك ماذا تقول السلطة بعد موجز قصير للإنباء، مشاهدينا الكرام نَعود إليكم بعد موجز قصير للأنباء لمتابعة هذا الحوار فأبقوا معنا.

إعلان

[موجز الأنباء]

أحمد منصور: أهلا بِكم من جَدِيد بلا حدود في هذه الحلقة التي نَستضيف فيها الدكتور (عباسي مدني) رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، ما هو موقف النظام من المبادرة وقد مَرَّرَتها عليه كما تقول.

عباسي مدني: إنني لم أُمَّررها على النظام، بل مَرَّرَتُها على السلطة

أحمد منصور: ما الفرق بين النظام والسلطة؟

عباسي مدني: الفرق بين النظام والسلطة، هو أن النظام جهاز مُرَكب يتجاوز حدود الأفراد الذين يحكمون عن طريقه، فهو الجانب الثابت لِمُتَغير من الناس، مِن أَخطاء الناس أنهم يقولون بِتغيير الأشخاص، بِتغيير الرؤساء، تُحل المشكلات، انتخاب رؤساء تُحل المشكلات، لكن في الحقيقة أنها مادامت هذه الأمور داخل إِطار النظام الذي هدفه إعادة الجزائر إلى الاستعمار، سَيبقى كل من يظهر فيه يعمل في بَحره في مُحيطه.

أحمد منصور: نفهم منك الآن أن الجزائر كأنما تُدَار من قِبِل جهازٍ سريٍ غير مَرئي غير النظام المُعلَن

عباسي مدني: بالفعل ..

أحمد منصور: أو غير السلطة المُعلَنة.

عباسي مدني: دَعني أَطرح عليك السؤال التالي في كل بلاد العالم، عندما تَبَحث عن صاحِب القرار عن المسؤول عن القرار السياسي تجده

أحمد منصور: نعم ..

عباس مدني: إسأل عن صاحب القرار في الجزائر إن وَجَدته

أحمد منصور: الرئيس.

عباسي مدني: أبدا

أحمد منصور: رئيسُ الحكومة.

عباسي مدني: أبدا .. ولا هو

أحمد منصور: معنى ذلك أنه الرئيس لا يحكم

عباسي مدني: لا يحكم إلا من خِلال توجيهات (س) صاحب القرار (س)

أحمد منصور: مين (س)؟

عباسي مدني: من (س) إِبحَث عن (س)

أحمد منصور: أنا أَبحَثُ عن (س)

عباسي مدني: إبحث عن (س) لا تَبحث عنه في الجزائر فقط، بل إِبحَث عنه في العالم. وهكذا ترى أن النظام تَشكيلة مُركَّبة تركيباً مَاكِراً خَادِعاً، ظَاهِره كلام معسول، شعارات كانت اشتراكية وكانت .. وكانت .. وما تزال شعارات،

إعلان

أحمد منصور: لا أريد

عباسي مدني: أما البلاد فهي غَارِقة .. غَارِقةٌ في الأزمة .

أحمد منصور: ما هو الجَانِب الموجود في السلطة الذي طَرحتم عليه المُبَادرة.

عباسي مدني: طَرَحناها على الجانب العسكري.

أحمد منصور: على الجِنرالات يعني

عباسي مدني: الجانب العسكري ليس فيه إلا جنرالات .. الجنرالات مسؤولين ولكن هناك ضباط للصف وهناك جنود، مؤسسة ككل

أحمد منصور: يعني لم تَطرَحوها على المُؤسسة السياسية

عباسي مدني: تُطرَح على المؤسسة تُطرَحُ على المَعنِيين الذين هم في استطاعتهم أن يتحرروا من قبضة النظام

أحمد منصور: إحنا لا زلنا نتكلم عن شيءٍ سريٍ لا نعلم شيئا عن تفاصيله

عباسي مدني: معقول، لأنه لابد من فترة تُمَرَّر فيها الأرضية لأن المُبَادرة مُبَادرة الشعب الجزائري، ليست مُبَادرة عباس، ولا مُبَادرة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، إنما هي مبادرة شعب والشعب هو الذي سَيُجَند من أجل تحقيق مشروعها

أحمد منصور: معنى ذلك أن هناك قوى شعبية عديدةً شاركت في صياغتها.

عباسي مدني: لا شك، أن تكون كذلك

أحمد منصور: كيف تم هذا وأنت كنت في السجن، أو رَهن الإقامة الحرية؟

عباسي مدني: لا .. لا بعد،

أحمد منصور: وأنت رهن الاقامة الجبرية

عباسي مدني: لا .. لا .. بعد خروجي

أحمد منصور: يعني بعد خروجك من الجزائر

عباسي مدني: قبل خروجي، قبل خروجي لم أَكُن أَعلم أن الجزائر هي كما هي كما أدركتها، ولذلك أَخذت على نفسي عهداً أمام الله أنني لن أُعَالج أمراضي قبل أن أَحُل مشكلة بلادي، وسأعمل مع كل المُخلِصين، كل المُخلِصين على اختلاف اتِجاهاتهم واعتقاداتهم وإيديولوجياتهم ومواقعهم، كل من لَمَسنا منه الاستعداد، يُستَشار يقدم منه ، شَريطةَ ألا ينشرها قبل الوقت

ماهية المبادرة وإيقاف نزف الدماء

أحمد منصور: يعني هذه ليست مبادرة الجبهة الإسلامية للإنقاذ

عباسي مدني: لا..

أحمد منصور: ليست مبادرة عباس مدني.

إعلان

عباسي مدني: لا

أحمد منصور: ما هي القوة التي تَقَف وراءها

عباسي مدني: ينبغي أن يُجَنَد لها الشعب

أحمد منصور: لا .. أنا الآن أقول إن كل مُبَادرة في العالم تحتاج إلى قوة تَقَف وراءها وتَدفعها وتحميها وتُرَوِجها وتُدَافع عنها

عباسي مدني: القُوة قوتان، أولا قوة العقل

أحمد منصور: هذه فلسفة يا شيخ .. فلسفة

عباسي مدني: سامحني، ليست فلسفة، لا نستطيع أن نعمل بِدون عقل، بِدون صِحةِ العمل، لا يَكفي أن تكون صَاحِب حق، بل ينبغي أيضا أن تكون على حق في تَوظِيف الحق، هنا لابد من العلم ولابد من المعرفة

أحمد منصور: القوة الثانية

عباسي مدني: لابد من الشرعية

أحمد منصور: القوة الثانية

عباسي مدني: إذا القوة العَالِمة القوة الواعية القوة المُخلِصة

أحمد منصور: القوة الثانية

عباسي مدني: القوة الثانية هو الشعب

أحمد منصور: طيب هذا الشعب من كل الأطياف المختلفة ولا من الإسلاميين فقط

عباسي مدني: من جميع الجزائريين

أحمد منصور: يعني كيف تَسَنى لك أن تَجمع جميع الجزائريين وأطيافهم وأن تُرَتِبَ هذه المُبَادرة؟

عباسي مدني: نعم .. يمكن جَمعُهم حول مَصِير الشعب ..مصير الجزائر.

أحمد منصور: الآن أنت تُكَلِّم الجزائريين عن شيء مجهول، وتُخاطِب العالم عن شيءٍ مجهول، ونتكلم عن شيء مجهول، وأعتقدت أنك اليوم ستطرح معالم هذه المُبَادرة.

عباسي مدني: لكن اليوم نَطرَحُ قضية إيقاف نزف الدماء

أحمد منصور: كيف ذلك، كيف سيتم إيقاف النزيف.

عباسي مدني: هذا هو الموقف، الذي تَوَقفنا عنده. اسمح لي .. السلطة ترى ألا نخوض في كافة ما احتوت عليه، أو اشتملت عليه هذه المُبَادرة المشروعة، بل نَبدأ أولاً في إيقاف النزيف، هذا رأي محترم لابد لنا

أحمد منصور: أُبلِغتُم بهذا رسميا

عباسي مدني: نعم أُبلغت بهذا من المعنيين بالأمر

أحمد منصور: وهؤلاء في يَدهم شيء من القرار أو زِمَامه

إعلان

عباسي مدني: إنهم أَصحاب ما نَراه أنهم على قُدرَةٍ من الجِدية فيما يقولون، المهم فقط

أحمد منصور: نعم .. إيقاف النزيف.

عباسي مدني: فقط، نبدأ بإيقاف النزيف

أحمد منصور: اولاً، من هي الأطراف التي لها علاقة بإيقاف النزيف.

عباسي مدني: دَعني أُجِيب على السؤال الأول يا أخي

أحمد منصور: طيب .. تفضل.

عباسي مدني: إيقاف النزيف قبل شُؤون حل الأزمة بحيث ينبغي أن نُخرِج، أو نُخرِج البلاد من المِحنة بعد ذلك لكي نجد أنفسنا على استعداد لنُعالِج، وهذا رأيٌ محترم ونعتبره إيجابي، وبالتالي نَعتقد أنه لا يمكن بِحالٍ أن نُوقِف عملية إيقاف النزيف، متى؟ عِندما نُقبِل على عملية إيقاف النزيف. كيف؟ هل بمجرد نِداءٍ من الجزيرة المُحترمة، كيف؟

أحمد منصور: قولي أنت كيف؟

عباسي مدني: أنا اسأل وأجيب

أحمد منصور: وأنا أُشاهِد [ابتسامة]

عباسي مدني: وأَحكُم بعد ذلك، إن قضية إيقاف النزيف قضية حَق ولكن تحتاج إلى شروط

أحمد منصور: ما هي هذه الشروط؟

عباسي مدني: الشرطُ الأول أننا عندما نُنَادي إلى إيقاف النزيف لابد من إِصدار عفوٍ عام رئاسي لإطلاق سراح المساجين كل المساجين ولإطلاق سراح المفقودين الأحياء

أحمد منصور: هناك 17000 مفقود جزائري بين أَحياءٍ وأموات

عباسي مدني: نعم المفقودين وهناك .. وهناك مِائةَ ألف سجين جزائري، وهناك المُشَرَّدون بكل أطراف الجزائر

أحمد منصور: أنت تتحدث عن السُجناء السياسيين فقط

عباسي مدني: لا .. كل السجناء

أحمد منصور: حتى المُجرِمين .. كلهم

عباسي مدني: لا .. لا .. من المُجرم .. المُجرِم هو النظام، من قال لك إنه مُجرم بل هو ضَحية، لابد من وضع حد للمظالم لكل المظالم، لأن المُبَادرة تعمل على نُقلَةٍ نوعيةٍ خاليةٍ من التراكمات تراكمات الأحداث السابقة.

أحمد منصور: ستعملون انفصالا بين اليوم الذي تُطَبَق فيه وبين كل ما سبقه من أيام

إعلان

عباسي مدني: نعم .. نعم

أحمد منصور: يعني تُريدون وِلادة جديدة

عباسي مدني: نقطة .. نقطة

أحمد منصور: لكل شيء

عباسي مدني: نعم .. ولم لا

أحمد منصور: كَأنما إنقلاب من النظام على نفسه

عباسي مدني: لا .. لا .. دعك من هذا الكلام

أحمد منصور: لا أنا أقول لك كأنما هو النظام نفسه يُسَوي إنقلاب على نَفسه

عباسي مدني: لا يُمكِن للأفعى أن تُعطيك بيضة الدجاجة

أحمد منصور: كلام قاسي

عباسي مدني: يا أخي .. هذا بيولوجي، وهكذا أيضا اجتماعي، النظام ينبغي أن يُغَيَّر، ما لم يُغَيَّر لا يَتغَير شيء على الإطلاق، أأتي بمن تشاء أن يَحكُم، من أعدل الناس وأحكم الناس في هذا النظام لن يكون إلا عدواً للبلاد ومُساعداً على الذهاب بها إلى الاستعمار

أحمد منصور: طيب .. سأبقى معك نقطة .. نقطة حتى لا أدخل معك في إطار فلسفي عقيم، عفو رئاسي عام عن كل السجناء

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: عفو رئاسي عام عن كل المفقودين الأحياء

عباسي مدني: نعم، ثانياً، أرفع حالة الطواريء، ليُسمَح للشعب كي يعبر عن إرادته وكي يُشارك في أمر بِناءِ دولته الجديدة

أحمد منصور: رابعاً هذا ثالثاً رابعاً

عباسي مدني: عندما تتوفر هذه الشروط عندئذ النزيف يتوقف

أحمد منصور: كيف يتوقف؟

عباسي مدني: نعم .. يَتوقف لأن الذي هو في الجبال يستطيع أن يَنزِل دون أن تكون له متابعة، الذي هو في الخارج يأتي دون أن تكون له مُتابعة ويرجع الأمر وترجع الأمور في اتجاه الشرعية

أحمد منصور: أنت تَتحدث عن حِلم، أم تَتحدث عن حقيقة.

عباسي مدني: بل عن حقيقة يا سيدي،

أحمد منصور: كيف يمكن لهذه الحقيقة أن تتواجد وأن تُتَطبق وأن يَقبلها القَائِمون بالسلطة.

عباسي مدني: القَائِمون بالسلطة ليسوا كلهم ضِدّ تغيير الوضع، لا يُمكن أن نَتَصور بأن كل الجيش الجزائري هو من قبيل من يُريد أن يَهديَ الجزائر للاستعمار

إعلان

أحمد منصور: معنى ذلك أن هناك نقاط من التجاوب تَلقيتموها من أَطياف الجيش الجزائري

عباسي مدني: بل بالأخَص الجنود وكثير من الضباط ومن يُدريك أن كثير من هؤلاء جنرالات، أتظن بأن الغِيرة قد انعدمت إلى النهاية، لا ليس من الحِكمة أن نَحرِم الناس من المُشاركة في هذا الأمر العظيم

أحمد منصور: هذه الشروط الثلاثة التي طلبتها أو أعلنتها كِبداية

عباسي مدني: هذه ضَمَانات

أحمد منصور: ضمانات

عباسي مدني: هذه ضمانات تُعَبِّرُ بها السلطة عن حُسن نيتها إذا أرادت إيقاف النزيف

أحمد منصور: وقد تلقيتم إجابات مُشَجعة بالنسبة لها

عباسي مدني: قُلنا أنها رَضيت بأن تقدم هذه القضية عن الأخرى

أحمد منصور: من ..

عباسي مدني: اسمح لي ..

أحمد منصور: أتفضل ..

النواحي الإجرائية والزمنية لإتمام المبادرة

عباسي مدني: عندنا مرحلة إجرائية تَمُر عليها هذه الأرضية في التشاور، بما فيها السلطة تُقَدِم الاقتراحات، تُعادُ صياغتها إلى أن تَصِل إلى صياغتها النهائية ويتم الإعلان عنها

أحمد منصور: ما هي المُدة التي تتوقعها على هذا النحو؟

عباسي مدني: حَسب العمليات الإجرائية حسب الإنجاز

أحمد منصور: المراحل الأساسية إذا تمت في وقتها المناسب، ما هي المدة التي مُمكن المبادرة أن تُطَبق فيها؟

عباسي مدني: المهم عندما .. لأن السلطة ذاتها نحن ننتظر جوابها الكتابي فكُل ما سَمِعناه .. سَمِعنا ه شفهياً

أحمد منصور: هل السلطة على عِلم بالأطراف التي تقف وراء هذا المشروع غيرك؟

عباسي مدني: هي لا يَهُمها إلا أن يكونوا جزائريين

أحمد منصور: هذه الأطراف من الجزائريين والتي تمثل شرائح الشعب المختلفة كما تقول

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: السلطة على دراية بأن هذه فعلا تُمَثل قوى فاعِلة في الشارع الجزائري

عباسي مدني: ما في شك .. لكنها لا يَحِق لها بأن تبحث من كأشخاص

أحمد منصور: ليس معروفاً من هؤلاء سواك أنت مثلا

إعلان

عباسي مدني: لا يمكن الإعلان عنهم إلا بَعد نهاية الأزمة

أحمد منصور: كيف يتم التفاوض مع مَجهول من قِبَلِكم مَعلُوم

عباسي مدني: اسمح لي .. السلطة معلومة .. ونحن مَعلُومون أيضا

أحمد منصور: أنت وحدك ربما تكون مَعلُوما ، ولكن الآخرين غير مَعلُومين

عباسي مدني: لا .. لا يمكن .. هذه قضية تأتي من بعد، على كل حال، أنا أُمَثل هؤلاء والكل يَتحمل مَسؤولياته أمام الله، وأمام الشعب الجزائري وأمام أجيال .. أجيال المستقبل، آن أوان تَحمّلُ مسؤولياتنا لوضع نهايةٍ لهذه المآسي يا سيدي الكريم.

أحمد منصور: ما هي ..

عباسي مدني: ليس عيباً بل العيب كلُ العيب أن يَتَملص كل واحدٍ ويَفِر من أن يؤدي واجبه المطلوب

أحمد منصور: ما هي الخطوة التالية في ما بعد الضمانات؟

عباسي مدني: هو إصدار بيان يتعلق بِبَدء إيقاف النزيف الدموي بعد أن تُعرَض المُبَادرة على الشعب الجزائري وعلى الرأي العام المحلي والدولي

أحمد منصور: هل معنى العفو العام هنا أن كل من ارتكب أي جَريمةٍ سَابقةٍ لبداية إعلان العفو يُعتَبَر في مَأمَن أيا كان قاتلاً أم مقتولاً؟

عباسي مدني: قاتلاً أو مقتولاً، أن الأمر يتعلق بجريمة النظام

أحمد منصور: وما هي الضمانات التي سَتَعطُونها للنظام الذي تَتَهِمونه الآن بارتكاب هذه الجريمة هل كل أطراف النظام ستكون في مأمن أيضا من البطش أو من الانتقام، كيف

عباسي مدني: لا شك

أحمد منصور: طيب .. ما هي الضمانات أيضا التي

عباسي مدني: أولا .. أولا إذا سمحت هُناك طريقة إجرائية مُحددة في الأرضية

أحمد منصور: موجودة في المُبَادرة .

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: مُحدَدة بِشكل واضح.

عباسي مدني: محددة بشكل مُقَنَن منضبطاً منهجياً

أحمد منصور: تَحفظ على الناس أموالهم

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: وأعراضهم وحياتهم

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: وكل شيء

إعلان

عباسي مدني: نعم .. نعم .. نعم .. سيدي ولن نكون من العَابثين اللائِمين

أحمد منصور: لن تُجَرِموا أحداً، وتقولون له إنكم سرقتم من مَال الشعب وهذا مَال الشعب

عباسي مدني: يا سيدي هذه قضية أخرى، نحن لا نَستطيع أن نَحكُم على الناس، نحن لسنا مُؤسسة حتى الآن، نحن مُبَادرة .. مُبَادرة تَغيرية.

أحمد منصور: لابد أن تُعطي الأمن للجميع

عباسي مدني: نعم

أحمد منصور: ولابد أن تُعطي الضمانات لتحقيق هذا الأمن

عباس مدني: نعم

أحمد منصور: هل تَملِكون قوة لها تأثير على الأطراف التي لا زالت تَتَسبب حتى الآن في نَزيف الدماء .

عباسي مدني: الأطراف هذه لا تزال وقد تَشتَدُّ حَسبَ التجربة عندما تمت اتفاقية (إيفيان) بين الحكومة المؤقتة الجزائرية، وعلى رأسها الأخُ الكريم الرئيس (بن يوسف بن خَده) من جهة وبين الجنرال (لوجون)، ما الذي حَدثَ عندما أُعلِن عن إيقاف القتال انفجرت أحداث دموية قامَت بها الأقدام السود تحت شعار (لويس) المنظمة السرية ولكن الحمد لله إستَفذت الشعب الجزائري، عَسَاها أنها تَمشي في اتجاه المعاكس للحل السياسي المُتفق عليه، وثَبَتَ الشعب الجزائري وصَمَدَ وهو الذي أَبْطَلَ مفعولها

أحمد منصور: ما هي القوة الأخرى التي طرحتم عليها المبادرة

عباسي مدني: لو سَمَحتلي .. لو سمحت لي .. لو سمحت .. أُتِمُّ جوابي فالشعب الجزائري الذي أَحبَط مؤامرة لويس هو نفسه الذي سَيُحبِطها اليوم لماذا؟ لأن الذين قاموا بالإنقلاب وفعلوا ما فعلوا صاروا مُستَفيدين من الوضع

أحمد منصور: كيف الآن إنسان مُستفيد يتنازل بسهولة ويقولك تفضل السلطة على طبق من ذهب؟

عباسي مدني: لا هذا عندما يَقِف الشعب الجزائري وقفته المطلوبة في سِرٍ ونظام وانتظام حسب توجيهات المبادرة حيث سيكون الموقف سلمياً خالياً من العنف وأن وُجِّهت للشعب أسلحة التَحد يُواجهها بالسِلم وليس أقل من أن يقف موقف غاندي أمام الجيش البريطاني الاستعماري

إعلان

أحمد منصور: ما هي؟

عباسي مدني: هو قادرٌ على أن يُواجه أسلحة الظلم والقهر بالصمت

أحمد منصور: لماذا لم تَدعُ إلى هذا في عام 90 و91 ؟

عباسي مدني: يا سيدي

أحمد منصور: وكانت الجزائر تتجنب هذا العنف

عباسي مدني: لما نحن في فصل الشتاء ولم نكن في فصل الصيف؟. هذه قوانين الصَيرورة الاجتماعية يا سيدي الكريم

أحمد منصور: ستدخل معي في فلسفة

عباسي مدني: لا ليست فلسفة، هذه حقائق وجُودية كَونية، القضية الجزائرية اليوم ليست هي القضية الجزائرية في سنة 1991

أحمد منصور: معنى ذلك أن رُؤياك السياسية تغيرت عما كانت عليه سابقا

عباسي مدني: ليست رؤياي بل أن الموضوع، الموضوع الذي تَغيَر يا سيدي الكريم ، أنا قبل كُل شيء رَجل عِلمٍ أدرس القضايا دِراسةً علمية، فلا أستطيع أن أنظر إلى الصبي عندما تحول إلى شابٍ يافعٍ أنه ما يزال صبياً

أحمد منصور: أما تعتقد أنك والجبهة الإسلامية بِشكل عام تَتَحملون قِسطاً من المسؤول عما آل إليه الوضع

عباسي مدني: طبعا نتحمل مسؤولية الضحية، لا تنسى بأنه مع الأسف في المقدمة تذكر بأننا حضرنا للإنقلاب كل ما حدث .. حَدث بعد أن أُلقيَ القبض علينا لماذا؟ لأنهم لو عَلِموا لو أننا باقون خارج السجن لما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوا

أحمد منصور: ماذا …

عباسي مدني: سامحني، كان في إمكانك أن تقول لي تتحمل مسؤولية ما حدث بعد خروجك من السجن، لأن فاقد الحرية فاقدٌ للإرادة، والفاقد للإرادة فاقدٌ للمسؤولية كيف تُحَمِّلُ الضحية جريمة جلادها ما هذا المنطق

أحمد منصور: فتاواكم التي قِيل إنها فتاوى دموية والتي ألقاها مساعدك (علي بلحاج) دفعت طرفاً هذه التي دفعت طرفاً من الشباب المتحمسين في الجبهة إلى أن يَحمِلوا السلاح وتفرقت منهم تلك المجموعات التي تحارب الدولة إلى الآن

عباسي مدني: لا يا أخي هذه أُمور مُجازفة، هذه بعيدة عن الواقع، نعود إلى الموضوعية، الرجال ما يزالون أحياء الذين التزموا خط الجبهة .. بدليل على الرغم أنه أُلقيَ علينا القبض ونحن في السجن، ألححنا على إخواننا بأن يُواصلوا الخط السياسي وأن لا يَنجروا إلى ما تُريده السلطة، وما اتُفق عليه بين الجبهة الإسلامية وبين جبهة التحرير وكان آنذاك السيد الأخ (عبدالحميد مهدي) شفاه الله وعفاه وكذلك أخي (حسين الأحمد)

إعلان

أحمد منصور: لا أُريد أن أدخل معك في أسماء

عباسي مدني: سامحني، هؤلاء .. شهود عيان بأنهم اتفقوا على أن لا يُدخِلوا الجزائر في دوامة العنف، وتَقَدمو بمشروعٍ إلى السلطة، والسلطة كيف أجابت، هذا كلام فات أوانه وموقف سترونه من بعد، ومن بعد فعلوا ما فعلوا من عزل الرئيس (الشاذلي بن جديد)، ودخلوا بالبلاد في حلقة الدم

أحمد منصور: هل تَغيرت السلطة أم هي نفس السلطة التي تُقَدِمون لها مُبَادرتِكم؟

عباسي مدني: نحن الذي يَهُمنا هو أن نُوجهها لكل مُستعد ليُشارك لإيقاف نزيف الدم

أحمد منصور: من هي القوة التي يُمكن أن تقف ضدها أو تُفشِلها؟

عباسي مدني: المُنتفعون

أحمد منصور: من هم؟

عباسي مدني: كثيرون

أحمد منصور: من هم؟

عباسي مدني: ابحث عنهم في الميدان .. مَعلومون، وهم الآن بِجرائدهم يتكلمون بكلام فصيح والشعب يعرفهم

القوى الإقليمية والمبادرة

أحمد منصور: ما هو موقف القوى الإقليمية من هذه المبادرة هل عرضتموها على القوة الإقليمية المحيطة بالجزائر؟

عباسي مدني: الحقيقة قبل أن يُطلق سَراحنا، نشهد أن تصريحاتٍ أولا الولايات المتحدة الأميركية البيت الأبيض، صَرَّح بأنه آن أوان الجزائريين كي يَتَصالحوا مع بعضهم ويتعاونوا لحل مشكلاتهم ولا ننسى كذلك وزارة الخارجية الفرنسية كان لها نفس التصريح.

أحمد منصور: هل هناك ضَوءٌ أخضر لكم من الأمريكان ومن الفرنسيين؟ وأسمح لي أسمع الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: أهلا بِكُم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نَستَضِيف فيها، الدكتور (عباس مدني)، رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر. سُمُو الأمير (طلال بن عبد العزيز) بَعث لِي رِسالة يَرجُوني، يقول إني شديدٌ عليك ويطلب مِنّي أن يعني أترفق لك، إنّي لا أشعر بهذا وأشعر بأني أمام جَبَل.

عباسي مدني: العفو، بل أقول لك حيثما وجدت الحق فأمضِ.

إعلان

أحمد منصور: (محمد صالح) من السعودية مُواطِن سُعودي بسيط يعني يُلِحُّ عليَّ ويناشدني أن أنقل إليك أنه يُحبك ورسالة طويلة لا أستطيع أن أقرأها.

عباسي مدني: أحبك الله الذي أحببتمونا فيه.

أحمد منصور: (سعود بيوض التميمي)، كاتِب ومُفَكِر سياسي من الأردن، يقول لك إن المنهجية الخطأ لجبهة الإنقاذ هي قَادت الشعب الجزائري إلى العنف، ولكن بداية قل لي ما هو موقف فرنسا وأميركا؟ وهل هناك اتصال ولو بشكلٍ غير مباشر بينكم وبين الفرنسيين والأمريكان؟

عباسي مدني: صَحِحّ معلوماتك، يا هذا الحُكم على الشيء فرقٌ عن تَصَوره، إن تَصَورك خاطيء، قَدِّم براهينك وتعال ناقش، أما أن تحكم هكذا.

أحمد منصور: هذا مين أنا ولا هو؟

عباسي مدني: لا هو.

أحمد منصور: لا هو سأعود له.

عباسي مدني: هو الذي يقول كذا بأن الجبهة والجبهة الآن صارت ضحية هو المسؤول يا سبحان الله، وصار الذي يلتزم بالشرعية هو المسؤول، والمُعتَدي على الشرعية هو البريء، يا سبحان الله أين المنطق؟ أين الشرعية؟ أين العلم؟ أين الحقيقة؟

أحمد منصور: الشَرعية في يَد من بِيَده القوة.

عباسي مدني: لا يا سيدي.

أحمد منصور: من يفرض نفسه على الآخرين.

عباسي مدني: لا يا سيدي.

أحمد منصور: من أطاق إلتماس شيء غِلاباً واغتصاباً لم يَلتمسه سؤالا.

عباسي مدني: لا يا سيدي الكريم هذا منطقٌ لا أساس له.

أحمد منصور: هذا مَنطِق الأقوياء.

عباسي مدني: لا يا سيدي بل هو منطق الضعفاء.

أحمد منصور: قل لي أي شعب حصل على حريته عبر صَناديق الاقتراع؟

عباسي مدني: عبر كِفاحه، الشعب الجزائري هو المَثَلُ في ذلك، واسمح لي، لو صَحّ أن القوة هي التي تُقَرر مَصَائِر الأمم، لما تحرر بلد من استعمار، ولما انتصر نَبي، ولما بَلَغَّ الرسول الرسالة، الصِراعُ بين الحق والباطل جدليهٌ وجودية، لا يُنكِرُها عقل على الإطلاق، كَونِي ضعيف في المادة لا يعني أنني ضعيف في كل شيء، فإذا كُنتُ صاحب حقٍّ، وقويٌ في حقّي، وقويٌ في منهجية الدفاع عن حقي، ما الذي يستطيع أن يتحداني وأن يتجاوز سنة الله في خلقه؟

إعلان

أحمد منصور: الأخلاق والمباديء والأفكار لا تكفي لتغيير الأمم، إن الله يَذَع بالسلطان ما لا يذع بالقرآن.

عباسي مدني: سامحني الأخلاق التي لا تَجِد شعوباً وأُمماً تعمل بها، أما إذا وجدت نعم هي منتصرة.

أحمد منصور: قل لي ما هو مَوقِفُ فرنسا والولايات المتحدة؟ وهل لكم عِلاقات غير مُباشرة أَجرَيتموها معهم خلال الفترة الماضية؟

عباسي مدني: أُكَرِر أخي الكريم، أن هذه المُبَادرة مُبَادرة الشعب الجزائري، وعَليه بِالنسبة للعِلاقات الأجنبية لن تَكون في الخَفَاء على الإطلاق، ولقد ذَكَرتَ هل عَثَرتُم أوهل وُجِد أو أُعطِيَ لكم ضوءُ أخضر.

أحمد منصور: ضَوءٌ أَخضر نعم.

عباسي مدني: إذا تَعني بالضوء الأخضر تصريحات التي ذكرت.

أحمد منصور: نعم.

عباسي مدني: سَلْ فرنسا وأميركا إذا كان صَادِقا فيما قاله.

أحمد منصور: لكن أنتم على استعداد أن تتواصلوا مع فرنسا وأمريكا إذا كان هذا يخدم مصلحة الجزائر وشعبها.

عباسي مدني: التعامل مع الناس، تَعامُلٌ مع الأمم، تَعامُلٌ مع الدول على أَساس الشرعية، مرحباً بوضوح أسمح لي لا تنس بأن ديننا يَأمُرنا بأداء الأمانات، ومصالح أميركا ومصالح فرنسا وغيرها مهما كان شأن تلك الدولة تُعتَبر أمانات، يقول جل جلاله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {إن الله يَأمُركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلِها وإذا حكمتم بين الناس أن تَحكموا بالعدل.}

أحمد منصور: ما مَوقِفكم من الانتخابات الرئاسية القادمة؟ وإلى جِوار مَن سوف تقفون؟

عباسي مدني: مَوقِفي من النظام انتخابات، انتخابات النظام وليس انتخابات رئاسية بِدَليل أن المشروع هو بقاء الوضع على حاله.

أحمد منصور: هل صَحيح أن (علي بِلحاج) نائِبُكم سوف يُرَشِّحُ نفسه للرئاسة؟

عباسي مدني: أبداً يا سيدي الكريم علي بلحاج رجل، هَمُّهُ أن يكون صادقاً مع الله، أشهد عليه من خلال هذه الشدائد التي نراها أنه رجل صِدق رجل أمن وأمَانه رجل خَير، إنه أُمَّه.

إعلان

أحمد منصور: ما حقيقة التَنَاقض بينك وبينه في الفكر؟

عباسي مدني: أبداً.

أحمد منصور: وفي الطَرح.

عباسي مدني: أبداً.

أحمد منصور: وفي الرؤيا للمستقبل والحل.

عباسي مدني: أبداً، كلها مزاعم واختلاقات وإشاعات.

أحمد منصور: أنت معه على اتفاق ووِفَاق دائم.

عباسي مدني: نحن مادمنا على حَق.

أحمد منصور: وهل لازال للجبهة تأثير في الشارع؟

عباسي مدني: سامحني، كلانا إخوة في الحَق ولا نُنَافق ولا نُدَاري، هكذا عرفت علي بلحاج وَفَقه الله وحماه، فبالمناسبة ألم تسمعوا الاستفزازات التي يتعرض لها هذا الرجل؟

أحمد منصور: سَمِعنا.

عباسي مدني: بعد كل الذي حدث له.

أحمد منصور: لكن أنت وهو، القضاء العسكري في الجزائر فَرَض عليكما قائمة من الممنوعات من أهمها ألا تتحدث في السياسة.

عباسي مدني: بِأيّ حَق.

أحمد منصور: وأنت الآن تتحدث في السياسة.

عباسي مدني: أنا أتحدث بالسياسة.

أحمد منصور: أما تخشى أن تُحَاكم عسكرياً بسبب هذه المقابلة؟

عباسي مدني: واللهِ لا أخشى يا سيدي من أي ظالم ما دمت ثابتاً على الحق أخشى من الله فقط واللهِ لن أخشى من غيره أبداً مهما تطلب مني ذلك الأمر من تضحيات.

أحمد منصور: كيف تَنظر إلى مُسَتقبل هذه المبادرة التي تَعتبرها مُبَادرة سِرية إلى الآن، وحتى الأطراف التي طَرَحَتْها أطراف سِرِيّه وحتى الأطراف التي عُرِضَت عليها أطراف سِرِيّة ما عدا النظام كما تقول؟

عباسي مدني: حتى النظام ما يزال سرياً، لا أرجوك أوقعتني في خطأ صَحح.

أحمد منصور: وما هو؟

عباسي مدني: النظام

أحمد منصور: السلطة

عباسي مدني: السلطة لأن من السلطة من يُرِيد تغيير النظام وهذا هو عامل الانتقاء فكل من يريد أن يُخَلِّد هذا النظام طَالبٌ لمحال.

أحمد منصور: الآن القوى السياسية التي ربما عَلِمت بهذه المبادرة، الآن وتريد أن تَنضم إليكما ما الطريق لهذا.

إعلان

عباسي مدني: طريق من؟

أحمد منصور: طريق الانضمام لكم يعني قوة شعبية تُريد أن تنضم لكم.

عباسي مدني: يا سيدي الكريم نحن لا نُشَكِّل صفاً منعزلاً، تَنضَم إلى الشعب سيكون الموقف موقف الشعب الجزائري، ومن أراد أن يكون، يكون مع الشعب الجزائري وليس لي ولا لأنه مَشروع أمة مشروع شعب وليس المشروع جماعه ولا حزب.

أحمد منصور: متى سَتُعلِن عن الخطوة التالية؟

عباسي مدني: عندما يحين وقتها.

أحمد منصور: ما هو الوقت المُتَرَقب بالنسبة لك لإعلانه؟

عباسي مدني: في الحقيقة لا تستطيع أن نتصرف فيما لا نملك.

أحمد منصور: هل معنى ذلك أنك ستعود إلى الجزائر أم ستظل في الخارج؟

عباسي مدني: إذا كانت رسالتي تَتَطلب البقاء في الخارج، أبقي في الخارج، وإذا كانت رسالتي تَتطلب مني العودة إلى الوطن أعود إلى الوطن.

أحمد منصور: ليس أمامك مُخَطط واضح إلى الآن. هل ستبقى في الخارج أم ستعود؟

عباسي مدني: ليس لي شيء لماذا؟ لأنني لست لنفسي يا سيدي الكريم.

أحمد منصور: ما هي العوامل التي سَتَدفعك للبقاء في الخارج أو العودة إلى الجزائر؟

عباسي مدني: إنها المُبَادرة، في سبيل الله سَأستميت من أجل تحقيقها مع الشعب الجزائري بِعَون الله وقوته إن شاء الله.

أحمد منصور: هل صحيح أن بَينك وبين بوتفليقه الرئيس الجزائري صَفقة سِريَّة اقتضت دعمك له في الانتخابات القادمة مقابل أنه منحك جواز سفر وسمح لك بالسفر حتى بعد أن أُوقِفَت طائرتك عدة ساعات في مطار الجزائر؟

عباسي مدني: يا أخي هذه أقاويل أنا لَست من تُجّار سوق الذِمَم، أنا عهدي مع الله ومع الشعب الجزائري، وكل من صار في طريق مصلحة هذا الشعب وفي هذا المشروع لإخراج البلاد مما هي فيه، مرحباً.

أحمد منصور: هل التقيت فعلاً مع الرئيس؟

عباسي مدني: لم ألتق به.

أحمد منصور: هل أنت على استعداد للالتقاء به إذا دعاك؟

إعلان

عباسي مدني: يا سيدي أنا على استعداد إذا المراد من اللقاء هو تطبيق، هو تحقيق مشروع هذه المُبَادرة.

أحمد منصور: إذا إلتقاق الرئيس ما الذي ستعرضه عليه؟

عباسي مدني: والله دَعني إنني لا أستطيع الإجابة عن أسئلة مُفتَرضة.

أحمد منصور: لكنك على استعداد لقبول أي دعوة مع السلطة.

عباسي مدني: ما في شك.

أحمد منصور: أو مع النظام للمصالحة.

عباسي مدني: ما في شك. هي باب للمصالحة وليست نافذة.

أحمد منصور: اسمح لي كثير من المشاهدين ينتظرون منذ وقت طويل، زيدان جرادات من فلسطين، تفضل الأخ زيدان، الأخ سعد خلف من السعودية تسمعنا سعد.

الأخ سعد عباس (من السعودية): نعم.. نعم

أحمد منصور: تفضل يا سيدي أعتذر لك تَأخرت عليك تفضل بِسؤالك.

الأخ سعد عباس (من السعودية): شكراً.. شكراً أخ أحمد، نُحيِي ضيفك الكريم.

أحمد منصور: أَرجو أن تَخفِض صوت التليفزيون يا أخ سعد عندك، وتَفَضل بِسؤالك مباشرةً.

عباسي مدني: وزيادة الصوت هنا.

أحمد منصور: وزيادة الصوت لدينا في الأستوديو.

الأخ سعد عباس (من السعودية): نُحَيي ضيفك الكريم الشيخ عباسي مدني، ولكن قرأنا بالجرائد منذ أيام يعني تُقدِم بالمبادرة لعلها تَحِل الوضع في الجزائر، وكنا نَأمل أن يكون هذا وأن يتحقق ولكن مع الأسف الكلام اللي سمعناه الآن يُحبِط هذه الآمال في نفوسنا.

أحمد منصور: من أي جانب يا أخ سعد.

الأخ سعد عباس (من السعودية): من جانب أنه لم يَعني نَلمَس في كلام الشيخ عباسي مدني أي أُفُق يعطينا أمل لحل الوضع في الجزائر، التي نَتَمنى أن تُوَدِع هذه الأزمة التي طالت وآلمت نفوس العرب والمسلمين.

أحمد منصور: شكراً لك و.

الاخ سعد عباس (من السعودية) ]مقاطعا[: لحظة.

أحمد منصور: تَفَضل تَفَضل تَفَضل.

الأخ سعد عباس (من السعودية): ويَتَجَلَّ هذا في هُجُومه المتكرر على النظام وعلى الحكومة وعلى رئيس الجزائر، لأنه من المُفترض باعتباره صاحب مُبَادرة ينوي تقديمها وباعتباره الشيخ عباسي مدني المشهور والمعروف وباعتباره رمزٌ من رموز العالم الإسلامي الآن في هذا العصر، وباعتباره بَلَغ من السن مرحلة يعني يُتَوَقع منه أن يأتي بحكمة وأول الحكمة أن يَبدُر قبل أن يُقَدَم هذه المبادرة يَزرع زروع زرعة الإصلاح.

إعلان

أحمد منصور: شكراً لك يا أخ سعد فعلاً كلام سعد ربما كثير من المشاهدين يعني هو عَبَّر عنهم في هذا فما ردك.

عباسي مدني: أولاً أشكر الأخ الكريم على ما تَفَضَّل به، فبالنسبة إلى الأُفق، إذا لم تكن المُبَادرة وما فتحته من آفاق من أجل حل الإِشكالية، حل المِحنة والأزمة معاً، فما هو الأُفق إذاً؟

أحمد منصور: هو يقول الآن مع طَرح المُبَادرة ما كان ينبغي أن تطرح هجوماً على النظام وإنما مصالحة وحكمة.

عباسي مدني: لا سامحني المصالحة نعم.

أحمد منصور: كيف تأتي المصالحة في ظِلِّ الهجوم؟

عباسي مدني: المصالحة تكون قَائمة على العدل وعلى الصواب وعلى الحق أما ما تفضلت به يا أخي النظام، النظامُ جِهاز وُضِع ليفعل ما فعل، لا نَستطيع أن نَتَصالح مع ذئب على حساب الخَروف، ليس من الحِكمَة يا سيدي التي تريدها أن نتخذ من الذئب راعياً، وأن نَأمن من أن يكون الذئب راعياً، والحِكمَة تقول أن الجوهر الوجودي لا يمكن أن يتغير بحال يبقى الذِئب ذئباً والخروف خروفاً، وإذا أردت أن تَحمي الخروف أن لا تكون ذئباً.

السعودية وكيفية الخروج من النفق المظلم

أحمد منصور: شيخ هو من السعودية يَتكَلم، والسعودية تكاد تمر بِظروف مشابهة لما بدأت به الجزائر، الآن كيف يتم إيقاف هذا الوضع في السعودية بشكل مُبَكِر من خلال تجربتكم المريرة في الجزائر؟

عباسي مدني: هذه هي الحكمة أولاً ما يَحدث في الشقيقة السعودية هو نتيجة لِمُقدمات أو نتيجة لمُقدمة، مُقدمة ذات معطيات متعددة، تَتَعلق بحيثيات السلطة، وتَتَعلق بِحيثيات المجتمع السعودي وتتعلق بالضغوطات الأجنبية التي تسيطر الآن على السعودية الحبيبة.

أحمد منصور: كيف يمكن للسعودية أن تتجاوز ما وقع؟

عباسي مدني: أه يمكن، أولاً من النصيحة إذا أردنا أن نستفيد من التجربة الجزائرية، الجزائر أُدخِلَت، أُدخِلَت في نَفَقٍ هي الآن مازالت تحاول بالكاد أن تخرج منه، هل من الحكمة أن يرضى السعوديون على اختلاف شرائحهم ومواقعهم بما في ذلك السلطات، هل يَجُوز لهم، هل يعقل أن تَتَقبلُ أمراض إدخال البلاد، أنا لا اتهم واحِداً من السعوديين كان في السلطة أو من الشعب المخلص يريد أو يعمل لإِدخال البلاد في ذلك النفق.

إعلان

أحمد منصور: يعني إذا لم تُعالج الأمور بحكمة والنصح من الآن ستدخل النفق.

عباسي مدني: نعم كما هو الحال الآن في الجزائر، مِن السلطة من هم أَشَدُّ حِرصاً على إنهاء القضية ولكنه لا حول له ولا قوه.

أحمد منصور: فلتت الأمور ولم يعد علي.

عباسي مدني: لا هو في السلطة عاجز ولذلك كل الوعود التي وعدنا بها لم تتحقق.

أحمد منصور: لأن هناك عَجزٌ من السلطة.

عباسي مدني: عجزٌ تام.

أحمد منصور: بعدما كانت كل شيء في يديهم.

عباسي مدني: نعم انفلت الأمر، وكذلك الآن الوضعُ في حالة الشلل شلل كامل.

أحمد منصور: زيدان جرادات من فلسطين بسرعة يا زياد زيدان عفواً تفضل.. تفضل.. زيدان. عبد النور بن نعوم من هولندا أتفضل يا عبدالنور.

أحمد منصور: أرجو أن تُخَفِض صوت التليفزيون وتسأل سؤالك.

عبد النور بن نعوم (من هولندا): أولاً، السلام عليكم.

أحمد منصور: وعليكم السلام.

عبد النور بن نعوم (من هولندا): شكراً الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أحمد منصور ]مقاطعا[: ليس لَديَّ وقت الآن في دقيقه يا سيدي.

عبد النور بن نعوم (من هولندا): نعم.. نعم… تحية لك سيدي ولضيفك فضيلة الشيخ عباسي مدني حفظه الله.

أحمد منصور: شكراً

عبد النور بن نعوم (من هولندا): السلام عليكم.

أحمد منصور: وعليكم السلام.

عبد النور بن نعوم (من هولندا): على كل حال مُلاحظة أُولى، نحن نفهم الشيخ دائماً بِلُغة الواقع وليس بِلُغَة الفلسفة، ولا أعرف كيف أنك تفهمه بلغة الفلسفة، هذا أولاً فيما يَخُص المُبَادرة، أنا لا أتحدث عنها أو أقول عنها تفاصيل وإنما لكن أتصور أن تكون إلا إعادة لِبناء الدولة الجزائرية التي هَدَّمها الاستعمار، ولكن قبل هذا وفي انتظار وصول المُبًادرة إلى تطبيقاتها الإجرائية، يَجِب علينا أن نحن أبناء الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن نُؤدي علينا من واجب لتطبيق هذه المُبَادرة ولذلك بين يَديّ جُملَةٌ من النقاط النقطة الأولى.

إعلان

أحمد منصور [مقاطعا]: أفهم منك إنك من مُمثلي أو من الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟

عبد النور بن نعوم (من هولندا): نعم، عُضو في الجبهة الإسلامية للإنقاذ وعضو سَابِق في الجيش الإسلامي للإنقاذ.

أحمد منصور [مقاطعا]: كمان.

عبد النور بن نعوم (من هولندا): نعم، ولذلك بين يَدي.

أحمد منصور [مقاطعا]: يعني الجِناح العسكري للجبهة يعني

عبد النور بن نعوم (من هولندا): هذا ما أَرَدت أنت تسميته على كل حال، إذاً المسألة مسألة

أحمد منصور [مقاطعا]: أنا أعتقد أن هناك مُشكلة في الصوت يعني أسمع خَرفشة شديدة وأنت لم تنتهز الفرصة وتطرح ما لديك، بقيت دقيقتين ونصف ولم تقل شيئا.

أحمد منصور [مقاطعا]: شيخ هنا علي باخوش عبده من الجزائر، أنا أُعطي دائماً الفرصة للضيف وكثير من المُشاهدين لا يَفهمون أن لغة التليفزيون تختلف عن لُغَة الخطب الأخ يدخل يلقي السلام ويُحَيي ويسلم ويَنسى أنه يستطيع في دقيقة واحدة أن يَقول مائة وعشرين كلمة ليُعَبر فيها عن رأيه، يُريد يلقي الخطبة ويستحوذ على وقت طويل. لُغة التليفزيون أيها الإخوة هي لغة السرعة كل واحد يحضر من يرى الذين يعيشون في الغرب لاسيما، يَرون مُداخلات مدتها 30 ثانية فقط، نحن نُعطي المشاهدين أحياناً ثلاثة دقائق ويعجزون عن أن يقولوا شيئاً مفيداً، أرجو أن تَعذرونا في هذا، وأن تستعدوا دائماً في حلقاتنا لتطرحوا ما لديكم بشكل مباشر ومختصر.

أحمد منصور: علي باخوش عبد طالب من الجزائر يقول لك، هل يُمكن القول بأنك ما تزال تحوز على شعبية كبيرة تجعل لأُطروحاتك قوة وأثراً في الجزائر؟ وهل تَضع حِساباً للمتغيرات السياسية التي وقعت في أرضية الجزائر؟

عباسي مدني: حقاً، هذه الأسئلة لا يمكن لِعاقل أن يُجِيب عليها، الذي يهم يا أخي العزيز أعني المُتدخل أن الشعب الجزائري كشعب خاض تاريخاً من المعارك من أجل فَرضِ وُجوده، بَرهَن من خلال ذلك أنه ذا وعيٍّ وُجُودي عميق راق لتحمله للمسؤوليات كما كان بالأمس ومُطالب به بالأخوة

إعلان

أحمد منصور: بقيت لدي دقيقة واحدة.

عباسي مدني: المسؤولية مسؤولية الشعب الجزائري وليست مسؤوليتي أنا إذا بلغته المراد.

أحمد منصور[مقاطعا]: واضح أننا ربما نُفرِط حلقه أخرى، حينما تُريد أن تُفصِح عن هذه المُبَادرة وتفصيلاتها بشكل لكن الآن تُعتبر هذه مقدمات لما قُلته عن هذه المُبَادرة التي كان الجميع يتوقع أن تُطرَح، ولكن يبدوا أنها لازالت تدور في أروقة السلطة وفي أروِقتكم أنتم أصحابها وقدمت

عباسي مدني: والمجتمع

أحمد منصور: المجتمع لا يعلم عنها شيء.

عباسي مدني: لا، يعلم عنها بالقدر على كل حال.

أحمد منصور: ما هي آخر كلمة تقولها في 30 ثانية.

عباسي مدني: آخر كلمة هو أولاً،

أحمد منصور [مقاطعا]: 20 ثانية.

عباسي مدني: أن يَعودَ الجزائريون إلى الأُخوة إلى التآخي أن يَتَقبل الجزائريون بعضهم البعض، أن يَعودوا إلى وحدتهم الحقيقية استجابة لقوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم }واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.{

أحمد منصور [مقاطعا]: شُكراً فضلية الدكتور (عباسي مدني) رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.

وفي الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج ومخرجه فريد الجبري. وهذا أحمد منصور يُحييكم (بلا حدود)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عباسي مدني: وأنا أشكركم.

أحمد منصور: شكراً جزيلاً.

المصدر : الجزيرة