
اعتقال مناهضي الوجود السوري وموضوعات أخرى
مقدم الحلقة | جميل عازر |
تاريخ الحلقة | 19/08/2001 |
– اعتقال مناهضين للوجود السوري في لبنان ونتائجه على الساحة اللبنانية
– زيارة وفد مصري إلى أميركا لإنقاذ الوضع في فلسطين
– الاتفاق بين الحكومة والمتمردين الألبان في مقدونيا في ظل رعاية الناتو
– احتفال الهند وباكستان بعيد استقلالهما في ظل تصاعد الخلاف في كشمير
– أيرلندا الشمالية بين الحكم المباشر من لندن والحكم من بلفاست
![]() |
جميل عازر: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم إلى هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) وفيه: لبنان اعتقالات المناهضين للوجود السوري هناك وتفجير خلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
الشرق الأوسط والانتفاضة الفلسطينية بين القاهرة وواشنطن.. أكثر من قضية، ومقدونيا.. اتفاق مع الأحزاب الألبانية وآخر بين الناتو والمقاتلين الألبان، فهل يستتب السلام؟
اعتقال مناهضين للوجود السوري في
لبنان ونتائجه على الساحة اللبنانية
تفاقمت تفاعلات اعتقال المناهضين لوجود سوريا في لبنان وتحولت القضية إلى مواجهة بين الرئيس لحود ورئيس الوزراء رفيق الحريري، فبينما يقول الجيش: إن المعتقلين يتآمرون مع إسرائيل، تقول الحكومة: إنها لم تبلغ مسبقاً بخطة الاعتقال الأمر الذي دفع المعارضة إلى القول أن السلطة التنفيذية بدأت تنزلق إلى أيدي العسكريين والأجهزة الأمنية، وحتى بعد محادثات الحريري في دمشق، هناك من الساسة اللبنانيين من يرون أن النيل من هيبة وسلطات مجلس الوزراء ربما يؤدي إلى انهيار الحكومة، سيكون مثل هذا التطور -إن حدث- نذير شؤم لمستقبل الوئام في لبنان.
تقرير/ حسن إبراهيم: يمكن القول إن زيارة رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري إلى دمشق تؤكد الهيمنة السورية على الشأن اللبناني، وما إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن تأييده لنظيره اللبناني إميل لحود والجيش اللبناني في قضية اعتقال حوالي 250 لبنانياً ينتمون إلى أحزاب ومجموعات سياسية وطائفية ترفض الوجود السوري في لبنان إلا تأكيد آخر على أن المنهج السياسي في بيروت يتحدد في دمشق، ويؤكد الحريري وبعض من وزرائه أن اعتقالات الناشطين من أنصار القوات اللبنانية المحظورة، وكذلك من جماعة التيار الوطني الحر الموالين للعماد ميشيل عون، قد جرت من وراء ظهرهم، وأن الجهات التي أمرت بها خرقت الدستور.
وفي هذا إشارة إلى رئيس الجمهورية إميل لحود الذي يؤيد سوريا بلا تحفظ، والمتهم الآن بالتحول بالدولة نحو حكم استبدادي، وتبريراً للاعتقالات وبالتالي لموقف الأجهزة الأمنية والرئيس لحود بثت وسائل الإعلام اللبنانية شريط فيديو يعترف فيه توفيق الهندي الرجل الثاني في القوات اللبنانية بأنه اتصل بالإسرائيليين وذلك في معرض التنسيق لتقسيم لبنان ولم تعرف الظروف التي أدلى فيها الهندي باعترافاته التي تعاقب عليها القوانين اللبنانية والسورية بالإعدام، وبالطبع انبرى حزب الله للدفاع بشراسة عن حليفته سوريا، بل وهدد من يقفون ضد الوجود السوري بأنهم يتساوون مع الصهاينة، وهذا تهديد سيفسره البعض على أنه تلويح باستخدام قوة السلاح ضد الجهات المعادية لسوريا.
أما وليد جنبلاط الزعيم الدرزي الذي كان يرفع عقيرته محذراً من عسكرة لبنان وداعياً إلى تعرية الجهات التي خرقت الدستور وانتهكت كرامة المواطنين فقد خفف من لهجته داعياً إلى التعقل، ولعل المثير إلى الانتباه أن الاعتقالات أتت على خلفية زيارة البطريرك نصر الله صفير راعي الكنسية المارونية إلى مناطق الدروز، وزيارته قصر "المختارة" قصر آل جنبلاط ومعقلهم التاريخي، وكانت الأولى لبطريرك ماروني منذ أواسط القرن التاسع عشر، ولعل تخوف بعض القوى اللبنانية من تنسيق ماروني درزي جعل سوريا أو من يتحركون بتنسيق معها يلوحون بالعصا بعد أن فشلت سياسة الجزرة كما يعتقدون، فسوريا على ما يبدو تعتقد أنها قدمت تنازلات كافية بإعادة انتشار بعض قواتها، خاصة تلك التي كانت في العاصمة اللبنانية بيروت، وأن الوقت قد حان لإظهار بعض الحزم.
ما فات أصحاب هذا الرأي هو أن النيل من سلطان رئيس الوزراء السياسية لتمرير قوانين تسمح بمحاكمات عسكرية للمدنيين ودخول لعبة الاعترافات التليفزيونية لإثبات وطنية أو عمالة جهة ما لن تؤدي إلا إلى المزيد من المشادة بين الطرفين وربما اشتعال الموقف وإن كانت هذه الجهات تعتقد أن التنظيمات الطائفية منزوعة الأسلحة فلتعد بذاكرتها إلى ماضي لبنان لتعلم سهولة الحصول على السلاح من الأعداء الذين يريدون إحراق لبنان مرة أخرى.
جميل عازر: وكنت قد تحدثت هاتفياً إلى ساطع نور الدين المحلل السياسي اللبناني في بيروت، وسألته أولاً عن عمق الخلاف بين الرئيس لحود ورئيس الوزراء رفيق الحريري وهل بلغ حد اللا رجعة؟
ساطع نور الدين: لا أحد يستطيع المراهنة في مثل هذا الاستنتاج الآن، أو لا أحد يود التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج، نراهن دائماً على إمكان التعايش بين الرئيسين، الخلاف عميق وجذري جداً، هناك وجهتي نظر في التعاطي مع أمور الدولة، في التعاطي مع موضوع الاقتصاد، في التعاطي مع مؤسسات الدولة، الصراع بلغ ذروته في.. في الأسبوع الماضي، ولكن يعني لم تكن الحل التوقيفات ولا الأزمة التي جرت في مجلس النواب هي النهاية.
جميل عازر: طيب، الاتهامات الموجهة إلى معارضي الوجود السوري في لبنان بالتعاون مع إسرائيل تعتبر اتهامات خطيرة في هذا الظرف بالذات، هل سنشهد حملة ضد رموز المعارضة في اعتقادك؟
ساطع نور الدين: الحملة مستمرة، الآن أضيف عنصر لها هو موضوع التعامل مع إسرائيل، هذا الموضوع يعني لا يلقى صدي إيجابي لدى الرأي العام اللبناني، لا أحد يظن في لبنان أن هناك مشروع إسرائيلي عند أي طرف لبناني، ربما هناك يعني أشخاص يميلون إلى إسرائيل، ولكن ليس هناك تنظيم كما كان في الماضي.. كما كان الحال في الماضي، وليس هناك تنظيم لديه مشروع تجديد العلاقة مع إسرائيل وأيضاً دعني أن أسجل هذه الملاحظة أني أعتقد أنه لم يعد لدى إسرائيل أيضاً مشروع في لبنان، إذن الحملة هي جزء من.. من المعركة الداخلية.
جميل عازر: طيب كان الرئيس رئيس الحكومة رفيق الحريري قد توجه إلى دمشق وأجرى محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، في اعتقادك ما هو الموقف السوري من ما يجري الآن، وخاصة بالنسبة لتوتر العلاقة بين الرئاسة.. رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة؟
ساطع نور الدين: ليس لدي معلومات يعني مباشرة حول هذا الموضوع، أعرف بشكل عام أن سوريا تميل إلى رعاية التعايش بين الرئيسين، إلى يعني تجديد الثقة، تجديد الحوار بين جميع اللبنانيين.
جميل عازر: طيب إذا استمر هذا التوتر في العلاقة، هل تعتقد أننا سنشهد انهياراً للحكومة أو استقالة للرئيس الحريري؟
ساطع نور الدين: حتى الآن أستبعد موضوع الاستقالة، الرئيس الحريري جاء إلى الحكومة معززاً بتفويض شعبي كاسح من قبل المسلمين السنة في بيروت وربما في مناطق أخرى في لبنان، هناك تفويض إسلامي واضح جداً ربما أوضح من مما يحصل عليه أي مسؤول لبناني آخر الآن، الاستقالة ليست رهن بقرار الرئيس الحريري، وأعتقد أيضاً أن اللقاء الذي جرى بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الحريري كان يهدف إلى تطمين الرئيس الحريري بأن دمشق ليس كما أشيع في بيروت لم تعد.. لم تصبح ميالة أكثر إلى الرئيس لحود، مازالت تحافظ على علاقات متوازنة بين الجميع.
جميل عازر: طيب وما قراءتك مثلاً في تصريحات من وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي بأنه يعني يعتقد أن انهيار الحكومة هو مسألة وقت؟
ساطع نور الدين: أظن أنه يعني يحاول أن يضغط على رئيس الجمهورية، أن يلوح لرئيس الجمهورية بأنه يعني هناك معركة جدية هي يعني خطيرة جداً تدور بين الرئيس.. بين رئيس الجمهورية وبين النائب وليد جنبلاط وما يمثل من تحالفات سياسية، أظن أن كلام النائب وليد جنبلاط عن استقالة الحكومة هدفه التلويح للرئيس إميل لحود بأن ورقة الحكومة بقاء الحكومة يعني ليست في مصلحته المغامرة في التعرض لها في هذه المرحلة.
زيارة وفد مصري لأميركا لإنقاذ الوضع في فلسطين
جميل عازر: تتواصل جهود السلطة الوطنية الفلسطينية مع استمرار الانتفاضة للحصول من الأمم المتحدة على قرار لتشكيل ما تصفه الآن جهاز مراقبة بدلاً من المراقبين الدوليين الذين طالبت بإرسالهم لحامية المواطنين من العنف الإسرائيلي، وإذ قرر مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع للنظر في الطلب الفلسطيني كان الدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس المصري يجري محادثات في واشنطن مع مسؤولين في وزارة الخارجية أملاً في حمل الأميركيين على القيام بدور أنشط لوقف العنف، ولكن العلاقات بين واشنطن والقاهرة ينتابها توتر على أكثر من جبهة بسبب ضغوط اللوبي اليهودي على إدارة الرئيس بوش.
تقرير حسن إبراهيم.. قراءة/ مديحة سلطان: أحداث تسبب فيها الرجلان أوصلت العلاقات المصرية الأميركية إلى ما هي عليه الآن، وكانت السبب الرئيسي في ذهاب وفد عالي المستوى إلى واشنطن بقيادة الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري حسني مبارك، الأول هو أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي وسياساته الدموية، والثاني هو تشانك سين جيل سفير كوريا الشمالية السابق في القاهرة الذي كان قد لجأ إلى الولايات المتحدة الأميركية في أغسطس/ آب من عام 97 طالب أسامة الباز الولايات المتحدة بإرسال مراقبين إلى الأراضي الفلسطينية، وبحث مع المسؤولين الأميركيين سياسات شارون التي قال إنها تدفع المنطقة إلى نفق مظلم، ويبدو أن أخطر الأمور في نظر الباز هو أن التصعيد الإسرائيلي يدفع المنطقة برمتها إلى مزيد من التطرف.
المراقبون يقولون: إن صرخة المستشار السياسي للرئيس المصري في ردهات الخارجية الأميركية سيصل صداها إلى البيت الأبيض، فهو يحذر من أن الأنظمة العربية المتحالفة مع الغرب واقعة في حرج كبير تجاه جماهيرها، إذ أن التحيز الأميركي الكامل إلى جانب إسرائيل يجعل هذه الأنظمة تظهر في نظر الجماهير كالمتواطئ مع الحلف الأميركي الإسرائيلي، وهناك من يرون أن الظروف الراهنة وما يرافقها من متاعب اقتصادية -وفي مصر بالذات- قد تعمل على حشد التأييد للتنظيمات الإسلامية الراديكالية في الدعوة إلى الثورة على الأنظمة العربية الهم الأخر الذي يقلق الحكومة المصرية هو الاتهام الأميركي لها بالتعاون مع كوريا الشمالية في مجال الصواريخ البالستية، ومن المعروف أن كثيراً من الجيوش العربية وغير العربية تحاول الحصول على أهم منتجين حربيين في كوريا الشمالية الأول هو صاروخ وادونج البالستي القادر على حمل رؤوس نووية، والثاني هو النسخة الكورية من صواريخ سكود الروسية.
العلاقات الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة لا تمنع بالطبع تطوير العلاقة بين بيونج يونج والقاهرة، إذ تقوم بينهما علاقات دبلوماسية منذ زمن، وكانت الولايات المتحدة تشك منذ فترة طويلة بوجود تعاون عسكري بين كوريا الشمالية ومصر، ولكن مصر ظلت تقول: إن التعاون بين البلدين يقتصر على مجالات التنمية والزراعة، إلا أن السفير الكوري الهارب قبل أربع سنوات أكد وجود تعاون عسكري بلغ حد إجراء تجارب أولية على النسخة المصرية لصاروخ وادونج، خطورة هذا التعاون في نظر واشنطن طبعاً أنه يضع جميع الأراضي الإسرائيلية في مدى الصواريخ المصرية، وهو أمر تقول الولايات المتحدة إنه غير مقبول لأنه يهدد أمن إسرائيل، وهو ما جعل النواب في الكونجرس يطالبون بوقف المعونات لمصر التي تعتبر ثاني أكبر متلق للمعونات الأميركية بعد إسرائيل، وقد يكون من قبيل الإغراق في التفاؤل أن يتمكن المسؤول المصري من حمل واشنطن على تغيير موقفها الحالي من التطورات في المنطقة التي تواجه وضعاً لا يمكن وصفه إلا بأنه متفجر.
جميل عازر: ومن قناة (الجزيرة) في قطر نتابع هذه الجولة في ( الملف الأسبوعي) وفيه أيضاً، الهند وباكستان: احتفالات بالاستقلال في دلهي وإسلام أباد، وشبح كشمير مهيمن على العلاقات بينهما.
الاتفاق بين الحكومة والمتمردين
الألبان في مقدونيا في ظل رعاية الناتو
تراجعت مقدونيا -للوقت الراهن على الأقل- عن شفا الحرب الأهلية التي كانت توشك على السقوط في نيرانها بعد الاتفاق الذي أبرمه حلف الأطلسي مع المتمردين الألبان المقدونيين، ورغم وصول طلائع قوات الناتو التي ستتولى مهمة تسلم أسلحة أفراد جيش التحرير الوطني الألباني -وليس نزع أسلحتهم- لا يزال الوضع مرشحاً للانفجار، لأن الأمر سيعتمد إلى حد كبير على مدى التزام المتمردين بوقف إطلاق النار والبدء في تنفيذ الاتفاق السياسي الذي أبرمته الحكومة في سكوبيا مع الأحزاب الألبانية، خاصة وأن المتمردين أثبتوا قدرتهم على تحدي القوات الحكومية ميدانياً.
تقرير/ خالد القضاة: التفسير الأرجح لموافقة الحكومة المقدونية على بنود اتفاق السلام الأخير واستقبال قوة أطلسية هو أن سكوبيا قد أذعنت أخيراً لضغوط الأطلسي خاصة من أجل تقديم بعض التنازلات للمقاتلين الألبان بهدف تحريك الأزمة نحو حل، والاتفاق الذي تم من جهة أخرى بين الناتو والمقاتلين الألبان لنزع أسلحتهم يعتبر مقدمة لإجراء تعديلات في الدستور المقدوني، وستتركز التعديلات على منح حقوق أكثر للأقلية الألبانية تشمل اعتماد اللغة الألبانية لغة رسمية ثانية في المناطق الألبانية الغالبية، ومزيداً من الوظائف خصوصاً في جهاز الأمن الذي يهيمن عليه السلاف المقدونيون، إضافة إلى إتاحة فرص أفضل في مجال التعليم.
جوهر الاتفاق الذي تم بين الناتو والمقاتلين ينص على أن يسلموا ثلث أسلحتهم مع حلول نهاية الشهر الحالي مقابل عفو عام تمنحه لهم الحكومة المقدونية، لكن المهمة التي سيقوم بها الحلف وأطلق عليها اسم "الحصاد الأساسي" ليست سهلة في منطقة كالبلقان، فوجود قوة الناتو في مقدونيا ينطوي على مخاطر بسبب احتمال أن تواجه تحديات عسكرية أكبر بكثير من نطاق صلاحياتها الأساسية المحدودة، وذلك بسبب طبيعة الصراع الدائر هناك، وربما أقدم الناتو على مثل هذه الخطوة للحيلولة دون خطراً أكبر وهو امتداد الوضع المتفجر في مقدونيا إلى منطقة البلقان كافة، بحيث يهدد ذلك أمن أوروبا ومصالح الغرب بصفة عامة، كما يدرك الحلف أن اتفاقاً بين المقاتلين وسكوبيا ليس من شأنه أن يصمد من دون طرف راع يكون قوياً بما يكفي لمراعاة تنفيذ بنود الاتفاق.
ويعرف الناتو تماماً أن الدبلوماسية وحدها غير كافية لترسيخ السلام نظراً لعدم وجود إرادة حقيقية لدى طرفي النزاع حتى الآن تضمن منع انفجار الوضع مجدداً، غير أن الناتو لم يقدم على هذه الخطوة دون أن يأخذ في الاعتبار الانفراج الذي بدأ يبرز في الفترة الأخيرة على الساحة المقدونية منذ توقيع الاتفاقية الأخيرة بين الحكومة في سكوبيا والأحزاب الألبانية، فمن المفترض أن تحقق تلك الاتفاقية مطالب الطرفين على السواء رغم أنه ينظر إليها على أنها تنازل من الحكومة أمام مطالب المقاتلين، وقد يتضح هذا من التهديدات التي لوح بها الحزب الديمقراطي القومي السلافي حول إمكانية تعطيل موافقة البرلمان على الاتفاق ما لم يلب جميع المطالب السلافية المقدونية.
احتفال الهند وباكستان بعيد استقلالهما
في ظل تصاعد الخلاف في كشمير
جميل عازر: احتفلت كل من الهند وباكستان بعيد استقلالهما، ولم يغب النزاع بينهما على كشمير لحظة عن أذهان المسؤولين في الدولتين، فهذه القضية التي تسببت في نشوب حربين بين دلهي وإسلام أباد مستمرة منذ استقلالهما عن الإمبراطورية البريطانية قبل أكثر من نصف قرن، وكانت الصخرة التي تحطمت عليها فرص التوصل إلى اتفاق على سبل تحسين العلاقات في قمة أجرا بين الرئيس الباكستاني الجنرال مشرف ورئيس الحكومة الهندية فاجباي، وإذ يصر الجانبان على استعدادهما لإجراء مزيد من المحادثات إلا أن باكستان تقول: إن حل مشكلة كشمير شرط أساس لتحسين العلاقات وتطويرها.
تقرير/ توفيق السهلي: في مثل هذه الأيام من عام 47 احتفلت كل من الهند وباكستان باستقلالهما عن الإمبراطورية البريطانية وانفصالهما عن بعضهما، لتكون الهند دولة لأغلبية من السكان الهندوس وباكستان دولة لأغلبية من المسلمين، ومنذ ذلك الحين شهد البلدان ثلاث حروب، اندلعت اثنتان منهما بسبب الخلاف حول إقليم كشمير الذي تسيطر الهند الآن على ثلثيه فيما تحكم باكستان ثلثه الأخير، ومع احتفال البلدين بالذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال في منتصف هذا الشهر بدت قضية كشمير الأبرز بين بقية القضاياً التي أثيرت في هذه المناسبة، ففي دلهي لم يفوت رئيس الوزراء أتال بيهاري فاجباى المناسبة ليوجه نقداً لاذعاً لبرويز مشرف رئيس باكستان التي اتهمها بالمسؤولية عن دعم العمليات المناهضة للوجود الهندي في الإقليم، كما تعهد بسحق ما أسماه بـ "الإرهاب عبر الحدود" ومع ذلك أكد فاجباي على استعداد الهند لمواصلة الحوار مع باكستان بحثاً عن حل للمشكلة.
أما في باكستان فقد أكد رئيسها الجنرال برويز مشرف على استعداده لإجراء المزيد من المباحثات مع الهند حول كشمير قائلاً: إنه لا يمكن تحقيق تقدم بين البلدين بدون حل الخلاف حول كشمير واللافت أن هذه التصريحات تأتي بعد لقاء القمة الأول من نوعه بين زعيمي البلدين منذ عامين، والذي انتهي في أجرا الشهر الماضي دون أن يتمخض عن أي نجاح يذكر، وحتى عن بيان مشترك وما يؤكد فشل القمة ارتفاع وتيرة العنف في القطاع الهندي من كشمير، حيث بلغ عدد القتلى منذ انعقادها نحو ثلاثمائة لقد كان النزال حول كشمير ولا يزال كالبركان الذي يأبى الخمود، وهو ما يثير مخاوف بعض الدول ومنها الولايات المتحدة من وقوع نزاع نووي بين البلدين ورغم السعي الأميركي للجم سباق التسلح بين الهند وباكستان لم يتوان البلدان عن تطوير ترسانتهما الصاروخية متوسطة المدى بدافع إيجاد الرادع في وجه الطرف الآخر، فطورت الهند عدة أنواع من الصواريخ التي تصل إلى معظم أنحاء باكستان، فيما طورت باكستان صواريخ مماثلة قادرة على الوصول إلى معظم أرجاء الهند.
لقد أظهرت قمة أجرا أن التوصل إلى تسوية سياسية أمر بعيد المنال في الوقت الراهن، ورغم أن هناك من يشككون في قدرة أي من الدولتين على شن حرب ضد الأخرى بسبب اقتصادهما المتهالك، فإن هذا ليس ضماناً كافياً للأمن والسلام بينهما، فسباق التسلح الذي تخوضه إسلام أباد ودلهي يلتهم الكثير من الإمكانيات الاقتصادية، بينما تعيش أغلبية الشعبين دون خط الفقر، وربما درءاً للمضاعفات الداخلية تواصل الحكومتان عزمها على المضي في محاولة إيجاد مخرج من مأزق كشمير، إذ يشكل في نظر باكستان العقبة الرئيسية لتحسين العلاقات مع الهند.
أيرلندا الشمالية بين الحكم المباشر
من لندن والحكم من بلفاست
جميل عازر: تأرجحت أيرلندا الشمالية بين الحكم المباشر من لندن والحكم من بلفاست مرتين خلال أيام قليلة، فقد بدا عرض الجيش الجمهوري الأيرلندي تعطيل أسلحته وكأنه بداية لإنعاش عملية إحلال السلام في الإقليم، ولكن رفض البروتستانت للعرض بدعوى أن تنفيذه غير مرتبط بجدول زمني محدد أعاد الكرة إلى حضن الحكومة البريطانية، وإذ قام الجيش الجمهوري بسحب ذلك العرض الآن فإن الأزمة السياسية عادت لتراوح مكانها رغم قيام الوزير البريطاني لشؤون أيرلندا الشمالية بخطوات قد تلبي بعض مطالب الجمهوريين، خاصة فيما يتعلق بهيكل جهاز الشرطة الملكية في الإقليم.
تقرير/ حسن إبراهيم: لندن تحكم أيرلندا الشمالية مباشرة والجيش الجمهوري يسحب عرضه بتعطيل أسلحته، بينما اعتقلت كولومبيا ثلاثة أيرلنديين قالت إنهم أعضاء في الجيش الجمهوري الأيرلندي تتهمهم بحيازة مخزن أسلحة بصورة غير شرعية، وتخشى لندن ودبلن من تدهور الأحوال الأمنية إلى ظروف ما قبل اتفاقية الجمعة العظيمة، وهو ما جعل الكثيرين من مراقبي الشأن الأيرلندي يعتبرون أن الستار قد أسدل على حقبة كان فيها أمل السلام يراود الأيرلنديين رغم التوتر التي شابها، فالرفض الذي قابلت به الأحزاب الاتحادية البروتستانتية العرض الذي تقدم به الجيش الجمهوري الأيرلندي بتعطيل جميع أسلحته وتخزينها في أماكن توضع تحت إشراف المراقبين الدوليين هو الذي أوصل الأوضاع إلى هذه المرحلة، فقد تهكم الساسة الاتحاديون على ما تقدم به الجمهوريون، وقالوا: نريد أن نرى أفعالاً لا أقوالاً، وهذا ما أثار ثائرة الجمهوريين الذين سارعوا إلى التراجع عن عرضهم.
وكان الوزير الأول في حكومة أيرلندا الشمالية ديفيد ترمبل قد استقال من الحكومة بحجة أن الجيش الجمهوري يرفض تسليم أسلحته، ولكن الباردة الأخيرة من الجيش الجمهوري لم ترض الاتحاديين، فعاد الموقف إلى الدائرة المفرغة التي كانت موجودة أصلاً ودوامة العنف والعنف المضاد الذي تغذيه الانقسامات في صفوف المعسكرين، وما يغضب الجمهوريين، حتى أولئك الذين ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الليبرالي الاجتماعي المعتدل بزعامة جون هيوم هو أن حكومتا لندن ودبلن لم تبذلا أي جهد في إقناع المنظمات الاتحادية أن تسلم أسلحتها، ولم يحدث تغيير يذكر في تركيبة شرطة أيرلندا الشمالية التي تهيمن عليها الطائفة البروتستنتية.
ومع عودة الحكم البريطاني المباشر أرسلت لندن تعزيزات إضافية إلى قواتها في الإقليم، وهو ما سيزيد الأمور اشتعالاً، فهناك منظمات جمهورية أكثر تطرفاً من الجيش الجمهوري الأيرلندي مثل: الجيش الجمهوري الحقيقي والجيش الجمهوري المستمر، وهما منظمتان أثبتتا قدرتها على تدبير انفجارات في لندن ذاتها، وإذا أضفت إلى هذا بعض المنظمات الصغيرة للغاية والتي انشقت عن الحزب الشيوعي الأيرلندي وترتبط بعلاقات عضوية مع حركة تحرير الباسك إيتا فإن الوضع يحتاج إلى وقفة حقيقية.
وكان جون ري الوزير البريطاني لشؤون أيرلندا الشمالية قد أعرب عن أسفه لسحب الجيش الجمهوري عرضه، وقال: إن هذا يحبط في خمسة أيام ما استغرق بناؤه عامين من المفاوضات، قال: إن الأنباء التي وردت من كولومبيا أصابت الكثيرين بخيبة الأمل لكن يبدو أن البروتستانت الذين يهيمنون على أيرلندا الشمالية يريدون اقتطاع أكثر من رطل لحم من جسد الحركة الجمهورية المسلحة، وهو ما سيزيد الأمور اشتعالاً مالم تعد جميع الأطراف إلى مائدة المفاوضات.
جميل عازر: وبهذا نأتي إلى ختام هذه الجولة في (الملف الأسبوعي)، ونذكر حضرات المشاهدين أن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع ( الجزيرة نت) في الشبكة المعلوماتية الإنترنت، على أننا سنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر، فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا جميل عازر يستودعكم الله، فإلى اللقاء.