شارون ومستقبل السلام ونهاية خلاف قطر والبحرين
مقدم الحلقة | جميل عازر |
تاريخ الحلقة | 18/03/2001 |
![]() |
![]() |
جميل عازر:
مشاهدينا الكرام، نرحب بكم إلى هذا العدد الجديد من (الملف الأسبوعي) وفيه:
إسرائيل شارون تخبط وراء واجهة الائتلاف، والحصار يثير انتقادات عالمية، والانتفاضة مستمرة.
قطر والبحرين خلاف حدودي يجد حلاً في (لاهاي)، والطرفات يقبلان ويتطلعان إلى المستقبل.
وكوفي عنان في جنوبي آسيا بين هموم الهند وباكستان، ومعاناة الأفغانيين، وتعنت حركة طالبان.
لم تكن العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين في أولويات حسابات (آرييل شارون) عندما تسلم زمام الحكم في إسرائيل، إلا بالشكل الذي يريده هو، ولكن سياسته في تشديد الحصار على المناطق الفلسطينية لتركيع الفلسطينيين واجهت معارضة وانتقادات في إسرائيل وخارجها، إلى حد جعل شارون يعيد النظر في الحسابات، ومبادرته لتخفيف الحصار ولو شكلياً ما هي إلا محاولة منه لامتصاص بعض الغضب الذي أثاره، ولكن الخطر يمكن في أن يتمكن شارون من تحويل هذا الموقف إلى دليل على أن الجنرال السابق رجل سياسي يتمتع بقدر كبير من المرونة.
تقرير/ سمير خضر:
يبدو أن شارون بدأ يعي حقيقة أن سياسية القبضة الحديدية التي طالما تغنى بها إبان حملته الانتخابية لن تلقى دعماً أو تأييداً من أحد، ولا حتى من أقرب حلفائه في الولايات المتحدة، فمنذ اليوم الأول لتسلمه السلطة أشرف شارون على تنفيذ خطة أطلق عليها اسم "خطة المائة يوم" وهكذا انتشرت الدبابات بشكل لم يسبق له مثيل، وأغلقت الطرق والمنافذ، وتحولت المناطق الفلسطينية إلى سجن كبير، لا يختلف كثيراً عن السجون التي شيدتها إسرائيل لاحتضان كل من يعارض سياسة الاحتلال، هذه السياسة أثارت ردود أفعال حادة فلسطينياً وعربياً ودولياً، اضطرت معها الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى الإعلان عن تخفيف الحصار ولو شكلياً على الأقل، إذ إن شارون سيصل بعد أيام إلى (واشنطن)، ولكنه لا يريد أن يستقبله حلفاؤه استقبال الجنرالات الذين لم يعودوا يثيرون الإعجاب، بل استقبال رجل الدولة الذي يعرف كيف يظهر مرونة عندما يقتضي الأمر ورغم ذلك لم تتغير لغة شارون، إذا أعلن أنه سيحمل معه إلى واشنطن رسالة تتلخص في إقناع البيت الأبيض بأن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ليس سوى زعيم جماعة إرهابية، وبالتالي ينبغي وقف التعامل معه، وهذا لا يعني في واشنطن إلا أمراً واحداً: نهاية عملية السلام، وفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار التي تضر بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة، لذا سارعت واشنطن إلى إفهام شارون أن لا خيار أمامه سوى التعامل مع القيادة الفلسطينية الحالية، فعرفات كان وسيبقى الشريك الوحيد الذي يتعين على شارون التعامل معه شاء ذلك أم أبى.
ولكن رغم محاولة البعض تجميل المواقف المتصلبة لشارون فقد أصبح من الواضح أن شخصية رئيس الحكومة بدأت تطغى منذ اليوم الأول على السياسة الرسمية لإسرائيل، فوزير الدفاع العمالي (بنيامين بن أليعازر) الذي كان يصنف ضمن الحمائم تحول بين !ليلة وضحاها إلى صقر يحاول منافسة صقور اليمين، على الأقل في طريقة انتقائه لكلماته وتعابيره، أما وزير الخارجية (شمعون بيريز) والذي برر انضمامه إلى حكومة اليمين بضرورة محاولة إحياء زخم العملية السلمية، فقد تبنى هو الآخر موقف شارون الداعي إلى وقف العنف قبل استئناف المفاوضات، ومع تأني الإدارة الأميركية الجديدة في إعادة تقييم ملف العملية السلمية دخل الأوروبيون على الخط بمباركة من واشنطن، لكن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين يعون تماماً محدودية أي مبادرة أوروبية في ظل توافق الطرفين على وضع كل الأوراق بيد العراب الأميركي.
جميل عازر:
أنهت محكمة العدل الدولية خلافاً دام أكثر من ستين عاماً بين دولتي قطر والبحرين حول مناطق حدودية، كما قررت خط الحدود البحرية بينهما، والمحكمة هي الذراع القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، ومن صلاحياتها البت في النزاعات بين الدول فقط، وإذ كان في قبول كل من قطر والبحرين بالقرار كحل للخلاف ما يعبر عن رغبة لدى الدولتين في التعامل مع المستقبل، فإنه يؤكد أيضاً على أهمية مرجعية المحكمة في قضايا القانون الدولي، لأن قراراتها قطعية وملزمة، خاصة في ظل غياب آليات إقليمية لفض الخلافات.
تقرير/ حسن إبراهيم:
يعتبر النزاع الحدودي بين قطر البحرين أطول نزاع في تاريخ محكمة العدل الدولية، وقد لجأ الطرفان إلى المحكمة في لاهاي بعد فشل الوساطة السعودية وفي ظل غياب آليات لفض النزاعات، سواء عل المستوى الإقليمي أو الدولي، والقضية برمتها من مخلفات العهد الاستعماري، حيث أن بريطانيا كانت القوة المسيطرة في الخليج منذ عام 1820م وحتى خروجها عام 1971م، وقد ارتبطت مع البحرين بمعاهدة حماية يعود تاريخها إلى عام 1861م، وكذلك مع قطر منذ 1916م وبسبب الحصول على امتيازات التنقيب عن النفط منحت بريطانيا جزيرة (حوار) إلى البحرين عام 39، وذلك بتوصية من السيد (هولمز) مدير شركة النفط الوطنية (باكو)، وفي عام 47 منحت بريطانيا (فشت الديبل) وقطعة (جرادا) إلى البحرين، ولعب النفط أيضاً عاملاً أساسياً في قرار بريطانيا، التي كانت في حاجة ماسة إلى نفط الخليج بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
من الملاحظ أن طرفي الخلاف قطر والبحرين اعتمدا على المنطق التاريخي، فالبحرين بررت مطالبتها بجزء من حقل الشمال القطري بأنه يقع في مناطق صيد اللؤلؤ في الماضي، وقالت البحرين إن تلك المناطق بحرينية تاريخياً، ولكن المحكمة قالت إن صيد اللؤلؤ لم يكن حكراً للبحرانيين.
و(الزبارة) على سبيل المثال أيضاً كانت بالفعل مقر آل خليفة بعد خروجهم من الكويت في عام 1760م، إلا أنهم خرجوا منها واحتلوا البحرين التي كانت ولاية فارسية (رخية) عام 1780م، ولم تقبل المحكمة بادعاء البحرين بأن قبيلة (نعيم) التي سكنت الزبارة كانت تدين بالولاء تاريخياً لآل خليفة.
أما جزيرة "حوار" فقد أبقت المجكمة على السيادة البحرينية عليها لسببين، أولهما: أن حاكم قطر لم يعترض في عام 39 على منح بريطانيا الجزيرة إلى البحرين، وثانيهما: أن البحرين مارست السيادة على الجزيرة ردحاً من الزمن قبل أن تبدأ دولة قطر في المطالبة بها.
إلا أن من أهم المواضيع الشائكة التي فصلت فيها المحكمة موضوع فشت الديبل الذي كاد أن يشتعل حرباً حقيقة بين قطر والبحرين عام 86، عندما قررت البحرين تحويل الفشت إلى جزيرة اصطناعية، وبناء موقع لحرس الحدود فيه، وقامت قطر بإنزال بحري لبعض قواتها في الفشت، أيضاً ولولا تدخل القوى الإقليمية لتطورت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
والفشوت هي بقايا حيوانات مرجانية تظل مغمورة، وبناءً على هذا المنطق لم تعتبرها المحكمة جزراً وفصلت المحكمة لصالح قطر في قضية الفشت، لأهميته في تحديد خطوط الارتكاز التي تحد الحدود البحرية الشمالية لقطر والبحرين وإيران. وأهم من هذا تحدد أبعاد حقل الشمال القطري، وهو أكبر حقل واحد للغاز في العالم.
جزيرة حوار التي تقع على بعد ميل بحري واحد فقط من مكان وقوفي ضمتها بريطانيا إلى أراضي البحرين عام 39 لأسباب كثيرة، لعل من أهمها كان توزيع الثروة النفطية المكتشفة حديثاً آنذاك، ثم ضمت بريطانيا إلى البحرين أيضاً فشت الديبل وجرادا، وخرجت بريطانيا عام 71، وبقي النزاع بين البلدين الخليجيين، ويتوقع أن يحسم الحكم الذي صدر في لاهاي الجانب القانوني من هذا النزاع، أما التسوية السياسية فهذا أمر يتوقف على قيادتي قطر والبحرين.
حسن إبراهيم -(الجزيرة)- لبرنامج (الملف الأسبوعي) من الساحل القطري أمام جزيرة حوار.
جميل عازر:
ستواصل روسيا وإيران التعاون في مجالات مختلفة بما في ذلك مجال الاستعمالات السلمية للطاقة النووية، أو هذا ما ورد في البيان المشترك الذي صدر في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني لموسكو، وما من شك في أن الرئيس محمد خاتمي كان في نظر الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) رجلاً يمكن أن يكون حليفاً رغم الاعتراضات الأميركية، فروسيا في وضعها الحالي تبحث عن بعد استراتيجي تستطيع من خلاله التأثير على التطورات في منطقة تتزايد أهمية، ليس في مجال الطاقة فحسب بل وفي إطار النفوذ الدولي والتوازنات بين القوى الكبرى في العالم.
تقرير/ أكرم خزام:
أهمية زيارة خاتمي إلى موسكو لا تكمن في أنه الأول من بين الرؤساء الإيرانيين الذي يزور العاصمة الروسية منذ أربعين عاماً، ولا تكمن أيضاً في إعلان موسكو عن استئناف التعاون العسكري بين روسيا وإيران، أهميتها تنبع من شكل جوهر العلاقة بين موسكو وواشنطن مستقبلاً.
الإدارة الأميركية السابقة استطاعت لظروف عدة شل تحرك روسيا يلتسين في العلاقات مع الصين والهند وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وليبيا والعراق في التسعينات من القرن الماضي، إلا أنها فوجئت بمشروع خلفه بوتين الرامي إلى استعادة هيبة الدولة الكبرى، عبر توثيق العلاقة من جديد مع الدول المذكورة ومنها إيران تحديداً.
بنيته التوقيع على التعاون في مجالي الطاقة النووية والتعاون العسكري التقني، يسعى بوتين ليس إلى على الحصول سبعة مليارات دولار من إيران فحسب، وإنما إلى طمس الصورة التي ارتسمت عن روسيا في عهد يلتسين، والمتمثلة بضرورة إعلام واشنطن عن أي شاردة وواردة في تحركات روسيا الخارجية.
وفي حال ترجمة ما تم تداوله بين بوتين وخاتمي إلى أفعال سيواجه الرئيس الروسي إصراراً أميركياً على انسحاب واشنطن من معاهدة الدفاع المضادة للصواريخ الموقعة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة عام 72، وعناداً في توسع الناتو شرقاً، ناهيك بإلايعاز إلى صندوق النقد الدولي ونادي باريس بغية فرض شروط قاسية لاسترجاع الديون الروسية البالغة 190.50 مليار دولار.
فهل سيرضخ بوتين للضغوط الأميركية، ويقبل بدور المستمع إلى نصائح واشنطن؟ أم أنه سيضرب عرض الحائط بالتركة التي ورثها عن يلتسين في مجال السياسة الخارجية؟
الإجابة عن هذا السؤال ستحدد مستقبل العلاقة بين موسكو وطهران، ومستقبل الصفقات بينهما في مجالات الطاقة النووية والتعاون العسكري التي لا تزال أحرفها مصفوفة على الورق، علماً أن الصراع على أوجه داخل القيادة الروسية حيال هذا الأمر، وحيال العلاقات مع الدول غير المرغوب بها من قبل واشنطن، بين تيار يدعو إلى استعادة هيبة الدولة الكبرى، وآخر يصر على العلاقة مع الولايات المتحدة بحجة أن إيران تساعد المنظمات الإرهابية حسب وجهة نظر هذا التيار. الكرملين بوتين يقف أمام خيار صعب في العلاقة مع إيران، وهو بانتظار القمة الروسية -الأميركية، التي ستكون في غاية الصعوبة من حيث إمكانية التوصل إلى حلول وسط في مثلث العلاقة بين موسكو وطهران وواشنطن.
أكرم خزام -(الجزيرة)- برنامج (الملف الأسبوعي) موسكو.
جميل عازر:
ومن قناة (الجزيرة) في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) وفيه أيضاً: الرئيس الأميركي والانحباس الحراري اعتبارات سياسية واقتصادية محلية على حساب الاعتبارات الدولية.
يبدو شبه القارة الهندية وكأنه أكثر مناطق العالم معاناة من مشاكل متنوعة ابتداءً من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وحتى الحروب والنزاعات والمجاعات، أو هذه هي تشكيلة المتاعب التي كانت تنتظر كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة في باكستان والهند وبنجلاديش وسيريلانكا. وإذا حث إسلام أباد ودلهي على حل خلافاتهما بشأن كشمير، وعرض قيامه بوساطة في هذا الصدد، أعلنت باكستان عن ما يعتبر تحولاً مهماً في شأن سياستها النووية، الأمر الذي يثير استغراباً لأنه يجيئ في ظل حكم عسكري، ولكن يبدو أن الوضع الاقتصادي والعلاقات مع المجتمع الدولي ومؤسساته المالية، والروابط مع حركة طالبان الأفغانية أصبحت عناصر ضغط على باكستان.
تقرير/ سمير خضر:
"المهمة المستحيلة" هكذا وصفت الصحافة الآسيوية الجولة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة في جنوبي آسيا، ويكفي أن يتفحص المرء جدول أعماله كوفي عنان ليكتشف جسامة ما حاول الحصول عليه: الضغط على حركة طالبان باتجاهين: وقف هدم الآثار التاريخية، والامتثال لإرادة المجتمع الدولي لفك العزلة عن أفغانستان.
الضغط على باكستان لحملها على وقف برنامجها النووي والانضمام إلى معاهدة حظر التجارب النووية، والضغط على الهند لحملها على تغيير موقفها بشأن إيجاد حلٍ سلمي لقضية كشمير. مجموعة من الضغوط إذن، ولكن ماذا كان بجعبة عنان لتفعيل هذه الضغوط وجعلها تؤتي ثمارها؟ لا شيء بالطبع، فهو كان يعرف مسبقاً أن السلاح الوحيد الذي في جعبته هو شخصيته الجذابة وسمعته الطيبة، لذا لم يتلق سوى وعود براقة تنقصها الإرادة السياسية لوضع هذه الوعود موضع التنفيذ.
فعلى الصعيد الأفغاني لم يجد عنان آذاناً صاغية فيما يتعلق بقرار طالبان تدمير تمثالي بوذا في منطقة (باميان) وحين كان الأمين العام يتحدث عن الإرث الإنساني والحضاري للبشرية كان وزير خارجية طالبان يحدثه عن جوهر العقيدة الإسلامية، بمعنى آخر لم يكن هناك أدنى تواصل بين الرجلين، بل مجرد هوة عميقة تضرب جذورها في التاريخ وفي اختلاف العقلية وأنماط التفكير، لكن هذه الهوة لم تكن أعمق من تلك التي تفصل بين باكستان والهند ففي إسلام أباد التقى عنان بقادة باكستان وببعض زعماء الفصائل الكشميرية في محاولة لحل الخلاف المزمن مع الهند حول إقليم كشمير لكن النقاش لم يتعدى ما يسمى "بحوار الطرشان" أما على الصعيد النووي فقد حاول عنان إقناع القيادة الباكستانية بالتوقيع على معاهدة حظر التجارب النووية من أجل فك عزلة البلاد التي تعاني تحت وطأة العقوبات التي فرضت عليها وعلى الهند عقب التجارب النووية عام 98، صحيح أن عنان لم يتلق أي وعد بهذا الشأن لكن جملة من التطورات بدأت تشير إلى نوع من الليونة من طرف إسلام أباد، فقد أصدر الجنرال (برويز مشرف) قراراً بإقصاء عبد القدير خان وإشفاق أحمد عن مسؤولياتهما في البرنامج النووي الباكستاني، وتعيينهما مستشارين له برتبة وزير، أما الهند فقد جاءها عنان خالي الوفاض سواء على صعيد الآثار البوذية في أفغانستان أو الأزمة الكشميرية أو الملف النووي، رغم أن دلهي لم تشر يوماً إلى استعدادها بتقديم تنازلات بشأنها.
جميل عازر:
ولإلقاء بعض الضوء على جولة عنان والملف الباكستاني النووي كنت قد تحدثت إلى الدكتور جاسم تقي (المحلل السياسي في إسلام أباد) وسألته أولاً عن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالجنرال برويز مشرف إلى خطوة نحو تخلي باكستان عن برنامجها النووي؟
د. جاسم تقي:
الموقف الرسمي للجنرال برويز مشرف هو أنه قال: أنه لا مساومة على البرنامج النووي، و أدلى بتصريح قال أن من يساوم على البرنامج النووي فهو خائن، ولذلك فإنه تراجع عن موقفه بعد أن انتقدته الصحافة الباكستانية بشدة نتيجة لعزله اثنين من كبار العلماء وهو الدكتور عبد القدير خان والدكتور إشفاق أحمد، ولكن الانطباع العام بين الأوساط الدبلوماسية والسياسية في الباكستان هو أن الخطوة اتخذت لأن الباكستان في نيتها أن توقع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وفي هذا الخصوص..
جميل عازر [مقاطعاً]:
طيب.. هل.. هل هذا.. هل هذا هو نتيجة لضغط دولي أم نتيجة لعوامل واعتبارات داخلية محضة؟
د. جاسم تقي:
لا.. الحقيقة هذا نتيجة لضغط دولي، فكما تعلم أن وزير الخارجية الباكستاني السيد عبد الستار عزيز صرح عندما كان في اليابان بأن الباكستان غيرت سياستها حول موضوع التوقيع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، ولم تعد تقرن هذه السياسة بالهند وإنها ستوقع على اتفاقية حظر التجارب النووية قبل أن توقع الهند عليها.
جميل عازر:
طيب.. ما هو السبب الرئيسي أو المنطقي وراء مثل هذا التفسير؟
د. جاسم تقي:
طبعاً الضغوط الأميركية بالدرجة الأولى، فالولايات المتحدة الأميركية اشترطت عدة شروط على الباكستان لإنقاذها من حالة الإفلاس الاقتصادي الكامل، وكما تعرف أن ديون باكستان زادت إلى 37 مليار دولار وخدمة هذه الديون السنوية تصل إلى 5.5 مليار دولار، بينما احتياطي باكستان من العملة الصعبة الكلي لا يزيد على 1.5 مليار دولار أميركي.
جميل عازر [مقاطعاً]:
طيب بالنسبة للنزاع الحدودي مع الهند، هل نتوقع نتيجة لهذا الإجراء تغييراً في تلك الجبهة؟
د. جاسم تقي:
نعم، هذا أيضاً من الأمور الواردة في السياسة الأميركية، فمن ضمن الشروط هو عملية تطبيع العلاقات السياسية بين الهند والباكستان، واستجابة الهند، طبعاً بدأت الهند بذلك بوقف إطلاق النار في رمضان الماضي ثم مددته تباعاً وآخر مرة مددته لمدة ثلاثة أشهر، ويوجد حوار مستمر بين الهند والباكستان عن طريق ما يسمى بسياسة الأبواب الخلفية، ويحرص الطرفان على أن يكون هذا الحوار سرياً وغير خاضع للنقاش في الصحافة و أجهزة الإعلام الباكستانية والهندية.
جميل عازر:
طيب، دكتور جاسم يعني ما هي التداعيات التي تتوقعها لهذه السياسة على الصعيد الداخلي الباكستاني؟
د. جاسم تقي:
على الصعيد الداخلي يوجد هناك نوع من المعارضة الشديدة، لاسيما من قبل المجموعات الجهادية والأحزاب الإسلامية والأحزاب الأصولية، والتي هي طبعاً لاعب أساسي ولها أيضاً اتباع كثيرون في المؤسسة العسكرية نفسها.
جميل عازر:
إذن هل تعتقد أن الوضع الداخلي في باكستان مرشح لمزيد من الاضطرابات؟
د. جاسم تقي:
نعم هذا هو الأمر المتوقع لاسيما وأن مجموعة أحزاب المعارضة برئاسة حزب الشعب الباكستاني، وحزب الرابطة الإسلامية قرروا جميعاً القيام بحركة (شارع) للإطاحة بالحكومة العسكرية اعتباراً من 23 مارس وهو العيد الوطني الباكستاني.
جميل عازر:
تتقلص الشكوك حول دور الإنسان في ظاهرة انحباس الحرارة في جو الأرض مع استمرار ظهور أدلة علمية كان آخرها من الفضاء على أن الكميات الهائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث نتيجة للنشاط الصناعي على اختلافه هي المتسببة في الاضطرابات المناخية التي تجتاح مناطق مختلفة من العالم وإذا كان المجتمع الدولي يأمل في اتخاذ تدابير لمعالجة الموقف وما ينطوي عليه من مضاعفات خطيرة لمستقبل الحياة على الأرض فإن إعلان الرئيس الأميركي (جورج بوش) عن عدم التزامه بمقررات (كيوتو) سيحبط ذلك الأمل، فالولايات المتحدة تظل أكبر مصدر في العالم لتوليد الغازات المسؤولة عن الانحباس وبالتالي عن ارتفاع حرارة جو الأرض.
تقرير/ خالد القضاة:
رغم أن العقد الماضي كان الأكثر حرارة منذ ألف سنة، ورغم أن التغيرات المناخية في العالم تنسب إلى الغازات المنبعثة من المنشآت الصناعية فإن الرئيس الأميركي يرى بأنه ليس على حكومته أن تعمل على إلزام المصانع بتخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلق من تراجع الرئيس الأميركي عن تعهداته واتهم الولايات المتحدة بمحاولة تقويض اتفاق مؤتمر (كيوتو) غير أن المفاوضات الخاصة بالتغيرات المناخية انهارت في الأصل بين الطرفين في مؤتمر المناخ الذي عقد في لاهاي قبل أربعة أشهر، وقد تركز الخلاف حينها على التفسير فواشنطن تتمسك بضرورة أن تكون نسبة التلوث المقررة في اتفاق (كيوتو) متناسبة مع مساحة الغابات والمزارع التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، بينما يرى بعض دول الاتحاد ذلك تحايلاً من واشنطن لأن الغابات حالياً تمتص هذا الغاز بطاقتها القصوى.
اتفاقية (كيوتو) الدولية التي تم التوقيع عليها عام 97 تلزم الدول الصناعية الـ 38 الموقعة عليها بالعمل الجماعي على تقليص كميات الغازات المنفوثة المسببة لانحباس الحرارة بنسبة 5% عما كان عليه خلال التسعينات، أم علماء البيئة والطبيعة فيقولون إن كميات غاز ثاني أكسيد الكربون قد تزيد من حدة اندثار الغابات وارتفاع مستويات مياه البحار، إضافة إلى تراجع المحاصيل الزراعية وحدوث تقلبات مناخية أشد في مختلف أنحاء المعمورة، ويؤكدون أيضاً أن ارتفاع درجة الحرارة سيقود إلى مجاعة في القرن القادم سيعاني منها الملايين، وسيكون لانحباس الحرارة –كما تشير الدراسات- مخاطر مباشرة في كافة أنحاء العالم: ففي قارة آسيا سيتدهور الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ، وستعاني قارة أستراليا من نقص شديد في المياه، بينما ستعاني أوروبا من فيضانات غامرة، وتجتاح السواحل الشرقية للولايات المتحدة عواصف هوجاء بينما يحدث تآكل في البر، أما أفريقيا فالخطر الذي يواجهها هو انتشار التصحر في كل أرجاء القارة.
أنصار البيئة يتهمون (بوش) صراحة بأنه لا يمثل إلا مصالح الشركات البترولية الكبرى، بينما يبرر بوش تخليه عن تعهداته السابقة في هذا الخصوص بأن خللاً سيحدث في سوق الطاقة وأسعار المحروقات بسبب الإقبال على الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء على حساب الفحم الذي كان يستخدم على نطاق واسع في الماضي.
جميل عازر:
وبهذا نأتي إلى نهاية هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) ونشير إلى أنه بإمكانكم الوصول إلى مضمون كل حلقة من حلقات هذا البرنامج بالصوت والصورة والنص عبر موقع (الجزيرة نت) في الشبكة المعلوماتية الإنترنت. على أننا سنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر، فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.