
هيكل.. ولادة الدولة في مصر
– الأطراف المؤثرة في عملية ولادة الدولة
– التعقيدات التي اعترضت عملية ميلاد الدولة
– تطورات العملية من 23 إلى 26 يوليو
الأطراف المؤثرة في عملية ولادة الدولة
محمد حسنين هيكل: مساء الخير، نحن هذه الليلة أمام مجموعة هي المجموعة الثالثة من مجموعة حلقات عن تجربة حياة، هذه المجموعة.. المجموعة الأولى أنا أسميتها علامات، كانت بتبين مشهد عام رآه جيلي وأطل عليه، المجموعة الثانية أنا أيضاً أطلقت عليها وصف أيام، لأنها كانت أيام بالتسلسل هي في واقع الأمر أيام يوليو، هذه المرة السياق الزمني لا يصلح لأنه هذه المرة هي قضايا ورجال وبالتالي فنحن بدلاً من الرواية الأفقية سوف نلجأ إلى تحديد رجال وقضايا، أي أن الكلام تقريباً هو كلام رأسي عمودي كل يوم منفصل عن الثاني بحيث أنه.. ولو أنه الحوادث متصلة لكنه مجري الحوادث ماشي لكنه فيه تحديد أوضح لمواقف محددة ولقضايا محددة ولرجال بأسماهم، في الحلقات السابقة كنت بأمهد فيها تقريباً إلى هذه اللحظة في واقع الأمر عن بداية ما يمكن أن نسميه نظام يوليو اللي هو تجربة يوليو وهي تجربة أنا شاهدتها عن قرب وأكاد أكون.. أقول أنه أصابعي كانت قريبة من لمس بعض جوانبها دون أن أدّعي أكثر، هذه الأيام في واقع الأمر.. الفترة الأولى من هذه الأيام واقع الأمر أنها تحتاج إلى دراسة متأنية برضه لأنه هذه هي الأيام الغامضة، واقع الأمر أنها غامضة لأنه الصورة اللي فيها كانت صورة غريبة جداً، الموقف.. يعني عاوز أقول أنه علشان أدي صورة لكيف كانت هذه الأيام وكيف ولد نظام يوليو في واقع الأمر وكيف جرى ما جرى بعد ذلك مما هو مستمر حتى هذه اللحظة لابد أنه يبقى فيه أولاً الساحة العامة، في كل ما عرضت من مجموعات فيها حلقات قبل كده أنا حاولت أحط الترتيب أو نوع من سياق يعطى خلفية المسرح، فبدأت بشكل عام بصراع الإمبراطوريات وبعدين بقيت صراع الأسر وده برضه كان موجود وكان لا يزال موجود في هذه المرحلة، كان موجود في المجموعات السابقة وهو موجود أيضاً هنا وبعدين صراعات القوى في الداخل وواقع الأمر إن أنا حاولت أعمل خريطة هتتحط على الشاشة وأظن بقدر ما هو ممكن بتدي صورة للممكن يتسمى (Inter play) الأطراف اللاعبة على الساحة والمؤثرة فيها والداخلة في تفاعلاتها، لو أي حد.. لو نطل بعد خلفية صراع الإمبراطوريات وبعد الأسر المالكة وهي كانت لا تزال موجودة وبعد استعراض القوى الموجودة داخل البلد وهي يوم 23 يوليو.. صباح 23 يوليو بقت فيه قوة جديدة داخلة للساحة جنب بقية القوى، القوى اللي كانت موجودة من الأصل كان فيه قوة العرش، الملك خرج لكن الأسرة لا تزال موجودة.. أسرة محمد علي لا تزال موجودة، ضباط الجيش طلعوا بلجنة القيادة أو بما سمي لجنة القيادة في ذلك الوقت بقوة بتعمل حاجة غريبة جداً.. قوة موجودة عندها القوة الحقيقية لكنه اختاروا في ذلك الوقت وزارة عندها سلطة الإدارة، لكنه القوة الحقيقية لم تكن تدرك كما شرحت من قبل أنه القوة عندها وهي لا تدري والسلطة اللي عندها سلطة الإدارة كانت أيضاً لا تقدر لأنه حاسة أنه فيه.. هي جاءت بمحض مصادفات فجر يوم 23 يوليو طرح وبطريقة أنا شرحتها أنه علي باشا ماهر يأتي رئيس وزارة، لكي يحدث دوي يشعر كل الناس في مصر وفي العالم أن شيئاً قد جرى في هذا البلد مختلف عن السياق اللي كان موجود قبل كده، القوى اللي كانت موجودة على الساحة.. كان فيه طبعاً بالتأكيد قوة الشعب بكل المشاكل اللي عنده اللي هو الحقيقة الباقية والدائمة في أي وطن في الدنيا وبعدين فيه قوة الحركة اللي طلعت في الجيش وبعدين بقى فيه الوزارة اللي تشكلت، طبعاً بعد كده كان فيه القوى الدولية المحيطة أهمها الإنجليز بوجودهم الفعلي في قاعدة قناة السويس، الأميركان بمطامعهم الجديدة في مصر واللي كانت زاحفة، إسرائيل اللي واقفة على حدود العالم العربي بترقب وبعدين في الداخل فيه أحزاب أهمها في واقع الأمر ثلاثة.. فيه الوفد كقوة وفيه الإخوان المسلمين كقوة وفيه الشيوعيين كتيار موجود وفاعل وفيه حركة الرأي العام الواسع وهنا بين هذه الأطراف بدأت تبقى فيه المشهد العام يتشكل، كان فيه حاجة أنا بأعتقد أنها تساوى الوقوف عندها قليلاً وهي إيه؟ وهي ضرورة التفرقة عند هذه اللحظة بين الشعب وبين الدول، بمعني أنه الدول ممكن تتغير الشعب لا يتغير لكن.. والشعب ولاد باستمرار لكن فيه دول تتغير ومش بس عندنا، أقدر أقول إن إحنا عندنا الدولة تغيرت ثلاثة مرات أو على الأقل كان فيه محاولات في العصر الحديث، كان فيه عندنا ثورة عرابي اللي أنا أقدر أقول أنها كانت ولادة أجهضت وكان عندي ممكن أقول أنه في ثورة سنة 1919 اللي أنا مستعد أقول أنها ولادة.. كانت ولادة طبيعية، كله كان حمل طبيعي، الثلاث مرات، الثورة العرابية، ثورة سنة 1919 وثورة أو ما يمكن أن نسمي عليه فيما بعد 1952، هنا فيه فعلاً دواعي تقتضي أنه يبقى فيه تغيير أساسي.. أنه يبقى فيه دولة أخرى تقوم، عرابي حاول لكن الظروف كانت ضده والعملية أجهضت، ثورة 1919 كانت بتحاول تعمل دولة جديدة باسم الشعب لكنه أظن أن الطفل والذي ولد ولادة طبيعية أظن أنه كان عليل، ما حدش يقول لي أن دي كانت تجربة ليبرالية وفيه احتلال في البلد جاثم وفيه دستور يعطي سلطة كاملة للملك وفيه حزب أغلبية لم يحكم إلا سنوات معدودة وحتى عندما حكم لم يجئ إلا بمطلب إنجليزي ثم يحدث.. لم يقال لي تجربة ليبرالية ويقال لي أنه والله المستشار الشرقي في السفارة البريطانية ذهب ذات مساء إلى مجلس النواب وغيّر مضبطة المجلس وحذف منها وقائع وأنا حكيت ده كله بالتفصيل فيما سبق فأنا هنا أمام واقع الأمر ولادة.. محاولة ولادة دولة، لكنها ولادة كانت طبيعية لكن الطفل ولد فيها بشكل أو آخر عليل.. مريض، الولادة الثالثة الحمل كان طبيعي أيضاً لكنه بشكل أو آخر اقتضى الأمر.. وهنا دي مهمة جداً فيما يلي اقتضى الأمر تقريباً ولادة قيصرية، أنا قلت أنه ما جرى يوم 23 يوليو يصعب علي جداً بأي معيار في تعريف الثورات أن أسميه ثورة، لكنه كان عملية ولادة متعثرة بشكل أو آخر لموقف.. لحالة ثورية قاربت الغليان والفوران لكنها لم تقارب بعد النضوج الطبيعي والنضوج الطبيعي تقريباً كان مستحيل أو كان صعب جداً بسبب وجود الاحتلال، بسبب التهاوي اللي كان في الداخل، بسبب التآكل اللي حصل في حزب الأغلبية، بسبب الانحرافات كلها اللي حصلت على سلطة العرش والنتيجة أنه فعلاً كان فيه أحوال لا تدعو إلى.. آه فيه حالة ثورية لكن هذه الحالة الثورية غير قادرة على أن تتحول إلى ميلاد دولة، لما أقول أنه ميلاد دولة ليس عيباً أن نتصور أنه والله كل مرة ولادة جديدة، هذه هي طبيعة ولادة الدول، لو أنا آجي في فرنسا على سبيل المثال وأقول إن إحنا الآن أمام الجمهورية الخامسة، معنى هذا أن الدولة الفرنسية في تاريخها الحديث ومنذ قامت الثورة الفرنسية شهدت خمس جمهوريات تولد وكل واحدة فيها دولة بدستور بطريقة جديدة مختلفة بقوى مختلفة وهذا ليس عيباً وعلينا أن ندرك أنه لما نقول أنه فيه ميلاد أو فيه عملية ولادة هذه طبائع الحياة، هذه طبائع التطور وليس عيباً أيضاً أنه ممكن تبقى ولادة قاصرة وممكن تبقى ولادة عاجزة وممكن تبقى ولادة غير طبيعية وممكن تبقى ولادة قيصرية لكنه هذا.. لما ألاقي فرنسا غيرت خمس مرات جمهوريات.. خمس جمهوريات معنى ده أنه الولادات السابقة سواء بأحكام التطور الطبيعي أو بالعيوب اللي تطرأ على الخلق بشكل أو آخر بيحصل تغيير، إنجلترا نفس الحكاية.. إنجلترا ولدت.. مرة الدولة الإنجليزية ولدت بالملوك الأول، كينج آرثر في الأساطير.. زي ما بتقول الأساطير وبعدين ولدت بالمجناكارتا وبعدين ولدت في عصر فيكتوريا بظهور طبقة تورز وبعدين ولدت مرة رابعة بظهور نمو الطبقة العاملة اللي بعد الحرب العالمية الأولى، بمعنى أنه هنا علينا أن ننظر إلى عملية ولادة الدول دون أن نشعر بقلق أو بقصور، الدولة.. صباح يوم 23 يوليو و26 يوليو أو 27 يوليو بعد أن خرج الملك بدا أنه فيه ولادة.. فيه عملية.. فيه أعراض ولادة لكنه الناس اللي موجودين في القيادة واللي هم عملوا اللي عملوه عندهم آمال وطموحات لكنه ما هماش مهيئين لإنشاء دولة، مش قادرين، ما يقدروش، ما هماش مستعدين، الجيوش في العادة لا تلد دول ولا تصنع دول، الجيوش هي أداة من أدوات الدول تحمى الدول وتحمى أمنها وهي عنصر رئيسي في قيامها لكنها ببساطة هي لا تصنع دولة، الدولة تصنعها قوى اجتماعية وثقافية وفكرية واقتصادية وتبني هي قواها العسكرية لكن مش قواها العسكرية تبنيها.. يعني وفي نفس الوقت موجودين لكن الأطباء اللي جاؤوا يعملوا عملية الولادة كمان جاؤوا بالصدفة، زي ما بيقولوا الإنجليز (Midwife) الدايات.. الداية اللي جاءت تولد جايين.. نلاحظ حاجة مهمة أنه اللي عملوا التغيير لا يقدروا وهم جايين جداد خالص لكن اللي جايين يتولوا الولادة أو عملية ولادة الدولة.. إيجاد دولة بعد الفوضى الكبيرة اللي حصلت وبعد خروج ملك والظروف اللي قامت وانهيار سلطة عرش وحكومة وإدارة وإلى آخره هؤلاء جاؤوا وهم قدام.. هم من الماضي، فكان عندي.. أمامي ناحية في القيادة اللي عندها القوة لا تعرف لكنها تمثل رغبة في التغيير وعندي الناس اللي تولوا الأمور، في واقع الأمر في إدارتها هم ناس.. واحد.. ما هماش.. فوجؤوا بما جرى، استدعوا على عجل لعملية ولادة، أول هؤلاء كان علي ماهر، لو نلاحظ أنه فور أن جرت عملية تغيير وحدث الاستيلاء على الجيش صباح 23 يوليو أنه الشباب اللي موجودين في القيادة على طول هرعوا إلى علي ماهر يؤلف الوزارة واسم علي ماهر جاء بالصدفة، أي أن أقرب مولدة تقريباً دعيت إلى حالة الولادة هي ما كانتش مستعدة وما كانش عندها فكرة وبقيت الدايات إذا حبينا نقول اللي استعين بهم لعملية الولادة برضه فوجؤوا بالمجيء، مَن في هذه الفترة كان؟ أنا بأقول في هذه الفترة ظهر ثلاث رجال ولما أحط خريطة تقسيم السلطة وأقول أو تقسيم الوضع العام في مصر وأقول إنه كان فيه شعب وكان فيه القيادة على طول انتقل للوزارة التي عينت صباح 23 يوليو وألاقي إن فيه ثلاث رجال أشرفوا على عملية الولادة المبكرة لنظام جديد، فهم أولاً مش منهم وبعدين دعوا على عجل، ما عندهمش برنامج.. ما عندهمش حاجة لكن عندهم خبرة قديمة، لكن هذه الخبرة القديمة أيضاً متأثرة بظروف سابقة نمت فيها هذه الخبرة، الرجال الثلاثة اللي كانوا عندي في هذا اليوم أو في هذه اللحظة من التاريخ كانوا ثلاث رجال، أول واحد فيهم كان علي باشا ماهر، علي باشا ماهر أنا هأتكلم عليه بعدين لكن علي باشا ماهر هو شخصية من ساسة العهد القديم.. السابق وكان بيعتبر رجل الملك فؤاد وهو رجل بالتأكيد عنده كفاءات وعنده خبرة وعنده.. لكنها خبرة متصلة بظروف أخرى مختلفة تماماً عن ما دعي إليه، علي ماهر كمان أدرك أنه الأمر يقتضي منه تغطية.. بمنطقه هو الطبيعي تغطية قانونية ودستورية لأوضاع مستجدة عليه فدعى الأستاذ سليمان حافظ، الأستاذ سليمان حافظ هو وكيل مجلس الدولة، مستشار الرأي في مجلس الوزراء مع علي باشا ماهر وسليمان حافظ وجد أن المهمة ثقيلة جداً فطلب استدعاء الدكتور عبد الرزاق السنهوري وبالتالي بقى عندي على الإدارة المدنية أو على جانب الإدارة، على جانب سلطة الدولة، على جانب توليد نظام جديد في واقع الأمر عندي ثلاث أطباء موجودين مشرفين على حالة ولادة عسيرة، علي ماهر، سليمان حافظ والدكتور عبد الرزاق السنهوري وهؤلاء ناس أنا عايز أقول إنه علينا أن نفرق باستمرار بين أنه أشخاص نقدرهم ونحترمهم في حد ذاتهم ونحترم علمهم ونحترم كفاءتهم لكنه النظرة المطلقة للناس أنهم خير أو شر، كويسين أو وحشين، يصلحوا أو لا يصلحوا هذه نظرة أنا بأعتقد أنها فيها كثير جداً من المطلقات، الخير والشر لا يملك أحد إطلاقاً الحكم النهائي عليهم إلا خالق الكون، لكنه نحن البشر ونحن ننظر إلى أدوار الأفراد، ننظر إلى الجهد الإنساني وننظر إلى ما استطاع الجهد الإنساني، بقدر ما يستطيع في موقف معين ونستطيع أن نلمح أوجه قصور أو نلمح دوافع وحتى نزاعات إنسانية وحتى مطامع إنسانية دون أن يكون في ذلك عيباً لما آتي أنا في الرجال الثلاثة لأنه الرجالة الثلاثة دول لعبوا دور.. لازم نلاحظ أنه هؤلاء الرجال ابتداء من 23 يوليو في واقع الأمر وأكثر ابتداء من يوم 27 يوليو بدؤوا يلعبوا الدور المؤثر في توليد نظام من داخل هذه الفوضى الشاملة التي كانت سائدة من قبل.
[فاصل إعلاني]
التعقيدات التي اعترضت عملية ميلاد الدولة
" السنوات 1952، 1953 لغاية صدامات عام 1954 هذه الفترة شكّلت ملامح الدولة المصرية وودعت الدولة المصرية التي نشأت بعد 23 يوليو " |
محمد حسنين هيكل: الحاجة الغريبة جداً أنه كل الناس لما تيجي تتكلم على تاريخ الثورة تقفز مرة واحدة من يوم 23 يوليو إلى أزمة مارس وتتصور أنه هؤلاء الضباط اللي جاؤوا في القيادة كانوا من أول لحظة طامعين في الحكم وأنه كذا.. يعني وأنه كانوا جايين راغبين في السلطة لكي تحل مجموعة محل مجموعة ولكي يصبحوا حكام وأنا بأقول وأنا شاهدت هذه الأيام وبأعتقد أنها مهمة جداً للضمير المصري وللضمير العربي أن تتضح صورة لهذه الفترة بحقائقها كما كانت وأنا ما أقدرش أقول ما أقوله هو الحق لكن أقدر أقول إنه أنا حاولت أتقصى الحقيقة قدر ما أستطيع لأنه هذه السنوات 1952، 1953، 1954 لغاية ما حصل صدام سنة 1954 أنا بأعتقد أنه هذه الفترة شكّلت كثير جداً في ملامح الدولة المصرية ودعت الدولة المصرية اللي نشأت بعد 23 يوليو ودعت إلى تعقيدات كثير جداً وجرت إلى مشاكل وجرت إلى عقد لا تزال غائرة حتى هذه اللحظة، إحنا هذه الفترة أنا بأظن أنها تحتاج إلى نظرة من داخلها، كيف جرت المسائل في غرفة الولادة؟ لأنه هنا تقريباً كان فيه أولاً الأوضة بالطبيعي كانت مغلقة، الضباط موجودين في القيادة والعملية المدنية بتجري وهناك كانت تجري ملامح الدولة.. ملامح توليد الدولة الجديدة دون أن نرى ما جرى في الداخل، دون أن نعرف بالضبط إيه اللي بيحصل وما حدش عنده فرصة يعرف حقيقة ما الذي جرى، في هذا كله أنا حاولت.. أنا لو أنا تكلمت أو لو غيري تكلم ممكن جداً يبقى الكلام مشوب بهواء وهنا أنا كنت بأحاول بقدر ما أستطيع أن أعثر على شيء قد يكون محايد ويكون من الداخل من حيث تواجدت عملية الولادة ومن حيث شارك.. من أحد المشاركين من الداخل لأنه نحن لا نستطيع.. الفترة دي سواء عن عمد أو سواء دون قصد أو سواء لأنه ما حدش اهتم بها قفزنا مباشرة من 1952 لـ1954 دون أن نطل على ما استوجب كل التعقيدات اللي حصلت واعترضت طريق ما أصبح فيما بعد ثورة وأثرت عليه وأصابته يمكن بمشاكل وتشوهات وعقد إلى آخره وإذا لم ننظر إلى هذه الفترة بدقة وبتأمل وبحيادية وبموضوعية ومن الداخل وليس من الخارج، حاولت.. أنا أظن أنه عثرت على خيط كان لأول مرة ونحن في المعتقل سنة 1981 وإحنا في المعتقل الرئيس السادات كان في الفترة الأخيرة من حكمه كان متضايق من أسباب كثير جداً وبعضها أنا مستعد أفهمه ومستعد بأمانة.. يعني بأمانة ودون تردد مستعد جداً أغفره، لأنه هو عمل رهان معين بعد سنة 1973 وهذا الرهان الحقيقة بسبب.. سواء بسبب بيغين أو بسبب الأميركان أو لأسباب كثير جداً هذا الرهان لم ينجح فهو كان متضايق جداً وهذه هي الفترة اللي سميتها خريف الغضب وكتبت عنها كتاب ناس كثير جداً اهتموا به وناس ناقشوه وناس تكلموا عنه كثير جداً، لكنه ونحن في المعتقل حصل أنه الرئيس السادات جاء يوم 3 سبتمبر واعتقل ناس كثير جداً ومنهم حوالي مثلاً مائة من السياسيين ووضعنا جميعاً فيما بعد في ملحق مزرعة طره وكان بيننا الأستاذ فؤاد سراج الدين والأستاذ فتحي رضوان والأستاذ حلمي مراد قادة النقابات وعدد كبير جداً من الناس وأنا كان عندي الحظ إني أكون موجود معهم.. يعني ولما أقول حظ هنا بأقولها بالمعنى المجازي، هي كانت تجربة إنسانية مهمة كانت لازمة لي وأظن أنه فيه حد قال لي بعد كده أنه أنا كان عندي صورة معقولة جداً لكن كان ناقصها لمسة ألم وأنه أو لمسة عذاب أو لمسة اضطهاد إذا حبينا نقوله والسجن أعطاني ده وأنا هذه التجربة أنا سعيد بها على أي حال بمقدار ما تساويه وعلى أي حال ما طالتش كثير.. يعني لكن على أي حال في المعتقل كان عندي الحظ إني أشوف فتحي رضوان كثير جداً.. كل يوم، أستاذ فتحي رضوان الناس عارفاه، ما أعرفش بيعرفوه إلى أي قرن لكن هذا رجل كان في صميم الحركة الوطنية الشبابية وكان من أقطاب سنة 1935.. محاولات الشباب لعمل نوع من تجديد الحياة الوطنية وتجديد التجربة الليبرالية لأنه كانوا شايفين أنه الأوضاع فيها بتسوء إلى آخره، فتحي رضوان كان من الناس النجوم اللي ظهروا في هذه الفترة وكان في مصر الفتاة وإلى آخره، بعدين بقى وزير وشخصية.. حقيقي شخصية غنية ومتنوعة، لكن فتحي رضوان قال لي في هذه الفترة.. قال لي تعرف إنه سليمان حافظ.. كنا بنتكلم طبعاً على اللي حصل وعلى إيه اللي جرى للثورة وكانت فرصة كثير هائلة أنه أقعد أنا وفؤاد باشا.. فؤاد سراج الدين وحلمي مراد وعبد الفتاح باشا حسن وفتحي رضوان نقعد نتكلم ونتكلم في الفسح.. لما كانوا بيسمحوا لنا بفسحة نقعد نتكلم فيما جرى وما يمكن أن يجري إلى آخره، في هذه الفترة قال لي.. فتحي رضوان قال لي إنه سليمان حافظ وهو شخصية رئيسية من الشخصيات الثلاثة التي تولت توليد النظام في واقع الأمر كتب في وقته يوميات وكتب مذكرات وأنه هذه المذكرات موجودة وهو عنده نسخة منها وأنا ترجيته أنه لما نطلع إذا كنت أشوفها إذا كنا هنطلع في يوم من الأيام، أنا بعدين شوفت الأوراق وعرفت أنه كان مقدر أنه هيقعد فترة طويلة.. يعني لكن لسوء الحظ.. يعني ما طالتش الفترة.. يعني أقصد سوء الحظ لأنه الرئيس السادات اغتيل وتطورت الظروف واختلفت وخرجنا من المعتقل على أي حال، طلبت من أستاذ فتحي رضوان النسخة اللي عنده من هذه اليوميات ومن هذه المذكرات وبعد شويه.. أخذتها الحقيقة وقرأتها واستأذنته في صورة منها ثم عرفت فيما بعد أنه نسخة من هذه المذكرات لسليمان حافظ موجودة في حاجة غريبة جداً اسمها لجنة تسجيل التاريخ رسمي وهي لجنة أنا بأعتقد إن أنا لعبت فيها دور دون أن أقصد، حصل سنة.. بعد حرب أكتوبر.. وأنا بأقفز بالموضوعات معلش لكن أنا بأحاول أدي خلفية لما جرى وأنا بأتكلم على إيه بالضبط.. حصل إنه بعد حرب أكتوبر أنا اختلفت مع الرئيس السادات على.. بقدر ما لي.. يعني بقدر ما يستطيع كاتب أن يفعل، فكتبت رأيي في الأهرام، كتبت رأيي في ذلك الوقت في عدد من المقالات لأنني كنت مختلف عن الإدارة السياسية للحرب لما بعد الحرب، نحن لم نختلف لا في الحرب.. لا قبل الحرب ولا أثناء الحرب إلا بمقدار محدود، لكنه أنا كنت موجود في عملية الحرب وأنا زي ما قولت مرة وكتبت وقلت أمام المدعي الاشتراكي لما حولت للتحقيق معه.. لما حولت للتحقيق أمامه والرئيس السادات موجود قلت إن أنا كاتب البيان أو كاتب التوجيه الاستراتيجي لأحمد إسماعيل ببدء عملية الحرب وهذا كان في وجود الرئيس السادات وفي حياته، فبعد الحرب أنا خرجت وقلت.. سبت الأهرام وطلعت أقول وجهة نظري فيما جرى والرئيس السادات تضايق لكن حصل بيننا مناقشة صعبة جداً سنة 1975، المناقشة كانت بسبب ظهور كتاب اسمه (The road to Ramadan) أنا كتبته، عنوان الكتاب أستفز الرئيس السادات، أنا ما كنتش موجود في مصر، كنت في إيران لما الكتاب بدأ يطلع مسلسلاً في صحيفة الصانداي تايمز في إنجلترا والرئيس السادات نقلت إليه بعض الفصول خطأ، لكن نقل إليه العنوان والعنوان بيقول (The inside story of how the Arabs prepared for and almost won the October war of 1973) كيف أعد العرب وكيف حاربوا المعركة وكيف انتصروا تقريباً (almost) تقريباً، الرئيس السادات كان معترض على كلمة (almost) أنا كان رأيي.. كنت متمسك برأيي لكن هو كان اعتراضه الأكبر لأنه تُرجمت له حاجة ما لهاش داعي الحقيقة.. يعني ما أعرفش إزاي ترجموها له كده، فيه فصل أنا بأقول (Sadat rides the storm) السادات يركب العاصفة، عاصفة ما بعد الحرب أو عاصفة الحرب، فيه هو ترجموها له إنه السادات يركب الموجة، فهو كلمني وقال لي أنا بأركب الموجة؟ قلت له يا فندم أنا ما قلتش كده، أنا قلت.. هو كان معترض.. زعلان من عنوان الكتاب وكان زعلان من نشر الكتاب، المهم دار بيننا حديث صعب.. يعني شويه كان.. يعني عنيف.. يعني هو قال لي اللي بيتصوره وأنا قلت له اللي عملته وأنا مستعد أدافع عن رأيي إلى آخره، لكن هو في ذلك الوقت قال لي.. من الحاجات اللي قالها قال لي أنا لن أسمح لحد أنه يكتب تاريخي وأنا هأكتب تاريخي بنفسي، فبدأ يدلي بأحاديث يحكي فيها تاريخه سنوياً.. يعني كان بيعملها في التلفزيون المصري أو في.. التلفزيون المصري وبعدين عمل حاجة اسمها لجنة كتابة التاريخ وطلب من الدولة إن الدولة كلها تدي الوثائق هناك اللي عندها فيما يتعلق بتاريخ مصر وطلب من الناس اللي عندهم وثائق أنهم يدوها في لجنة تاريخ مصر وكان يرأسها الرئيس حسني مبارك.. محمد حسني مبارك نائب الرئيس في ذلك الوقت وهذه اللجنة بدأت تجمع وثائق مصر وتحاول.. يحاولوا يعملوا منها حاجة، ما أعرفش عملوا إيه لكن ما طلعتش منها حاجة.. يعني لغاية دلوقتي.. يعني لكن على أي حال بقى فيه جهة معينة حصلت على كل وثائق مصر بما في هذه الوثائق كان فيه مذكرات سليمان حافظ وأنا لا أعلم لماذا حجبت، لكن مذكرات سليمان حافظ هنا قيمتها إيه؟ قيمتها أنها لأول مرة أمامي وثيقة حقيقية مكتوبة من داخل غرفة ولادة النظام، كاتبها أحد الأطباء أو أحد المولدين اللي دعوا على عجل لكي تولد دولة جديد ة بعد الـ(Upheaval) بعد الغليان والفوران والانهيارات والتغيرات اللي حصلت من 23 يوليو إلى 26 يوليو، فبقى عندي لأول مرة في التاريخ المصري في واقع الأمر وثيقة من الداخل، الوثيقة دي أمامي.. أنا عندي نسخة منها، الوثيقة كبيرة جداً لأنه سليمان حافظ كان رجل قانون وهو رجل ممتاز، أنا عايز أقول إنه أنا ما أقدرش أحكم علي سياسي بمنطقي من خارج موقفه ولا أستطيع أن أحكم عليه بأثر رجعي، لكن دوري أن أعرض خصوصاً.. أن أعرض ما قاله وأن أعرض موقفه بطريقة أمينة وبطريقة تضعه في سياقه وهذا مهم خصوصاً إذا كان بيكشف لي عن مرحلة ولادة نظام، ساعة ما حد يكشف لي عن مراحل.. مرحلة نظام ويكشف هذا من الداخل، إذاً أنا أمام شيء حقيقي مش كاتبه صحفي ومش كاتبه واحد مراقب من الخارج ومش كاتبه مؤرخ بيقرأ الوثائق بعد خمسين سنة.. مائة سنة وألف سنة والكلام ده كله، أنا أمامي حد من داخل العملية السياسية.. من داخل غرفة الولادة يروي لي كيف جرت عملية ولادة النظام الذي قام بعد 23 يوليو الحاجة، الغريبة جداً أنه في اعتقادي وأنا مندهش جداً الوثيقة دي قدمت إلى مجلس.. إلى لجنة كتابة التاريخ، الوثيقة دية قدمها واحد من الناس المناضلين بحق وهو الأستاذ عبد الحميد صادق، ده كان من الناس اللي ساعدوا جداً عمليات المقاومة في قناة السويس وأنا ما أعرفش الوثيقة وصلت إليه إزاي لكن هو كان صديق جداً لسليمان حافظ، لكنه هو راح وجد من واجبه وهذه لحظة مهمة في تاريخ مصر فوجد.. من جانبه وجد أنه مطالب بأنه يروح يودي هذه الوثيقة، فيه غيره.. أنا كان عندي وثائق كثير لكن في ناس كثير جداً بينسوا أن أنا في مجموعة حرب الثلاثين سنة.. مجموعة كتب حرب الثلاثين سنة وهي تقرياً حوالي أربع آلاف صفحة حطيت فيها حوالي ألفين وثيقة مما كان عندي، فأنا في.. مهم الصحفي أنه وهو يروي روايته أن يعززها لكنه هنا أنا كنت أمام راجل متطوع بخير حقيقة وجد أنه فيه لجنة موجودة هتكتب التاريخ وعنده هو وثيقة تتصل بلحظة ولادة نظام، ولادة دولة جديدة بعد انهيار دولة قديمة مكتوبة بواسطة واحد من الأطباء اللي كانوا داخل.. الأطباء دي كلمة كبيرة.. يعني لأن وقتها بالوسائل.. في العملية القيصرية.. اللي كانوا موجودين كلهم كانوا ناس.. كلهم من عصور سابقة وأنا مستعد أقول من غير ما أظلم حد فيهم إن دول كانوا مولدات.. حكيمات أكثر منهم أطباء، لأنه الظرف اللي قدامهم كمان ما كانش عندهم وسائل، فأنا هنا أمامي الوثيقة وأنا هأعتمد عليها في هذه اللحظة وسوف أستدعيها للشهادة في بعض المواقف لأنه هنا دي بتروي حاجة مهمة جداً، الوثيقة هنا علشان يبقى واضح وكل الناس بتتكلم.. وبنتكلم كلام مسند ولا نتكلم كلام مرسل على عواهنه نرجع إلى كيف بدت الصورة وقتها وماذا حدث وكيف تصرف الرجال؟ لأنه هنا أنا عندي زي ما كنت بأقول فيه ثلاث رجال أشرفوا على غرفة الولادة من الناحية المدنية، كان فيه عسكريين في القيادة عندهم القوة لكنهم بعاد، خائفين من اللي جاي ده، خائفين من ميلاد دولة ومش في ذهنهم على أي حال، ما كانش في ذهنهم ميلاد دولة، كان كل اللي عندهم إنه والله هنخلص.. هنطهر الجيش اللي إحنا بنشتغل فيه واللي قاسينا بالتجربة الشخصية والمباشرة أحواله في حرب فلسطين واللي إحنا اتهمنا فيها الملك وإلى آخره أنه ما كانش قادر يجهز شيء وأنه الدولة كانت غير.. عاجزة عن حماية أمنها القومي فجئنا بنصلح الجيش وبعدين تصليح الجيش قاد إلى ما هو أكثر وبعدين جاءت.. اتعملت عملية في 23 يوليو إلى 26 يوليو وخرج الملك والناس دول مش داخلة في رأسهم ولا يقدروا ولا مستعدين إنه فيه دولة تولد على أيديهم، فجابوا أقرب.. زي ما كنت بأقول استدعوا أقرب داية إلى موقع البيت اللي هم فيه فجابوا.. جاء علي ماهر وعلي ماهر زي ما قلت جاب سليمان حافظ للغطاء القانوني والدستوري وسليمان حافظ جاب عبد الرزاق السنهوري فبقينا أمام ثلاثة رجال في أيدهم الأزمة وهم اللي في أوضة الولادة، واحد منهم كتب وهنا يبقى عندي لأول مرة حاجة معتمدة من طرف محايد كان موجوداً وليست له مصلحة في حاجة ولم يعد.. الراجل بدأ يكتب وقد اختلف مع نظام 23 يوليو وفرغ من الكتابة في يونيو سنة 1956 بدأ يكتب بعد ما خرج بشكل أو آخر.. يعني بدأ يكتب أواخر 1955 خرج من السلطة.. يعني أو بعد عن النظام بدأ يكتب من 1955 إلى 1956 وبدأ يكتب من موقف الناقد أيضاً، بعدما بعد عن التجربة المباشرة.. بعدما خرج من أوضة الولادة بدأ يحط والوقائع ظاهرة في رأسه، ماثلة في خياله متحققة بأوراقه لأنه كان قانوني بيكتب أوراقه فبدأ يكتب، فهنا أنا أمام شهادة حقيقية، أول ورقة.. أنا أخذت.. قلت أخذت صورة من فتحي رضوان وبعدين لما لقيتها وعرفت أنها موجودة في لجنة كتابة التاريخ الحقيقة اهتميت جداً، اللجنة.. أنا أمامي جواب بيشكر الأستاذ عبد الحميد صادق، بيقول له.. ممضي من اللواء محمد حسن غنيم مساعد وزير الحربية ومقرر اللجنة العسكرية الفرعية.. لجنة كتابة التاريخ اللي مع الرئيس حسني مبارك، بيقول له فيها السيد عبد الحميد صادق يسعدني أن أسجل لسيادتكم خالص شكر اللجنة الفرعية لتأريخ ثورة 23 يوليو 1952، فيه لجنة أمامي اتعملت سنة 1975 لتأريخ ثورة 23 يوليو والنهارده سنة 2006.. يعني فات أكثر من ربع قرن ولم يصدر شيء على الإطلاق مما تلقته هذه اللجنة من وثائق ولا مما أجرته من دراسات وهي كانت مهتمة بتأريخ ثورة 23 يوليو لأنه ما جرى.. وهنا دي أمامها وثيقة مهمة جداً لأنها لحظة الميلاد الأولى ولحظة الميلاد في ولادة متعثرة وفيه ثلاث حكيمات جوه أوضة الولادة وعملية الولادة مستعصية لكن بيحاولوا، فأنا أمامي صورة لما جرى، بيقول له فيها أنه متشكرين على المعلومات اللي قلتوها والوثائق وإني أنتهز امتنانا على تسليمكم النسخة الأصلية.. أنا ما أعرفش راحت له إزاي؟ والخطية لمذكرات المرحوم سليمان حافظ نائب رئيس الوزراء كهدية للجنة لما تحتويه من معلومات قيمة عن مرحلة تعتبر.. وده كلام صحيح.. من أهم المراحل التي مرت بها ثورة 23 يوليو، هي مرحلة مهمة لأنها أيضاً مرحلة شديدة الغموض.. يعني أنا.. وغريبة جداً أنه كل الناس تقريباً قفزوا عليها قفزاً سريعاً وأنا لا أعلم لماذا بينما هي مرحلة الولادة العسيرة لما أصبح بعد ذلك ممكن أن نسميه ثورة وأنا بأقول أنها كانت عملية ولادة قيصرية.
[فاصل إعلاني]
تطورات العملية من 23 إلى 26 يوليو
محمد حسنين هيكل: لما آجي أبص في الوثائق دي وهي وثيقة كبيرة جداً.. يعني الراجل كتب.. قعد كتر خيره الحقيقة ترك لنا وثيقة وكنز، قعد كتب حوالي ثلاثمائة صفحة بخط يده وهذا جهد.. يعني أنا بأعتقد أنه كان جهد يدل على.. جهد قاضي عنده ضمير وبقدر.. وما عندوش خبرة بالسياسة، لكنه بقدر ما رأى سجل وهنا قيمة شهادته وسجل والحوادث باقية في ذهنه، هو بيحكي وأنا هنا لا.. عايز أقول إيه؟ إنه أنا لو أنه أي حد فينا روى فسوف يروي (Second hand) هيروي عن عنعنات، لكنه القيمة في اللي أمامي هنا أنه أمامي لأول مرة رؤية من الداخل ومن طرف، من مولد مش من واحد متفرج.. لا، سليمان حافظ بيقول لي إيه في المذكرات دي؟ وأنا هنا.. يعني معلش هأقف فترة أمامها في المرحلة الأولى علشان أوري كيف كان المناخ وكيف جرت محاولة التوليد لأنه الموقف في منتهى الصعوبة وزي ما قلت فيه قوة جديدة عندها القوة بعيد وهي جديدة وفيه قوة اللي جاءت تعمل عملية الولادة قوة قديمة عندها تجربة سابقة لكن هي وليدة ونتيجة عصر مختلف لا علاقة له بما جد وما استجد، بيبتدي سليمان حافظ هنا في الوثيقة اللي أمامي بيقول فيها أنه أنا حسيت أن من واجبي كذا ومطلع شبابي وألح علي بعض الأصدقاء وهو قعد يقول ألح علي بعض الأصدقاء أنه أروي ماذا رأيت وماذا جرى، كويس.. وبعدين بدأ يوصف دوره السابق في مجلس الدولة وبيروي خناقات مجلس الدولة مع حكومة الوفد ويصفها.. وهنا فيه مسألة مهمة جداً يصف.. وهنا موقف سليمان حافظ وعلي ماهر والسنهوري من الوفد قضية مهمة جداً لأنهم.. الحاجة الغريبة جداً إن الضباط اللي جاؤوا دول كانوا جايين يتكلموا على حياة نيابية وعايزين يعملوا انتخابات ويجيبوا الوفد، في ذهنهم هذا الموضوع أنه هتتعمل انتخابات حرة وأنه أي انتخابات حرة بشكل أو آخر هتجيب الوفد وأنه.. يعني وما عندهمش فكرة عن اللي جاري في كواليس أو في دهاليز أو في حقائق السياسية المصرية، لكن هنا سليمان حافظ وهو رئيس مجلس الدولة بيتكلم عن الصدام اللي جرى واللي أنا تكلمت عنه سابقاً في مرحلة.. في حلقة في المجموعة السابقة على الخلاف بين محاولة الوفد أنه يحل.. حكومة الوفد تحل مجلس الدولة، فسليمان حافظ بيحكي بيقول.. واحد خناقة الوفد أنه وصف دوره في مجلس الدولة مع السنهوري باشا وحاول قدر ما يستطيع أن يرد ما سماه هو غارات حكومة الوفد على المجلس، كل ده كان له علاقة بعد كده بما جرى في الثورة فيما بعد والطريقة اللي مشيت بها الأمور وبعدين بيتكلم عن علاقاته بالحزب الوطني وبيتكلم على علاقاته بإثنين من أصدقائه مروا عليه وكلموه في شأن اعتقال فتحي رضوان، حكومة نجيب الهلالي قبل الثورة كانت اعتقلت ثلاثة ناس في يوم واحد، فؤاد سراج الدين باشا اعتقلوه واعتقلوا فتحي رضوان واعتقلوا حد ثالث مش متأكد مَن هو بالضبط دلوقتي وبعدين جاء رفعوا قضية وسليمان حافظ فيما هو واضح مهتم بها جداً والقضية راحت أمام محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة فحكموا.. رغبة من سليمان حافظ في الإفراج عن فتحي رضوان طلبوا أنه يفرج عنهم لأن اعتقالهم مش مضبوط، فنجيب الهلالي بطريقة المناورة أفرج عن فؤاد سراج الدين لأنه هيعمل مشاكل وترك فتحي رضوان في السجن، فهنا سليمان حافظ بيحكي إزاي الحكاية دي وبعدين بيتكلم على 23 يوليو الصبحية أنه قالوا له.. سكرتيره كلمه الصبح بدري في الصبح وكان باين أن هو (Trailed) جداً وأنه عرف أن الجيش عمل حركة بشكل ما بالليل وفرض رئيس وزراء وبعدين بيحكي وهو علي ماهر اللي هو بيعرفه واللي هو.. يعني بيقدره كسياسي وبعدين بيقول إن صبح 24 يوليو استدعاه علي ماهر علشان يروح له الصبحية وإدى له ورقة فيها طلبات الجيش وبعدين بيحكي أنه.. هو بيحكي مشاعره سليمان حافظ وبيقول حاجات.. بيحكي على حاجة مصر إلى تغيير وفساد الملك، بيحكي فيها تفاصيل في عبارات ظاهرة ولا تحتمل التباس وتبين سخطه وغضبه إلى آخره وبعدين علي ماهر بيستدعيه يبقى معه موجود في هذه اللحظة العصيبة فهو يسأل علي ماهر باشا سؤال مهم الحقيقة، قال له هتتعامل مع الشباب دول إزاي؟ أنا بأقترح قريب في ذهنه فتحي رضوان لأنه صديقه وهو فتحي كان يساوي طبعاً الاهتمام بشأنه.. يعني فقال له أنا بأقترح أنك تفرج فوراً عن فتحي رضوان لأنه هو يستطيع أن يكون صلة الوصل بينك وبين هؤلاء الشبان، لأنه يقدر يفهمهم باعتباره ثائر ورجل معروف اسمه ومعروف تاريخ إلى آخره، فأنا بأقترح أنك تفرج عنه وتجيبه معك يبقى حلقة اتصال مع هؤلاء الشبان، بيحكي الكلام ده وقد كان أفرج عن فتحي رضوان ورجع بطيارة يوم 25 يوليو إسكندرية وشاف علي ماهر، شاف سليمان حافظ وشاف علي ماهر، المفاجأة اللي أخذها سليمان حافظ أن سليمان حافظ كان بيتصور أنه فتحي رضوان لأنه كان متصدر لكل القضايا ذات الطابع الوطني أو اللي يبدوا اللي فيها طابع وطني ومنها قضية اغتيال أمين عثمان فيبدوا أنه تصور أن فتحي رضوان كان محامي لأنور السادات، فلما جاء فتحي رضوان إسكندرية سأله أنت مش كنت محامي أنور السادات؟ قال له لا أنا ما كنتش، فقال له الله.. وبعدين بالنص بيقول إيه؟ أنا ما استدعيتك.. نحن ما استدعيناك إلا لتتصل بهؤلاء الشبان، طيب وبعدين بيشوف هو محمد نجيب لأول مرة رايح عند علي ماهر فبيكلمه ويقول له أنه محمد نجيب بيقول له إحنا أعطينا رئيس الوزراء طلبتنا وأنتم المفروض هتصيغوها زي ما فهمت من علي باشا.. من رئيس الوزراء، فقال له أيوه عندنا وإحنا بنحاول نشتغل في الصياغة وبعدين بيقول له.. محمد نحيب بيقول له إيه؟ بيقول له أنا بأعرفك لأنك أنت كنت معي.. أنا كنت معك عضو يمين أو عضو يسار في محكمة عسكرية في حاجة وسليمان حافظ ما افتكرش لكن انبسط أنه قائد العملية الجديدة بشكل أو بآخر تعرف عليه وبعدين بيمشي الكلام فبيقول له.. بيحضروا وثيقة فبيقول له.. محمد نجيب بيقول له.. بيقعد مع محمد نجيب.. سليمان حافظ ومحمد نجيب ويستدعي السنهوري كمان ويقعدوا معه، فمحمد نجيب بيقول لهم الوثيقة دي مش محققة لطلبتنا بالضبط فيبدؤوا يقنعوه أنها محققة لطلباتهم بالضبط وبعدين تبدأ الأمور تتجه إلى ناحية خلع الملك وهنا فيه إشارات شديدة الأهمية، السنهوري قاعد مع سليمان حافظ ويروي سليمان حافظ في مذكراته هنا.. يروي أنه السنهوري أبدى قلقه مما يجري لأنه الأمور يبدو في يوم 25 بتتجه إلى الملك وبيقول لي سليمان حافظ.. بيقول له إيه؟ الزم جانب الحذر لخطورة ما أنت مقدم عليه وما يترتب عليه إذا لم يتم الأمر وبعدين لما جاء فتحي رضوان وانضم لهم كمان ففتحي رضوان لما عرف أن الأمور واصلة للملك قال إيه؟ طبقاً لشهادة سليمان حافظ بيقول هال الأمر فتحي فراح يبدي مخاوفه من تدخل الإنجليز مستشهداً بما حدث أيام الثورة العرابية مسهباً في بيان ما يلابث ذلك الرأي من تهور وما يحيط به من مخاطر، هنا الشباب في الجيش دفعوا الظروف إلى أبعد مدى إلى خروج الملك والسياسيين اللي موجودين واللي بيولدوا الدولة مذعورين من فكرة.. ولهم حق لأنه أي حد بييفكر وأي حد يقول من الجماعة الثانين.. الشباب دول.. الضباط.. يعني يقول والله إنه عملنا ثورة وفي نيتنا خلع الملك من البداية ده كان يبقى حتى لو على فرض مع أنه ما فيش دليل عليه، لكنه هذا نشأ بتدافع الحوادث خلف خروج الملك، لكنه لو حد يقول لي أنه فكر في ثورة لإخراج الملك والإنجليز موجودين يبقى فعلاً بيقامر، يبقى فيه هنا شيء ما في الرأس ملخبط.. يعني ولذلك كل الناس اللي كانوا موجودين وهم بيتابعوا الحوادث بيهولهم أن الأمور بتتجه ناحية الملك وأنه الملك في طريقه أن يخرج حتى ثائر من طراز فتحي رضوان وبعدين بيقول له.. بيكمل السنهوري في الرواية دي بيقول له إنه موقف خطير جداً وبعدين يروي حوار بينه وبين علي ماهر، هنا فيه اتنين من.. بيقول له ماذا أنت فاعلاً يا رفعة الباشا؟ فعلي باشا بيقول له ماذا تريد مني أن أفعل؟ فقال له دع القدر ينفذ ولا عليك، إحنا تقريباً هذا الكلام وبعدين بيقول له إيه؟ علي باشا ماهر بيرد عليه دعنا نتصرف الآن وسوف نرى إذا أمنت ما بعض جوانبه ما يأتي به الغد، هذا كلام كتبوه ناس من الداخل وفي عملية الولادة وفي غرفة الولادة وأنا هنا أمام إيه؟ أمام موقف لم يكن يخطر للذين وقفوا فيه أنهم هيقفوا فيه في يوم من الأيام ولم يخطر ببال أي حد مهتم بالشأن العام.. مهتم بما يجري أنه في يوم من الأيام هيلاقي شهادة أحد الأطباء الموجودين داخل غرفة الولادة وهي غرفة ولادة متعثرة والأطباء اللي جاؤوا يعملوا الولادة.. عملية قيصرية في ظروف الجراحة فيها متخلفة في أوضه غير معقمة بدون مستشفي بتتعمل في بيت في واقع الأمر.. يعني بتتعمل جوه مجلس الوزراء وبدون استعداد والناس اللي بيعملوها نفسهم خايفين مما يجري، لكن هنا بقى فيه إيه؟ بقى فيه أمامي ثلاث رجال على الساحة، هأسيب العسكريين في هذه اللحظة لأن لهم قصة مختلفة وهأركز عل المدنيين الثلاثه لأنه هنا ولدت دولة نضال 23 يوليو وهنا لدي شهادة من داخل النظام توري.. من داخل غرفة الولادة توري لمحات إنسانية غريبة جداً لأنه الرجالة الثلاثه.. المدنيين الثلاثه اللي وكلت عليهم عملية الولادة من.. كل واحد من خلفية مختلفة، علي ماهر رجل مارس الحكم، الحاجة الغربية هنا.. وسليمان حافظ مارس القانون والسنهروي مارس القانون، الحاجة الغريبة أنه عملية الاستقصاء والاستبعاد تبدو من أول لحظة، يحكي سليمان حافظ في هذا الجزء مثلاً بيقول إيه؟ بيقول لسليمان حافظ.. محمد نجيب بيقول لسليمان حافظ.. بيقول له عندكم في مجلس الدولة مش فيه قانوني مهم جداً في البلد اسمه عبد الحميد بدوي؟ قال له أه بس ده بعيد دلوقتي وبعدين بيقول له إيه؟ طيب فين الدكتور وحيد رأفت؟ ده موضوع بعد كده أثير وبقى مسألة مهمة جداً، قال له سيبك من وحيد رأفت، وحيد رأفت ما ينفعش.. هنا الضباط بعاد خالص.. وحيد رأفت ما ينفعش لأنه وحيد رأفت له أراء متعنتة وهو لا يصلح لمواجهة موقف من هذا النوع وأنا عندي قانونيين مختلفين واقترح عليه أسماء وأنا هنا مش عايز أحرج أحد مش عايز أقول أسماء اقترحت ولا حاجة كده لكنه خلفية هؤلاء الناس لما جاء علي ماهر عنده تحيز معين.. هو رجل الملك فؤاد وهو يعتبر نفسه رجل مقادير فهو رجل من طراز معين، سليمان حافظ رجل قانون لكن من الحزب الوطني وعنده تحيزات سابقة، السنهوري باشا رجل الوفد حاول يعمل غارة عليه في مجلس الدولة وقد صدها والملك وقف ورائه لكن دلوقتي بقي مستوهن إن الملك يخرج ومش عاوز حد من أصدقائه يغامر قبل الوقت المناسب وقبل ما يبان وبعدين بدأ هو يتولى صياغة وترتيب أمور الميلاد والولادة متعثرة وأدوات الولادة القيصرية غير موجودة لكنه نحن أمام حالة تستحق الملاحظة لأنه المولود فيما بعد.. لحظة الميلاد والطريقة اللي يولد بها نظام وتولد بها دولة لابد أن تؤثر استعداداتها وتوجهاتها وكفاءة الأطباء والظروف والمنطق كله لابد أن تؤثر عليها في ما بعد وقد كان، تصبحوا على خير.