
انسحاب سوري من لبنان، مؤتمر الحزب الوطني المصري
– انسحاب سوري جزئي من لبنان
– المؤتمر السنوي للحزب الوطني المصري
– تنحي زيمين عن رئاسة اللجنة العسكرية
– اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
– ظاهرة اختطاف الأجانب في العراق
– تزايد الضغوط الدولية على إيران
– انتخابات الرئاسة الإندونيسية
|
توفيق طه: أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي في هذه الجولة؛ انسحاب سوري جزئي من لبنان ومحاولات محمومة لإزالة التوتر بين دمشق وواشنطن، مؤتمر الحزب الوطني الحاكم في مصر يتجنب القضايا الدستورية ويركز على إصلاحات اقتصادية واجتماعية وتوالي خطف الرهائن المدنيين يثير حفيظة الكثيرين في العالم ويربك من يؤيدون المقاومة العراقية.
امتثلت سوريا لقرار مجلس الأمن الدولي وبدأت في الانسحاب من لبنان ولا يمكن اعتبار القرار إلا حلقة في دائرة الخلافات السورية الأميركية المعقدة فسوريا تؤكد أنها ليست طرفا في أحداث العنف التي تخلخل أمن العراق والمتصيدون في المياه العكرة أبوا إلا أن يحققوا حلمهم القديم في تضييق خيارات الشعب الفلسطيني فأرغموا دمشق على إغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية الرافضة لاتفاقية أوسلو ولو كانت مجرد مكاتب إعلامية أما على صعيد لبنان وإسرائيل فما عاد هناك أمل سوري كبير في تحقيق مقايضة لبنان بالجولان فقرار إبعاد سوريا عسكريا عن لبنان قد يفرز واقعا جديدا يتغير فيه الكثير من المعادلات والحسابات.
[تقرير مسجل]
" |
حسن إبراهيم: ما الذي يجري بين دمشق وواشنطن وأين يقع لبنان من المعركة غير المتكافئة بين الدولة العظمى وبلد كل ملامح وجدوه مهددة بالكثير من الأخطار وأصرت واشنطن على الانسحاب السوري من لبنان لعلمها أن الانسحاب السوري سيحرم حزب الله من المصدر الأول لتمويله وتسليحه حتى ذلك الذي يأتي من إيران عبر سوريا ولا شك أن قرار مجلس الأمن 1559 وإن أثلج صدور بعض الأطراف اللبنانية وقع وقوع الصاعقة على كثير من القوى السياسية اللبنانية التي ارتبط نفوذها بالتواجد السوري المكثف منذ نهاية الثمانينات من القرن المنصرم والذي اكتسب شرعية كاملة بعد اتفاقية الطائف وبمباركة الأميركية فسوريا كانت تتمتع بقبول أميركي لدورها في لبنان بل وكانت واشنطن تثمن على الدور السوري خاصة إبان عهد الرئيس بيل كلينتون لكن الأحداث المفصلية أثرت على المشهد اللبناني السوري فاتفاقية الطائف والتي تبعتها حرب الخليج الأولى عام 1991 اعتبرها كثير من اللاصقين بالملف السوري مكافأة من واشنطن لدمشق لتأييدها التحالف الدولي ضد العراق وتمتعت دمشق بهذه الرعاية الأميركية ردحا من الزمن أكتسب فيه الرئيس الراحل حافظ الأسد سمعة دولية كمفاوض شديد المراس وغير متعجل للتسوية ورغم الخط الإعلامي السوري الرسمي الصدامي إلا أن التفاهم بين الأسد الأب وقاطني البيت الأبيض وقد مر عليه إبان عهده خمسة منهم كان متميز ولم يصل أبدا إلى درجة التصادم بل واحتملت واشنطن دعم سوريا لحزب الله وتحالفها مع إيران وإيوائها للفصائل الفلسطينية الرافضة لاتفاقية أسلو ولم تزمجر واشنطن إلا قليلا عندما أجبرت ضربات المقاومة اللبنانية إسرائيل على الانسحاب من معظم أراضي لبنان ثم ضربت الطائرات رموز الولايات المتحدة الأكثر دلالة صباح الحادي عشر من سبتمبر وتغير كل شيء، أضحى اليمين الراديكالي الذي يحكم الولايات المتحدة أكثر شراسة في طرح برنامجه لتغيير أولويات العالم السياسية وبدون أن يقصد الرئيس الأميركي فقد حقق ما قاله أسامة بن لادن عشية الحرب على أفغانستان أن العالم قد انقسم إلى فسطاطين فما عادت واشنطن تقبل بالمناورات القديمة ولا بالمنظمات الفلسطينية على الأراضي السورية رغم أن وجودها هناك إعلامي بحت حسب الخط الرسمي السوري ولا تقبل بحق اللبنانيين في محاربة إسرائيل فصنفت حزب الله منظمة إرهابية رغم أنه لم تسجل أي عملية لحزب الله خارج الأراضي اللبنانية وأصرت واشنطن على تحميل دمشق جزءا من تفشي العنف في العراق ثم أتت معضلة التجديد للرئيس إميل لحود وظنت دمشق أنها تستفز واشنطن للمفاوضة عبر الإصرار على لحود رغم التحذيرات الفرنسية والأميركية لكن أتت الرياح بما لم تشته السفن فأتى القرار الدولي ليفتح صفحة جديدة في علاقة بين دمشق وواشنطن هي ملتبسة في الأساس وربما يدفن إلى الأبد مبدأ تلازم النسقين السوري واللبناني في عملية السلام وأتى أوان الاختيار بين انصياع كامل للرغبة الأميركية للحيلولة دون إجراءات تخنق سوريا أو التحدي الكامل وهذا يستوجب تلاحما مع الجماهير وإصلاح سياسيا متكامل لا يبدو حتى الآن أن دمشق مستعدة له.
توفيق طه: ومعنا من باريس صبحي الحديدي المفكر والكاتب السوري، أستاذ صبحي كما استمعت هناك من يرى أن دمشق من خلال إصرارها على التمديد للحود إنما أرادت أن تستفز واشنطن من أجل بدأ حوار معها إلى أي مدى توافق على هذا التشخيص أولا؟
صبحي الحديدي: والله قد لا أوافق على مفردة استفزاز ولكن ربما في بعض الخلفية وليس في كامل الخلفية هنالك ما يشبه إذا شئت التعاطي أو استيهام الصفقات ما بين دمشق وواشنطن ولكن في تقديري الأساس أن القرار السوري يعني أو إذا بدك السيناريو الذي قاد إلى هذا التوتير الأخير بين دمشق وواشنطن ثم دمشق وباريس أي تمديد للحود كان له اعتبارات سورية قبل أن يكون أو قبل أن يندرج في إطار المناوشة الأميركية السورية يعني بادئ ذي بدأ هنالك ينبغي أن نعترف عقلية مستبدة وتكره الجديد والتهديد في القيادة السورية وحتى إذا كان ذلك الجديد إميل لحود هنالك من جانب آخر إصرار على ضرب أمثولة للشعب اللبناني أنه إذا كان مجلس الشعب السوري احتاج إلى ست دقائق لتوريث بشار الأسد فمجلس النواب اللبناني ينبغي ألا يكون أفضل وهنالك إذا شئت الوهم الكبير الذي يحكم ربما الدبلوماسية السورية الراهنة أنها تستطيع عن طريق الإيحاء بأنها ما تزال تقبل على الورقة اللبنانية تستطيع إرسال إشارات قوية إلى واشنطن وإلى الجوار الإقليمي ربما أنها ما تزال قوية على الساحة وفي الواقع هي يعني الآن الحلقة الأضعف يعني.
توفيق طه: ماذا أرادت دمشق من واشنطن من خلال هذه الرسالة التي تحدثت عنها؟
" |
صبحي الحديدي: هنالك طبعا أكثر من حديث أعتقد أن دمشق يعني هنالك يقال أن هناك ما يشبه الشد والجذب الضمني بين ما يجري في العراق بمعنى بقدر ما تغرق واشنطن أكثر عسكريا في المستنقع العراقي وأمنيا بقدر ما تتحسن شروط إفلات دمشق من السيناريوهات القادمة في المنطقة من جانب أول ومن جانب آخر أظن أن الحسابات السورية محكومة إلى حد كبير بالوضع الداخلي يعني أرجو أن نفهم جيدا أن جزء كبير من هموم واشنطن مع دمشق ليست بسبب سياسات رسمية سورية وإنما بسبب أن عدد من الضباط السوريين وعدد من المتنفذين السوريين يتاجرون بالسلاح ويستغلون الحدود السورية العراقية وهذا ما تخشاه واشنطن، الحقيقة في تقديري واشنطن تخشى أن تفلت الأمور ذات يوم بحيث إنه لا يوجد أي ربان في الطائرة السورية وبالتالي يعني تصبح الأمور صعبة السيطرة وواحدة من الرسائل التي أرادت دمشق أن ترسلها إلى واشنطن أننا إذا أعدنا انتخاب لحود بالطريقة المذلة والمهينة التي جرت بها فإنكم تستطيعون أن يعني تتاجروا معنا أو تقيموا صفقة معنا وإن كانت صفقة جزئية يعني.
توفيق طه: نعم هنا الحديث عن الشق الآخر واشنطن لها مطالب معلنة من دمشق إلى أي مدى تتطابق هذه المطالب مع المطلب الحقيقي أو المطالب الحقيقية التي تريدها واشنطن من دمشق؟
صبحي الحديدي: والله يا سيدي شوف يعني ينبغي أن نكون واقعيين كما تعلم ربما هذه الأسابيع هي أصعب إذا شئت الظروف التي مرت بها العلاقات السورية الأميركية منذ أن تولى حافظ الأسد السلطة سنة 1970 يعني كان هناك سكينة في العلاقات بين الطرفين الآن وهذا ربما كان أخشى ما يخشاه حافظ الأسد الحقيقة في التوريث الآن لم تعد كما قلتم في التقرير الرياح يعني تجري بما تشتهي السفينة السورية، الولايات المتحدة ليست يعني اعذرني ليست مهمومة جدا بوجود ثلاثة أو أربعة من قادة حماس أو بوجود أحمد جبريل الحقيقة ما يهم الولايات المتحدة هو ضمان الحدود السورية العراقية لأن القادم في العراق هو أشد وطأة وأشد كابوسية من أن تتحمل الولايات المتحدة مفاجآت داخلية سورية خارجة عن نطاق السيطرة السورية بسبب كما قلت لك أنه لا يوجد ربان في القيادة السورية والشطر الآخر من المسألة أن الولايات المتحدة فعلا تريد أن يكون هناك في المنطقة ترتيبات أيضا تضمن أمنها في العراق وهذه الترتيبات من هنا مثلا نحن نعرف أن الكونغرس لا يتباكى إطلاقا على حقوق الإنسان في سوريا والحريات ولكن اللهجة هذه المرة واللغة هذه المرة عالية جدا وبالتالي تريد الولايات المتحدة أيضا من هذا النظام البعثي أو أخر قلاعه إذا شئت ما تبقى من هذا الفكر تريد له أن يكون مطواعا وربما أن يرضخ بشكل واضح تماما يعني.
توفيق طه: نعم يعني هذا أدعى يعني لأن يكون هناك بالفعل حوار أميركي سوري وقد كان بيرنز جاء إلى دمشق وكان هناك لقاء في نيويورك بين وزير الخارجية يعني إلى أي مدى يمكن أن تذهب واشنطن في ضغوطها على دمشق حتى من أجل استقرار الحدود العراقية السورية؟
صبحي الحديدي: والله يا سيدي الأمور رهن بخواتمها كما يقال من الواضح أن الولايات المتحدة هذه المرة يعني التصعيد ليس في خطاب بيرنز في إنذار بيرنز أو مثلا في تصريحات ساترفيلد الوقحة فعلا يعني ولكن أيضا في الكونغرس وفي الإعلام الأميركي واضح جدا أن هذه المرة طبعا القيادة السورية ويعني أعتقد أنها سلمت بكل شيء يعني لن يطول الأمر حتى نرى دوريات مشتركة يعني عسكرية سورية أميركية على الحدود والقيادة السورية مستعدة لكل شيء لأنه بكل بساطة وواقعية هي لا تستطيع العين لا تقاوم المخرز خصوصا أنها في العلاقة مع شعبها ما تزال سلطة مستبدة وما تزال ضعيفة وما تزال الرهانات إذا شئت على يعني تفعيل الإرادة الشعبية شبه منعدمة وبالتالي أدعى إلى الحوار ولكن هذا أشبه إذا شئت يعني من المعيب أن نسميه حوارا لأنه هذا الطرف خاضع وهذا الطرف مخضع يعني وأظن أن الولايات المتحدة في المرحلة الراهنة ليست في باب الحوار يعني.
توفيق طه: نعم هنا أستاذ صبحي يأتي دور المعارضة السورية نحن نعلم أن واشنطن اعتمدت على المعارضة العراقية كحصان طراودة في هجمتها على العراق هل يمكن أن تلعب أو إلى أي مدى يمكن أن تلعب المعارضة السورية هذا الدور وكيف يمكن أن تحصن سوريا نفسها ضد ذلك؟
صبحي الحديدي: على كل حال ربما هذه هي يعني ربما لعل هذه أبرز النقاط المضيئة فيما يجري الآن من شد وجذب بين واشنطن ودمشق وهي أن المعارضة السورية ليست على الإطلاق شبيهة بالمعارضة العراقية وهي معارضة تعرف جيدا ليست لديها أية أوهام حول الولايات المتحدة والولايات المتحدة لحسن الحظ ليست لديها أوهام حول المعارضة السورية ما تجده من لقاءات يعني سواء يعني صيغة فريد الغادري أو غيره يعني لا أعتقد أن الولايات المتحدة تمكنت من العثور على حزب سياسي سوري واحد بمعنى متواجد جماهيريا أيا كان حجم تواجده طبعا في سوريا وله برنامجه السياسي وله تاريخه النضالي مستعد أن يتحاور مع واشنطن مجرد حوار طبعا هذا لا يعني على الإطلاق أن المعارضة السورية سوف تقف خلف حزب البعث لكي تدافع عن هذا النظام الاستبدادي فيه سياسة هنالك شروط أنت تستطيع أن يعني حتى أن تجير صراع الخصمين لصالحك بطريقة أو بأخرى ولكن لم تراهن في تقديري الولايات المتحدة على المعارضة السورية والمعارضة السورية قدمت من الإشارات الكافية للولايات المتحدة لكي يعني لا تراهن على الإطلاق أن أيا من الأحزاب السورية سوف يكون جزءا من أي مخطط أميركي قادم في سوريا.
المؤتمر السنوي للحزب الوطني المصري
توفيق طه: شكرا صبحي الحديدي المفكر والكاتب السوري في باريس، انتهى مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر دون حسم لأهم المواضيع التي يطالب بها الإصلاحيون فلم يناقش قانون الطوارئ ولم يتغير الدستور ليصبح أكثر ديمقراطية ولم يُعين رئيس الجمهورية نائبا له ويظل التيار الليبرالي في الحزب بقيادة ابن رئيس الجمهورية جمال مبارك في الصدارة رغم أن الحرس القديم أفلح في تمييع أي تغيير سياسي حقيقي.
[تقرير مسجل]
" المؤشرات تمنح التيار الإصلاحي فرصا أكبر في إحراز نجاح خلال الفترة المقبلة، ينتهي بسيطرة كاملة على شؤون الحزب الوطني الحاكم في مصر " تقرير مسجل |
سمير عمر: أنهى الحزب الوطني الحاكم في مصر أعمال مؤتمره السنوي الثاني وعلى أجندته بنود لم يتم حسمها بنود تتعلق بالحراك السياسي الداخلي بين قيادات الحرس القديم ورموز ما بات يعرف بالتيار الإصلاحي وبنود تتعلق بالحياة السياسية المصرية التي أصابتها حالة من الجمود ترى المعارضة أن الحزب الحاكم هو المسؤول الأول عنها على المستوى الداخلي بدا أن طرفي الصراع وإن كانوا غير متوافقين فهم أيضا لا يريدون إشعال نيران الخلافات خوفا من أن يتصدع الحزب وهياكله وبدلا من معركة حاسمة تصل بأحدهم إلى إحكام قبضته على مقاليد الحزب خرج الطرفان من هذه الجولة وكلاهما يمني نفسه بانتصار قريب وإن كانت المؤشرات تمنح التيار الإصلاحي فرصا أكبر في إحراز نجاح خلال الفترة المقبلة ينتهي بسيطرة كاملة على شؤون الحزب وفي خلفية هذا المشهد الحزبي الساخن مازال أعضاء الحزب في المستويات القاعدية بعيدون تماما عما يدور في الصفوف الأمامية، المعركة الداخلية لم تكن مقطوعة الصلة بالمعركة الخارجية بين الحزب والمعارضة التي صعدت من وتيرة عملها في المطالبة بإصلاحات سياسية جذرية فالجناح الإصلاحي الذي يؤمن رموزه بالليبرالية الاقتصادية يدرك أن توفير بيئة سياسية ليبرالية هي أهم شروط تنفيذ بنود أجندتهم على المستوى الاقتصادي وهم في سبيل ذلك مستعدون للتجاوب مع بعض مطالب المعارضة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية وإن كان الكثيرون يرون أن هذا التجاوب سيبقى في حدود ما يضمن الحزب الحاكم استمرار سيطرته على مفاتيح اللعبة السياسية في مصر، الخطاب السياسي لرموز هذا الجناح جاء أقل عداء مع الآخر المعارض وأكدوا غير مرة أن جميع الموضوعات بما فيها تعديل الدستور وإلغاء حالة الطوارئ مطروحة للنقاش وبغض النظر عن أن البعض تعامل مع هذه التصريحات على أنها مجرد محاولة لكسب تعاطف المعارضة فإن الثابت أن رموز الإصلاحيين حرصوا على تقديم أنفسهم كطرف يؤمن بالحوار وبحق المعارضة في المشاركة بفاعلية في الحياة السياسية وجاءت المكاسب التي رأتها المعارضة شكلية وغير ذات جدوى في مجال تعديل بعض بنود قوانين الانتخابات ومجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية بقوة دفع مباشرة من رموز هذا الجناح وفي المقابل واصل قيادات الحرس القديم ترديد خطابهم التقليدي عن مكاسب ديمقراطية تحققت وإصلاحات لا تخطئها عين معتبرين أن الحديث عن إلغاء حالة الطوارئ وتعديل الدستور ليس من أولويات الوقت الراهن وهو ما دعا المعارضة للتساؤل ومتى يحين هذا الوقت؟ نتائج المؤتمر السنوي الثاني للحزب الحاكم جاءت مخيبة لآمال المعارضة في الإصلاح السياسي لكنها فتحت بابا واسعا أمام إصلاحات اقتصادية أثارت كثيرا من الجدل حول ما إذا كانت قادرة على حل مشاكل المواطنين البسطاء أم أنها تستجيب وحزب للتوجهات الليبرالية للجناح الإصلاحي داخل الحزب، سمير عمر لبرنامج الملف الأسبوعي القاهرة.
تنحي زيمين عن رئاسة اللجنة العسكرية
طه حسين: وأخيرا تنحى الرجل الذي وصف بأنه قاد أعظم عملية تحول نحو الرأس مالية في التاريخ فقد تنحى جيانغ زيمين عن آخر مظاهر السلطة ليسلمها إلى هو جينتاو الذي جمع بين يديه السلطات الثلاث رئاسة الحزب والجيش والحكومة والصين التي تعتبر أكبر بلاد العالم من حيث عدد السكان تتمتع باقتصاد مختلط ومرن أفلح في الإبقاء على الماركسية الماوية ملهمة للأطر العامة للدولة مع تطعيمها بالانفتاح الرأسمالي المدروس فلا مكان في الصين للدغمائية الأيديولوجية بل نهج برغماتي أرغم الغرب على تعايش مع الصين والقبول ولو على مضض بدولة مازال يحكمها الحزب الشيوعي.
[تقرير مسجل]
" |
عزت شحرور: في قلب العاصمة بكين لكن بعيدا عن عيون وآذان مواطنيها وخلف هذه الأبواب الموصدة أنهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أربعة أيام من المداولات المضنية في ظل ما أشيع عن احتدام الصراع على النفوذ بين أقطاب القيادة الصينية لتعلن أخيرا قبول استقالة الرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين من أخر مناصبه القيادية رئاسة اللجنة العسكرية المركزية بانتقال سلس للسلطة في إطار المؤسسة الحزبية الحاكمة ومبايعة جيانغ خلفه هو جينتاو على خلافة غير منقوصة لأكبر حزب وأكثر الجيوش عددا وأكثر بلد تعدادا للسكان في العالم، جيانغ الذي كان قد تخلص من العديد من مناوئيه بذريعة تقدمهم في السن لم يعد لديه ما يقوله بعد أن ناهز الثامنة والسبعين ومبدأ الحزب يقود الجيش الذي تمسكت به الصين منذ تأسيسها بات يبدو في خلل بعد خروج جيانغ من عضوية المكتب السياسي للحزب منذ عامين وبقائه على رأس الجيش، سطوع نجم جيانغ كان مفاجئا للمراقبين فقد قفز به الزعيم الراحل تان سياو بين من رئاسة الحزب في شنغهاي إلى رئاسة الجمهورية في فترة عاصفة أعقبت أحداث الطلبة عام 1989 ليصبح فيما بعد أول شخصية صينية تقود الحزب والدولة والجيش معا بعد مؤسس الصين ماو تسي تونغ لكنه نجح طوال 13 عاما بالحفاظ على استقرار اجتماعي قاد بدوره إلى أسرع نمو اقتصادي في العالم ساعده في ذلك رئيس وزراءه الاقتصادي المخضرم جورون جي واللوبي الذي عرف باسم مجموعة شنغهاي وتمتع بنفوذ قوي في مؤسسات الحكم، جيانغ عمل أيضا على تحسين علاقات بلاده مع القوى الكبرى وسعى ليجد لها مكانا على المسرح الدولي في عالم تسوده تغيرات دولية متسارعة، عسكريا نجح جيانغ وهو أول شخصية مدنية تقود أكبر جيوش العالم بتحديث الجيش ورفع كفاءته ليكون دائما على أهبة الاستعداد لأي طارئ على الجانب الآخر من مضيق تايوان حيث التوتر الدائم وحيث الجزيرة التي تعتبرها الصين مقاطعة مارقة ما تزال الشوكة التي تؤرق القيادة الصينية، نظريته المعروفة التمثيلات الثلاث وبالرغم مما أثارته من جدل كونها تفتح المجال أمام الطبقة البرجوازية لدخول صفوف الحزب إلا أنها تبقى أهم إنجازاته النظرية فقد رأى فيها البعض أنها تأتي استجابة موضوعية لتطورات اقتصادية واجتماعية تضمن بقاء الحزب واستمراره، فشله بإقناع اللجنة المركزية للحزب بتعيين أحد مقربيه نائبا لرئيس اللجنة العسكرية المركزية وتعيين أحد مرشحي الرئيس هو جينتاو بدلا منه يعطي الانطباع بأن مرحلة جيانغ قد انتهت وبأن نجمه السياسي والعسكري قد اكتمل أفوله، الكثير من المراقبين يرون أن كل ما جرى مجرد زوبعة في فنجان واهتمام إعلامي مبالغ فيه فرحيل شخص وحلول آخر معادلة لم تعد تؤثر كثيرا على السياسة الصينية فإن الصين قد تجاوزت مرحلة الحكم المطلق للفرد ورسخت مبدأ القيادة الجماعية للحزب الذي بات هو الحاكم المطلق والوحيد بغض النظر عمن يقوده، عزت شحرور لبرنامج الملف الأسبوعي بكين.
توفيق طه: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل ميغاواتي تودع السلطة بلا ضجة فهل هذه بداية الطريق نحو الديمقراطية الإندونيسية.
اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
توفيق طه: أهلا بكم من جديد، تركيز الرئيس الأميركي على الإرهاب أصاب الكثيرين بالصدمة فهل فقدت الأسرة الدولية البوصلة فبدلا من محاربة الفقر الذي يطحن ما يفوق نصف سكان العالم والإيدز الذي يهدد مجتمعات كاملة بالزوال نجد الخطاب حربا على الإرهاب الدولي دون التعرض إلى الأسباب التي أدت إلى تفشيه وحتى لو كان وجود رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي ضرورة سياسية قبيل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر فإن مشاكل العراق لأجدر بالشفافية لا محاولات الإرضاء السياسي فعلاوي كرر ما قاله الرئيس الأميركي دون أن يعرض إلى جذور الأزمة العراقية التي لا شك عمقها الاحتلال وإن تحول إلى قوات متعددة الجنسيات.
[تقرير مسجل]
" |
مكي هلال: الحرب على الإرهاب عنوان بات يتضخم وتطايرت شظاياه لتصيب حتى منظمة الأمم المتحدة وأعمال جمعيتها العامة وهي التي كانت تشكل لعقود منبرا مهما لقادة الدول لعرض وجهات نظرهم حول قضايا الساعة وحشد التأييد الدولي لها إلا أن الهيمنة الأميركية فرضت أجندة دولية على جميع الدول واتسعت دائرة هذه الحرب بينما أُغفِلت قضايا مثلت لوقت ما الشغل الشاغل للأمم المتحدة والدول الأعضاء فقلبت أولويات الحرب على التخلف والفقر والجهل والمجاعات والإيدز وسلامة البيئة وحتى تداعيات العولمة، اختلاف الأولويات بين العاجل والأقل إلحاحا من القضايا بدا بوضوح في دورة الجمعية العامة لهذه السنة وخصوصا بين تصريحات بوش رئيس الولايات المتحدة وكوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة الذي أوضح أن الانشغال المفرط بما يسمى الحرب على الإرهاب قد يحمل في طياته مخاطر حقيقية على الحريات العامة وحرمان الجهات الأضعف في الشمال والجنوب وحتى الأفراد من حقوقهم طبيعية كانت أو مكتسبة ثم أن المغالاة في طرح الظاهرة على الطريقة الأميركية والانشغال بالنتائج قد أدى إلى إغفال مراجعة أسباب الظاهرة وجذورها والقفز على النزاعات السياسية التي لم تحل بل وأضحت الحرب على الإرهاب محل تنافس بين كيري وبوش وتحول الملف العراقي إلى ورقة انتخابية لهذا تحولت زيارة أياد علاوي لواشنطن للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة إلى محطة مركزية ضمن حملة بوش الانتخابية ولأجل هذا أيضا تصاعدت الانتقادات الحادة لعلاوي في صفوف الديمقراطيين بل وشكك كيري علانية في مصداقيته، الحرب على الإرهاب والحرب في العراق مفردات أضحت تشغل النصيب الأوفر في خطب بوش وكيري وفي انتظار أن يترك المرشحان منصات الحملة الانتخابية استعدادا للمناظرات التليفزيونية يظل الملف مفتوحا لا في جبهات الانتخابات الأميركية فحسب بل في منابر الأمم المتحدة أيضا وإن تعالت الأصوات مؤخرا بضرورة مراجعة مجلس الأمن ودوره الحقيقي في لعبة الأمم.
ظاهرة اختطاف الأجانب في العراق
توفيق طه: ومن إفرازات الوضع الدولي المعقد هناك ظاهرة العنف السياسي في العراق الذي يكابد حروبا متعددة ومن جهات كثيرة كلها يزعم الغيرة على العراق ومعرفة الأصلح له فهناك المقاومة للوجود الأجنبي وهناك المناكفات الطائفية التي تأخذ أشكالا دموية متعددة والصراع بين من ينادون بشكل دولة إسلامي سُني أو شيعي أو علماني ليبرالي وفي وسط كل هذا الخضم تبرز أزمة اختطاف الرهائن كمعضلة سياسية وأخلاقية فهناك من يؤيد اختطاف المدنيين الأجانب بحجة أنهم يدعمون قوات الاحتلال ولو بصورة غير مباشرة ولا يمانع حتى في قتلهم وهناك من يفرق بين ما هو عسكري وما هو مدني ويدين هذه الظاهرة جملة وتفصيلا.
[تقرير مسجل]
" |
زياد طروش: لم تأخذ قضية خطف الرهائن بعدا إعلاميا وسياسيا ودينيا مثلما يحدث هذه الأيام في العراق ومع كل نبأ خطف أو ذبح جديد يزداد عمق الهوة بين مؤيد لما يراه نوعا من المقاومة وبين معارض لما يراه عودة بالزمن إلى القرون الوسطى، الجماعة المؤيدة للخطف والذبح والقتل ترى أن هذه العمليات ما هي إلا وسيلة من وسائل مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق ويعتبر هؤلاء أن اختلال موازين القوة بين الجيش الأميركي وحلفائه من جهة وتنظيمات المقاومة من جهة ثانية لم يترك هامشا كبيرا لهذه الأخيرة لاختيار أسلحتها كما يذهب هؤلاء إلى أنه لم يعد بالإمكان اليوم التمييز بين العسكريين والمدنيين الأجانب في العراق لأن القوات الأميركية قامت بخصخصة كثير من مهامها هناك وأصبح المدنيون شركاء في العمل لصالح الجيش جنودا كانوا أو غسلة ملابس وتأتي القناعة بأن بث الخوف في نفوس فئة ما وحتى شعوب بأكملها قد يدفع بالرأي العام الدولي إلى زيادة الضغط على الحكومات التي أرسلت قواتها إلى العراق مثلما حدث مع الفلبين التي عجلت برحيل جنودها حفظا لحياة أحد مواطنيها أما أخصائيو مكافحة الإرهاب في الغرب فيرون أن الجماعات الرئيسية التي تقف وراء عمليات الخطف هي جماعات منظمة بشكل فائق اختارت من نشر الرعب وسيلة مثلى لإسماع صوتها ولإرهاب أعدائها كما أنه يستدل على دقة تنظيمها باستخدامها للتقنيات السمعية البصرية في تصوير ضحاياها وبث بياناتها ورسائلها عبر التليفزيونات أو بواسطة استخدام شبكة الإنترنت لقناعتها بقدرتها على استهداف أكبر قدر ممكن من الرأي العام، أما مناهضو خطف الرهائن الأجانب وإعدامهم فيرون في العمل إساءة إلى الإسلام والمسلمين أكثر من أي شيء آخر فكراهية الآخرين سواء كانوا في الغرب أو في الشرق لن تزيدها مشاهد الذبح والرمي بالرصاص واسترحام الرهينة لخاطفها سوى التأجج وما حدث للمساجد ولمؤسسات تابعة لدول إسلامية في بلد مثل نيبال بعد إعدام 12 رهينة خير دليل على نوع الرسالة التي قد تتلقاها شعوب على وجه الأرض لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالحرب على العراق كما أن الإيطالي أو الفرنسي أو البريطاني وحتى الأميركي لن يجد حتما في مشاهد القتل والذبح البشعة التي ترتكبها جماعات تقول إنها تنظيمات مقاومة وتطلق على نفسها تسميات إسلامية مثل الجيش الإسلامي في العراق وجيش أنصار السُنة وجماعات التوحيد والجهاد هذا الغربي لن يجد في كل ما تقدم سوى زيادة قناعته بأن ما تروج له واشنطن عن الإرهاب وما تحاول بعض الدوائر جعله سمة مرتبطة بالمسلمين دون غيرهم هو حقيقة تتأكد يوما بعد آخر.
تزايد الضغوط الدولية على إيران
توفيق طه: استقبلت إيران قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية منعها من تخصيب اليورانيوم بكثير من الغضب والتحدي فقررت استئناف تخصيب اليورانيوم الذي كانت قد أوقفته كبادرة حسن نية منها منذ أشهر وقد اجتمع المحافظون المتشددون والإصلاحيون على تحدي قرار الوكالة لأنهم يعتبرون الانصياع له بداية مسلسل تنازلات قد لا ينتهي وتعترض إيران على ازدواجية المعايير الدولية فلا صوت إدانة هناك لإسرائيل التي تمتلك مخزونا ضخما من السلاح النووي وتهدد بضرب منشآت إيران النووية بينما يصور الكثيرون برنامج إيران الناشئ على أنه تهديد شديد الخطورة للسلام الدولي.
[تقرير مسجل]
" |
سمير خضر: كثيرون هم الذين لا يرون في تطورات الملف النووي الإيراني سوى مجرد سوء فهم هذا إذا افترضنا غياب سوء النية، سوء فهم لأن طهران تؤكد دوما على حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية لأغراض إنتاج الطاقة الكهربائية في حين أن واشنطن تدفع باتجاه سوء النية من خلال تساؤلها الدائم عن سبب رغبة إيران في إنتاج الكهرباء من مفاعلات نووية وهي تمتلك مخزونا كبيرا من البترول، الهوة لا تزال بالتالي واسعة بين الموقفين لأسباب سياسية وتقنية بحتة فهي سياسية في المقام الأول إذ إن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر النظام الإيراني عدوا له والحال الطبع نفسه في طهران وهي تقنية في المقام الثاني لأن إيران تصر على عدم استيراد الوقود النووي لتشغيل مفاعل بوشهر بل إنتاجه محليا من خلال ما يعرف بعمليات تخصيب اليورانيوم تلك العملية التي تنتج الوقود المطلوب ولكن أيضا نوعا آخر من اليورانيوم يستخدم في تصنيع القنبلة النووية، الأميركيون ومن وراءهم إسرائيل وبعض الأوروبيين يرغبون في وقف برنامج التخصيب هذا لا بل أنهم جعل منهم حصان طروادة في السجال الدائر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي حولت هذه الرغبة إلى قرار يُمهِل طهران حتى شهر نوفمبر المقبل للالتزام به وإلا خاطرت بفرض عقوبات عليها من قِبَّل مجلس الأمن الدولي، القرار أثار حفيظة الإيرانيين حتى لا نقول غضبهم فطهران كانت قد جمدت برنامج التخصيب طواعية كبادرة حسن نية لكن موقف الوكالة الأخيرة كان أقسى مما يمكنهم تحمله وانبرى حسن روحاني مسؤول الملف النووي الإيراني ليؤكد أن بلاده تقبل التفاوض على كل شيء لكنها ترفض الاملاءات وترفض الإذعان لقرارات ترى فيها إجحافا بحقوقها فطهران تؤكد قولا وفعلا التزامها بكافة المعاهدات الدولية المتعلقة بالطاقة النووية فلماذا إذاً يريد العالم فرض أمور عليها لم تفرض على أي دولة أخرى حتى روسيا التي تبيع التكنولوجيا النووية لطهران بأسعار خيالية دعا رئيسها القيادة الإيرانية إلى الالتزام بقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرة بوقف عمليات التخصيب في حين تجاهل دعوات واشنطن المتكررة له بالتخلي عن بيع التكنولوجيا النووية للإيرانيين، طهران تواجه اليوم منعطفا هاما في تاريخها الحديث فقد أصبح الملف النووي نقطة تلاقي كافة القوى السياسية محافظة كانت أم إصلاحية وجميعهم متفقون على عدم وجود مشكلة في الأساس باستثناء رغبة الغرب في حرمانهم من حقهم الطبيعي بامتلاك التكنولوجيا المتقدمة لا لسبب إلا دعما لرغبة إسرائيلية واضحة في بقائها القوة الإقليمية العظمى الوحيدة في الشرق الأوسط.
توفيق طه: وأخيرا إلى إندونيسيا التي ودعت فيها ميغاواتي سوكارنوبوتري رئاسة الجمهورية بعد خسارتها في الانتخابات العامة وصعد الجنرال السابق بامبانغ يوديونو ورغم محاولاتها الدؤوبة لحل مشاكل الأرخبيل الاندونيسي المتعددة إلا أنها فشلت في التصدي لظاهرة العنف الذي تمارسه الجماعات الأصولية المتطرفة ولم تنجح في نزع فتيل التوتر في بعض الأقاليم المطالبة بالانفصال مثل جزيرة إتشيه ومازال الفساد ينخر في جسد الدولة ولكن يشهد الإندونيسيون بأنها لم تحاول التحايل على القرار الدولي باستقلال تيمور الشرقية رغم ضغوط مارسها كبار أنصارها في حزب غولكار ولم تحاول كذلك تزوير الانتخابات وقبلت باختيار الشعب دون اعتراض أو تذمر وهذا ما سيدفع حتما بالديمقراطية الإندونيسية إلى الأمام.
[تقرير مسجل]
" |
عثمان البتيري: صفحة جديدة في مسيرة الديمقراطية سجلها الإندونيسيون من خلال الانتخابات الرئاسية المباشرة الأولى في تاريخ البلاد، الانتخابات التي تمت على جولتين الأولى كانت في شهر يوليو تموز الماضي والثانية جاءت قبل أيام فقط عبرت عن نضج سياسي كما وصفها الكثير من المراقبين حيث أنها لم تشهد أي أعمال عنف تذكر ودون تجاوزات قانونية مما يبشر بانتقال هادئ للسلطة ومع اقتراب عمليات فرز الأصوات من نهايتها أصبح من المؤكد أن الجنرال السابق بامبانغ يوديونو قد ضمن تذكرة الدخول إلى القصر الرئاسي وبفارق كبير عن منافسته الرئيسة الحالية ميغاواتي، فوز يوديونو الذي سيعد ساحقا اعتمد بشكل أساسي على الشعبية الشخصية التي راكمها يوديونو خلال سنوات عمله كوزير مسؤول عن الشؤون السياسية والأمنية في حكومتي كل من الرئيس السابق عبد الرحمن واحد والرئيسة الحالية ميغاواتي إضافة إلى خيبة الأمل الواسعة في الشارع الإندونيسي من أداء حكومة الرئيسة ميغاواتي الذي صب في مصلحة يوديونو بشكل كبير، يوديونو تمكن من تقديم نفسه كرجل قوي قادر على الجمع بين الأطياف الإندونيسية المختلفة خاصة أنه ذو توجه علماني لكنه عقد تحالفات قوية مع أحزاب إسلامية كما أنه قدم نفسه على أنه رجل مؤسسات مدنية بالرغم من خلفيته العسكرية الطويلة أما ميغاواتي التي لم يتبق أمامها سوى أيام معدودة في رئاسة البلاد فقد ألمحت ضمنا في خطابها الأخير لمجلس الشعب الاستشاري إلى خسارتها وإن أكدت على ضرورة الانتظار لإعلان النتائج الرسمية في الخامس من الشهر القادم ومع أن ميغاواتي عددت في خطابها الإنجازات التي حققتها حكومتها طوال السنوات الثلاث الماضية إلا أن المراقبين أكدوا أن الإنجازات كانت دون مستوى توقعات الشعب الإندونيسي الذي رأى في ميغاواتي امتدادا لوالدها الرئيس المؤسس سوكارنو في بداية عملها السياسي بعد سقوط عهد الديكتاتور السابق سوهارتو فميغاواتي وُصِفت بالضعف على المستوى الشخصي الأمر الذي انعكس على أداء حكومتها كما أن اتهامات وجهت إلى زوجها باستغلال هذا الضعف لخدمة مصالحه التجارية، خيبة الأمل الكبيرة لدى الشعب الإندونيسي من ميغاواتي صاحبها آمال عراض بفوز يوديونو وهو أمر سيزيد صعوبة في مهمته كرئيس جديد لبلد يواجه أزمات سياسية واقتصادية وأمنية، الشارع الإندونيسي يحمل قائمة طويلة من الطلبات المعيشية الملحة غير أن الاقتصاد الوطني المثقل بالديون لن يمكن يوديونو من تحقيق الكثير من هذه الطلبات، يوديونو يواجه أزمات انفصالية لا تزال تهدد وحدة البلاد حيث الحرب في إقليم أتشيه والحركة الانفصالية في جزيرة إرينجايا أما الحرب على الإرهاب التي أعادها انفجار السفارة الأسترالية إلى واجهة الأحداث فإنها ستضع يوديونو بين مطرقة الضغوط الخارجية الراغبة في مزيد من ملاحقة الإسلاميين وبين سندان الرد الشعبي للاستجابة لهذه الضغوط، تركة ثقيلة تنتظر المرشح الرئاسي يوديونو فالشعب الإندونيسي علق آمالا كبيرة على فوزه لكن ما يعلمه حقا أن تحقيق هذه الآمال أمر في غاية الصعوبة في ظل الواقع المرير الذي تحياه إندونيسيا، عثمان البتيري الجزيرة لبرنامج الملف الأسبوعي جاكرتا.
توفيق طه: بهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي ونذكر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر، تحية لكم من فريق البرنامج وهذا توفيق طه يستودعكم الله إلى اللقاء.