محمد حسنين هيكل 9/2/2011
مع هيكل

هيكل.. المناخ الدولي وتوازن القوى والمصالح ج1

تستضيف الحلقة الكاتب والمفكر السياسي محمد حسنين هيكل ليتحدث عن المناخ الدولي وتوازن القوى والمصالح على ضوء الثورات في العالم العربي.

– ملامح العالم الحديث والهيمنة الأميركية
– أزمة الرأسمالية وظاهرة العولمة

– أوروبا في ظل الولايات المتحدة

– الصين وروسيا والتوجه الأطلسي الأميركي

– القيادات الملهمة واختلاف الأدوار

محمد كريشان
محمد كريشان
محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله أهلاً بكم من القاهرة مع الأستاذ محمد حسنين هيكل، أهلاً وسهلاً بك أستاذ هيكل، أستاذ هيكل نلتقي به بعد 5 أشهر من آخر لقاء، وفي إطار احتفال الجزيرة بالذكرى الخامسة عشرة لتأسيسها، الحقيقة مقابلتنا مع الأستاذ هيكل ستكون على امتداد ثلاث سهرات، ثلاث حلقات متتالية الخميس والجمعة والسبت، الحلقة الأولى سنتناول فيها الطقس الدولي إن صح التعبير أو المناخ الدولي الحلقة الأولى، الحلقة الثانية سنتناول الربيع العربي الذي ربما جاء في إطار هذا الطقس الدولي الجديد سنتناول الأوضاع في تونس بعد الانتخابات، ليبيا بعد القذافي، حالة الاستعصاء السياسي واستمرار سفك الدماء في سوريا وفي اليمن هذه الحلقة الثانية الوضع العربي، ثم نصل إلى مصر ونسمات أو نسائم الربيع العربي أين وصلت في مصر، إذن حلقتنا الأولى نبدأها الليلة وهي مخصصة بالكامل للوضع الدولي أهلاً وسهلاً بك أستاذ هيكل..

محمد حسنين هيكل: أهلاً وسهلاً ..

محمد كريشان: كمدخل لهذه الحلقة حول المناخ الدولي..

محمد حسنين هيكل: اسمح لي أقول لك إن نحن قدام لحظة أنا لا أريد أن أستعمل الكلمات المألوفة والمعروفة والمشهورة وهي إن نحن قدام لحظة خطيرة لأنه حتى الكلمات فقدت معانيها ضمن أشياء كثيرة جداً ضاع منها المعنى، لكن أنا بقول ببساطة نحن أمام لحظة في المجتمع الدولي أو في الحياة الدولية أو في هذا العالم المعاصر تختلف، لا نشهدها كثيراً في حياتنا وتختلف عن المسار العادي للأمور لأنها لحظة من تلك اللحظات التي تتحدد فيها مسارات وتتحدد فيها مصائر، هذه اللحظة، الوضع الدولي في هذه المرة أو في هذه الظروف اللي إحنا فيها المستجدة مش مبارح ولا النهاردة ولكنها بادية ملامحها تتشكل قبل كده، أول حاجة فيها واضحة أننا لسنا أمام صراع قوى أو توازن قوى، وإنما نحن أمام مصالح أخرى ليست لها حدود سياسية وأمام قوى أخرى ليس هناك قيد قانون أو عرف على فعلها، وبالتالي فأنت قدام حاجة ثانية خالص قدام مناخ ثاني مختلف خالص، الحاجة الثالثة أو الحاجة الأخرى إن إحنا قدام عالم صراعاته تجري بوسيلة أخرى بطرق أخرى عما كنا نعرفها إحنا كنا نعرف إنه في وسيلتين في معالجة الأمور الدبلوماسية أو الحرب فإذا فشلت الدبلوماسية لم يعد هناك إلا أن يتكلم السلاح لكنك هذه المرة قدام شيء مختلف ومختلط جداً، لو أنا حبيت علشان ما أطولش عليك وأنا عارف أنك أنت راجل ضد التطويل جداً وحازم وحاسم في هذه المسألة فأنا عاوز أقول لك أول حاجة اسمح لي أقول لك عدة عناصر سريعة جداً وبعدين نناقش فيها ما جرى بالتفصيل.

محمد كريشان: تفضل..

محمد حسنين هيكل: أول حاجة إننا قدام عالم بسبب الموازين النووية استحال فيه السلاح من بدري، استحال فيه استعمال الحرب وبالتالي بقت في وسائل أخرى لممارسة الصراعات، الحاجة الثانية إن إحنا قدام وضع النظريات، باستمرار كالعالم زي ما بتحكمه قوى بتحكمه نظريات أو أفكار سائدة مجتمعية الناس بتتكلم عنها زي الرأسمالية والشيوعية إلى آخره، والناس بتتكلم عن اقتصاد السوق بالعكس كثر الحديث عن اقتصاد السوق بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وأنا بعتقد إن نظرية السوق كلها حصل فيها خلل لسبب بسيط جداً وهو إنه إحنا لأول مرة في التاريخ وفي حياة الإنسانية أصبحت تشتري ما لا حاجة لها به وتدفع بما لا تملكه، ودخلنا في مشكلة من نوع غريب جداً بمعنى زمان كانت نظرية السوق معتمدة على إيه معتمدة على منتج ينتج سلعة، وهو يحاول أن يبعها إلى طرف يحتاج إليها وهو لديه ما يشتري به واحد عنده بضائع والآخر لديه نقد يشتري به، هذه النظرية اختلت جداً لأنه إيجاد السوق الخفية اللي كانت بتنظم العرض والطلب لم تعد موجودة بقى فيه أنت بتخلق طلب صناعي بالإعلام وبالإعلان وبالنموذج وبالسينما وبالسفر وبوسائل كثيرة جداً، تخلق طلب قد يدفع الناس أحياناً إلى شراء ما قد لا يريدونه بوسائل لا يملكونها وبالتالي دخلت في مشكلة مجتمع كله على مستوى الأفراد وعلى مستوى الدول يلبي احتياجاته التي تزيد أو يلبي مطالبه التي تزيد عن احتياجاته بالديون، فدخلت لأول مرة في عالم مرهق بالديون يعني لو تتصور بلد زي أميركا إحنا كنا نتصور أنها الأغنى ليس غريباً أنا قدامي أرقام مثلاً على سبيل المثال أنا جايب الرقم معايا لأنه كل مواطن أميركي كان قبل عدة سنوات كان قبل بالضبط، ودي بتتكلم عن البلد الأغنى، كل مواطن أميركي كان بيدخر 10% من دخل لخمسة عشر سنة، ثم اختلف الوضع فإذا بكل مواطن أميركي مدين ب 10% بدل ما كان بيدخر 10% بقى مدين ب 10%، الدولة الأميركية نفسها مدينة بأكثر من دخلها القومي بـ 14 تريليون قدام دخل قومي تقريباً أقل من 14، فكل الناس موجودة في حالة عجز فأنت دول مدينة، العالم كله يسير بالدين ويشتغل بالدين ويتاجر بالدين إلى آخره، يبقى عندك دول ليست موجودة أو الصراع القديم صراع دول مش موجود، النظريات القائدة لم تعد موجودة، الناس دخلت في قضية أخرى خالص في قضايا الاستدان، العالم كله ماشي بالدين، حاجة أخرى إن إحنا كان باستمرار قدامنا لما تختفي باستمرار العالم يحتاج إلى دولة تقود حركته أو مجموعة دول كان في وقت من الأوقات الإمبراطورية البريطانية كانت هي الدولة التي تقود من أول ما بدأ النظام الدولي، الإمبراطورية البريطانية أو التحالف امبرياليات مع فرنسا وبعدين لما جت بريطانيا تقع لأول مرة بدأ يبقى فيه بدأ قدامنا إنه بريطانيا بدت تقع، الإمبراطورية بتقع، بدا إنه في أميركا إلى الصعود وبدا فيه الإتحاد السوفيتي طالع، الاثنين بعد كده في حربهم الباردة مع بعض أرهقوا بعض لدرجة غير طبيعية والاثنين تقريباً قضوا على بعض لم تعد هناك دولة قائدة الإتحاد السوفيتي اختفى والولايات المتحدة الأميركية لأنها أغنى ولأنها أقوى فهي موجودة وهي إلى حد ما الطرف اللي قدر يقاوم لكنها على هبوط مع استمرار الصراعات وهي ضرورية في حياة البشر وطبيعة الأمور لأنه الأساس الأول في كل الحياة الإنسانية هو المنافسة، والمنافسة دي بتتحول إلى احتكاك، بتتحول إلى صدام، بتتحول إلى أي شيء نتيجة إنه لأول مرة إن إحنا ليست أمامنا قوة يبدو أنها صاعدة، باستمرار المجتمع الدولي في حاجة إلى قوة تستطيع أن تنظم صداماته، أحواله بشكل ما في دولة قائدة أو مجموعة دول قائدة لأول مرة ما بقاش في ده، الحاجة الثانية إنه ليس على الأفق ما يشير إلى دولة صاعدة أو إلى قوة صاعدة أو إلى تحالف دول اللي قدامي هو مجموعات غريبة جداً، مجموعات مصالح، مجموعات مصالح مرتبطة بقوى لدرجة إن الحرب نفسها، فكرة الحرب، فكرة القتال، فكرة الصراع، فكرة السلاح نفسها، بقت داخلة في مقاولات دخلنا فيها في مقاولات فدخلنا قدام عالم غريب جداً قدام عالم مرهق جداً بطلباته ما فيش فيه، بلا قيادة الأفكار السائدة فيه ضايعة أم مش باينة، اقتصاد السوق ده كان متحد بسبب التاريخ ما هواش نهاية التاريخ ولا حاجة بدينا مرحلة من الفوضى سيئة جداً، زيادة على حالة الحرب، الحرب بالطريقة الموجودة أو ممارسة الصراع بالقوة حاجة زي اللي شفناها بليبيا أو زي اللي بنشوفها في حتت كثيرة جدا وهو تقريباً أن تحارب بلا دم وبلا جيوش دم يدفعه الآخرين وأنت ممكن النهاردة بتاعت الأقوياء والدم بتاع الضعفاء، ودخلنا في نوع غريب جداً من الحرب، زاد على ده كله إن في شعوب كثير بدت لا تقبل هذا الوضع وده باين على سبيل المثال في أميركا، حتى مش بس الثورة عندنا تتكلم على ما يسمى بالربيع العربي عندنا وهنا وفي اليمن وزي ما أنت قلت، لكن حتى هذا الضيق بالأحوال بدا يبان في المجتمع المتقدم فأنت قدام حالة ملاذ دولية شديدة جداً مش باين فيها لا حرب ولا قيادة تقود إلى حرب بسرعة ده الشكل العام اللي إحنا بنواجهه.

ملامح العالم الحديث والهيمنة الأميركية

محمد كريشان: ولكن أستاذ هيكل جيد أن نبدأ بهذا التشخيص لأبرز ملامح عالم اليوم ولكن هذا التشخيص لم يحدث بين عشية وضحاها ليس طارئاً هل هناك نقطة معينة تعتقدون بأنها منها انطلقنا نحو هذا العالم الذي أصبح مختلف عن السابق؟

محمد حسنين هيكل: أنا مستعد أقول لك إنه في الرأسمالية وأنا ما عنديش حاجة ضد الرأسمالية بالعكس أنا مستعد أتفهم قوي ومستعد أتفهم حاجة العالم لرأسمال، لكن الرأسمالية في اعتقادي أخطأت أخطاء جسيمة جداً بعدة حاجات، أول حاجة بتصور أنها يعني أنا بعتقد إن النقطة إذا حبيت تتكلم عن النقطة الحاسمة هي سقوط الإتحاد السوفيتي وتصور الولايات المتحدة الأميركية وهماً أن لديها سيادة العالم وأنها تستطيع أن تفعل ما تشاء وهنا وجدت، افتكر إن ده حصل بالتوازي مع عدة حاجات الرغبة في تعظيم المكاسب في عالم فقد كثير قوي من أفكاره لأنه لما ضاعت الماركسية أو ضاعت فكرة السوق، العالم في واقع الأمر عايش فراغ فظيع جداً الرأسمالية هنا، حصلت حاجتين مهمين قوي، الحاجة الأولانية إن الرغبة في تعظيم المكاسب عملت حاجة غريبة قوي عملت نقلة افتكر إنه ابتدوا هم إزاي أنت عاوز تعظم مكاسبك أقصى ما يمكن بديت تشتري بأكثر ما لديك، الحاجة الثانية لكي تعظم مكاسبك عملت حاجة خطيرة جداً في التاريخ وهي الفصل بين مواقع الإنتاج وبين مواقع المال، أنت عشان اكتشفت إن في عمالة رخيصة في حته زي الصين على سبيل المثال أو في حته زي الهند نقلت صناعات كثيرة قوي إلى آسيا متصوراً إن هناك حيستنوا طول عمرهم بيشتغلوا أيدي عاملة رخيصة فقط لصالح الإنتاج وإنهم مش حيتعلموا، لأ، هم تعلموا وهم قدروا يراكموا رأس مال والنتيجة إن في انتقال من مواقع القوة، في مواقع الإنتاج نقل جزءاً كبيراً من مواقع الإنتاج إلى آسيا على سبيل المثال، واكتشف رأس المال الأميركي على سبيل المثال والأوروبي إنه حصل فصل بين مواقع الإنتاج وبين مواقع المال وهذا كان خطير، والمال بدأ الإنتاج في آسيا إلى آخره بدأت تظهر قوى مناوئه لا تملك بعد قوة أن تدخل طرف في النظام الدولي ولا تملك قوه عسكرية ولا عاوزه يمكن، لكن بقى فيه هذا الفصل بين رأس المال وبين المال والمال موجود في مواطنه تحول في حد ذاته إلى سلعة لما جه محافظ البنك الفيدرالي الأميركي ويقول إن الاقتصاد الدولي تحول إلى أوراق تطارد أوراق، تحول إلى أوراق صكوك ديون بتشتري بالدين صكوك ديون أخرى وأنت عمال أتصور لبلد زي مصر على سبيل المثال بتدفع الميزانية المصرية أنت عندك 100 مليون جنيه سنوياً أول بند في الميزانية 25% من الميزانية رايح لفوائد ديون..

محمد كريشان: مش حتى أصول الديون..

محمد حسنين هيكل: مش أصول الديون، أنت نقلت، عملت فصل بين الإنتاج وبين تحت غرور الرأسمالية انتصرت وإنه لها الحق أن تنظم العالم كما تتصور بعثت جزء كبير من أصول الإنتاج إلى مكان آخر وخليت المال في مكان آخر، والمال بقى سلعة يتاجر فيها بحد ذاتها وبعدين دخلت الإعلان لما دخل بطريقة القوى التي دخل فيها تسهيلات الدفع أنت كنت بتجري ورا الناس لكي تستفيد، كل الناس بتدفع ببطاقات الائتمان بعضها بدأ بديون، لكن الأقساط بدا تتراكم على الناس والديون تتراكم على، العالم كله دخل وأنا بتكلم هنا مش مسألة أفراد كمان الدول عملت نفس الحكاية، الدول بسندات الخزينة إحنا كلنا هذه اللحظة مرتهنين بالدولار، والدولار بقت عملية مطابع بتطبع دولار..

محمد كريشان: ولكن أستاذ هيكل عندما تشيرون إلى أن هذا الجو الدولي الجديد الحقيقة بدأ منذ سقوط الإتحاد السوفيتي يعني نحن نتحدث الآن عن تقريباً 20 عاماً كان يفترض فيها أن العالم يتشكل من قطب واحد مهيمن ومسيطر وهو الولايات المتحدة، أنا أذكر جيداً في المقابلة التي أجريناها تقريباً من سنة الآن في لندن عندما سألتكم عن تقديركم لاستمرار الهيمنة الأميركية على العالم قدرتها بما لا يقل عن 25 سنة مقبلة يعني الآن هل يمكن القول بأن الولايات المتحدة لم تتمتع بالوضع المهيمن إليها تقريباً 20 سنة والآن هذا ما نشهده هو جزء من تجليات تراجع دورها..

محمد حسنين هيكل: عن سيرة القوة، إذا كنت تتكلم عن القوة التي بتضبط شأن العالم هي لا تزال هي الأقوى وسوف تظل هي الأقوى، لكن قدرتها على السيطرة انتهت، أديك نموذج إن قدرتها على السيطرة، لما أنت تعال تصور منذ كذا سنة لما أميركا، لما الرئيس الأميركي على سبيل المثال غضب على نورييغا في بنما ذهبت الولايات المتحدة بقوة مسلحة، تعال بص اللي حصل في ليبيا في الفترة الأخيرة وشوف كيف جرى استعمال القوة اللي عايز أقول لك أميركا لا تزال هي الأقوى لكنها لم تعد تملك طرفا أن تتصرف وحدها، لأنه أولاً اللي قدامها مش دول اللي قدامها مش الإتحاد السوفيتي واللي حوليها في العالم واللي عندها هي كمان ما هواش دول أنت بقيت بتتكلم على قوى أنت تمارس تحريك ما لديك من قوى ولكن بأسلوب مختلف، أسلوب مختلف لم تعد فيه القدرة القادرة على فعل أشياء لكن فيه لا تزال موجود القدرة على توظيف الآخرين، الأميركان في الحرب الأخيرة مثلا في ليبيا اللي حصل في ليبيا أخيرا هم بيقولوا كان في كلمة شائعة موجودة back driving القيادة من الخلف، أنت في واقع الأمر لما أعطي التفويض بالعمل في ليبيا، أول حاجة الأميركان عملوا إيه، الأميركان ما فيش عسكري واحد نزل على أرض ليبيا لكن كل اللي حصل الكروز على سبيل المثال صواريخ كروز والصواريخ غير الموجهة من غير طيار، طارت من غير طيار، كشفت..

محمد كريشان: على كل ليبيا اسمح لي..

محمد حسنين هيكل: لأ، أنا عايز أتكلم على أسلوب استعمال القوى، مش حتكلم على القوى، بتكلم على أسلوب استعمال القوى بمعنى إنه أميركا لا تزال أقوى لكن هناك فرق بين قوي يمارس قوته الإمبراطورية بما لديه من وسائل وبين قوي يعمل بأسلوب المقاول يرتب الآخرين ويرتب الفاعلين لكن هو لا يزال مدير، بمعنى أن أميركا لا تزال الأقوى لكن انتقلت وظيفتها أو بظروف عماله تنتقل أكثر من وظيفة الفاعل القادر إلى المدير الشاطر إذا حبيت تقول.

أزمة الرأسمالية وظاهرة العولمة

محمد كريشان: أشرتم إلى الرأسمالية البعض بالطبع يعتقد بأن ما يجري الآن هو تعبير عن أزمة الرأسمالية هناك وجهة نظر تقول الإشكال ليس في الرأسمالية بقدر ما هو في ظاهرة العولمة التي امتدت في السنوات الماضية هل تفرق هنا بين الأمرين؟

محمد حسنين هيكل: لأ، لأ واقع الأمر أنا لا أستطيع، العولمة مرات إحنا نتكلم، العولمة حالة موجودة لا نستطيع ظاهرة من ظواهر الطبيعة التاريخية مستجدة لا يستطيع حد إنه يتكلم فيها لكن اللي بنتكلم فيه رأسمالية بتستعمل عولمة، الرأسمالية اللي تتكلم، الرأسمالية الأميركية اللي نقلت مواقع إنتاجها أو جزء كبير من مواقع إنتاجها نقلتها للصين وفي حتت كتير وفي البرازيل وفي ماليزيا وفي حتت كتير قوي، هذه رأسمالية تصورت إنها انتصرت وتصورت أنها تملك تتحرك في العالم كله لكن نسيت أنه في أشياء كتير قوي أيضا في السيادات الدولية لسه موجودة لسه لها بقايا تقدر تعمل عولمة عابرة للقارات لكن حتستنى الدول موجودة، ولذلك أنت حصل shift كبير جداً في القوة الأميركية، إنها لم تعد كما كانت، في حصل خلاف كبير، إحنا قدام ظاهرة جديدة جداً مستجدة في العالم، وأظن إن إحنا سنأخذ وقتا كبيرا لنستوعبها، أزمة الرأسمالية أنها تصورت انتصارها النهائي، وهذا لم يكن انتصاراً نهائياً في حاجة ثانية مختلفة نحن لا نزال نبحث عن شيء لم نجده بعد وليست هناك بشائر إلى أنه سوف، أنا فاكر مرة كنا موجودين في لندن وكان في، أنا ما كنتش موجود في المناسبة الأولى لهذا، لكن حضرت الرواية وهي تروى مارغريت تاتشر بيقنعوها بيقولوا لها بأن الاقتصاد الحديث ما بقاش حكاية إنتاج بضائع، إنتاج البضائع ده نسيبه للمتخلفين، لكن إحنا بقينا اقتصاد الخدمات، هي لما رجعت الحكاية دي تحكي لنا الحكاية دي، مرة كنا موجودين في دار نشر حلقة في دار نشر ، بينشروا كتب في إنجلترا وهي كانت موجودة وبتتكلم على كتابها لكن هي حكت بعض تجاربها فقالت أن وزير أقرب مستشاريها الاقتصاديين ساركيس جوزيف كان بيقنعها إن إنجلترا لابد أن تتحول إلى الخدمات إلى اقتصاد الخدمات، فهي بتقول له، وهي بتحكي to serve what يخدم إيه، البضائع بقت موجودة في حتت ثانية والعالم كله بيصنع وبيحاول يصنع، حكاية أنك تحتفظ برأس المال، رأس المال موجود to serve لأن المال بالطبيعة خدمات، لما بتحول المال لسلعة أنت بتاجر فيه بترهنه بتخش في حاجات كتيرة قوي، أنا بعتقد أنه أزمة الرأسمالية أنت بتتكلم عن طول المدة بتقول من 20 سنة وكذا وحصل امتى وامتى اللحظة الفاصلة، التآكل في الأفكار وفي الإمبراطوريات وفي حياة الدول..

محمد كريشان: بالتدريج..

محمد حسنين هيكل: بالضبط كده.

محمد كريشان: على كل سنعود لإستئناف هذا الحوار مع الأستاذ محمد حسنين هيكل بعد فاصل نعود إليكم نرجو أن تبقوا معنا..

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام من جديد في هذه الحلقة الأولى من سلسلة الحلقات الثلاثة مع الأستاذ محمد حسنين هيكل ونخصصها بالكامل هذه الحلقة الأولى للوضع الدولي، أستاذ هيكل لفت انتباهي ما أشرت إليه قبل قليل من أنه لا وجود لقوى صاعدة في هذا المشهد..

محمد حسنين هيكل: لقوى قائمة..

محمد كريشان: لكن أوروبا على سبيل المثال يعني منذ بداية اللقاء لم تشر إليها بالكامل رغم ما تعانيه من أزمة مديونية هي الأخرى ومن تحركات اجتماعية والآن هناك حالة فوران اجتماعي وشعبي واحتجاجات ونقابات وغيرها فيما يشبه تمرد على القيم السائدة الاقتصادية لسنوات طويلة لا ترى في أوروبا ما يمكن أن يشي بدور جيد؟

محمد حسنين هيكل: عايز أقول إنه أوروبا في اعتقادي أظن أن أوروبا لفترة طويلة جداً تعلمت الاعتماد على أميركا في مواجهة الإتحاد السوفيتي، وبعدين تعلمت الاعتماد على أميركا وعلى اعتماد الدولار كقوة، الموجود قوة ألمانيا وقوة ألمانيا ملفتة, والغريب جداً في اعتقادي إن ألمان في موضوع اليورو هم يواجهون مشكلة كبيرة جداً ده هم الإقتصاد القادر بلا دين بمعنى إيه، ألمانيا مديونة بروحها، مديونة، غريبة قوي إن كل العالم كل دول العالم تقريباً مش إحنا بس كل دول العالم مديونة بما يوازي دخلها القومي سنوي يعني واحد..

محمد كريشان: كلنا في الهوى سوا.

محمد حسنين هيكل: لأ في فرق بين الطاقة الإنتاجية لألمانيا..

محمد كريشان: بين غني مديون وبين الفقير مديون..

محمد حسنين هيكل: بالضبط كده يعني إلى حد كبير برضه شوف إيه، الدين، في مسألة مهمة جداً من أول البشرية من أول سر التقدم الإنساني كله كان في قدرة الإنسان على أن ينتج أكثر مما يستهلك بما يحقق فائضا يعيد استثماره، فإذا ضاعت منه هذه القابلية إذن فهو يعيش على استهلاك ما لديه، وهو ده الخطر، أوروبا طبعاً، لما بتتكلم على أوروبا بتتكلم على لو أنت جيت وعديت قوى قلت أميركا هي القوى القائدة فعلى طول حتقول أوروبا هي القوى المساندة أو من أهم القوى المساندة والصين قوة بتتقدم وبتتبان وفي مجموعات دول بعد كده موجودة، لكن أوروبا مشكلة أوروبا، تعال أيضاً وإحنا بنتكلم على ليبيا أنا ليبيا مش بتكلم عليها كليبيا أنا عارف إنه ليبيا مؤجلة إلى موضوع إلى الحلقة الجاية لكن تفتكر إن حلف الأطلنطي الأوروبي، الجزء الأوروبي من حلف الأطلنطي وقف عاجزاً، فرنسا اكتشفت أن هناك حدوداً للقوة وإنها ما تقدرش وإنجلترا وفرنسا الاثنين مع بعض أليس غريباً، الاثنين مع بعض اشتركوا في حاملة طائرات واحدة في حصل بهذه الإمبراطوريات التي وقعت بقي عندها بقايا اعتزاز الإمبراطوري لكن ما عندهاش القوة الإمبراطورية لما تتصور إن هؤلاء كلهم اضطروا ليحتاجوا إلى القوة الأميركية في الأسطول تنزع الدفاعات الجوية الليبية كلها, وبعدين تبجي تكشف الأرض الليبية، ولما يحتاجوا.. أنا قرأت حاجة غريبة قوي في اللي كان موجود, أنه أول اجتماع لحلف الأطلنطي تنفسوا الصعداء, لأنه همه الحلفاء الأوروبيين كانوا واصلين على آخر نفس مش قادرين ما عندهمش, لما تبجي تقود انجلترا وأميركا تبقى عندهم حاملة طائرات وحده, انجلترا وفرنسا حاملة طيارات وحده, مش قادرة والأميريكان حوليهم عندهم أربع حاملات طائرات في البحر الأبيض وهم اللي عملوا كشفوا الغطا, وهم اللي ضربوا مواقع المقاومة, بمعنى أن أوروبا مش قادرة أوروبا في الحرب الباردة وعندهم أزمة اليورو وعندهم مشاكل ملهاش حدود، أميركا كل العالم كله، لكن أنت، إنا لا تستطيع طبعا أن أغفل عن أوروبا لكن عاير أقولك أن أوروبا منفردة ومجتمعة القطب الأعظم اللي فيها وهو ألمانيا مهتم جدا بالاقتصاد حتى تلاحظ أنه لم يشارك بحاجات ليبيا ولو أنه موجود, يعني عاير أقولك أنه اللي لاقوا ألقذافي وحدده موضعه همه الألمان مش حد تاني, لكن القدرة الانجليزية الأميركية أوروبا التقليدية إيطاليا, أوروبا التقليدية لم تستطع أن تفعل, كانت بلا إرادة وبلا قوة قادرة أن تحسم شيئا حتى في بلد هامشي زى ليبيا, لكن أوروبا موجودة مشان ما أطول عليك ولكنها ليست بهذه القدرة ولو أن أوروبا حتى المجتمعة كان, أنا في يوم من الأيام كنت مستعد أتصور أنه لسه بدري قوي قدام الصين لما تقرب, قدامها25، 30، 40 سنة لغاية ما تبقى قوة عظمى بالمعنى الحقيقي للقوى العظمى لكن أوروبا ذاتها تقدر, لكن أوروبا أثقلت أولا باليورو وأثقلت بالدول الغير مستقلة, أثقلت بالديون أنت عندك الدول الأوروبية التقليدية خد اللي حاصل في اليونان

محمد كريشان: الديون هي التي، الوضع الاقتصادي هو الذي كبلها

محمد حسنين هيكل: الجنون الاستهلاكي الذي اجتاح العالم وبعدين تصورات اقتصاد الخدمات على حساب نقل الصناعة، البضائع، الاقتصاد الحقيقي نقلها في مواقع أخرى عدم الاهتمام بها وتصور المال وحركة المال تستطيع أن تصنع وحدها لا تستطيع، وبعدين أنت, دخلنا في عالم حاجات غريبة، زمان كان في الاستمرار الثروة تحتاج إلى تراكم والى مدة, النماردة ظهرت لأول مرة في العالم الجديد وفي الوسائل الجديدة وبالعولمة زى ما بتقول الثروة المفاجئة, خد واحد زى ببل جيتكس تخطر له في لحظة إشراق فكرة معينة, تتحول إلى حاجة كبيرة قوي بالانترنت وبالكمبيوتر فإذا أنت قدام ثروة مهولة, ممكن الراجل ببل جيتكس يستعمل ثروته في أغراض خيرية وحاجات كريسة قوي, لكن هنا في ظاهرة ملفتة, أصحاب الملايين اللي عملوا بلايين تتكلم عليهم في الإتحاد السوفييتي بالخصخصة على سبيل المثال, لما الإتحاد السوفييتي زى بلاد كثيرة قوي زى عندنا استبيح للنهب ومن نهب ومن أصبح للنهب أنت بتكلم لأنه بقى في قدامك في قيم في تصورات في دول وقعت, وفي تحركات في مصالح نشأت أنت بتكلم لأول مرة عن عالم لابد أن تعيد دراسة ملامحه, وأن تقدر إلى أين سوف يتحرك لكن هو دره العالم اللي موجود وبهذه الطريقة الموجودة.

أوروبا في ظل الولايات المتحدة

محمد كريشان: يعني أوروبا لن تبقى فقد في ظل الولايات المتحدة ولكن هي أيضا غير قادرة على أن تلعب حتى دور المساند النشط.

محمد حسنين هيكل: تقدر تعمل دور المساندة النشط لكن في أوهام كتير جدا لازم تتخلص منها لأنه الطريقة التي بتكلم فيها مرات على سبيل المثال, فرنسا ساركوزي لما يتكلم بيجي يزور في أوهام كتير قوي لا تزال موجودة عند الإمبراطوريات القديمة, وهي بتأثر بالأوضاع الدولية لأنه ما حدش قادر يصدق العالم تغير, التغييرات قد كده جرت بلا تصور جرت دون أن يقدر أحد مواقعها حصل سيولة في مواقع القوة كثيرة جدا, ما حدش قادر حتى هذه اللحظة كل الناس تقريبا تقدر تقول للعالم كله, النهارده موجود, حيث لم يكن يتوقع وحيث لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يتفهم, وهذه هي الأزمة.

محمد كريشان: الصين التي أشرتم إليها على أساس أنكم تعتقدون, أو كنتم تعتقدون أن ما زال أمامها عقدين أو ثلاثة حتى تتبوأ مكانة, ألا يفترض بحالة التراجع هذا أو الانكفاء الأميركي والأوروبي مع ثقل المديونية وثقل الأزمة الاقتصادية أن تسرع الخطى وتكسب سنوات؟

محمد حسنين هيكل: أنا بعتقد أن الصين قدامها مشاكل كثيرة لأنه نمرة واحد أرجوك تتذكر أنه حتى هذه اللحظة, الاقتصاد الصيني قوة الاقتصاد الصيني لا تزال أقل من نصف قوة الاقتصاد الأميركي اللي هو متأزم. نمرة 2الثروة اللي إحنا بنشوفها أو التقدم اللي إحنا بنشوفه الباهر في الصين, أنت بتكلم عن المناطق الساحلية وبتكلم إلى حد كبير جدا عن شرق الصين. ولكن جوا الصين هذه الثروة هذا الثراء لم يصل بعد إلى الداخل, فهي مقبله على تغييرات اجتماعية كثيرة قوي أخرى. وحاجه ثانية مهمة جدا وهي إن أنت بتناقش أحوال الصين لابد أن تتذكر الفارق أن الصين فيها حوالي بليون ونصف بليون بني آدم والأميركان 350 قربوا ل400شوية, فأنت عندك نص الثروة أو أقل من نص الثروة, وعندك خمس مرات عدد السكان أو ست مرات عدد السكان خمس مرات عدد السكان. ما بتقدرش تتكلم أن الصين, طبعا أنا شخصيا مبهور بنسبة النمو اللي عامليته, مبهور بالتقدم بالمظاهر اللي ممكن نشوفها في شنغهاي نشوفها ببكين نشوفها بتانغ تنغ. لكن ده مش الصين بس, هذه ظاهرة الواجهة الظاهرة للصين, لكن جوا الصين أنت مقبل على مشكلات كبيرة جدا, الصين ليست جاهزة بعد, لكن أنا يعتقد أنها من الدول التي قد تكون من القوى التي سوف تقبل.

محمد كريشان: لم تثبت بعد الصين برأيك أن النموذج الرأسمالي يعاني, والنموذج الشيوعي انهار, لم تستطيع أن تثبت جدارة معينة لنموذج مختلف تقدمه للعالم؟

محمد حسنين هيكل: لا هي تقدم تجربة تستحق الرؤيا في التنمية, بتقدم تجربة في تنظيم الإنتاج, بتقدم في الإدارة, بتقدم في الفصل بين رأس المال والملكية, لأنه جزء كبير من الطاقة الصينية لا تزال بلد شيوعي, لكن هم قدروا يفصلوا بين الإدارة والملكية, والإدارة أخذت من أول مجيء تشاوتشي حقيقة يعني, فأنت قدام ظاهرة في الصين تستحق المراقبة لكنها غير قابلة للنقل, غير قابلة للنموذج, لما طلع نموذج التصنيع الرأسمالي في أوروبا, كلنا كل العالم الثالث بتوع محمد علي, بدءوا يعتبروا النموذج الغربي حتى اليابان النموذج الغربي هو ما يجب تقليده, وهو مربوط معقول في ذلك الوقت, لكن الصين نموذج لا بالحجم, ولا بنوع السلطة, ولا بإمكانية النظام الموجود في الصين لأنه أنت بتكلم في الصين لا تزال, كونفوشيوس لا يزال موجودا في الصين, أنت النظام في العمل كتائب العمل فرق العمل موجودة, فأنت الصين نموذج غير قابل للتكرار لكن قابل للدراسة والفهم.

الصين وروسيا والتوجه الأطلسي الأميركي

محمد كريشان: الصين زائد روسيا في هذا العام تقريبا, أثبتت نوع من الحرص على, لا أقول مقاومة بعض السياسات الأميركية ولكن في كثير من الملفات أثبتت الصين و روسيا أنها غير راضية على هذا التوجه الأطلسي والأميركي الزاحف في كثير من الملفات. هل ترون في ذلك مؤشرا على حجم المعارضة السياسية الأميركية المتحالفة مع الأوروبية في أماكن كثيرة في العالم؟

محمد حسنين هيكل: أنا حقولك حاجة, يعني على سبيل المثال خذ في الفيتو الروسي اللي عملوه في سوريا.

محمد كريشان: بالضبط.

محمد حسنين هيكل: فيما يتعلق بسوريا, همه لم تكن سوريا في حسابهم, لكن في حسابهم وهذا قليل صراحة وانأ عارف قبله لمن وناس كتير فالولي, هذا ليس من أجل سوريا, هذا لكي يعرف الأميركان بوضوح أنهم لن يستطيعوا أن ينفردوا نشئ في العالم, العالم تغير, عاير أقولك أنه جزء كبير جدا من هذا اللي أنت شافيه في الصين وفي روسيا في الاعتراض على تصرفات الولايات المتحدة الأميركية وتبعاته, هو بالربط نوع من الاستجابة قد تكون غير مؤكدة وغير مدروسة بالكامل, لكن نوع من الاستجابة التلقائية للإحساس أن الأمير كان يحاولوا إن يفرضوا على العالم أكثر من قدرتهم وهي دي المشكلة.

محمد كريشان: ولكن في حالات سابقة أستاذ هيكل سواء في العراق أوفي غيرها الصين وروسيا دائما تبدي امتعاضا ومعارضة, قد تتمرد بين قوسين في أروقة الأمم المتحدة, ولكن في النهاية في النهاية, ما تقرره واشنطن مدعومة بأوروبا هو ما سيكون له الغلبة في النهاية, إذن في النهاية قد تستطيع أن تؤخر الخطط الأميركية الأوروبية لكن لا تستطيع أن توقفها في هذا العالم.

محمد حسنين هيكل: تقريبا لما تبص للعالم, تلاقي تقريبا الروس والصينيون يدركون أن الشرق الأوسط منطقة نمرة واحد حيوية جدا بالنسبة للأميركان, للأميركان فيها وجود فاعل على الأرض فعلا, للأمير كان فيها قوى موالية ومطيعة حتى لحد الطاعة جدا, وبالتالي لا تتحداها هنا، تتحداها في أماكن أخرى هنا تقدر تعمل شاشة تعويق وتقدر تعمل شاشة تعطيل لكن في المحصلة النهائية, تعال قولي لما تبقى يعني روسيا تقدر تقول اللي عايراه لكن الدول العربية جات قالت ما لناش دعوة زى ما حصل ما لناش دعوة بليبيا هذه مستباحة أتفضلوا نطلب من المجلس الأمن يعمل حظر دولي، الروس ما يقدر وش يعملوا حاجة ما يقدروش يفتحوا بقهم لأنه أنت لا تستطيع أطراف أخرى زى روسيا وزى الصين أن تدخل وأن تعوق وتعرقل أذا كانت على الأرض قوى تستطيع أن تساندها وتجعل من هذا التعويق أو التعطيل حقيقة على الأرض لكن إذا كان على الأرض أوضاعا موالية للأميركان فأنت بتثبت أو تحاول تؤكد أشياء و حقائق, لكنك لا تستطيع أن تمنع أو تعوق فعل ما هو واقع على الأرض, في اعتراف أميركي في اعتراف روسي صيني تقريبا أنه هذه المنطقة بقت ظروف كثيرة جدا موجودة في الحوزة الأميركية.

محمد كريشان: لكن روسيا في السنوات الماضية سواء على عهد بوثن أو حتى الآن, كانت تحاول نوعا ما استعادة نخوة قومية ومكانة معينة على الساحة الدولية, صحيح أن الإتحاد السوفيتي انهار ولم يعد يكن قائما, ولكن روسيا كانت تحاول استعادة ما يمكن استعادته من هذا الإرث, نراها الآن وكأنها عادت لتعرف حجمها قليلا.

محمد حسنين هيكل: لا لا لا, أبدا شوف عاوز أقولك انو في مشكلة انه كل الأطراف الموجودة في العالم النهاردة كل الأطراف وكل القوى, الأطراف الدولية اللي نحن بتشوفها ظاهرة, أظن بتعرف حجمها لكن في فرق بين أن تعرف حجمها وتعبيرها, انه هنا الدول في حاجة مرات جدا في حاجة مرات إلي أن تقول ما يخدم هيبتها الظاهرة حتى وإن كان موضوع مختلف, روسيا لما انتقلت من الاتحاد السوفييتي وبقت روسيا بس وفقدت موقعها كطرف أساسي في المعادلة الدولية وانكفأت على نفسها, لما تبجي ترجع لازم تتذكر حاجتين الحاجة الأولانية أن العودة لا تكون إلا بوسائل حقيقية قادرة على الفعل, وأن العودة لا يمكن أن تكون إلا على أرضية ملائمة للعلاج لكي تفعل, لكنك كدولة لا تستطيع أن تبقى معطلا, فأنت بتعبر بما تتصور انه يلاقي هواك أو يجذب إليك رأي عام قد يكون موالي وهنا في هيبة الدول, أقصد إيه, إحنا في عندنا صراع في صراع على القوى, لكن عندنا في صراع على القيمة المعنوية للقوى, وصراع على التأثير, فأنت مرات تحاول أن تؤثر إذا لم تكن تجيء لحظة الحقيقة حيث الحقائق وحدها على الأرض والقوة على الأرض هي اللي تعمل ما تريد, لكن اللي أنت بتشوف ده كله الكلام ابتاع الاتحاد السوفييتي روسيا والصين, إحنا بنتكلم عن اتموسفيركس, إحنا بمتكلم عن المناخ المحيط عن المؤثرات الصوتية والضوئية اللي حول حدث يجري.

محمد كريشان: نعم, أستاذ هيكل الحقيقة أنه الهدف الذي جعلنا نبدأ بالحلقة الأولى في الوضع الدولي هو محاولة فهم صورة دولية عامة حتى نستطيع أن نفهم بشكل أفضل السياق العربي وعندما نصل إليه بالتفصيل حتى للحالة المصرية تكون الخلفية الدولية الواضحة.

محمد حسنين هيكل: ضمنيا هو ده اللي بنعاني منه.

محمد كريشان: الآن ونحن نرسم هذه الصورة أو ترسمها بالأحرى يعني حضرتك.

محمد حسنين هيكل: لا لا لا.

محمد كريشان: الآن هل في هناك مناطق أو حتى قارات خرجت تماما من الفعل, نحن نتحدث منذ البداية ولم نشر بأي شكل من الأشكال لا للقارة الأميركية بالمعنى الجنوبي وما فوق الولايات المتحدة, لم نشر إلى إفريقيا, لم نشر حتى إلى آسيا عدا الصين وروسيا نمور آسيا, هل هؤلاء الأطراف إن جاز لنا أن نسميهم كذلك, لم يعد لهم دور بالكامل في عالم اليوم؟

محمد حسنين هيكل: لا لا لا, إحنا بنتكلم في الشرق الأوسط في العالم فيما يجري في العالم, كنا بنتكلم ونحن في ذهننا, الشرق الأوسط, كل ده موجود, لكن حيث توجد أولا تأثير الدول بمقدار ماهي موجودة مؤثرة, مثلا في النظام المالي العالمي, أو في فوضى المال العالمي, في النظام الإعلامي العالمي, بقدر ما هي موجودة في الفوضى الإعلامية العالمية, في البحث عن الفاعلية الفكرية في البحث عن مستقبل, ومع الأسف الشديد معظم هذا كله موجود, مش موجود في حتت كثير قوي, كل هذه كل الأطراف اللي أنت أشرت إليها أطراف موجودة في العالم, وفاعلة في أقاليمها لكنها ليست فاعلة على أوسع نطاق, في النظم العالمية الكبرى وبالتحديد المالي النظام المالي والإعلامي, ونظام الفعل العسكري, إحنا قدام نظام طالع جديد كنا نتكلم عن أحلاف عسكرية و كنا نقول باستمرار أنه هو وسيلة الفعل العام, لكن أنت لأول مرة تتكلم عن إدارة حروب على طريقة إدارة شركات ودعوة مساهمين, أنا ساعات إلي يحصل الموجود يحصل في التدخلات العسكرية تقريبا يذكرني في البولز اللي كان بتعمل زمان, كان في زمان في انجلترا وفرنسا ظهرت التجارة دي, ناس خيرين والله وعندهم فلوس, لكن بيدوا رأس مال لشركات تشتغل بالقرصنة, وهم بياخدوا نصيب في مراكيب ولكن كان في ناس يخشوا في مغامرات مشتركة للقرصنة وهم بخشوش, همه يدفعوا رأس مال لقراصنة زى كابتن مورجان أو غيره و هوه بروح يجهز المراكب و يعمل الغارات, النماردة في نظام الحرب الموجود, كله غربي أميركي لا يزال نظام القتال نظام القتلى في واقع الأمر تنازل كله مبقاش في قتال في العالم, لكن بقى في قتل فأنت حتى نظام القتل الموجود في العالم ده كله القوى ده الموجودين فيه والموجودين في تأسيسه من أول إعلان للمال إلى تخريبه, أنا قاري كتاب على سبيل المثال وقاري مذكرات تشيني, تشيني كان نائب الرئيس مع بوش, قاري الكتاب كله, تلاقي فيه تلت الكتاب بتكلم عن المخابرات, عمل المخابرات وتأثيره في العصر الحديث, فأنت صحيح بتكلم على الأطراف بتقول أنها مهمة موجودة, موجودة لكنها ليست في عمل الكومبلكس الكبيرة في الإعلام والتعاون ألمخابراتي, تنظيمات الحرب الجديدة أنت باختصار, أنت قدام عالم يتشكل وفي شركاء وفي شركات و أقوى الشركات اللي تشتغل فيه همه دول همه قدامنا, واللي فيهم أميركا وحلف الأطلنطي وأوروبا يعني بشكل أو بآخر, وحلف الأطلنطي وبعض القوى بتبص وبتشوف وبتابع ولكن في شيء ما يتشكل, وأول تجاربه عندنا موجودة وأهم حقل تجارب موجود عندنا إحنا.

محمد كريشان: لكن هل هناك خوف عندما نرسم هذه الصورة وهي الحقيقة متداخلة ومهزوزة في ما يتعلق بالوضع الأميركي والوضع الأوروبي وغيره, هل يمكن أن, يعني متراجعة وتعاني بعض المشاكل الاقتصادية وغيرها وهذا يؤثر حتى في منسوب القوى المستعملة أو على الأقل طبيعة القوى المستعملة, هل يخشى أن نسقط في سوء تقدير أحيانا لأن بعض المؤدلجين خاصة يتحدثون عن تراجع الدور الأميركي وتراجع التأثير الأميركي بشكل مبالغ فيه وكأن الولايات المتحدة انتهى أمرها وآلت إلى النهاية, هل هناك خوف من أن تقدير مشكلات الولايات المتحدة وأوروبا تسقط البعض في نوع من المبالغة .

محمد حسنين هيكل: نصف أزمة الأنظمة الموجودة والمعرضة لرياح الربيع العربي في جزء كبير جدا منشأها الى أن النظم الحاكمة اللي عاشت على الحرب الباردة في العالم العربي, وعرفت توازناتها ا ثم تصورت بعد الحرب الباردة أن الرهان ألأميركي, انتهى اكتشفت متأخرا جدا لم تتنبه إلى أنه ما كانت تعتمد عليه قد تغير, وبعتقد أن جزءا كبيرا جدا من الأزمة الموجودة, أن هؤلاء الحكام الذين بدوا أقوياء, واللي كانت هناك حاجة إليهم في مرحلة من مراحل التطور سواء في عهد نظام القطبين أو في نظام القطب الواحد, تركوا بالهواء معلقين بالهواء ومحدش يهتم ببساطة, لأنة المعادلات الدولية من حولهم اختلفت وهم لم يتنبهوا, وبقوا يتصرفوا على نفس القواعد القديمة, في نفوذ أميركي موجود عنا, تقدر تتكلم! في نفوذ أميركي عندك لأن المنطقة متروكة لاختصاص أميركي كمحصلة نهائية للأوضاع الدولية, المنطقة متروكة لاختصاص أميركي, فيها مصالح أميركية كبيرة جدا, ويمكن هذا من المشاكل اللي عندنا أنه حياتنا بشكل أو بآخر, إحنا وأكتر من اللازم أميركا موجودة عندنا, وأكتر من اللازم إحنا موجودين عندها أو مهتمين بيها أكثر من اللازم, لكن في أسباب حقيقة أيضا تدعو لهذا.

محمد كريشان: في بداية هذه الحلقة أستاذ هيكل عندما رسمتم أبرز الخطوط للوضع الدولي من غياب الأفكار المهيمنة والسائدة لحالة اللجوء.

محمد حسنين هيكل: الملهمة.

القيادات الملهمة واختلاف الأدوار

محمد كريشان: الملهمة عفوا, على الأقل وانه الكل في عجز وغيره, هذا أيضا جزء من التشخيص ونحن الآن نصل إلى نهاية هذه الحلقة, أن العالم اليوم أيضا لم تعد فيه قيادات ملهمة ليس فقط أفكار ملهمة, اختفت الوجوه القيادية البارزة سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا أو حتى في بقية أنحاء العالم اللهم إلا بعض الشخصيات التي تحدث ضجيجا لكنها دون أن تكون قادرة على التأثير.

محمد حسنين هيكل: من يظهروا كان بيظهروا محدش بيظهر, كل رجل ظهر قبل كده, أنت بتتكلم عن ديجول, ديجول ظهر في فرنسا, تشير تشل ظهر عن انجلترا في انجلترا, روزفلت ظهر في, كينيدي ظهر في أميركا, المشكلة أنه, وظهر في حدود صراعات معينة, إما وقد اختفت الملامح التقليدية للصراعات, أما وقد انتقلنا من عالم كل ما فيه ايجابي, إحنا خلي بالك الدائن باستمرار, المدخر باستمرار هو ايجابي, المدين باستمرار هو سلبي, أنتا بتكلم على عالم اختلفت أوضاعه جدا, اختفت حدوده ولم تعد القوى الفاعلة فيه هي الدول القديمة والإمبراطوريات, هذه لا تصنع نجوما ممكن تعمل في الرياضة ممكن تعمل نجوم, ممكن تعمل في السينما ممكن تعمل نجوم, ممكن تعمل في المال تعمل ظواهر زى ببل جيتكس وزى غيره يعني, لكن المشكلة انه هذا المسرح, مسرح لا يستطيع أن يعطيك الشخصيات القائدة, إذا لم تكون هناك بلد قائد في هذه اللحظة, إذا لم تكن هناك فكرة ملهمة سائدة في هذه اللحظة, إذا لم يكن هناك قوة صاعدة مقبلة أنت ترقبها والعالم يرقبها, إذا لم تكن هناك بذور جنينية لفكرة أنت تنتظرها وتراها تتشكل وتراها مبشرة, كيف تتصور أن يظهر في هذا كله شخص قائد أو شخصية قائدة, المشكلة انه يعني, إحنا كنا بتصور وأنا كنت واحد من الناس اللي بيتصوروا ممكن قوي عصر الرجل العادي يعمل حاجة تانية, لكن الرجل العادي كمان بكل الأوضاع الموجودة, في النظام الإعلامي في النظام المالي, الرجل العادي ضايع الرجل العادي, يعني أنت بقيت من هم أقدر على القفز, من هم أقدر على الزحف, هو ده اللي يطلع أنا مش شايف قدامي حاجة, لما تبص لمسرح السياسة الأميري وتحط قدامك أوباما وتقول ماذا جرى لهذا الحلم حتى على, أنا أول الناس اللي اعتقدت انه حيبقى حاجة كبيرة قوي, لكن كان في ثمرات تجربة إنسانية باستمرار شخصية إنسانية نادرة, هذا الرجل لا يقف إلا ليعلن عن القتل, قتلنا أمبارح, أمبارح قتلنا ألقذافي, أول أمبارح قتلنا بن لادن, قتلنا إيه قتلنا العولقي لا يقف النماردة إلا ليعلن عن عملية قتل, أنا انتظرته كمبشر, وكل لناس كانوا يقولوا عليه إيه, مبشر, لكن نراه صفحة وفيات, حاجة تجنن.

محمد كريشان: شكرا جزيلا أستاذ هيكل بهذا نصل إلى نهاية الحلقة الأولى, نذكر مرة أخرى بأن حلقتنا المقبلة إن شاء الله, ستكون عن الأوضاع العربية, بهذه الخلفية الدولية التي أخذناها, والتي أردتموها أن تكون مدخلا جيدا لفهم ما يجري.. بهذا مشاهدينا الكرام نصل إلى نهاية هذه الحلقة الأولى غدا بإذن الله نلتقي في حلقة ثانية وستكون مخصصة بالكامل للوضع العربي هناك تونس هناك ليبيا هناك سوريا هناك اليمن هناك البحرين, منطقة الخليج, كل هذه الملفات حارقة وفيها الكثير من التساؤلات وتحتاج إلى وقفة تحليلية نستأنفها غدا بإذن الله مع الأستاذ محمد حسنين هيكل, دمتم في رعاية الله والى اللقاء.