
هيكل.. طريق أكتوبر وتصاعد للذروة الخطرة
– زيارة سرية إلى موسكو
– نقاشات حامية على تلال لينين
– وقت المواجهة
محمد حسنين هيكل: مساء الخير. على جسر الانتقال الزمني ما بين سنة القلق 1969 وسنة الخطر 1970 وجدت نفسي على طائرة قاصدة إلى موسكو في زيارة سرية يقوم بها جمال عبد الناصر إلى الاتحاد السوفياتي، كان قد قال لي عن هذه الزيارة ونحن في الخرطوم ليلة رأس السنة الجديدة وكنت أفكر في الاحتمالات وفي الإمكانيات وفيما يمكن أن يجري لكن يوم 20 يناير كنا فعلا على الطيارة في هذه الزيارة السرية وكان الموعد هو فجر يوم 20 في الجزء العسكري في آخر المدرج من المطار العسكري من مطار ألماظة وعلى الطائرة كان لسه الفجر تقريبا يا دوب بيمشي يعني بيتحرك وبداية ضوء الصباح بيطلع والجو في مطار ألماظة في الجانب العسكري منه شوية جو زي ما بيقولوا يعني جاد قوي أكثر من اللازم وطلعنا على الطائرة وجاء جمال عبد الناصر وكنا الركاب كلهم تقريبا 25، الطائرة كانت جاية من الاتحاد السوفياتي، قُصد أن تجيء طائرة سوفياتية في ذلك الوقت حتى من باب السرية والحماية وصعد إلى الطائرة حوالي 25 راكباً، الـ 25 راكباً كان فيهم في الجزء الأول من الطائرة طبعا كان في مطرح الرئيس جمال عبد الناصر وكان في الفريق فوزي وزير الحربية في ذلك الوقت، محمود رياض وزير الخارجي وأنا والسفير السوفياتي في ذلك الوقت سيرغي فينوغرادوف وهو غير فلاديمير فينوغرادوف الذي جاءنا فيما بعد، تشابه الاسمان ولو أنه ليست هناك قرابة بينهما، وبعدين في الجزء الثاني من الطائرة كان في عدد من القواد المصريين وعدد من القواد السوفيات اللي كانوا جايين يدرسوا بعض الموضوعات اللي طلبها جمال عبد الناصر وبالتحديد منهم كان في الجنرال غلوبيون وهو خبير في الدفاع الجوي وكان في أيضا خبير في العمليات البحرية وهو برتبة أدميرال وهو ألكسي شيوكوفسكي وفي أيضا مجموعة من الخبراء السوفيات الذين يعملون في مصر وفي أربعة من سكرتارية الرئيس وفي اثنين من الأطباء. جمال عبد الناصر جاء طلع الطائرة وكان واضحا أنه عنده نوبة برد وجاء له أحد الأطباء أول ما طلع وإدى له أظن دواء ما أعرفش إيه هو لكن حاجة تقاوم البرد لأنه عاوز يشتغل في فترة الطائرة. الطائرة طلعت لكن أول ما طلعت الطائرة وبدأنا نبقى فوق الدلتا تقريبا جاءت معلومات من الفريق صادق رئيس أركان حرب في ذلك الوقت للفريق فوزي أن الإسرائيليين بدؤوا عملية إنزال على جزيرة شدوان وبدأ الفريق فوزي رايح لبرج الطائرة مطرح ما بتيجي الرسائل المشفرة والسوفيات ما يعرفوش فيها إيه طبعا لكن هي جاي الرسائل مشفرة وواحد وقائد الطائرة السوفياتي أو واحد من الملاحين مكلف بالاتصالات بيديها للفريق فوزي وتتحل بسرعة بواسطة واحد من الضباط اللي كانوا موجودين مع الفريق فوزي لكن عرفنا على طول أن في عملية إنزال وبدا الفريق فوزي يبدو عليه القلق، الفريق فوزي جاء قعد معنا وبدأ يقول لجمال عبد الناصر إنه يخشى جدا أن تكون عملية الإنزال على شدوان هي مقدمة لعملية عبور إلى الشاطئ الآخر أي إلى الغردقة ثم من الغردقة إلى وادي النيل، جمال عبد الناصر استبعد هذا الاحتمال بعد قليل يعني وقال له إنه أنا لا أتصور أنه ممكن في نفس الوقت يعملوا عملية إنزال في جزيرة ثم يعملوا عملية عبور من هذه الجزيرة إلى شاطئ الغردقة ثم يحاولوا يقطعوا هذا الطريق إلى وادي النيل علشان يعملوا علمية spectacular أو عملية استعراضية كبرى، هذا في منتهى الصعوبة. الفريق فوزي اقترح أن نرجع وأن ينزل هو ويقود المعركة وجمال عبد الناصر كان رأيه أن يسيب المعركة أولا لرئيس أركان حرب اللي معه وهو الفريق صادق ثم إنه مطمئن إلى قائد جبهة البحر الأحمر في ذلك الوقت وهو الفريق الشاذلي في ذلك الوقت وقال له سيب الموضوع للعسكريين يديروا معركتهم دون اعتراض لأنه إذا رجعنا حنعمل ربكة شديدة جدا سواء فيما نقصد إليه من رحلة موسكو أو للقيادة الموجود لأنه تقريبا حنشعرهم أنهم ما يقدروش يتصرفوا لوحدهم يعني. وأظن أن هذا كان تقديرا صحيحا لأن المعركة استمرت معركة النزول على شدوان وأظنها كانت معركة هائلة والإسرائيليون اضطروا ينسحبوا، كانت عملية بيحاولوا يحتلوا جزيرة قدام الغردقة وقدام ساحل البحر الأحمر وتصوروا أنها ممكن تبقى مصدر إزعاج دائم لكن على أي حال في موسكو بعد كده تلقينا أخبارا أن العملية انتهت لكن أول ما خلصت النصف ساعة الأولى في الطائرة تقريبا راحت في موضوع شدوان وما جرى في شدوان، وبعدين جمال عبد الناصر طلب سكرتيره السيد محمد أحمد في ذلك الوقت وجاب له الشنطة بتاعته وطلع منها جمال عبد الناصر تقريرا هو كاتبه بخط يده عن سلسلة لقاءات مكثفة عملها هو مع كل الخبراء السوفيات استعدادا لرحلة موسكو. في كانت ميزة هائلة فيه أنه رجل بيعمل الواجب بتاعه اللي هو زي ما بيقولوا رجل بيعمل الواجب اللي عليه ويدرس موضوعاته قبل ما يتكلم، فهنا كاتب عشرين ورقة بخط يده على كل الملاحظات اللي سمعها سواء من القادة المصريين اللي جاؤوا مع الخبراء السوفيات أو من الخبراء السوفيات أنفسهم لأنه أراد أن يعد نفسه لمناقشة عسكرية هو يعلم أنها سوف تجيء. لما جاءت الورقة -ومجموعة الورق لدي صورة منها- وبدأ يقرأ فيها وبعدين طلب أن يجيء له الجنرالان الروس الجنرال الأدميرال مع قادة مصريين، ومحمود رياض وزير الخارجية وأنا خرجنا من المقصورة وتركنا أماكننا ودخل جمع من العسكريين وكانوا بيتكلموا في قضايا عسكرية واضحة ويعني ما كناش قاعدين على أي حال لأنه سبنا الموضوع العسكري خرجنا المدنيين، مع أن محمود رياض من أصل عسكري لكن تقريبا كان بقى مدنيا زينا كده، فخرجنا وهم كملوا بحث وهم فضلوا في مجال البحث وأنا ورياض وراء بنتكلم في الموضوعات السياسية وإيه اللي ممكن يثار وإيه الاحتمالات وإلى آخره. بعدين وصلت الطائرة إلى موسكو وصلنا موسكو تقريبا الساعة العاشرة صباحا والطائرة في مطار بونكوفو اثنين مشيت لغاية آخر المدرج وراحت على مكان بعيد وهناك لقينا أربع عربيات الزيل السوفيات دي الكبيرة مغطاة بالستائر ولقينا مع العربيات نازل الرئيس بادغورني رئيس الدولة وألكسيكو سيغن رئيس الوزارة في انتظار جمال عبد الناصر وموكب العربيات مشي من المطار لفينا أخذنا طريقا دائريا فيما يبدو لأن السكة طالت وطبعا شايفين وعارفين لكن أدركنا أننا ماشيين في طريق دائرية لكي نتجنب الدخول في موسكو لأنه كان مقصودا سواء من جانبنا أو من جانب السوفيات إبقاء هذه الزيارة سرا لا يذاع إلى أقصى مدى ممكن لأنه حتبقى فيها.. كلنا كنا متحسبين كل الناس يعني كانوا متحسبين أن هذه الزيارة لها معنى خاص في هذا الوقت، أولا بعد كل ما جرى في التصعيد على الجبهة في غارات العمق في الثورة الليبية في كل.. في تصاعد في الحوادث واضح أننا مقبلون على مرحلة فيها نوع من المسائل بتنشط والحوادث بتأخذ اتجاها مندفعا بشكل أو بآخر. وصلنا إلى تلال لينين على نهر موسكوفا في الناحية الثانية من مدينة موسكو إلى الفيللا رقم واحد اللي كنا فيها مرة قبل كده زيارة قبل كده وعلى الباب كان موجودا ليونيد بريجينيف زعيم الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت ومعه المارشال غريتشكو وزير الدفاع، وبريجينيف أحس أن جمال عبد الناصر، قالوا له أو أحس أن جمال عبد الناصر تعبان فاقترح أنه خلي الجلسة بكره فجمال عبد الناصر قال له لا، دلوقت إحنا تقريبا بقينا الساعة 11 وإحنا ممكن قوي حنريح شوية لكن حنبتدي الساعة 3 بعد الظهر النهارده لأنه يعني أولا ما فيش وقت وبعدين إذا كنا عاوزين نحافظ على سرية المحادثات فأهم حاجة أنها لا تطول مدتها وهو بيقدر كان وقتها أنه ليس أكثر من يومين لأنه ممكن قوي السر يذاع في ذلك الوقت أو يعرف، بمقدار ما تتعرض أية حادثة أو أي لقاء أو أي شيء لمدة أطول بمقدار ما كان في فرصة أكثر أن أمره ينكشف ويعرف ويذاع. إحنا عملنا.. اتعمل ثلاث جلسات، في جلسة مسائية وفي جلسة صباح اليوم التالي وفي جلسة مسائية في نفس يوم الوصول، في جلسة صباحية صباح اليوم التالي وفي جلسة مسائية مساء اليوم التالي وأعقبها عشاء، لكن في الجلسة الأولى بدأ جمال عبد الناصر على طول بيشرح إيه الوضع على الجبهة، أولا شرح إيه الوضع في المنطقة وبدؤوا هم يسألون على اللي حاصل في العالم العربي واهتموا بموضوعين، الموضوع الأول هو موضوع ما الذي جرى في ليبيا وهل كنا على علاقة به وما هي اتجاهات هذا النظام الجاي في ليبيا واللي جاي على موقع إستراتيجي في منتهى الأهمية على البحر الأبيض وبموارد بترول واضح أنها لها أهمية وأهمية موارد البترول الليبي -وأنا شرحت هذا- هي قربه من أوروبا وأهميته في أنه هو ده بترول طائرات بالدرجة الأولى، والاتحاد السوفياتي بشكل أو آخر مستغربون جدا مما جرى، لفت نظرهم اللي جرى في السودان قبل كده لكن ما كانوش بيعلقوا عليه كثيرا لكن ما جرى في ليبيا كانوا مهتمين به جدا، وبعدين الموضوع الثاني اللي هم اهتموا به هو موضوع مؤتمر القمة وبعدين حرب الاستنزاف. بدأ جمال عبد الناصر بيتكلم بيقول أول حاجة إنه إحنا الأمور على الجبهة أنا أعتقد أنه إحنا قد لا نكون عملنا معجزة لكن على وجه اليقين عملنا شيئا مرضيا وعندكم تقارير كل الخبراء ونحن نعتقد أنه الآن جاء الوقت، أنتم تكلمتم في العمل السياسي لفترة طويلة ونهاية العمل السياسي زي ما اتصلتم وبتفويض مننا مع الولايات المتحدة الأميركية فات عليها مدة طويلة قوي وقد وصلنا إلى اللي بيسموه مشروع روجرز، مشروع روجرز بالنسبة لنا إحنا لم نعلن فيه رأيا لأن إحنا عاوزين مسألة نصه لأول على الانسحاب الكامل تبقى موجودة لكن بقية المشروع في حاجات فيه نحن لا نستطيع قبولها ونحن على أي حال منذ البداية ونحن نقول والرئيس بريجينيف، استشهد ببريجينيف هو المرة اللي فاتت لما أنا قلت شعار أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بدونها هو تفضل وقال لي إن هذه هي تجربة الاتحاد السوفياتي بالضبط في الحرب قدام هتلر، وهو بيقول أنا أظن أنه مهما كان العمل السياسي مهما فالعمل السياسي مهم جدا أولا لتغطية فترة كان ضروريا جدا أن نعيد الاستعداد والحاجة الثانية أنه كان ضروريا جدا لإقناع العالم بنوايانا السلمية وأننا مستعدون لكن الآن نحن وصلنا إلى موقف نحن نعتقد أنه سوف يتصاعد وبالضروري أن يتصاعد وأنتم سمعتم قبل كده مننا وإحنا تكلمنا في هذا كله وخبراؤكم على أي حال موجودون معنا وهم على اتصال إلى حد كبير جدا بما يجري على الجبهة لكن غارات العمق النهارده عندنا مشكلة كبيرة جدا عندنا مشكلة دفاع جوي في غارات العمق لأن غارات العمق ممكن جدا تهدد أهدافا حيوية، إحنا رفعنا كفاءة القوات المقاتلة على الجبهة إلى درجة أرغمت الإسرائيليين على أن يعيدوا التفكير في مواجهة من نوع آخر لأنه وإحنا قدامنا كل التقارير، وهو كان معه تقارير بالفعل من هذا النوع وهم كان عندهم هذه التقارير لأنه ما كانتش معلومات سر، المعلومات كانت جاية من إسرائيل أن الشباب الإسرائيلي بيهرب من الحرب على الجبهة مش عايز يروح الجبهة لأنه كان في تغيير حاصل في المجتمع الإسرائيلي بعد 67 ناس كثير قوي لازم تدركه، المجتمع الإسرائيلي بعد 67 أصابته نوبة غرور وأصابته نوبة أنها انتهت الحرب وخلاص حققوا النصر الذي ينهي كل الحروب وبدأ يبقى في شباب في إسرائيل مش مستعد يموت، الحاجة الثانية أن تكاليف الدفاع بحرب الاستنزاف بدأت ترتفع من تكاليف سنوية قدرها سنة 1968 ميزانية الدفاع كانت 260 مليون دولار في ذلك الوقت وهي الآن زادت قاربت على السبعمئة، 680 مليون دولار بالضبط طبقا لأرقام موثوقة من البنك المركزي الإسرائيلي ما فيهاش سر وهذا بسبب تصاعد العمليات، فالإسرائيليون إزاء أولا كفاءة من ناحية القوات المصرية، أعباء نفسية على الشباب الإسرائيلي أعباء مادية رأوا أن ينقلوا المعركة إلى العمق وفي معركة في العمق نحن بوضوح نواجه مشاكل لأنه ببساطة دخول الطائرات الفانتوم في معارك العمق وقدرتها على الطيران المنخفض عمل لنا مشكلة، صواريخ الدفاع الجوي اللي عندنا كلها اللي إحنا أخذناها منكم كلها هي سام2.. -سام على فكرة ما هياش كلمة روسية ولا حاجة، سام هي servos air messel، صاروخ من الأرض إلى الجو- فسام2 اللي إحنا أخذناه منكم ده واللي إحنا استعملناه طول الوقت بيصلح جدا للارتفاعات العالية فوق خمسمئة متر لكن الإسرائيليين ما بيجوش فوق الأهداف الحيوية عندنا في العمق في هذا الارتفاع، بينزلوا بطيران واطي جدا وبيضربوا ضربات سواء على مواقع حيوية زي ما حصل في نجع حمادي أو على أهداف مدنية زي ما حصل حتى في مدارس وفي منشآت مستشفيات حتى يعني لأنه في هدف ترويع المدنيين إلى جانب هذه الأهداف الحيوية، ونحن نطلب نوعا آخر من الصواريخ نحن نعلم أنه موجود عندكم وهو سام3، سام3 صالح طبقا لمعلوماتنا أولا هو متحرك، الحاجة الثانية وهي مهمة جدا أنه قادر أن يغطي فجوة الخمسمئة فوق سطح الأرض لأن سام2 طالع لغاية أي ارتفاع ممكن لغاية أربعة آلاف متر وخمسة آلاف متر مرات لكن سام3 هو اللازم لتغطية هذه المسافة من الارتفاعات المنخفضة وهذا ما نريده ونحن نعلم أنه عندكم. في هذه اللحظة طلع كوسيغن قال يستحيل، ده أولا لسه تحت التطوير ولم يدخل في الخدمة فبريجينيف في ذلك الوقت قاطع رئيس وزرائه وقال له انتظر لما الرئيس ناصر يكمل كل كلامه.
[فاصل إعلاني]
محمد حسنين هيكل: فكمل كلامه جمال عبد الناصر لكن ملخص كلامه أننا الآن في حاجة إلى نقلة جديدة في موضوع الصواريخ، وبدا هم مش عاوزين يدوا ده لكن أو يعني قلقانين قوي يدوه، كوسيغن رجع ثاني يتكلم، بيقول إيه؟ بيقول إن سام لا يزال سام2 في استخداماته لكن هي المسألة مسألة أنتم كيف تستخدمونه لأن كل سلاح في واقع الأمر صالح إذا عرفت الطرق المثلى لاستخدامه وهو يخشى أن تكون هناك في أخطاء في استخدام سام2 في مشاكل فيه في.. لكن ده ممكن يحل والعسكريون ممكن يقعدوا يتكلموا. جمال عبد الناصر كان واضحا أن عنده معلومات واضحة عن سام3 وهو مصمم على الحصول عليه، في نهاية هذه الجلسة بريجنيف قال لجمال عبد الناصر قال صديقنا -وأنا كاتبها- صديقنا ناصر يريد أن يحصل على كل ما يريد ونحن نريد أن نقدم له كل ما يحتاجه وهنا في فرق بين ما يريد وبين ما يحتاجه. فاتفق على أنه في فترة المساء العسكريون ما يتعشوش ويقعدوا مع بعض، العسكريون مش حيحضروا معنا العشاء بتاع اليوم الأول، عشاء في اليوم الأول وإنما هم يقعدوا يبحثوا نقطتين مهمتين جدا، نقطة واحد هل يمكن أن تكون هناك استخدامات أخرى نحن لا نعرفها فيما يتعلق بسام2، العسكريون بتوعنا كانوا قاطعين في أنه نحن استنفدنا كل الوسائل فيه وهو لا يصلح قطعا للطيران المنخفض لمواجهة الطيران المنخفض على الأهداف الحيوية خصوصا أن غارات العمق بتدخل في مرحلة كبيرة جدا واستشهد جمال عبد الناصر بأن نوايا الإسرائيليين حتى في محاولة النزول في شدوان قد تكون تعطي إشارة واضحة إلى أنهم عاوزين يهددوا أهدافا حيوية في الصعيد وبالتحديد في ذهنه السد العالي. على أي حال الاجتماع السياسي انفض والعسكريون بدؤوا يتكلمون، العسكريون جاؤوا في جلسة صباح اليوم التالي وعملوا اجتماعا ثانيا بيكملوا فيه وبعدين دخلوا الجلسة الأولى في هذا اليوم الثاني للزيارة وهذه جلسة كانت من أغرب الجلسات اللي أنا شخصيا رأيتها في كل التجربة السياسية اللي أتيح لي أن أعيشها، لأنه دخل العسكريون والعسكريون بدا أن بينهم أن العسكريين السوفيات حطوا مشكلة كبيرة جدا هذه المشكلة بيقولوا إيه؟ ممكن قوي تأخذوا سام3 أولا هو لم يخرج إطلاقا من الاتحاد السوفياتي حتى ما راحش لدول حلف وارسو والفريق فوزي قال لغريتشكو في الاجتماع المسائي قال له دول حلف وارسو ما بتحاربش، إحنا اللي بنحارب، وعلى أي حال بصرف النظر عن كل المناقشات اللي كانت بين العسكريين كان واضحا جدا على أي حال أن العسكريين السوفيات على طول الخط تقريبا بيدونا حججا كمان لأن هم كانوا متعاطفين جدا هم في تصوراتهم أن الحزب بيضيع الاتحاد السوفياتي وهم الأمناء -في ذلك الوقت- وهم الأمناء على قوة الدولة السوفياتية، لكن لما جاؤوا لنا ثاني يوم لما قعدوا ثاني يوم في الجلسة كان في أثاروا مشكلة بدت بلا حل، هذه المشكلة هي أنه إيه؟ طواقم الصواريخ التي تعمل على سام2 اللي هو الارتفاعات العالية واللي هو عندنا هذه الطواقم لا تستطيع أن تنتقل من هذا الطراز إلى ذلك الطراز لأن الطرازين مختلفان تماما، فهذه الطواقم التي تعمل عندنا على سام2 لا تستطيع أن تنتقل للعمل على سام3 إلا بتدريب خاص يستغرق ستة أشهر وهذا التدريب أيضا مش بس كده ومعدات هذا التدريب كبيرة جدا وكثيرة جدا إلى درجة أنه لا بد أن يجري التدريب في الاتحاد السوفياتي، وبدأ كوسيغن وهو زعيم المتشائمين في ذلك الوقت يقول طيب وصلنا إلى اللي إحنا كنا بنتكلم عليه، إذا كان ليس سهلا أن تنتقل طواقمكم المصرية من العمل بسام2 إلى العمل على سام3 إلا بستة أشهر من التدريب فكيف يمكن أن تغطى هذه الفترة؟ يعني حتجيبوا تأخذوا طواقم الصواريخ بتوعكم وتسيبوا الصواريخ وتسيبوا مواقع الدفاع في العمق كلها لغاية ما طواقمكم تروح تتعلم على سام3 وبعدين ترجع طيب تعلموا إيه في هذه الفترة؟ هل حتبعثوا ناس جدد مختلفين خالص لا خبرة لهم بموضوع العمل على الصواريخ؟ وبدا أن الموقف وصلنا إلى عقدة فعلا عقدة وبريجينيف بدأ يؤيد كوسيغن وبعدين تدخل جمال عبد الناصر قال، قعد كان باين عليه طول الوقت في هذه الجلسة وهو بيسمع هذه الحجج، الفريق فوزي طبعا كان أخطره بها صباحا قبل ما نخش الجلسة كان راح له قعد معه مدة عشر دقائق وقال له إنه إحنا المشكلة الكبيرة اللي إحنا واقفين عندها النهارده هي موضوع طواقم الصواريخ لأنه ما فيش حل لها وأنه في رأي الخبراء السوفيات أو في رأي من تحدثنا معهم وحتى باين أنه في فجوة هنا وأنه في صعوبة جدا. فأنا بصيت لقيت جمال عبد الناصر بيقول إيه؟ بيقول أنا عندي اقتراح، إحنا في فجوة ستة أشهر فعلا وأنا أقترح فيها حاجة، على الجبهة نحن مستعدون لتحمل كافة المخاطر وسوف نظل نستعمل صواريخ سام2 اللي هي عندنا وسوف نتحمل مسؤولية الجبهة كاملة لكن في العمق إحنا حنسحب، مستعدين نسحب كل طواقم الصواريخ سام2 تروح للاتحاد السوفياتي وتتدرب لستة أشهر وفي هذه الفترة الزمنية الصواريخ لن تترك، إحنا عاوزين من عندكم خبراء يجوا يشغلوا السام3 اللي حيتنقل معهم فورا إلى هذه المواقع الحيوية وهم يشغلونه فترة الستة أشهر لغاية ما طواقمه الأصلية اللي بتشتغل على سام2 تكون رجعت من الاتحاد السوفياتي بعد ستة أشهر وتستلم موقعها والسوفيات يمشوا. فبدا الزعماء السوفيات، بادغورني تدخل رئيس الدولة بيقول إن ده معناه أن إحنا حنلاقي نفسنا موجودين مشتركين في الحرب وأن هذا وضع خطير جدا ونحن قلقون ده ممكن يعمل أزمة من الدرجة الأولى وبدأ بريجينيف يسايره في هذا وبدأ كوسيغن يلاقيها فرصة أيضا بتشاؤمه، أنا كنت دائما ساعات ألاقيه وكنت أقول زمان أنه بيبقى عامل زي مالك الحزين كده مرات يبقى تقاطيعه متجهمة وصعب قوي يبتسم كان كوسيغن، لكن هنا بقى عندهم ما تصوروا أنه موقف لا يمكن للاتحاد السوفياتي يتحمله يعني، فجمال عبد الناصر بدأ يتكلم يقول إن الاتحاد السوفياتي بسياسة containment متعرض لهجوم فعلا واللي إحنا شفناه في تشيكوسلوفاكيا السنة اللي فاتت واللي إحنا شايفينه في أوروبا الشرقية الولايات المتحدة الأميركية واخدة سياسة aggressive سياسة عدوانية تقريبا وأنتم بتطلعوا بيانات وبتكتفوا بتسجيل المواقف وهذا بيضر بكم وإحنا شفنا قبل كده بسبب تجرؤ الأميركان وسبب تجاسر أجهزتهم العلنية أو الخفية أنهم من أول إندونيسيا لغاية غانا لم يتورعوا أن يخشوا في عملية انقلاب وإذا المرة دي إذا نحن لم نكسب هذه المعركة وبكل الوسائل وهذا أمر ينبغي أن تدركوه إذا لم نستطع أن نصحح موازين ما جرى يوم 5 يونيو أنا أعتقد أننا سوف نقاسي لكن الاتحاد السوفياتي سوف يقاسي وسوف يكون الهجوم عليه في هذه المرة مباشرة وليس عن طريق أصدقاء له تسقط مواقعهم موقعا بعد موقع في آسيا وفي إفريقيا وفي الشرق الأوسط، بيكمل جمال عبد الناصر -وأنا كاتب الجلسات جلسة جلسة تقريبا- بيقول لصديقنا كوسيغن إن هذا معناه مواجهة، الأميركان في مليون مرة وحتى في موضوع كوبا والصواريخ الكوبية وقفوا وعملوا تحديا وفرضوا حصارا وأنتم بهذه الطريقة المبالغة في الحذر، نحن لا نريد مغامرات ولا نريد أن نتسبب.. لأن كوسيغن قال ده معناه ممكن يؤدي إلى حرب نووية، قال له أنا مش عايز حرب نووية، إحنا بنحاول نعمل تصاعدا محسوبا وأنا لا أعتقد وحتى لو أنتم اضطررتم، أنتم موجودون في الدفاع عن مواقع عمق مدنية ولمدة ستة أشهر وأنا لا أريد منكم أكثر من ذلك لا أطلب منكم أكثر من ذلك. مناقشات حامية جدا لكن بقى واضحا أن القيادة السوفياتية بقيت قدام موقف غريب، زاد على الموقف ده أن جمال عبد الناصر خلص الكلام -كنا بقينا حوالي الساعة 12، من 10 لـ 12 كده- خلص كلامه وقال إذا أنتم عاوزين تخلوا مستقبل العالم مستقبلا أميركيا حاضر أنا مستعد أترك مكاني لحد يقدر أقول له تعال هنا المستقبل أميركي فتعال وتصرف لأنه واضح أن الاتحاد السوفياتي انتهى وخسر الحرب الباردة. بريجينيف بيقول له صديقنا ناصر من فضلك إدينا فرصة لأنه أنت بهذا الشكل بتحطنا في مأزق شديد جدا لأن هذه عملية ينبغي أن تحسب، اللي أنت قلته في إمكانية الانتقال من سام2 إلى سام3 وأن خبراءنا يبقوا موجودين وحتى لو كانوا موجودين في العمق هذا سوف ينطوي على مخاطرات شديدة جدا. الغريبة جدا كان قالوا عاوزين فترة بعد الظهر فترة الظهر وإلى المساء نديهم فرصة لغاية ما يقدروا يبحثوا وقالوا -وكان صحيحا- إنهم حيجيبوا المكتب السياسي كله لكي يناقشوا مسألة خطيرة وحيجيبوا أيضا حيدعوا أيضا للاجتماع كل ماريشالات الاتحاد السوفياتي. إحنا رجعنا على فيللا رقم واحد في تلال لينين وبعد ما رجعنا بعد ساعة مراد غالب سفيرنا في موسكو في ذلك الوقت رايح جاي بين الجمنيزيوم حيث القادة السوفيات بيجتمعوا وما بيشوفش حد من القادة السوفيات لكن بيقابل سيمونوف كان وكيل وزارة وبيحاول يشوف إيه الأجواء، لكن على بال الساعة ثلاثة بعد الظهر كمية طائرات الهيلكوبتر اللي جاي تنزل وراء الجمنيزيوم لأنه كان في مهبط طائرات هليكوبتر وراء الجمنيزيوم في كميات طائرات لا يتوقف هديرها طائرات هيلكوبتر جاية ومراد غالب جاي بيقول إن ماريشالات كثير قوي جايين وإنه سمع أن المكتب السياسي جاي وإنه شاف هناك شيبيشاستني واحد من أعضاء المكتب السياسي اللي هو بيعرفهم وشافه على مدخل الجمنيزيوم وأنه واضح أن في اجتماعات على أعلى مستوى في الاتحاد السوفياتي ومستوى طوارئ لأن فيها تقريبا المكتب السياسي كله وكل ماريشالات الاتحاد السوفياتي. كنت بأقول الغريبة قوي إن آخر واحد جاء ويبدو أنه جاء على عجل لأنه جاء والجلسة الثالثة منعقدة وهو الأدميرال غروشيكوف قائد الأساطيل الروسية والرجل المجنون بالبحر الأبيض وأنا شفته بعدها يعني بعد الاجتماع وكان بيتكلم على البحر الأبيض وبيتكلم.. سأل سؤالا هو قال أنتم تعرفون أن ليبيا عندها شاطئ على البحر الأبيض 3400 كم، وإحنا كنا قلنا 3000، قال لا، 3400 كيلومتر وإذا وضع مع الشاطئ المصري والشاطئ السوري والشواطئ العربية المطلة على البحر الأبيض يبقى البحر الأبيض كله يبقى بحيرة عربية. المهم يعني هم جئنا في الجلسة الثالثة دخلنا في الجلسة الثالثة والجلسة الثالثة كانت أيضا غريبة جدا، الجلسة الثالثة بدأ بريجينيف بيقول لجمال عبد الناصر بيقول له الاتحاد السوفياتي اتخذ قرارا على أعلى مستوى من أخطر القرارات اللي اتخذها في عمره بعد الحرب العالمية الثانية لأنه نحن أمام تصعيد.. نحن نعلم أهمية الشرق الأوسط ونحن ندرك كل اللي أنتم قلتوه ونحن لا نريد لهذا الموقع التحرري العربي أن يوضع في مأزق ونريد أن نساعد العرب بكل وسيلة ونحن ندرك زي ما قال صديقنا ناصر أن في هذا كله جزء من دفاعنا عن الاتحاد السوفياتي ونحن سوف ندخل لكن هنا في مجموعة قضايا لا بد أن نتفق عليها.
[فاصل إعلاني]
محمد حسنين هيكل: نمرة واحد أنه حتروح قوات سوفياتية إحنا تكلمنا وحنتخذ إجراءات، اتفقنا على المبدأ وصباح غد قبل ما تسافروا حنكون أبلغناكم بشوية تفاصيل لكن نحن اتفقنا على أن الاتحاد السوفياتي أن الكلام اللي أنتم قلتوه كلام معقول جدا وأن تغطية هذه الفترة بالعمق في الدفاع عن العمق والتي تقتضيها ضرورات تعليم طواقمكم العاملة على سام2 على الصاروخ الجديد سام3 دول كلهم حيروحوا الاتحاد السوفياتي يتدربوا لمدة ستة أشهر وإحنا عندنا خبراء أو قوات حتحل محلهم وتتولى لكن عاوزين نبقى واضحين أن إحنا داخلين فقط في الأهداف الحيوية والمدنية ودفاع سلبي بمعنى أن نمنع غارات عليها لكن لا نطارد منها. جمال عبد الناصر بيقول له متفقون مش عاوزينكم تحاربوا عننا، نحن نريد أن نأمن، أنا مش عاوز أستنى لما ألاقي أنا عندي -وطلع معه ليستة أهداف- قال لهم أنا عندي مجموعة أهداف حيوية، موجودة المحلة الكبرى موجود ميناء الإسكندرية موجود كفر الدوار موجودة منطقة حلوان موجودة منطقة أسيوط وما حولها موجودة منطقة السد العالي، هم 11 منطقة، 11 منطقة أنا أريد الدفاع سلبيا عنها حتى أتأكد أن إسرائيل مش حيضربوني في العمق، وسيبوا لنا إحنا الجبهة فإحنا متفقون، ستة أشهر فقط ما نقدرش نستنى أكثر من كده ستة أشهر فقط. بعدين بريجينيف قال -وهذه ملاحظة تستحق التسجيل لأنها لها أثر فيما بعد- قال له سيادة الرئيس إذا بقيت قواتنا في وقت أنتم تخوضون فيه معركة فمعنى هذا أنه إحنا.. وقت تشنون فيه حرب عبور يعني -لأنهم كانوا عارفين أن إحنا بنحضر- فإذا كان هناك وقت إذا جاء وقت في عملية عبور وفي قواتنا فسوف ينشأ موقف نحن لا نستطيع احتماله فجمال عبد الناصر بيقول له أنا أتعهد وأنا مش عايز لا عاوز يبقى في مواجهة بينكم وبين الأميركان ولا أنا عايز أن أي حد ممكن يقول لنا إن إحنا حاربنا بجنود سوفيات أو بضباط سوفيات فقبل المعركة أنا أعد أنه مش بس اللي جايين للدفاع ولا خبراء كمان ولا حد من عندكم، أنا لا أريد أفرادا سوفيات وقت ما تجيء المعركة الكبرى لنا على جبهة القتال موجودين ضمن قواتنا، أريد للمعركة أن تكون مصرية وعربية بطريقة واضحة وكاملة. الحاجة الثالثة اللي هم كانوا.. أنه يعني كيف يمكن أن يكون رد فعل الجماهير المصرية في هذا؟ فجمال عبد الناصر قال له أنا أدرى بالجماهير المصرية ما عنديش مشكلة فيها فأنا أدرى بها وأنتم يعني.. المهم حصل اتفاق يبدو أنه لا يكاد يصدق لأنه في تطور بقى حاصلا. بعد الاجتماع، الاجتماع بقى باين أنه في نتائج مهمة جدا، في عشاء بعد كده برضه في الجمنيزيوم كان فانتقلنا من قاعة الاجتماعات، الرئيس عبد الناصر طلب نصف ساعة بس to refresh يعني نغسل وجهنا ونرجع ثاني على العشاء، ورجعنا على العشاء وبعد العشاء كان واضحا أن في قرار مهم قوي اتخذ وأنه في تطور وتصعيد في الحرب في معركة الاستنزاف وفي غارات العمق وفي الموقف على الجبهة لأنه ببساطة كده أن الاتحاد السوفياتي أو القوات السوفياتية تأخذ الدفاع السلبي عن العمق لمنع تدمير أي حاجة دون أن تطارد، مش عاوزينها تطارد مش عاوزينها تأخذ حاجة دفاع نشيط، مش مطلوب دفاع نشيط، ده معناها أنه بقى ممكن قوي لصانع القرار المصري يركز على الجبهة، حتى أنا شفت الفريق فوزي يعني رجلا سعيدا جدا أن الجبهة حتبقى هي همه وقيادة الدفاع الجوي كانت موجودة وممثلة في الاجتماع ده أنه همهم حيبقى هم كلهم على الجبهة والعمق مش حيبقى مسؤوليتهم في الفترة هنا بصرف النظر دفاع نشيط دفاع سلبي، المهم ألا تصاب أهداف مدنية أو يبقى في حماية عليها. قاعدين على العشاء أنا مش واخد بالي، ما خدتش بالي إطلاقا، حد بيحط يده على كتفي من وراء، لقيت بريجينيف بيقول لي.. هم عادة يعني لما حد بيتقربوا منه يقول توفاريش، الرفيق، ما قاليش يومها توفاريش وعلى أي حال عمره ما قالها لي لكن قال لي غاسبادين هيكل، أنا سيادة الرئيس رحت، تحت أمرك، بيقول لي غاسبادين هيكل كل الكلاب حتعوي ابتداء من الغد، بيقول لي عن طريق المترجم طبعا في مترجم معه بيقول لي كل الكلاب سوف تعوي ابتداء من غد، قلت له خير إن شاء الله إيه الكلاب اللي حتعوي دي كلها؟ فبيقول لي بكره الصحافة العالمية كلها إذا تسرب الخبر، عندما يتسرب خبر ما اتفقنا عليه فسوف تعوي كل الكلاب في الصحافة العالمية، فبيقول لي غاسبادين هيكل أنت بتعرف الصحافة الغربية أكثر مننا وبتعرف الإعلام الغربي أكثر مننا وأنا عارف أنت.. -يعني كثر خيره يعني- فقل لي أرجوك تفكر في خطة كيف يمكن عندما يتسرب هذا الخبر ونحن سوف نفعل كل ما بوسعنا للحفاظ عليه سرا لكن عندما يتسرب كيف تكون خطة مواجهته إعلاميا، هو بيقول، عاوز أترجاك أن أنت تفكر في هذا جديا وتقولوا لنا، قل للسفير كيف يمكن المواجهة الإعلامية في الصحافة العالمية لأنه قد نواجه بمشكلة كبيرة ويرفعوا درجة حرارة الأزمة إعلاميا وهم عندهم الكفاءة بهذه الطريقة، قلت له يعني حاضر ما فيش مشكلة وكتبت على هذا كله في هذا الوقت في كتاب The Road to Ramadan -نشرته الصنداي تايمز كاملا- حكيت المشكلة دي حكيت القضية دي، وفي كتاب Sphinx & Commissar حطيت كل التفاصيل الخاصة بهذا الاجتماع السري أو جزء منها ما كان يمكن أن أقوله في ذلك الوقت، لكن بقى واضحا أن إحنا قدام حكاية كبيرة قوي. ثاني يوم أبلغونا هم أبلغونا بعدة أشياء، الحاجة الأولانية أنه اختير لقيادة العملية القادمة عملية الدفاع الجوي السلبي، هم كانوا مصممين على السلبي وإحنا ما كانش عندنا مانع لكن تصميمهم بدا حتى نوعا من طمأنة النفس أنهم اختاروا الجنرال سميرنوف وهو واحد من خبراء الدفاع الجوي المشهود لهم وأن هو ده كمان أيضا هو أكثر واحد كان موجودا حتى في تصميم السام3 اللي هو حيجي لنا، سام3 الصاروخ الجديد المتطور والمتحرك والقادر على مواجهة الارتفاعات المنخفضة، ده هو اللي حيبقى مسؤولا عن العملية واختاروه غريتشكو يظهر ومجموعة العسكريين سهروا يظهر لغاية الفجر، بلغونا بها. الحاجة الثانية أنهم عرفنا أنهم سموا العملية اسما رمزيا وهو قوقاز لكي تبدو حتى قدام القوات السوفياتية أن الموضوع لا علاقة له قوي مش بس مصر يعني ومش بس الشرق الأوسط لكن هو أيضا جنوب الاتحاد السوفياتي، إذا حدث ضرر واسع النطاق وإذا حقق الأميركان ما يريدونه في الشرق الأوسط إذاً فسوف ينكشف القوقاز فاختاروا الاسم الرمزي قوقاز لهذه العملية. وبعدين بقى واضحا أن.. أنا وقتها واقف وحتى وإحنا خارجين على الباب في الجلسة الأخرانية يعني أنا شايف صورة قدامي أنا واقف في وسط القادة السوفيات وفي وسط الوفد المصري وبريجينيف كان بيفكرني بيقول لي عليك مسؤولية أن.. وأنا بأضحك بأقول له يعني موضوع يعني حاضر يعني ممكن قوي أن.. لا تقلق من هذا، يعني حنشوف الطريقة إيه ممكن يتعمل في مواجهة الإعلام الغربي. لكن كنا متصورين وبرضه هم كانوا كلهم متصورين أنه ممكن إبقاء هذا الموضوع سرا إلى أطول مدى ممكن وحتى غروميكو بيهزر بيقول لي إيه؟ أوعى تكتب حاجة عن هذا الموضوع في مقالك الأسبوعي، قلت إيه يا رجل! المهم يعني، أرجوك تطمئن يعني الموضوع مش مطروح، أنا رجل مدرك إيه اللي بيتعمل يعني. لكن ماريشالات الاتحاد السوفياتي كلهم أنا كنت شايفهم في ذلك الصباح شفناهم على الفطار لأنه فطرنا مع بعض قبل ما نمشي كلنا يعني الوفدين مع بعض، أعضاء المكتب السياسي والقيادة السوفياتية وماريشالات الاتحاد السوفياتي وأدميرلاته عدد يعني أنا شخصيا عمري ما شفت هذا العدد كله من الماريشالات قد ما شفت في ذلك الصباح يعني وبقى واضحا أن السياسيين مدركون أنهم أقدموا على قرار بالغ الخطورة وكلهم متحسبون لرد الفعل الأميركي. حصل حاجة في منتهى الأهمية في هذا الصباح برضه، أن غروميكو جاي بيقول وإحنا واقفين بيقول إن.. كانت الجلسات تقريبا كلها خلصت، بيقول إيه؟ بريجينيف كان واقفا، كوسيغن كان واقفا، بادغورني واقف، محمود رياض واقف، الفريق فوزي واقف وأنا واقف، غروميكو بيقول بس إحنا دلوقت عندنا مشكلة كبيرة قوي لأن أنا خائف الأميركان أول ما يعرفوا.. إحنا سبتم لنا المحادثات السياسية معهم في الفترة الماضية كلها ووصلوا لمشروع روجرز، لما نرجع نستأنف المحادثات بعد كده بعد اجتماعنا ده وحنستأنف المحادثات طبعا لأنه في نيويورك اللجنة الرباعية شغالة، فجمال عبد الناصر بيقول لغروميكو قال له لا خلاص أنت ما تقلقش، المحادثات السياسية إحنا حنأخذها لأنه أنتم إذا ابتدأتم دلوقت محادثات مرة ثانية هذا معناه حاجتين مش بس اللي أنت بتقوله، الحاجة الأولانية أن الأميركان حيكلموكم على مشروع روجرز وإحنا لم نرفض ولم نقبل لكن أنتم مالكوش دعوة به سيبوا لنا الموقف معلقا كما هو، الحاجة الثانية أنه أنتم حيسألوكم على موضوع الأسلحة أول ما يتسرب حيسألوكم على موضوع الأسلحة وأنتم سوف تجدون أنفسكم في حيرة مما تقولوه لأنه إحنا نقدر نقول حاجة ثانية، إذا جاؤوا سألونا في موضوع روجرز حنتناقش معهم، إذا جاؤوا سألونا في موضوع الأسلحة فحجتنا جاهزة، نحن لنا حق في الدفاع عن أنفسنا بكل الوسائل إزاء تدخل كامل هم موجودون فيه وراء إسرائيل وآخره هذه الطائرات الفانتوم اللي بتغير علينا في العمق فأنا موقفي في هذا أقوى من موقفكم وبالتالي التفويض اللي كنا إديناه علشان أنتم تتكلموا سياسيا بدلا مننا والذي وصل إلى مشروع روجرز موضوع انتهى وحنأخذ إحنا المفاوضات مرة أخرى لكي يبقى عليكم، كفاية قوي كثر خيركم في اللي أنتم عملتوه لغاية دلوقت لكن الموضوع السياسي نحن سوف نأخذه. والزعماء السوفيات بدا عليهم أيضا أنهم مبسوطون. وإحنا خارجين جاء -وده أكثر موقف أنا كنت متحرجا منه- وهو بيحدث قدامي أنا ما كنتش أعرف حقيقة حصل فيه إيه، لكن جاء الجنرال كاتيشكن كبير الخبراء السوفيات في مصر، كان قبلها كان في قبله كبير خبراء الجنرال لاشينكو وهو كان رجلا هائلا خصوصا في تعاونه مع عبد المنعم رياض في حرب الصواريخ لكن حل محله الجنرال كاتيشكن وجاء لجمال عبد الناصر وإحنا خارجين من الجمنيزيوم والزعماء السوفيات لسه مش بعيد، بيقول لجمال عبد الناصر عن طريق مترجم برضه إنه سيادة الرئيس عندي مشكلة، إيه؟ بيقول له جمال عبد الناصر أي مشكلة أحلها لك، قال له خبراؤنا الموجودون وضباطنا الموجودون من الاتحاد السوفياتي واللي حيروحوا فيما اتفقتم عليه بيحسوا أنهم زي جنود عصابات لأنكم أنتم بتمنعوهم من أن يرتدوا ملابسهم السوفياتية الملابس الرسمية للجيش السوفياتي وكلهم بيلبسوا أوفرول بدون علامات رتب ويبقى الجنرال زيه زي الشاويش وما بيبانش فكرامة البدلة السوفياتية وكرامة الجيش السوفياتي أن ضباطه يبقوا موجودين معكم في مصر ومع ما اتفقنا عليه بهذا الشكل ويبقوا مضطرين يلبسوا أوفرول حاجات زي العفريتة بتاعة العمال زي ما بيسموها يعني فكلهم بيكلموني بيقولوا لي إذا كان ممكن تسمحوا لهم يرتدوا ملابسهم العسكرية الرسمية لأنهم مش عازين يحسوا أنهم guerrillas -كلمته- مش عاوزين يحسوا أنهم بيحاربوا حرب عصابات. أنا لما سمعت الكلام ده عن طريق المترجم حسيت بقلق شديد جدا وإذا بجمال عبد الناصر بيقول له جنرال كاتيشكن أنا كنت مستعد أجيب لك أي طلب إلا ده، إذا على طول كده عاوز أقول لك وهذا لمصلحتكم إذا أي أحد من ضباطكم ارتدى بدلة عسكرية وهو موجود في مصر يباشر مهامه في الدفاع عن العمق فليس هناك ما يمنع الشعب المصري أن يقارن ما بين وجودكم عندنا وما بين وجود البعثة العسكرية البريطانية في مصر قبل الثورة ولذلك أنا بأقول لك، وراح ناده بريجينيف وقال –بالمترجم- سيادة الرئيس أنا الجنرال كاتيشكن طلب مني هذا الطلب وأنا اعتذرت عن قبوله وشرحت له الأسباب وأسبابي هي كذا، بريجينيف وقف.. لأنه إحنا لسه متفقون، الفريق فوزي كان واقفا وكان خائفا جدا، لا هو عاوزهم يلبسوا ملابسهم الرسمية أثناء وجودهم في مصر ولا هو متصور إمكانية رفض هذا الطلب في هذا الوقت بالتحديد في هذه اللحظة بالتحديد وواضح أن الجنرال كاتيشكن اختارها قاصدا وعامدا أو يعني متصورا أنها اللحظة المناسبة مش بيعمل دسائس يعني أو بيعمل مؤامرات، لكن الطلب رُفض. طلعنا رجعنا القاهرة، الجنرال سميرنوف بدأ يجي بعدها بيومين ثلاثة يستكشف المواقع اللي مطلوب من قواته أن تحميها دفاعا سلبيا برضه، وبعدين بدأت الشحنات تيجي لكن الحاجة الغريبة جدا أن أول شحنات جاءت نزلت في ميناء إسكندرية، جاءت بعد كده في أواخر فبراير نزلت في ميناء إسكندرية ودخلت في طابور مفتوح في شوارع إسكندرية، وبعدين جمال عبد الناصر بيكلمني يوميها بيقول لي الله! غريبة جدا، هم كانوا طالبين السرية والنهارده هم بيعلنوا! كان التفسير الواضح قدامنا أنها إشارة واضحة من إشارات الحرب الباردة أنه خلوا بالكم، لأنه في لغة في الحرب الباردة كانت الإنذارات توجه بشيفرات تبقى واضحة قدام القوى الأعظم لكن في قوة أعظم في ذلك الوقت بتقول أنا خطيت خطوة فخلوا بالكم، فكان واضحا أنه بقى في إنذار. لكن على أي حال الحاجة المهمة ودي أثاروها في موسكو كان أن مواقع الصواريخ لازم تعمل معها طائرات أيضا فحيبقى في طائرات، طلعت الطائرات السوفياتية عملت اشتباكا مرة واحدة مع القوات الإسرائيلية لكن ابتداء من يوم 18 مارس ومع وجود الخبراء توقفت غارات العمق ودخلت الحرب في مرحلة انتقل التركيز كله بعد هذا إلى الجبهة. تصبحوا على خير.