حوار في الشأن الجاري
مع هيكل

هيكل.. التغلغل الإسرائيلي في المنطقة

يواصل هيكل الحديث عن تاريخ الصراع بين عبد الناصر وإسرائيل في ظل التحركات الرباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا وبريطانيا.

– إسرائيل ولفت الأنظار
– استهداف مصر
– العنف وتأخير الارتداد الطبيعي للشعوب

إسرائيل ولفت الأنظار

محمد حسنين هيكل – كاتب ومفكر سياسي: مساء الخير، نحن هذه الليلة أمام لحظة شديدة التزاحم والتدافع تتدافع فيها السياسات والمشروعات والاجتماعات والخطط والاستراتيجيات إلى آخره، نفتكر في هذه اللحظة كان مطروح على سبيل المثال في الخطط كان مطروح الخطة ألفا كان مطروح قبلها الخطة روديو الخطة روديو تتدخل عسكريا لصالح انجلترا والخطة ألفا تحطها أميركا لتصور آخر قادم بشكل أو آخر وبعدين فيه خطة الأحلاف العسكرية اللي فيها العراق تشتغل في حلف بغداد نوري باشا يشتغل في موضوع حلف بغداد وفيها ردة الفعل المصرية اللي تتكلم على إنه الدفاع عن الشرق الأوسط ينبغي أن يرتكز على الدفاع المشترك العربي وبعدين فيه اجتماعات تحدث لما ننظر للاجتماعات اللي تحصل واحد إيدن موجود في القاهرة يوم 10 فبراير قبله بعشرة أيام انتهاء مؤتمر رؤساء الوزارات العربية تبحث في شكل ما هو قادم في العالم العربي وبعده إيدن يوم 20 يوم 28 إسرائيل في حالة لابد أن نعترف أنها عصبية وفيه من وجهة نظرها ما قد يكون مبرر لأنه المنطقة حولها فيه أفكار وفيه مشروعات واستراتيجيات وفيه لقاءات وإسرائيل لا يبدو أن لها دور هي عملت خطة في هذا الوقت وهي الخطة سوزانا اللي كانت تتصور إنه إفساد العلاقات بين مصر بين النظام الجديد في مصر وبين الولايات المتحدة الأميركية المتقدمة بمشروع ألفا وبين انجلترا اللي عندها الخطة روديو لكن الخطة روديو بتشعب ومواعيد الجلاء تقترب فإسرائيل حاسة بنوع من العصبية عملت مع الخطة سوزانا اللي فجرت فيها قنابل في مصر لكن هذه الخطة سوزانا جابت أثر عكسي لأنه اليهود المصريين الجالية اليهودية المصرية كشفت وده كان أصبح موضوع حساب عسير في إسرائيل وفي الدوائر اليهودية العالمية وبعدين الشبكة اللي كانت موجودة في مصر واللي كانت نائمة كشفت وبعدين الناس اللي تقدموا العمل بعضهم أعدم وفيه واحد انتحر وبدا أنه الصورة بشكل ما قدام إسرائيل موحشة وبالتالي بدأ التفكير في إسرائيل أنه تعمل حاجة وأما أقول تفكير في إسرائيل أتكلم على الناس اللي في مهمتهم صنع القرار الإسرائيلي وهذا موضوع سوف أتناوله لاحقا حالا يعني لكنه قدامي في هذه اللحظة وكل الوثائق بتقول لي إنه في إسرائيل بدأ في هذه اللحظة تفكير شديد العصبية يطلب عمل شيء يلفت النظر إلى أن إسرائيل طرف موجود في هذه المنطقة وأن كل اللي عاوزين يتكلموا عن مستقبلها وكل اللي عاوزين يتكلموا على خطط قادمة لترتيب الأوضاع فيها لا يستطيعوا ولا يحق لهم أن يتجاهلوا وجود طرف قوي أثبت نفسه سنة 1948 وهو ليس مستعدا إطلاقا بأن يغامر أو يقامر على المركز الخاص الذي حققه بنتائج حرب 1948 وهنا لو نتذكر في هذه اللحظة من سنة 1955 فبراير 1955 كان فيه وضع في إسرائيل أنه بن غوريون اللي كان طالب توجيه ضربة وقائية مبكرة لمصر واللي كانت متطير من شكل النظام اللي جاء في القاهرة ومتطير من أنه هذا النظام يحاول يبني في الداخل يتكلم عن السد العالي ويعمل خطط إنتاج ومجلس خدمات وفيه شغل حاصل في مصر بشكل إسرائيل من وجهة نظرها لن تسمح له أن يمر قبل أن يعقد هذا النظام المسؤول عنه صلحا معها وبالتالي فهي تفسح له الطريق لكي يصنع ما يصنع أما وقد عاند حتى الآن سواء في الاتصالات المباشرة اللي حاولت تعملها سواء في المفاتحات اللي عملت عن طريق الأميركان أو عن طريق أطراف أوروبية أو أي حد ثاني حتى سواء بالأوهام اللي وقعت فيها إسرائيل بالاعتماد على مجموعة من المستفيدين في باريس واللي وعدوا واللي نقلوا واللي قالوا أشياء ليست صحيحة زادت وتيرتها أكثر بعد ما اللي حصل في مارس 1954 في مصر وبعد اللي حصل في حكاية المصري والأستاذ محمود أبو الفتح طلع بره في الخارج وبدا يبقى هذه البؤرة في باريس في واقع الأمر تعمل دور زادت غرابته عما كان في الأول كانوا يحاولون يبقوا يعملوا دور وساطة بين مصر وإسرائيل أو يتصوروا يعملوا كده أو يقنعوا الإسرائيليين أنهم يمثلوا حاجة لكن هنا بدوا يبقوا مصدر معلومات لإسرائيل مع الأسف الشديد أنا أقولها لأن هم أعطوا معلومات عن الأوضاع الداخلية في ذلك الوقت سواء من ناحية تغلغل الشيوعيين في النظام سواء من ناحية نوايا النظام تجاه إسرائيل سواء من ناحية رغبة النظام في عمل في أنه ده ضباط جايين بعد تجربة 1948 جايين يحاولون ينتقموا لهزيمة لحقت بهم فالصورة أصبحت لدى إسرائيل موحشة، بن غوريون مجلس الوزراء في غالبيته لم يطاوعه ولا حزب المابام طاوعه فاعتزال راح في سات بوكر لكنه هو من وراء الستار يدير المسرح الإسرائيلي ويؤثر على القرار الإسرائيلي بالعكس يصوغ القرار الإسرائيلي وهو بعيد عن طريق تلاميذه الموجودين ديان في رئاسة أركان حرب شيمون بيريز في سكرتارية وزارة الدفاع رابين موجود في العمليات في قيادة العمليات في الجيش وهم دول الناس اللي من وراء شاريت اللي جاء بقى رئيس وزراء موشيه شاريت اللي بقى رئيس وزارة واللي كان من أنصار بعض التعقل في التعامل مع العرب أصبح في واقع الأمر ألعوبة في يد هؤلاء الناس وبدا يبقى فيه أشياء تسمح بها تصرفات تسمح بها طبيعة السلطة والقوة في إسرائيل تخلي رئيس الحكومة في هذه الحالة إذا لم يكن مسايرا للمؤسسة الأمنية والمؤسسة الفعالة والمؤثر عليها الأكبر وأستاذها الأعظم ديفد بن غوريون يصبح لعبة في يد العسكريين وهذا ما أحس به شاريت في واقع الأمر في المناخ اللي كنت أقول عليه واللي هو مزدحم بالمشروعات والسياسات والاستراتيجيات والمقابلات واللقاءات وإسرائيل متروكة في شعور بالوحشة بدا مجلس الوزراء أو لجنة الأمن الإسرائيلية تعقد اجتماعات والعسكريين يثوروا وديان يروح يخبط الترابيزة أولا قدام رئيس الوزراء الجديد المدني الغلبان الدبلوماسي اللي يتصور أنه إسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا إذا جعلت من نفسها دولة قانون لأنه ما فيش دولة ممكن تقوم على التصورات اللي قامت عليها دولة إسرائيل وقد تكون مفهومة في البداية العنف وفرض الأمر الواقع واستعمال المزيد من العنف وأنه العرب لا يستطيعوا فهم هذا الكلام ده كان مدرسة بن غوريون لكن شاريت كان في تصوره أنه آن الوقت لكي يكون لدولة إسرائيل روح مستمدة من القانون وأنها تتعامل بطريقة معقولة لكن ومع ذلك في هذا الصراع الداخلي وهذا الحوار العنيف اللي جاري في إسرائيل في ذلك الوقت وهي تستشعر الوحشة رئيس الوزراء وجد نفسه في وضع المعزول وأنا هنا قدامي واحد من أحسن الدراسات اللي عملت على تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وعاملها مؤلفها هو إيفي شلايم وهو من أهم المؤرخين في إسرائيل وهو وقد درس وراء..

"
بحلول عام 1955 قررت إسرائيل أن تلفت النظر إليها بكل الوسائل على أنها طرف هام في معادلة الشرق الأوسط وأنه لا يحق لأي طرف سياسي دولي مهما كانت قوته أن يفكر في إعادة ترتيب المنطقة بدونها
"

 آثر أن يظل حتى الآن في جامعة أكسفورد يدرس تاريخ الشرق الأوسط ويدرس تاريخ إسرائيل لكنه لا يعيش في إسرائيل لكنه هذا الرجل هذا المؤرخ المهم جدا واللي أنا أعتقد أنه.. أنه فيه في كتاباته جزء كبير شيء كثير جدا من الرؤية الداخلية كان عنده فرصة بمكانته وبقيمته في العالم الأكاديمي الإسرائيلي والعالم السياسي الإسرائيلي كان له قيمة سمحت له الوحيد تقريبا يمكن هو وثلاثة أربعة هم اللي قدروا يقرؤوا أصول محاضر جلسات مجلس الأمن القومي أو مجلس الوزراء المصغر ويعرفوا يتابعوا القرار أين هو وكيف يصدر، في دراسة إيفي شلايم يقول لي في هذه الفترة شيء غريب جدا إنه إسرائيل تحاول بكل الوسائل تلفت النظر إلى أنها طرف موجود في معادلة الشرق الأوسط وأنه لا يحق لأحد في هذه اللحظة من أول 1955 وأمور الشرق الأوسط تُرتب ويعاد ترتيبها والإنجليز سيخرجون والأميركان يفكروا في خطط وحتى خطط الأميركان وهي الخطة ألفا رغم ما فيها من سوء فهم فهي في داخلها تعطي لمصر في بنائها الداخلي تعطي لمصر أو للنظام في مصر من حيث الاعتماد عليه دور قيادي في العالم العربي لكي يستطيع أن يقود العالم العربي كله إلى صلح مع إسرائيل، لكن خطط هنا بقى هذا الرجل قرأ محاضر مجلس الأمن القومي في إسرائيل قرأ محاضر مجلس الوزراء المصغر يقول لي إيه؟ يقول إنه أول حاجة أول اقتراح بأنه إسرائيل مطالبة هذه اللحظة بعمل يلفت الأنظار إليها برسالة من بن غوريون في هذه اللحظة من أوائل فبراير 1955 يقترح احتلال المنطقة المنزوعة السلاح بين سوريا وبين إسرائيل وبعدين تناقش هذه المسألة وبعدين تصرف النظر عنها لكن ده كان أول اقتراح الاقتراح الثاني في اقتراحات بن غوريون إنه يدخلوا يحتلوا الشريط الفاصل بين قطاع غزة ده كلام لسه يقال لغاية اليوم يُفصل الشريط الفاصل اللي هو يسموه فلادلفيا اليوم يعني في الخرائط وفي الوثائق يسموه قطاع فلادلفيا أو خط فلادلفيا يدخلوا يحتلوا ما بين غزة وما بين مصر لعزل قطاع غزة عن مصر وعلى أي حال الغرض هو إحراج الجيش المصري ووضعه هنا فيه ناس يدرسون استراتيجي أيضاً لأنه هو يعلم إنه قطاع غزة وهو شريط رفيع من الأرض محاذي لشرق جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط وعرضه في بعض المواقع لا يزيد عن سبعة ثمانية كيلو وفي أقصاه حوالي عشرين خمسة وعشرين كيلو أو اثنين وعشرين كيلو وطوله كله من أوله لآخرة حوالي أربعين كيلو شريط كده يصعب جداً الدفاع عنه وبعدين يعلموا أيضاً إنه يقدر يعمل حاجة بغزة لأنه القوات المصرية وهذه نقطة مهمة جداً الجيش المصري من وقت الاستعداد للمواجهة مع الإنجليز في منطقة قناة السويس لم يشأ أن يجعل خطوط مواصلاته إلى قوات كثيفة تبقى موجودة في سينا تحت رحمة القاعدة البريطانية والنتيجة فيه قرار صدر عسكري في مصر على أعلى مستوى إنه قوات سينا تخفف جداً لحد الضروري وهذا ما دعا لو نفتكر برقية أنا عرضتها هنا قبل كده المخابرات العسكرية البريطانية في عز الأزمة بين مصر وبريطاني تلف نظر الإسرائيليين بأدب كده إنه والله سينا فاضية دلوقت فتفضلوا تقدروا تتصرفوا تقدروا تدخلوا جوه لأنه ما كانش فيه قوات كفاية فتعلم إسرائيل وهنا وهم يتكلموا عن احتلال الشريط وعزل قطاع غزة إنه صعب جداً إنه مصر ترد برد تعمل حاجة يعني إن هي تقدر باحتلال هذا الشريط وعزل قطاع غزة تضع النظام الجديد المصري قدام حال نفسية لا يمكن قبولها وحالة مشكلة قدام العالم العربي إنه قطاع غزة معزول أيضاً هذا الكلام يُرفض لأنه بعد مناقشات يعني يقال إن هذا ليس وقته لأنه ده سيظهر في هذه اللحظة استفزاز بأكثر مما تحتمله طبيعة هذه اللحظة، بعدين يُطرح مشروع الترت يرجع بن غوريون ثاني يتكلم يتكلم على إحداث قلاقل في لبنان يرجع لمشروعه بتاع الدولة المارونية في لبنان وإنه هذا هو الوقت المناسب لسلخ لبنان فإذا سُلخت لبنان بمشروعه للدولة المارونية في تصوره الكانتونات اللي كنت أتكلم عليها وتكلمت عليها مرة قبل كده بانتوستانس اللي عايزة تعملها إسرائيل يبقى في هذه الحالة عملوا حاجة إنه سيحرجون سوريا وسيحرجون مصر وسيأخذون لبنان من وسط المحيط العربي بتاعها ويتصوروا إنه هذه خطة ملائمة يتصور بن غوريون إن ده وقتها وأيضاً مجلس الوزراء المصغر يرفض أو على الأقل بعض الناس فيه المؤثرين وخصوصاً رئيس الوزارة موشيه شاريت وأنا شايف عذابه في يومياته في هذه الفترة وجاي لها حالاًَ وبعدين يرجعوا يتقدموا.. لا ييأسوا تقريباً لأنه لافون يخش هنا وهو وزير الدفاع الرجل اللي اتهم بفضيحة هو ما عملهاش في واقع الأمر زورت عليه أوراقها اللي هي عملية سوزانا عملية اللي هي عُرفت بعملية لافون تخريب في مصر عملية تخريب في مصر فيدخل هنا وهو أيضاً صقر من الصقور فهو هنا يقترح إنه مش فصل الشريط الحدودي بين مصر وغزة واحتلاله لا الدخول واحتلال قطاع غزة لأنه أولاً هذا جزء من أحلام إسرائيل واحد ونمرة اثنين إنه مصر ليست في وضع يسمح لها بالدفاع عنه اثنين ونمرة ثلاثة إن هذا يكفل توجيه أكبر إهانة للنظام الجديد إذ أوخذت منه غزة التي أؤتمن عليها في مرحلة سابقة النظام الملكي حتى بعد هدنة سنة 1949 وبعدين كل ده يجد فيه بعض الأطراف خصوصاً رئيس الوزارة يجد فيه إن الوقت غير مناسب وإنه قد يرد بأثر عكسي على إسرائيل خصوصاً وقد جربوا مثل هذا النوع من الأعمال في عملية لافون في عملية تخريب العملية سوزانا عملية تخريب داخل مصر وكشفت فهنا رئيس الوزارة متشجع لكن المشروعات عمالة تثري ويسجلها في الاجتماعات ومجلس الوزراء المصغر قاعد في إسرائيل قاعد طول الوقت يفكر ما الذي يمكن عمله وهنا فيه صراع بين واقع الأمر بين ديفد بن غوريون مؤسس الدولة وبين موشيه شاريت اللي هو الدبلوماسي الذي أشرف وأدار على معركة تقسيم وهو رأيه على أي حال إنه هو لا يقل تعصباً أو لا يقل تفكيراً أو حلماً بالمشروع الصهيوني عن بن غوريون لكنه يتصور إنه المجتمع الدولي ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار وإنه فكرة القانون بشكل ما لابد أن تدخل على نحو ما في القرار الإسرائيلي لأنه استمرار العنف بهذه الدرجة في القرار الإسرائيلي سوف يحول إسرائيل سوف يقتل في رأيه روح إسرائيل روح إسرائيل هو في رأيه أو في تصوره إنه الشعب اليهودي طول عمره إذا كان فيه حاجة اسمها الشعب اليهودي لكن الجماعات اليهودية طول عمرها تتصرف بالثقافة وبالتفكير وقريبة من الفن وقريبة بشكل ما وهي في المجتمعات اللي عايشة فيها عملت أدوار لا شك فيها علمياً وفلسفياً وفنياً إلى آخره فهنا في شاريت يقول إنه لابد بعد لحظة العنف الأولى اللي عملناها في سنة 1948 لابد لإسرائيل أن تستعيد بعضاً من روحها ولا تستطيع الدولة أن تسترد روحها إلا بالتزام القانون إلا بأن يكون هناك منطق في تصرفاتها يحكمه عقل ولا تحكمه جنوح العصابات وإنه وهذا كلام تردد كثيراً في ذلك الوقت الفرق بين القتل والقتال إنه القتل ممكن تعمله عصابة وعلى مستوى الجريمة لكن القتال ده حرب والحرب لا يمكن أن تكون قانونية وعادلة ومشروعة إلا من سلطة شرعية، سلطة شرعية ملتزمة بقواعد التصرف فيها أيضاً عنصر الأخلاق.

 

[فاصل إعلاني]

استهداف مصر

محمد حسنين هيكل: هنا فيه صراع قدامي أنا أنظر ألاقي آخذ يوميات شاريت ألاقي في هذه الفترة شاريت معذب، معذب لأنه فيه إحساس إنه لابد من عمل شيء وبن غوريون يضغط إنه لابد من عمل شيء ولابد من توجيه ضربة في أي مكان لكي يعرف العالم أن إسرائيل هنا وأن لها دوراً وإنه لا أحد يستطيع أن يتصرف وأن ينظم في المنطقة في غيابها وبدون رأيها وبدون مشاركتها الإيجابية مش حد يقول لها إنه والله نيابة عنكم إحنا سنرتب مصالحكم وبعدين سنقول لكم تفضلوا تعالوا يعني إحنا سنضغط على مصر بالخطة ألفا ومصر ستتصرف فيها ونعطيها بعض المزايا وسنكلفها بعض المهام لكي تقود الصلح بين العرب وإسرائيل فانتظروا أنتم حتى يأتي دوركم وسنقول لكم تفضلوا هذا منطق لا تعرفه إسرائيل وأظن إنه ولا كيان حي يستطيع أن يقبل إنه آخر يرتب له مسائله وإن هو يبقى بعيد وأنه يدعى حين يراد طرف غيره إلى أداء دور أو إلى تحقيق هدف من أهدافه لكنه كل العمليات اللي بتفكير فيها إسرائيل أو مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر أو بضغوط من هيئة الأركان فيها ما لا يستطيع شاريت أن يقبله إلا ببعض الشروط لكن القرار استقر في النهاية على تنفيذ عملية ضربة محدودة إلى قوات الجيش المصري في غزة وهذا ما سمي فيما بعد أو اشتهر بوصف إنه انهار على غزة اللي حصلت يوم 28 فبراير، السياق هنا ملفت لأنه الاجتماعات متتالية من أول إيدن رؤساء الدول العربية حتى نوري باشا نوري السعيد يقابل عدنان مندريس ويحاولان عمل حاجة فيه محاولات لترتيب أشياء وفيه أبطال متقدمة فيه الخطة ألفا وفايروت جاي بعد كذا يوم وإيدن كان موجود قبل كده وجنرال.. وفيلد مارشيل هاردينغ موجود ويبدو إن كل حد يسترضي مصر وإنه إسرائيل مش موجودة يعني سواء يسترضيها لقيمتها أو يسترضيها لكي يستعملها على أي الأحوال لكنه هنا قررت إسرائيل إنه.. قرروا في إسرائيل أو على مستوى مجلس الأمن القومي في إسرائيل وعلى مستوى أجهزة الأمن المتسقة مع بعضها توجيه ضربة إلى مصر وأنا ألاقي شاريت هنا عمال يرثي للأحوال اللي أوصلته إلى هذا لأنه لما بدؤوا يعملوا يفكروا في الغارة بدأ شاريت يقول هو موافق بس هو يطلب إنه هذه الغارة تبقى في حدود مجرد إنها تذكرة ولا تكون عمل يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة قوي لأنه حدوث خسائر بشرية سيخلق ثأر جديد يضاف إلى ثأر 1948 فهنا من فضلكم يعني عايز الخسائر أقل ما ممكن تبقى محدودة والعملية تبقى مركزة بن غوريون يروح له الثلاثة ديان تلامذته ديان شيمون بيريز رابين ويروحوا يقابلوه في سات بوكر وترسم خطة الإغارة على غزة وتحدد بأنها ضرب معسكر للجيش المصري وإحداث خسائر به بواسطة قوات كوماندوز وقتل عدد من الجنود وضباط الجيش المصري لمجرد العامل النفسي هنا العامل النفسي اللي هو تأكيد وترسيخ إنه مصر لا تستطيع وإنه غير قادرة وإنه إسرائيل لا يمكن لأي طرف أن يتجاهلها أو يتركها أو ينسى إنها موجودة لأنها في كل الأحوال طرف فاعل هنا يبقى الناس محتاجة شوية أعذار صغيرة أحد متسلل يدخل وهو ده العذر اللي استعملوه متسللين فلسطينيين دخلوا إلى الناحية الثانية يأخذوا حاجات من عندهم يقولوا واحد متسلل ويقتلوه لكن يقتلوه ويقولوا إنه ده عدوان على خطوط الهدنة وإنه إسرائيل لن تسكت وإنه سوف تتصرف لكن كل ده كان يؤخذ الموضوع مشي سنين وأخذ بهدوء ولم يستوجب أعمال على مستوى مؤثر لكن هنا في فبراير 1955 قررت إسرائيل إنه الضربة تبقى ملحوظة وهي آمنة من ردود الفعل بشكل أو آخر لأنه ما فيش جيش مصري قريب ولأنه قطاع غزة يصعب الدفاع عنه ولأنه مئات الأسباب لكن هنا دخلت ليلة 29 النهار 28، 29 وشاريت يسجل في يومياته إنه العملية ستبدأ اليوم وأنا أدعو الله وأصلي إنه ما تبقاش فيها خسائر كبيرة وإنها تعمل بأقل قدر ممكن من الخسائر بحيث تؤدي دورها السياسي دون أن تؤدي إلى إراقة دماء كثيرة زي ما هو يقول إلى إراقة دماء كثيرة وبعدين يحكي هو في يومياته التي كتبها بيده يوم بيوم لم تكن للنشر كمان كانت موجودة له هو وابنه هو اللي قرر ينشرها فيما بعد يقول إيه؟ يحكي إنه زوجته تسيبورا جاءت قالت له إنه أعلنت نتائج العملية والعملية قتل فيها ستة سبعة من قوات الجيش المصرية فهو يقول الرجل يقول الحمد لله العدد قليل ومش تعمل مشكلة كبيرة قوي وبعدين يقول بقى أصبت بغم وكمد شديدين لما عرفت إن عدد ضحايا الجيش المصري وصلوا إلى 38 وسألت كيف تناقض هذا مع المعلومات الأولى اللي جاءت لي وظهر فعلاً إنه السبب اللي حصل اللي أدى إلى زيادة الخسائر مش العمليات هو يوصف هنا الجيش المصري يوصف إنه المعلومات التقارير اللي جاءت له الأولى إنه قوات الجيش المصري معسكر الجيش المصري الذي هوجم هذه الليلة قاوم جنوده ببسالة أدهشت وهو يقول الكلام ده أدهشت الإسرائيليين وأنه لقوا فيه نوع آخر من المقاتل وأنه أبدوا العساكر والضباط أبدوا روح من العناد والمقاومة الشديدة جدا لفتت الأنظار بالعكس أخافت إلى أنه في مستوى قتالي مختلف عما عهدوه قبل كده سنة 1948 لكنه الخسائر الكبرى جاءت لسوء الحظ من أنه لوري محمل بالعساكر والضباط مس لغما فانفجر وبعد انتهاء العملية تقريبا فإذا بعدد الضحايا يرتفع جدا وإذا موشيه شاريت رئيس وزارة إسرائيل يقول قاعد تقريبا يعني تقريبا يقول أنا كسير الخاطر ومتألم لأنه هو برضه كان متصور لما عرف أن موضوع الضحايا زادوا من الانفجار زادوا بسبب انفجار لغم كان تقديره أنه يعني هذا سوء حظ لكنه بشكل أو آخر قوات الجيش أطاعت أوامره خلت العملية محدودة في إطار معين يعطي المعنى الرمزي لكنه الانفجار اللغم في لوري جيش مصري أدى إلى تعدد الخسائر وبالتالي العملية أخذت بُعد آخر وبان لها تأثير أكثر شدة، هنا ألاقي إيه؟ ألاقي أنه إسرائيل بدت أمام واحد في وسط العالم العربي بدت أنها طرف لا يمكن لا يستطيع أن يغير عقليته لأنه هنا وأنا سأتكلم عن العقلية الإسرائيلية بعد لحظة هنا فيه طرف تكوينه لا يستطيع ما حدش ليس هناك مخلوق قادر على أن يتصرف خارج تجربته خارج رؤيته خارج ثقافته خارج منطقه باستمرار أساليبنا تحددها ظروفنا تحددها نظرتنا للأشياء وإلى الحياة وإلى منطق الأمن الذاتي لكل مخلوق يعني فإسرائيل بانت إسرائيل لم تتغير حصل هيصة كبيرة قوي لجنة الهدنة جاءت رئيس لجنة الهدنة بنفسه جاء جنرال بيرنز جنرال بيرنز عمل تقريره وقال فيه بوضوح كده إن إسرائيل هذه كانت عملية مدبرة والأمم المتحدة قالت كده وطلع تقريرها كده وبقى شاريت المهتم بالمعركة الدبلوماسية والمهتم بروح القانون والمهتم بكل اللي كان عاوز يهتم به بدأ يشعر أنه حتى قراره بالموافقة على عملية محدودة كان غلط وأنه إسرائيل دخلت في مأزق لأنه هنا زودت وده ما كانش عاوزه هو زودت روح الرغبة في.. زودت ردة الفعل المحتملة قوة ردة الفعل الكامنة عند أي طرف يتلقى ضربة وقد لا يستطيع أن يردها اليوم لكنه بطبيعة الحياة وبطبيعة أي حد حي لما يتلقى ضربة عنده استعداد ضروري لردة الفعل حتى بالشعور اللي يقال عليه في الصعيد الثأر وهو شعور إنساني بديهي جدا وما حدش عاوز يزود جرعة المخزون من الرغبة في الأخذ بالثأر لأنه 1948 سابت مخزون كفاية قوي هنا بقى فيه واحد إسرائيل أرادت أن تعمل عمل رمزي يظهر أنها موجودة وأنها طرف وأنه يا كل للناس اللي أنتم مهتمين بالشرق الأوسط مشروعاته واستراتيجياته وسياساته لا تستطيعوا تجاهلنا بقى فيه عملية زادت عن معناها الرمزي ووصلت إلى أنها أحدثت خسائر.. خسائر 38 شهيد في القوات المصرية هذا كلام لا يمكن السكوت عليه صعب السكوت عليه قوي وصعب قوي أن يأخذ بالمعني الرمزي لأنه هنا في قضية أخرى يعني لما أشوف بقى أولا أشوف أخونا شاريت وهو في نواحه أنا سأتركها دي تتحط على سبيل المثال ألاقي في كلام شاريت وهو هنا أنا مصوره من كتابه هنا يقول كانت مقاومة المصريين عنيفة جدا أمطروا القوة الإسرائيلية بنيران حامية لم يسبق أن تعرضت لها الوحدات التي شاركت في أي عملية سابقة صمود رجالنا كان كويس لكن شهد القادة الذين حضروا حرب التحرير يتكلم على 1947/ 1948 أنهم لم يسبق لهم أن واجهوا هجوما بهذا الشكل أو مقاومة بهذا الشكل من جانب الوحدات المصرية وبعدين يقول إنه مع الأسف الشديد طلع تقرير الأمم المتحدة وهو يديننا وإسرائيل لا تستطيع أن تواجه هذا لكن سأرجع للبرقيات بقى البرقيات السفارات والأمم المتحدة والحاجات دي كلها كل البرقيات بتقول إيه؟ على سبيل المثال الخارجية الأميركية بتقول إنه ده قرار ليس قرار ده مش صدام حصل في الظلام ده قرار مرتب طيب الهجوم يعني وإنه هذا القرار يحمل رسالة لنا أيضا للأميركان يقول لنا فيه أولا رسالة لإنجلترا يقول لها ما تطلعيش أو لابد أن تعلمي أنه ما تقدروش تصنعوا مع مصر كده من غير ما نبقى إحنا طرف انتم تجاهلتمونا في أثناء المفاوضات لكن الآن وقبل أن نقترب من لحظة التي تقل فيها درجة التهديد بسبب وجود الخطة روديو وبسبب القوات اللي في قناة السويس أنتم لا تستطيعوا استمرار تجاهلنا لأننا طرف موجود رسالة للخارجية الأميركية أيضا وده تقديرهم أنه أنتم ما تقدروش تسووا مع مصر شؤون الشرق الأوسط كده وإحنا بره ولا تقدروا حتى تتكلموا بالنيابة عنا وبعدين يقولوا تحليل وزارة الخارجية الأميركية ليه اختاروا ضربة موجهة إلى مصر بالذات بالتحديد؟ يقول إيه؟ واحد الضربة ضد مصر لأنها أكبر دولة عربية فإذا وجهنا إليها ضربة فقد ضربنا الكل ضربة ستصيب الجميع نمرة اثنين أنه النظام الجديد اللي جاي مستقوي يتكلم عن أنه دفاع عربي مشترك لابد أن نثبت أنه أول مَن يعجز عن الدفاع حتى عن مسؤوليته وبعدين يقولوا وهنا يقولوا إن إحنا جربنا استفزاز النظام قبل كده أنهم جربوا استفزاز النظام قبل كده بعدة عمليات جربوا استفزازه بعملية لاختراق للمرور في قناة السويس فبعثوا مركب اسمها بات غاليم في أواخر سنة 1954 لكنه عشان تفوت في قناة السويس مركب إسرائيلية فالسلطات المصرية صادرت المركب وأعادتها إلى لجان الهدنة وما قبلتش الاستفزاز فهنا فيه حد ماسك أعصابه والإسرائيليين شايفينها ومش عاجبهم أنه فيه حد ماسك أعصابه يعني فهنا يوجهوا له وبعدين يقولوا أنه كمان حتى العملية سوزانا عملية لافون إحنا حاولنا نعمل فيها حاجة جوه حاولوا يعملوا فيها حاجة جوه في مصر داخل مصر لكنه مصر أيضا لم تستجب لاستفزاز مسكت الناس وحاكمتهم وأعدمت اللي أعدمتهم وواحد انتحر وإلى آخره لكن أخذت المسائل بهدوء لكنه لابد أن نفعل شيئا أو هذا قصدهم من العملية دي في تحليل الخارجية الأميركية لابد أن نفعل شيء يجعل المصريين إما أن ينكشفوا وإما أن يتصرفوا وفي هذه الحالة نشوف يتصرفوا إزاي لأنه غزة إذا تصرفوا في غزة فهو أمر صعب جدا عليهم لأنه القطاع ضيق لا يسمح بمناورة فضلا عن إنه ليس عندهم قوات في سيناء فبالتالي الضربة ممكن قوي توجه ضربة والضربة مأمونة العواقب، ألاقي تقرير طالع تشرشل في إنجلترا يقول لوزير الدولة لشؤون الخارجية يقول له قل لي إيه اللي حصل ده؟ فيكتب له تقرير يقول له هذا عدوان واضح يوجه رسالة لأطراف كثير قوي في المنطقة أو مهتمة بها ويوجه رسالة إسرائيلية وبعثها لرئيس الوزارة ويقول له يقول له أنا باعث لك كمان تقرير الأمم المتحدة تقرير جنرال بيرنز رئيس رجال الهدنة اللي هو يدين إسرائيل صراحة والموضوع رايح لمجس الأمن أنا أعتقد إنه هذا الموضوع أول ما وصل أظن إنه عمل نوع من الصدمة لجمال عبد الناصر بمعنى إنه وهو هنا حتى في مرات كثير قوي يقول في خطابات رسمية فعلا موضوع الغارة على غزة كان موضوع بالنسبة له خصوصا في قضية السلاح كان موضوع فارق جدا لأنه هنا لفت نظره وعلى الأقل بدأ يواجه حقيقة عارية لا يستطيع أن يتجاهلها أو أن يستمر في تجاهلها وهي إنه مع التسليم إنه الصراع العربي الإسرائيلي فيه جزء منه ضعف العرب وليس قوة إسرائيل ومع التسليم إنه من المهم جدا إنه لأنه ميزانية الدولة المصرية بعد الثورة في الدفاع خفضت لمقدار خمسة مليون جنيه وده كان كبير في ذلك الوقت ميزانية الدفاع كلها في ذلك الوقت حتى بعد حرب فلسطين لم تزد عن 25 مليون جنيه.. 27 مليون جنيه بالكثير فخفضت بعد الثورة اللي جاب بها عسكريين ومن منطق إنه التحدي في واقع الأمر تحدي حضاري وتحدي تقدم وإنه هذا هو جوهر الصراع وإنه مش قوة إسرائيل ولا حاجة ولكنها ضعفنا خفضت الميزانية فموضوع السلاح ما كانش آخذ أولوية أولى في تقديره السد العالي كان في الأول مجلس الإنتاج الكهرباء البترول البحث عن البترول إلى آخره لكنه ببساطة كده موضوع السلاح ما كانش هو الأولوية الأولى.

[فاصل إعلاني]

العنف وتأخير الارتداد الطبيعي للشعوب

"
الغارة الإسرائيلية على غزة كانت نقطة تحول كبيرة في المواجهة بين عبد الناصر وإسرائيل، حيث بدأت بالفعل عمليات الفدائيين تنطلق من كل من قطاع غزة والضفة الغربية تحت إشراف الملحق العسكري المصري في عَمّان
"

محمد حسنين هيكل: في الغارة على غزة أدرك عبد الناصر هو يقول أنا ما أقدرش سأبني مستشفيات وسأبني مراكز اجتماعية وسأبني مصانع وسأبني سد عالي لكن دون قوة مسلحة فهذا كله مكشوف أمام إسرائيل فنحن هنا يعتبر هو وهذا كلام تكرر في خطبه كثير قوي إنه هذه كانت نقطة تحول بالنسبة لبحثه عن السلاح هو أظن سيطر على أعصابه بالقدر الكافي وقرر أن يتخذ أسلوب آخر وهنا بدأت عمليات اللي كانت نسميها عمليات الفدائيين عمليات الفدائيين اللي كانوا يطلعوا من سواء من قطاع غزة أو من الضفة الغربية تحت إشراف الملحق العسكري المصري في عَمّان وهو العقيد مصطفى حافظ وأظن هذا الرجل عمل دور باهر في هذا الوقت وهو استشهد مع الأسف فيما بعد لكنه رد مصر لم يكن الرد الذي يُرى ما كانش الرد الدراماتيكي الذي تستوجبه عملية من هذا النوع وإنما كان الرد البطيء على مهل وهو عن طريق غارات فدائيين يدخلوا داخل إسرائيل أو يتسللوا داخل إسرائيل ثم يقوموا بعمليات نسف وعمليات تخريب بنفس المستوى اللي كانت تحاول تعمله إسرائيل ولكن هنا ده مش ده نوع الرد اللي يبقى ما هواش متوازي مع الفعل الأصلي، الفعل الأصلي كان فعل عسكري بفجاجة وبعنف وهنا رد الفعل مقابله رد فعل لا يريد أن يلجأ إلى القوة السافرة لكنه يسوّي حسابه بطريقة أخرى لكن هذا أدى أيضا إلى إنه فيه توتر في المنطقة بدأ يزيد على أي حال هنا كل الناس اللي يقولوا لي إنه فيه رسائل هنا أنا عايز أقول إن هنا ما كانش كل رسالة في الدنيا موجهة إلى مرسل إليه لكنه كل رسالة في الدنيا أيضا تعكس عقلية ومنطق وتفكير المرسل وإحنا نقرأ أي رسالة ممكن قوي نقول الرسالة فيها إيه وممكن قوي النص المكتوب فيها يبقى هو شاغلنا بحيث أنه هذا هو ما قصد مرسل الرسالة أن يقوله للمرسل إليه لكنه فيه أسلوب آخر في دراسة الرسائل وهو أن يحاول الناس أن يطلوا على المنطق اللي أملى هذه الرسالة إذا كان وقت غزة هي رسالة وأنا أعتقد إنه كانت كذلك وكل الوثائق أمامي بتقول لي إنها كانت رسالة فعلا موجهة للطرف المصري لكنه هذه الرسالة بمقدار ما نقلت شيئا إلى المرسل إليه عبرت لي عن تفكير وعن كثير قوي في مزاج المرسل نفسه كاتب الرسالة نفسه هذا يعود بي بالضبط إلى طبيعة هنا فيه مسألتين مهمين في اعتقادي الحاجة الأولى هو إنه هذه الرسالة تقول لي شيء عن نشأة الدولة أنا أمام دولة نشأت بالتعارض مع أهم عنصرين مشكلين لقيام الأمم ووجود الأمم ووجود الدول الحاجة الأولى الاتساق مع الجغرافيا والتاريخ لا يمكن الدول والأمم مش ممكن تيجي تزرع غصبا في مناطق هي لم تكن فيها ممكن حد يقول لي دعوة أسطورية كويس دعوة أسطورية لكن هذه دعوة حتى في منطوق الناس اللي يقولوها علينا حقهم في إنشاء دولة وطن قومي يهودي في فلسطين هذه الدعوة هم في رأيهم إن كنا موجودين هنا من ألفين سنة ومن حقنا أن نعود بعد ألفين سنة حتى لو أخذت بده ده منطق محتاج كلام طويل قوي لكنه لما أحد ينشئ مثل هذه الدولة وبالتعارض مع الجغرافيا والتاريخ تحصل فيه عدة أشياء الحاجة الأولى إنه ليس أمامه دعوة لن تجلس تتفاوض مع أحد لن تجلس تستعمل حجج قانون لابد أن تستعمل قوة واقع عنف لكي تحقق به وجود معادي أو مختلف عن أحكام الجغرافيا والتاريخ عن أحكام المنطقة اللي أنت جاي فيها عن أحكام انقطاع ألفين سنة على أقل تقدير حتى لو قبلت بالدعوة الإسرائيلية لأنه ألفين سنة رتبت حقوقا لمَن عاشوا للشعب الفلسطيني اللي عاش في الأرض دون انقطاع ألفين سنة أكثر قوي من الحقوق اللي كانت ممكن موجودة لقبائل يقال لي إنها قبائل يهودية في جودية والسامرة من ألفين سنة فإذا كنت عاوز تحقق ده ليس أمامك وسيلة إلا العنف وليس أمامك وسيلة لا قانونية ولا أخلاقية ولا شرعية ولا أي حاجة أبدا إلا أن تجيء بالقوة المجردة وعشان كده واحد بقى مشروع لا يمكن أن يقوم إلا بالعنف وده جزء من طبيعة الدولة الإسرائيلية من ضرورات وجودها الحاجة الثانية اللي ترتبت على ده إنه قبل ما تقوم مشروع الدولة نشأ الجهاز ده طبيعي نشأ الجهاز الذي ينشئها وهو النواة الأساسية لجيش إسرائيل طبيعة الأمور إذا كان حد عاوز ينشئ حاجة مخالفة لوضع تاريخية وجغرافية حقائق جغرافية وتاريخية إنه لازم يبقى عنده الأداة اللي يعملها الأداة كانت واضحة العنف والعنف بدت فيه واحد الهجناء عمر ما فيه دولة عادة الدولة تنشئ جيشها لكن عمر ما فيه جيش أنشأ دولته ده جديد في التاريخ والعنف هنا لا يقتصر العنف بالطبيعة لا يقتصر على مجرد استعمال النار لكنه يبقى عنده حاجتين محتاج واحد قوة السلاح ومحتاج ثاني قوة المعلومات قوة المخابرات والوكالة اليهودية في واقع الأمر اللي نفذت المشروع على الأرض الإسرائيلي كانت هي في حد ذاتها الجهاز السياسي وهو في حقيقته جهاز مخابرات لأنه لما يبقى فيه جهاز يدير وجهاز غير مرئي وجهاز غير مقيد بقانون هو في واقع الأمر عملية سرية جمعية سرية ناس يشتغلوا ضد القانون وضد السلطة القائمة وضد كل حاجة فبقى فيه العنف والمخابرات لكن هنا بقى فيه عندي مشكلة ثانية وهي إنه الناس اللي جايين هذا العنف لما تمارسه دولة فيه دول مرات تمارس العنف كل الدول الاستعمارية مارست نوعا من العنف في مستعمراتها طبعا لكنه مَن مارس العنف وهنا مسألة مهمة قوي مَن مارس العنف هو قوة واحدة هو عقلية واحدة هو سلاح واحد وهو عقلية القوى الاستعمارية لكنه في الحالة الإسرائيلية لما أنا أشوف على سبيل المثال إزاي إسرائيل عملت جيشها مَن جاء في الجيش الإسرائيلي؟ ألاقي أنه عمر ما دولة كانت في وضع وهو ده يفسر كثير فيما بعد عمر ما قيام دولة عاوزة تنشئ جيشها عملت فيه اللي حصل في إسرائيل لما أخذ بقى مذكرات بن غوريون ألاقي إيه؟ ألاقي نمرة واحد ودي غريبة جدا لأنه هنا فيه رابط الدولة الاستعمارية عندها رابط شريعة الدولة الأصلية المستعمرة فهي تتصرف وفق منهج وفق سياسة وفق قانون فيه نوع من الاتساق حتى السلاح له دوي واحد ما هواش عشرين دوي مختلف كل سلاح من نوع مختلف فيه عقلية واحدة لكنا أنا أبص ألاقي على سبيل المثال بن غوريون يقول إيه؟ لما 1948 ويعملوا الجيش ألاقي في مذكرات بن غوريون يقول إيه؟ ما عندناش ضباط يقدروا يقودوا معركة فجابوا حسبوا كم عدد الضباط الموجودين في جيوش دول أخرى الجيش الروسي يعني على سبيل المثال هو يقول إيه؟ إحنا أخذنا في جيشنا الوقتي بقى فيه 529 ضابط أركان حرب مؤهل ستين كان أصلهم الفرقة اليهودية خلاص لكن فيه 273 كان أصلهم في الجيش الإنجليزي طيب وفيه 36 ضابط أصلهم من الجيش الروسي وفيه ستين ضابط من الجيش البولندي وتسعة ضباط من النمسا و18 ضابط من تشيكوسلوفاكيا وثمانية ضباط من المجر و11 ضابط من أميركا وتسعة ضباط من رومانيا وتسعة ضباط من جنوب أفريقيا وأربعة ضباط من إيطاليا وثلاث ضباط من لادفيا وضابطين من هولندا وضابطين من بلجيكا وضابطين من اليونان وضابط واحد من كل من الأرجنتين وكندا وسويسرا وأستراليا وسوريا لما ألاقي هيئة أركان حرب وبعدين هو يقول أن إحنا أخذنا عندنا في جيشنا بالضبط 35 جنرال نشؤوا وتدربوا في جيوش أخرى واليوم في جيش إسرائيلي طيب بالمنطق كده وبطبائع الأشياء كل الناس اللي تدربوا في جيوش معينة أخرى أخذوا عقائد هذه الجيوش أخذوا منطقها في الحرب أخذوا ثقافتها في إدارة القتال أخذوا.. تربوا بشكل مختلف لكن أنا عندي هنا ده أول مرة بقت هيئة أركان حرب عمر ما فيها هذا الاختلاط في المدارس العسكرية لكن ساعة ما يكون هذا الاختلاط في المسائل العسكرية والاجتهاد الاجتهادات المتباينة المختلفة في إدارة حرب أين النقطة التي يستطيع أن يُجمع عليها الكل لا يستطيع الكل أن يُجمع إلا على قوة النيران ومش حاجة ثانية وبالتالي فإحنا رأينا الجيش الإسرائيلي خليط من أشياء كثيرة قوي يمكن يكون في منتهى الكفاءة لكنه لا تربطه مدرسة لا تربطه فكرة لا تربطه ثقافة فيه وحتى هذه اللحظة ما يزال هذا الوضع موجود ولذلك العنف هنا يبقى بديل لما هو قمة الاستراتيجي في أية دولة بتحط الاستراتيجي بتدخل فيها اعتبارات كثيرة قوي اعتبارات نفسية واعتبارات اقتصادية واعتبارات عسكرية وإلى آخره لكنه فيه نوع من الاتساق لكن أنا لأول مرة أمامي جيش لا يربطه.. لا تربطه ثقافة ولا تربطه تجربة حرب وهذا موضوع مرات لا نلتفت إليه لكن هذا موضوع يُحدث أمامي وحتى هذه اللحظة يحدث أمامي التقاء على نقطة واحدة وهي ممارسة أقصى درجات العنف فإذا حدث أن العنف كان أصله موجود عند إنشاء الدولة كان أصله موجود عند المؤسسين الأول فيها كان أصله موجود عند كل الناس اللي أدركوا أنهم لا يستطيعوا أن يقيموا الدولة بمجرد حجج قانونية أو دعاوى تاريخية وأسطورية إلى آخره إذا أضيف عنف القوات المسلحة اللي قادمة بهذا الشكل الفريد في نوعه مع العقيدة الأصلية اللي عند الآباء المؤسسين ألاقي نفسي أمام شحنة قابلة للعنف ولا تستطيع أن تفهم غيره عندي.. قلت فيه نقطتين أنا في هذا الموضوع يترتب عليه نقطتين النقطة الأولى خاصة بإسرائيل لكن النقطة الثانية خاصة بالعرب وماذا يمكن أن يحدث لهم العادة باستمرار في كل حرب في الدنيا في تاريخ الحروب من أول التاريخ لغاية اليوم ما حدش فينا سيخترع أنه باستمرار كل شعب تلحق به هزيمة لابد أن يعد لحظة وقوع الهزيمة هي نفسها لحظة الرجوع للعودة إلى تصحيح آثار هذه الهزيمة وده شفناه في فرنسا ألمانيا.. ألمانيا في ثلاث حروب في ظرف أقل من نصف قرن دُمرت ثم عادت كل مرة بشكل أو آخر كل مرة أي شعب حي فيها يلاقي هزيمة أي شعب حقيقي يلاقي هزيمة لحظة الهزيمة هي نفسها لحظة استجماع الإرادة والمراجعة والحشد لكن هنا الإسرائيليين عاوزين يعملوا حاجة مهمة يعرفوا تماما ويدركوا تماما هذه الحقيقة فعندهم مسألة مهمة جدا جانب استعمال درجات العنف أقصى درجات العنف هو أنه لا تسمح تحت أي ظرف من الظروف لعوامل الارتداد الطبيعية الحرب دائما فيه تعبئة والتعبئة تأخذ شعبا وجيشا ومشاعر موارد إلى آخره وتأخذه المعركة فإذا ما هُزمت لا قدر الله أي طرف يعني هُزم أنا أقول لا قدر الله فيما يتعلق بنا لكن ما أقولوش عن الثانيين ما ليش دعوة بهم لكن إذا ما هُزم لما يرجع يبقى عنده ردة فعل إيجابية أو سلبية بمقدار حجم التعبئة بمعنى وأنا متحمس لتحقيق هدف وفشلت في تحقيقه وراجع بخيبة أمل تبقى خيبة أملي بمقدار ما كانت آمالي واسعة خيبة أملي عميقة بمقدار ما كانت آمالي واسعة وبالتالي ردة فعلي بمقياس درجة إحباطي وبمقدار درجة حصولي على إرادتي فاللي تعمله إسرائيل باستمرار إيه؟ دائما المهزوم يرجع وأول حاجة يعملها أنه راجع ويتخانق مع نفسه ويعمل اللي عاوز يعمله وبتاع لكنه على طول فورا عند الأمم الحية يبدأ يرتب نفسه لما بعد ذلك للجولة الأخرى القادمة في الصراع لأنه وإلا يطلع بره التاريخ إسرائيل عندها بدت تحط تدرك هذا طبعا مدركين هذه الحقيقة مدركين أن هذا القانون العلمي الطبيعي في علوم الحرب وهي الخوف من عملية الارتداد الطبيعي بعد كده فهو عاوز حاجة أساسية أن لا يترك فرصة تتجمع فيها ويتجمع فيها قدر كافي من قوة الارتداد الطبيعي للعودة إلى تصحيح ما جرى في لحظة من اللحظات وإنما يطلب تثبيت لحظة.. اللحظة اللي هي لحظة حساب لأنه فيه لحظتين أنا قلت اللحظة الأولى بعد الصدمة على طول فيه الإحساس بالمرارة والإحساس بالأسى والإحساس بالفجيعة إلى آخره لكن يلحقها عند الأمم الحية على طول الرغبة في التصحيح والرغبة في العودة والرغبة في تصحيح الأوضاع والرغبة في استعادة الأمل إلى آخره، بين اللحظتين دول إسرائيل تطلب أنه باستمرار اللحظة الأولى تبقى واللحظة الثانية لا تجيء اللحظة الأولى تبقى عن طريق إيه؟ تبقى عن طريق أن لا تترك وقتا كافيا للارتداد لعملية الارتداد إلا المعركة تحصل كيف يمكن أن تمنع عملية الارتداد؟ عملية الارتداد تمنع أو الوسيلة الوحيدة لمنعها أن تذكر طول الوقت بأنه أنت لست قادرا على معركة أنت لست أهلا لنصر أنت لا تقدر أنت لا تستطيع لأنه كي تثبت لحظة معينة في التاريخ لكي تثبت اللحظة.. لحظة العودة ولا تثبت لحظة الارتداد يعني إحنا سنة 1967 كان فيه المأساة لكن بدت على طول عملية ارتداد ورجعنا 1973 لكن ده لا تريده إسرائيل منطق الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية هو أقصى درجات العنف والاستمرار طول الوقت في توجيه ضربات تذكيرية بالعنف أيضا لكي تمنع ولكي تؤخر لحظة الارتداد الطبيعية في حياة الشعوب، هنا الغارة على غزة في اعتقادي كانت جديرة بالدراسة وكانت جديرة بأن توضع تحت الدرس وتحت ميكروسكوب لأنه هنا كان أمامي مش بس غارة على غزة مش بس رسالة كان عندي رسالة لكن كان عندي قصد المرسل إليه فعندي تكوين كاتب الرسالة عندي تكوين مرسل الرسالة عندي طبيعة تفكيره طبيعة تكوينه طبيعة تصرفه والشواهد كانت واضحة ولكن خرجنا من هذه المعركة خرجنا من هذه الضربة خرجنا من هذه الغارة زي ما أسميناها خرجنا وبشكل ما في أوضاع الشرق الأوسط كلها في أوضاع المنطقة شيء ما تغير لأنه المشروعات والاجتماعات والخطط والمقابلات واللقاءات كل ده كويس قوي ويمشي في ناحية ثانية لكن كل الناس لابد أن تلتفت إلى ما يجري على الأرض الواقع لأن الواقع هناك شيء يتحرك يذكر بنفسه ويكشف طبيعته، تصبحوا على خير.