
موضوعات من فلسطين والعراق والمغرب وغيرها
مقدم الحلقة: جميل عازر | |
تاريخ الحلقة:4/8/2001 |
– التحديات اليهودية للمشاعر والشرعية الدولية
-11 عاماً والعراق تحت الحصار
– احتفال المغرب بتولي الملك محمد السادس وعامين من الإصلاح
– العلاقات الأميركية الصينية ومحاولة ترميمها
– رحلة الرئيس الكوري الشمالي إلى موسكو لكسر العزلة
جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم إلى هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) وفيه: أسبوع دموي في المناطق الفلسطينية وتحديات يهودية للمشاعر والشرعية الدولية عند الحرم القدسي الشريف.
أحد عشرة عاماً منذ الاجتياح العراقي للكويت والعراق تحت حصار واتهامات بتطوير صواريخه تبريراً لضربة عسكرية أميركية.
والعلاقات الأميركية-الصينية (كولن باول) يحاول ترميمها في بكين ولكن للصين شروطها أيضاً.
التحديات اليهودية للمشاعر والشرعية الدولية
كان إقدام جماعة يهودية متطرفة -ولو بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية- على وضع حجر أساس للهيكل المزعوم بجوار المسجد الأقصى في مدينة القدس أكثر من استفزاز للمشاعر، فقيام ما يسمون أمناء جبل الهيكل بهذه العملية -وإن يكن بشكل رمزي- يعتبر مؤشراً على نوايا الحكومة التي سمحت لهم بذلك، كما أنه دليل ملموس على خطورة الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، خاصة في أسبوع شهد سقوط عدد من الشهداء الذين قتلتهم حكومة (أرييل شارون) التي قررت مواصلة سياسة الاغتيال متجاهلة كل الانتقادات والاحتجاجات والمضاعفات.
تقرير/ حسن إبراهيم: تصعيد إسرائيلي خطير ذلك الذي سمح بقرار من المحكمة العليا لجمعية أمناء الهيكل المتطرفة بالاحتفال بوضع حجر الأساس للهيكل الثالث، الذي يقول اليهود إن النبي سليمان -عليه السلام- كان قد أنشأه في عام 968 قبل الميلاد، ولتفادي رد فعل فلسطيني عنيف أرسلت الحكومة الإسرائيلية تطمينات إلى جميع دول العالم بأنها حريصة على المقدسات الإسلامية واختصر الاحتفال بوضع حجر الأساس وأجري جنوبي القدس، ورغم إجراءات الأمن الإسرائيلية المشددة فقد هب الفلسطينيون للدفاع عن الحرم القدسي الشريف، ورجموا اليهود اللذين تجمعوا يصلون أمام حائط المبكى، ورغم المواجهات التي جرت في ساحة المسجد الأقصى إلا أنه لم يقتل أحد، اللهم إلا بعض الجرحى، وكأن إسرائيل ترفض أن يمر أي حادث بهدوء، فقد أطلقت القوات الإسرائيلية صاروخاً على مركز دراسات تابع لحركة حماس، قتلت ستة من كوادر حماس وطفلين فلسطينيين كانا في المبنى، وسط مشاعر الحزن والغضب والإحباط طالبت جماهير المشيعين في نابلس بالانتقام وهذا ما تتوقعه إسرائيل وما ستحترز من أو قد تقوم باستباقه ويبدو واضحاً من تطور الأحداث أن الفلسطينيين لن يقبلوا أي نداءات بالتهدئة، وقال عبد العزيز الرنتيسي القيادي في حركة حماس إن الشق السياسي من الحركة أطلق جناحها العسكري أي كتائب عز الدين القسام في الرد بالطريقة المناسبة.
وتوعد الزعيم الروحي للحركة الشيخ أحمد ياسين الإسرائيليين برد سريع موجع وبالطبع نددت الدول العربية بالمجزرة واشترك معها العالم الغربي هذه المرة، ولكن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي قرر الاستمرار في سياسة الاغتيالات رغم التوبيخ الغربي، فإسرائيل تدرك صلابة تحالفاتها الغربية وتراهن على استمرار التزام الدول العربية بخيار السلام، ومع استمرار الانتفاضة الفلسطينية بتزايد القلق عربياً ودولياً من أن يدفع شارون ومجموعة الصقور التي تحيط به بالأمور نحو اجتياح لأراضي السلطة الفلسطينية مهما يكن الثمن، وفي ظل هذه الظروف يواصل الرئيس ياسر عرفات بحثه عمن يستطيع ممارسة أي ضغط على الولايات المتحدة، كي تضغط هي بدورها على إسرائيل لتقبل بمراقبين متعددي الجنسيات لتهدئة الأوضاع. ولم تجد دعوة عرفات إلى عقد قمة عربية طارئة تجاوباً، إذا يوجد الاتفاق -كما يبدو- على أن الوضع لا يتطلب مثل هذه الخطوة، وكانت ثلاثة عشر دولة عربية قد اجتمعت في دمشق لتناقش إحياء المقاطعة لإسرائيل وتغيبت تسع دول عن الاجتماع وبالتالي أفرغت المقاطعة من فاعليتها على أرض الواقع.
الشعب الفلسطيني يدرك أنه يقاتل وحيداً، وبينما يطالب العرب والمسلمون الرئيس الفلسطيني بعدم التفريط في القدس، فإن الدعم العربي لا يوازي حجم التحدي الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي.
11 عاماً والعراق تحت الحصار
جميل عازر: مرت إحدى عشرة سنة منذ الاجتياح العراقي للكويت ويبدو وكأن شيئاً لم يتغير منذ انتهاء ذلك الاحتلال بعد حرب الخليج الثانية، فالعراق لا يزال تحت وطأة عقوبات دولية والعلاقات بين بغداد و واشنطن ومعها لندن علاقات حرب متواصلة وباستثناء تحول نوعي في الموقف الكويتي من استمرار العقوبات فإن الطرفين لا يزالان يتبادلان الاتهامات، أضف إلى ذلك التهديد الأميركي الأخير بتوجيه ضربة عسكرية بذريعة أن العراق تمكن من تطوير صواريخه، ليتصدى بها للطائرات الأميركية، التي تفرض حظراً على الطيران في الأجواء الجنوبية والشمالية العراقية.
تقرير/ سمير خضر: أحد عشر عاماً مرت على ذلك اليوم الثاني من أغسطس/ آب عام 90، كانت القوات العراقية قد استكملت -وبسرعة خاطفة- احتلال معظم الأراضي الكويتية قبل أن تخرج منها بعدما أصبح يُعرف بحرب الخليج الثانية، بعد ذلك التاريخ بسبعة شهور، أحد عشر عاماً استعادت الكويت خلالها استقلالها وسيادتها على أرضها وحريتها في حين يرزح العراق تحت وطأة أشد عقوبات فرضتها الأمم المتحدة على أحد أعضائها. أحد عشر عاماً مرت ولا يزال العراق والكويت يتبادلان الاتهامات حول أسباب ما حدث، ولا يزال الشارع العربي نفسه يعاني مما وقع.
ومنذ مطلع هذا العام عادت إدارة جمهورية جديدة إلى أروقة الحكم في واشنطن، وجاء معها من كانوا قبل أحد عشر عاماً لاعبين أساسيين في حرب الخليج، نائب الرئيس (ديك تشيني) ووزير الخارجية (كولن باول) وبشكل خاص الرئيس الأميركي الجديد (جورج ووكر بوش) ابن الرئيس الذي قاد الحرب ضد العراق، الوضع في المنطقة لم يختلف كثيراً عما كان عليه في نهاية الحرب، فلا يزال العراق يناكف واشنطن وحلفاءها، ولا يزال نظام العقوبات سارياً، لكن المفتشين الدوليين لم يعودوا إلى العراق منذ نحو ثلاث سنوات، وترفض بغداد أي حديث عن عودتهم قبل الرفع الكامل للعقوبات المفروضة عليها، لا بل إن العراق يستمر في تحد الطائرات الأميركية والبريطانية التي تجوب سماءه بحجة مراقبة منطقتي الحظر الجوي في شمالي وجنوبي البلاد، رغم أن هذا الحظر لا يوجد إلا في القاموس الأميركي-البريطاني المشترك، هذا التحدي العراقي يصاحبه حملة إعلامية عراقية تركز على كون هذه الطائرات تنطلق من أراضي عربية، وبالذات من السعودية والكويت. ومؤخراً كاد أحد الصواريخ العراقية أن يصيب إحدى هذه الطائرات، الأمر الذي اعتبرته واشنطن تطوراً خطيراً، فالولايات المتحدة تطالب العراق بالالتزام الكامل بقرارات مجلس الأمن، وبقراراتها هي أيضاً وتعتبر تحدي العراق لطائراتها تحدياً للقرارات الدولية.
ومنذ تنصيب الإدارة الأميركية الحالية قبل سبعة أشهر، بات حديث صالونات السياسة في واشنطن يدور حول رغبة بوش الابن في إكمال ما لم يستطع عليه بوش الأب أي إسقاط النظام العراقي، وانبرت مؤخراً مستشارة الأمن القومي الأميركية (كوندليسا رايس) لتتحدث عن إمكانية توجيه ضربة جديدة للعراق، لكن العديد من المصادر الأميركية تستبعد مثل هذا الخيار لأسباب سياسية إقليمية بحتة، إذ كيف يمكن لواشنطن تفريغ مثل هذه الضربة لحلفائها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تعيث فيه إسرائيل قتلاً وتخريباً في الأراضي الفلسطينية دون وازع أو رادع، بل بمباركة أميركية واضحة، رغم بعض الاعتراضات الخجولة من حين إلى آخر.
فإذا كان مشروع ما سُمي بالعقوبات الذكية قد سقط حتى قبل تبنيه فإن أي هجوم جديد على العراق سيلقى بالتأكيد معارضة من حلفاء واشنطن نفسها، وفي الخليج أولاً وعلى رأسهم الكويت، إذ لا أحد يريد بعد الآن تحمل وزر الكارثة الإنسانية التي تدور رحاها في العراق.
احتفال المغرب بتولي الملك محمد السادس وعامين من الإصلاح
جميل عازر: احتفل المغرب بمرور عامين منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش ومثل هذه المناسبة في أي دولة لا تقتصر على كونها احتفالاً فقط ولكنها فرصة لتقويم الإنجازات واستعراض ما تم تحقيقه وما ينتظر التحقيق، فالملك محمد تولى الحكم في مملكة تواجه مشاكل على أصعدة مختلفة، ولكنه أبدى وعياً بضرورة التغيير تماشياً مع مقتضيات العصر، إلا أن عامين في مجال الإصلاح ليسا بمدة طويلة، قياساً بحجم الأعباء والتحديات، ابتداءً من مكافحة الفقر والبطالة، وحتى تحسين سجل حقوق الإنسان والحريات العامة، والتعامل مع ملف الصحراء.
تقرير/ حسن إبراهيم: احتفل المغرب بمرور عامين على تولي الملك محمد السادس عرش المغرب، الذي رحل عنه والده الحسن الثاني، والمملكة تعاني من آلام كثيرة، ويدرك الملك الشاب أن السبيل الوحيد لحل مشاكل الفقر والأمية والفساد هو الانفتاح في جميع مجالات الحياة، وتأتي جولات الملك الشاب في فرنسا و أسبانيا في سياق محاولاته للتوصل إلى حل مُبتكر بواحدة من أهم المشاكل التي تهدد الأمن الاجتماعي والسياسي المغرب، ألا وهي هجرة الشباب المغربي إلى أوروبا بصورة مكثفة والفكرة التي يحاول الملك تطبيقها بالمشاركة مع دول المهجر الأوروبية التي تعاني كثيراً من الهجرة غير القانونية إليها، الفكرة هي أن تستثمر تلك الدول في الاقتصاد المغربي، وتوفر فرص عمل تشجع الشباب على البقاء في بلادهم، فالملك يعلم أن سوء توزيع الثروة والفجوة الهائلة بين الريف والحضر هما من كبريات مشاكل المغرب، ولن تجد الحكومة المغربية غضاضة في الكشف عن عمق مأساة الريف المغربي، والتي تفاقمت مع الجفاف الذي يضرب البلاد منذ ثلاثة أعوام، هذه الأفكار الجديدة يعززها توجه نحو الانفتاح بصورة غير مسبوقة فقد كانت أولى خطوات الملك الشاب عندما تسلم سدة السلطة التخلص من مستشار والده للشؤون الأمنية وزير الداخلية السابق إدريس البصري والذي ارتبط اسمه بكثير من انتهاكات حقوق الإنسان وأبقى على حكومة رئيس الوزراء عبد الرحمن اليوسفي في محاولة لتحقيق الاستقرار في أول حكومة يرأسها معارض سابق، ورغم أن حكومة اليوسفي لم تكن رحيمة بالصحف التي تغطي ما يعتبره كبار الساسة المغربيين خطوطاً حمراء، فإن مما لا شك فيه أن حرية التعبير في المغرب قد اتسعت مساحتها بصورة كبيرة، ويحاول الملك الجديد محاربة الفساد والبطالة رغم الظروف الحرجة التي تمر بها بلاده.
وتظل قضية الصحراء الغربية والنزاع مع جبهة البوليساريو العبء الأكبر على المغرب حكومة وشعباً، بسبب ما تنطوي عليه من تداعيات عن الاقتصاد وعلاقته المغرب مع الجزائر ومنظمة الوحدة الأفريقية، والملك محمد السادس لم يغير كثيراً في سياسة بلاده تجاه هذه القضية، ويحاول الالتفاف حول مسألة الاستفتاء بشأن مصير الإقليم، وهذه المرة بمباركة دولية، فقد أتى (جيمس بيكر) مبعوث الأمم المتحدة لشؤون الصحراء الغربية باقتراح يقترب من الموقف المغربي، ألا وهو منح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً.
المغرب لا يزال في عنق الزجاجة هذا أمر لا يختلف عليه اثنان هناك بما فيهم الملك الشاب نفسه، إلا أن التغيير قادم لا محالة بسبب رغبته في التغيير، ولعل في عودة المعارض إبراهيم السفاتي إلى الرباط، والإفراج عن أفراد عائلة محمد أوفقير، ثم التسامح الذي أبدته الحكومة المغربية تجاه قضية المهدي بن بركة الذي اغتيل قبل حوالي ثلاثين سنة، وذوبت جثته في الأسيد -كما يدعي رجل الاستخبارات المغربية السابق أحمد البخاري- لعله يكون بداية تضميد جراح لكثير من المغاربة الذين عانوا الأمرين في عهد والده الراحل.
جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نتابع هذه الجولة في الملف الأسبوعي، وفيه أيضاً:
الرئيس الكوري الشمالي في رحلة نادرة بالقطار إلى موسكو لكسر طوق العزلة المفروضة على (بيونج يانج).
العلاقات الأميركية الصينية ومحاولة ترميمها
ربما كانت العاصمة الصينية (بكين) أهم المحطات في الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي (كولن باول) في الشرق الآسيوي وأستراليا فالعلاقات بين الجانبين خرجت عن الخط الذي كان مرسوماً لها منذ قصف السفارة الصينية في بلجراد أثناء حملة الحلف الأطلسي على يوغسلافيا وفي ظل الخلاف بين بكين وواشنطن بشأن الدعم ومبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان، جاءت قضية طائرة التجسس الأميركية التي اصطدمت بطائرة عسكرية صينية واضطرت إلى الهبوط في قاعدة عسكرية بجنوبي الصين، لتزيد من تعكير العلاقات بين الجانبين.
تقرير/ سمير خضر: لا يوجد هناك وصف واضح دقيق ووحيد لطبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين فقد بقيت تراوح بين مد وجزر وفقاً للمصالح المشتركة أو المتضاربة بين البلدين، ووفقاً لإصرار أحد الطرفين على فرض رؤية معينة على الطرف الآخر، لثمانية أعوام هي فترة حكم (بيل كلينتون) اختارت الإدارة الأميركية تحييد الخلاف السياسي والعقائدي لصالح التعاون الاقتصادي، الأمر الذي سمح لمئات الشركات الأميركية بالاستفادة من الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الصين في حقبة التسعينات كان (كلينتون) قد أطلق عبارة الشراكة الاستراتيجية بخصوص علاقات بلاده بأكبر قوة استهلاكية على الأرض.
لكن الإدارة الجمهورية الجديدة جاءت بمفهوم جديد المنافسة الاستراتيجية أي أن بكين لم تعد شريكاً بل منافساً لواشنطن، وبدأت حينها العلاقات بين البلدين بالتدهور ووصلت إلى درجة الأزمة خاصة بعد الاحتكاك الجوي بين طائرة مقاتلة صينية وطائرة تجسس أميركية اضطرت للهبوط في إحدى القواعد في جنوب الصين.
هذه الحادثة لم تكن سوى مؤشراً على الحالة التي وصلت إليها علاقات البلدين إضافة بالطبع إلى كل نقاط الخلاف الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان وتايوان ونظام الدرع الصاروخي، كولن باول وزير الخارجية الأميركي زار الصين مؤخراً ورغم أنه لم يقض هناك سوى 24 ساعة فإن هذه المدة كانت كافية لإقناع الطرفين بالعودة إلى شيء من الواقعية في علاقتهما، فقد ابتعد باول في محادثاته وتصريحاته في بكين عن العبارات الرنانة المعادية للصين والتي ميزت الإدارة الأميركية الجديدة، لكنه لم يتبني موقفاً مغايراً، بل حلاً وسطاً يخفف من حدة التصريحات التي كانت تصدر عن بوش أو نائبه (تشيني) أو حتى وزير الدفاع المتشدد (دونالد رامسفيلد).
وكان هذا أقصى ما استطاع باول تقديمه لزعماء الصين، الذين شعروا مع ذلك بالارتياح للانفراج الذي بدأت تشهده علاقات بلادهم بالولايات المتحدة بانتظار الزيارة المتوقعة للرئيس بوش نفسه إلى بكين، ورغم ذلك فإن الوضع يمكن أن يتغير في أي لحظة، فنقاط الخلاف لا تزال عديدة، وبعضها يمكن أن يؤدي إلى مواجهة شاملة بين البلدين وخاصة مسألة تايوان، مع رغبة بكين في إعادتها إلى الوطن الأم ولو باللجوء إلى القوى العسكرية، وإصرار واشنطن على بيع تايوان أسلحة متطورة قد تقف حائلاً أمام تحقيق حلم بكين.
أما قضية حقوق الإنسان، فإن واشنطن لا تزال تعتبر نفسها رأس الحربة في العالم ولا يمكن للإدارة الجمهورية في واشنطن التنصل من هذه الملف، وربما لهذا السبب تحاول بكين عدم استفزاز واشنطن في هذا المجال، وينبغي -بالطبع- ملف مشروع الدرع الصاروخي الأميركي الذي تتفق فيه بكين كلياً مع موسكو وتعتبر مصدر خطر عليها، وعلى كل ما قد تعتبره واشنطن في يوماً ما عدواً أو حتى منافساً لها.
جميل عازر: وكنت قد تحدثت إلى الدكتور سيد التلب (أمين العلاقات العربية الصينية) المقيم في بكين، وسألته أولاً عما حققته زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى العاصمة الصينية.
د. سيد التلب: على الأقل لازالت بعض الآثار المتعلقة -بمعنى أصح- أحداث الطائرة لأن الصينيين كانوا مطالبين بتعويض و الصينيين كانوا يعني عايزين.. لأميركا تقرر تلك العملية نفتكر في هذا الجانب الإدارة الأميركية طمنت الصينيين على ذلك ووافقت على كل الأمور المتعلقة بمعالجة إشكالية الطائرة، هذا واحد.
اثنين ما فيه شك طبعاً أميركا كانت تسعى لوقوف الصين معها في بعض القضايا في مجلس الأمن، ولكن هذا.. الصينيين موقفهم على الأقل في هذا الجانب مازال يعني مختلف عن رأي الإدارة الأميركية في كثير من شؤون العالم.
جميل عازر: طيب، في اعتقادك ما الذي يؤرق بكين من سياسات واشنطن تجاهها، هل في مجال العلاقات التجارية أم في مجال العلاقات مع تايوان بوجه خاص.
د. سيد التلب: والله هي ثلاث مواضيع تقلق الصين، واحد.. على مقدمتها تايوان، المشكلة التايوانية الصين تريد أن تحلها سلماً، ولا تريد للإدارة الأميركية أن تبيع سلاحاً لتايوان، وفي نفس الوقت أيضاً الموضع الآخر والمهم موضوع WTO لأنه.. لأنه الصين..
جميل عازر [مقاطعاً]: منظمة التجارة العالمية..
د. سيد التلب: منظمة التجارة العالمية لأنه الصين تريد أن تعامل معاملة دول نامية، وأميركا تريد أن تعاملها كدولة متقدمة مثلها مثل الدول الأخرى التي في مجلس الأمن،وهذا هو اختلاف، وفي النهاية أفتكر وصلوا فيه لاتفاق، لعل هذا الاتفاق يتوج بدخول الصين.. إعلان دخول الصين في نوفمبر في الدوحة إذا قام المؤتمر، الشيء التالت واللي أيضاً مقلق العاصمتين هو: قرارات الانفرادية للإدارة الأميركية في مجلس الأمن وبأفتكر إنه هذه الثلاث نقاط التي يعني.. ساخنة جداً إلى العاصمتين.
جميل عازر: طيب بالنسبة لموضوع حقوق الإنسان، وهو موضوع دائماً تشير واشنطن فيه إلى وجود مخالفات ونواقص في بكين، في هذا الموضوع ما تأثير هذه الاحتجاجات الأميركية على الموقف الصيني الرسمي من حقوق الإنسان؟
د. سيد التلب: لا أعتقد أن هذه هي فعلاً قضية كبرى من ضمن القضايا الأخرى، لأن الصين قد تجاوز ذلك -على الأقل- بتحريضهم لأميركا أن تفصل بين حقوق الإنسان والديمقراطية والتجارة، وأنا أفتكر دا أكبر نجاح حققته بكين، أنا افتكر هذا.. حقوق الإنسان الآن أول ما فصلت من التجارة وضح العنصر الاقتصادي التجاري، وهو الملف الأهم بالنسبة لواشنطن والصين.
جميل عازر: طيب ما هي الخطورة التي ينظر بها الصينيون إلى موضوع الدرع الصاروخي الأميركي الذي تصر واشنطن على أنها ماضية في تنفيذه؟
د. سيد التلب: هذا بلا شك الصين تنظر إليه على أنه تدخل في شؤونها، لأن تايوان جزء من.. جزء من المشروع، وبالتالي هذا يقلق الصين كثيراً، لأنه اختراق لجوها، وبالتالي إذا حدث ذلك أيضاً الدفاعيات الصينية قد تكون مهددة أيضاً من ذلك المشروع.
جميل عازر: هل تعتقد الآن أن العلاقات بين بكين وواشنطن مرشحة للتحسن في أعقاب زيارة كولن باول؟
د. سيد التلب: مرشحة لمساومات، نرجو ألا تكون على حساب قضايانا العربية.
رحلة الرئيس الكوري الشمالي إلى موسكو لكسر العزلة
جميل عازر: لم يُعرف عن الرئيس الكوري الشمالي (كيم جونج إل) كثرة أسفاره إلى خارج البلاد، ولهذا فإن رحلته بالقطار إلى موسكو تعتبر حدثاً فريداً، فهي ليست مجرد رد على الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي في الآونة الأخيرة إلى (بيونج يانج) بل كسر لطوق العزلة التي أبقت كوريا الشمالية نفسها فيه، وعملت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان إلى حد كبير على إحكامه حولها، ومن هنا فإن السكة الحديد لم تكن الوسيلة التي استخدمها الرئيس (جونج إل) للوصول إلى قلب موسكو فحسب، بل يمكن أن تكون عنواناً مناسباً يعبر عن مغزى هذه الرحلة.
تقرير/ خالد القضاة: الخوف من السفر بالطائرة اضطر الزعيم الكوري الشمالي لقطع أكثر من 9 آلاف كيلومتر بالقطار، وهي المسافة بين أقصى الحدود الشرقية لروسيا حتى العاصمة موسكو، وهذا الخوف من السفر جواً الذي ورثه (كيم جونج إل) عن أبيه ربما كان أحد الأسباب وراء ندرة قيامه بأية رحلات خارجية منذ توليه السلطة عام94، ولم يجد الزعيم الكوري الشمالي خيراً في مكابدة عشرة أيام من السفر بالسكة الحديد، حتى يصل إلى موسكو عله يجد ما يصبوا إليه عند الحليف القديم الجديد، المحور الرئيسي الذي يجمع محادثات (كيم جونج إل) مع نظيره الروسي (فلاديمير بوتين) سيكون الاقتصاد الكوري الشمالي والأولوية الثانية التي تشغل بال الطرفين هي برنامج الدرع الصاروخي الأميركي، أما الاقتصاد فيخص بالتحديد ربط السكك الحديد الروسية عبر سيبيريا بشبكة السكك الحديد الكورية الشمالية في مشروع من المحتمل أن يربط في نهاية الأمر كوريا بأوروبا.
أولى النتائج المثمرة لزيارة الزعيم الكوري الشمالي إلى موسكو تجسدت في قرار من موسكو، ستدفع بموجبه لكوريا الشمالية ملياري دولار نقداً خلال الأعوام القليلة القادمة للإنفاق على مشروعات تحديث خدمات النقل بالسكة الحديد الكورية الشمالية، وفكرة ربط كوريا بأوروبا حديدياً برزت بادئ الأمر خلال القمة التاريخية التي عُقدت بين الكوريتين منتصف العام الماضي حين اتفق الزعيمان الكوريان على بعث الحياة مجدداً في واسطة النقل هذه التي كانت تربط بين بلديهما قبل الحرب الكورية التي دارت رحاها بين عامي 50 و 53 يُنظر إلى زيارة الزعيم الكوري الشمالي على أنها رد على زيارة الرئيس الروسي إلى (بيونج يانج) الأخيرة، وقد رمى (بوتين) من تلك الزيارة إلى بعث الحياة في العلاقات بين بلاده وكوريا الشمالية، بعد أن خف الدفء فيها منذ عشر سنوات وقيل أيضاً: إن بوتين أراد تبديد مخاوف الشماليين حول علاقة روسيا المتنامية مع كوريا الجنوبية ورغم أن روسيا لم تعد ترعى كوريا الشمالية، كما كان الحال في الماضي وفي الوقت نفسه تقيم علاقات تجارية قوية مع كوريا الجنوبية فإنها تأمل في استثمار علاقاتها القديمة مع بيونج يانج للتخفيف من حدة التوترات في شبه الجزيرة الكورية، كما تحاول إخراج الشطر الشمالي من عزلته التي بدأت تظهر آثارها في المجاعة التي ألمت بالكوريين الشماليين منذ بداية التسعينات وبالتالي لم يكن مقدراً أن تركز المحادثات بين الطرفين على التسلح الكوري والبرنامج الصاروخي والمسائل النووية، رغم أنها تعتبر مسائل حاضرة على الدوام تقريباً في أي محادثات تكون (بيونج يانج) طرفاً فيها.
جميل عازر: وبهذا نأتي إلى ختام هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) ونذكر حضرات المشاهدين أن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية الإنترنت، وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر.
فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا جميل عازر يستودعكم الله، فإلى اللقاء.