مذيع بقناة الجزيرة
الملف الأسبوعي

الانتفاضة، ضرب العراق، الانتخابات الألمانية، ساحل العاج

الذكرى الثانية لاندلاع انتفاضة الأقصى، الجهود العربية لتفادي ضربة أميركية للعراق، محاكمة ميلوسوفيتش ومصداقية معايير العدالة الدولية، انعكاسات نتائج الانتخابات الألمانية الأخيرة على مستقبل ألمانيا، ساحل العاج وفتح ملف الصراع الفرنسي الأميركي على المستعمرات السابقة.

مقدم الحلقة:

توفيق طه

تاريخ الحلقة:

28/09/2002

– الذكرى الثانية لاندلاع انتفاضة الأقصى
– الجهود العربية لتفادي ضربة أميركية للعراق

– محاكمة ميلوسوفيتش ومصداقية معايير العدالة الدولية

– انعكاسات نتائج الانتخابات الألمانية الأخيرة على مستقبل ألمانيا

– ساحل العاج وفتح ملف الصراع الفرنسي الأميركي على المستعمرات السابقة


undefinedتوفيق طه: أهلاً بكم إلى هذه الجولة في (الملف الأسبوعي)، والتي أصحبكم فيها عوضاً عن الزميل جميل عازر.

في هذه الجولة عامان على الانتفاضة الفلسطينية، بينما تتفاقم مشاكل إسرائيل دولياً بسبب حصارها لعرفات وسياسة اغتيال الفلسطينيين.

جهود عربية لتفادي ضربة أميركية ضد العراق والولايات المتحدة تصر على استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي.

المرحلة الثانية من محاكمة (سلوبودان ميلوسوفيتش) تفتح ملفات حرب البلقان، وتطرح تساؤلات عن مصداقية معايير العدالة الدولية.

الذكرى الثانية لاندلاع انتفاضة الأقصى

تحل الذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية، والفلسطيني يعيش كابوساً يومياً، دمار وخراب ومأساة يومية تلحقها آلة الحرب الإسرائيلية بكل ما يقع في طريقها سواء أكان إنساناً أم حجراً أم شجراً، وأكثر ما يقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي (أرييل شارون) هو عدم قدرته على إعلان النصر النهائي في حملته العسكرية الشرسة ضد الفلسطينيين رغم مرور عامين على اندلاع الانتفاضة، وسبعة أشهر على اجتياح الدبابات الإسرائيلية معظم مدن وقرى الضفة الغربية، لكن ما يثير حنق شارون أكثر من أي شيء هو استمرار عدوه اللدود ياسر عرفات في مناكفته من داخل مقره المحاصر في رام الله.


undefinedتقرير/سمير خضر: هكذا مرت الذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، رئيس محتجز في مقره لا يقوى على الحراك وسط دمار وخراب ومهانة يعيشها الفلسطيني رغماً عنه في مدنٍ وقرىً حولتها آلة الحرب الإسرائيلية إلى مدن أشباح بفعل حظر التجول اليومي المفروض عليها، والدولة الفلسطينية التي كان الجميع يحلم بها تجسدت مع الوقت على شكل سجن كبير على مرأىً ومسمع من العالم الذي طالما دعا إلى طي صفحة الاستعمار من تاريخ البشرية، لكنه عجز أو ربما لم يشأ تنفيذ ذلك على أرض فلسطين، إسرائيل كانت على وشك إعلان النصر النهائي على عدوها الفلسطيني والابتهاج بتحقيق مبتغاها، لكن هذا الحلم تبخر بسرعة على وقع صدى العمليات الفلسطينية، وعاد أرييل شارون مرة أخرى إلى استهداف القيادة الفلسطينية لا للثأر لقتلاه كما يدَّعي، بل للإفادة من الوضع من أجل تسوية حسابات قديمة وجروح لم ولن تندمل.

وبدأت الجرافات الإسرائيلية تنفيذ مهامها في مقر المقاطعة وعمدت إلى تحويله إلى كومة من الحطام ليكون رمزاً لما ينوي شارون أن يفعله بكل فلسطيني، وحتى عندما تدخل المجتمع الدولي وأصدر قراراً ينادي بوضع حدٍ لهذا العمل الجنوني صمَّت إسرائيل أذنيها رغم العتب الأميركي الواضح والذي سرعان ما انقلب إلى عتب إسرائيلي على الحليف الأميركي الذي تجرأ على عدم استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد كهذا.

إعلان

المفاجأة الأميركية لم تكن مع ذلك بقدر المفاجأة الفلسطينية إذ بدا للحكومة الإسرائيلية أن سياستها نجحت في تركيع الفلسطينيين وأصبحوا غير قادرين أو غير راغبين في الدفاع عن قيادة لم تنجح في درء الأخطار عنهم، لكن نزول الفلسطينيين إلى الشوارع وتحديهم لحظر التجول دفع بقوات الاحتلال إلى مراجعة حساباتها بسرعة وإلى التأكيد من جديد بأن حياة عرفات ليست في خطر، هذه الهبة الشعبية رافقتها تحركات موازية من قبل جماعات السلام الدولية، وإن كانت لا تزال قاصرة عن وضع حدٍ لغطرسة دبابات الاحتلال وعن منع نسف منازل المواطنين الفلسطينيين، وخاصةً أيضاً عن وضع حدٍ لسياسة الاغتيالات التي تمارسها حكومة شارون والتي قلما سجلت نجاحاً، بل كانت على الدوام تخلف وراءها العشرات من القتلى والجرحى الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في مسار قنبلة أو رصاصة أطلقتها مروحية أباتشي أو دبابة (مركفاح) دون تمييز لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.

الجهود العربية لتفادي ضربة أميركية للعراق

توفيق طه: أتى لقاء الرئيس المصري حسني مبارك وولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في إطار المحاولات العربية لتفادي ضربة أميركية للعراق، لكن لا يبدو أن الإدارة الأميركية تعير كبير اهتمام لهذه الجهود ولا تبالي أن تقدم أدلة على اتهاماتها للعراق ليس فقط بامتلاك أسلحة دمار شامل، بل بالتحالف مع تنظيم القاعدة، وفي المقابل لا يبدو أن الولايات المتحدة قد استعدت جيداً لمرحلة ما بعد إسقاط النظام العراقي إن هي أفلحت في ذلك أو كان ذلك حقاً غرضها، فالعثور على بديل للرئيس العراقي يفلح في إبقاء العراق موحداً أمر صعب للغاية، خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية وحساسية كثير من الدول تجاه احتمالات تفتيت العراق.

undefined

تقرير/حسن إبراهيم: جهود عربية متلاحقة لمنع الانفجار الذي يراه البعض قريباً، وقد أثار اهتمام مراقبي الأحداث أن يزور وزير الخارجية العراقي ناجي صبري القاهرة ليسلم الرئيس المصري رسالة من القيادة العراقية ثم يتوجه الرئيس المصري بعدها مباشرةً إلى المملكة العربية السعودية ليلتقي ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وثارت تكهنات المراقبين حول ما إن كان هناك توجُّهاً عراقياً جديداً أثار اهتمام القيادة المصرية وأن رسالة ناجي صبري أثارت جواً من التفاؤل في الأوساط المصرية جعلت الرئيس المصري يتبنى الموقف العراقي.

إعلان

التفكير العربي ينحصر إذاً في إدارة الأزمة لا إيجاد الحلول، ولو لُخص هذا بمنطق العصر الحالي، فهو يعني انتزاع مزيد من التنازلات من بغداد مع التوصل إلى معادلة وسطية لأي قرار جديد من الأمم المتحدة كي يرضي واشنطن وبغداد، لكن ما هي التنازلات التي يمكن أن يقدمها العراق وتكون مرضية لواشنطن؟ فالعراق قبل بالعودة غير المشروطة لمفتشي الأسلحة الدوليين، وقبل بإطلاق أيديهم في التفتيش على أي موقع يرونه مناسباً، والعراق طالما أعلن قبوله بالتفاوض على مصير الأسرى الكويتيين، ولم يمانع في دفع التعويضات المفروضة عليه منذ خيمة صفوان فما الذي تريده واشنطن؟ أحقاً لا تقبل الولايات المتحدة بأقل من إسقاط حكم الرئيس العراقي؟ ومن يفعل ذلك؟ أقوات سريعة أميركية كتلك التي تُحشد في دول الخليج العربي هذه الأيام أم غزو كامل بتحالف دولي كما حدث عام 91، أم انقلاب عسكري يقوم به الجيش العراقي، أم تُرى تلك فقط مواقف تفاوضية من واشنطن تقصد منها انتزاع المزيد من التنازلات في موضوع السلام بين العرب وإسرائيل وتقليم أظافر المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية التي تُتهم بأنها معمل تفريخ للإرهابيين؟

ثم ما هو قرار مجلس الأمن الدولي الذي يمكن أن تقبل به واشنطن وبغداد؟ فهل يمكن أن يصدر قرار يرفع العقوبات عن بغداد ويقي نظامها شر الاستهداف الأميركي إن هي قبلت بجميع شروط الولايات المتحدة بما فيها تلك التي تطالب بانتخابات عامة برقابة دولية.

تساؤلات ملحة تقود إلى تساؤلات عن حدود الممكن عربياً وإلى أي حد يمكن أن تعرِّض الدول العربية علاقاتها الأميركية إلى الخطر، خاصة والولايات المتحدة تغير سبب استهدافها للعراق من الأسلحة إلى العلاقة بتنظيم القاعدة ولا تأبه إن هي قدَّمت أدلة مقنعة أم لا.

أمَّا ما تُصنف دولاً عربية معتدلة، فهي لا تريد أو لا تستطيع تحدي واشنطن، بل ربما تخشى من تداعيات غزو أميركي للعراق قد يفككه ويؤدي إلى نشوء كيانات تستطيع تهديد المنطقة بأسرها، وربما هي تعلم أن محاولة كبح جماح الجماهير العربية قد تؤدي إلى انفجار لا يعلم إلا الله مداه.

إعلان

توفيق طه: للتعليق على تداعيات المشهد العراقي سيكون معنا عبد الباري عطوان بعد الفاصل، أما الآن فنواصل معكم هذه الجولة في (الملف الأسبوعي)، وفيه أيضاً بعد الفاصل:

تسابق فرنسي-أميركي لإنقاذ الرعايا الغربيين، فمن ينقذ القارة المنكوبة من نفسها؟

[فاصل إعلاني]

محاكمة ميلوسوفيتش ومصداقية معايير العدالة الدولية

توفيق طه: تشكل بداية المرحلة الثانية من محاكمة (سلوبودان ميلوسوفيتش) انتصاراً لمبدأ المحاسبة الدولية ورغم شفافية إجراءات المحاكمة إلا أن (نورنبرج) المصغرة هذه -كما يسميها البعض- تفقد كثيراً من مصداقيتها نظراً لازدواج المعايير فميلوسوفيتش متهم بجرائم ارتكب آخرون مازالوا على مقاعد الحكم مثلها أو أفظع منها وعلى رأس القائمة يأتي رئيس وزراء إسرائيل آرييل شارون فمَنْ.. فمِنْ قتل أسرى سيناء إلى مجزرة جنين مروراً بصبرا وشاتيلا مازال الرجل على رأس منصبه يحل ضيفاً مكرماً على العواصم العالمية، بل ويدعوه البعض رجل سلام، فقد ينال ميلوسوفيتش جزاءه، لكن هل تمتد يد العدالة إلى الجميع؟!


undefinedتقرير/جيان اليعقوبي: يصر الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش على أنه رجل سلام وذلك في المرحلة الثانية من محاكمته أمام محكمة خاصة في (لاهاي) ونفى أخطر تهمة موجهة إليه وهي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، لا بل تمادى في ذلك واتهم الفرنسيين وبالتحديد لفيفها الأجنبي بارتكاب مجزرة سربرينتسا في صيف عام 95، ووصف ميلوسوفيتش ما حدث في بلاده أثناء تسلمه دفة الحكم لسنوات ما بين 91، 97 أنها حرب أهلية وأن الصرب إنما كانوا يدافعون عن أنفسهم في وجه الكروات والمسلمين الذين كانوا يحاولون جعل الصرب مواطنين من الدرجة الثانية في جمهورية إسلامية وتعتبر هذه المحاكمة أكبر محاكمة دولية لجرائم الحرب في أوروبا منذ محاكمة نورنبرج بعد الحرب العالمية الثانية، وميلوسوفيتش حاكم بلجراد القوي والرجل الحديدي قبل أن يقبع في قفصه هذا متهم بارتكاب جرائم إبادة في إطار حرب البوسنة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لدوره في الحروب التي خاضها في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو وكان ممثلو الادعاء قد أنهوا قبل أسبوعين عرض قضيتهم حول كوسوفو الإقليم الذي اتُّهم ميلوسوفيتش وأعوانه بطرد نحو 800 ألف شخص من ذوي الأصول الألبانية وهو ما يوازي ثلث سكانه الألبان، وبلغ ضحايا كل هذه الحروب التي يدعي ميلوسوفيتش أن الطرف الصربي كان هو الضحية فيها نحو ربع مليون قتيل مُوزعين بين مسلمي البوسنة والكروات وألبان كوسوفو وتبدو المحاكمة كما لو كانت لشخص عادي متهم بارتكاب جريمة قتل مدروسة، فقد أشار كبير ممثلي الادعاء أمام محكمة لاهاي أن ميلوسوفيتش تصرف كمجرم حريص وتأكد من عدم وجود أي أثر لورقة تكشف دوره، لكن الادعاء مصمم على جمع الدلائل الدامغة ووضعها أمام المتهم، ويأمل المراقبون أن تكون هذه المحاكمة بروفة تمهيدية لما سيحدث مستقبلاً في محكمة الجنايات الدولية التي أُعلن عن إنشائها في أبريل الماضي والتي ستختص بالنظر في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وتنطوي على إهدار حقوق الإنسان ومن المفترض أن تضع هذه المحكمة نهاية لحقبة كان يفلت فيها المجرم من العقاب وتُغفل فيها حقوق الضحايا، ذلك أن اختصاصاتها عالمية لا تتقيد بمكان أو زمان معين وهو ما كانت تبحث عنه الإنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى وفيما تأمل البشرية أن تكون هذه المحكمة الملاذ لكثير من الضحايا في مشرق الأرض ومغربها فإن كل ما يحدث اليوم وربما غداً أو بعد غدٍ يوحي بأن هذا الأمل سيبقى أقرب إلى حلم في ليلة صيف في ظل نظام عالمي يقول فيه شارون وميلوسوفيتش عن نفسيهما إنهما رجلا سلام، فيذهب الأول مصفداً إلى لاهاي ويكافأ الثاني باستقباله استقبال الأبطال في واشنطن.

توفيق طه: وعودة إلى المشهد العراقي وللتعليق على تداعيات هذا المشهد معنا من لندن عبر الأقمار الاصطناعية عبد الباري عطوان (رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي")، أستاذ عبد الباري تبدو الجهود العربية لتجنب حرب أميركية ضد العراق مقتصرة على الدول التي عادة ما توصف بأنها معتدلة، لكن هذه الدول لا تبدو مستعدة لتحدي الأميركيين، فما الذي تطرحه؟

إعلان

عبد الباري عطوان (رئيس تحرير صحيفة القدس العربي): يعني أولاً لا توجد جهود عربية على الإطلاق، الجهود العربية اكتفت بتوجيه نصائح إلى الرئيس العراقي بقبول عودة المفتشين وقالوا إنك إذا لا تقبل عودة المفتشين، فعليك أن تتحمل النتائج، الرئيس العراقي قبل عودة غير مشروطة على الإطلاق للمفتشين الأجانب الدول العربية بدأت والمعتدلة منها على وجه الخصوص ومصر والسعودية على وجه الخصوص بدأت تتحدث عن ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية وسمعنا الرئيس حسني مبارك يقول أن على الرئيس العراقي أن يكف الاستفزازات الآخرين، أو استفزازات ما بأعرف ربما الولايات المتحدة الأميركية، طيب لا توجد جهود، هل الرئيس العراقي عندما يقبل بعودة غير مشروطة على الإطلاق للمفتشين الدوليين يستفز؟ هل هو الذي يواجه حاملات الطائرات، يواجه الحصار يواجه العدوان الأميركي، يواجه مئات الآلاف من الجنود الأميركيين تتدفق إلى المنطقة والدبابات، أعتقد أنه لا توجد جهود على الإطلاق، النظام العربي الآن في غرفة الإنعاش الكامل، ينتظر رصاصة الرحمة، هذا النظام سقط على الإطلاق وأعتقد أن الحديث عن جهود عربية هو مضيعة للوقت ومحاولة يعني قنابل دخان لإخفاء حقيقة العجز العربي تجاه هذه المسألة.

توفيق طه: نعم، لكن يعني ألا يمكن أن نتوقع شيئاً من القمة المقررة بعد غدٍ بين الرئيس المصري والرئيس السوري؟

عبد الباري عطوان: يعني لا أعتقد، لا نتوقع شيء، يعني هذه.. لو إحنا.. عندنا مثل بيقول: "لو بدها تشتي لغيَّمت" يعني لو كانت هذه الدول بصدد اتخاذ موقف كانت ربما عقدت هذه القمة في بغداد، لماذا لا يتوجه الرئيس المصري والرئيس السوري وولي العهد السعودي إلى بغداد يعقدوا القمة هناك ويقولوا نحن في خندق العراق، هذا البلد تجاوب مع قرارات الشرعية الدولية سمح بعودة المفتشين، هذا استكبار وظلم سيقع عليه، نحن هنا في خندقة يظهروا ظاهرة تضامن مع هذا البلد، لكن للأسف يعني مجرد اتصالات ولقاءات للإيحاء للشارع العربي المهزوم أيضاً بان هناك من يتحرك، لكن لا شيء أنا لا.. لا أتوقع من النظام العربي الحالي أي شيء ويعني والله أنصح أشقاءنا في العراق بأن يعتمدوا على أنفسهم مثلما يعتمد أشقائهم في فلسطين على أنفسهم، أما التعويل على هذا الزعيم أو ذاك فلا أعتقد أن.. أن فيه أي فائدة.

إعلان

توفيق طه: بعض المصادر قالت إن.. إن بعض القادة أو الزعماء العرب عرضوا أو طرحوا كحل أن يتنحى الرئيس العراقي ويغادر البلاد، هل يمكن أن يشكل هذا حلاً فعلاً يقبل به الأميركيون؟

عبد الباري عطوان: يا سيدي، هؤلاء في البداية قالوا عليه أن يقبل بعودة المفتشين، قبل عودة المفتشين، تعاهدوا في القمة العربية في بيروت بأن يتصدوا لأي عدوان يستهدف العراق، تخلوا عنه وقالوا إننا نقبل بالعدوان على العراق إذا جاء في إطار الشرعية الدولية، الآن يقولون أن على الرئيس العراقي أن يرحل ليجنب شعبه الحرب، طب لماذا هم لا يرحلوا عن شعوبهم يعني هؤلاء الذين يطالبوا الرئيس العراقي بان يرحل لماذا لا هم…. لماذا لا يرحلوا هم أيضا، ويحلوا عنهم.. يحلوا عن شعوبهم، ولأنهم فشلوا في تحقيق السلام فشلوا في تحقيق التنمية.. فشلوا في تحقيق الحريات.. فشلوا في تحقيق الديمقراطية، فلماذا كل الحديث فقط على العراق؟ لأ فليذهب الرئيس العراقي وليذهبوا جميعاً أما أن يبقى.. أن يبقوا هم على قلوب شعوبهم، فهذا أعتقد أمر غير مقبول على الإطلاق، عليهم أن يكفوا عن هذه النصائح وعن هذه الاقتراحات وتبني الطروحات الأميركية لو كانوا فعلاً عرباً، ولو كانوا فعلاً يحرصون على الشعب العراقي، عليهم أن يكونوا في خندق الشعب العراقي، عليهم أن يرسلوا قوات إلى بغداد، يرسلوا قوات إلى العراق لكي تدافع عن العراق، مثلما دافعوا عن الكويت، فالعراق ليس أقل شأناً في العروبة وفي الإسلام من الكويت أو أي بلد آخر.
توفيق طه: نعم، أستاذ عبد الباري يعني لو انتقلنا إلى الموقف الأميركي نجد أن الأميركيين يعني نقلوا تركيزهم من اتهام العراق بحيازة أسلحة دمار شامل إلى علاقاته التي يتحدثون عنها مع تنظيم القاعدة، كيف نفسر هذا الانتقال؟

عبد الباري عطوان: يا سيدي، الإدارة الأميركية تبحث عن عذر، تبحث عن وسيلة، يعني الهدف هو إزالة العراق، هو تدمير العراق وتدمير كل الدول العربية الأخرى، إذلال الإنسان العربي، طيب بالبداية قالوا أن هناك أسلحة دمار شامل، العراق قالوا تفضلوا وابحثوا عن هذه الأسلحة واثبتوا إنني غير صادق في ذلك، بعد ذلك تحدثوا عن وجود روابط بين العراق وتنظيم القاعدة، لا توجد هذه الروابط وخروج (سكرو كروفت) اللي هو المستشار الأمني القومي الأميركي السابق وقال صراحة إن الرئيس صدام الرئيس العراقي صدام حسين كان على قائمة الاغتيال بالنسبة إلى تنظيم القاعدة، ولم يثبتوا حتى الآن وجود أي علاقة بين العراق والإرهاب أو بين العراق وتنظيم القاعدة، حتى وزارة الخارجية الأميركية قالت منذ المحاولة المزعومة لاغتيال الرئيس بوش عام 1993، لم يندرج العراق أو لم يتورط في أي عمليات إرهابية، يا أخي كيف يتورط العراق في عمليات.. وهو محاصر ومجوع ويبحث عن لقمة العيش لشعبه، يعني هذه كلها أعذار وحجج، وعلى الدول العربية إذا كانت هناك دول أو الحكومات العربية أن تقول رأيها في هذا الأمر، أن تقول كفى يعني تريدون أن تدمرونا أهلاً وسهلاً دمرونا، تغيرونا أهلاً وسهلاً غيرونا، لكن لا نقبل هذه الادعاءات الكاذبة، والشارع العربي أيضاً يعني كفى أن يقول نحن تحت أنظمة قمعية، عليه أن يتحرك مثلما يتحرك أشقاؤه في فلسطين.

إعلان

توفيق طه: نعم، يعني أفهم من كلامك أن الأميركيين يعني يختلقون الأعذار والذرائع ويبدون مصممين على ضرب العراق، لكن من الخطاب الأميركي ربما يعني نجد أن الرئيس الأميركي يكرر دائماً رغم كل ما يتحدث عنه من أدلة عن أنه لم يتخذ القرار بعد بالحرب، هناك من يقول إن العراق يلعب على هذه النقطة سياسياً، وإنه يعني يلعب ما يمكن أن يسمى لعبة بوكر سياسية أو شفير الهاوية، إلى ماذا.. أو على ماذا يركن العراق في ذلك؟

عبد الباري عطوان: يا أخي، العراق لا يلعب على شفير الهاوية، العراق.. ماذا يمكن أن يفعل العراق، حقيقي يا إخوان والله نحن نظلم هذا البلد ونظلم سياسته ونظلم شعبه، يعني كيف يلعب.. هذا الرجل.. هذا العراق محاصر وهم الذين يحضرون القوات، العراق قالوا له اقبل عودة المفتشين، قبل بعودة المفتشين، قالوا له اقبل بترسيم الأمم المتحدة للحدود مع الكويت، قبل بترسيم الحدود مع الكويت أو قبل مرغماً، وضحى بنصف ميناء أم القصر، قالوا له أقبل بالقرارات الشرعية قبل بقرارات الشرعية الدولية ونفذ 95% منها، طيب ماذا.. ماذا يمكن أن يفعل العراق أكثر من ذلك، أنه لا يلعب على شفير الهاوية، هم الذين يضعونه على شفير الهاوية هم الذين يحشدون الطائرات، حاملات الطائرات تتوجه إلى المنطقة حالياً، الدبابات تتوجه إلى المنطقة حالياً، القوات تتوجه إلى المنطقة، بريطانيا ترسل قواتها إلى هناك، وألغت احتياط.. مهام القوات الاحتياط، الولايات المتحدة الأميركية تستدعي الاحتياط، طب يعني هم الذين يضعون المنطقة كلها والعالم كله والعالم على شفير الهاوية، اليوم في لندن وأنا أتحدث معك، أكثر من 150 ألف متظاهر كانوا ضد الحرب وضد الولايات المتحدة وضد الاستعمار الأميركي الجديد، طيب هذا.. هذا هو العالم يقول لا لهذا الاستكبار.. لهذا.. التوحش.. لهذا التغوُّل ضد دولة عربية وضد شعب عربي، وليبدءوا بالعراق لينتهوا بعد ذلك بالمنطقة بأسرها، طب كيف نلوم العراق، لماذا.. لماذا لا نلوم الذي يريد ضرب العراق لماذا نوجه اللوم إلى العراق نقول العراق لم يفعل كذا ولم يفعل كذا، ويجب أن يفعل كذا، لماذا لا نقول للولايات المتحدة الأميركية يجب أن تكفي عن هذا الإذلال للعرب والمسلمين.

إعلان

توفيق طه: نعم، لكن يعني رغم ما تتحدث عنه من حشود، يعني هناك من يراهن على أن أحد الطرفين سيتراجع في النهاية، باختصار هل يبدو لك مثل هذا المخرج محتملاً؟

عبد الباري عطوان: يعني لا أعتقد إن الولايات المتحدة الأميركية ستتراجع، الولايات المتحدة الأميركية تريد النفط العراقي، الولايات المتحدة الأمريكية تريد السيطرة على ثلثي احتياطات الطاقة في العالم، الإدارة الأميركية تريد أن لا تجد قوة أو لا توجد قوة في الوطن العربي تهدد القوة الإسرائيلية، أميركا.. السياسة الأميركية تقوم على مرتكزين أساسين إسرائيل قوية تملك أسلحة نووية وعرب جبناء أذلاء خانعين لا.. لا يستطيعون التحكم بثرواتهم، بعد غزو العراق لن تكون هناك أوبك، لن يكون هناك نفط عربي، سيكون هناك استعمار أميركي، انتداب أميركي على كل الدول العربية، هذا هو الذي سيحدث وعلينا أن ننتبه إلى ذلك، الرئيس بوش عنده أزمات داخلية يريد أن يحول الأنظار عنها، هذه هي الحقيقة يا إخوان، ليس العراق وليس عدم خضوعه للقرارات الدولية.

توفيق طه: عبد الباري عطوان (رئيس تحرير صحيفة القدس العربي) في لندن، شكراً جزيلاً لك.

انعكاسات نتائج الانتخابات الألمانية الأخيرة على مستقبل ألمانيا

لا يمكن لأي مراقب تابع الانتخابات الألمانية الأخيرة إلا أن يخرج بنتيجة وحيدة هي أن ألمانيا اليوم لم تعد ألمانيا الأمس، فقد خسر المستشار الألماني الانتخابات، لكنه بقى في الحكم وهذه واحدة من مفارقات النظام الانتخابي في ألمانيا، الشيء نفسه ينطبق أيضاً على المعارضة اليمينية بزعامة (إدمون شتويبر)، كل هذا ليتركنا مع منتصر واحد (يوشكا فيشر) زعيم حرب الخضر الذي أصبح اليوم صانع الملوك في ألمانيا.

undefined

تقرير/ سمير خضر: نصر مذاقه مر، هذا ما قرأه الألمان على وجه مستشارهم الذي انتخبوه قبل أربعة أعوام لينقذ البلاد من التردي الذي بدأ ينهش اقتصادها في نهاية عهد (هيلمت كول)، (جيرهارد شرودر) قدم نفسه آنذاك على أنه ممثل جيل جديد من الألمان ووعد مواطنيه بالتصدي لكل مشاكل المجتمع، ولكن أربعة أعوام من الحكم تركت بصماتها على (شرودر) وعلى حزبه.

إعلان

وعندما انطلقت الحملة الانتخابية قبل شهر كان المستشار الألماني يبحث لنفسه عن شعار يلهب به عواطف الناخبين ولم يجد من سبيل لذلك سوى السياسة الخارجية، وبالذات المسألة العراقية، ويبدو أن (شرودر) حاول استغلال ما تبقى من نزعة وطنية في نفوس الألمان من خلال الهجوم المستمر على السياسة الأميركية تجاه العراق، ودعوات الحرب التي بدأت تنطلق من واشنطن، ورغم أن استطلاعات الرأي كانت في معظمها تصب في خانة المعارضة لمشاركة ألمانيا في حرب جديدة ضد العراق، فإن الناخب الألماني لم يتبع هواه في هذا المجال، فجاءت عملية التصويت تقليدية للغاية، إذ انصب الاهتمام على الوضع الاقتصادي الداخلي، وكان المستفيد بطبيعة الحال المعارضة اليمينية بزعامة (إدموند شتوبير) الذي حصد أصوات الناخبين، ولكن دون أن يستطيع حصد غالبية مقاعد مجلس النواب (البوندستاد) وذلك بسبب النظام الانتخابي الألماني الذي يمنح الأقاليم والمرشحين الفرديين حصة في المجلس، وإذا كان الاشتراكيون قد خسروا الانتخابات ومعهم أيضاً اليمينيون فإن المنتصر الوحيد هو حزب الخضر بزعامة وزير الخارجية (يوشكا فيشر) فقد استفاد (فيشر) من الصراع المحتدم بين الحزبين الكبيرين ليقدم نفسه ويقدم حزبه على أنه الطريق الثالث الذي لا مفر منه لكل من يشعر بالإحباط من سياسات الأحزاب التقليدية، دون أن ينسى ربط نفسه باليسار الألماني التقليدي بزعامة شرودر. فيشر وشرودر سيعودان الآن لتشكيل ائتلافهما الحاكم السابق، ولكن على أسس جديدة تمنح الخضر دوراً أكبر في رسم سياسات البلاد، وخاصة في مجال البيئة.

لكن مشاكلهما لن تنتهي عند هذا الحد، فالحزب الديمقراطي المسيحي لم يعد مجرد معارضة تقليدية، بل يتمتع الآن بنفوذ واسع داخل مجلس النواب، ناهيك عن كونه حزب الأغلبية في مجلس الشيوخ، الأمر الذي سيمكنه من وضع العراقيل أمام التشريعات التي ستتقدم بها حكومة شرودر للبرلمان، وبهذا تكون ألمانيا قد دخلت حقبة جديدة من تاريخها الحديث، حقبة تتمثل في عدم الاستقرار سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً.

إعلان

ساحل العاج وفتح ملف الصراع الفرنسي الأميركي
على المستعمرات السابقة

توفيق طه: وأخيراً إلى ساحل العاج، حيث فتح تسابق القوات الفرنسية والأميركية على إنقاذ الرعايا الغربيين، فتح ملف الصراع بين الدولتين على المستعمرات الأفريقية السابقة، فمن منطقة البحيرات، وحتى أقاصي أفريقيا الفرنسية ما انفكت الولايات المتحدة تحاول ترسيخ نفوذها في مناطق كانت حتى وقتٍ قريب حكراً على فرنسا ولفيفها الأجنبي، واستثماراتها ولغتها وحتى عملتها الفرنك الأفريقي. تعتقد واشنطن أن هيبتها كقوة عظمى واستعدادها للإسهام حسب قوانين السوق، لا عبر العلاقات الاستعمارية، ربما يحسمان السباق لصالحها.


undefinedتقرير/ حسن إبراهيم: هُرعت القوات الفرنسية إلى مدينة (بواكي) في ساحل العاج التي يسيطر عليها المتمردون، لتلخيص الرعايا الغربيين الذين تحصنوا في منازلهم، وفي المدرسة البروتستانتية هناك، وكان من بين الرعايا الغربيين أميركيون، ولذلك أرسلت الولايات المتحدة قواتها كذلك لتخليص رعاياها، لكن هناك أسباباً أخرى لذلك التسابق الفرنسي الأميركي غير الحاجة الآنية لتلخيص الرعايا المحتجزين، ففرنسا والولايات المتحدة تتسابقان على مناطق النفوذ في إفريقيا، القارة المنكوبة، القارة التي يقل نصيبها من التجارة العالمية عن 3%، بينما تسهم بأكثر من 30% من المواد الخام في العالم. ورزحت إفريقيا طويلا تحت نير الاستعمار الأوروبي، وتقاسمتها دول أوروبية نهلت من ثرواتها وتركتها نهباً للفوضى والمجاعات والخلافات العرقية والقطرية.

تعتبر فرنسا أكثر الدول الاستعمارية التصاقاً بمستعمراتها الإفريقية السابقة، ولها وجود ثقافي واقتصادي، بل وفي بعض الأحيان عسكري في بعض الدول، إلا أن الولايات المتحدة خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وبروزها القوة الأولى في العالم أخذت تنافس فرنسا بقوة في كثير من مناطق نفوذها الإفريقية.

فرنسا لم تتهاوى، بل أفلحت في مشاكسة الولايات المتحدة، ولعل أبرز مظهر من مظاهر التحدي للولايات المتحدة في إفريقيا كان تحدي الرؤساء الأفارقة للحظر الجوي الذي كان مفروضاً على ليبيا إبان أزمة (لوكيربي)، ولم تكن مصادفة أن معظمهم كانوا من المستعمرات الفرنسية السابقة، ويبدو أن توجه القذافي الإفريقي وزياراته المكوكية لكثير من الدول الإفريقية حتى تلك التي حاربها في الماضي، مثل تشاد، لا تخرج كثيراً من سياق الاستفادة من التنافس الأميركي الفرنسي في القارة الإفريقية، ومنذ عهد الرئيس (كلينتون) بدأ الهجوم الأميركي على مناطق النفوذ الفرنسي وما حولها، مثال ذلك زيارة وزيرة الخارجية السابقة (مادلين أولبرايت) عام 97 لكينيا أوغندا، وهما من دول منطقة البحيرات، اللتان تتاخمان واحدة من أهم مناطق النفوذ الفرنسي، أي الكونجو، وهناك التقت (أولبرايت) بزعيم التمرد السوداني الدكتور (جون جارانج) لتحجيم الدعم الفرنسي آنذاك لحكومة الخرطوم، وثارت تكهنات بأنها أطلقت صافرة البداية للدعم الأوغندي الضخم لمتمردي التوتسي (بانيا مولانجيه) الذين تمردوا على حكم (لوران كابيلا)، وزار الرئيس الأميركي (بيل كلينتون) في جولته الإفريقية كثيراً من الدول التي تقع في دائرة النفوذ الفرنسي، وأسهمت الولايات المتحدة في كثير من المبادرات التي تهدف إلى تخفيف ديون القارة الإفريقية، رغم أن تلك الجهود لم تثمر بعد عن الهدف المرجو، أي إسقاط الديون جملة وتفصيلاً، لهذا حرصت واشنطن على إرسال قواتها إلى بواكي رغم أن القوات الفرنسية كانت مؤهلة وقادرة على إنقاذ الغربيين المحتجزين، فكلا البلدين يريدان ترسيخ وجودهما في دول القارة الثرية بمواردها، الفقيرة بأوضاعها، المنكوبة بكوارثها وحروبها.

إعلان

توفيق طه: بهذا نختتم جولتنا في (الملف الأسبوعي)، ونذكر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع (الجزيرة نت) في الشبكة المعلوماتية الإنترنت، وسنعود مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر، تحية لكم من فريق البرنامج، وهذا توفيق طه يستودعكم الله.

المصدر: الجزيرة