حوار في الشأن الجاري
مع هيكل

هيكل.. خطط الإمبراطورية الأميركية

يتابع هيكل حديثه عن الولايات المتحدة وهي صاحبة معركة القرن التي أدارها الرئيس آيزنهاور من البيت الأبيض.

– معركة القرن
– مثلث إسرائيل ونهر الأردن وألفا مصر

– صدأ مفتاح الشرق الأوسط

معركة القرن


محمد حسنين هيكل: مساء الخير، أستأذن هذه الليلة أن أبدأ هذه الحلقة بالتعبير عن شعور إنساني راودني طوال إعدادي لها أو طول إطلاعي على ما يلزمني كي أجلس وأتحدث فيما ما أريده أن أتحدث فيه الليلة، هذا الشعور هو شعور عميق جدا بالحمد والإحساس بالفضل لصاحب الفضل في فرصة قلما تتاح للناس على الأقل فيما أعرف، هذه الفرصة هي أنا أكون مشاركا في وقائع معينة على الطرف المتلقي لهذه الوقائع من سياسات قوى كبرى واستراتيجياتها ثم أن يتاح لي أن أطَّلع على مصدر وأساس هذه السياسات التي عشت تداعياتها وأستطيع أن أقارن بين ما كنا نعرف وبين ما كنا نجهل، بين ما كنا نتوقع بحق وما أخطأنا في توقعه، بين ما كان صحيحا وما كان خطأً، لأنه أكثر ما يعبر عن سياسية أي بلد هو أن يطَّلع إنسان على وثائق وعلى أوراق صانع السياسة الأول فيها، في الولايات المتحدة الأميركية وهي صاحبة معركة القرن اللي إحنا بنتكلم عنها في هذه المجموعة من الحلقات، الرئيس آيزنهاور وهو يدير هذه المعركة من البيت الأبيض لأول مرة بقى عندنا فرصة لإطلالة على كيف كان يفكر؟ ماذا كان يخطط؟ لأنه هذه في العادة وثائق الحاضر عليها خمسين سنة وبالتالي يندر جدا إن المقادير تمنح لأي حد فرصة أن يعيش الحوادث وأن يشارك فيها ويرى تداعياتها ثم بعد خمسين سنة يتاح له أن يُمسك بيده الأوراق والوثائق التي كانت ترى ما يدبَّر أو كانت تسجل ما يدبَّر وتزيح الستار عن مواقع التخطيط وعن مواقع الخفاء وعن مواقع السر، لأنه عادةً جاءت لنا الفرصة نشوف وثائق وزارات الخارجية لأنه الأجل السرية المفروض عليها هو ما بين عشرين خمسة وعشرين سنة، ثلاثين سنة، لكن في أميركا أوراق مكتب الرئيس بتقعد خمسين سنة، فنادرا ما يحدث أنه حد يبقى.. وهذا أنا عندي امتنان شديد جدا للمقادير إنها أعطتني الفرصة إنه كنت عايش معركة القرن والآن عندي الفرصة من خلال إطلالة بعد خمسين سنة على وثائق لم تُذع من قبل أشوف كيف كان آيزنهاور بيتحرك في معركة القرن اللي إحنا عانينا منها واللي إحنا شفنا مواقعها كلها واشتباكاتها كلها وأزماتها كلها وبالتالي فأنا وأنا بأقرأ هذه الوثائق كنت حاسس إن هذه فرصة نادرة أتاحتها لي مقادير كريمة، وأنه حقيقي عايز أقول إنه فيه هنا عندي عرفان بالفضل لصاحب الفضل في هذا الموضوع بشدة، أقدر وأنا بأشوف وثائق آيزنهاور وبأشوف مكتبه وقد فُرضت عليه السرية خمسين سنة وأنا شاءت لي المقادير أن أكون قريبا من الطرف المتلقي لوقائع هذه المعركة ولخططها واستراتيجيتها إنه أبص وأقارن وأنا الساعات الطويلة والليالي الطويلة اللي قضيتها بأبص وأقرأ وأتأمل وأدرس وثائق آيزنهاور باستمرار بتتداعى أمامي الصور المقابلة لها من الطرف المصري الطرف اللي كان هنا، الطرف اللي موجود في القاهرة لأنه أقدر أشوف هنا دلوقتي آيزنهاور من أول لحظة دخوله البيت الأبيض لكي يقود معركة القرن في الظروف اللي أنا حكيتها بالقوة اللي جابته يُشرف على إدارة المشروع الإمبراطور الأميركي وهو مشروع فريد في نوعه وأقدر أبص.. أقدر أراه رأي العين تقريبا وهو جالس في مكتبه في البيت الأبيض وبيقعد، أول حاجة يعملها يكتب على ورقة يكتب، دخلت الآن إلى البيت الأبيض وجلست في المكتب البيضاوي وبعدين يبدأ يحس أنه عاوز يكتب أول رسالة يكتب أول رسالة شكر لترومان لأن ترومان.. الذي الرئيس السابق عليه سَلَفه في الرئاسة الديمقراطي واللي تولى الهجوم الشنيع عليه في المراحل الأخيرة بالمعركة عمل معه بادرة حُسن نية قدَّرها آيزنهاور وهذه البادرة هي أنه بعت جاب ابنه من المعركة، ابنه كان موجودا ضابطا بيخدم في كوريا وبيخدم كأركان حرب الفرقة الثانية، فأول حاجة سجلها آيزنهاور يقول إيه عاوز أبعت لترومان.. للرئيس السابق لسلفي أقول كتَّر خيرك لأن هو لما عرفت أنا إن ابني نُقل صدرت له أوامر بأن يترك موقعه وأن يجيء إلى واشنطن خطر لي أنه بيعاقَب بسبب نجاحي وبعدين اكتشفت أن الرئيس ترومان الرئيس السابق يعني رأى استدعاءه لكي يحضر حفلة تنصيبي ظنا منه أن ذلك يرضيني ويسعدني وأنا الحقيقة حاسس بعرفان شديد جدا إنه ابني كان موجودا في حفلة تنصيبي رئيسا، أقدر أشوف آيزنهاور بعد ذلك بيتجه رويدا رويدا إلى.. وعن طريق أوراقه إلى مشروعه الإمبراطوري، هو مش مشروعه هو مشروع.. لأنه ما فيش مشروع ما فيش إمبراطورية في الدنيا ممكن قوي تنشأ بأنه بلد يصحى الصبحية كده يوم من الأيام يقول إحنا والله قررنا ننشئ إمبراطورية ليس هكذا تنشأ الإمبراطوريات.. 

"
الإمبراطورية البريطانية ظلت على مدى قرنين من الزمن في القمة ثم بدأت بالانحدار، أما الإمبراطورية الأميركية التي تكونت في القرن الـ19، فقد هيئت لها كل العوامل المؤدية لنشأتها ووجودها
"

الإمبراطوريات تنشأ بالتراكم لو نبص الإمبراطورية البريطانية مثلا أخذت قرنين لكي تنمو وأخذت قرنين وهي على السطح ثم بدأت الانحدار أو على القمة ثم بدأت الانحدار، الحقيقة إن الإمبراطورية الأميركية تكاد تكون فيها نوع من اللي أنا كنت بأتكلم عليه أنه ناس قرروا إنشاء إمبراطورية لكنهم لم يستيقظوا ذات صباح لكي يقرروا إنشاء إمبراطورية لا، الإمبراطورية الأميركية أُعدت لها العوامل كلها المؤدية إلى نشأة الإمبراطورية إلى وجود إمبراطورية إلى وجود مشروع إمبراطوري تكونت كلها في القرن 19، على أوائل القرن العشرين كانت جاهزة في أماكنها، من أوائل القرن العشرين لمنتصف القرن العشرين تقريبا كل الأوضاع كل العوامل كل العناصر كل القوى بتتحط في مواقعها وتنتهي الحرب العالمية الثانية ثم تمضي الفترة اللي تكلمت عليها لما بدأت الحرب الباردة ويبدأ المشروع الإمبراطوري يخش في التنفيذ ويكاد يكون هنا فيه شبه قرار، عايز أقول هنا إن السياسة الخارجية للدول وأوضاع الدول لا تنشأ.. ما فيش حد عنده سياسة خارجية أبدا، كل دولة في الدنيا عندها سياسة داخلية فقط وسياستها الخارجية تنشأ من ضرورات لازمة لسياستها الداخلية، الإمبراطورية البريطانية مثلا لم تنشأ لأنه فيه سياسة خارجية بريطانية قررتها فيكتوريا ولاَّ قررها أي حد لكن في مصالح بريطانية داخلية حيوية اقتضت إن بريطانيا تخرج برة، هذه جزيرة حياتها عبر البحار، أمن أوروبا الأوضاع في أوروبا تهددها، عايزة أسطول قوي، عايزة أسواق، عايزة مراكز ارتكاز للتجارة وهنا نشأت تجارة.. نشأت سياسة خارجية بريطانية تحولت إلى سياسة إمبراطورية بسبب مطالب داخلية للشعب البريطاني، ما فيش حد السياسة الخارجية.. إحنا بعض الناس نتصور أن ييجي زعماء يخترعوا سياسات خارجية أو يبقى لهم سياسات خارجية وأمن قومي متعلق برؤاهم هم، هذا ليس صحيحا، السياسة الخارجية تحددها مطالب الداخل وأمن الداخل وليس حاجة ثانية، مصالح وأمن الداخل مصالح الأوطان وأمنها هي اللي تحدد سياستها الخارجية وتصنع لها سياسة خارجية وتعطيها السياسة الخارجية مش مسائل مصادفات ولا مسائل كده يعني، الرئيس آيزنهاور لما جاء في واقع الأمر السياسة الخارجية الأميركية كانت محددة من قبله وتقريبا الخطوط الإمبراطورية جاهزة لكي يتحرك عليها ودوره هو دور قائد جاء فرأى جيوشا ولقى موارد تسند هذه الجيوش ولقى وسائل التقدم وطُلب إليه أن يقود معركة الحرب الباردة كما قاد معركة الحرب الساخنة قبلها وقد بدأ.. لكن هو لم يخترع شيئا بمعنى أنه زي ما كنت بأقول مطالب أميركا.. أميركا حددت أمنها فين، وسَّعته وشرحت أنا مرة أنه من خط الماء إلى خط الماء وسَّعته لمبدأ مونرو إلى منتصف المحيط ودِّته يرتكز على الشواطئ الآسيوية وبالتالي التوسع الأميركي إن كان بلغ مداه في إعداد قواعد انطلاق إمبراطورية، لكن لما جاء آيزنهاور وبعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية والموارد الأميركية أثبتت أنها عندها قدرة هائلة على المعجزات وبدأت أميركا.. الحاجة الغريبة في المشروع الأميركي زي ما كنت بأقول إنه ابتدأ بقرار تقريبا قرار الانطلاق لأنه المسائل جاهزة وإلى آخره، كمان هو أسرع مشروع إمبراطوري نُفذ في التاريخ لأنه تقريبا طلع ونزل، أنا قلت إنه القرن هو القرن اللي فات هو قرن أميركي وقلت إنه بدأ مع الظهور الأميركي في بداية القرن العشرين والقرن انتهى مع.. تاريخياً على رأي نظرية هوبس باوند بسقوط برجي التجارة وأنا بأعتقد إنه معه أيضاً منع سقوط برجي التجارة في نيويورك سنة 2001 أظن أن الشروخ والتصدعات بدأت تبين على المشروع الإمبراطوري، فهو أسرع مشروع إمبراطوري تحدد والمشروع الإمبراطوري تحدد تقريباً بقرار أو تقريباً بإرادة واعية مش تداعيات زي ما حصل في الإمبراطوريات السابقة البريطانية أو الفرنسية أو الهولندية إلى آخره أو الأسبانية، لكن ده وسائله كانت جاهزة وبالتالي انطلق وبدأ في بدايته وهو.. لما بدأ آيزنهاور يخش وهو في بداية.. وحتى من قبل آيزنهاور بدأ مشروع إمبراطوري يبيع الأمل للناس ثم انتهى وصلنا به في لحظة التصدع سنة 2001 في سبتمبر 2001 وقد بدأ يبيع الخوف يصنِّع الخوف في إمبراطورية طلعت تنادي لأول مرة في عصر الإعلام الواسع مش بس الجيوش، بتستدعي الأفكار خصوصاً وهي تحارب معركة عقائدية ضد الاتحاد السوفيتي، عدوها الأول فبدأت هنا تبيع الأمل لكل الناس وخلصت الحرب البادرة وبدأت تبيع مش بس اليأس بتبيع الخوف، لكن ده كلها كان لسه في المستقبل لكن وأنا بأشوف ورق آيزنهاور وبأشوف كيف بدأ يخطط لمعركة القرن ألاقي الصورة واضحة شديدة الوضوح قدامي، ألاقي واحد، إنه موضوع الاتحاد السوفيتي خطر الشيوعية اللي بيتصوره أو اللي بيتصوروه أصحاب المصالح اللي جابوا آيزنهاور ويتصوروا بناة الديمقراطية الراغبين في رؤيتها والراغبين في رؤيتها بسرعة وهم يعتقدوا إنه وقتها قد حان ووسائلها موجودة وجاهزة وهم مستعدين لها فبدأ.. الحرب الأولانية المعركة الأول كانت في الاتحاد السوفيتي وهنا اشتغلت كل وسائل القوة الأميركية لتحقيق نصر دون نار ودون دم وهذه المعركة أنا تكلمت عنها في الأسبوع الماضي بما يكفي وأظنها مش محتاجة حاجة ثانية، الهدف الثاني في الاستراتيجية الإمبراطورية الأميركية هزيمة الاتحاد السوفيتي الأول، الثاني كان تقدم لإرث الإمبراطوريات القديمة وإنشاء نظام أميركي يحل محل النظام الإمبراطور القديم ويكون أيضاً صالحاً للمواجهة مع الاتحاد السوفيتي على الأقل لمنع الاتحاد السوفيتي من أن يدخل إلى العوالم المقصودة بهذه الإستراتيجية في إرث الإمبراطوريات اللي هي كانت كلها في آسيا في الشرق الأوسط في إفريقيا إلى آخره، الحاجة الثالثة كانت البترول.. البترول ما كانش فيه في ذلك الوقت ما كانش فيه مشكلة كبيرة قوي لأنه زي ما يعني حتى لما أبص على وثائق آيزنهاور وألاقي إنه عنده ضمن الأشياء الموجودة إنه عنده مذكرة مما كان بين الملك عبد العزيز آل سعود وسَلَفه الأول روزفيلت وفي شأن البترول والمسائل مش محتاجة حاجة، الملك عبد العزيز بيقول لروزفيلت وقتها بيقول له يعني، إحنا ربنا أكرمنا أنا بأقول كلامه هو ربنا أكرمنا بدين حنيف وأكرمكم بثرائه الطائل بنعمه الطائلة وإحنا الاثنين نقدر نتعاون إحنا ما نقدرش نطلع هذا الشيء يقصد البترول وأنتم تقدروا تطلعوه تفضلوا طلعوه وادونا نصيبنا وخذوا نصيبكم، لكن ما تبقوش بخلاء معنا وما تظلموناش زي الإنجليز ما عملوا فينا، فروزفيلت قال له إن هذا الكلام عدل، فالملك عبد العزيز قال له لك عهد الله عليّ وعلى أبنائي وعلى أحفادي إلى يوم الدين لكم وادونا عوائدنا منه فموضوع البترول كان على جنب، لكن الاختراق الرئيسي بقى كان هو إرث الإمبراطوريات لأنه معركة الاتحاد السوفيتي ماشية لوحدها تأمين البترول موجود وهو ما فيش فيه مشكلة خصوصاً إنه وقتها كان مطلوبا مع الحركات الوطنية الفائرة.. الفوارة بعد الحرب العالمية الثانية وفي أبها ومع بداية الحرب العالمية الثانية الثالثة بقى فيه خوف جداً إنه البترول يختلط بقضايا منطقة الشرق الأوسط الشؤون العربية يعني في الشرق الأوسط ثم يدخل يبقى عنصر فاعل فيها وهذا كان خطر مطلوب توقِّيه بكل الوسائل وبالفعل نلاحظ إنه خط ثابت في السياسية الإمبراطورية الأميركية هي باستمرار محاولة عزل البترول صراحة كده عن القضية الفلسطينية وتداعياتها وعن قضايا التحرر الوطني ومشاكله وأزماته، ابعدوا لنا ده بعيد ونتكلم في اللي موجود في الوسط، دخلنا في اللي.. آيزنهاور قائد، أبص ألاقي إنه جنرال آيزنهاور بيرسم تقريباً خطة معركة، هو طبعاً كان حربه هو والناس اللي معه وهو وإدارته ما فيش حد عندهم في العوالم الثانية ما حدش مُلهِم ولا حدش بيوجه ولا حدش بيقول والله رعاية مش عارف مين إنه بفضل بعد النظر الثقاب ما فيش حد عنده كده بره ما حدش في العالم المتقدم ما فيش أفراد لهم عصمة الرؤية بعيدة المدى والحكمة الدائمة والرأي الصائب باستمرار ما حدش بيعرف الكلام ده، الناس بتعرف بره بتعرف كيف يمكن أن تجلس؟ كيف يكمن أن تخطط؟ كيف يمكن أن تحدد أهداف؟ كيف يمكن أن تحدد مهام لتحقيق هذه الأهداف؟ كيف تضع رجالا على هذه المسؤوليات، لما جاءت بداية آيزنهاور، الاتحاد السوفيتي بعيد، البترول بيبتعد، الكتل الآسيوية في الصين والهند ما حدش عايز يقرب منها لأنها عبء هائل لا يقدر عليه أحد وبالتالي بقى واقع الأمر الموضوع أو المنطقة المفتوحة للصراع هي منطقة الشرق الأوسط ووراءها إفريقيا، ده العمق في الجنوب ممتدة إلى شمال إفريقيا العربي ذاهبة بالبحر الأحمر إلى شرق أفريقيا محاذرة إنها تلمس ألغاما لم يأتِ وقتها بعد، لكن الشرق الأوسط أصبح هو جبهة (Trust) الرئيسية زي ما بيقولوا أصبح هو جبهة الاندفاع الرئيسية، الاتحاد السوفيتي كانت جبهة حصار، الهند والصين كانت ابتعاد، البترول كان استيلاء لكن.. ودي كلها عمليات تقريباً ثبات في المواقع لكن في الشرق الأوسط وفي قلب الشرق الأوسط كان الموضوع هو الحركة الأساسية الرئيسية مجال الحركة المطلوبة وهو مجال مهم جداً لكل المعارك الثانية، مهم جداً لأنه بطن الاتحاد السوفيتي فهو مهم في معركة حصار الاتحاد السوفيتي، مهم جداً لأن هو غرب أسيا فهو مهم جدا في تهدئة الكتل البشرية اللي هي تقريباً 40 أو 50 % من سكان العالم، الهند وقتها 500 مليون ولا 480 مليون، الصين وقتها حاولي مقربة على المليار وقتها سكان العالم بنتكلم على أربعة ونصف خمسة بليون، الصين والهند فأنت بتبعدهم وغرب آسيا هو الشرق الأوسط البحر الأبيض هو الشمال برضه هو بؤرة كل الاتصالات، مهم جداً أيضاً لمعركة تثبيت البترول التقدم في عمق الشرق الأوسط في هذه اللحظة وُضعت الخطة.. وُضعت الخطة اللي هي في واقع الأمر جوهر معركة القرن.

[فاصل إعلاني]

مثلث إسرائيل ونهر الأردن وألفا مصر

"
الملك عبد العزيز تعهد لروزفيلت بأن يظل بترول بلاده لأميركا، على أن يكون للسعودية نصيب منه
"

محمد حسنين هيكل: لما أبص على كيف خطط آيزنهاور، ألاقي إنه ببساطة كده عمل إيه؟ الأهداف ثلاثة.. الأهداف الموجودة ثلاثة، هنبعد الاتحاد السوفييتي وهنبعد البترول، باقي إرث المستعمرات وبعدين تحدَّد إنه جبهة الاندفاع الرئيسية هي الشرق الأوسط فوضِعت خطة للشرق الأوسط، إيه خطة الشرق الأوسط بقى في هذا الوقت؟ فيه أربع اندفاعات، اندفاعة أولى في اتجاه الحزام الشمالي اللي هو فيه تركيا، إيران وباكستان وبينهم دولة عربية قريبة منهم قوي وهي العراق، فبقى فيه رغبة في تنظيم الحلف.. حلف دفاعي على الحزام الشمالي لمنطقة الشرق الأوسط في الدول دول ولكي تكون المسائل مقبولة بالنسبة لده عمق المنطقة يبقى العراق بيتحرك فيها والمكلَّف بالموضوع من الناحية الأميركية السفير لوي هندرسون الوكيل الدائم لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية ويقابله على الطرف المحلي يتصل به السيد نوري السعيد، ده بقت جبهة الحزام الشمالي، جئنا في عمق جنوب الحزام الشمالي في شرق البحر الأبيض في مشرق العالم العربي المباشر طلعوا بفكرة إنشاء تعاون أمر واقع فيه.. بين دول هذه المنطقة، لأنه الهدف الرئيسي كان أو الهدف.. من أكبر الأهداف الموجودة والمقدمة لكل الأهداف الموجودة هو تسوية الصراع العربي الإسرائيلي لأنه بعد حرب فلسطين المنطقة كلها كانت مستثارة وعنصر التفجير فيها هو فلسطين والمعركة في فلسطين وإسرائيل أثبتت جدواها وفائدتها لنظام الدفاع الغربي ونظام السيطرة الغربية فمطلوب لكي تستقر المنطقة إنه يُصفَّى هذا الصراع وأول حاجة فيه إنه ممكن تُخلق أسباب للتعاون العملي بين هذه الدول، فطلع حاجة اسمها مشروع الانتفاع المشترك بمياه نهر الأردن.. مياه نهر الأردن نهر بيفوت بين من لبنان واصلا إلى سوريا على الضفتين في الأردن وفي إسرائيل فبدأ يبقى فيه تفكير في مشروع للتعاون المشترك العملي دون انتظار نتائج سياسية، دون انتظار حتى توقَّع معاهدات صلح واتفاقيات سلام إلى آخره، مش مع دول مش دول مش دلوقتي، لكن الوسيلة العملية للتحرك في هذه البقعة من هذه المنطقة الحساسة اللي أصبحت صلب معركة القرن هو مشروع التعاون المشترك لمياه الأردن، تعيَّن له مسؤول أميركي من أصدقاء الرئيس آيزنهاور هو إريك جونسون وعلى الطرف المقابل بقى فيه اختير الملك حسين من الأردن لأنه حتى المملكة الهاشمية الأردنية عندها أكثر ممر لنهر الأردن موجود فيها وحتى مسمية إنها شرق الأردن كانت وقتها، فهنا بقى الطرف الأميركي جونسون والطرف المحلي هو الملك حسين في الوقت الحالي، لكن الملك حسين كمان كان بيرى إنه سوريا هنا مسألة مهمة إنه ما يقدرش يتحرك بكده يعني وبعدين، الموضوع الثالث هو التحرك لتدعيم إسرائيل شريطة إنه إسرائيل تتصرف دون أن تتكلم وتكتم أكثر مما تذيع، إحنا.. أنتم أثبتوا أهميتكم وأثبتوا دوركم إلى آخره لكنه.. وإحنا راغبين في المحافظة على هذا الدور لكننا نرجوكم إنكم تتعاونوا في مشروع الأردن ما تضايقوش العراقيين في أي حاجة في موضوعات الهجرة، في موضوعات اليهود إلى آخره وهندِّي لكم اللي أنتم عاوزينه لكن من فضلكم اهدؤوا حين الطلب خليكم ساكتين، فأنا عندي هنا احتياطي استراتيجي الحاجة.. البلد الثاني بقى اللي فاضل واللي أمامه وفيه مصر، في ذلك الوقت تتعمل أمام مصر حاجة اسمها الخطة ألفا.. الخطة ألفا دي بقى فيها المسؤول عنها كان مساعد وزير الخارجية الأميركية هنري بيرود والخطة ألفا تهدف.. وأنا هأتكلم عليها بالتفصيل لأني شوفت أوراقها كله في مكتب آيزنهاور.. في أوراق مكتب آيزنهاور، الخطة ألفا إحنا كنا بنعرف عنها وقرأنا بعض أشياء عنها في الوثائق لكن لم نستطع أن نطلع على الملف الكامل للخطة ألفا ونرى كيف تخطط الدول، لأنه إحنا.. لما تبقى السياسات مشيئات وأمزجة وانقلابات مفاجئة أو وحي نازل من السماء ما حدش يقدر يتتبعها، لكن لما تبقى الخطط موجودة هنا بتبان الدول وبتبان السياسات الحقيقية للأمم وتبان صراعات القوى وتبان أين تضارب المصالح وأين صراعات البقاء والناس بتدافع عن إيه بالضبط، الخطة ألفا بيرود مسؤول عنها وبيرود كان مساعد الوزير لشؤون الشرق الأوسط وقد اختاره آيزنهاور وآيزنهاور بيقول إيه؟ بيقول أنا بأعرف العسكريين، بيتكلم على الكولونيل، هنا الجنرال بيتكلم على الكولونيل بيقول إيه؟ كافري واضح إنه سفيرنا في القاهرة ليس قادرا وإنه ممكن قوي كان رهانه على فاروق على أي حد على العهد القديم وإلا أي حاجة، لكن نحن الآن محتاجين حاجتين، سفير تتوفر فيه صفتين لكي يشرف على تنفيذ الخطة ألفا، سفير أصله عسكري وهو بيرود وعمره أقل من أربعين سنة لكي يستطيع أن يتفاهم مع جمال عبد الناصر سواء بالخلفية العسكرية أو باعتبار السن وبعدين الراجل مطروح أمامهم في واقع الأمر، بيرود مساعد الوزير لشؤون الشرق الأوسط كان موجودا من بدري، فإذا باختيار آيزنهاور يقع عليه لكي يجيء ليشرف على تنفيذ الخطة ألفا في مصر وبعدين هو مع جمال عبد الناصر، الخطة ألفا.. الخطة العامة في الشرق الأوسط كلها ماشية في الحزام الشمالي، مشروع مياه الأردن، تقوية إسرائيل في صمت ومصر ألفا.. ألفا أهميتها.. وهأخش أتكلم عليها بالتفصيل أكثر، أهميتها في إنها تهدف إلى تقوية مصر شوية اقتصاديا بحيث تستطيع، شرطا أن تعقد سلاما مع إسرائيل صلحا مع إسرائيل تقود إليه بقية الأمة العربية، تفتح به الطريق لبقية دول الأمة العربية، هذا هو هدف المشروع ألفا، الخطة ألفا بهذا الشكل تبقى مصر واحد تفتح الطريق لصلح مع إسرائيل، بتهدئ المنطقة اللي فيها مشروع مياه الأردن، لأنه هنا عنصر التهييج في هذه المنطقة هو القضية الفلسطينية والحاجة الثالثة إنها تبقى بتساعد نوري السعيد باشا في إنه بينظم أحلاف، حلف الحزام الشمالي ينضم على حلف في العمق وتبقى المنطقة أُمِّنت وإلى الأبد لصالح الإمبراطورية الأميركية، الحاجة الغريبة إنه في التخطيط لهذا المشروع بقى فيه اثنين إضافيين مسؤولين إضافيين، الاثنين بيعملوا دور الإيه؟ بيسموه (Facilitator) حلالين المشاكل حلالين العُقَد، واحد منهم أنا مستعد أفهمه كيرمرت روزفيلت، الـ(CIA) داخلة هنا وهي منتشرة في كل المنطقة وكانت قد كُلفت فعلا بعملية بدأت تشتغل فيها وهي إزاحة عقبة كانت موجودة في الحزام الشمالي وهي إيران وكيرمرت روزفيلت قدر بتحقيق تعاون بين شركات البترول بالذات شركة شل وشركة (Standard oil) و(Gulf) أنه يرتبوا خطة لشيل أو الانقلاب على الدكتور مصدق في إيران لأنه مصدق جاء ولخبط خطط الحزام الشمالي لأنه جاء مرة واحدة كده وراح مأمِّم البترول الإيراني أو دخل عمل مشكلة في البترول الإيراني وأميركا عاوزة تحارب مصدق لكن عندها برضه نفس المشكلة في كل حته في المنطقة إنها عايزة تحاربه لكن أيضا عايزة تأخذ البترول بتاع إيران من الإنجليز من.. فهنا إحنا داخلين.. كيرمرت روزفلت بيدخل يثبت قيمته بأنه هو عملوا الإنجليز شركة شل في الأول عملت خطة لإزاحة مصدق أُطلق عليها الاسم الرمزي أجاكس وشركة البترول البريطانية والحكومة البريطانية بيحاولوا ينفذوها على.. يعني على مهل لكنه كيرمرت روزفلت جاء مرة واحدة وعمل اندفاع وخبى عن الشركة.. عن الشركات الطرف البريطاني كله واستعان بالجنرال زاهدي.. فضل الله زاهدي اللي هو رجل الشاه في طهران في ذلك الوقت ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وعمل انقلاب وشالوا الدكتور مصدق وبعد الشاه ما كان هرب رجع ثاني وبعد ما كان موضوع الحزام الشمالي هُدد بالثورة الإيرانية أو بثورة مصدق أعيد ترتيب الأمور بحيث إنه بقى فيه استقرار بشكل أو آخر وبقى إيران ممكن تدخل في الحزام الشمالي والشاه يضيف جهوده إلى جهود نوري السعيد وهنا بدأ يبقى فيه في الحزام الشمالي في حركة بشكل ما بدأت تبان في القاهرة في ذلك الوقت لكن دون ما.. دون.. موضوع الأحلاف كان باستمرار كان موجود من أول الأميركان ما طرحوه باسم ميدو، منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط ورفضوه حكومة الوفد للإنصاف رفضته في وقته، فكان موجودا كان يحوم في الأفق حول المنطقة، لكن الآن ما لم نكن في ذلك الوقت على وعي به كامل أنه المشروع بيتجدد وأنه فيه ظواهر له بتبدو أمامنا في التحركات اللي بيعملها سيد نوري السعيد ومع شاه إيران بعد ما اطمأن بعد الانقلابات والكلام ده كله انقلابات مصدق يعني ومع تركيا في وقت عدنان ماندرس ومع باكستان ورئيس وزرائها في ذلك الوقت محمد علي، بدأ يلفت الأنظار في القاهرة لكن يعني مش.. لكن مشروع مياه الأردن الملك حسين.. أيريل جونسون مبعوث رئاسي موجود في المنطقة وهذا هو المشروع الأساسي خطة القرن معركة القرن الحزام الشمالي، مياه الأردن، تقوية إسرائيل، مصر تقود إلى صلح منفرد مع إسرائيل وتهدئ المنطقة كلها وفيه ناس موجودين متخصصين في هذا وأولوهم كيرمرت روزفيلت والحاجة الغريبة اللي مع كيرمرت روزفيلت (Facilitator) الثاني المساعد الثاني هو يوجين بلاك رئيس البنك الدولي وألاقي يوجين بلاك بيكتب.. ساعات بنتصور البنك الدولي ده والله حاجة مستقلة لكن أنا بأعرف يوجين بلاك كويس وبعد كده.. جاء مرات كثيرة قوي.. جاء كثيرا في بيتي وتعشى في بيتي مرات كثيرة قوي ومرات مع جمال عبد الناصر ومع غيره من قيادة الثورة لكن ده كان فيما بعد، لكن اللي ما كناش نعرفه وقتها بنتعامل مع رئيس البنك الدولي باعتباره هيئة دولية مستقلة يعني، لكن لم يكن يخطر ببالنا أنه بيكتب تقارير للبيت الأبيض وأن الرئيس الأميركي وأنه بيقعد معه وبيتكلم معه بالتفاصيل فيما يرى وفيما يفعل، لأنه عملية غواية مصر قبول الخطة ألفا اقتضت حاجة في منتهى الغرابة أو بمنتهى البساطة، نحن في مصر أمام ضابط جديد أمام واحد ظاهر للقوة وطالع بسرعة للقوة وهو ضابط وبعدين بدأ في الكلام اللي بنشوفه وبنسمعه أنه مشروع.. أنه عنده أمل في حاجة اسمها مشروع السد العالي وأنه مشروع السد العالي بقى تقريبا بيبلور آماله وطموحاته إلى حد كبير قوي، فهنا يبتدي علينا أن إحنا نحاول نشتري منه صلحه مع إسرائيل بأننا ندِّي له.. نساعده في بناء السد العالي وألاقي يوجين بلاك كاتب تقرير بيقول فيه، بيقول للرئيس الأميركي بيقول له أنا عايزك تبقى.. أنا شفت.. سامع كل الحاجات اللي جاية من مصر.. مصر بقى فيها هوس بحاجة اسمها السد العالي الكلام ده سنة.. أواخر 1954 أوائل 1955 في الفترة اللي خطى فيها الكولونيل إلى السلطة في مصر بعد محمد نجيب والخطوة.. الفترة اللي الجنرال فيها كان خلَّص دخل وقعد ودرس وحدد المهام وقال هنا ده بيشتغل في الحزام الشمالي وده بيشتغل في مياه الأردن وده بيشتغل في تقوية إسرائيل وده بيشتغل في غواية مصر وفي غواية مصر كان الاثنين (Facilitator) موجود كيرمرت روزفيلت موجود وفي هذه الفترة كان موجود في القاهرة يحل كل المشاكل والحاجة الثانية كان يوجين بلاك (Facilitator) آخر لأنه ظهور رئيس مجلس إدارة البنك الدولي على الساحة في هذه الفترة إشارة زي ما بيقولوا تسيل اللعاب إلى مشروع السد العالي لأنه هنا فيه الغواية موجودة متجسدة، الخطة ماشية في كل مكان على الحزام الشمالي ماشية، على مياه الأردن، على تقوية إسرائيل، على محاولة الاتصال بمصر لكن هنا حصل حاجة غريبة قوي، الملك حسين زي ما قلت مش قادر لوحده يروج أو ينفذ مشروع مياه الأردن وهو تقريبا هو المشروع ده هو البؤرة الرئيسية في الحلقة الواصلة من أول شمال.. تقريبا من أول الحدود الروسية تقريبا من أول جبال راوندوز الحدود الإيرانية الروسية بؤرة الاقتراب الإيراني العراقي السوفييتي في ذلك الوقت جبال راوندوز إلى النوبة تحت، مشروع مياه الأردن فوقه الحزام الشمالي جنبه إسرائيل وهو متصل بها جنوب فيه مصر فالمشروعات متداخلة بشكل أو آخر لكن جاءت هنا سوريا كالعادة في مرات كثيرة قوي تبقى هي الحلقة المؤثرة في الشرق الأوسط تبقى هي الحلقة لأنه باستمرار السلسلة تقاس مش بأقوى حلقاتها، مرات تقاس بحلقة ضعيفة لكن الضعيفة وفيها كمية من قوة التاريخ وكمية من قوة الثقافة وكمية من أهمية الموقع الاستراتيجي لكنه سياستها بطبيعة الظروف مش قادرة.

[فاصل إعلاني]

صدأ مفتاح الشرق الأوسط

"
أهمية الخطة (ألفا) تكمن في أنها تهدف إلى تقوية مصر اقتصاديا ولكن بشرط أن تعقد الجمهورية صلحا مع إسرائيل تقود إليه بقية الدول العربية، وهكذا تكون المنطقة أمنت لصالح الإمبراطورية الأميركية
"

محمد حسنين هيكل: الملك حسين يقول والله أنا مشروع مياه الأردن أنا جاهز له فيما يتعلق بالأردن وإسرائيل جاهزة أهو ولبنان جاهزة كاميل شمعون كان وقتها في لبنان.. لبنان جاهزة كمان، لكنه المشكلة هي سوريا فبيروحوا لسوريا وبيتصلوا بسوريا وركزوا على سوريا فسوريا في ذلك القوت بتقول نحن لا نستطيع أن نتحرك في هذا الموضوع إلا مع مصر، تحصل في ذلك.. لازم مصر لازم نأخذ رأي مصر لازم الموضوع يناقَش في الجامعة العربية لازم مصر يبقى لها رأي فيه، مصر في هذه المرحلة كانت قوتها الناعمة التاريخية اللي كانت عليها موجودة، أضيفت لها قوة نظام بيتشكل جديد لكن ما حدش عارف إيه هو لكن فيه أسباب تدعو للرجاء فيه وفيه أسباب تدعو لليأس منه، لكنه بظهور جمال عبد الناصر فيه حاجة لا تزال مستغربة مرجوة لكن إلى حد، مطلوبة لكن بقيد، ما فيش.. لأنه مش واضحة إيه النوايا بالضبط في القاهرة يعني ومش واضحة إيه الاتجاهات بالضبط مش واضحة إيه عوامل.. إيه الرؤية بالتحديد يعني، لكن على أي حال سوريا بتيجي تقول والله نحن لا نستطيع أن نتصرف في مشروع مياه الأردن بمفردنا، على عيننا ورأسنا الملك حسين وكميل شمعون وإسرائيل وكل مَن تشاؤوا لكنه، نحن نرى فوائد هذا المشروع لكننا سياسيا لا نستطيع أن نمضي فيه أبدا إلا بالجامعة العربية هنا في مصر، الحاجة بقى الملفتة في ذلك الوقت أنه العراق بدأ يبقى فيه مقاومة للي بيعمله نوري السعيد، مقاومة لها أسباب أخرى ثانية، مقاومة ناشئة من أنه فيه أسرة الهاشمية اللي موجودة أسرة غريبة كانت على العراق، مقاومة كانت ناشئة من أنه كان فيه في الجيش العراقي الوليد في ذلك الوقت حركات انقلابية بدأت ببكر صدقي ثم رشيد علي الكيلاني فالجيش العراقي قلِق، بادية من أنه فيه حساسية لا نزال نرى آثارها لغاية النهاردة بين العراق وإيران فيه (Conflict) حضاري تقريبا فيه صراع ثقافات وحاجات كثير قوي، فالعراق يبتدي نوري باشا يلاقي أنه دخول العراق إلى الحزام الشمالي ليس هذه السهولة اللي كان بيتصورها ويبتدي يقلق فهو راخر يقول عاوزين مصر، يبتدي الحزام الشمالي يقول والله عاوزين نتكلم في الجامعة العربية في الموضوع خصوصا وأنه فيه دول عربية هتبقى مدعوة للدخول وبعدين مياه الأردن.. موضوع مياه الأردن بدأ يتطلب العودة إلى مصر وبعدين بالطبيعة موضوع الخطة ألفا موجود في مصر، نتيجة ده أنه ألاقي آيزنهاور بيكتب بيقول إيه بقى؟ ألاقي آيزنهاور بيدِّي تعليمات بيقول إيه؟ بينشئ هيئة سياسية مكلفة بالخطة ألفا، فيضاف رجل رابع أو خامس إلى الرجال الأربعة اللي تكلمت عليهم والمهام الأربعة اللي تكلمت عليها وهو السفير فرانسيس راسل.. راسل قاعد في أميركا قاعد في واشنطن بيدير موضوع الخطة ألفا وهو مسؤول عنها أمام البيت الأبيض، يبتدي راسل يقول إيه بقى؟ وبيرفع كلامه.. بيقدم للرئيس الأميركي تقريره الأول بيقول إيه بقى؟ بيقول أول حاجة أنه تبدى أمامنا.. وآيزنهاور كررها بعد كده، أن مصر هي المفتاح في هذا الموقف الذي ندخل فيه معركة القرن وأنه الخطة ألفا إذا أريد لها أن تنجح فلابد بشكل أو آخر أنه مفاتيح بقية المشاكل كلها تيجي على القاهرة وأنه نحاول أن نتخذ من القاهرة بابا إلى كل ما وراءها وإلى كل ما حولها، في ذلك الوقت وأنا بيحزنني أقول يعني أن القاهرة كانت فعلا بابا لكل ما يجري في العالم العربي وكانت مفتاح لأشياء كثيرة جدا في العالم العربي، الباب النهاردة أنا لا أظن أنه مفتوح ولا المفتاح أظنه محتاج كثير قوي أظن جاء عليه صدأ كثير قوي يعني أنا بأقولها وأنا حقيقي مجروح، لكن كمية التبديل اللي حصل في القوى الناعمة والقوى الصلبة حتى لمصر في الفترة.. السنين اللي فاتت مما.. يعني أنا بالنسبة لي كابوسي، بالنسبة لي قد يكون بالنسبة لغيري حاجة ثانية يعني، ألاقي راسل بقى هنا وده رايح ألاقيه في أوراق الرئيس وبعدين كده ببساطة كده هو بيبعت له بيقول له (Report on Discussion with the British on Alpha) إحنا هذا محضر لمناقشات بيننا وبين البريطانيين على ألفا، لأنه الخطة ألفا ما كانش ممكن.. الخطة ألفا بالنسبة في مصر هي عقد صلح.. دعوة مصر لعقد صلح مع إسرائيل وإغرائها على هذا الصلح بالسد العالي وإغرائها عليه عشان جمال عبد الناصر ضابط بشوية سلاح كمان يدوها له فتبقى بتدي له شوية سلاح وبتدي له السد العالي حققت له آماله أولا بالسلاح أنت أرضيته أو عززت موقفه أمام جيشه وبالسد العالي أنت عززت موقفه أمام شعبه وتنتهي المسائل وتدخل المنطقة طائعة راضية سعيدة إلى حوزة الإمبراطورية الأميركية وتنفع في كل المعارك الأخرى الثانية سواء الحزام الشمالي سواء تثبيت الاتحاد السوفييتي وإكمال حصاره إلى آخره، فيقول له إيه؟ أنا هأترجم لأنه لسوء الحظ أنا لم أترجم بعض هذه الوثائق لأنها كثير جدا وثائق بلا عدد يعني حاجة.. ولذلك أنا حقيقي وأنا قاعد أقرأها وبأقضي ليالي بحالها أقعد أقرأها.. أقرأها وفي ذاكرتي.. بأقرأها تقريبا بعين وعين أخرى تستذكر كيف كنا نقابل هذا الذي يجري وكيف كنا نتصرف تجاه التحركات بتاعة كل هذه الخطط.. كل هذه الخطط مطروحة لكن نحن نشعر بآثار بعض ما يجري، نحن نشعر بتداعيات بعض ما يجري، لكنه الصورة الكاملة لكل ما يجري كان بالنسبة لنا مسألة تخمين وهنا.. اللي أنا كنت بدأت به في هذه الحلقة لما بأقول أنه لما قرأت الوثائق واستعدت ما كان يجري، ماذا كنا نعرف ماذا كنا نتصور كيف كنا نقدر أين أخطئنا أين أصبنا إلى أخره، هنا كنت أحس أنه يعني هذه نعمة.. أنا قلت ولا أزال أقول أنه شاعر بفضل فيها لصاحب الفضل بشدة، ألاقي أنه السفير راسل هنا.. طبعا بعض إخواننا اللي بينكروا.. ما فيه بعض إخواننا بيقولوا إيه؟ ما فيش حاجة اسمها نظريات مؤامرة لما أنا.. ساعات مرات أقول بأقول المؤامرة موجودة في التاريخ لكن التاريخ مش كله مؤامرة، لما ألاقي خطط زي خطة السويس، غزو في السويس وهي مسماة (كلمة بلغة أجنبية) ومكتوبة على ورق أقول دي إيه؟ ما هي دي مؤامرة، ممكن يقال عليها مؤامرة، لكن ممكن كمان يقولوا عليها خطة في صراع وأنا بأقبل.. يعني أميَل أن أقول.. بأقبل نظرية أو فكرة أنه هذه خطط في صراع أمم وصراع مصائر وصراع شعوب وصراع مقادير إلى آخره، لما ألاقي بعض إخواننا لما بدينا نقول خطة ألفا ونشير إليها يقول لك خطة ألفا ده يعني ما فيش حاجة اسمها الخطة ألفا، لا فيه الخطة ألفا وأوراقها موجودة وهي مسماة الخطة ألفا والخطة ألفا أصحابها بيقولوا إيه؟ ده راسل السفير راسل عن المحادثات مع إنجلترا في شأن الخطة ألفا لأنه كان لازم الإنجليز يعرفوا عنها حاجة وما فيش ضرر يعرفوا عنها حاجة لأنه هنا ما فيش إرث، على البترول بتخبي لكن في شأن صلح مع العرب وإسرائيل إنجلترا ما عندهاش مانع تساعد فيها فإنجلترا اطَّلعت على الخطة في وقت ما من أوقات وضعها وتنفيذها وأيضا إسرائيل.. إسرائيل أيضا عرفت أن هناك شيئا اسمه الخطة ألفا وفيه إشارة في الوثائق الإسرائيلية للخطة ألفا، هنا بقى بيقول إيه؟ بيقول راسل بيقول عاوز أقدم نتيجة مناقشاتي مع شاكبرا، شاكبرا وقتها كان الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية لأنه هم بحثوا الخطة ألفا، واحد اتفقنا على ما يلي، واحد أول تقدم أول خطوة لابد أن تكون التقدم تجاه مصر ومفاتحتها بما نريد، طيب الحاجة الثانية لعلنا بهذه المفاتحة أن نساعد مجلس قيادة الثورة يعني على البقاء في السلطة، قد يروا هم كده وبعدين ثلاثة نستطيع أن نساعد مصر في.. قد يكون من هذه الخطة يعني مساعدة مصر في الصراع على الشرق الأوسط بحيث تأخذ دور الزعامة الذي تفكر فيه وبعدين الحاجة الرابعة أنه بعض المساعدات المصرية لمصر قد تساعدها على تسوية سلمية، بعض المساعدات الاقتصادية بعض المساعدات المالية تطمنها وتخليها تقرب من تسوية سلمية مع إسرائيل وبعدين مساعدتها في السد العالي قد تحقق لها كل طموحاتها وبعدين بيحكي شاكبرا للرئيس الأميركي بيقول له إيه؟ أنه الوكيل الدائم لوزارة الخارجية وهو شخص مهم جدا هوفر، هوفر ده كان ابن آخر رئيس جمهوري وقت الأزمة الكبرى وهو شخصية مهمة جدا في وضع السياسة الأميركية في هذا الوقت، سأل سؤالا أثناء المحادثات قال إيه؟ بأي صفة هتكلموا مصر أولا؟ بصفتها إيه؟ لأنه هنا علينا أن ندقق في كيف نتعامل مع مصر ويسأل هوفر وهو موجود مسجل في المحضر بيقول إيه؟ هل نتعامل مع مصر كمصر وحدها؟ ولاَّ عاوزين تثبتوا دعوة مصر في أن لها مركز ممتاز في العالم العربي وبالتالي أنتم بتتكلموا بها على العالم العربي؟ فإذا بالرد لا نحن نريد أن نتكلم عنها بوصفها مصر فقط وأما دعواها العربية نسيبها هي هذا يخصها هي تتصور ده زي ما هي عايزة لكن فيما يتعلق بنا نحن نتعامل معها كمصر ولكنها كمصر المفتاح للتأثير على الباقين، لكنه لا نعطيها.. الحاجة الغريبة أنه لما بأقرأ أوراق الخطة ألفا بأحس بأنها بتُنفذ لغاية دلوقتي أو أنها نُفذت فعلا.. أنها نُفذت فعلا وأنه بدل ما كنا بنتكلم على مشروع مياه الأردن مشاركةً مع إسرائيل أنه إسرائيل أخذت سيادة كاملة في منطقة الشرق أو بدل ما كنا بنتكلم على مصر ممكن تعمل صلح مع إسرائيل، مصر عملت ما هو أكثر من صلح مع إسرائيل وبدل ما كنا بنتكلم على الحزام الشمالي والعراق وإلى آخره فأنا أمامي اللي جاري في العراق وأمامي اللي جاري في إيران، أبص ألاقي أنه معركة القرن اللي كنا بنتكلم عليها حدثت وسارت إلى نهايتها ومع الأسف الشديد حققت مطالبها وإحنا قاعدين بنتكلم يعني أنا اللي بتعزيني أحيانا أني بأقول إيه؟ بأقول أنه يبدو أنه التخطيط الأميركي كان.. التخطيط الأميركي في معركة القرن.. معركة القرن أنا بأعتقد أنها تستحق منا الوقوف كثير قوي لأنه في فترة من الفترات بدا لي وكأننا نكسب معركة القرن بأتكلم عن فترة من منتصف الخمسينات إلى منتصف الستينات، بدا لي وكأننا نكسب معركة القرن وبعدين في لحظة من اللحظات خصوصا ما بين الثمانينات والتسعينات 1970 و1980 و1990 السبعينات والثمانيات والتسعينيات بدا لي أن أميركا بتكسب معركة القرن، لكنه في النهاية لما بأبص النهاردة دلوقتي بأبص بعيد وبأبص بأثر رجعي طبعا كلنا بندعي الحكمة مرات بأثر رجعي، ألاقي أنه يبدو لي أنه معركة القرن كانت أكبر بالطاقة المادية والعملية والتخطيطية للعالم العربي وبالتالي فالعالم العربي لم يستطع أن يكسبها، لكنه في نفس الوقت وهو شيء ملفت للنظر أنه أميركا لم تستطع أن تكسب معركة القرن، أنه في النهاية أنا شايف أنه هذا البلد الذي كان يصنع ويُصنِّع الأمل وبدأ يصنع ويُصنِّع الخوف واللي كان مقبولا في مرحلة من المراحل ومرحب به بدأ يبقى مرفوض في هذه المنطقة وألاقيه في العالم كله بقى في حيث دخل في كل معاركه الكل الآسيوية اللي تجنبها الهند والصين بتصعد، الاتحاد السوفييتي اللي هو تفكك لكنه أنا شايف روسيا أخرى بتنشأ في هذه اللحظة شايف أوروبا بتطلع شايف أنه.. في مقابل ده الإمبراطورية الأميركية لا تزال موجودة ولا تزال قوية لكنه الشروخ بدأت تظهر على سطحها، هناك شروخ تظهر على السطح لكن المشكلة عندي أنه أنا في عدم تنبهي الكافي لتدارك ظروف معينة في معركة القرن وفي مواصلتها حتى إلى هدف تسوية أي نزاع من موقع قوة وحتى إلى إتمام أي.. يعني السياسة الخارجية لأي بلد وهي متصلة بأمنه ومتصلة بمصالحه الحيوية ما هياش.. هي سياسة داخلية في واقع الأمر وهي احتياجات شعب واحتياجات أمة إلى أمل وإلى أمن وإلى مستقبل صنع مستقبل وهي في سبيل تحقيق هذا الأمن وفي سبيل تحقيق هذه المصالح ترى لازم تتخذ ما تراه من سياسات لكنها لا تستطيع أن تهجر السياسة بالكامل كده وتقعد وراء حدودها وتقعد مقفول عليها في قفص كده تقريبا وتقول والله يعني إحنا.. يعني أنا فيه كلام اتقال أخيرا أن إحنا مش هنحارب ولن نخرج خارج حدودنا وإلى آخره يعني على عيني وراسي، لكن أنا لا أستطيع أن أتصور مصر مغلقا عليها من حدودها، لا يستطيع أحد في الشرق أن يدخل أو يخرج إلا بتصريح من إسرائيل، ألاقي وصلنا يوم إسرائيل بتعلن حصار بري وبحري وجوي على بلد عربي في قيمة لبنان والبلد الذي يقود العالم العربي ساكت لا يستعمل حتى نفوذه الأدبي وبقية.. مش بس عشان أبقى منصف لهذا البلد، بأتكلم على كل العالم العربي بألاقي أنه آه نحن مع الأسف الشديد الإمبراطورية الأميركية بتظهر على سطحها شروخ، لكنه في مقابل هذا العالم العربي بدأت.. بدأ يتحول أمامي إلى شظايا وهذا.. وأنا بأطل على معركة القرن وأقارن بين ما كان ما كنا نعرف وما كان يجري وأتأمل بين ما كان يحدث وما أراه الآن وأشوف الوثائق وأطابق الواقع على الحقيقة فيما كان فيما مضى وأطابقها على ما يجري الآن، أشعر أنه مرحلة القرن اللي تعطلت كثيرا جدا ولم تستطع أن تحقق أهدافها في نهاية المطاف معركة القرن فيما يتعلق بنا والخطة ألفا معها حققت كامل أغراضها لكن حققتها بعد أوان طويل جدا وهنا هيدَّخلني إلى الحلقات الجاية لأنه في الحلقات الجاية هأتكلم.. تكلمت عن الجنرال وخططه وتصوراته ورجاله وتقدمه إلى آخره.. إلى آخره لكن أمام الجنرال كان فيه كولونيل ثاني جاي من المجهول لم يكن.. ما حدش حضَّر حاجة ما كنش فيه حاجة متحضرة لأي مشروع بالعكس كان فيه مشاكل وجاء الكولونيل جاء من المجهول لم يكن شيء يهيئه للي بيعمله ثم إذا به يطلع أمامي الطرف الآخر في معركة القرن وفي الخطة ألفا، تصبحوا على خير.

إعلان
المصدر : الجزيرة