راهب قبطي يثير ضجة في صعيد مصر
الملف الأسبوعي

موضوعات من مصر وباكستان وغيرها

احتجاج أقباط مصر على نشر صور فاضحة لراهب، ومستقبل الصحراء الغربية وجبهة بوليساريو، والعلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية، وردود الفعل على التطورات في باكستان، وتساؤلات عن بلغاريا وإذا كانت ستتحول إلى الملكية أم لا.. موضوعات هذه الحلقة من الملف الأسبوعي.
مقدم الحلقة جميل عازر
تاريخ الحلقة 08/07/2001


– احتجاج أقباط مصر على نشر صور فاضحة لراهب

– مستقبل الصحراء الغربية وجبهة بوليساريو

– العلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية

– ردود الفعل حول تنصيب مشرف نفسه رئيساً لباكستان

– هل ترجع بلغاريا إلى الملكية على يد سيميون الثاني؟

undefined
undefined
undefined

جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم إلى هذا العدد الجديد من (الملف الأسبوعي) وفيه احتجاجات الأقباط في القاهرة وأسيوط، مبالغة في رد الفعل أم تنفيس عن احتقانات؟

ملف الصحراء الغربية في يد بيكر بين الاستفتاء على تقرير المصير وحكم ذاتياً للصحراويين.

ومشرف جنرال استولى على السلطة ونصب نفسه رئيس لباكستان رغم أنف المعترضين.

احتجاج أقباط مصر على نشر صور فاضحة لراهب

يمكن قراءة الكثير في الاحتجاجات التي قام بها الأقباط في القاهرة وفي أسيوط، ربما يكون من قبيل التبسيط أن يقال إن كل ما حدث كان مجرد رد فعل على مقال نشرته صحيفة (النبأ) يعتبره مفكرون وسياسيون المصريون مسيئاً للأقباط بوجه خاص.

لا شك أن الإساءة وقعت عن قصد أو دون قصد ولكن من الواضح أن حجم الاحتجاج وحتى تجاهل الأقباط لنداءات زعيمهم الروحي البابا شنودة لالتزام الهدوء إنما يدلان على وجود احتقانات لا تزال تحاول إيجاد مخرج لها كلما سنحت فرصة لذلك.

تقرير/حسن إبراهيم: كان اسمه الكنسي الراهب برسوم المحرقي وعندما طردته الكنيسة لانحرافاته الجنسية عاد إلى اسمه العلماني المدني عادل سعد الله غبريال، ومما لاشك فيه أنه من المشائن أن يرتكب راهب مثل تلك الأفعال، لكن ما أغضب أقباط مصر هو الطريقة الفضائحية التي نشرت بها صحيفة "النبأ" الأسبوعية المغمورة صوراً تزعم أنها للراهب وهو يمارس الجنس مع سيدات أتين للكنيسة، وتظاهر الأقباط بسبب ما اعتبروه تهاوناً من الحكومة المصرية تجاه الصحيفة ورئيس تحريرها ممدوح مهران، فقد اعتقل مهران ثم أخلي سبيله بكفالة مالية لم تتعد قيمتها ألفي دولار، ولم تفلح مناشدات البابا شنودة رئيس الكنيسة القبطية ومعه الحكومة المصرية في تطييب الخواطر، وبدلاً من إغلاق الصحيفة فقد اكتفت الحكومة بمصادرة العدد الذي احتوى على الصور الفاضحة، وهنا انفجر الأقباط غاضبين، معتبرين ما حدث تجاههم في الآونة الأخيرة بمثابة استخفاف بهم وبديانتهم، وتفجرت هذه الأحداث وثائرة الأقباط لم تهدأ بعد بسبب الأحكام المتهاونة التي صدرت في حق المتهمين بقتل الأقباط في قرية الكشح في الصعيد المصري، حيث بلغ القتلى 22 معظمهم من الأقباط، وقد صدرت الأحكام بالسجن لمدد تراوحت بين 3 و 7 سنوات فقط، وأثارت هذه الأحكام الأقباط واستفزت حتى البابا شنودة الذي اشتهر بضبط النفس ومواقفه الوطنية، ولعل العالم العربي والإسلامي يذكر للبابا شنودة أمره للطائفة القبطية بعدم زيارة إسرائيل وخاصة القدس إلا بعد أن تتحرر من السيادة الإسرائيلية، وتثور ثائرة أقباط المهجر خاصة في الولايات المتحدة وكندا ضد ما يسمونه بتحول الأقباط تدريجياً إلى مواطنين من الدرجة الثانية، وتستفز التصريحات التحريضية التي يطلقها بعض الإسلاميين المتشددين ضد الأقباط وتتهمهم بالتآمر على الإسلام ومصر تستفز الشبان الأقباط بشكل خاص.

إعلان

ولعل الأمر الملفت للانتباه هو أن هؤلاء الشباب تظاهروا أمام مقر البابا شنودة في الكاتدرائية القبطية المرقصية وليس أمام أي مركز من مراكز السيادة المصرية، وربما رأى بعض الكتاب من المسلمين والأقباط في ذلك ما يتطلب التحذير من انكفاء قبطي على الذات قد يؤدي إلى تفاقم الشرخ في بنية المجتمع المصري، وكما صرح وزير الثقافة المصري فاروق حسني لقناة (الجزيرة) بأن عدد الأقباط يتجاوز العشرة ملايين، بينما يقدره أقباط المهجر وبعض القيادات القبطية بأكثر من ذلك بكثير.

لقد تميز عهد الرئيس أنور السادات بتصاعد الخلافات من المسلمين والأقباط وصار مجرد مناقشة وضع الأقباط من المواضيع الحساسة للغاية في مصر، وعندما حاول رئيس مركز "ابن خلدون" الكاتب سعد الدين إبراهيم المسجون حالياً- التصدي لموضوع الأقباط شن عليه مثقفو مصر ومسؤولوها حملة شعواء، واتهموه بالعمل ضد مصلحة البلاد، ولا شك في أن المظاهرات الأخيرة تشير إلى وجود مشكلة واحتقانات تتجاوز تداعيات نشر مقال في صحيفة وهذا ما ينبغي أن يدق نواقيس الخطر.

مستقبل الصحراء الغربية وجبهة بوليساريو

undefinedجميل عازر: منذ عام 92 والأمم المتحدة تحاول ترتيب استفتاء لتقرير مستقبل الصحراء الغربية، ولكن هذه المحاولة تحطمت على صخرة إصرار المغرب على حق التصويت لمن تعتبرهم جبهة البوليساريو مواطنين مغاربة وليسوا صحراويين، ومن هنا طلع المبعوث الدولي الخاص بالصحراء جيمس بيكر علينا بخطة بديلة تدعو إلى إجراء محادثات بين طرفي النزاع الرئيسيين المغرب وبوليساريو، دون استثناء الجزائر وموريتانيا بهدف إعطاء الإقليم قدراً كبيراً من الحكم الذاتي، على أن يبقى في كنف المملكة المغربية، ويبدو أن المغرب وافق ضمناً على طرح هذا المشروع على مجلس الأمن الدولي، بينما تصر بوليساريو على حق تقرير المصير.

تقرير/خالد القضاة: الطرح الذي سيقدمه إلى الأمم المتحدة مبعوثها الخاص إلى الصحراء الغربية جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي السابق يرتأي أن تختار الصحراء الغربية مؤسساتها الحاكمة بطريقة ديمقراطية، بينما تمنحها الرباط حكماً ذاتياً واسعاً في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي التعليم والصحة، وقيل إن قوائم الناخبين ستضعها البوليساريو وليس الحكومة المغربية، ولكن المغرب يقول: إن من السابق لأوانه الحديث الآن عن تفاصيل.

ومن المقرر أن يعرض بيكر هذا الطرح على مجلس الأمن الدولي، ولم يغفل المبعوث الدولي ضرورة التشاور مع كل من الجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو لضمان التوصل إلى تسوية للمشكلة، وكخطوة داعمة اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أن تكون هناك محادثات مع كافة الأطراف لمدة 5 أشهر من أجل تقييم الخطة إلى أن يزوده مبعوثه الخاص بتوصياته، هذا العرض الأخير سبقته نزاعات بين الرباط وبوليساريو حول مَنْ يحق له التصويت في الاستفتاء، فالحكومة المغربية ظلت تصر على أن يصوت أيضاً المغاربة الذين تم توطينهم في الصحراء، والأهم من ذلك هو أن تبقى الصحراء جزءاً من المملكة المغربية مهما كانت نتائج الاستفتاء، وهذان أمران رفضتهما البوليساريو، الجبهة المدعومة من الجزائر رفضت أيضاً المقترح الجديد وتصر على الاستقلال التام من خلال استفتاء وهددت بأن تتوقف عن التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة في الصحراء إذا مضى بيكر في العمل على أساس العرض الجديد.

إعلان

ويعتبر ملف الصحراء الغربية واحداً من آخر التبعات الباقية من الحرب الباردة، فعندما تشكلت جبهة البوليساريو في أواسط السبعينات لقيت مساندة من موسكو وهافانا بالمال والسلاح، إضافة إلى الدعم الدبلوماسي لأن الحكومة المغربية كانت محسوبة على الغرب، وخاضت بوليساريو حرباً متقطعة ضد الحكومة المغربية منذ عام 75 حتى عام 91، وفي عام 92 تم التوقيع على هدنة بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة التي تحاول منذئذ تنظيم استفتاء لتقرير وضع الإقليم، لكن الجهود تعثرت وسط جدل حول من يحق لهم التصويت واتهامات من البوليساريو بأن الرباط تحاول تزوير قوائم تسجيل الناخبين.

الوضع العام لمناحي الحياة في الصحراء الغربية يستدعي حلاً يجنب سكانها مصاعب العيش، ولكن مع رفض الجبهة ما سبق من طروحات حتى الآن، ومع إصرارها على الاستقلال التام، فإن المسعى الجديد قد لا يكون أكثر من كونه إقحاماً للأمم المتحدة في إيجاد حل لمشكلة الصحراء الغربية وإنهاء صراع أرق كل أطرافه، فالحكومة المغربية تريد مخرجاً من الأزمة تتجاوز به رفض البوليساريو خصوصاً وأن الاعتراف الأفريقي بل والدولي بالجبهة يجعل موقف الرباط من الصحراء أكثر صعوبة في المحافل الدولية.

العلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية

undefinedجميل عازر: تواصل تركيا العلمانية تطوير علاقاتها العسكرية الوثيقة مع إسرائيل والتي بدأتها عام 96 عندما أبرمتا اتفاقاً للتعاون العسكري أثار غضب معظم الدول العربية وإيران، وتشجيعاً لهذا الاتجاه بدأت الولايات المتحدة الأميركية تشارك في المناورات البحرية على غرار ما حدث في بداية السنة الحالية وكذلك في عامي 98 و 99، والآن جاء دور مناورات وتدريبات جوية تستمر أحد عشر يوماً، أما الهدف فواضح إذا أخذنا في الاعتبار علاقات أنقرة وتل أبيب وواشنطن مع طهران وبغداد ودمشق.

تقرير/سمير خضر: قونيا قلب تركيا النابض ومعقل القومية التركية منذ نشأتها قبل 1000 عام، هدوء هذا الريف بدأ يتحول منذ أيام إلى هدير في السماء، عشرات الطائرات المقاتلة والقاذفة بدأت تنخر عباب السماء في مناورات لم تشهدها تركيا الحديثة من قبل، طائرات تركية وإسرائيلية وأميركية تشترك في مناورات جوية هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وقد لا تشكل هذه المناورات حدثاً بحد ذاته بين ثلاث دول تعتبر نفسها حليفة، لكن التطورات الإقليمية والمحلية تلقي بظلال من الشك حول الأهداف المتوخاة من إجراء مثل هذه المناورات في هذا الوقت بالذات.

الدولة التركية الحديثة تعاني منذ نشأتها من انفصام تام بين النظام العلماني الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك وسلمه إلى العسكر للمحافظة عليه، وبين شعب يتألف في معظمه من الريفيين المتدينين، وساهم هذا الوضع في تفاقم المشاكل الداخلية وأدى إلى عدة انقلابات عسكرية باسم المحافظة على العلمانية ومحاربة الدين، ومنذ نشأتها في العشرينات أقامت الدولة التركية علاقات مميزة مع اليهود وتوسعت هذه العلاقات بعد قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، ولم تكن تركيا تخفي طبيعة هذه العلاقات، بل إن أنقرة كانت من بين أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل التي استفادت من هذا الوضع لتتغلغل في صفوف المؤسسة العسكرية مستغلة ما تبقى من يهود الشتات الأتراك، وطالما كانت هذه العلاقات تقتصر على تبادل الزيارات لم يكن أحد في الشرق الأوسط ليهتم أو يشعر بالقلق.

ولكن وفي عام 96 وقعت تركيا وإسرائيل اتفاق تعاون عسكري واستراتيجي، وارتفعت وتيرة التعاون العسكري بين البلدين وتعاقبت المناورات المشتركة وخاصة البحرية منها، وفسر البعض هذا الارتماء التركي في أحضان إسرائيل بأنه محاولة يائسة من قِبَل المؤسسة العسكرية للهروب من الاستحقاق الأوروبي فالعسكر لا يزالون يشكلون العقبة الرئيسة أمام محاولات الحكومات التركية المتعاقبة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهم لا يزالون يؤمنون أن الولايات المتحدة هي الحليف الأوحد لتركيا وبالطبع لا يوجد أفضل من البوابة الإسرائيلية للوصول إلى قلب هذا الحليف، ولكن لكل شيء ثمناً فالبوابة الأوروبية تعني إطلاق حرية الأحزاب الدينية والقومية في البلاد أي الإسلامية والكردية الأمر الذي يهود في نظرهم الطابع العلماني والقومي التركي للدولة التي أرادها أتاتورك، أما البوابة الأميركية الإسرائيلية فأنها تعني استمرار اغتراب تركيا عن محيطها الإقليمي العربي، وبيدو أن عسكر تركيا اختاروا الأخيرة وبما ليس بمحض إرادتهم بل بسبب تعاظم النفوذ اليهودي في بلاد آل عمان.

إعلان

ردود الفعل حول تنصيب مشرف نفسه رئيساً لباكستان

جميل عازر: أثار تنصيب الجنرال برويز مشرف نفسه رئيساً للجمهورية الباكستان من الانتقاد في داخل البلاد وخارجها بقدر ما أثاره استيلاءه على السلطة في عام 99م فحله البرلمان، وعزله للرئيس رفيق طرار إجراءان وصفهما القادة السياسيون والمحامون الباكستانيون بأنهما غير قانونيين، وغير دستوريين وقال آخرون إنهما انتكاسة لعملية الانتقال إلى ديمقراطية منتخبة، وواضح أن الجنرال مشرف يرى عكس ذلك فهو يقول إن لديه مهمة لينفذها وإنه ملتزم بالعودة بباكستان إلى حكم مدني في الموعد الذي حددته المحكمة العليا.

تقرير/حسن إبراهيم: نصب الجنرال برويز مشرف نفسه رئيساً للجمهورية، وهو إجراء وإن استهجنته دوائر كثيرة باكستانية وخارجية إلا إلا أنه يتسق مع ما أعلنه الجنرال مرات عديدة بأنه والقوات المسلحة المصدر الأول للاستقرار في البلاد، وذلك بعد أن جعلها السياسيون مرتعاً للفوضى والفساد.

وكان مشرف يعلم أن دستور مؤقت يشابه الدستور الدائم في جميع مواده، ما عدا التي تتعلق برئاسة الجمهورية، كان ذلك فترة بسيطة من الانقلاب الذي قام به في 24 من أكتوبر/تشرين الأول عام 99، وفلسفة الدستور الدائم الباكستاني الذي وضع لبناته محمد علي الجناح الذي قاد انفصال باكستان عن الهند لا يختلف كثيراً في جوهرها عن الدستور الهندي من حيث الحقوق والواجبات، ودور المؤسسات والحكم، إلا أن التغييرات التي أدخلت على يد الفقهاء الدستوريين الباكستانيين حاولت إضفاء صبغة إسلامية على منصب رئيس الجمهورية، فخلافاً للدستور الهندي يمتلك رئيس الجمهورية الباكستاني بعض السلطات التي تتيح له إقصاء رئيس الوزراء وحل البرلمان في حالة الطوارئ، وقد استخدمت هذه المواد ضد كل من بناظير بوتو ونواز شريف، ولا يوجد منافس لمشرف، فبناظير بوتو تقيم في منفاها الأوروبي بينما يقيم نواز شريف في المملكة العربية السعودية بعد أن كاد أن يقضي فترة عقوبة بسجن مؤبد في بلاده، والجنرال مُشرف الذي يتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الهندي (آتال بهاري بجباي) يحتاج إلى صفة دستورية غير صفة الحاكم العسكري التي لا شك تضعف من مصداقيته أمام العالم.

والهند وباكستان في أمس الحاجة إلى حوار بناء يحل مشاكلهما الكثيرة، وهناك أزمة كشمير المزمنة، والبلدان يدركان أنها قد طالت ولابد من بداية حوار جاد يفضي إلى حل، وهناك موضوع التسلح النووي وقد فاجئ مُشرف العالم وجماهير شعبه بتحويل البرنامج النووي الباكستاني إلى مشروع ذي طبيعة سلمية، بل وطرد أمل القنبلة النووية الباكستانية الدكتور عبد القادر خان وهو أمر لم يكن يستطيع فعله رئيس وزراء منتخب خوفاً من المعارضة الجماهيرية خاصة وأن الشعب الباكستاني قد تحمل بصبر أعباء المشروع النووي المكلف الذي قال عنه رئيس الوزراء الأسبق ذو الفقار علي بوتو عام 74: سنأكل حُشاش الأرض حتى نبني قنبلة نووية أسوة بالهند. إلا أن مشرف يتولى منصب رئيس الجمهورية وبلاده تعيش أسوأ أيامها، فعدا الأزمات مع الهند مازال العنف مستعراً في كراتشي بين السنة والشيعة، وفشلت حكومة مشرف في إعادة الهيبة للنظام بسبب استمرار الفساد كما كان عليه، ومازال رجال الأعمال مدينين للخزينة بمليارات الدولارات، ورغم قول مشرف إنه سيلتزم بأمر المحكمة العليا لاستعادة حكم مدني ديمقراطي في غضون عام فإن هناك شكوكاً في ذلك.

جميل عازر: وقد تحدثت عبر الهاتف إلى دكتور جاسم تقي الخبير والمحلل السياسي في إسلام آباد- وسألته أولاً هل تنصيب الجنرال مشرف نفسه رئيساً لباكستان خطوة دستورية أم أنها عكس ذلك كما يقول منتقدوه؟

د. جاسم تقي: لا طبعاً، إنها خطوة غير قانونية وغير دستورية بعرف الدستور الباكستاني الدائم، وكان النقد شديداً وحاداً بين الأوساط السياسية والمفكرين والكتاب، لأن رئيس الجمهورية كان موجود فعلاً، وكان هو رئيس جمهورية شرعي ومنتخب من قبل البرلمان، ولكن عندما حل البرلمان وعزل رئيس الجمهورية فأصبحت العملية كلها عملية غير دستورية وغير شرعية.

جميل عازر: طيب، هل تقرأ شيئاً في توقيت إعلان مشرف نفسه رئيساً للجمهورية؟

د. جاسم تقي: الواقع الانطباع العام هنا في الصحافة الباكستانية هو أن هذا التوقيت جاء بمناسبة زيارة الجنرال برويز مشرف للهند في 14 يوليو وكانت هناك أزمة بروتوكولية حول كيفية استقبال الجنرال برويز مشرف، لأنه كما تعلم اللقب الرسمي له هو الرئيس التنفيذي، ولا توجد هذه العبارة في البروتوكول في الهند، ولذلك فإنه اختار أن يكون رئيساً للجمهورية نظراً لأهمية الزيارة وما يترتب عليها من نتائج هامة تكون الهند حريصة على أن يكون الجنرال برويز مشرف في موقع سياسي هام بحيث يمكن أن يؤخذ بنتائج هذه الزيارة.

إعلان

جميل عازر: طيب، ما هي أولويات مشرف الآن وقد أصبحت كل مقاليد السلطة في يده بعد حله البرلمان، وبعد عزله الرئيس طرار؟

د. جاسم تقي: الواقع إن برويز مشرف همه الأول هو أن يكون في السلطة، أن يكون.. أن يكون امتداداً للحكم الانتقالي وأمده ثلاث سنوات الذي حددته محكمة العدل العليا والذي ينتهي عملياً في 12 أكتوبر السنة القادمة، وأعتقد أنه أراد أن يكون في السلطة بحيث لو عقد انتخابات حسب قرار محكمة العدل العليا سيكون في موضع قوة كرئيس للجمهورية بحيث يفاوض البرلمان المنتخب ويفرض عليه شروطه كما فعل من قبل ذلك الجنرال ضياء الحق.

جميل عازر: هل تتوقع من مشرف أن يسلم مقاليد الحكم إلى حكم مدني حتى بعد انتخاب البرلمان؟

د. جاسم تقي: نعم، هذا سيحصل كما حصل في عهد الجنرال ضياء الحق هو أيضاً عقد الانتخابات ثم سلم الحكم إلى الحكومة المدنية للسيد محمد خان جنيجو، وهذا ما سيفعله الجنرال برويز مشرف، ولكن بشرط هو أن يكون هناك دور دستوري للقوات المسلحة بشكل مجلس الأمن القومي أولاً، وثانياً: أن يكون رئيس الجمهورية هو ممثل للمؤسسة العسكرية القوية. وثالثاً أن تستمر المؤسسات التي أوجدتها المؤسسة العسكرية بما فيه ذلك مؤسسة المحاسبة ولجان المراقبة التي يقوم بها الجيش الباكستاني ضد كافة مؤسسات الدولة المدنية المتهمة بالرشوة والفساد.

هل ترجع بلغاريا إلى الملكية على يد سيميون الثاني؟

جميل عازر: غادر بلغاريا ملكاً بينما كان يافعاً عام 46 وعاد إليها ليقود حزباً فاز بنصف مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة، فالملك السابق سيميون الثاني يبدو مرتاحاً لعودة بلده إلى نظام ديمقراطي بعد أن كانت تحت نظام الحزب الشيوعي الواحد تدور في فلك الاتحاد السوفيتي السابق، ورغم النتيجة التي حققها حزب الحركة الوطنية فإن سيميون الثاني لا يطمع في منصب رئيس للوزراء كما يقول: إن إعادة النظام الملكي إلى بلغاريا ليس وارداً على أجندته، غير أن للسياسة مقتضياتها والمقتضيات قد تؤدي إلى تغيير المواقف.

تقرير/سمير خضر: استطاعت بلغاريا طوال القرن العشرين أن تنأى بنفسها عن حالة التوتر وعدم الاستقرار التي سادت منطقة البلقان، حتى التغييرات الجذرية التي شهدتها تمت بهدوء بعيداً عن أجواء الانقلابات وسفك الدماء، وحتى وفاة الملك بوريس الغامض عام 43 لم تهز أركان الدولة، لكن مجيء النظام الشيوعي في أعقاب الحرب العالمية الثانية وإقصاءه الملك الشاب سيميون الثاني أدخل البلاد في دوامة الحرب الباردة ولم تخرج منها إلا بعد سقوط جدار برلين في نهاية الثمانينات.

ومنذ ذلك الحين تعاقبت الحكومات على بلغاريا تحت أسماء وألوان شتى أدخلت البلاد في أزمات اقتصادية متعاقبة، وباتت البلاد تحاول اللحاق بركب اقتصاد السوق دون أن تستطيع، فبقيت ترزح تحت وطأة برامج الإصلاح المدعومة من صندوق النقد الدولي، وفجأة ودون سابق إنذار انبرى شخص نسيه البلغار منذ عقود، ملكهم السابق سيميون الثاني أمضى حياته في أسبانيا كرجل أعمال ناجح لا علاقة له بالسياسة، سيميون الثاني قرر فجأة العود إلى ساحة الأحداث في بلغاريا فعمد إلى تأسيس حركة سياسية قدمت نفسها بديلاً عن حالة الفوضى والاغتراب السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، لم يكن أحد في البداية يتوقع لهذه الحركة النجاح إذ إن معظم الأسر الملكية في أوروبا الشرقية فشلت في العودة إلى الساحة السياسية في بلدانها، كما أن الشعب البلغاري لم يعد في معظمه يذكر أيام الملكية أو حتى اسم آخر عاهل للبلاد، لكن اليأس يدفع أحياناً بالأمور في اتجاهات غير متوقعة.

فسيميون الثاني وعد شعبه بحل كل مشاكله في غضون 800 يوم أي سنتين تقريباً، ولم يقل كذلك إنه ينوي تبوء منصب ما في الحكومة، لذا لم يكن من المستغرب أن تصوت أغلبية من الناخبين لصالح حركته السياسية في الانتخابات الأخيرة، وحصل سيميون على نصف مقاعد البرلمان وفي الوقت نفسه على اعتراف من الشعب بشخصه، فالبلغار صوتوا له هو رغم أنه لم يكن شخصياً مرشحاً، ولم يصوتوا لقائمته الانتخابية التي لم تكن تضم شخصيات سياسية معروفة، بل مجموعة من رجال الأعمال والفنانين والرياضيين وحتى ملكة جمال وساحراً شعبياً.

كما أنه استفاد من عدم انغماسه في شؤون السياسة في العقود الماضية، أي إن الشعب رأى فيه رجلاً منزهاً عن الفساد والفضائح التي عرفتها البلاد مؤخراً، ورغم النصر الانتخابي الذي حققه فإن مشاريع سيميون الثاني لا تزال غير واضحة، فهو ملك من سلالة ملكية عريقة وها هو يمسك اليوم بمفاتيح الحكم في بلد يعتمد النظام الجمهوري البرلماني، وربما استطاع في المستقبل القريب إقناع أبناء شعبه بأن العودة إلى الماضي الملكي قد تكون أقصر طريق للحاق بركب المستقبل.

جميل عازر: وبهذا نأتي إلى ختام جولتنا في (الملف الأسبوعي) ونشير إلى أن بإمكانكم الوصول إلى مضمون كل حلقة من حلقات هذا البرنامج بالصوت والصورة والنص عبر موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية الإنترنت، وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر، فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة