مؤتمر حزب البعث السوري، المعاناة الإنسانية بالنيجر
– المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث السوري
– زيارة سترو وسولانا للعراق
– قضية الممرضات البلغاريات في ليبيا
– أنغيلا ميركل.. شخصية الأسبوع
– المعاناة الإنسانية بالنيجر
– المساعي البريطانية لإلغاء الديون الأفريقية
– زيارة أردوغان للولايات المتحدة
جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي وفي هذه الجولة مخاض المؤتمر العاشر لحزب البعث في سوريا بين الموروث والإصلاح توصيات ومحاولات تجديد، سترو وسولانا في بغداد والعراقيون لا يملكون سوى الأمل في غد أفضل وأطفال الإيدز في ليبيا بين الأهالي الملتاعين والحسابات السياسية مأساة إنسانية.
المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث السوري
اختتم مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي أعمال دورته العاشرة التي رأي فيها البعض الفرصة الأخيرة للنظام كي يتبنى تغييرات قد تنقذه من براثن الضغوط الخارجية وربما كانت الكلمات في جلسات المؤتمر الأكثر مصارحة في تاريخ الحزب الذي يهيمن على السلطة في سوريا منذ أربعين عاما ويبدو أن البعث أصبح يدرك مقتضيات الوضع الإقليمي الراهن ومطالب الشارع وما يمكن أن يحل من مصائب بسوريا في ظل الوضع العربي الراهن المتردي فبادر إلى توصيات يبدو أنها تدور حول قضايا ليست جديدة ولكن التقدم بتوصية شيء وتنفيذها والابتعاد بها عن مجرد شعارات شيء آخر.
[تقرير مسجل]
" |
سمير خضر: المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي أعلى هيئة حاكمة في الجمهورية العربية السورية والسلطة الوحيدة منذ أربعة عقود، لخمس سنوات خلت لم يتسن للمؤتمر الالتئام بعد غياب القائد الروحي والأوحد للبلاد حافظ الأسد وهاهو نجله وخليفته بشار يلقى التحية والهتاف نفسه الذي كان يلاقه والده ولكن مع فارق بسيط، صحيح أن الطابع الإيديولوجي للبعث لم يتغير وقبضته لا تزال قوية على كل مناحي الحياة في البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ولا تزال حالة الطوارئ الحجة التي تلجأ إليها أجهزة الأمن والمخابرات لملاحقة المعارضين وكل من يجرؤ على انتقاد الحزب والحكومة، لكن العالم لم يعد كما كان وأصبحت تعابير مثل الإصلاح وحقوق الإنسان والديمقراطية والانفتاح سمة العصر ودمشق ليست بمعزل عن كل هذه التطورات فالشعب السوري نفسه تبنها وبدأ يطالب بها ولإن كان كثير من المراقبين يؤمنون برغبة الرئيس السوري في إحداث إصلاحات جوهرية في الحياة السياسية والاقتصادية لبلاده فإن آخرين يتحدثون عن بطء عملية الإصلاح ويعزون ذلك إلى مقاومة من يسمونهم بالحرس القديم وهو تعبير فضفاض يشير إلى المنتفعين من استمرار الوضع على ما هو عليه ومن كان ينتظر أن يعلن بشار الأسد سلسلة من الإصلاحات الجذرية خاب أملهم إذ جاء تركيز الرئيس على قضايا من قبيل إنعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد لكن العارفين بالشأن السوري لم يُفاجئوا إذ أن المناخ السياسي داخلي وإقليمي ودولي لا يشجع الإصلاحيين في سوريا على المضي قدما في مسعاهم فالبلاد تعيش حالة من العزلة لم تشهدها من قبل في تاريخها المعاصر والضغوط الأميركية تتصاعد يوما بعد يوم ليس من أجل إسقاط النظام كما يعتقد البعض بل لدفعه إلى اتخاذ مواقف وإتباع سياسات لا يريدها على الأقل في الوقت الراهن فالعراق لا يزال ورقة ضغط هامة تلوح بها واشنطن من حين إلى آخر من خلال اتهام دمشق بغض الطرف عن تسلل من تسميهم بالإرهابيين عبر الحدود المشتركة بين البلدين الجارين ورغم أن دمشق استطاعت المناورة بذكاء فيما يتعلق بالملف اللبناني من خلال سحب قواتها نزولا عند رغبة المجتمع الدولي فإن شبح لبنان لا يزال يطارد السوريين من خلال اتهام دمشق بالوقوف وراء كل شاردة أو واردة في بيروت والجبل والجنوب وقد يرى البعض في نجاح دمشق في التعامل مع وجودها العسكري في لبنان أحد أسباب الامتعاض الأميركي بسبب خسارة واشنطن لورقة ضغط هامة على سوريا، انتهى مؤتمر حزب البعث وبدأت مرحلة يأمل السوريون أن تكون جديدة بعيدا عن الشعارات البراقة التي لم يعد كثيرون يؤمنون بها بعد أن خذلتهم لعقود خلت.
جميل عازر: وإلى العراق جاء جاك سترو وزير الخارجية البريطاني ومعه وفد من الاتحاد الأوروبي يضم منسق السياسة الخارجية والدفاعية خافيير سولانا، فبريطانيا التي ستؤول إليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي بداية الشهر القادم ستحاول دفع الأوروبيين إلى إظهار قدر من التعاون الملموس في شأن المرحلة الحساسة التي يمر فيها العراقيون الآن وهم يحاولون الاتفاق على لجنة لصياغة دستور وإذ يعتزم الأوروبيون عقد مؤتمر حول العراق في وقت لاحق من هذا الشهر تحدثت مفوضة الشؤون الخارجية عن اعتزام بروكسل على فتح قنوات دبلوماسية بينها وبين بغداد ولو على مستوى القائم بالأعمال كبداية على طريق التعاون الأوسع نطاقا.
[تقرير مسجل]
" |
عماد الأطرش: في أدق فترة من تاريخ الوحدة الأوروبية يخرج الاتحاد الأوروبي بموقف جديد بشأن ما آلت إليه الأمور في العراق، فعشية الحرب للإطاحة بنظام صدام حسين أطاحت الممانعة الفرنسية الألمانية بفرصة حصول الولايات المتحدة الأميركية على قرار من مجلس الأمن يضفي على غزو العراق شرعية دولية حينها اعتقد الكثيرون أن الموضوع العراقي هو سبب الصدام بين أميركا والمحور الفرنسي الألماني في حين بدا واضحا فيما بعد أن العراق لم يكن سوى واحد من مجالات التصادم لاسيما مع اعتماد الولايات المتحدة على محور آخر في أوروبا وهو الثنائي الحليف بلير – بيرلسكوني، لا شك أن زيارة وزير الخارجية البريطاني جاك سترو والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمن الأوروبي خافيير سولانا تحمل في ثناياها دلالات واضحة فقبل وصوله إلى بغداد عرَّج سترو على غزة والتقى بممثلين عن حركة حماس الإرهابية حسب المعايير الأوروبية وأعلن أن صفة الإرهابية تلك قد تُنزَع عن الحركة إن تخلت عن أعماله المسلحة وهي نفس المواقف التي برزت على الساحة العراقية مؤخرا والتي تحدثت عن مبادرات متفرقة لإدخال بعض الجماعات المسلحة العراقية إلى العملية السياسية شريطة إلقاء السلاح حتى أن صحيفة الجارديان البريطانية ذكرت أن دبلوماسيين أميركيين وقادة بالجيش الأميركي أجروا محادثات غير مباشرة مع بعض الجماعات المسلحة، أما زيارة سولانا وإعلان نية الاتحاد الأوروبي فتح ممثلية له في بغداد في غضون أشهر فلابد أنها أتت بفعل اقتراب تسلم بريطانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي والمفارقة الكبرى أن الدستور الذي رُفِض في فرنسا كان يحمل بين مندرجاته التنظيم الهيكلي الجديد لمؤسسات الاتحاد الأوروبي ومن بينها اعتماد سياسة خارجية موحدة تعبر عن جميع دول الاتحاد ولكن يبدو أن الأوروبيين لم يفلحوا سوى بتوحيد عملتهم.
قضية الممرضات البلغاريات في ليبيا
جميل عازر: بين تشكيك بلغاريا في القضاء الليبي وفرحة ضباط الشرطة العشرة بإبرائهم من تهمة تعذيب الممرضات البلغاريات يعيش نحو أربعمائة طفل ليبي مأساة إصابتهم بفيروس الإيدز الذي تسبب في وفاة تسعة وأربعين فردا منهم حتى الآن وقد تحولت هذه المأساة الإنسانية إلى ساحة لتبادل الاتهامات والضغوط السياسية والدبلوماسية بين طرابلس والاتحاد الأوروبي بينما تنتظر البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني البت في قضية استئناف الحكم عليهم بالإعدام رغم أنهم يقبعون في السجن منذ ست سنوات وقد أبرزت هذه القضية البعد البشري الذي ينطوي عليه التعامل مع وباء لا يميز بين صغير وكبير ودور القضاء في تحديد المسؤولية عن تبعات أي خطأ في هذا المجال.
[تقرير مسجل]
" |
خالد الديب: بحكم البراءة الذي صدر بحق الضباط الليبيين المتهمين بتعذيب الممرضات البلغاريات ضاق الخناق حول هؤلاء الممرضات اللائى كن يأملن بإعادة محاكماتهن تحت ظروف مختلفة وفي ظل تطورات دولية جديدة صاحبت القضية في السنوات الأخيرة، جاء هذا الحكم بعد أسبوع فقط من تأجيل المحكمة العليا الليبية النظر ستة أشهر في الطعن المقدم من محامي الممرضات ضد حكم الإعدام الصادر بحقهن العام الماضي في خطوة وصفها المراقبون هنا بأنها تهدف إلى إتاحة الفرصة للوصول إلى حل سياسي لهذه القضية بعيدا عن قاعات المحاكم وملفات القضاء بعد التداعيات السياسية التي ترتبت عليها طوال السنوات السبع الماضية وبالرغم من احتجاجات أهالي الأطفال المصابين على هذا التأجيل ومحاصرتهم مبنى المحكمة العليا واشتباكهم مع رجال الشرطة ومطالبتهم بالقصاص من الممرضات بالرغم من كل ذلك تبدو القضية أعقد من أن يفصل فيها حكم قضائي لذلك اُعتبرت زيارة الرئيس البلغاري لليبيا نهاية شهر الماضي خطوة نوعية في سبيل التوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف خاصة أنه أجرى محادثات مطولة مع العقيد معمر القذافي وقام بجولة في مستشفى الأمراض السارية في بنغازي حيث تعرف عن قرب على أحوال الأطفال المصابين كما التقى بالممرضات الخمس في مبنى إداري خارج السجن وقضى معهن نحو ساعة ونصف، كل هذه التطورات الأخيرة لم تحسم القضية ولم تنه المأساة فمحاضر الشرطة الليبية تؤكد بالأدلة والاعترافات أن الممرضات متورطات في حقن الأطفال بالفيروس خلال ترددهم على مستشفى الأطفال في مدينة بنغازي وتوفي منهم حتى الآن 49 طفلا وينتظر الباقون مصيرهم المجهول بل إن العدوى انتقلت إلى الأمهات وتوفيت واحدة منهن حتى الآن، في المقابل تصر الممرضات على أن الاعترافات التي أدلين بها خلال التحقيق اُنتزِعت منهن تحت الترهيب النفسي والتعذيب الجسدي وتؤكدن أن حالة التسيب والإهمال التي كانت سائدة في المستشفى هي السبب في هذا الكم الهائل من الإصابات بين الأطفال وبعيدا عن هذا السجال القانوني الدائر بين الجانبين منذ بداية الأزمة وبالرغم من إعلان الرئيس البلغاري عن تأسيس صندوق دولي لمساعدة أطفال بنغازي إلا أن شيء لم يتغير في حياة الأطفال أو ذويهم وتتفاقم معاناة الأطفال المصابين وأسرهم وتتعمق مأساتهم وهم يوارون أطفالهم الثرى يوما بعد يوم وبالرغم من حكم الإعدام الصادر بحق الممرضات إلا أن أملهم في الحياة ما يزال أكبر من أمل هؤلاء الأطفال، بعد مرور كل هذه السنوات على قضية الإيدز والتطورات المتلاحقة التي شهدتها لا يبدو أن قطارها اقترب من محطته الأخيرة خاصة بعد دخول القضية دهاليز السياسة ومساراتها المتشعبة، لبرنامج الملف الأسبوعي خالد الديب طرابلس.
جميل عازر: منذ أعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر اعتزامه إجراء انتخابات عامة قبل سنة من موعدها الرسمي تسلطت الأضواء في ألمانيا على الشخصية التي ستنافسه في تلك الانتخابات فخسارة حزبه الديمقراطي الاشتراكي في انتخابات الولاية التي ظلت معقلا له منذ عقود وفوز الحزب اليميني بزعامة أنغيلا ميركل دفعت بزعيمة حزب المسيحيين الديمقراطيين إلى الواجهة فحزبها يتصدر استطلاعات الرأي بنسبة عالية حتى رغم أنها لم تعلن برنامجا انتخابيا باستثناء تصريحات أثارت مخاوف في الوسط النقابي إذ تريد تشديد بعض القوانين التي تحمي حقوق العمال كما أن أنغيلا ميركل شخصية الأسبوع في الملف معروفة بمعارضتها لعضوية تركية في الاتحاد الأوروبي ولهذا دلالاته في خضم أزمة الدستور الأوروبي.
[تقرير مسجل]
أكثم سليمان: فضول وسائل الإعلام يكاد لا ينتهي ولا عجب في ذلك فالأمر يتعلق بالمرأة التي هزمت الرجال إنها أنغيليكا ميركل مرشحة الحزب الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشارية في الانتخابات المبكرة الخريف القادم والتي سيحمل زوجها إذا ما فازت لقب السيد الأول أو زوج المستشارة، ربيبة هلمت كول المدللة هكذا لقبت أنغيليكا ميركل القادمة من ألمانيا الشرقية والتي سطع نجمها داخل الحزب المحافظ بعد انضمامها إليه بعد الوحدة الألمانية عام 1990 حيث تسلمت منصب وزيرة شؤون المرأة والشباب إلا أنها سرعان ما انقلبت على أبيها الروحي ومحقق الوحدة الألمانية هلمت كول عندما غرق في مستنقع الفضائح المالية في نهاية عهده عام 1998، كانت لحظات صعبة للحزب قيادة وأعضاء وانتهت بتسلم الديمقراطيين الاشتراكيين للسلطة وهنا دقت ساعة السياسية الشابة حيث نهضت لقيادة الحزب واستلمت رئاسته عام 2000، سياسة أنغيليكا ميركل الداخلية حتى النخاع، وحده خفض الضرائب على الصناعيين والشركات يدفعهم للاستثمار وصولا إلى إيجاد فرص العمل لبلد تقارب أعداد العاطلين عن العمل فيه الخمسة ملايين نسمة أما سياستها الأوروبية فتتميز بمعارضة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ومنحها فقط وضع الشريك الخاص كما تعتبر السياسة البالغة من العمر خمسين عاما أن توسيع الاتحاد الأوروبي شرقا يتم بسرعة تهدد وجوده كما عُرِف عنها أيام حرب العراق معارضتها لسياسة المستشار غيرهارد شرودر الذي اصطدم بالأميركيين وقسم مع جاك شيراك أوروبا حسب رأيها، لم تؤيد ميركل الحرب علانية لكنها عبرت عن ضرورة الالتزام بوحدة الصف بين ضفتي الأطلسي، وُلِدت أنغيليكا ميركل عام 1954 لأم تعمل كمعلمة في مدرسة وأب يعمل قسيسا في الكنيسة الإنجيلية وترعرعت في مدينة تمبلين في قضاء أوكامارك هناك برزت مواهبها العلمية وخاصة في مجال العلوم الطبيعية كما انضمت إلى المنظمة الشبابية التابعة للحزب الماركسي الحاكم وهو ما أوخذ عليها بعد الوحدة الألمانية إلا أن نشاطها إبان سنواتها في ألمانيا الشرقية اقتصر على المجال العلمي حيث أتقنت الروسية وحصلت على رسالة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية ولم تقتحم أنغيليكا ميركل عالم السياسة إلا بعد تحقيق الوحدة الألمانية حيث ترشحت للانتخابات البرلمانية وفازت بمقعد في البرلمان الاتحادي البوندستاك عن دائرة جزيرة روغن ويقول بعض المراقبين إنها اكتشفت هناك متعة الإبحار في خدم الأمواج وغريزتها القيادية التي تدفعها للامساك بمقود السفينة أينما حلت، أنغيليكا ميركل أو المرأة الحديدية مازالت تمخر عباب السياسة في ألمانيا وقد اقتربت سفينتها من المياه الإقليمية لمبنى المستشارية في العاصمة الألمانية وإذا ما صحت استطلاعات الرأي العام فإنها ستكون المستشارة الأولى لألمانيا للمرة الأولى في تاريخ البلاد، أكثم سليمان لبرنامج الملف الأسبوعي الجزيرة برلين.
جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل إلغاء الديون الإفريقية مبادرة تنموية أم إنجاز شخصي لتوني بلير بدعم من جورج بوش.
[فاصل إعلاني]
جميل عازر: تبدو النيجر من الدول القلائل في أفريقيا التي قامت بإصلاحات مهمة على الصعيد السياسي فهي تملك حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني تتمتع بهامش كبير من الحرية مع برلمان قوى وصحافة حرة ولكن المعضلة الكبرى تبقى أن ما أُنجِز فيها من إصلاحات قد جرى كله في بلد يكاد الفقر والجهل والمرض يقتل أهله الذين لا يتجاوز عددهم عشرة ملايين نسمة وهؤلاء يطالبون الآن بتوزيع عادل لعائدات النيجر من ثرواتها الطبيعية ولكن حجم المعاناة الإنسانية التي كشف عنها مندوب الجزيرة تتطلب أكثر من مجهودات حكومة النيجر وحدها وعلى وجه السرعة أيضا.
[تقرير مسجل]
" |
عبد القادر عياض: تباشير أمطار الخير بدأت تهطل في النيجر أنه موسمها ومعها يبدأ الزراع في غرس ما تيسر من الحبوب الطعام الرئيسي لمعظم السكان يزرعون الآن ليحصدوا ما زرعوا شهر أكتوبر القادم، أربعة أشهر ويزيد قبل موسم الحصاد ولا طعام كافي لهذه الأشهر الطويلة جدا على بطون خاوية، ما خزنه الأهالي مما نجا من محصول العام الماضي من الجفاف والجراد لم يكف رغم كل إجراءات التقطير ولم يصمد إلى حين الحصاد نهاية هذا العام والنتيجة مجاعة في البلد، اسمها أريبا عمرها بضعة أشهر هذه أخر صور لها وهي تتنفس بعد هذه الصور انقطعت أنفاسها وماتت سوء تغذية حاد أدى إلى ضعف في القلب، مائة وخمسون ألف طفل في النيجر حالهم حال أريبا يعانون من ضمن ثمانمائة ألف طفل أقل من خمس سنوات ضحايا أزمة غذاء، أزمة تطال ثلاث ملايين من مجموع 11 مليون هم سكان النيجر، النيجر مصنف ضمن أفقر الدول فهو يحتل في معدلات الفقر والتنمية العالمية المرتبة ما قبل الأخيرة من مجموع 174 دولة في العالم ولكن ما الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع في هذا البلد حتى تصل الأمور إلى حدود المجاعة وفيه مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة وفيه نهر النيجر العظيم، هناك أسباب ثابتة وأخرى ظرفية فأما الظرفية فهي الجفاف الذي ضرب البلاد العام الماضي فلم تتساقط الأمطار في موسمها وزاد الوضع سوء أسراب الجراد الذي غزا البلاد بأعداد هائلة وأتلف محاصيل بتمامها أما الأسباب الثابتة فهي التخلف فمازال معظم المزارعين يستعملون وسائل بدائية جدا يكفي أن نعلم أن لكل ثلاثين ألف مزارع هناك فني واحد في الزراعة، زد على ذلك وعلى امتداد نهر النيجر ليس هناك سدود اللهم إلا بعض الحواجز البسيطة ولعل ما زاد الوضع سوءاً هو جشع بعض التجار فقلة محصول العام الماضي جعلت بعض المضاربين يرفعون في الأسعار فلم تعد في متناول 61% من السكان دخلهم يقل عن دولار في اليوم، أربعة أشهر قبل موسم الحصاد فترة صعبة إن لم تتضافر الجهود الدولية فيها لتوفير الغذاء والدواء ستكون النيجر مقبلة لا محالة على كارثة.
المساعي البريطانية لإلغاء الديون الأفريقية
جميل عازر: والنيجر هي إحدى الدول الإفريقية الثماني عشر التي اتفق وزراء مالية مجموعة الثماني الصناعية الكبرى على شطب ديونها التي تقدر بأربعين مليار دولار وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها أغنياء العالم ومعظمهم دول غربية عن إعفاء أفقر دول العالم وكلها في القارة الإفريقية ولكن محاولة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير تجنيد صديقه الرئيس الأميركي جورج بوش يبدو أنها نجحت في هذا الاتجاه وربما في صدد تطلعاته إلى حكم التاريخ عليه مستقبلا ولكن إفريقيا بدولها الأربعة والخمسين قارة تعاني من أزمات متنوعة لما فيها الحروب الأهلية والفساد والأوبئة والحكم السيئ ومع ذلك ورغم أن مسألة شطب الديون عملية معقدة فإن السؤال الأهم يدور حول كيفية إيصال المعونات إلى مستحقيها.
[تقرير مسجل]
ناصر البدري: محاولات حثيثة ومتواصلة يبذلها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هذه الأيام لإنجاح قمة الثماني الصناعية الكبرى التي ستحتضنها اسكتلندا بداية الشهر المقبل القيمة التي يحرص بلير على أن تكون نقطة تحول مهمة في معالجة قضية الفقر وظاهرة الانحباس الحراري وجاءت زيارة بلير إلى واشنطن لمحاولة إقناع الرئيس الأميركي جورج بوش بإجراء خفض جذري لديون الدول الفقيرة وتبني إجراءات عملية سريعة لتقليل الانبعاثات الغازية الملوثة وأثناء المؤتمر الصحفي المشترك بينهما في واشنطن قال بلير وبوش إنهما على وشك التوصل إلى اتفاق لإلغاء مديونية 32 دولة إفريقية بالإضافة إلى وعد من واشنطن بمبلغ نحو سبعمائة مليون دولار أميركي لمواجهة المجاعة في إثيوبيا وإريتريا وإن كانت هذه المنجزات تبدو لأول وهلة انتصار لمساعي بلير ورغم ترحيب العديد من المنظمة غير الحكومية بها إلا أن العديد من المراقبين السياسيين يعتبرون الوعود الأميركية مجرد وعود بالنظر إلى خلفية مثل هذه المحاولات أما على مستوى مواجهة ظاهرة الانحباس الحراري والتغيرات المناخية المتسارعة بسبب التلوث فالرئيس بوش وإضافة إلى انسحابه من بروتوكول كيوتو يرفض مجرد الإقرار بوجود هذه الظاهرة ناهيك عن إقرار خفض جذري في الانبعاثات الملوثة من المصانع والسيارات الأميركية وبناء على ذلك فإن جدول أعمال قمة الثماني الكبار تبقى في نظر العديد من المراقبين السياسيين في مهب الريح طالما أن إدارة بوش لم تغير من مواقفها، اهتمام بلير بهاتين القضيتين ينم عن رغبة أكيدة منه في تحقيق إنجاز تاريخي يتذكره به الناخبون بدلا من تذكرهم قراراته المثيرة للجدل حول الحرب على العراق وإصلاح الخدمات الاجتماعية خاصة وأن العد التنازلي لزعامة بلير لحزب العمال وبالتالي لمستقبله السياسي بدأ منذ أن أعلن أنه لن يكون زعيما للحزب في الانتخابات التي يمكن إجراؤها في غضون أربع أو خمس سنوات وفي السياق العمل السياسي فإن هذا ليس بوقت طويل وخاصة وأن موقف بلير قد يتحدد خلال مؤتمر حزب العمال بداية الخريف ومما لا شك فيه أن رئيس الوزراء البريطاني سيسعى إلى استخدام كامل نفوذه لدى الرئيس الأميركي بوش لتحقيق ولو قدر محدود من النجاح في شطب دول الديون الأكثر فقرا في العالم وسيكون قد حقق إنجازا مهما في أجندته السياسية إن هو نجح فعلا في ذلك، الأمم المتحدة في تقرير أخير لها توقعت ألا تنجح دول العالم في القضاء على الفقر في أفريقيا بحلول عام 2015 لذلك فإن أغلب المحللين السياسيين لا يتوقعون أن يحقق توني بلير أجندته في اجتماع دول الثماني المصنعة غير أن المقربين من رئيس الوزراء البريطاني يؤكدون على أنه لن يدخر جهدا في القضاء على المديونية وعلى الفقر في أفريقيا، ناصر البدري الجزيرة لبرنامج الملف الأسبوعي لندن.
جميل عازر: ولمزيد من النقاش حول الموضوع معي من القاهرة جمال نكروما المختص في الشؤون الإفريقية، أستاذ جمال بداية هل تعتقد أن هناك شيء من التطابق بين رؤية الدول الصناعية الكبرى ورؤية الدول المدانة لها في صدد الإعفاء من الديون؟
جمال نكروما – المختص بالشؤون الإفريقية: طبعا إعفاء الديون شيء مهم جدا للغاية ولكن أيضا الدول المديونة في أفريقيا تريد أيضا تحرير التجارة تريد أن تخترق أسواق الدول الغربية بالذات في أوروبا وفي أميركا الشمالية.
جميل عازر: طيب في هذا الإطار ما هي الدوافع وراء..
جمال نكروما [مقاطعاً]: التجارة فالتجارة مهمة جدا الآن..
جميل عازر [متابعاً]: أستاذ جمال في هذا الإطار ما هي الدوافع وراء إقدام الدول الصناعية الكبرى على اتخاذ خطوة من هذا القبيل وإعفاء الدول الإفريقية من مبلغ يقدر بحوالي أربعين مليار دولار؟
جمال نكروما: طبعا ديون أفريقيا مائتين وثلاثين مليار دولار فأربعين مليار دولار جزء صغير إلى حد ما ولكن جزء مهم للغاية ولكن معظم الدول الأوروبية والغربية الآن يتفهمون جيدا أن من مصلحتهم أن يلغوا الفقر في الدول الأفريقية وطبعا من أهم الأشياء التي منها يكون الفقر في أفريقيا هي الديون، مشكلة الديون الأفريقية مشكلة كبرى تعتبر أكبر المشاكل الاقتصادية الآن في القارة الأفريقية.
جميل عازر: طيب هل تعتقد أن هذه المقرونة إن صح التعبير ليست مرتبطة بأي شروط؟
جمال نكروما: لا طبعا المؤسسات الخيرية المختلفة تقول أن هناك 62 دولة في حاجة ملحة إلى شطب ديونها، طبعا الدول الغنية برئاسة بريطانيا الرئيس الحالي لنادي الدول الأغنية قالت إن هناك فقط 16.. 18 دولة آسف.. 14 دولة إفريقية وأربع دول في أميركا الجنوبية والوسطى منها بوليفيا الهندوراس نيكاراغوا وغيانا فهي ليست مقتصرة على الدول الأفريقية فقط ولكن دول أميركا الجنوبية أيضا وأميركا الوسطى ولكن المؤسسات الخيرية تؤكد أن هناك 62 دولة في قارات أفريقيا بالأخص وأيضا آسيا وأميركا اللاتينية في أشد الحاجة إلى شطب ديونها.
جميل عازر: طيب بالنظر إلى المشاكل التي تعاني منها الدول الإفريقية ودعنا نركز على أفريقيا على وجه التحديد في هذا المجال نظرا إلى المشاكل التي تعاني منها المجتمعات من سوء الحكم وكذلك من الفساد ومن الأوبئة وغير ذلك هل يمكن أن تصل هذه الإعفاءات وهي بمثابة يعني معونات إلى مستحقيها وكيف؟
جمال نكروما: نعم معظم هذه الدول الأفريقية الأربعة عشر فيها تحسين ملحوظ في إدارة الشؤون السياسية مكافحة الفساد وأيضا منظمات المجتمع المدني فيها نشطة جدا نشطة للغاية فهذه كلها عوامل مشجعة على الدول الصناعية والغنية أن تساعد الدول الأفريقية الآن.
جميل عازر: طيب إذا كانت هذه هي الحالة لماذا تنتظر هذه الدول من الخارج للنهوض باقتصادها وكذلك لتنمية مجتمعاتها؟
جمال نكروما: كان هناك الـ(Marshal Plan) في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، الولايات المتحدة ساعدت الدول الأوروبية اقتصاديا بالـ(Marshal Plan) وأيضا اليابان ساعدت دول أسيوية عديدة في السنوات الأخيرة في العقود الأخيرة والآن حان دور أفريقيا لكي تتلقى المساعدة من الدول الغنية وبالذات إن معظم الدول الغنية مازالت لا تريد الصادرات الأفريقية المختلفة أن تخترق أسواقها فهذه نقطة مهمة جدا مع إلغاء الديون الأفريقية يجب أن يكون هناك أيضا اختراق الصادرات الأفريقية للأسواق الأوروبية والأميركية.
جميل عازر: طيب الأسواق الأوروبية والأميركية تتمتع بقدر كبير من الحماية التجارية ولكن في تقديرك أستاذ جمال ما هي أولويات الدول الإفريقية التي نالت هذا القدر من الاهتمام من جانب الدول الصناعية الكبرى؟
" |
جمال نكروما: أولويات هذه الدول طبعا التجارة كما قلت وكما أشرت إليها، التجارة مع الدول الغنية مهمة للغاية وتنشيط القطاعات المختلفة بالذات القطاعات الزراعية والمعدنية والصناعية في أفريقيا وقطاع الخدمات أيضا والسياحة فهناك يعني أشياء كثيرة تتطلبها الدول الأفريقية الفقيرة وهناك أيضا معونات في السنوات الأخيرة انخفضت معونات الدول الغنية لدول أفريقيا فمن المهم جدا أن تكثر معونات الدول الغنية إلى أفريقيا الآن.
جميل عازر: طيب أخيرا أستاذ جمال في تقديرك ما هو تأثير هذا الإعفاء على المعونات التي تأتي من الخارج للدول الأفريقية؟
جمال نكروما: أستاذي لا المعونات شيء وإلغاء الديون أو شطب الديون شيء آخر، فأفريقيا تطلب إلغاء الديون أولا وتنشيط التجارة بين الدول الأفريقية واختراق الأسواق الغربية هذا من ناحية أخرى والزيادة في المعونات وهذا شيء ثالث فهذه يعني محاور ثلاثة وأفريقيا تتطلب هذه المحاور الثلاثة لكي تنهض بشعوب القارة الأفريقية وتتحسن الاقتصاد وتنشط العملية الاقتصادية في هذه الدول الأفريقية المختلفة.
زيارة أردوغان للولايات المتحدة
جميل عازر: أستاذ جمال نكروما في القاهرة شكرا جزيلا لك، لم يتوقع أحد أن تكون مهمة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هينة في واشنطن فقد ترك وراءه استطلاعا للرأي يبين رفض 80% من الأتراك للسياسة الأميركية الخارجية ولكن أردوغان ليس كما يبدو من الساسة الذين يردعهم شيء عن تحقيق المصالح العليا لبلدهم حتى وإن أدى ذلك إلى انتقادات وتحفظات من هنا وهناك فعلاقة أنقرة بواشنطن قد لا يدرك عمقها وأبعادها الجيل الجديد من الأتراك ولكن الطبقة العسكرية والسياسية تعرف تماما أسرار هذه العلاقة وتعقيداتها والممكنة والمستحيلة فيها وهذا ما يدركه أردوغان رغم الفتور الذي طرأ على هذه العلاقة بسبب الحرب على العراق.
[تقرير مسجل]
جيان اليعقوبي: بدأ رجب طيب أردوغان في قطف ثمار زيارته إلى البيت الأبيض حتى وقبل أن يقفل عائدا إلى أنقرة وذلك بإعلان كوفي عنان أنه ينوي الطلب من مجلس الأمن إنهاء العزلة الدولية المفروضة على القبارصة الأتراك وقبرص هي إحدى عناوينها هذه الزيارة المثيرة للجدل حول زعيم حزب العدالة والتنمية، فالإسلاميون المعتدلون كما يحلو لهم أن يصفوا أنفسهم والذين يحكمون تركيا منذ بضعة سنوات مضوا بعيدا في طريق البرغماتية السياسية إلى الحد الذي يدهش وأحيانا يغيظ أصدقاءهم من الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية فبعد فتور العلاقة بين أنقرة وواشنطن نتيجة لعدم سماح حكومة أردوغان بمرور القوات الأميركية في ربيع 2003 من الأراضي التركية إلى العراق وجدت أن الثمن الذي دفعته كان باهظا لأن لا شيء في العراق أغلى على الأتراك من مدينة كركوك التي تعتبر المعقل الروحي والثقافي لتركمان العراق الذين تربطهم أواصر قوية مع أبناء عمومتهم في تركيا وإدراكا منه للخسارة التي تكبدتها تركيا لغيابها عن المسرح العراقي فإن أردوغان يحاول الآن إدخال الشركات التركية إلى أفغانستان حيث تلقى وعودا بأن تأخذ تركيا حصة الأسد في ملف إعادة الأعمار في أفغانستان ولكن التقاطع الأميركي التركي في العراق لا يتعلق فقط بأنغرليك وكركوك فهناك الهم الكردي الذي يؤرق أنقرة منذ تأسيس الدولة التركية ويعرضها إلى ضغوط وانتقادات حول سجلها في مجال حقوق الإنسان رغم إشادة البيت الأبيض بما تحقق في تركيا من خطوات نحو الديمقراطية ومع ذلك فقد يطلب أردوغان العون من جورج بوش لمكافحة تسرب عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني المحظورة من شمالي العراق إلى الأراضي التركية، أردوغان يحاول الآن إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا العلاقة المتميزة مع واشنطن فإذا كان الأتراك قد خسروا الأوروبيين بعد استفتاءين صارخين في رسالة رفض واضحة لدخول تركيا إلى النادي الأوروبي رغم التأييد الأميركي لها في هذا الشأن فالأتراك سياسيون وعسكريون أعضاء حلف شمال الأطلسي لا يريدون أن يخسروا الحليف التقليدي المتمثل في الولايات المتحدة حتى ولو كان الثمن زيارة إلى الرئيس الأميركي الأقل شعبية في العالم الإسلامي والاتفاق معه على ما وُصِف بتحريك الشراكة الاستراتيجية بين أنقرة وواشنطن.
جميل عازر: وبهذا نقفل الملف الأسبوعي إلا أنني أذكر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة الأخيرة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني wfile@aljazeera.net على أننا لن نعود في مثل هذا الموعد من الأسبوع القادم لأن الملف الأسبوعي سيتوقف بسبب مقتضيات الدورة البرامجية الجديدة، لقد سعدت بتقديم الملف لكم على مدى الأعوام التسعة الماضية فتحية لكم من فريق البرنامج والذين تعاقبوا على إخراجه وتقديمه وتحريره وشكرا لجمهور متابعيه وهذا جميل عازر يستودعكم الله.