حوار مع هيكل
مع هيكل

هيكل.. الخلاف بين الحكومة والضباط

يستكمل لنا محمد حسنين هيكل في هذه الحلقة علاقته مع جمال عبد الناصر وكيف تطورت وتوطدت هذه العلاقة بينهما؟

– علاقة ناصر بهيكل ودوافع توطدها
– أسباب وتداعيات الخلاف بين الوزارة والجيش
– الساسة وسباق التودد للعسكريين
– القانونيون والوقيعة بين الساسة والضباط

 

علاقة ناصر بهيكل ودوافع توطدها


محمد حسنين هيكل: مساء الخير، أستأذن أن أبدأ هذه الليلة بملاحظة قد أراها ضرورية، هذه الملاحظة أنني أريد أن ألفت النظر إنه ابتداء من هذه اللحظة في سياق الوقائع وإلى ما بعدها لوقت طويل يبدو أنني أحتاج إلى عملية ضبط لمسافة.. مسافة الكاميرا إذا حبينا نقول، لأنه يبدو في هذه اللحظة إنه علاقتي بجمال عبد الناصر بدأت تتوثق وبالتالي يبدو من رواية الحوادث وكأن دوري بقى أكبر مما كان حقيقة، بمعنى إنه أنا لا أروي تاريخ الثورة المصرية ولا أروي تاريخ مصر وإنما أتحدث عن تجربة حياة وبالتالي عندما أتحدث عن تجربة حياة فأنا أتحدث عنها من زاوية محددة، من موقع نظر محدد، من مكان على الساحة محدد ومحدود وبالتالي فرؤيتي وأنا أتكلم عن تجربة حياة متأثرة بما رأيت وسمعت لكنه ليست هذه بالضرورة هي كل الصورة وليس بالضرورة أن أظهر على المسرح بالشكل الذي أظهر به أو الذي سوف أظهر به قريبا من مجال لحوادث أنني كنت في قلبها، لكني أتحدث.. حتى وإن كنت في ركن موجود منها أتحدث عما أرى وبالتالي فأنا أرجو أن يُغفر لي مقدما وأن يكون واضحا مقدما أنني أتحدث من موقع نظر وأحتاج إلى ضبط الكاميرا لكي تكون الأدوار في حدودها.. لا تزيد، لأنه يبدو إذا أنا تكلمت وأنا بأتكلم عما رأيته قد يبدو أنا بأتكلم على كل الأدوار، في غيري كثير جدا شافوا حاجات وفي غيري كثير جدا كانت لهم مواقع نظر أخرى، لكن لم يرووا أو رووا أو كتبوا لكني في هذا الموضع، في هذا المكان، في هذا الوقت أنا أتحدث كما رأيت وبالتالي فهنا الرواية قريبة لكنها قد تكون مشوبة بما تراه العين.. عين صاحبها، طبيعي وهذا صحيح وموقعه ومكانه ومجال نظره، في هذه الفترة توثقت العلاقة بيني وبين جمال عبد الناصر وأنا هنا رويت في حديث الأسبوع الماضي المرات اللي التقينا فيها وكيف حدث ما يمكن أن أقول عنه أو يمكن أن وصفته بإنه اكتشافي لهذا الرجل، قد يكون أو قد تكون هذه اللحظة كانت مناسبة جدا من ناحية الكيمياء، لأنه أنا من جانبي كنت مأخوذ بحدث جرى أمامي وشاهدت بعض وقائعه وشئت المصادفات والظروف أن أكون قريبا من موقع حدوثه، قريبا من رؤية أبطاله، من ناحيته هو.. وبالتالي أنا مشوق أن أعرف أكثر عن رجل أنا شاهدته في مسرح الحوادث وبالتالي عندي التشوق الطبيعي لصحفي أن أرى أكثر وأن أطل أكثر، من ناحيته ربما وأنا أحسست بهذا دون أن أدعي أكثر أحسست إنه رجل.. أنا أمام رجل لديه شيء غير عادي، مختلف عن الآخرين وهو في حاجة في هذه اللحظة فيما يبدو لي إنه يتكلم ويسمع من حد ليس من دائرة الضباط اللي هو يعرفهم، ليس من دائرة معارفه كما اتصل بهم في حياته.. يعني في مراحل مختلفة من حياته، ليس من الدائرة القريبة اللي اتصلوا بها خصوصا السياسيين اللي تصادف وجودهم أو تصادف ذهابهم في هذا الوقت إلى مقر القيادة وبعدين هو أمام حد هو قرأ له قبل كده فهو شاعر بنوع من الألفة وهو بشكل أو آخر تابع بعض مراحل تجربته في تغطية المنطقة وبعدين وجد أمامه رئيس تحرير لجورنال في ذلك الوقت مؤثر بدار صحفية مؤثرة وبالتالي فأنا أتصور إنه من الناحية الموضوعية كان الجو مهيأ أو كان المناخ مهيأ لنوع من كيمياء الصداقة والصداقة عادة بتنشأ بالألفة والمعرفة، لكن بطول المعرفة.. ما فيش صداقة بتنشأ مرة واحدة كده، ما هياش شرار، ده بيحصل في الحب من أول نظرة، لكنه في الصداقات صداقات تتأسس ولا تقع، في هذه الحالة أنا بأعتقد أن هناك علاقة من نوعا ما أنشأتها كيمياء لحظة معينة.. لحظة تاريخية معينة جمعت بين رجلين وبالتالي فقد دار أو جرى بينهما حوار وفي الواقع هذا الحوار فضل متصل لفترة طويلة لأنه كلا الطرفين لم يجد فيه تناقض، من ناحيتي أنا لم يكن لدي طلبات عنده ولا عند غيره، ما عنديش حاجة، أنا صحفي وبأشتغل ولا أريد أن أغير ده وهو من جانبه أيضا أنا رجل مش داخل في ألعاب المناورات ولا ولا إلى آخره وبالتالي فهو يستطيع أن يطمئن، خصوصا في ظروف فيها كثير جدا تدعو للشك بسبب هذا التحول المهول في مواقع القوة في هذا البلد.

أسباب وتداعيات الخلاف بين الوزارة والجيش

"
الخلاف الذي حصل بين الوزارة بقيادة علي ماهر وبين لجنة القيادة بقيادة اللواء محمد نجيب كان سببه الانتخابات
"

محمد حسنين هيكل: بعد هذه النقطة بأنتقل إلى ما توقفت عنده في المرة السابقة وهو هذا الصدام الذي جرى بين الوزارة بقيادة علي ماهر وبين لجنة القيادة بقيادة اللواء محمد نجيب وسبب هذا الخلاف كما شرحت أو كما حاولت أن أشرح هو موضوع الانتخابات، إنه هؤلاء الناس جاؤوا.. ليس لديهم برنامج، ما عندهمش حاجة وعندهم آمال وعندهم طموحات غامضة لكن يختلفوا عن غيرهم ممن قاموا بالحركات، كل حركة قامت بهذا الشكل واستولت على السلطة بهذا الشكل في التاريخ حتى وإن لم تكن تدري.. في حالتهم يعني، كان لديها عدة حاجات لو أقيسها باللي جاري، عندها على أقل تقدير تصور لما تفكر فيه، مبني على هذا التصور لما تفكر فيه نوع من البرنامج، مبني على هذا البرنامج نوع من دعوة الناس لكي يتقبلوا هذا البرنامج ويترتب على وجود برنامج وعلى دعوة الناس استعداد للسلطة لتسلم السلطة لكي ينفذوا هذا البرنامج، ده كان موجود أمامي مثلا في حالة الثورة الفرنسية.. مثلا على سبيل المثال، موجود أمامي في حالة الثورة الشيوعية في روسيا في الاتحاد السوفييتي.. ما أصبح الاتحاد السوفييتي، موجود أمامي حتى في حالة الثورة الصينية طبعا، موجود أمامي حتى في حالة الثورة الإسلامية، يعني أنا شفت الخميني كثير جدا لكن الخميني رجل يتصور أن لديه عقيدة يريد أن يطبقها وبالتالي فهنا عملية انتقال.. سقوط نظام قديم ومجيء نظام جديد تبدو عملية مقبولة ومعقولة وفي سياق ينظمها، لكن الأمور تتعقد يوم ما يجيء حد يطالب بالتغيير ثم هو لا يعرف ما هو الذي يريد أن يغيره بالضبط ولا هو موجود على المواقع يشرف بنفسه على عملية التغيير وإنما هو جاء يطالب بمبادئ أو بتصورات غامضة.. صيغت حتى في اللحظة الأخيرة، لأنه في غضب.. بالدرجة الأولى كان في غضب وفي كلام في حدود محدودة وبعدين جاء طلب آخرين لكي ينفذوا له شيء هو لم يوصفه وحتى لما بدأ وضع المبادئ الستة بعد أسبوعين أو بعد كذا من قيام هذا التغيير الكبير.. هذه المبادئ حتى في حد ذاتها الغامضة.. هذه المبادئ الست كانت أيضا ليست كافية لكي تكون منهاج حكم، لما حد يروح يديها لعلي باشا ماهر ويقول له والله إحنا عايزين ننفذ ده وعلي باشا ماهر جاي من مدرسة أخرى مختلفة، كلام لا يعقل.. ما يقدرش يعمل منه حاجة والرجل كان مظلوم وبالتالي إحنا هذا الصراع اللي تجلى في حكاية الانتخابات لما القيادة طلبت تحديد موعد محدد لإجراء الانتخابات في شهر فبراير سنة 1953 لكي يجيء مجلس نواب يعمِل قواعد الديمقراطية على الأقل كما كانوا يتصوروها وعلي باشا ماهر في ذهنه خطة ثانية ليس فيها.. لا يريد أن يربط نفسه بشيء لأنه هو مقتنع فعلا باللي قاله سليمان حافظ إنه إذا كان هناك ثورة أو إذا كانت هناك ثمة ثورة فقد انتهت، هنا إحنا أمام (Perceptions) أمام رؤى مختلفة بالكامل، نظرات مختلفة بالكامل، مواقف مختلفة بالكامل، تصورات متباعدة جدا وبالتالي لما علي باشا ماهر طلع بيان دون تحديد موعد للانتخابات كما اتفق عليه وبعدين اضطرت قيادة الجيش أن تلاحق الصحف ببيان آخر مناقض له.. بدا إنه في صدام حقيقي، أنا شخصيا لم أفاجئ بهذا لأنه في هذا الوقت كان قربي من الحوادث اتصل وكنت واحد من الناس اللي بيشوفوا وبيطلوا على المشهد تقريبا من الداخل، بعد ما قابلت جمال عبد الناصر في المرة اللي في بيته اللي أنا شرحتها الأسبوع السابق وتكلمنا كلام طويل واستطعنا كلانا أن يلامس بشكل ما جوانب من شخصية الآخر بقينا.. في علاقة متصلة، لكن أمامي كان باين في هذا الوقت وبوضوح إنه أنا موضوع الولادة العسيرة حتى ما كنش محتاج حد يستنى عشان يحكم بأثر رجعي على ما كان يجري، كان واضح إن في أمامي ولادة عسيرة وإنه في ناس حائرين في الولادة قاعدين بره غرفة الولادة وإنه داخل غرفة الولادة في مجموعة من السياسيين يمثلهم علي ماهر ومجموعة من القانونيين يمثلهم السنهوري لكن علاقات داخل غرفة الولادة سيئة للغاية والناس اللي بره بيصيبهم قلق من المخاطر اللي ممكن تحصل وهذه المخاطر بتشتد، أنا هأرجع ثاني للمباشر وموقع النظر المباشر، حوالي يوم.. مش حوالي، يعني بالضبط يوم.. أنا يعني بالضبط شفت علي باشا ماهر بعد مقابلة جمال عبد الناصر وعلي باشا ماهر.. أنا حسيت إنه علي باشا ماهر يريد أن يتحسس بشكل أو آخر الناس دول عاوزين إيه، هو غير قادر على تحديد.. مش بس غير قادر الحقيقة، هو عنده أفكار ثانية وبعدين غير قادر لأنه كمان الطرف الآخر اللي بيطلب منه يعمل حاجة لا يوصف ماذا يريد وماذا يفعل وبعدين بين الاثنين فيه القانونيين.. فيه مجموعة القانونيين، فأنا أمامي مجموعة ضباط، رئيس وزارة وفي الوسط في جماعة قانونيين وكل واحد عنده بشكل أو آخر تصور مختلف، مجموعة الضباط عايزة حد ينفذ شيء لها هي لم تحدده ولم توصفه بالضبط، الوزارة اللي جوه تحاول ترتب أوضاع.. علي باشا ماهر يحاول أن يرتب أوضاع كما يرى هو، لأنه هنا جايبين رجل له تجربة سابقة، تجربة علي باشا ماهر هنا تستحق الوقوف أمامها لأنها كانت بشكل أو آخر عنصر محدِد لما كان يجري والطريقة التي كان يجري بها، رويت أنا مرات كثيرة جدا وألحيت في الرواية إنه علي باشا ماهر كان هو رجل القصر وهو رجل الملك فؤاد وهو رجل المهمات الصعبة، لكن تربية القصور وتجربة القصور خصوصا بالنسبة لسياسي يريد أن يحكم وهو طول عمره لم يحكم بالديمقراطية.. ما لوش دعوة، لم يؤسس حزب لنفسه، لم يؤسس مجموعة.. أسس شلة، في شلة معه موجودة معه لكن دول رجال علي ماهر.. رجال علي ماهر بالمعنى الضيق للولاء اللي ممكن يكون موجود عند ناس لرجل واحد وأنا النماذج في هذه كثير جدا معه لأن هو يحتاج لمعاونين، لكن طبيعة تربية القصر، طبيعة العمل في القصر.. أولاً لا تقتضي من أي حد إنه يقرب من الناس، هو لا يطرح نفسه على الناس، بيتكلم عن قوة تفرض نفسها دون أن تطلبها من أصحابها الشرعيين وهم الناس، القوة باستمرار مطلوبة من الملك ومن القصر والملك هو مصدر السلطة وهذه مؤثرة جداً في علي ماهر، هو يعرف رجل واحد، يعرف جهة واحدة، عارف الإنجليز موجودين في الخلفية، لكنه في تعامله اليومي يتعامل وهدفه باستمرار هو أن تكون ثقة الملك موجودة في جيبه، ده يفرض عليه إيه؟ يفرض عليه باستمرار إنه.. وهذه طبيعة القصور، يعني وهي في كل قصر، يفرض عليه واحد إنه عنده ولاء محدد أو عنده اتصال محدد مع رجل بالذات، نمرة اثنين أنه في ذهنه وبمنطق القصور أن يبعد آخرين والحاجة الثالثة في ذهنه باستمرار أن يحتفظ بأكبر قدر ممكن من المعلومات لأنه المعلومات هنا مصدر قوته، فالكلام الذي يقال في القصر وهو بالهمس أكثر ما يقال بالنطق وأجواء الدسائس في الحقيقة يعني في القصر الملكي المصري كانت لا تزل متأثرة بأجواء اللي كانت في إسطنبول، اللي إحنا ورثناها من إسطنبول، هي الأجواء المحيطة بالخليفة.. الهمس والدس والمحاولة باستمرار الاقتراب من مصدر السلطة الحقيقي.. السيد الحقيقي في هذا المكان وحجب الآخرين قدر ما هو ممكن، في عملية قصور محددة ومعينة وهي مرات تنزل كثير في أساليبها لأنه دائماً الولاء لرجل دون معرفة أو دون تقدير لأسباب أخرى تجعل لهذا الولاء شرعية، تجعله.. في مبررات للولاء تخليه شرعي وإلا الولاء لما يبقى ولاء شخصي وولاء مباشر بهذه الطريقة يفقد.. أنا بأعتقد إنه يفقد كثير جدا منه لأنه يفقد اتصاله بالهدف العام، على أي حال علي ماهر باشا كان عنده طبيعة وعنده أيضاً طبيعة الشك إنه مش عايز حد ينافسه ومش عايز حد يقترب منه.. من موقعه يعني ولما أحس إنه القانونيين بدؤوا ينفضوا عند الضباط وبدءوا هم يعملوا صلة مباشرة مع الضباط ولقى أيضاً إنه هؤلاء القانونيين هم كمان بيسعوا من جانبهم إلى أنهم ينشؤوا علاقة والضباط راغبين في هذه العلاقة لأنهم هنا هم في محاولة استكشاف.. استكشاف أرضية يعني، فبقينا أمام وضع شوية عسير، هنا هأرجع ثاني.. لكن وضع عسير في صراع أو في صراع مكتوم بشكل أو آخر حتى في هذه اللحظة صراع مكتوم بين عدة قوى تكتشفه وثيقة بريطانية واحدة يمكن في الغالب أنا هأستعير منها كلمة واحدة.. بيقول فيها السفير البريطاني إنه إيه؟ كل الأطراف في معادلة القوة المصرية تعرف أنها لم تكن تستطيع أن تمارس ما تمارسه الآن لولا العنصر (Restraining influence) لولا إنه وجودنا إحنا كان عامل.. فارض على كل الأطراف أن تنتظم في أماكنها ولا تخرج عنها.

[فاصل إعلاني]

الساسة وسباق التودد للعسكريين

محمد حسنين هيكل: هآجي لرواية شخصية في هذا الوقت كما أنا رأيتها، أنا قلت إنه العلاقات لما أنا شفت جمال عبد الناصر.. في الوقت اللي شفته في الأسبوع الأول من أغسطس زي ما شرحت في الحديث السابق وتولد بيننا هذا الشعور بنوع من الألفة، حدث بعدها إنه أنا بالضبط في يوم 18 أغسطس كنت رايح للواء محمد نجيب لأنه اللواء محمد نجيب كلمني وقال لي إنه مجلة لايف وهي مجلة أميركية شهيرة في هذا الوقت عايزة تعمل حديث معه وهو في الحقيقة بيسألني إذا كنت بأعرف الصحفي اللي جاي يعمل حديث معه وهو لي وايت وإذا كان.. هو يظهر تكلم مع زملائه في إنه يتكلم ويبدو إنه زملائه في إحساسهم بالصراع الدائر بينهم وبين الوزارة ولو إنه مكتوم وفي التوترات الموجودة أرادوا بشكل أو آخر.. سمحوا لمحمد نجيب بشكل أو آخر إنه ممكن يتكلم ولكي يعطي الوجه الآخر لما جرى وهم كانوا راغبين يمكن أيضاً وهذا ضروري يعني في استغلال الوجه الإنساني لمحمد نجيب، إنه حتى في العالم الخارجي الوجه الإنساني لمحمد نجيب وهو كان وجه مقبول بلا جدال يعني، فمحمد نجيب كلمني وذهبت إليه يوم 18، فذهبت إليه يوم 18 الصبحية بدري في مقر القيادة لكي يحدثني في موضوع إنه حديث.. لي وايت ده جاي يعمل معه حديث ل(Life magazine) ويعني بيتكلم وإحنا بنعرف بعض من زمان فبيتكلم مع صحفي لعله يكون مفيد إنه يسمع منه حاجة يعني وإحنا بنتكلم اللواء محمد نجيب وأنا هو.. دخل جمال عبد الناصر وسلمنا طبعاَ، لكن جمال عبد الناصر يبدو لي إنه كان قبلها بيوم شاف الدكتور محمد صلاح الدين، قطب الوفد اللي كان وزير الخارجية في وزارة الوفد الأخيرة ويبدو إنه جمال عبد الناصر سأله في حكاية الكلام اللي بيقوله علي ماهر في حكاية إن الوقت ليس مناسباً للتفاوض مع الإنجليز والدكتور محمد صلاح الدين فيما يبدو مما فهمته من كلام جمال عبد الناصر إنه كان رأيه إنه خطأ، إن الانتظار خطأ وإنه في مفاوضات فعلاً سابقة سواء في عهد حكومة الوفد أو في عهد.. اللي هي من 1950 ل1952 لأول 1952 وفي عهد علي باشا نفسه الشهر اللي قعده في الوزارة وفي عهد نجيب الهلالي حصل مفاوضات وهي مفاوضات أيضاً بنيت على ما قبلها من اللي عمله صدقي بيفن.. مع بيفن واللي عمله النقراشي إلى آخره، فرأي الدكتور محمد صلاح الدين إن هناك محاولات كثير جداً بذلت في موضوع الجلاء والتفاوض مع الإنجليز وإنه ترك هذه المفاوضات.. ترك هذا كله.. الموقف هذا كله مع الإنجليز قد يجعل بعض المسائل تبرد أو بعض المسائل تنتهي أو قد تشعر الإنجليز بإنه القيادة الجديدة مهتمة بتدعيم مواقفها في الداخل وليست مهتمة بالموضوع مع الإنجليز ومع إحساس جمال عبد الناصر بأن العنصر الضاغط على البلد كلها هو هذا الوجود الإنجليزي الكثيف في القاعدة فبدأ جمال عبد الناصر لما دخل وقتها عليا وعلى اللواء محمد نجيب وإحنا قاعدين بنتكلم في حكاية (Life magazine) دي زي ما كنت بأقول، الموضوع ده كان شاغله وكان ملح عليه فهو فتح هذا الموضوع وكان بيكلم اللواء محمد نجيب وأنا اشتركت بالمناقشة في الكلام اللي كان موجود، اللواء محمد نجيب يوميها كان عندي أنا ميعاد محدد لأن هو كان عنده ارتباط آخر، فأنا قعدت معه من حوالي.. أظن من حوالي تسعة.. أظن ميعادنا كان الساعة تسعة، لكن هو الساعة 11 استأذن فقعدنا كملنا كلام جمال عبد الناصر وأنا وانضم إلينا عدد آخر منهم كمال الدين حسين وصلاح سالم والموضوع اللي كنا بنتكلم فيه هو هل علي ماهر عنده حق في إنه يؤجل الكلام في المفاوضات؟ أو أن هذا.. ما حدش قال الكلام ده، لكن المحسوس دائماً ممكن كثير جدا أن يؤدي فعله بالصمت، المحسوس إنه علي باشا ماهر لا يستعجل أشياء خصوصاً مع الإنجليز وزي ما قال الضباط نصائحهم ما تشوفوش السياسيين، ما تعملوش مش عارف إيه، لسة وقته، الإنجليز مش وقته، يبدو لي إن هو أراد أيضاً أن يكسب وقت لتدعيم مهمته خصوصاً تدعيم دوره وتدعيم وجوده خصوصاً في علاقاته سواء مع الضباط وهي ملتبسة أو مع القانونيين وقد بدأ يشك فيهم.

الحاجة بقى الغريبة جداً إنه يوم 21 أغسطس أنا موجود في أخبار اليوم وإذا بجمال عبد الناصر يطب، جمال عبد الناصر كان موجود يوميها في مجلس الوزراء بيشوف علي ماهر، الساعة كانت حوالي أربعة بعد الظهر.. ثلاثة أو ثلاثة ونصف، كانوا بيشوفوا علي ماهر ويظهر إنهم تغدوا يوميها في الرئاسة كمان.. في رئاسة مجلس الوزراء في شارع القصر العيني.. وهما راجعين من البلد على القيادة من لاظوغلي أو من القصر العيني على القيادة فايتين في شارع الجلاء، ما أعرفش إزاي خطرت.. أنا قاعد يومها مع اثنين من الصحفيين واحد اسمه وليام آتود، بعد كده بقى رئيس تحرير مجلة اسمها لوك ومع واحد اسمه سيفتون ديلمر كان معي.. آتود كان معي، كنا شركاء في غرفة واحدة في فلورينا وإحنا بنغطي إحنا الاثنين الحرب الأهلية في اليونان وبعدين سيفتون ديلمر الثاني ده كان مراسل الديلي ميل وكان موجود في إيران معي وأنا عملت الترجمة بينه وبين آية الله كشاني في ذلك الوقت اللي هو آية الله العظمى في ذلك الوقت المؤثرة في ثورة مصدق وأنا اللي حضرت مناقشته واللي حكيت أنا مرة إن أنا ترجيت آية الله كشاني لأنه بيقول لي قول له اخرجوا أيها الإنجليز الكلاب وسيفتون ديلمر أنا بأترجم له وحبيت أحذف الكلم دي.. حكاية اخرجوا أيها الإنجليز الكلاب، فآية الله كشاني حد كلمه أو هو تنبه وقال له، على أي حال كانت علاقتي بسيفتون ديلمر علاقة زملاء وعلاقة أخوية، دخل.. الباب انفتح على طول باب غرفتي كرئيس تحرير آخر ساعة انفتح ولقيت أمامي جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر ومعه صلاح سالم وبعدين هو فوجئ إن في اثنين موجودين وهما الاثنين لقوا اثنين عسكريين كده وأنا كمان فوجئت فطلبت منهم أن ينتقلوا من مكتبي شوية يروحوا مكتب مجاور لمكتبي وهو مكتب الأستاذ صلاح هلال الذي كان سكرتيراً لتحرير آخر ساعة وهو ما كانش موجود في ذلك الوقت في مكتبه فدخلتهم الاثنين فيه وهما بشكل ما استغربوا وجود مجيء الضابطين ويبدو لي إنهم ارتابوا في شيء يعني وهأقول فيه إيه حالا، على أي حال جمال عبد الناصر يعني يبدو لي إنه أحرج أو يعني يمكن لقى.. فقلت له طيب خذ فنجان قهوة، عايز يمشي على طول يعني، قال لي إحنا كنا قريبين منك، طيب من فضلك اقعد، يا أخي خذ فنجان قهوة والحقيقة أنا كنت سعيد إنه جاي ومعه صلاح سالم وجاي فجأة كده، لكن وإحنا بنتكلم وبيأخذوا فنجان قهوة سيفتون ديلمر صحفي مش سهل.. راح عرف إنه دول بشكل ما من ضباط القيادة الجديدة فراح واخد بعضه وسايب الغرفة اللي جنبي وجاء فتح الباب دخل وقال أنا عارف إنه أنتم بتنتموا.. أنتم الاثنين.. بيبص لصلاح سالم وجمال عبد الناصر، للمجموعة اللي عملت وأنا عايز دقائق معكم، فأنا الحقيقة كمان أحرجت، جمال عبد الناصر طبعا مش عايز، فأنا قمت لسيفتون ديلمر قلت له من فضلك روح مطرحك ثاني وأنا هنبقى نتكلم في الموضوع ذلك، لكن دول ناس جايين في زيارة شخصية وما لهاش دعوة بحاجة، المهم هما قعدوا يجي ربع ساعة كده جمال عبد الناصر وصلاح سالم وبعدين نزلوا، لكن هذه الزيارة عملت لي مشاكل ما لهاش حدود، أول حاجة دي زيارة حصلت في دار صحفية في أخبار اليوم وأي حاجة بتحصل.. الجرائد في مهمتها إنها تحاول أن تبحث عما يجري خارجها فما بالها في شيء جرى فيها.. داخل مبناها، الحاجة الثانية إنه موضوع الضباط دول كان بادئ إنه ده موضوع ناس بتتكلم على زي ما بيقولوا على أشباح كل الناس بتتكلم عنها لكن ما حدش بيشوفها، لكن هنا في شبحين متجسدين عمليا، جنب إنهم شبحين أثيرت حواليهم في الأيام الأخيرة اهتمامات خصوصا جمال عبد الناصر بحيث بدا إنه هذه الزيارة ملفتة، الزيارة كانت ملفتة إلى درجة إنه لما على بال ما نزلوا ووصلتهم الأسانسير ورجعت مكتبي وبأكمل كلام مع سيفتون ديلمر ومع وليم آتود لقيت الأستاذ مصطفى أمين نازل جري من مكتبه أو جاي جري من مكتبه وقال لي مين.. ده كانوا هنا فلان.. حد؟ قلت له يعني ده كانوا هنا ونزلوا.. خلصوا يعني، طيب ليه ما قلتليش؟ قلت له والله أنا كمان ما كنتش أعرف، يعني حقيقي أنا فوجئت وحصل كده إلى آخره، اللي سمعه مصطفى أمين سمعه غيره بالطبيعة بالضرورة يعني وأنا بعدها بعدة أيام لقيت الدكتور زهير جرانه وهو كان أستاذي.. درس لي مصادر قانون في أيام الدراسة وهو الآن وزير مع علي ماهر.. وزير دولة مع علي ماهر بيكلمني وبيقول لي عايز أقابلك وقابلته فعلا، تقابلنا.. اتفقنا على ميعاد في نادي الجزيرة، رحت أشوفه ثاني يوم الصبحية وحتى لما رحت أشوف زهير جرانه في نادي الجزيرة الصبحية بدري.. كنا هنفطر سوى، فإذا بي ألاقي معه أحمد عبود باشا وأنا أعلم.. وأنا كنت بأعرف عبود طبعا، لكن أعلم أيضا إن زهير جرانه في وقت من الأقوات كان محامي عبود باشا في قضايا كثير جدا، كان هو محاميه الرسمي والمعتمد يعني، فأنا فوجئت كمان بوجود عبود وبدا لي إنه زهير جرانه يتصور إنه عندي قوة.. والله ما كانتش عندي وفعلا ما كانتش عندي وبعدين بيقول لي إنه سمع إنه جمال عبد الناصر.. كان وقتها بيتكلموا عن اسم جمال عبد الناصر، بقى في حاجة معروف إنه في قوة بشكل أو آخر موجودة في وسط الضباط دول وإنها مؤثرة وإنه إلى آخره كذا، لكن ما حدش عارف طريقة للوصول إليها فإذا بهذه القوة تظهر في مكان معين وبالتالي هذا المكان المعين بقى في حوله ما لا لزوم له، فأنا بأقول لزهير جرانه.. بأقول للدكتور زهير.. بيسألني هو كان عندك يظهر جمال عبد الناصر، قلت له أنا ده زيارة مصادفة واللي حصل وما فيش حاجة لا.. وتصور زهير جرانه إني كنت أعرف حاجة من زمان بتأثير تغطيتي لفلسطين إلى آخره وهذا لم يكن.. كان في حدود ضيقة جدا، في حدود سطحية لا تكاد.. اللي سابق يعني، لكن زهير جرانه بدأ يقول لي إنه.. بدا في كلام زهير جرانه ما يوحي.. عبود باشا كان دخل في الكلام ده كان بيتكلم فيه وكان بيتكلم على نقطتين، بيتكلم على نقطة واضح إنه عدم ثقته في علي ماهر وإنه بشكل من الأشكال بيتكلم على إنه لازم بالتقريب ما بين فؤاد سراج الدين وما بين.. فؤاد سراج الدين صديقه جدا وما بين الضباط الجدد دول خصوصا ده الرجل اللي اسمه جمال عبد الناصر، وقتها كان اسم جمال عبد الناصر بيتردد بطريقة فيها.. حتى بأكثر مما كان له في ذلك الوقت، لكن يبدو لي الناس كلها كانت بتتلمس.. في الغموض الموجود ده كله بتتلمس أين مواقع القوة، كان عندهم حق لكن أظن إنه ناس كثير جدا بالغت في ده لأنه كل موقع ممتاز حتى لو كان في التنظيم.. في أي تنظيم موجود أو في أي حركة موجودة أو في يوم من الأيام لابد أن يتأكد بممارسة تعطيه ما هو أكثر من مجرد إنه حد موجود يستطيع إنه يحرك عشرة أو أثنى عشر أو عشرين ضابط، مطلوب منه يثبت أكثر من كده.. ما هو أكثر من كده، لكن كان عنده الاستعداد هو ده، لكن حتى هذه اللحظة لم يكن تجلى لكن الناس بتتلمس أين القوى، على أي حال زهير جرانه بعد عبود ما قال إنه.. عبود باشا قال إنه فؤاد سراج الدين وكده وإنه لازم.. هو عبود باشا كان خائف يبدو لي وتأكدت فيما بعد.. عاوز علاقة لفؤاد سراج الدين مع القيادة، لكنه لا يريد أن تكون هذه العلاقة عن طريق أحمد أبو الفتح لأن هو عنده مشاكل مع محمود أبو الفتح الأخ الأكبر لأحمد أبو الفتح وهو رجل أعمال مثله ويبدو إنه محمود أبو الفتح في ظروف وزارة الوفد السابقة ما بين 1950 إلى 1952 يبدو إنه استطاع أنه ينتزع بعض الصفقات من عبود باشا وبالتالي بقى عبود باشا عايز فؤاد سراج الدين بشكل أو آخر.. لكن مش عايزه عن طريق أحمد أبو الفتح ويبدو لي إنه تصور إنه.. يعني أو على الأقل مما قال له زهير جرانه أو مما قال له علي أمين كمان.. الأستاذ علي أمين وكان بيعرفه كويس يعني إنه في حاجة، إنه في أنا.. فأنا قلت له والله ما يعني.. وفعلا والله ما كنت أقدر أعرف حد، ما كنتش.. ما أقدرش أعمل حاجة، بعدين زهير جرانه بدا يكلمني على علاقات علي باشا ماهر بالضباط وفي كلامه تلميح بأنه مش عاوزين ناس يخشوا ما بين المجموعتين، مش عايزين ناس يخشوا ما بين الوزارة وما بين رفعة الباشا.. كان لسة بيقول رفعة الباشا وأنا بحقيقي ما كنتش متصور إن أنا عندي ما يسمح لي إنه أنقل رسائل وحتى قلت كده والله لزهير جرانه، لكن بشكل أو آخر علي باشا ماهر كان قلقان جدا من.. واحد مش قادر يفهم الضباط طبعا، نمرة اثنين إنه مش قادر يتقبل ترجمة سليمان حافظ والسنهوري لما يسمعوه من هؤلاء الضباط وما ينقلوه وهو كان بالدرجة الأولى واسطة العقد بين الاثنين جنب لقاءات مع محمد نجيب، لكن هم كانوا في ذلك الوقت فعلا يعتمدوا على السنهوري باشا وعلى سليمان حافظ أو زاد اعتمادهم عليهم ولو إنه علي باشا ماهر هو اللي جايبهم، لكنه هنا في مطامح الناس ومطامعها بتعمل أدوارها طبيعي يعني، فأنا واضح لأي حد على طول إنه علي باشا ماهر عايز يعمل علاقة بشكل أو آخر مع الضباط دول مستغنية عن سليمان حافظ والسنهوري، لكن عملها.. حاول يعملها علي باشا ماهر وأظن جابت أثر عكسي لأنه أنا يوم من الأيام كده لقيت دعوة جاية لي وبيكلمني الدكتور زهير جرانه إنه علي باشا ماهر عاوز يعمل غداء لضباط القيادة على الذهبية الحكومية محاسن وهي راسية أمام نادي الجزيرة.. وراء نادي الجزيرة في الباب الخلفي لنادي الجزيرة في النيل وعاوز يعزم فيه الضباط ومجموعة من وزارته وعلي والسنهوري باشا وسليمان حافظ طبعا ومجموعة قليلة محدودة جدا من الناس علشان يذوب الغربة، دكتور زهير جرانه كان عنده باستمرار تعبيرات.. ناس يقولوا ذوبوا الجليد لكن هو كان بيقول ذوبوا الغربة، عاوزين نقربهم من بعض، لكن في رأيي إنه هذا الغداء على ظهر الذهبية محاسن جاب نتيجة عكسية تماما لأنه السياسيين يومها بالغوا إلى درجة.. في معاملة الضباط بالغوا في الحفاوة بالضباط إلى درجة أنا والله كنت مكسوف منها، بمعنى إن أنا يومها شفت.. شفت مش يعني ما حدش حكى لي وأنا كنت مستغربها ومستهولها يعني، شفت وزراء عمّالين يجروا يرتبوا طبقان.. هم يرتبوا طبقان للضباط ووزير بيقول لحد يا حضرة الصاغ مش عارف أعمل لك إيه ويا حضرة البكباشي أقدر أجيب لك إيه والطبقان راحة وجاية والوزراء هم اللي بيتولوا الخدمة، يعني في حاجات تبقى معقولة، في حاجات ممكن جدا الناس تمارس فنون علاقات عامة تبقى مقبولة وفي مرات تمارس فيها فنون العلاقات العامة لكن بطريقة (Crude) بطريقة بدائية إلى درجة إنها تجيب أثر عكسي، أنا شفت الحرج.. بحقيقي شفت الحرج اللي على وش جمال عبد الناصر وهو يرى وزراء.. المفروض إنه الشباب دول كان عندهم لغاية هذه اللحظة أو كان عندهم وهم حتى بيتكلموا مع علي باشا ماهر بيدركوا وبتكلموا، مهما قالوا.. جاؤوا ألغوا الألقاب ومهما جاؤوا قلبوا وشالوا ملك لكن موجود في الوجدان المصري باستمرار.. وبعدين حتى في الانضباط العسكري موجود في شيء لم يتنبه له الساسة لسوء الحظ، موجود إنه في حدود للتصرف وفي نوع من.. مش الطبقية، لكن في نوع من المراتبية إذا حبينا نقول وإنه أي حد في رتبة أعلى ممكن يبقى راجل مؤدب جدا ويبقى ملتزم لحدوده ويبقى هائل، لكن الرتب الأقل تبقى عارفة كيف تتعامل مع ده وحتى إذا اختلت الأحوال في لحظة، العسكريين هنا عندهم رؤية مختلفة للمدنيين، هؤلاء الشباب وهم بيتعاملوا مع وزراء عندهم تجربة طويلة أو هم كده متصورين وباشوات كلهم وأولاد ناس وحاجات كده يعني، على أي حال دول دخلوا برهبة إلى الباخرة محاسن.. الذهبية محاسن ثم خرجوا باستخفاف شديد جدا إلى درجة إنه أنا لقيت جمال عبد الناصر عاوزني أركب معه عربيته.. عربية جيب كانت لسة وقتها وبالفعل ركبت، هو ركب وهو ساق وعبد الحكيم قاعد جنبه وأنا قعدت وراء وكمال الدين حسين قاعد جنبي في العربية الجيب وإذا أول حاجة جمال عبد الناصر بيقولها.. بيقول له حاجة غربية جدا، أنا عمري ما تصورت إنه الوزراء ممكن يشتغلوا وقال حاجة وصف معين.. إيه ده؟ لكن تعليقه ما خرج به من هذه المحاولة للتأثير عليه والعلاقات العامة أنا بأعتقد إنه كان تأثير شديد السوء.

[فاصل إعلاني]

القانونيون والوقيعة بين الساسة والضباط

محمد حسنين هيكل: لو أرجع للشاهد.. شاهدي الذي أعتبر إنه أنا بأستدعيه في هذه الحلقات.. ألاقي أمامي إيه؟ ألاقي أمامي.. واحد إنه سليمان حافظ عمَّال يكتب بوضوح وهأقول بيقول إيه؟ وألاقي إنه علي باشا ماهر في هذا الوقت عمال يمارس مناورات قصور.. يعني أنا لا أتصور إنه علي ماهر يقعد يقول للسفير الإنجليزي وتطلع في برقية يتكلم على إنه محمد نجيب مجرد صورة وإنه المشكلة هو الضباط اللي ورائه وإنه دول هؤلاء ناس خليط من أشياء غريبة جدا وإنه يعني بيحاول بقدر ما يستطيع إنه يجد أسلوب للتعامل معهم لكن يبدو إنه.. يعني هيحاول بشكل أو آخر يروضهم، لكن برضه لا أتصور إنه يخش سفير يقابل علي باشا ماهر.. يقابل رئيس وزراء مصر، فرئيس وزراء مصر يقول له إيه؟ كان عنده ضباط قبلها.. قبل ما يخش له السفير، فرئيس الوزارة يقول لسفير الإنجليزي.. يقول له مع الأسف أنت هتلاقيني تعبان لأني مخلص ساعتين من الجدل.. بالحرف بقى، مع أناس لا يريدون أن يفهموا، أتعبوني أكثر مما أتعب من عمل عشر ساعات كرئيس للوزراء، أنا هنا المسائل بتختلط لكن أرجع بقى لشاهدي.. لسليمان حافظ، لما كتبه سليمان حافظ وما كان يكتبه بيده، عندنا الأزمة الأولانية كانت هي أزمة.. اللي استوجبت البيانين المختلفين اللي خلوا الناس توجسوا شرا في أواخر أغسطس واللي فيهم تبدى إنه علي باشا ماهر لا يريد أن يربط نفسه بموعد انتخابات ولجنة القيادة أو الضباط يريدوا أن يحددوا موعد لانتخابات قاطع وواضح وهو فبراير.. حددوا ميعاد وسليمان حافظ ينحاز إلى صف الضباط وإن كان بيتمنى لو إنهم كلموه أو كلموا علي باشا ماهر أو استوضحوا قبل ما يطلعوا بيان يبان فيه أمام كل الناس إن فيه خلاف، لكن هنا كان في شاهد أساسي أو علامة ظاهرة أن هناك شيء ما في الثقة بين الطرفين.. بين الضباط اللي عملوا ما عملوه.. اللي عملوا اللي عملوه وبين الوزارة اللي جاءت تنفذ لهم ما لم يحددوه إنه هنا فيه شرخ.. فيه بداية شرخ، كان في قضية معلقة ثانية وهي قضية الإصلاح الزراعي وأنا قلت إن كان في قضيتين معلقتين.. قضية موعد الانتخابات لكي تأتي الانتخابات بمن يشاء الناس وبعدين الحاجة الثانية الإصلاح الزراعي اللي هم اقتنعوا وبحق وبعدل إنه ده موضوع أساسي يعلموه ولا يقبل الانتظار وعلى أقل حال يبدي أمام الناس إنهم جاؤوا بحاجة، ما هو مش معقول ناس يجيؤوا يغيروا الدنيا بالطريقة اللي غيروها بها ويطلعوا ملك وبعدين لسة ما عملوش حاجة مع الإنجليز ولا حاجة أبدا ثم لا يقدموا شيء خصوصا إذا كان شيء ما في ضميرهم الوطني الطبيعي استيقظ.. طبيعي لما يطلب من حد حتى لو كان هو ما عندوش فكرة عن أي حاجة.. مش جاي بآراء مسبقة، لما يطلب منه أن يحدد موقف لأنه هناك طلب مطلوب منه، هناك توجيه مطلوب منه، قول لي أنت عايز آيه؟ الوزارة عايزة تعرف أنت عايز تعمل إيه لأنك موجود قوة.. حتى لو كنت مش دريان، قوة لا يمكن تجاهلها وأثبتت تجربة الأسابيع القليلة اللي فاتت من 23 يوليو لغاية أواخر أغسطس أو قرب أواخر أغسطس إنه في (Power) حتى.. في قوة، حتى إذا لم تكن هذه القوة تريد شيئا تفرضه على آخرين فهؤلاء الآخرين عاوزين يطلبوا سواء بالاسترضاء، سواء بالتأمين، بأي عنصر من العناصر، طالبين أيضا الناس اللي عندهم القوة قولوا لنا نعمل إيه في هذه الولادة المتعثرة يعني؟ لكنه اللي حاصل الدكاترة كلهم اتخانقوا مع بعض جوه غرفة الولادة، أجئ لسليمان حافظ بيقول إيه في هذه الفترة؟ صفحة 58 بيقول إيه سليمان حافظ؟ بيقول في تلك الآونة التي ظهر خلالها للناس أن ثمة خلاف في شأن خطير آخر بين الحكومة والجيش وهو الإصلاح الزراعي، الأول هو الانتخابات، ازدادت ضجة الخصوم وانتهزت الأحزاب وعلى الأخص الوفد الفرصة فأشاعوا القلق في طول البلاد وعرضها، في تلك الآونة الدقيقة عدل علي ماهر باشا وزارته على صورة عجلت نهاية التعاون بينه وبين الجيش وأدت لانهيار كذا، شكَّل علي ماهر.. هو بيحكي بقى سليمان حافظ، بيحكي بيقول الظروف اللي شكل فيها علي ماهر وزارته الأولى فبيقول والتي اقتضت تعديل الوزارة بعد ثلاثة أسابيع.. بيقول علي ماهر شكل وزارته على عجل أثر حركة الجيش وبناء على طلب زعمائه ولم يكن يتوقع أن تتطور الحركة إلى انقلاب يطيح بفاروق عن العرش وده صحيح وكان من بين أعضاء الوزارة عدد من صحبه المقربين إليه يلون المناصب في بعض الوزارات الكبيرة ولم يستطع ماهر باشا في عجلة أن يشغل جميع المناصب الوزارية ومن ثم اضطلع بأعباء اخطر الوزارات شأنا فخص نفسه بوزارات الداخلية والحربية والخارجية إلى جانب منصب الرئاسة وكان عليه بعد خروج الملك من البلاد أن يبادر إلى دعم وزارته.. طيب، بعد كده يخش سليمان حافظ في صفحة 59 يقول أدركت وأنا لست من رجال السياسية منذ البداية مسيّس الحاجة لتعديل وزراي يحقق هذا الغرض.. تقوية الوزارة، فحادثت علي ماهر باشا في هذا الأمر ومن عجب وأنه الخبير بفن الحكم لم يهتم بذلك وتحدث معي زعماء حركة الجيش مظهرين إشفاقهم من أن الوزارة بتشكيلها الأول قد تجد نفسها قاصرة عن مواجهة موقف أصبح مليئا بالاحتمالات فكشفت علي باشا ماهر بما سمعت منهم ولكن على غير جدوى، ثم صارحني هؤلاء باعتراضهم على بعض الوزراء من صحب علي ماهر، هنا واقع الأمر إنه القانونيين في رسائلهم.. في الرسائل منهم وما بين العسكريين بدأت.. أنا مش متأكد الضباط وهم شايفين الوزراء بالطريقة اللي أنا حكيت بها.. بعضهم على الأقل، ما كانوش مقتنعين، لكن أنا ويمكن أبدوا عدم الاقتناع ويمكن زي الملاحظات اللي أنا سمعتها سمعها برضه طبعا السنهوري باشا وسليمان حافظ فممكن جدا تكون أثرت، لكن هنا الضباط ما كانوش طلبين حد، ما طلبوش حد، لكن هو كان بان في هذا الوقت إنه اللي شافوه لم يعجبهم وإنه يبدو أنهم أبدوا أراء في هذا، أنا عايز أقول القانونيين في هذا الوقت لعبوا دور لأنه.. لعبوا دور في المباعدة بدل التقريب ما بين الجسور أظن إنه بقى في مباعدة، دفع للضفاف لكي تباعد كل ضفة ما بينها وبين الضفة الأخرى وأظن بدؤوا يلعبوا دور هنا.. أنا لا أستطيع أن أتهم أحد بأنه يتآمر وألا أستطيع اتهم أحد بإنه بيعمل وقيعة، لكن طبيعة الأمور والقانونيين.. والقانونيين كلهم دوّل.. الاثنين القانونيين كلهم من أصل سياسي وبينهم السنهوري باشا وهو كان رجل وزير عدة مرات وكان وزير مع حد زي مثلا إبراهيم عبد الهادي باشا وهو يري إنه إذا كان قد قبل زعامة أحمد ماهر باشا كرئيس للوزارة وهو معه في وزارته وإذا كان قد قبل وزارة النقراشي وهو معه في الوزارة فأظنه لما آلت الوزارة تحت حكم السعديين إلى إبراهيم باشا عبد الهادي وكانت هذه الفترة التي انتقل فيها السنهوري أو طلب فيها منصب رئيس مجلس الدولة أظن إنه كان في ذهن السنهوري باشا وبقي في ذهنه إنه.. لما لا؟ ليه مش هو؟ ولما جاءت له الفرص ولما اقترب بهذا الشكل ولقى الخلافات اللي بين علي ماهر وبين الضباط أنا مستعد أقول والشواهد قائمة أمامي حتى من مذكرات السنهوري وبوضوح إنه في هذا الوقت إنه السنهوري باشا بدأت تراوده أحلام إنه يبقى رئيس وزراء وهو طبيعة البشر وهو مش عيب وهو حقه، يعني هو رجل على كفاءة قانونية وهو رجل جرب الإدارة وهو رجل عنده فكرة عن العالم العربي بحكم أنه أصبح خبير دستوري يستشار في كل العواصم العربية، طبيعي جدا إنه رئاسة الوزارة تراود آماله خصوصا وهو يرى الخلاف اللي بين القيادة وبين علي ماهر، لكن هنا كان في مسألة إنه ده بدري جدا، إحنا كنا لسة في الأسبوع الرابع من كل ما جري، بمعنى إنه الأطراف كلها كانت محتاجة إنه تنظر وتتأمل هذه المواقف، الضباط من ناحية كانوا محتاجين يبصوا أكثر يعني وإنه الحكم على الضيق بالوزارة بهذا الشكل يعني ممكن الصبر لكن صعب جدا أطلب منهم الصبر، لكن كنت أطلب من علي باشا ماهر بالحكمة إنه أنت الآن لا تخدم في قصر.. أنت الآن تخدم حاجة ثانية، في إطار آخر، نظام مختلف تماما، نوع من البشر عليك أن تدرس طريقة التعامل معه، كنت أقول أطلب من القانونين بتجربة القانونيين، لكن المشكلة إن القانونيين تعودوا وهو موجود بالطبيعية.. القانوني يحاول أن يضبط أو يربط أو يغلف وضعا يراه أمامه وهنا دي التفكير القانوني.. التفكير القانوني بالمعني الموجود عندنا، بالمعني الموجود الدساتير بالدرجة الأولى وهي أم القوانين أنا قلت اللي ما يكتبوهاش قانونيين.. تكتبها شعوب، تكتبها مجالس تأسيسية ومجالس منتخبة تكتب الدساتير، لكن القانونيين يتلوا الصياغة، لكن لما القانونيين يتولوا هم صياغة الأساس وهو غير واضح أمامهم تبقى الرؤى بشكل أو آخر محدودة وهي.. أنا مستعد أعذر جميع الأطراف، لكن |أنا أمامي كنت شايف صراع يدخل وأنا بقى بقيت أقترب منه، أما أقول صراع يمكن قد تكون كلمة صراع كبيرة، لكن أنا شايف اختلاف نوايا واختلاف طبائع واختلاف تعبيرات واختلاف شخصيات واختلاف مطامح بدأت تخش بدري جدا في حركة أو تداخل حركة في يديها مصائر بلد حتى وإن كانت لا تدري، في يديها ولاية نظام حتى وإن كانت لا تعرف وبقت نظام جديد، يقول إيه؟ سليمان حافظ يقول.. يحكي وأنا مش عايز أخش في التفاصيل جدا، يحكي إنه إزاي بيحاول.. هو بيقول، إزاي يحاول ينقل وجهة نظر هذا الطرف إلى هذا الطرف ويحاول.. لكن برضه في فرق في نقل وجهات النظر، لو رحت قلت للضباط إنه علي ماهر بيقول والله إذا كان ثمة ثورة فقد انتهت أبقى أنا يعني بأحط شال أحمر أمام الثور الهائج، ده لا يطمئن يعني ولما أروح أقول لعلي باشا ماهر إنه الضباط عندهم طلبات في إنه وزراؤه لابد أن يتغيروا بشكل أو آخر أنا أيضا ده ما أظنش إنه صيغة.. يعني عايز أقول إيه؟ برضه أنا هنا عاوز أخلي الطبائع البشرية تستوفي حقوقها في الناس، لكن أنا أجئ ألاقى إيه؟ ألاقي سليمان حافظ يروح يوم لعلي ماهر ويقول لعلي باشا ماهر.. يقول إيه؟ أنا والله عاوزين نوصل لحل لأنه هنا في مشاكل كثير جدا وأنا اتفقت على هذا الحل مع السنهوري باشا وهو هينضم لنا دلوقتي ويجئ السنهوري باشا فعلا.. وإيه الحل؟ يقترح السنهوري.. قانونيين، يقترح السنهوري باشا ويقترح سليمان حافظ إنه قياسا على تجربة.. التجربة اللي حصلت مع رشاد مهنى إنه والله تعالوا ندعو ثلاثة من الضباط إلى الدخول في مواقع وزارة علي باشا ماهر وبعدين علي باشا ماهر الحاجة الغربية جدا إنه علي باشا ماهر يرحب ويقول بالعكس دي فكرة كويسة جدا، أنا.. فكرة كويسة جدا للوزارة، قبل ما نغير وزارة ونجيب اللي أنتو بتتكلموا عليهم وناس كويسين ونقويها لأن بعضهم أنتم معترضين عليه إلى آخره.. كلام كويس جدا، خلي الضباط ينقوا لنا ثلاثة وزراء إما منهم وإما من زملائهم وأنا مستعد آخذهم معي في الوزارة، ده هنا يعني أنا لا أعلم ماذا كان في ذهن السنهوري باشا لكن.. السنهوري وسليمان حافظ وهو يعبر عنه هنا يقول إن إحنا اقترحنا ده لتلطيف الأجواء بين الطرفين اللي بيكلموا وهو ما كانش لطف أجواء لأنه القضايا هنا فيه جيلين وفيه نظرتين وفيه موقفين.. مش أوضاع، فيه تاريخيين تقريبا بيكتبوا، المواقع متباعدة ما بين ثكنة وبين قصر ملكي، لا يمكن.. ووجود ضباط في مجلس الوزراء كان يبقى في منتهى الصعوبة، لكن السنهوري باشا وسليمان حافظ اقترحوا ورحب علي باشا ماهر وذهب سليمان حافظ بهذا الاقتراح إلى القيادة، شاف محمد نجيب، شاف جمال عبد الناصر، شاف تقريبا أعضاء لجنة القيادة كلها كاملة وقال لهم إنه هو جاي بالترياق من العراق وإنه وصلوا إلى حل بيريحهم ويريح كل الناس.. عاوزين ثلاثة ضباط منكم يخشوا مجلس الوزراء وده متى؟ بعد شهر واحد من قيام الحركة، تصبحوا على خير.

إعلان
المصدر : الجزيرة