زلزال آسيا، مسيحيو العراق، ذكرى تأسيس فتح
– خسائر زلزال آسيا وأمواج تسونامي
– الأفق العراقي وبذور الطائفية
– عبد العزيز الحكيم.. شخصية الأسبوع
– أوضاع مسيحيي العراق في سوريا
– فتح في الذكرى الأربعين لتأسيسها
– تشكيل حكومة ائتلافية بين الليكود والعمل
– واقع أوكراني ينتظر يوتشينكو
جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي وفيها، أهول كارثة طبيعية يعرفها عالم اليوم الأرض زلزلت والبحر ماج وهاج والبشر يموتون ويتشردون بمئات الآلاف، العراق استعداد لانتخابات وإعلان عن رفضها ونداءات لمقاطعتها وتصعيد للعمليات المسلحة ومحمود عباس في قطاع غزة ودلالات نتيجة الانتخابات البلدية في الضفة الغربية.
خسائر زلزال آسيا وأمواج تسونامي
لم تكن البشرية في حاجة للتذكير بضعف الإنسان أمام قوى الطبيعة في الأيام الأخيرة من عام 2004 فالزلزال الذي تسبب في الأمواج المادية العاتية المعروفة باسم الياباني تسونامي ربما ليس من حيث القوة بل العنف لم يحدث في الكرة الأرضية مثيل لها منذ ذلك الذي تسبب في مقتل نحو مليون نسمة قبل ثمانية قرون على وجه التحديد في منطقة الشرق الأدنى من حوض البحر المتوسط ولمثل هذه الكوارث أبعادها الإنسانية والاقتصادية ولكن رغم أن تقدير حجمها بأرقام وبمليارات الدولارات ينتقص من إنسانية الضحايا بل والمجتمعات البشرية إلا أنه الوسيلة الأنسب لتوضيح نطاق الكارثة.
[تقرير مسجل]
عثمان البتيري: كارثة مروعة لم تشهد لها تايلاند مثيلا في تاريخها الحديث أمواج تسونامي المروعة التي نتجت عن زلزال الأحد الماضي حملت معها الموت والدمار ولم يقف في وجهها شيء إلا وأحالته خرابا الكارثة التي ضربت ستة أقاليم خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين في حين لا تزال فرق الإنقاذ تسابق الوقت أملا في العثور على أكثر من ستة الآلاف شخص لا يُعرف مصيرهم، بعد جثث الضحايا المكدسة في أكثر من مكان تظهر حجم المأساة ولعل ما يزيد في معاناة أهالي الضحايا الصعوبة التي يواجهونها في التعرف على أحبائهم بعد أن تعفنت الجثث وأصبح التحقق من هوايات أصحابها أمراً شبه مستحيل، المأساة خلفت أيضا ذكريات مرة لمن كُتبت له النجاة بعد أن أفاق من صدمته ليكتشف أنه فقد الأحبة والمنزل وربما القرية التي كان يعيش فيها، فهذه السيدة فقدت أربعة من أفراد عائلتها ولم تبقي لها سوى أبنها الذي فر بها على دراجته في حين كانت الأمواج تطاردهما، ذهول هذا الطفل يعبر عن هول ما رأي بعد أن ألقاه الموج بين أشجار الغابة ليتركه حيا لكنه انتزع منه كل عائلته. لكل كارثة صدمتها التي تذهب بالعقول وهذه الكارثة التي حلت بالمنطقة ليست كأي كارثة ولعل التحدي الحقيقي هنا هو مدى سرعة الأفاقة من هول الصدمة ومحاولة احتواء آثارها المأساوية التي قد تكون أكثر تدميراً من الكارثة نفسها، الحكومة التايلاندية التي أعلنت النفير العام سارعت في إرسال المساعدات العينية والأدوية إضافة إلى توفير ملاجئ للمشردين الذين فاقت أعدادهم الآلاف ولعل وجود أعداد كبيرة من السياح الأجانب ضمن قوائم القتلى قد أضفي بعداً دولياً على المأساة في جنوبي تايلاند، فرار السياح الجماعي بسبب الكارثة سوف يترك آثره أيضا على حياة سكان المناطق المنكوبة الذين يعتمدون على السياحة الأجنبية كمصدر رئيسي للرزق، عثمان البتيري لبرنامج الملف الأسبوعي.
[تقرير مسجل]
" |
محمد فاوي: زلزال المحيط الهندي وجهه ضربة اقتصادية قاسية لآسيا حيث يقدر حجم الخسائر حتى الآن بما لا يقل عن أربعة عشر مليار دولار ورغم أن هذا المبلغ لا يقارن بمستوى المأساة الإنسانية إلا أنه يشكل نكبة لسكان المناطق المتضررة الذين كانوا يعانون أصلا من آفة الفقر ولعل أكثر القطاعات الاقتصادية تضررا هو القطاع السياحي المصدر الرئيس للدخل القومي هناك، فقد جاء الزلزال في الوقت الذي بدأت فيه السياحة في بلدان جنوب وجنوب شرق أسيا تتعافى من تداعيات تفشي وباء سارس وانفجارات جزيرة بال الإندونيسية والاضطرابات السياسية في تايلاند وترجح تقديرات أن تنال الكارثة من أرزاق تسعة عشر مليون شخص يعلمون في قطاع السياحة، الاقتصاد السريلانكي كان على ما يبدو أشد الاقتصاديات الآسيوية تضررا من الكارثة فموجات المحيط العاتية دمرت شبكات الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية التي تربط العاصمة كولمبوا بالمنتجعات السياحية في جنوب البلاد، كما أتت الأمواج على سلسلة من الفنادق الفاخرة ونتيجة لذلك فأن معدل النمو الاقتصادي في تلك الجمهورية التي تعاني أصلا من حرب أهلية دموية مرشح للتراجع ليرفع معدل البطالة البالغ حالياً نحو 8% وهذا ينسحب على تايلاند حيث يساهم قطاع السياحة بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي وفي إندونيسيا أكدت الحكومة أن جهود إعادة تعمير جزيرة سومطرة التي وقع قبالتها الزلزال الذي تسبب في استثارة المحيط تتطلب من الأموال ما يزيد عن مليار دولار ولعل هذا ما دفع جاكرتا إلى الدعوة إلى عقد قمة دولية لحشد المعونات خلال الأسبوع الحالي، لكن من حسن حظ إندونيسيا أن الزلزال لم يؤثر كما يبدو على حقول إنتاج الغاز والنفط في إقليم أتشي الأمر الذي لو حدث لتسبب في رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية، أما جزر المالديف فقد صارت مهددة بخسارة أكثر من نصف دخلها القومي بسبب خسائر قطاع السياحة وقد انعكست تلك التداعيات في البورصات الآسيوية وإن كانت خسائرها لا تزال محدودة لآن الشركات الكبرى المهيمنة على أسواق المال تعمل في قطاعات لم تتأثر مباشرة بالكارثة ولكن من غريب المفارقات أن تحقق البورصات العالمية الكبرى أعلى معدلات الارتفاع منذ عام 2001. حصيلة ما قدمه المجتمع الدولي حتى الآن لا تتعدى خمسمائة مليون دولار نصفها من البنك الدولي رغم ما ردده الرئيس الأميركي جورج بوش عن تشكيل ما وصفه بائتلاف دولي لنجدة الدول المنكوبة وهناك مخاوف من أن لا يسفر مؤتمر المانحين الذي من المرجح عقده خلال أيام عن مساعدات دولية في حجم الكارثة وهو ما يعني تكريس ثالوث الفقر والجوع والمرض في البلدان المنكوبة.
جميل عازر: وينضم ألينا من القاهرة الدكتور أحمد بدوي الباحث في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية دكتور أحمد أولا هل من الممكن اتخاذ احتياطات وتدابير لمواجهة كوارث على هذا المستوي وبهذه الشدة والعنف؟
أحمد بدوي: في الواقع من الممكن توقع مثل هذه الكوارث خصوصا الموجات من المد البحري أو موجات المد البحري المصاحبة لهزة أرضية بهذه القوة وبهذا العنف بقياس التغير في منسوب المياه في البحار وفي المحيطات وكثيراً من مراكز الإنذار المبكر قد أصدرت إنذاراً بعد حدوث الزلزال مباشرة أنه سوف تكون هناك موجات مد بحري تصل سرعتها إلى 800 و900 كيلومتر في كل ساعة وقد ترتفع أطولها إلى عشرة أمتار أو يزيد قليلا ولكن الاحتياطات التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار بالإضافة إلى هذه المراكز من الإنذار المبكر هو التعامل مع هذه الطبيعة التي جُبلت على الحركة فالأرض خلقها الله تبارك وتعالى مجبولة على حركات دائمة فكل شيء في الكون يتحرك ويجب على الإنسان أن يعيش ويتعايش مع هذه الظواهر الطبيعية والكوارث التي تنجم عن تنفس الطبيعة وغضب الطبيعة وثورة الطبيعة، فعندما يحدث زلزال وما أكثر الزلازل التي تحدث حول العالم فيتعرض العالم سنوياً إلى ما يربوا من المليون هزة نحس أو نشعر بحوالي 10% من هذه المليون هزة وبالتالي يجب علينا نتعامل مع أكواد بناء واختيار أنسب المواقع لإقامة أهم المنشآت الحيوية على هذه الأرض حتى نكون أهلا لإعمارها، أيضا الكوارث التي تتبع الزلزال من موجهات مد بحري يجب علينا أن نعرف لهذه الطبيعة حِماها وحرمها فنعرف أقصى مد لهذه البحور وتلك المحيطات حتى عندما نعيد إعمار هذه الأماكن المتضررة يجب أن نعي في الاعتبار وأن نضع في الاعتبار كل هذه المسافات التي غُمرت بالمياه حتى لا تكون الكارثة عندما تتكرر مرة أخرى في نفس هذه المناطق التي ما أكثر أن تتأثر بمثل هذه الظواهر فقد تعرضت إلى 796 موجة مد بحري سابقة في المائة عام الماضية وبالتالي نعرف هذه الظاهرة جيدا ولكن نغمض الأعين عن كيفية الاحتياطات وكيفية إعادة الإعمار في مثل هذه الأماكن، يجب أن نبعد كل البعد عن هذه المسافات التي تعتبر حرما لهذا المحيط أو تلك البحر.
جميل عازر: طيب دكتور أحمد أنت تقول إن الكرة الأرضية في حالة ارتجاج أو اهتزاز بشكل متواصل تقريبا هل نفهم من ذلك أن الزلازل التي نشعر بها هي فقط الزلازل الكبيرة التي تسبب أضرار للبيئة وللإنسان؟
أحمد بدوي: نعم هذا كلام صحيح جدا حيث أن المليون هزة التي يتعرض لها العالم سنويا كما قلت نشعر فقط بالـ 10% حوالي ثلث هذه أو ثلث هذا العدد هو أكبر من قوى أربعة بمقياس ريختر والتي يحس بها فقط أما الجُل العظيم من هذه الزلازل هي زلازل صغيرة تسجل فقط بأجهزة الرصد الزلزالي المنتشرة على كافة أنحاء العالم أو مراصد العالم وبالتالي نحن نحس فقط بجزء صغير أو نسبة صغيرة من هذا العدد الهائل ولكن الحركة الدائمة للأرض تسجل عن طريق المراصد وعن طريق أجهزة الزلازل المنتشرة عبر هذا العالم بأجمل.
جميل عازر: طيب في منطقة الشرق الأوسط هناك حفرة الانهدام المعروفة أو الصدع الأناضولي، هل لك أن تعطينا فكرة عن مثلا الفرق بين هذه التركيبة الجيولوجية والفرق في التركيبة الجيولوجية التي وقع فيها الزلزال قبل أيام؟
أحمد بدوي: بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فلا توجد منطقة على وجه الأرض آمنة أمنا كاملا من حدوث الزلازل، الزلازل تحدث في كل مكان والكون كله محفوفا بالمكاره ومحفوفا بالمخاطر بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فإنها تتأثر بمنطقة انفتاح في منطقة البحر الأحمر ثم منطقة تصادم غرب إيران ممتدة حتى صدع الأناضول الذي يأخذ الاتجاه من الشرق إلى الغرب في جنوب تركيا، هذا الصدع تحدث عليه حركة أفقية أن الصفيحة التركية مع الصفيحة الأسيو أوروبية والصفيحة الأفريقية تتحركان حركة جانبية بالنسبة لكل منهما الأخر ولا يوجد تصادم في هذه المنطقة أما إلى الجنوب قليلا في منطقة البحر الأبيض المتوسط بيحدث تصادم وإن كان التصادم مازال في مرحلة المهد أو مرحلة الطفولة لا يقارن بالتصادم في منطقة المحيط الهادي مع المحيط الهندي حيث تصدم الصفيحة الأفريقية مع الصحيفة الأسيو أوروبية تحت قوس اليوناني أو القوس الهندي ثم في الشرق قوس القبرصي معدل الحركة ومعدل انداس الصفيحة الأفريقية في هذا المكان تعد بمعدل حوالي اثنين سنتي لكل عام هو نفس معدل الانفتاح في البحر الأحمر حيث أن نصف قطر الأرض ثابت وبالتالي إذا كان هناك معدل لاندساس الصفيحة أو صفيحة التكتونية في مكانا ما لابد أن يكون هناك معدل انفتاح بنفس المعدل في منطقة أخر وهذا ما يتحقق في المنطقة العربية حيث انفتاح البحر الأحمر ولكن أخطر منطقة في المنطقة العربية تعد هي منطقة التصادم في جبال زاجروس ولعلنا نذكر زلزال 23 ديسمبر عام 2003 الذي ضر منطقة بان في جنوب غرب إيران.
جميل عازر: نعم هل ما قولته عن البحر الأبيض المتوسط يرشح هذه المنطقة إلى موجات تسونامي في المستقبل؟
أحمد بدوي: ليس البحر الأبيض المتوسط فقط أو وحدة هناك أي منطقة يفرض إنه أي منطقة بها مياه سواء إن كان محيطات أو بحار ويحدث في هذه المنطقة هزة أرضية سواء كانت هذه الهزة الأرضية ناتجة من زلزال أو من بركان أو من انهيار صخري تحت قاع المحيط أو تحت قاع البحر فهناك نسبة ونسبة عالية جدا أن تحدث نتيجة لهذه الحركة موجات مد بحري تختلف شدة وسرعة هذه الموجات الناجمة أو هذه الموجات من المد البحري على عمق المياه الموجودة وهل هي مياه مفتوحة أو مياه مغلقة وهل هذه الهزة هزة كبيرة أو هزة متوسطة كل هذه العوامل تحكم هذا المقدار من الطاقة الناجمة أو من الدمار الناجم عن هذه الموجات ولكن إذا قلنا بقياس موجات المد البحري أن من المتوقع في البحر الأبيض المتوسط أن يكون موجات المد البحري من النوع المتوسط حيث تزداد ارتفاعاتها عن خمسة أمتار وهذا ما شوهد في كثيرا من الزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط سواء كان زلزال أغادير أو زلزال الإسكندرية في خمسة وخمسين أو زلزال سبعة وعشرين في لبنان ومنطقة سوريا وجنوب لبنان.
جميل عازر: طيب في هذه الحالة لو أردت أن تقدم نصيحة للمسؤولين وللسلطات هل يمكن التحضير لمواجهة مضاعفات مثل هذه الظاهرة حتى ولو بعد عقود من الزمن؟
أحمد بدوي: أعتقد أنه في كافة التقارير التي ذكرت أو ذُكرت عن هذه الكارثة كلها كانت تهتم بالخسائر الاقتصادية دون النظر أو الصدد إلى القوة البشرية أو الثروة البشرية التي نُفِقت في هذه الكارثة التي أعتقد أنها سوف تقترب كثيرا من الربع مليون أو مائتان ألف نسمة قد تكون قتل هذا هذه الكارثة وأنا أعتقد أن الثروة البشرية هي أهم شيء في هذا الكون لأن كل شيء ممكن أن يُعوض إلا الإنسان فبالتالي كافة الاحتياطات وكافة الترتيبات وكافة كل هذه العوامل التي حتى من دراسة الزلازل ودراسة تراكيب الأرض تعي بالمقام الأول أو تُعنى في المقام الأول بحماية الإنسان وبالتالي على كافة الجهات المسؤولة والقيادات السياسية في كافة أنحاء العالم أن تأخذ في الاعتبارات أن هناك أماكن يجب اختيارها حسن اختيار الأماكن المناسبة لإقامة المنشآت، التعامل مع الطبيعة وتنفسها وهذه الثورات لهذه الطبيعة وغضب الطبيعة على الإنسان بأن تأخذ أو تُحترم هذه الحرومات أو تُحترم هذه الحمى حتى يكون إعادة الإعمار والمنشآت التي سوف تأخذ في المستقبل تأخذ في الاعتبار كل هذه الإزاحات وكل هذه المسافات من الغمر ومن الطوفان التي قد تتكرر في أي وقت طالما أن الأرض والكون كله مكبول على الحركة.
جميل عازر: دكتور أحمد بدوي في القاهرة شكرا جزيلا لك. ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل مسيحيو العراق ألاف هجروه إلى سوريا بعد الاجتياح فما المستقبل الذي ينتظرهم؟
[فاصل لإعلاني]
جميل عازر: إذا كان لأحداث العام الرابع من القرن الحادي والعشرين أن تكون معيار لما سيشهده العراق في العام الجديد فإن في الصورة بل في إطارها وجهين أحدهما يتحدث عن التشاؤم والأخر عما يشبه التفاؤل فالحكومة المؤقتة ومعها الأميركيون يعلقون أمالاً كبيرة على الانتخابات التي يجري التحضير لها في ظل مقاطعة أكبر الأحزاب السُنية لها رغم اعتزام الشيعة المشاركة فيها وهناك من الجهة الأخرى نداءات الداعية إلى مقاطعة التصويت وعلى رأسها ما وجهه أبن لادن أسامة أهم المطلوبين لدى واشنطن وبين هذا وذاك يبدو الأفق العراقي ملبد بسحب داكنة ومن بين أكثرها سوادا تلك التي قد تُروي بذور الطائفية.
[تقرير مسجل]
" |
لم يعد يفصل العراقيين الكثير عن موعد الانتخابات التشريعية وعلى الرغم من أن التحضيرات متواصلة بإصرار من الولايات المتحدة الأميركية والحكومة العراقية المؤقتة ودعم المرجعية الشيعية فإن لكل غايته فواشنطن تريد إنجاح مشروعها في العراق نظرا لما يعلنه المسؤولون الأميركيون ومن ثم يصبح العراق درس شرق أوسطي يمكن تسويقه كجزء من شرق أوسطي أميركي جديد وأكبر الحكومة العراقية المؤقتة بدورها تريد البرهنة على نجاحها في قيادة سفينة العراق إلى شاطئ الديمقراطية بالرغم من الثمن الباهظ أما غالبية الشيعة فإنهم يرون في الانتخابات فرصة لإعادة الاعتبار لدورهم في الحياة السياسية التي تم تهميشهم فيها طويلا ولكنهم يقولون إنهم يرفضون المشروع الأميركي في العراق رافعين شعار المقاومة السياسية لهذا المشروع، أما السُنة العراقيون ممثلين بهيئة علماء المسلمين فأنهم يرفضون الانتخابات لأنها ستجرى في ظل الاحتلال حسب رأي الهيئة وهناك أيضا الأسئلة المطروحة بشأن الواقع العراقي والتي تتمحور حول الانتخابات في مناطق التوتر كالموصل وسامراء والفلوجة وبعقوبة، مدى إحجام السُنة عن الانتخابات ونظرتهم إلى مستقبلهم في الحياة السياسية في العراق، قضية كركوك ذات التركيبة السكانية المتداخلة ومطالبة الأكراد بتأجيل الانتخابات فيها، موقف دول الجوار وجوار الجوار مما يجري في العراق، لكن ما الذي يجري على الأرض؟ في أخر رسالة صوتية مسجلة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أعلن فيها عقد راية قيادة العمليات المسلحة في العراق إلى أبو مصعب الزرقاوي وكفّر بن لادن كل من يشارك في الانتخابات الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين توجيها عمليا للفصائل الإسلامية المسلحة لمرحلة ما قبل الانتخابات وبالتالي قد يترجم هذا البرنامج على النحو الأتي، انطواء عدد من الفصائل الإسلامية والسلفية المسلحة تحت لواء أبو مصعب الزرقاوي باعتباره أميرا معينا من قبل أسامة بن لادن، تنسيق عالي على الأرض بين هذه الفصائل وغيرها ليشمل رقعة جغرافية تضم شمال وغرب وجنوب العراق، تكثيف الهجمات على مواقع قوات الأمن العراقية ومراكز الانتخابات وبعيدا عن النتائج التي ستسفر عنها هذه الانتخابات فإن عراق ما بعد الثلاثين من يناير سيشهد جدلاً أخر يتعلق بانسحاب القوات الأميركية الأمر الذي قد يفجر مقاومة مسلحة أكثر ضراوة مما هي عليه الآن ويبقى من الثابت في المسرح العراقي أن أجراس ستقرع في النهاية ولكن يبقى السؤال لمن ستقرع الأجراس؟
جميل عازر: وفي خضم الراهن العنيف في العراق تعرض زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لمحاولة اغتيال يمكن إدراجها في إطار محاولات عرقلة الانتخابات المزمعة أو تكريس الشرخ الطائفي فعبد العزيز الحكيم الذي استهدفته المحاولة ليس غريب على ذلك حيث لم يكن شقيقه محمد بكر محظوظا بنفس القدر إذ سقط أشلاء في تفجير سيارة قبل نحو عام ونصف العام وهكذا فإن عبد العزيز الحكيم شخصية الأسبوع في الملف تحتم عليه أن يحمل راية المجلس الأعلى في ظل ظروف ربما لم يرتئها أو يتوقعها عندما كان مقيم في طهران أيام النظام العراقي السابق.
عبد العزيز الحكيم.. شخصية الأسبوع
[تقرير مسجل]
جيلان اليعقوبي: هل هي صدفة فقط أن يتعرض اثنان من كبار قادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية إلى محاولتي اغتيال دموية خلال أقل من عامين نجحت الأولى في إقصاء أية الله محمد بكر الحكيم من المعادلة العراقية وأدت الثانية إلى مقتل ثلاثة عشر شخص وجرح عشرات آخرين ونجاة الشقيق الأصغر عبد العزيز الحكيم الذي كان مستهدفا بمحاولة الاغتيال وعبد العزيز الذي طالما عاش تحت عباءة أخيه الشخصية الكاريزمية القوية هو الذي يحمل الآن إرث عائلة الحكيم على منكبيه النحيلين، ولد في النجف عام 1950 لأسرة معروفة بالعلم والتقوى وتلقى تعليمه الديني في المدينة نفسها قبل أن يغادر العراق بعد التضييق عليه وعلى غيره من المراجع الشيعية وبعد تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عام 1982 في طهران ترأس الحكيم العديد من اللجان السياسية وأصبح من قادة فيلق بدر الذراع العسكري للمجلس وهو لم يتردد رغم شخصيته الهادئة وصوته الخافت في تقديم العون لأخيه الأكبر وهكذا وقبل سقوط النظام بفترة وجيزة وبينما كثفت أحزاب المعارضة من تحركاتها واتصالاتها الإقليمية والدولية تم تكليف الحكيم بإدارة الملف السياسية للحركة فترأس وفد المجلس الأعلى إلى واشنطن وأدار العملية السياسية للمجلس الأعلى في اللجنة التحضيرية لمؤتمر لندن ثم مؤتمر صلاح الدين في شمال العراق أما بعد التاسع من إبريل فقد دخل مع أعضاء المجلس الأعلى وفيلق بدر قادمين من إيران التي أقاموا فيها عقدين ونيف وأصبح الحكيم عضو في مجلس الحكم الانتقالي المدعوم من الولايات المتحدة ثم انتخب بالإجماع رئيس للمجلس الأعلى بعد اغتيال محمد بكر الحكيم وبسبب إقامتهما الطويلة في إيران فإن الكثير من العراقيين لم ينظروا بعين الارتياح إلى الأخوين العادين من هناك ولكن عبد العزيز بالذات أبان عن أداء سياسي ملفت للنظر بعد اغتيال أخيه وتمكن بهدوء شديد من تجميع عشرات الآلاف من الأتباع حوله ومن سلوك أكثر الطرق البرغماتية في التعامل مع التعامل مع الواقع العراقي المعقد بعد الاحتلال ويرأس الحكيم الآن اللائحة الشيعية الموحدة لخوض الانتخابات والتي تضم مائتين وثمانية وعشرين عضواً ولم تثنيه محاولة اغتياله عن تصميمه على الاشتراك في الانتخابات الثلاثين من يناير والتي ترجح استطلاعات الرأي أن يكون أحد المرشحين الذين سيحظون بالفوز فيها.
جميل عازر: ومن العراق أرض سومر والشوريين والكلدانيين هاجر إلى سوريا عشرات الآلاف من أبناء العائلات المسيحية فرارا من الاختطاف والعنف الذي تعرضت له بعض الكنائس منذ اجتياح العراق عام 2003 وتعتبر الكنائس التي ينتمي إليها هؤلاء إن كانت آشورية أو كلدانية، أرثوذكسية أو كاثوليكية من أعرق الكنائس المسيحية قاطبة ومازالت تعرف بأسماء أرض ما بين النهرين التاريخية القديمة وتمارس طقوسها بلغة الآشوريين أو السريان والآراميين وإذ تسلط مواسم الاحتفالات الضوء على محنة اللاجئين والمشردين أيا كانوا فإننا نلقي شيئا من الضوء على أوضاع هؤلاء اللاجئين العراقيين في سياق التقرير الخاص التالي من مراسلتنا في دمشق.
[تقرير مسجل]
" |
ليلى موعد: بقدر ما آنستهم احتفالات رأس السنة وزينة الميلاد التي غطت منازل الكثير من الأسر السورية بقدر ما زادت من أحزان ومتاعب العائلات العراقية التي هربت تحت جنح الظلام إلى سوريا فأسرة توما تفتقد دول العام الثاني على التوالي فرحة أعياد الميلاد ورأس السنة التي أفسدها وجود القوات الأميركية في العراق وضرب الكنائس وقتل المسيحيين ومن ثم الغربة التي زادها مرارة ضيق الحال والعوز وإذا كانت أعداد العراقيين الذين لجؤوا إلى سوريا بلغت نحو ستمائة ألف لاجئ من كافة الأطياف إلا أنها المرة الأولى التي يصل فيها عدد المسيحيين العراقيين نتيجة الهجرة الأمنية إلى نحو خمسين ألف لاجئ وهؤلاء يعيشون ضمن فئتين الأولى أوضاعها المادية جيدة والثانية تعيش أوضاعا فقيرة يخفف من حدتها مساعدات الجمعيات الخيرية المسيحية وما يكسبه أفرادها من عمل قد لا يحصلون عليه أحيانا إلا أن هذه الفئة تفضل البقاء هنا على العودة إلى العراق والعيش تحت تهديد الموت أو الخطف. اجتياح العراق كما تنبأ مسيحيوه قبل حدوثه أخرج العفريت من زجاجة فالجماعات المتشددة التي سحقها نظام صدام خرجت بعد رحيله لتنتقم ممن اعتبرتهم حلفاء للغرب. بيد أن مسيحي العراق يرفضون دمجهم بالمحتل بسبب الانتماء الديني معتبرين أن عمليات ترهيبهم وتدمير كنائسهم وقتل أبنائهم لن تسهم في حل المشكلة العراقية مؤكدين في الوقت ذاته انتماءهم للعراق الذي دفعوا من أجله مع إخوانهم المسلمين الكثير من التضحيات قديما وحديثا.
عمانويل خوشابة – ممثل الآشوريين في سوريا: الحقيقة يجتمع البعض ويقول بأننا مع الأميركان والمسيحيون أنا أنفي ذلك نفي مطلقا المسيحية وجدت في العراق وبلاد ما بين النهرين قبل أن توجد أميركا نفسها كقارة.
ليلى موعد: وفي موازاة الأوضاع غير المستقرة للأسر المسيحية الفارة من الخطر واستمرار التدهور الأمني في العراق يفضل الكثير من العراقيين وبلهفة شديدة الحصول على (Visa) عمل أو زيارة إلى إحدى الدول الأوروبية لتبدأ بذلك المرحلة الثانية من موجة الهجرة العراقية الإجبارية إلى خارج الوطن. ليلى موعد لبرنامج الملف الأسبوعي.
فتح في الذكرى الأربعين لتأسيسها
جميل عازر: إلى قطاع غزة توجه محمود عباس زعيم منظمة التحرير الفلسطينية مرشح فتح للرئاسة لإحياء ذكرى تأسيس الحركة قبل أربعين عاما ويعتبر القطاع معقلا لحركتي حماس والجهاد الإسلامية اللتين أثبتتا وجودا قويا في الانتخابات البلدية في الضفة الغربية ويتوقع أن تحقق على الأقل نفس القدر من التأييد في انتخابات مماثلة في القطاع هذا الشهر ولعل في تصريحات محمود عباس عن تمسكه بالثوابت الفلسطينية ما ينم عن إدراكه لمدى أهمية القطاع له في انتخابات الرئاسة القادمة وفي الاستعداد لانسحاب إسرائيلي منه.
[تقرير مسجل]
" |
سمير خضر: قالت العرب الأربعون هو سن النضوج وهو أيضا سن التفكير مليا فيما مضى وانقضى، لكن التغيير يصبح عسيرا بعد الأربعين الذي هو اليوم عمر حركة فتح التي ولدت تنظيما ثوريا مقاتلا يستقطب مناضلين غير أنها لم تنجح بعد في التحول إلى تنظيم سياسي يتمتع برؤية استشرافية واستراتيجية عملية تستقطب الناخبين وهذا هو التحدي الذي يواجه فتح بعد أن فقدت مؤسسها وقائدها التاريخي ياسر عرفات وهاهي اليوم تبحث عن تجديد شرعيتها وهيمنتها على الساحة الفلسطينية وهذا يشكل بحد ذاته تحديا يتعين على محمود عباس مواجهته بشكل وحلة جديدين، لم يكن من الصعب إقناع فتح بدعمه في انتخابات الرئاسة المقبلة فجميع الفتحويين التفوا حوله لدوافع متنوعة جيل الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة يرى فيه داعية إلى إصلاح المؤسسات الفلسطينية التي استشرى فيها الفساد، أما الحرس القديم في الداخل والخارج فيعتبرونه رفيق ضرب عرفات والوحيد القادرة على المحافظة على وحدة حركة فتح التي بدأت منذ سنوات تواجه تحديا خطيرا في السيطرة على الشارع الفلسطيني، مرشح فتح لن يجد على الأرجح منافسة خطيرة في سعيه لنيل كرسي الرئاسة إذ أن حركة حماس الوحيدة القادرة على تشكيل تهديد جدي قررت عدم خوض الانتخابات الرئاسية لكنها لم تدعو أيضا إلى مقاطعتها تاركة لأنصارها حرية قرار التوجه إلى صناديق الاقتراع، لكن حماس لم تترك بالتأكيد الساحة السياسية خالية فهي تستعد لخوض الانتخابات التشريعية للحصول على عدد من المقاعد البرلمانية تؤهلها لأن تكون قوة ضاغطة على عباس في المستقبل وقد أثبتت من خلال مشاركتها في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية قدرتها على المنافسة إذ حصد مرشحوها نسبة كبيرة من أصوات الناخبين في الضفة الغربية ومن الواضح أن هذه النسبة قد تتضاعف في الجولة الثانية التي ستجرى في قطاع غزة معقل الحركة وأنصارها. امتناع حماس عن المشاركة في انتخابات الرئاسة لا يعني بالضرورة أن الطريق بات مفروشا بالورود أمام محمود عباس فالمرشح المستقل مصطفى البرغوثي بدأ يتقدم في استطلاعات الرأي خاصة بعد حصوله على دعم الجبهة الشعبية رغم الاختلاف العقائدي بين الاثنين، كما أن تعرض الإسرائيليين المستمرة للبرغوثي والمضايقات التي يلقاها من جنود الاحتلال تزيد من تعاطف الشارع معه رغم أن عباس يتعرض هو الآخر لمضايقات وإن كانت من نوع آخر، ففي كل مرة يؤكد فيها على ثوابت القضية ينبري مسؤول إسرائيلي ليؤكد أن عباس لا يزال من الحالمين وأن ثوابت إسرائيل هي التي ستسود على شكل لاءات شارون الشهيرة لا للعودة إلى حدود 1967 لا لعودة اللاجئين ولا لعودة القدس.
تشكيل حكومة ائتلافية بين الليكود والعمل
جميل عازر: وبينما يستعد الفلسطينيون لجولات انتخابية رئاسية وبلدية وتشريعية في الأسابيع القليلة القادمة تظل محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي لتشكيل حكومة ائتلافية بين الليكود والعمل تصطدم بصخرة التطرف الديني السياسي في إسرائيل فرغم اتفاق آرئيل شارون مع شمعون بيريز وهكذا فإن التباين بين الليكود والعمل لا ينحصر في الشأن الفلسطيني بل يتجاوزه إلى انقسامات داخلية أيضا.
[تقرير مسجل]
فاطمة التريكي: بعد طول أخذ ورد يأخذ ائتلاف الضرورة بين قطبي السياسة الإسرائيلية طريقه نحو التنفيذ الليكود والعمل معا من جديد في حكومة ائتلافية يرتقب إعلانها خلال أيام العقبة الأساسية في طريق هذا الاتفاق أزيلت بعد أن سحب زعيم العمل شمعون بيريز نفسه للانضمام إلى الائتلاف وهو أن يعطى منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة فالقانون يمنع وجود قائمين بالأعمال وتعديله يحتاج إلى وقت يبدو الطرفان في حاجة ماسة له اقتنع بيريز بما رفضه في السابق وقبل بأن يكون نائبا لرئيس الحكومة بصلاحيات غير واضحة المعالم تماما لكن لا تتعارض مع تلك التي يتمتع بها رجل الليكود القوي إيهود المارت القائم بأعمال شارون حاليا والذي يتولى مهامه في حال غيابه. هذا الاتفاق على أهميته لا يفتح الأبواب كلها في وجه حكومة قوية يسعى شارون من خلالها إلى مواجهة التحديات المقبلة إذ يبقى عليه أن ينجز التفاهم مع حركة ياهودت هاتورا كي يؤلف حكومة تتمتع بأغلبية برلمانية أبرز الاستحقاقات التي تواجه هذه الحكومة تكمن سياسيا في خطة شارون حول الانسحاب من غزة وفك الارتباط مع الفلسطينيين والمنتظر تنفيذها خلال عام 2005 بالتوازي مع محاولات إعادة إحياء المفاوضات مع القيادة الفلسطينية الجديدة بعد انتخابات التاسع من يناير لكن ليس هذا كل ما يؤرق الساحة الإسرائيلية الداخلية فالخلاف حول استقلالية التعليم الديني هو في ذروته ويتمسك به زعماء الحركات الدينية المتشددة التي تصر على تأمين الدعم المالي لمؤسساتها التعليمية وهناك الخلاف على موضوعات اقتصادية وأبرزها توزيع بنود الموازنة العامة غير أن ذلك لا يحجب ما يراه كثيرون من أهمية في عودة شمعون بيريز إلى السلطة وأن لم يكن في الموقع الأول فربما تكون هذه من المحطات المتقدمة له في مسيرته السياسية الطويلة فالرجل الذي يبلغ الواحدة والثمانين هو واحد من أكبر السياسيين الإسرائيليين سناً ولم تفلح محاولاته المتكررة على امتداد مسيرته من تحقيق إنجاز سياسي ما يسجل له كما حدث مع سلفه إسحاق رابين حين وقع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين قبل نحو اثني عشر عاما ولم يحصل بيريز الذي كان محرك تلك المفاوضات ألا على جائزة نوبل للسلام في العام التالي.
جميل عازر: جاءت أزمة انتخابات الرئاسة في أوكرانيا لتزيد لوناً جديداً إلى الثورات فمن دموية حمراء ومخملية وبيضاء أصبحت برتقالية في كييف، فهذا اللون أتخذه أنصار رئيس الوزراء الأسبق فيكتور يوتشينكا شعارا وهم يحتجون على التزييف الذي شهدته الجولة الثانية من الانتخابات، أما وقد أعلن رئيس الوزراء المهزوم فيكتور يانكوفيتش استقالته رغم أنه لم يعترف صراحة بالهزيمة في الجولة الثالثة فأنه سيتحتم على يوتشينكا إتقان لعبة التوازنات بين التصريحات التي أطلقها في حمأة الحملة الانتخابية والواقع الأوكراني الذي ينتظره.
[تقرير مسجل]
مكي هلال: لا يبدو أن فوز زعيم المعارضة فيكتور يوتشينكا في الجولة الجديدة من الانتخابات رغم الفارق الشاسع في عدد الأصوات التي أحرزها سيضع حدا للانقسامات التي تعصف بالمجتمع الأوكراني، فهذا الفوز لم يثر فقط حفيظة الاشتراكيين بل أجج أيضا مخاوف الأخ الأكبر الذي يحسب ألف حساب لفوز الليبراليين المدعومين من الغرب الذي يكاد يطوق حدوده الجنوبية ورغم إشادة المراقبين الأجانب بأن الجولة الثالثة نجت مما أصاب الجولة الثانية من تزييف وتلاعب فأن رفض يانكوفيتش الاعتراف بالهزيمة حسب ما جرت عليه العادة أثر إعلان النتائج في الدول الديمقراطية يؤكد أن التجربة الديمقراطية الوليدة في أوكرانيا ما تزال أمامها عقبات عدة وأن مرحلة يوتشينكا لن تتوفر لها دعامة الاستقرار للنهوض وتحقيق كل ما وعد به ناخبيه وجمهور الثورة البرتقالية كما أن حالة الانقسام التي باتت واضحة اليوم بين شرق صناعي يتحدث الروسية وغرب ناطق بالأوكرانية وميال إلى الغرب قد لا تجعل من يوتشينكا رئيس لكل الأوكرانيين ما لم ينجح في دعم الوحدة الوطنية وتجاوز ما أفرزته الانتخابات وما سبقه من استقطاب ثنائي حاد، بل أن غريمه يانكوفيتش لن يتركه ينعم بفترة رئاسية هادئة وهو الذي هدد بمتابعة مساعيه في المحكمة العليا للبلاد للتشكيك في شرعية رئاسة يوتشينكا ووعد بتشكيل معارضة شرسة إذا لم يوفق في مساعيه القانونية، هذا على مستوى الداخل، أما في الجوار وفي الخارج فأكثر من طرف يعنيه ما يحدث في كييف ويعنيه أكثر من سيكون صاحب القرار فحلف شمال الأطلسي سارع إلى الترحيب بفوز يوتشينكا ووصف أمينه العام ياب دي هوب أوكرانيا بالدولة ذات الأهمية الاستراتيجية للحلف أما وزير الدفاع الروسي وأن أكد أن نتائج الانتخابات لن تؤثر على علاقات بلاده مع كييف فهو يدرك كما يدرك رئيسه فلاديمير بوتين أن لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حليفا أوكرانيا منتخبا يتحدث عن أمل في الانضمام لأوروبا بشكل أو آخر بما ينطوي عليه ذلك من تهديد للمصالح الروسية وعلى رأسها وجود الأسطول الروسي فيسي فاستبول على البحر الأسود وإدراكا منه لهذه التناقضات سارع يوتشينكا إلى إعلان أن أول زيارة له خارج بلاده ستكون إلى موسكو فهل في ذلك طمأنة للجارة القوية أم أنه مجرد تكتيك لطمأنة الأوكرانيين في الشرق والحصول على مساندتهم وهو يرسخ معالم سياسة أوكرانيا مستقلة لأل تتقاذفها أمواج المصالح الأجنبية.
جميل عازر: وبهذا نختتم جولات الملف الأسبوعي لعام 2004 نرجو أن يكون العام الجديد أسعد وأكثر توفيقاً للجميع فتحية لكم من فريق البرنامج وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.