هيكل.. طريق أكتوبر وحرب الاستنزاف
– دور الدبلوماسية الجانبية في بناء الجسور
– جسر إلى فرنسا، مقابلة مع ديغول
– شيكات دبلوماسية، الباب البريطاني الموارب
دور الدبلوماسية الجانبية في بناء الجسور
محمد حسنين هيكل: مساء الخير . أريد أو أتمنى لحديثنا هذه الليلة أن يكون دراسة أكثر مما هو مجرد رواية لحوادث، أريده أن يكون دراسة لكيف يمكن لبلد أن يمارس العمل السياسي عن طريق الدبلوماسية متعددة الاتجاهات ومتعددة القنوات ومتعددة الوسائل لكي يحقق هدفا متفقا عليه ومطلوبا لصالح بلد يمر بمرحلة شديدة الحروجة أسماها جمال عبد الناصر سياسة حد السيف، أو هو، أنا قلت الكلمة وهو تمسك بها لأنه نحن في هذه اللحظة بعد صدمة يونيو كنا بالفعل نمارس سياسة على حد السيف زي ما قلنا في التعبير ده. الجزء الدبلوماسي من العمل السياسي له ثلاثة مسالك نحن مرات ننساها، في الزمن القديم كان هناك مسلك واحد لهذا كله أي أن السياسة كانت بتمارس بواسطة وزراء كبار، حدي زي ريشيليو في فرنسا حد زي تاليران ميترنيخ في النمسا والعمل كله مركز في شخص الوزير المسؤول وهو يدير كل شيء كل نواحي العمل، بعد الثورة الأميركية ودخول عنصر آخر شعبي وفاعل في العمل السياسي تحولت بدأ يبقى في في العمل السياسي تقريبا قدامنا ثلاثة أنواع واضحة، النوع الأول هو الدبلوماسية المباشرة أي التي تقوم بها وزارة الخارجية، النوع الثاني من العمل السياسي هو الدبلوماسية الجانبية التي يمكن أن تجري بواسطة اتصالات شخصية أو مفهومة ومعروفة عن طرق جانبية لكي تقوم بالتفاف ولحل مشاكل قد لا تستطيع الدبلوماسية المباشرة أن تواجهها، والحاجة الثالثة هي الدبلوماسية العامة الدبلوماسية الموجهة للشعوب ولكسب رأي عام ففي ثلاث درجات من الدبلوماسية وأنا أعتقد أن إحنا في فترة الأزمة أدرنا مرحلة صعبة جدا بهذه الوسائل الثلاث لأنه نحن في أعقاب الصدمة علاقتنا مع الاتحاد السوفياتي فتح الأبواب مع الاتحاد السوفياتي كان مطلوبا وكان مرغوبا فيه من الجانبين، الاتحاد السوفياتي كان عايز وإحنا كنا عايزين، إحنا عندنا مصلحة ظاهرة في تأييد الاتحاد السوفياتي وهو عنده مصلحة ظاهرة أيضا في الوصول للعالم العربي ولنا ولإفريقيا، هو كان مورد السلاح الوحيد لنا وإحنا كنا في أشد الحاجة ما نكون للسلاح وأنا حكيت في حديث سابق كيف أن الاتحاد السوفياتي بدأ هو يعمل اتصالات وجاء لنا وفد عسكري سوفياتي جاء لنا بعد كده الرئيس السوفياتي بادغورني وشرحت أو حاولت أن أشرح كيف انفتح الباب إلى موسكو بعد فترة من سوء الفهم وسوء التقدير وسوء الظن واكبت وأعقبت معركة سنة 67 والصدمة التي نجمت عنها لكن كان في منتهى الأهمية، ما كان أهم من فتح الأبواب مع الاتحاد السوفياتي أو الباب مع الاتحاد السوفياتي هو بناء جسور مع العالم الآخر مع أوروبا أولا وأميركا ثانيا، أميركا هي الأهم لكن أوروبا كانت هي الأقرب وهي المطلوبة وكانت مطلوبة لعدة أسباب في سياسة أو في تحقيق أو لضمان نجاح سياسة حد السيف المشي على حد السيف لأنه إذا بقينا في علاقتنا في ذلك الوقت مع الاتحاد السوفياتي وفقط فنحن بشكل أو آخر نفقد جزءا من بريق قضايانا لأنه نبدو وكأننا في إطار الاتحاد السوفياتي أو في موقع الاتحاد السوفياتي أو في تبعية الاتحاد السوفياتي وهذا كان لا يمكن قبوله وبالتالي في ذلك الوقت كان مطلوبا أن نقيم علاقات مع أوروبا وبأسرع ما يمكن وأتذكر أن جمال عبد الناصر في ذلك الوقت كان بيقول كثيرا قوي إنه لو لم تكن لنا علاقات حقيقية مع أوروبا لوجب أن نحاول أولا تصور أنها موجودة والتصرف على أنها موجودة ثم العمل على إيجادها، وفي ذلك الوقت كان في ذهنه فرنسا لأن فرنسا كانت بشكل أو آخر أقرب إلى الانفتاح معنا لعدة أسباب، مش بسببنا إحنا بالتحديد يعني لكن لعدة أسباب، الحاجة الأولانية أنه في ذلك الوقت موضوع الجزائر اللي كان عامل أكبر إشكال بيننا وبين فرنسا كان انتهى، الحاجة الثانية وهي مهمة جدا أن الجنرال ديغول كان جاء وهو عنده عقدة تاريخية تقريبا من إنجلترا ومن أميركا بشدة وهو راغب في أن فرنسا يبقى لها دور ودور مؤثر وحاول في بداية الأزمة أن يصنع مثل هذا الدور المؤثر فأول ما بدا أن أزمة إغلاق خليج العقبة تهدد بانفجار عالمي كبير الجنرال ديغول دعا إلى مؤتمر رباعي، في ذهنه هو باستمرار أن فرنسا متساوية مع إنجلترا وأميركا والاتحاد السوفياتي وفكرة القمم الرباعية قمة العالم في ذلك الوقت زي ما كان تشرشل بيسميهاup the summit هم الأربعة دول أصحاب العضوية الدائمة في مجلس الأمن والصين في وقتها وهي العضو الخامس اللي حطوه الأميركان وأصروا عليه كان بره الموضوع تقريبا، لكن الصين وقتها كانت لسه مش معترف بها في العالم كله وإحنا كنا اعترفنا بها. لكن في ذلك الوقت الجنرال دعا إلى مؤتمر قمة رباعية على مستوى العالم وبعدين الأميركان طبعا ما كانوش عاوزين فرنسا تعمل أي دور في هذه الأزمة في الشرق الأوسط ولا أن تعود ولا ديغول يعمل أي حاجة وبدا أن ديغول بيطرح اقتراحه لكن والأميركان بيعارضوه، مش بس الأميركان عارضوه الحقيقة يعني كل الناس عارضته مع الأسف وإحنا كمان، الأميركان عارضوه لأسبابهم والإسرائيليون عارضوه لأنهم كانوا مصممين واثقين هذه المرة من استطاعتهم أن يحققوا نصرا كاسحا على مصر والحاجة الثالثة إحنا كمان كنا بشكل ما في ذلك الوقت غير راغبين في أن مشكلتنا أزمة الشرق الأوسط تذهب لكي تكون في إطار قمة رباعية قد تفرض علينا ما لا نريده لأن قمة رباعية في أزمة حتتخذ قرارات يبقى من الصعب جدا تحديها لأنه هنا نحن أمام فعل مباشر من القوى المؤثرة في العالم ولسنا أمام قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة مثلا أو قرار من مجلس الأمن لكن هنا إذا اجتمع أربع رؤساء لأربع دول قوية في العالم وأصدرت توصيات أو أصدرت قرارات بشأن حل القضية وفي هذه الظروف غير المواتية لنا فقد نجد أن ما يريدون فرضه علينا أكثر مما نستطيع قبوله وبالتالي فإحنا كمان عارضنا. الجنرال ديغول لقى اقتراحه بيقع على الأرض ما بيصلش لحاجة لكنه بقى واضحا جدا أنه مهتم وأنه راغب بشكل أو آخر في ظروف أزمة الشرق الأوسط أن يجد فيها طريقا إلى عودة إلى كيف يمكن أن تكون فرنسا مؤثرة وهنا أنا أظن بدأت الاتصالات غير الرسمية في الأول في بداية الأمر لأنه في بداية الأمر إحنا ما كناش عاوزين ما كناش بشكل أو آخر كان صعبا جدا في هذه المرحلة لبلد تعرض لمثل الصدمة التي تعرضنا لها أن يخرج إلى العالم وأن يتحدث بلهجة قوة، محتاج.. كل قوة خارجية لا بد أن يعبر عنها قوة داخلية، ما حدش يقدر يتكلم في العالم الخارجي بصوت أعلى مما تسمح له به موازين القوى التي يعيش تحت ظلها، في هذه اللحظة نحن كنا في لحظة ضعف بلا جدال ونحن كنا في لحظة شديدة الحساسية بالنسبة لنا، حتى ما كناش نقدر في العمل الدبلوماسي باستمرار في تأخذ وتعطي، في ذلك الوقت إحنا ما كناش حاسين أن في مقدورنا نعطي شيئا أبدا وبالتالي مجال الكلام لنا مع أطراف خارجية كان في منتهى الصعوبة وبالتالي بقى العمل الدبلوماسي عن طريق الطرق الجانبية هو الأهم أو هو وسيلة فتح الأبواب الرسمية، في ذلك الوقت بدا وإحنا بنتخذ هذه السياسة وجزء كبير جد منها في فكرة الانتظار والصبر والضغط على الأعصاب لكي لا نبدو متلهفين أو في عجلة للعالم الخارجي، أول أخبار بدأت تيجي لنا نقلا عن فرنسا وكل العالم بيشعر لأنهم مهتمون بديغول، أول الأخبار وأنا ألاقي قدامي وثائقي هنا أو الوثائق الموجودة المتاحة لي واضحة في هذا وهي تحكي كل القصة ولذلك فأنا أريد أن أجعلها دراسة أكثر منها رواية، ألاقي أول حاجة جاءت لنا جاء لنا في ذلك الوقت جاء لنا أول اتصال مع فرنسا عمله الاتحاد السوفياتي لأنه تصادف أن رئيس الوزراء كوسيغن راجع من أميركا بعد مقابلته مع الرئيس الأميركي جونسون وقبل ما يرجع بلده ثاني فات على باريس لكي يقابل الجنرال ديغول والجنرال ديغول في ذلك الوقت له رأي مشهور أو له رأي اللي هو مؤتمر القمة الرباعية على مستوى العالم والعالم كله وقد سقط اقتراح ديغول لم ينفذ راغب في إرضائه فكوسيغن بيروح لديغول في باريس وبيقابله وسفير الاتحاد السوفياتي في باريس زورين في اليوم التالي للمقابلة بعد أن انتهت المقابلة طلب إليه أن يبلغ السفير المصري في باريس فحوى ما جرى بينه وبين الجنرال ديغول رئيس الوزراء السوفياتي يعني ورئيس الجمهورية الفرنسية فبيقول إنه قابل عبد المنعم النجار وقال له إنهم "لمسوا أثناء المناقشات التي دارت أمس بين كوسيغن وديغول أن الجنرال ديغول ما زال مترددا في تحديد موقف نهائي لفرنسا على الرغم من أنه يسلم بأن إسرائيل قد بدأت العدوان وأنها يجب أن تجلو عن الأراضي التي تحتلها فإنه يرى أن يتم ذلك في نطاق تسوية كاملة"، الجنرال ديغول من الحاجات اللي كانت أيضا بتزكي أن نتصل به وأن يكون هو أول فاتحة لم يكن فقط مجرد أنه تقدم باقتراح القمة الرباعية لكن زاد على ذلك أن الجنرال ديغول قال إن فرنسا سوف -في تصريح رسمي- أن فرنسا سوف تحدد موقفها في هذه الأزمة على أساس من الطرف الذي بدأ بإطلاق الرصاصة الأولى وفرنسا سوف تقف ضد من أطلق الرصاصة الأولى وبالتالي بقى موقف ديغول هنا في حاجة ممكن البناء عليها، السوفيات راحوا وبدؤوا يتكلمون وفي ذهنهم ده برضه لكن بيقولوا إنه "أوضح السوفيات إصرارهم على دمغ العدوان وضرورة سحب القوات الإسرائيلية كبداية أساسية لحل القضية وأن عدم توضيح موقف فرنسا إزاء ذلك يعتبر انضماما لوجهة النظر الأميركية، نفى ديغول ذلك بشدة ولكنهم أحسوا أنه بدأ يشعر باتخاذ موقف أوضح، يشعرون أن فرنسا واقعة تحت تأثير أميركي من الداخل والخارج وأنه يجب مواجهته بضغط متزايد من الاتحاد السوفياتي" ، وبقية البرقية، البرقية لما جاءت القاهرة بقى واضحا قدام من يعنيهم الأمر في القاهرة أنه هنا آه الاتحاد السوفياتي سمع وجهة نظر الجنرال ديغول لكن هنا الاتحاد السوفياتي أيضا بيقدم نفسه كوسيلة للاتصال أو كقناة اتصال وحيدة وواحدة وأنهم جنب ما بيقولوا لنا حاجة على موقف فرنسا بيحاولوا يقولوا لنا كثير قوي هم بيعملوه وبيتصرفوا إزاي وبيضغطوا إزاي وناويين يضغطوا إزاي، وهذا ما كانش هو ما نريد. لحق بعد يومين طلبنا نحن أن الجزائر تتصل بالجنرال ديغول وبالفعل ذهب رئيس الجزائر الحالي السيد عبد العزيز بوتفليقة وهو وقتها وزير خارجية مع الرئيس بومدين وعلى أي حال من حسن الحظ أنه كان هو أيضا راجعا معهم راجعا مع بومدين ومع عبد الرحمن عارف من زيارة موسكو ففات على باريس وشاف الجنرال ديغول وأيضا بدوره أبلغ السفير المصري ما الذي دار بينه وبين ديغول لكن عبد العزيز بوتفليقة هنا كان بيتكلم.. ما بيتكلمش بنفس الطريقة اللي بيتكلم فيها زورين السفير زورين نقلا عن كوسيغن رئيس الوزراء السوفياتي وبيزودوا قوي في دورهم وأنهم بيعملوا إيه لكن بيتكلم بيعمل تقريرا بطريقة أوضح، بيقول بوتفليقة، قابل برضه سفيرنا في باريس وأبلغه بده "قابل بوتفليقة الجنرال ديغول قبل انعقاد مجلس الوزراء أمس وسأله عن أسباب عدم وضوح موقف فرنسا بالنسبة لدمغ العدوان الإسرائيلي فأجابه بأنه ينتظر اتضاح الموقف السوفياتي"، السوفيات كانوا راجعين بعد مقابلة الرئيس الأميركي وهم مش عارفين بيعملوا إيه، الرئيس الأميركي مصمم أو واخد موقفا معينا والسوفيات بيحاولوا يزحزحوه عن هذا الموقف لكن لا يبدو أن هناك نتائج واضحة يمكن الاعتماد عليها في بناء مواقف حقيقية. فبيقول بيكمل بينقل بوتفليقة عن الرئيس ديغول بيقول "يعتبر مشكلة الشرق الأوسط صدى لحرب فييتنام ويقدر أن أميركا -في كلمة غير مقروؤة في البرقية في حل الشيفرة، هي في واقع الأمر مع العدوان الإسرائيلي- يرى وجوب إيجاد الطرق لوقف السيطرة الأميركية التي زادت بشكل مطلق على العالم، استفسر ديغول عن موقف الجزائر فأكدت له تصميمها وتمسكها بالاستمرار حتى النهاية"، سأل -ديغول بيسأل بوتفليقة عن جمال عبد الناصر- فقال له أنا ما شفتهوش -كان شافه في القاهرة مع الرئيس بومدين- "فقال له بأنه لم يره أكثر هدوءا وصلابة عنه الآن، حثه ديغول على الحرص على التضامن بين الجزائر ومصر وأبلغه تصميمه على الانسحاب إسرائيل وعدم السماح لها بتحقيق أي مكاسب من العدوان". هنا في لهجة، قدامي كلام كوسيغن الذي نقل إلينا عن طريق السفير زورين سفيره في باريس هو نبرة وقدامي كلام بوتفليقة وهو نبرة ثانية، حصل بعد كده نبرة ثالثة أن إحنا تشجعنا أكثر، كان في وفد برلماني من الجمعية الفرنسية الوطنية عاوز يجي يزور القاهرة وكان مقدما طلبا لزيارة القاهرة من قبل الأزمة فرد عليه بعد الأزمة وقلنا لهم تفضلوا فجاء وفد فرنسي فعلا، الوفد الفرنسي جاء هنا، أنا أتكلم هنا لأني عاوز زي ما قلت ندرس كيف جرت هذه الأزمة.. كيف أديرت هذه الأزمة في ظرف بالغ الصعوبة وكيف تحرك فيها ناس كثيرون جدا لأني أريدها بالفعل دراسة لكيف تتحرك مستويات مختلفة من الدبلوماسية دبلوماسية رسمية دبلوماسية بالطرق الجانبية ودبلوماسية عامة.
[فاصل إعلاني]
جسر إلى فرنسا، مقابلة مع ديغول
محمد حسنين هيكل: ألاقي أن الوفد البرلماني جاء، الوفد البرلماني في ذلك الوقت جمال عبد الناصر ماكانش مستعدا يقابل وفودا من الخارج يعني وهذا طبيعي فالوفد البرلماني جاء وكان أعلى مسؤول قابله هو نائب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت السيد زكريا محي الدين والسيد زكريا محي الدين قعد مع الوفد البرلماني والوفد البرلماني قال له أبلغه صراحة رئيس الوفد جاكسون أبلغه صراحة أن الوفد قبل أن يجيء إلى القاهرة التقى بالجنرال ديغول وتلقى منه توجيهات مباشرة وبدؤوا يتكلمون مع زكريا محي الدين وزكريا محي الدين كان موجودا معه في ذلك الوقت السفير جمال منصور وهو رئيس إدارة غرب أوروبا في وزارة الخارجية وسجل محضرا بما جرى بيقول فيه إنهم عاوزين يحلوا المسائل سلميا وعاوزين حلا سلميا وزكريا محي الدين بيقول الحل السلمي في منتهى الصعوبة وبعدين بيقول له لا، ممكن في حلول مشرفة بيقول له لا يبدو في الأفق شيئا، بيعاتبه، رئيس الوفد الفرنسي بيعاتب زكريا محي الدين بيقول له الرئيس بومدين قال إنه لا بد أن نحارب حرب عصابات وإلى آخر مدى وحرب شعبية وإلى آخر مدى ممكن فزكريا محي الدين بيرد عليه بأدب بيقول له، مش عاوز يقول إنه إحنا حنروح في حرب شعبية فبيقول إن الرئيس بومدين لا بد أن يكون درس الموقف دراسة جيدة وتوصل إلى هذه النتائج، والوفد فضل بيتكلم قالوا إنهم شافوا ديغول قبل ما يجوا لنا وآمالهم وآمالهم، كويس. ومحضر المقابلة في ذلك الوقت طبعا راح في كل حتة لكن جاء لي كمان، جاء لي كمان لسبب غريب جدا وهو أنه في ذلك الوقت في شخصية -مش حأقول اسمها في الوقت الحالي- مغاربية كانت على اتصال بالمكتب العسكري للجنرال ديغول وبشكل ما الجنرال ديغول كان راغبا في أن يسمع أشياء عما يجري في مصر دون مصادر رسمية وعاوز عنده حاجات عاوز يسأل فيها فاقترحوا أو هذا الصديق المغاربي اقترح وأرسل للرئيس عبد الناصر أيضا أنه بيفكر يرتب مقابلة أذهب فيها وبطريقة غير رسمية أشوف الجنرال ديغول لفترة محددة، وبالفعل بدأنا نرتب في هذا الموضوع، طبعا أنا كنت متحمسا والرئيس عبد الناصر قال لي إنه بقدر ما هو ممكن روح وحتى لما سألته أقول إيه للجنرال ديغول قال لي مش حتتكلم معه في حاجة محددة لكن في كله، هو عاوز يسأل في حاجات عايز يفهمها أكثر فروح وشوف إيه الحكاية، لكن في ذلك الوقت أيضا كان في محاولة لترتيب موعد لمحمود رياض وزير الخارجية يفوت على باريس وهو في طريقه إلى اجتماعات الأمم المتحدة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنا بعدها حتى لما عرفت محمود رياض رايح سألت الرئيس عبد الناصر قلت له هل في داعي لذهابي لأنه مش عاوزين تتقاطع الطرق وهو كان رأيه أن الطرق قد تتكامل ولا تتقاطع إذا كان كل واحد عارف حدود يقول إيه ما فيش تقاطع في الطرق. فاكر أنا أنني قبل خمسة أيام من زيارة محمود رياض أنني رحت وشفت الجنرال ديغول، دخلت مع أحد أفراد الحاشية العسكرية بتاعته ودخلت من الباب الجانبي المواجه لقصر ماريني شارع ماريني ولقيت نفسي قدام الجنرال ديغول وأنا أشرت لها مرة أشرت أنه هو فعلا حطني في موقف محرج جدا لأني أول ما دخلت ببساطة كده إدى لي نص ظهره كده وقال لي الآن قل لي أنت عايز تقول لي إيه، أنا ما كنتش عايز أقول له حاجة الحقيقة أقصد أولا كنت متوقعا أن المقابلة تبدأ بالطريقة الطبيعية اللي الناس كلها بيبتدوا بها بالتحية وإزاي وشوية مجاملات في الأول وبعدين بنخش في الموضوع طبقا لما يراه وهو من هو يعني في ذلك الوقت في ذلك الزمن وفي أي زمن في التاريخ يعني في التاريخ الحديث يعني، لكن فوجئت والحقيقة ارتبكت لمدة ثواني كده وبعدين استعدت وبعدين أنا كتبت بعد كده لأنه كان مهما جدا لمحمود رياض اللي رايح بعدي أن أحطه في صورة أولا طبعا الرئيس عبد الناصر يعرف إيه اللي جرى لكن محمود رياض أيضا وهو ذاهب بعدي بخمسة أيام يقابل الجنرال ديغول أن أحطه في صورة ما جرى. معي أنا أنا لم ألمس قضايا محددة لكن الحوار تقريبا جرى على النحو التالي وعاوز أقول إن ده كان أيضا هذا الحوار مرتبطا لأن الرغبة في المقابلة أو فكرة أن أقابل ديغول جاءت من الوفد البرلماني اللي كان موجودا في زيارة القاهرة واللي شافه زكريا محي الدين وهذا الوفد جاء لي بعد كده وهذا الصديق المغاربي اللي عرف أن هذا الوفد البرلماني جاء وقابلني وقعد معي في الأهرام في ذلك الوقت حوالي ساعة ونصف وسألوا كل اللي عاوزين يسألوا فيه وقالوا لي زي ما قالوا لزكريا محي الدين حكوا لي بيتصوروا إيه وأنا تكلمت فهنا كان في خيط يلتقط، لما قعدت مع الجنرال ديغول أنا كنت في واقع الأمر كنت بأكمل اللي جرى سواء في البرقيات اللي أبلغت لنا في السفارة في باريس سواء اللي قالوه لزكريا محي الدين سواء اللي سمعته من الوفد البرلماني لكن هنا كنت أكمل بطريقة مختلفة، أنا لا أتحدث ليس في اختصاصي أن أتحدث عن حلول محددة، لما نيجي للحلول والصياغات في آخرين يتقدمون بها في دبلوماسية رسمية هنا لازم تخش، مع الجنرال ديغول بيقول لي.. أنا قلت إنه في الأول خالص هو إداني نصف ظهر تقريبا وقال لي قل لي عاوز تقول إيه وأنا ارتبكت وبعدين حاولت أتغلب على ارتباكي فبدأت أقول له إنني زي مئات، ملايين المعجبين في العالم تابعنا حركة فرنسا الحرة وأنها باستمرار بتشكل إلهاما في وقت الأزمات، هو بدأ يسمعني يعني وبعدين قلت له أنت ما بتعرفنيش لكن أنا أعرفك أنت عمرك ما شفتنيش وجها لوجه لكن أنا قابلتك وجها لوجه، فهو أبدى اهتماما، وفعلا كان ده صحيحا أنني حضرت له مؤتمرا صحفيا عقده في القاهرة وأنا لسه شاب مساعد محرر في.. وهو كان قبل ما يبقى رئيسا وقبل ما يبقى أي حاجة ثانية، كانت سنة 1945الكلام ده فعمل مؤتمرا صحفيا في القاهرة وأنا حضرته وبعدين بأقول له إنني حضرت فهو بدأ بشكل ما يقول لي آه القاهرة أعادت له ذكريات القاهرة وبعدين قال إنه أنا قضيت أياما سعيدة جدا في القاهرة -كمجاملة- وقال إن وقتها كان الإنجليز مسيطرين عليكم وأتعبوني جدا وأظن أتعبوكم كمان، وحتى استعمل تعبير (كلمات فرنسية) على الإنجليز, وبعدين بدأ الكلام شوية يلين بدأ الجنرال ديغول التصلب أو الإطار الرسمي بهذا الشكل يقل شوية فبدأ يسألني إيه الأزمة اللي عندكم؟ حاولت أشرح له حكاية أزمة خليج العقبة فهو قال لي كل ده أنا عارفه لكن أنا عايز أعرف أنتم إيه اللي عاوزينه؟ بيقول لي ناصر إيه اللي عاوزه؟ بيقول لي أنا بأتابعه هو شباب وأنا معجب به وكده وبأتابع اللي بيعمله وتابعته وهو كان وراء فرنسا في المغرب وكان وراء فرنسا في إفريقيا وكان بيطاردنا لكن أنا مستعد أفهم الروح الوطنية لأني أعرف ما هو معنى الوطنية وفرنسا جربت وهي تقدر وتحترم الفكرة الوطنية وإحنا لم نجادل في الانسحاب لما جاء وقت الانسحاب من المستعمرات أنا كنت الرجل اللي قاد عملية الانسحاب بما فيها الجزائر وإدينا الجزائر استقلالها، وبعدين بيقول لي إيه الحلول؟ أنا قلت له أنا أتصور .. أنا مش مخول أن أتكلم في حلول لكني أنا أتصور أنه في ظل احتلال لا يمكن يبقى في أي معنى لأي كلام عن مفاوضات أو أي كلام عن حلول سلمية، إحنا من بدري -ودي ما كانش يعرفها- قلت له إحنا من بدري قبلنا قرار التقسيم، قرار التقسيم الأمم المتحدة وجمال عبد الناصر قبله في باندونغ قدام الزعماء الأفارقة والآسيويين كلهم وبناء على طلب منهم وعرضنا قبولنا لقرار التقسيم قرار الأمم المتحدة اللي قامت على أساسه أي شرعية لإسرائيل، قال لي ما كنتش أعرف ده بوضوح يعني أنكم اعترفتم بده، وبعدين قال طيب كويس كل ده متعلق بالماضي لكن طيب إيه المستقبل؟ قلت له إنه.. جئت في لحظة من اللحظات كده أظن قلت حاجة أعجبته لأني قلت له في عندي ملاحظة، أنا ألاحظ.. شفت جوابات منك لجمال عبد الناصر وعنوانها كلها المطبوع عليها الجنرال ديغول مش الرئيس ديغول ولا الرئاسة فقال لي آه ده صحيح، قلت له غريبة قوي فقال لي هو عاوز أقول لك حاجة، العسكرية كانت اختياري لكن السياسة فرضتها علي الظروف، وأنا الحقيقة أحسيت يعني لأن هنا في كلام حد رجل تاريخي لا يخطئ في فهم بيتكلم على إيه بالضبط وبعدين نقل من دي قال لي ناصر ما كانش جنرالا، قلت له لا، كان كولونيلا بس، قال لي بس شفت عندكم حد -كان شاف عبد الحكيم عامر قبلها بسنة ونصف أو سنتين- قال لي كان ماريشالا لكن سنه صغير قوي علشان يبقى ماريشال، هو فين دلوقت بعد الحرب؟ قلت له أظن هو في القاهرة وأحواله يعني طبعا مصاب بصدمة بعد كل اللي حصل، فهو بدأ يقول لي إيه؟ بيقول لي أنا مش فاهم أنتم ليه كل التقارير اللي جاي لي من القاهرة بتقول لي إنه في حالة صدمة وفي حالة انهيار حتى على مستوى الشعب في تساؤلات كثير قوي، ليه؟ كان عنكم فترة حماسة في الأول وبعدين بتيجي لي أخبار أنكم متشائمون من المعركة وأنكم حاسين أنكم قدام قوة أقوى منكم كثيرا، عاوز أقول لك حاجة.. وبعدين هنا بص لي قال لي (كلمات فرنسية) انظروا إلى الخريطة، بصوا للخريطة تعرفوا أنتم قد إيه حجمكم قد إيه وإسرائيل قد إيه، لازم تعرفوا أنكم أقوياء، أنتم أقوياء بالموقع أقوياء بالحجم أقوياء بموارد عندكم لا حدود لها وليس عندكم ما يبرر أنكم تبقوا قلقين مما يجري، مع تسليمي بأنه صعب، بعدين بدأ يقول إنه.. أنا قلت له إنه حيشوف محمود رياض، إنه أنا عارف أن محمود رياض جاي له بعد أيام فقال لي أنا حأشوفه لكن نفسي قوي أو بأتمنى قوي لو محمود رياض يجي باقتراحات محددة لأنه مهم جدا أن نعرف الآن ماذا أنتم مستعدون لقبوله وماذا أنتم غير مستعدين لقبوله لكن عايز أقول لك حاجة أنني أفهم جدا وأرجوك تبلغ ناصر أنني أفهم جدا مشاعر المقاومة اللي عندكم لأني أنا عشت هذه التجربة ذات مرة، فرنسا الرسمية استسلمت تقريبا فرنسا استسلمت الماريشال بيتان استسلم، وبعدين راح مستدركا على طول قال لي لازم تعرفوا أن الماريشال بيتان كان ماريشالا عظيما من ماريشالات فرنسا لكن في لحظة ضعف تصيب كل الناس تصور أن الاستسلام هو مخرجه الوحيد، لكن فرنسا تفهم المقاومة. على أي حال كانت مقابلة أنا أعتقد أنها بالغة الود ومهمة مفيدة يعني. بعدها بخمسة أيام بالضبط محمود رياض يقابل الجنرال ديغول.
[فاصل إعلاني]
شيكات دبلوماسية، الباب البريطاني الموارب
محمد حسنين هيكل: بقى أنا أول ما رجعت طبيعي أني رحت فتت على محمود رياض وأعطيته صورة لكل ما دار على أساس الـ nots اللي أنا كتبتها عن المقابلة وبالتالي راح محمود رياض وهو لديه نمرة واحد الروس قالوا لنا إيه، بوتفليقة قال لنا إيه، الوفد البرلماني قال لنا إيه، أنا رحت شفت إيه، وبعدين هو رايح الآن راح وبعث برقيته لجمال عبد الناصر "إلى السيد الرئيس من محمود رياض قابلت الجنرال ديغول صباح اليوم ودامت المقابلة ساعة وكانت ودية للغاية وصريحة بل وعاطفية عندما تحدث عن السيد الرئيس وطلب إبلاغ تحياته، أشار إلى سنه والمصاعب الكبيرة التي صادفها وطالب أن يصمد الرئيس أمام المحن التي تواجهه وأكد أن النصر في النهاية سوف يكون لنا"، لنا إحنا العرب يعني وهنا كان متجاوزا للي سمعته منه لأنه معي كان بيتكلم على التاريخ على موازين القوى في حساب التاريخ، مع محمود رياض كان واضحا أنه أكثر.. وبعدين كان رأيه أن روسيا مش حتقدر تعمل حاجة في ذلك الوقت وأميركا كل اللي شاغل أميركا هو فييتنام والشرق الأوسط تناوي لها وهي سعيدة أن إسرائيل حققت لها ما تريد، إنجلترا أزاحها ببساطة كده وقال إن إنجلترا لا قيمة لها ما بقيتش لها قيمة وعلى العرب أن يعتمدوا على أنفسهم، لكن هنا كان في كل أنواع الدبلوماسية تتحرك لكن كان أهم حاجة أنه بقى باين خصوصا بعد أيام قليلة صدرت قرارات بتأكيد أو بتثبيت حظر تصدير أسلحة فرنسية إلى إسرائيل وهذا كان بالنسبة لنا كان مهما جدا لكن قدامي هنا بهذه الطريقة في عمل تقريبا دبلوماسي تكاملت فيه كل عناصر الاتصالات من أول الرسمي لغاية الجانبي لغاية العام، يمكن العام حيبان أكثر في العلاقات مع إنجلترا في بناء كوبري مع إنجلترا لكن عايز أقول إن الطرق الجانبية في الأزمات بتعمل.. مرات إحنا بننسى أن الولايات المتحدة الأميركية توسعت بمساحة الضعف بالضبط عندما تمكن الرئيس جيفرسون من أن يشتري من فرنسا كل الولايات الجنوبية في الولايات المتحدة لويزيانا وما حولها، كل حوض المسيسبي ولغاية امتداد أميركا لغاية كاليفورنيا اشتري من فرنسا شراء اشتراه الرئيس جيفرسون شراء وقام على هذه العملية صديق للرئيس جيفرسون هو كان عارف أن نابليون مزنوق عاوز أموال لأنه بيرتب لحملة روسيا فهو يريد أموالا ففي هذه اللحظة حاول يبعث مونرو وزير خارجيته في ذلك الوقت يبحث إذا كانت فرنسا مستعدة تبيع مستعمراتها الجنوبية في أميركا الشمالية واللي كانت عندها جنوب أميركا كله ولكن وجود وزير خارجية زي مونرو لفت الأنظار فأبعده جيفرسون وجاب صديقا له ديبون كان فرنسيا مهاجرا من فرنسا راح أميركا وراح وتمت الصفقة واشترت أميركا ضاعفت الولايات المتحدة الأميركية مساحتها بعمل دبلوماسي جانبي. حأسيب الجانب ده حأسيب العلاقات مع فرنسا حأنتقل للعلاقات مع إنجلترا، العلاقات مع إنجلترا مطلوب بناء جسر مع إنجلترا، عملنا جسرا مع فرنسا وجسر بقى في عليه عملية عبور ذاهبة قادمة لكن في جسر مع إنجلترا لازم يتبني، في ذلك الوقت علاقتنا مع إنجلترا كانت مقطوعة، علاقتنا مع إنجلترا انقطعت مرتين، في الخمسينات والستينات، مرة سنة 1956 قطع علاقات اضطراري بسبب السويس بسبب هجوم السويس وأنا فاكر أنه في هذا الوقت أنا وغيري لعبنا أدوارا كبيرة جدا لما كان تقرر على بعد 1957، 1958، 1959، 1960 لما حتى لما جمال عبد الناصر تلاقى مع مكميلان في الأمم المتحدة -وأنا تكلمت عنها- أصبح ضروريا عودة العلاقات لكن بدأنا نحاول نعمل علاقات وأنا ألاقي قدامي في الوثائق وفي تفاصيل عودة العلاقات ألاقي في في المرة الأولى قطع العلاقات في المرة الأولى ألاقي فيه أشياء غريبة جدا في الممارسة الدبلوماسية، ألاقي أن الإنجليز كانوا موافقين يستعيدوا العلاقات معنا وعاوزين، هم راغبون ونحن راغبون، وبعدين هم عندهم شروط وعندهم طلبات وإحنا في طلبات نستطيع أن نستجيب لها وإحنا عندنا طلبات وهم يستطيعون أن يستجيبوا لها، إحنا عاوزين قنصليات مثلا في أماكن فيها سيطرة بريطانية، عاوزين قنصلية في الكويت عاوزين قنصلية في ريغس في نيجيريا عاوزين قنصلية في تنزانيا عاوزين قنصلية في زنجبار عاوزين قنصليات كثير مصرية تفتح تتحرك والإنجليز قلقون من هذا، هم عاوزين من جابنهم عاوزين قنصلية في دمشق حيموتوا علشان يأخذوا قنصلية في دمشق اللي كانوا بعد العلاقات مقطوعة ما كانش في لهم أي وجود في الشام كله، ألاقي في محاضر مقابلات في ذلك الوقت هم بعثوا لنا قائما بالأعمال رجل مهم جدا السير كولين كرو ده سفير لكن جاء هنا قائما بالأعمال يحاول يشوف إزاي ممكن.. وجاء قابلني وقابل محمود رياض طبعا وقابل غيري لكن في كلام كثير قوي دائر بيننا وموضوع تبادل القنصليات إلى آخره موجود وعاوزين كمان موضوع أسرى في عندهم جاسوسين كانوا محبوسين عندنا اعتقلوا في ظروف السويس واحد اسمه سويمبرغ كان مدير وكالة الأنباء العربية وواحد معه اسمه زارب، وكان سويمبرغ أفرج عنه لأسباب صحية لكن زارب كان لا يزال موجودا في السجن وهم عاوزينه، ألاقي مقابلات مراد غالب وهو وكيل الخارجية في ذلك الوقت بيدي قائمة بالقنصليات اللي إحنا عاوزينها، بيجي لي السير كولين كرو بيقول لي دي طلبات مبالغ فيها وشوفوا إزاي الطريقة، ألاقي في البرقيات كولين كرو بيبعث بيقول قابلت هيكل وهيكل بيقول لي حدد لي أنتم مستعدون تدونا إيه بالضبط علشان نعرف نديكم إيه، فهنا في عمل متكامل وبعدين بتتحل موضوع القنصليات بشكل جامد وبعدين أنا عارف أن في موضوع زارب بشكل قاطع هم عاوزين هذا الجاسوس قبل ما يمشي كولين كرو قبل ما يجي لنا سفير رسمي معتمد والرئيس عبد الناصر قال لي إحنا ما عندناش مانع نفرج عنه لكن عاوزين نفرج عنه بطريقة لا تبدو فيها أنه والله إحنا استجبنا لشرط الإفراج عن جاسوس، كولين كرو قاعد مستني خلاص حيسافر حتنتهي مدة إقامته هنا وحيسافر وأنا عارف الرجل قد إيه مجروح والرجل قد إيه.. هذه الواقعة أنا ما كنتش أقولها ما كنتش أستجري أقولها لولا أن واحدا من المؤرخين الإنجليز أستاذ التاريخ روبرت مكنمارا أستاذ التاريخ في جامعة إيرلندا ذكرها بالتفصيل، لقاها في أوراق السير كولين كرو وقالها. لأنه أنا عملت إيه؟ أنا عاوز أتصرف وفقا لتفويض معطى لي أن أقول أيوه نحن وافقنا على زارب لكن في نفس الوقت مش عايز أقول إن إحنا تنازلنا فطلبت كولين كرو في اليوم قبل الأخير من بقائه في القاهرة، كولين تعال قابلني، جاء قابلني في الأهرام وقال لي أنا طول السكة وأنا جاي لك أعد إشارات المرور إذا كانت خضراء أقول في سبب للتفاؤل إذا كانت حمراء أقول يظهر في مصيبة هيكل طالبني علشان يبلغني أنه حاجة حصلت يعني، لما جاء كولين كرو أنا كنت عملت حاجة غريبة قوي وما أعرفش إزاي فكرت فيها، أخذت شيكا من شيكاتي على البنك الأهلي وكتبت عليه ادفعوا للسير كولين كرو مبلغ.. شطبت كلمة مبلغ وكتبت كلمة زارب ومضيت وحطيت الشيك في ظرف وحطيته على مكتبي، جاء السير كولن كرو قعد قدامي بيقول لي.. قلت له كولين الرئيس عبد الناصر تقديرا للجهود اللي أنت عملتها كلها قرر أن إحنا نديك الظرف ده، قال لي إيه ده فيه إيه؟ قلت له شوف فيه إيه، قال لا ما أفتحش الظرف، قلت له افتحه شوف إيه، قال لي محمد ما أقدرش أتصور إيه الظرف ده فيه إيه؟ عاوز أعرف فيه إيه، قلت له افتحه وشوف فيه إيه، قلت له فيه شيك، أنا قلت له فيه شك الرجل اتزرب وجهه واحمر، مش معقولة يعني مندوب بريطانيا العظمى السير كولين كرو وبعد كده بقى لورد كولين كرو وحد بيدي له شيك! قلت له أرجوك على الأقل قلت له كولين على الأقل شوف قيمتك عندنا تساوي إيه، هو بشكل ما بيفتح الظرف وأخذ الشيك ولقى زارب عرف أنا بأتكلم على إيه، قلت له بكره حد يأخذ الشيك ده ويروح به سجن طره، كنت متكلما مع شعراوي جمعة وزير الداخلية بإذن من الرئيس جمال عبد الناصر، قلت له في بكره حيروح حد من السفارة البريطانية معه شيك أنا ماضيه مكتوب عليه زارب، قال لي إحنا جاهزين للإفراج عنه، راح ثاني يوم كولين كرو بعث واحدا معه الشيك لقى زارب واقفا على الرصيف مستنيه يجي، أخذه واتعملت العلاقات أو اتحلت الأزمة، ده كان قطع العلاقات الأول. قطع العلاقات الثاني كان غريبا جدا كان اضطراريا في واقع الأمر بسبب تضامننا مع روديسيا، مع روديسيا الدول الإفريقية كلها قررت قطع علاقاتها مع إنجلترا لأن إنجلترا سابت إيان سميث يعلن الاستقلال من جانب واحد إلى آخره، قطعنا العلاقات في.. لكن عاوزين نرجع العلاقات بعد 67 خصوصا اليمن بقى إحنا بنطلع من اليمن وهم بيطلعوا بينفذوا سياسة شرق السويس بقيت مشكلة يعني مفتوحة بس عايزة كيف يمكن أن تلمس وهنا جاء دور الدبلوماسية العامة. في ذلك الوقت أنا سافرت إنجلترا قابلت رئيس الوزارة في ذلك الوقت هارولد ويلسون، قابلت جورج براون وبعدين هم عاوزين، بيقول لي جورج براون بيقول لي إذا خبطتم على بابنا فسوف نفتح هذا الباب، طيب ليه نخبط ما تخلوا الباب مفتوح، قال طيب نخلي الباب مفتوح نضمن أن حد حيخش يدخل منه. ذلك اليوم أنا بأتعشى في التايمز مع وول تومسون ومع السير دنيس هاملتون وهو رئيس تحرير صنداي تايمز اقترح علي أكتب مقالة في الصنداي تايمز، كتبت مقالة في الصنداي تايمز المقالة أنا أشرت فيها لكلامي مع رئيس الوزارة مع هارولد ويلسون وقلت إن إحنا كان عنوانهاtime to talk الوقت لكي نتكلم as ecwoles كمتساوين كأنداد، وشرحت وجهة نظرنا في العلاقات مع بريطانيا بصفة عامة، الصنداي تايمز وهي تعلم إيه الاتصالات اللي جارية كتبت الافتتاحية بتاعتها a message from Nasser رسالة من عبد الناصر، بعدها بأيام راح جورج براون وزير الخارجية إلى مجلس الوزراء -وقدامي في الوثائق- وقال لمجلس الوزراء هيكل كتب مقالة بتعبر عن رغبتهم في عودة العلاقات وأنا شايف -لأنه كان في جناح في مجلس الوزراء بيقولوا إن عودة العلاقات مع مصر تقوي مصر في هذه الظروف- فراح براون بيقول إن إحنا عاوزين علاقات مع مصر وتهمنا جدا وكذا وكذا وهم إحنا طرق الباب وسيبان الباب مفتوحا وهيكل كتب مقالة في الصنداي تايمز تعني أن الباب مفتوح، واتخذ مجلس الوزراء قرارا بعودة العلاقات وبعدين استؤنفت العلاقات في المرة الثانية بعد القطع الثاني. الحاجة الظريفة اللي بقى بأختم بها أنه بعد ما أعلن عودة العلاقات كلمني جورج براون وزير خارجية بريطانيا في التلفون بيقول لي يعني كويس أن العلاقات تمت وحيطلع بيان دلوقت وبتاع لكن أنا بقى عاوز أنتظر الشيك بتاعي، هو كان عارف إيه اللي حصل في حكاية زارب، طبعا ضحكنا وقلت له على أي حال حيجي لك.. يعني هو خاف من التلفونات كمان فأحب يقول لي أنا مش بأتكلم على شيك فلوس، قلت له أنا فاهم أنت بتتكلم على إيه. طلبت من صديقي في ذلك الوقت في الأهرام كمال الملاخ وهو خبير بالآثار المصرية يدور لي على حاجة فلقى جعران صغير دفعنا فيه 12 جنيها بعثته لجورج براون وكلمني في التلفون علشان يقول لي إن الشيك وصله زي ما حصل مع كولن كرو. لكن هنا أنا أتصور أنه بعد عودة العلاقات مع إنجلترا أنا أظن أنه إحنا بقينا بنتنفس أحسن أو علاقتنا مع.. بابنا مع الروس مفتوح لكن في جسور مع أوروبا الغربية بدأت تفتح لأنه وكان يجب أن نفتحها كان يجب أن نقيمها كان يجب أن نمدها لأن بقاءنا مع السوفيات وحدنا مع وجود مواجهة واسعة المدى على أفق زمني ممتد على الأقل كنا بنتكلم على معركة جاية بعد سنتين أو ثلاثة أو أربعة ونحن نستعد عاوزين نبقى بنشتغل في جو يسمح لنا بأن نتحرك على ساحة العالم كلها وأن نتحرك بكل أنواع العمل الدبلوماسي سواء في ذلك الرسمي أو الجانبي أو العام ولكي نشعر أن إحنا بنحرك قضايانا على أوسع جبهة وأنه مش بس السوفيات لأن بقاءنا هنا ده لما بأتكلم على سياسة حد السيف هنا في بلد في أزمة وفي مأزق وهو يحاول أن يفتح أبوابا مع العالم بعد صدمة كبرى يفتح أبوابا مع العالم على مستويات وعلى جبهات متعددة لكنه يريد أن يفعل ذلك أولا لأهدافه وان يفعله ضمن سياقة متناسقة ورؤية بتحاول أن تستعيد مواقع سواء ضاعت بسبب أشياء سابقة أو ضاعت بسبب صدمة كبيرة لحقت بنا أو مهما كانت الأسباب لكن في العملية الدبلوماسية أو في العملية السياسية أنا أعتقد أنه في هذه اللحظة، هذه اللحظة في اعتقادي موضوع يستحق وبوثائقه بأوراقه كلها أن يوضع للدراسة لكي يستطيع كل من يهمه الأمر، جيلنا خلص خلاص يعني كل ما نستطيع أن نقدمه هو أن نحط تجاربنا قدام الأجيال القادمة لنقول والله هذا ما فعلناه في ذلك الوقت فانظروا أنتم كيف تستطيعون أن تستفيدوا من هذا وأن تزيدوا عليه لكي تحققوا ما هو أبعد وما هو أكبر. تصبحوا على خير.