
الوجود الأجنبي في أفغانستان وموضوعات أخرى
مقدم الحلقة | توفيق طه |
ضيوف الحلقة | – مطيع الله تائب، كاتب وصحفي أفغاني |
تاريخ الحلقة | 16/11/2001 |
– الوجود الأجنبي في أفغانستان وتخوف التحالف الشمالي
– التباين والتوافق بين طالبان والقاعدة
– حادث طائرة كوينز بين القضاء والقدر والإرهاب
– الحرب والفقر والتجارة، وماذا أولاً: السلام أم العدالة؟ وهل ينفصلان؟
توفيق طه: أهلاً بكم إلى هذه الجولة في (الملف الأسبوعي)، ومعنا هذا الأسبوع: سقوط حكومة طالبان وبداية تورط كثير من القوى العالمية في الفخ الأفغاني ومحور روسي أميركي شديد الخطورة.
والملا محمد عمر يصر على المقاومة ويتمسك بأسامة بن لادن، لكن نقاط التباين بين طالبان والقاعدة أكثر من نقاط الالتقاء.
وحادث الطائرة التي تحطمت فرق حي كوينز بنيويورك ما بين القضاء القدر والإرهاب.
الوجود الأجنبي في أفغانستان وتخوف التحالف الشمالي
رغم عبارات التأييد التي عبر بها الرئيس الروس (فلاديمير بوتين) عن دعمه للولايات المتحدة إلا أنه –بلا شك- يرفض وجود قوات أميركية في دول آسيا الصغرى، فالوجود العسكرية والأميركي في دول آسيا الصغرى أتى بسبب الحملة الأميركية على أفغانستان، لكن يبدو أن صناع القرار في موسكو يخشون أن تكون للولايات المتحدة أطماع إقليمية تتعدى الأهداف المعلنة للحملة،ويخشى بعض المراقبين أن يطول التورط الأميركي في أفغانستان وبمباركة روسية أيضاً.
تقرير/سمير خضر: اكتسحت جحافل قوات تحالف الشمال معظم المدن الأفغانية، ودخلت العاصمة كابول وسيطرت عليها، وانحسر المد الطلباني جنوب ليقتصر على قندهار التي يبدو أنها بدورها تخلو إلى من أنصار الملا عمر الذين بدأوا بالصعود إلى آخر مأوى لهم على الأرض الأفغانية الجبال لكن الحرب الأفغانية لم تنتهي بعد، لا بل إن بعض المحللين يقولون أنها بدأت للتو، فالهدف المعلن للولايات المتحدة وحلفائها كان القضاء على معاقل من تصفهم واشنطن بالإرهابيين ومن يأويهم، فهل تم ذلك؟ بالطبع لا، فأسامة بن لادن لا يزال طليقاً، وحركة طالبان التي آوته لا تزال موجودة على الساحة الأفغانية وإن كانت لم تعد الحاكمة المطلقة البلاد، واستولى تحالف الشمال على العاصمة ولا يبدو أنه راغب في تقاسم السلطة، الأمر الذي أثار حفيظة وغضب الأمم المتحدة وممثلها لأفغانستان الأخضر الإبراهيمي الذي اتهم صراحة تحالف المشال بعرقلة الجهود الرامية إلى عقد مؤتمر للمصالحة بين كافة الأطراف الأفغانية، إذ قلما عرف التاريخ الأفغاني حزباً أو تنظيماً يسيطر على مقاليد السلطة ويرغب في تقاسمها مع غيره، والخوف كل الخوف هو أن تندلع حرب أهلية جديدة في البلاد ليس بين طالبان وتحالف الشمال، بل بين صفوف تحالف الشمال نفسه، فهذه القوات لم يكن يجمعها سوى كرهها لطالبان ورغبتها بالتخلص منهم، أما وقد تم لهم ذلك فهم يعودون إلى ما كانوا عليه طوائف وشيعاً وقبائل متناحرة موزعة بين الطاجيك والأوزبك والهزارا وغيرها من الأقليات، ولكن عاملاً جديداً قد يدفع بكل هذه الفئات إلى التماسك مجدداً، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا غيرها من الدول الغربية أعلنت أنها سترسل قواتها لتتمركز على الأرض الأفغانية، وقد بدأ ذلك بمستشارين أميركيين وبريطانيين وتطور الآن ليشمل قوات خاصة أميركية وبريطانية بدأت طلائعها بالوصول إلى قاعدة (باجرام) غرب العاصمة، موسكو تنظر بعين القلق إلى هذا التطور الجديد على مقربة من حدودها، وما التوافق الأميركي الروسي الظاهر حول المسألة الأفغانية سوى خدعة يحاول كل منهما من خلالها سحب البساط من تحت أقدام الآخر،وما يبدو بأنه دعم من قبل الرئيس (بوتين)للعملية الأميركية ليس في نظر البعض سوى محاولة روسية لتوريط واشنطن في حرب تستنفذ مواردها الاقتصادية والعسكرية، فلعبة النفوذ في آسيا لم تنتهي بعد بين البلدين، ورغم أن البعض تصور أن تحالف الشمال سينظر إلى الوجود العسكرية الأميركي البريطاني على أنه دعم عسكري استراتيجي فإن الأمر مختلف تماماً، فغالبية قادة تحالف الشمال هم من المجاهدين الذين خاضوا حرباً مريرة ضد المحتل السوفيتي في الثمانينات، ذلك الاحتلال الذي بدأ بمستشارين ثم بأعداد محدودة من الضباط قبل أن يتطور لاحقاً، وهؤلاء القادة لا يريدون لهذا السيناريو أن يتكرر، وهم يعرفون تماماً حساسية الشعب الأفغاني بكافة فئاته وأعراقه وطوائفه تجاه الوجود الأجنبي، ولهذا فإنهم لا يبدون حماساً كبيراً تجاه خطط واشنطن ولندن لإرسال قوات برية بأعداد كبيرة تحت حجة الاستمرار في ملاحقة زعماء طالبان وأفراد تنظيم القاعدة، وهم يعتبرون أنفسهم مؤهلين للقيام بهذه المهمة لوحدهم دون الحاجة إلى من يعطيهم دروساً ومواعظ سئموا منها منذ أكثر من 20 عاماً.
التباين والتوافق بين طالبان والقاعدة
توفيق طه: رغم الهزائم المتتالية التي منيت بها حركة طالبان وإخلائها لمعظم المدن الرئيسة التي كانت تسيطر على عليها إلا أن زعيم الحركة الملا محمد عمر يصر على أنها انتكاسة ليس إلا، وأن قوات الحركة سرعان ما ستستعيد سيطرتها على المدن التي خسرتها، وكرر الملا عمر تمسكه بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ورغم كل ما يظهر على السطح من تطابق في الرؤى بين الرجلين إلا أن هناك فوارق جوهرية بين القاعدة وحركة طالبان، يحاول التقرير التالي توضحيها.
تقرير/ حسن إبراهيم: أذهل انسحاب طالبان السريع جميع المراقبين، فقد خسروا العاصمة كابول بدون قتال يذكر وهربوا منها تحت جنح الظلام، ثم استولت ميليشيات محلية في جلال آباد على المدينة بدون قتال، وبالتالي تفادت هذه المدينة البشتونية دخول قوات الطاجيك إليها، ومازالت قوات التحالف الشمالي تحاصر قوات طالبان في مدينة (قندوز) التي تعتبر آخر المعاقل المهمة لحركة طالبان في شمالي أفغانستان، وتحاصر قوات التحالف المدينة التي يتحصن داخلها ما يقدر بـ 20 إلى 30 ألفاً من قوات طالبان معظمهم من أصول شيشانية وباكستانية وعربية على حد زعم مصادر قوات التحالف، لكن ماذا عن طالبان؟ يبدو أن زعيم الحركة الملا محمد عمر قد يختار اللجوء إلى جبال أفغانستان الوعرة كما كانت الحركة قد انطلقت من مغاراتها قبل حوالي 5 أعوام، ورغم أن الملا عمر اعتبر أن خسارة حركته من قبيل الكر والفر المعتادين في الساحة الأفغانية فمن الواضح أن الحركة قد فقدت الكثير من الهيبة التي كانت تتمتع بها في الماضي، وهذه الهيبة كانت تجعل رجال القبائل شديدي المراس يستسلمون لقوات طالبان بدون قتال، فقد كانوا يومها المخلصين من الحرب الأهلية الطاحنة بين فصائل المجاهدين، لكن بعد مرور خمسة أعوام يبدو أن الجميع قد ضاقوا ذرعاً بالسياسات المتشددة لحركة طالبان، ولعل ما يغضب كثيراً من البشتونيين تمسك زعيم الحركة الملا عمر بتنظيم القاعدة وزعيمه المثير للجدل أسامة بن لادن، فالتقاطع بين فكر طالبان وأسامة بن لادن واهن للغاية، فطالبان حركة قبلية دينية أمسكت بزمام السلطة ولم تعرف ماذا تفعل بها على ما يبدو، ولعل تسارع الرجال إلى حلق اللحى التي كانت تفرضها عليها الحركة وعودة النساء إلى حركة المجتمع يوضحان أن الحركة فشلت في إقناع الأفغان بأطروحاتها، أما تنظيم القاعدة فهو مشروع سياسي إسلامي عسكري مكونن، يطمح في تحريك تغيير على مستوى العالم الإسلامي ويستخدم في سبيل الوصول إلى غايته الجهاد كخيار أول، وليس بناء مؤسسات مجتمع مدني من أولوياته، لكن حاجة بن لادن إلى ملاذٍ آمن، وحاجة الملا عمر إلى الدعم المادي من قائد تنظيم القاعدة أديا إلى تلك الشراكة التي يبدو أنه مستمرة وثابتة، قد تستمر مقاومة طالبان أو قد تنكفئ للجبال لخوض حرب عصابات كما توعد الملا عمر، لكن التحدي هو تحقيق السلام في بلد طالت نكبته.
توفيق طه: ولتوضيح إحدى إحداثيات المشهد الأفغاني بعد السقوط المدوي لحركة طالبان وتزايد التورط الأميركي في الأزمة الأفغانية استضفت في الاستديو الصحفي الأفغاني مطيع الله تائب، وسألته أولاً عما يجمع بين طالبان الملا عمر وقاعدة بن لادن غير حاجة كل منهما إلى الآخر.
مطيع الله تائب(صحفي ومحلل أفغاني): لا شك أن مصالح الطرفين التقت في أفغانستان بعد رجوع أسامة بن لادن من السودان في 96، أي قبيل استيلاء طالبان على كابول، فغير الحاجة التي تكلمت حضرتك أن.. أن طالبان قد يحتاجون إلى تمويل من القاعدة وكذلك إلى مقاتلين متدربين في.. يساعدونهم ضد،أو كانوا يساعدونهم ضد المعارضة الشمالية، فكذلك حال القاعدة كانت بحاجة إلى أرض.. إلى ينطلقوا مها، إلى جهة تأويهم، فغير هذا، هناك أنا أرى أنه المنطلقات الفكرية كذلك تبدو قريبة من بعض، يعني حركة طالبان حركة تقليدية في.. في كثير من النقاط تتفق…
توفيق طه[مقاطعاً]: لكنها قائمة على.. على القبلية أكثر من أي شيء آخر.
مطيع الله تائب: لا شك القبلية أيضاً تساعد، يعني هناك قوانين قبلية تساعد أنك تكرم الضيف، والضيف الذي ساعدك طوال سنوات الجهاد ضد الروس، فمن باب الوفاء كذلك يعني تساعد هذا الضيف ولا تسلمه إلى.. إلى عدوه، يعني هي القبلية في.. من.. من هذا الجانب، يعني كان لصالح القاعدة، ولكن رغم هذا أنا أرى أن المنطلقات الفكرية كذلك بدأت تقترب من بعض رفض الديمقراطية، مثلاً،كذلك الضغط الأميركي على الجانبين، كذلك هو قرب من مصير الطرفين…
توفيق طه[مقاطعاً]: رغم التناقض الذي.. الذي يعني بينهما، يعني بن لادن له أفكار عالمية، أفكار كونية.
مطيع الله تائب: لا شك أن رحلة بن لادن من.. من شخص إلى.. من شخص يعني كانت توجهاته منصبة على أفغانستان والجهاد الأفغاني، تم بعد الجهاد الأفغاني وبعد انتهاء الحرب الباردة هو بدأ يأخذ بعد عالمي، وأنا أرى أنه دور الجماعات الإسلامية ومثل الجهاد الإسلامي ودور شخصيات معينة مثل الدكتور أيمن الظواهري، وهؤلاء له دور في إعطاء أسامة بعد عالمي، وإدخال أجندة.. أجندة عالمية في.. في قائمة أجندة أسامة بن لادن، وبالتالي هذا..
توفيق طه[مقاطعاً]: لكن هذا.
مطيع الله تائب[مستأنفاً]: هذا التوجه يعني أنا أرى أن توجهات الجهاد الإسلامي وكذلك أجندة أسامة بن لادن أثر كذلك على أجندة الملا عمر كشخص، لأن الملا عمر هم يعطوه هذا يعني هذا الزخم الإعلامي الكبير أنه.
توفيق طه[مقاطعاً]: نعم، من الظواهر الغريبة في هذه الحرب التحالف أو يعني التعاون الروسي الأميركي، ماذا يهدف الروس من.. من يعني دعمهم لحرب أميركية على حدودهم تأتي بقوات أميركية إلى.. إلى قرب حدودهم؟
مطيع الله تائب: لا شك أن روسيا الآن يعني في حملة الإرهاب الأميركية المصالح الروسية يعني اتفقت مع المصالح الأميركية، لأنه روسيا تريد عندها ملفات الشيشان وفي القوقاز فتريد يد.. يد حرة في التعامل مع ظاهرة –كما يسمونها- ظاهرة الإرهاب الإسلامي، أو الأصولية الإسلامية في المنطقة، فساعدوا الأميركان من هذا الباب، ولكن هم الروس – سيما المحللين الروس-لم يخفوا تخوفاتهم وجود أميركي في المنطقة يستهدف السيطرة الروسية على آسيا الوسطى سيما في ظل التعاون الروسي الأميركي التركي في المنطقة، فلا شك أن هناك تخوفات روسية من بقاء أميركان في المنطقة.
توفيق طه: لماذا لا يبدو التحالف الشمالي في.. في أفغانستان متحمساً لوجود قوات دولية، وصايا دولية -على الأقل- يعني لضمان الأمن والاستقرار لفترة مؤقتة في أفغانستان؟
مطيع الله تائب: يعني الذي يبدو لي واضحاً هو أنه تحالف الشمال مع أميركا كان هناك لقاء مصالح هو التقاء مصالح، التقاء مصالح على ضرب طالبان، التحالف الشمالي كان بحاجة إلى قوة تسانده، وكانت فرصة يعني ذهبية بالنسبة لها للاتفاق يعني مع أميركان وضرب قواعد الطالبان، مرحلة ما بعد طالبان لا شك أنها رؤى تختلف بين التحالف الشمالي مع الأميركان والتحالف يبدو أنها، أو في حال أنها لا تريد أن تتنازل سياسياً، يتنازل سياسياً لصالح أميركا ولأي رسم صيغة مستقبلية بعيد عن مصالح التحالف الشمالي، وكذلك التحالف الشمالي أشهر أن هناك خلافات أو طروحات مختلفة حول التعاون وصيغة التعاون مع الولايات المتحدة.
توفيق طه: أو مع الأمم المتحدة.
مطيع الله تائب: مع الأمم المتحدة، عموماً هناك توجه قوي لرفض الوصاية الغربية على أفغانستان ولكن البديل حتى الآن.. البديل الذي يقدمه التحالف الشمالي لم تظهر ملامحه واضحاً، البديل الذي يشمل جميع الأفغان ويرضي جميع العرقيات الأفغانية، وجميع الجهات السياسية والاجتماعية في أفغانستان.
توفيق طه: ومن قناة (الجزيرة) في قطر نتابع هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) وفيه أيضاً:
الحرب والفقر والتجارة، وماذا أولاً؟ السلام أم العدالة، وهل ينفصلان؟
حادث طائرة كوينز بين القضاء والقدر والإرهاب
المصائب لا تأتي فرادى، فلم تزل مدينة نيويورك تدفن قتلى يوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول حتى سقطت طائرة أخرى فوق حي كوينز بنيويورك أعادت الصدمة إلى نيويورك وأهلها مرة أخرى، على الرغم من ترجيح المحققين أن يكون سبب سقوط الطائرة قضاءً وقدراً، ففوق الأثر النفسي الذي أحدثه سقوط الطائرة فوق حي سكني، يأتي الحادث بعد حوالي شهرين فقط من كارثة برجي مركز التجارة العالمي وبعد حوالي شهر فقط من بدء الغارات الأميركية على أفغانستان.
تقرير/ خالد القضاة: للوهلة الأولى دار في أذهان الأميركيين أن تكون هذه الحلقة الثانية في مسلسل تفجير الطائرات بالمباني فالحادث تشابهت معظم جوانبه مع ما حدث قبل شهرين، الطائرة هي الأداة وحريق كبير مندلع، أعيى فرق الإطفاء والمدينة ذاتها، ثم الهلع والصدمة باديين على من تابع احتراق الطائرة بمن عليها بعد إقلاعها بقليل، المعلومات المستقاة من تسجيلات الصندوقين الأسودين تشير إلى عطل ميكانيكي، وليس إلى عمل تخريبي، ومع ذلك فإن المحققين عجزوا حتى اللحظة عن تحديد طبيعة أو مصدر الخلل وانصبت فرضياتهم على ثلاثة احتمالات:
أولها يتعلق بمحرك الطائرة، لكنهم أجمعوا لاحقاً على أن الأدلة التي جمعت من الطائرة وتسجيلات قمرة القيادة لم تعط أية مؤشرات على عطل في المحركات، كما أنه ليس هناك أدلة على أن التحطم ناجم عن سحب محركات الطائرة لأي طيور، وهي نظرية أثارها بعض الخبراء وتحدثت عنها وسائل الإعلام.
الفرضية الثانية تقول إن الطائرة تحطمت نتيجة تخلخل كبير في الهواء تسببت فيه طائرة جامبو تابعة للخطوط الجوية اليابانية أقلعت من المطار نفسه قبل لحظات من إقلاع الطائرة المنكوبة وتنص التعليمات الخاصة بالطيران على أن يكون هناك دقيقتان على الأقل بين كل رحلتين تنطلقان من المطار نفسه وقيل إن الفترة بين الإقلاعين قلت عن المسموح به بربع دقيقة، ويُنظر إلى هذا الاحتمال على أنه الأضعف.
أما أقوى الاحتمالات فتتعلق بذيل الطائرة الذي يرجح المحققون أن يكون قد انفصل أولاً بعد أن مالت الطائرة ناحية اليسار مما أدى إلى اضطراب حركة الطائرة بشدة وانفصال المحركين وخزانات الوقود الموجودة في الجناحين، ومن الصعب على الطيارين بطبيعة الحال السيطرة على الطائرة إذا انفصل الذيل عن جسمها فجأة.
تعرف الإدارة الأميركية الحالة النفسية التي يمر بها الشعب الأميركي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، ولذلك سارعت إلى الإعلان عن أن هيئة سلامة النقل، وليس مكتب التحقيقات الفيدرالي هي التي ستتولى النظر في تحطم الطائرة، ويرى خبراء علم النفس أن أكبر الآثار النفسية السيئة لهذا الحادث، هو أنه سيتسبب في انتكاسة للعملية الرامية إلى إعادة الأميركيين إلى حياتهم العادية وتوازنهم الطبيعي.
الحرب والفقر والتجارة، وماذا أولاً: السلام أم العدالة؟ وهل ينفصلان؟
توفيق طه: انتهى مؤتمر منظمة التجارة العالمي الذي عُقد في الدوحة بالاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات، ولم تصل الدول إلى هذه النهاية السعيدة التي لا يمكن اعتبارها انفراجاً حقيقياً إلا بعد أن قدمت الهند بعض التنازلات في قضايا الدعم الذي يُقدم للفلاحين، ورغم أن دول الشمال أخذت تراجع مواقفها الثابتة إلا أنها في كثير من الأحيان تتعامل بمعايير مزدوجة تثير غضب وإحباط دول العالم الثالث.
تقرير/ سمير خضر: مواجهة بين الكبار والصغار هكذا كان العالم الثالث ينظر إلى الاجتماعات التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة، إذ رغم حدة الخلاف بين الكبار أنفسهم، وخاصة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن الطرفين كانا على الدوام يقفان صفاً واحداً متراصاً يحول دون تلبية مطالب الدول النامية وخاصة في المجال الزراعي، فالزراعة تشكل عصب الإنتاج في دول الجنوب النامية، لكن دول الشمال لا تزال تفرض على هذه السلع الزراعية رسوماً جمركية عالية، وتضع كافة أشكال الحواجز والعراقيل أمام وصولها إلى أسواقها بحجج تتراوح بين عدم احترام المعايير البيئية إلى شروط وظروف استخدام العمالة، وكأن دولة مثل بنجلاديش أو زامبيا أو حتى كولومبيا أو بارجواي تستطيع تحمل ترف تلك المعايير دون الإضرار بمصالح الطبقات المعدمة فيها، ورغم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق في المؤتمر وإطلاق جولة جديدة من المفاوضات متعددة الأطراف، فإن علامات عدم الرضا كانت بادية على كثير من المندوبين بشأن العديد من الملفات فدول مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا استطاعت الحصول على نص يتيح لها إنتاج أدوية رخيصة بغض النظر عن حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وذلك لمواجهة أوبئة خطيرة كالإيدز، ودولاً أخرى كالهند وباكستان خرجت مستاءة لأن البيان الختامي لا يعكس بنظرها تطلعات الدول النامية التي يعتمد اقتصادها على تصدير المنسوجات، بسبب نظام الحصص الذي تفرضه الدول المتقدمة على قطاع المنسوجات، حماية لصناعاتها هي، الأمر الذي يتعارض كلياً مع مفهوم حرية انسياب السلع، فدول أوروبا وأميركا الشمالية فقدت منذ سنوات قدرتها التنافسية في قطاع المنسوجات الأمر الذي دفعها إلى ابتكار نظام الحصص لحماية صناعاتها المحلية، وهنا كان اتهام الدول النامية للدول المتقدمة واضحاً، فدول الشمال تنادي بتحرير القيود على التجارة ولكن شريطة أن يكون هذا التحرير في صالحها هي فقط.
مؤتمر الدوحة شكل مع ذلك منعطفاً هاماً في مسيرة منظمة التجارة العالمية فلأول مرة يخرج المندوبون شبه راضين عما تم إنجازه، كما يبدو بأن الدول الكبرى أدركت أن عليها أن تأخذ في الحسبان بعض مطالب الدول النامية، التي تشكل أكثر من ثلثي أعضاء المنظمة، وهكذا خرج الجميع من المؤتمر راضين أو شبه راضين عن البيان الختامي، لكن كلمات البيان شيء ووضعها موضع التنفيذ شيء آخر، فالاقتصاد والتجارة كانا ولا يزالان العصب الرئيسي الذي يحرك الأمم والشعوب، وهما المصدر الحقيقي لكل الحروب والنزاعات، ولا يزال القوي يفرض في هذا المجال كما في غيره هيمنته وإرادته على الضعيف.
توفيق طه: وأخيراً وفي سياق موضوع التجارة التي أصبحت عالمية الأبعاد أو هكذا يراد لها تتحول الفوارق العظيمة بين أغنياء الشمال ومعدمي الجنوب إلى ينابيع غضب تفرز الثورات والإرهاب؟، كما إنها في بعض الأحيان قد تفرز أفكاراً خلاقة وبناءة، وواهم من يظن أن التجارة والمال وحدهما يحركان العالم فهناك الكثير من العوامل المتداخلة والمعقدة، التي تشكل عالم اليوم.
تقرير/ حسن إبراهيم: ربما لم تتقاطع السياسة والتجارة بمثل ما تقاطعت بالدوحة فمؤتمر منظمة التجارة العالمية الذي عقد في الدوحة كاد أن يُحول عنها بسبب تخوف بعض الدول إلا أن الإصرار القطري على عقد المؤتمر في العاصمة الدوحة كما كان مقرراً لذلك سابقاً والضغط الأميركي أفلحا في عقد المؤتمر في مقره ومكانه المحددين من قبل، لكن التقاطع بين الحرب الجارية في أفغانستان، والمناقشات الحادة التي جرت في مؤتمر التجارة العالمية في الدوحة لا يمكن تجاهله، فالحرب التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها على دولة أفغانستان التي تُعتبر من الدول الأكثر فقراً في العالم تشن تحت حجة القضاء على الإرهاب الذي تمثله حركة طالبان وتنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن على حد تعبير الولايات المتحدة، ولو حاولنا التمحيص في الإرهاب كظاهرة حداثوية ألقت بظلالها على عالمنا ما بعد الحداثي، لوجدنا أنها أفلحت في جعل العالم الغربي يحاول ليس فقط التراجع عن بعض ثوابته التي ميزت الديمقراطية الغربية، بل جعلته يستعير أساليب لن يعرفها العالم ما بعد الحداثي إلا في دول الجنوب الفقيرة فالفقر والديكتاتورية والقمع ظواهر متلازمة في معظم الأحيان. ونجد العولمة بشكلها المطروح حالياً تفرز آثاراً اقتصادية في جوهرها، فمطالبة الدول الفقيرة بإلغاء الدعم لسلعها المحلية وفتح الباب على مصراعيه لاستيراد السلع الأجنبية ولو بعد فترة سماح تستمر خمس عشرة سنة أو مائة وخمسين سنة أمر غير منطقي فلن تتمكن دول الجنوب في المنظور القريب من مضاهاة دول الشمال وكيف يمكن أن تجلس دول الجنوب على قدم المساواة مع دول يمكن للفرد فيها دفع ثمن أدوية تعطل فيروس الإيدز بآلاف الدولارات؟
بينما ما يريده العالم الثالث لا يستطيع النجاة بسبب ارتفاع الأسعار، وأين العدالة في محاولة عالم الشمال الثري منع الدول النامية من محاولة إيجاد بدائل رخيصة للأدوية المنقذة للحياة؟ الفقر قد يفرز التفكير الخلاق المبتكر لكنه يفرز أيضاً تيارات الغضب التي تبحث عن الطرق المناسبة لتحقيق العدالة ولو بالقوة، وقد تعتنق تيارات الغضب شتى العقائد والأفكار لكنها دائماً ما تتخذ من العنف رداً على ما تراه عدواً لها، ولعل من الأولويات التي بدأت دول الشمال في الانتباه لها وجوب الإسهام في القضاء على الفقر ومحاولة استحداث علاقة تجارية دولية تسهم في تجفيف منابع الغضب، لكن العقبات كثيرة، ومنطق الأرقام مرعب، فقارة مثل إفريقيا تنتج أكثر من ثلث المواد الخام عالمياً لكن نصيبها من التجارة العالمية يقل عن 3% وتصبح الصورة أشد سوداوية لو حاولنا مقارنة المداخيل بين دول الشمال ودول الجنوب، لا توجد عصا سحرية تنهي الحرب في أفغانستان وتجعل العالم أكثر عدالة، لكن استمرار الحوار قد يؤدي إلى تجفيف منابع الغضب وتحقيق شيء من العدالة.
حسن إبراهيم – (الجزيرة) – لبرنامج (الملف الأسبوعي) من قاعة مؤتمرات منظمة التجارة العالمية – الدوحة.
توفيق طه: بهذا نأتي مشاهدينا الكرام إلى ختام جولتنا في (الملف الأسبوعي) ونذكر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية الإنترنت، وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر، فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا توفيق طه يستودعكم الله.