الملف الأسبوعي

هجمات عاشوراء، نقل السلطة للعراقيين

هجمات عاشوراء، تعرقل مسيرة نقل السلطة للعراقيين، الشرق الأوسط بفكر أميركي، مطاردة القبائل الباكستانية، صراع الانتخابات الأميركية، رحيل أريستيد.

مقدم الحلقة:

جميل عازر

ضيف الحلقة:


صبحي غندور: رئيس هيئة الحوار العربي الأميركي

تاريخ الحلقة:

06/03/2004

– هجمات عاشوراء
– تعرقل مسيرة نقل السلطة للعراقيين

– الشرق الأوسط بفكر أميركي

– مطاردة القبائل الباكستانية

– صراع الانتخابات الأميركية

– رحيل أريستيد


undefinedجميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى حلقة جديدة من الملف الأسبوعي وفيها..

هجمات يوم عاشوراء محاولة للفتنة وتجزئة العراق والكل يشجبون، الشرق الأوسط الكبير مخطط أميركي للإصلاح والتطوير فهل يُبطن مالا يظهر؟ وباكستان استمرار الحملة ضد القاعدة في منطقة القبائل فلماذا نفي التعاون مع الأميركيين؟


هجمات عاشوراء

كان إحياء يوم عاشوراء مناسبة تنطوي على أكثر من دلالة بالنسبة للشيعة والسنة العراقيين على حد سواء فكونها المرة الأولى منذ عقود يقيم فيها الشيعة مراسمهم في هذه الذكرى لدليل على التغيُّر الجذري الذي يجري في الساحة وما من شك في أن إجماع كل أطياف المسرح العراقي السياسي على التنديد بالهجومين في كربلاء والكاظمية ووصفهما بأنهما محاولة للفتنة توجه ينم عن تقارب لم يتوقعه مدبرو الهجوميين غير أن هذا لا يعني زوال الاختلافات كما أن وضع اللوم على المحتلين


إن إجماع كل أطياف المسرح العراقي السياسي على التنديد على بالهجومين في كربلاء والكاظمية ووصفهما بأنهما محاولة للفتنة توجه ينم عن تقارب لم يتوقعه مدبروا الهجومين

لعدم اتخاذهم إجراءات أمنية كافية لمنع تكرار ما حدث سابقا في كردستان خلال مناسبة احتفالية أيضا لن يؤدي إلى وقف عمليات مماثلة يبدو أن الوضع الراهن مرشح لتكرارها.

[تقرير مسجل]

حسن إبراهيم: أخطر سؤال عراقي هذه الأيام هو من الذي يزرع الموت في العراق؟ الإجابة على هذا السؤال تستدعي الدخول في تخمينات ورجم بالغيب أشد خطورة من التساؤل نفسه ظاهر الأشياء وتصريحات الجنرال الأميركي أبي زيد تتهم القاعدة وبالتحديد الناشط الأردني الزرقاوي بالمسؤولية عن تفجيرات كربلاء وبغداد وإذ يقول الجنرال الأميركي إن لديه معلومات استخبارية فإن الحقيقة تبقى أكثر تعقيدا وغموضا فمن في مصلحته إشعال فتنة طائفية في العراق؟ ولماذا تكون الفتنة الطائفية أساسا في مصلحة أي فصيل أو قوة تتربص بالعراق والعراقيين؟ واضح أنّ تفجر حرب طائفية في العراق سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة كلها وليس في الدول المجاورة للعراق فقط لأن ذلك سيفسح المجال أمام أطراف خارجية للتدخل صحيح أن الكويت والسعودية تخشيان من قيام نظام شيعي قد يوحي للأقلية الشيعية فيهما بالتمرد على التقسيم الاجتماعي السياسي في البلدين ولكن حربا أهلية في العراق ستسهل ذلك على جماعات undefinedمتطرفة أو تسوِّغ لها التحرش بالبلدين لتهدد أمنهما بصورة خطيرة، مَنْ إذا من بين بقية الدول المعنية في التطورات في العراق تركيا أم سوريا أم الأردن أم إيران أم ترى هي الولايات المتحدة الأميركية نفسها؟ ليست هناك مصلحة راجحة لأي طرف في تحويل العراق إلى حمام دم ولكن غياب معلومات أكيدة عن هوية منفذي التفجيرات سواءً يوم عاشوراء أو الهجمات على مراكز الشرطة العراقية أو من استهدف سيرغيو دي ميلو مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وغيرها مما لا تندرج في إطار مقاومة الاحتلال يترك الباب مفتوحا أمام الإشاعات والتحليلات ونظريات المؤامرة لتنتشر انتشار النار في الهشيم. هناك بعض المؤشرات بالطبع تدل على أن تيارات سنية متطرفة ترى الشيعة خارجين عن الإسلام وتعتقد أن تمكينهم من الهيمنة على أي حكومة عراقية قادمة فيه خطر على الإسلام ولكن السنة والشيعة العراقيين تمكنوا في الحرب مع إيران مثلا من تغليب انتمائهم الوطني والقومي على الانتماء العقائدي، ومن الجائز أن فدائيّ صدام من بقايا حزب البعث المنحل قد يرون في تأجيج نيران الاحتراب الداخلي تعميقا لورطة الأميركيين بغض النظر عن حجم الخسائر البشرية والمادية والولايات المتحدة بصفتها قوة احتلال مسؤولة بحكم القانون الدولي عن حفظ الأمن داخل العراق ومن هنا كيلَت لها الاتهامات بالتقصير في التأكد من توفير الأمان للمحتفلين بيوم عاشوراء خاصة وأنّ مناسبة الاحتفال بعيد الأضحى شهدت هجوما مماثلا في كردستان بشمالي العراق وإن كانت هناك عناصر شرطة عراقية داخل المدن فإن محاولة الأميركيين لإلقاء اللوم على متسللين من بعض الدول المجاورة تضيف إلى مسؤوليات قوات الاحتلال فعليها ضمان حدود العراق الدولية التي فتحت على مصراعيها بعد حل الجيش العراقي وقد لا يتغير الوضع كثيراً حتى بعد تسليم السلطة إلى العراقيين ما لم تُبنَ المؤسسات السيادية وعلى رأسها الجيش ويبدو مرجحا والحال هذه أن يستمر سفك الدماء في العراق.


تعرقل مسيرة نقل السلطة للعراقيين

جميل عازر: وبينما كان العراقيون يحاولون التغلب على هول المجزرة جاءت خيبة أمل أخرى في مسيرة نقل السلطة إلى العراقيين فالفشل في التوقيع على وثيقة القانون المؤقت لإدارة الدولة أظهر بوضوح ما يمكن أن يحصل من مفاجآت حتى بالنسبة لقضايا كان البت فيها قد أصبح في حكم المؤكد فالجميع كانوا ينتظرون التوقيع من دون عوائق ولكن عدول الأطراف الشيعية في مجلس الحكم الانتقالي عن الموافقة على الدستور المؤقت في اللحظة الأخيرة دليل على أن أمام العراقيين شوطا طويلا للإمساك بناصية أمورهم بأنفسهم.

[تقرير مسجل]

undefined

أسامة راضي: كان من المفترض أن يشهد هذا المكان يوما تاريخيا للتوقيع على وثيقة اعتبرها الكثيرون بداية عملية تسليم السلطة إلى العراقيين فالدستور الانتقالي أو القانون المؤقت لإدارة الدولة العراقية الجديدة صِيغ بعد مفاوضات مكثفة وكان التوصل إليه بمثابة دليل على جدية الأطراف العراقية في التعامل مع الظروف الصعبة التي يمرون فيها ولكن يبدو أن الجانب الشيعي في مجلس الحكم الانتقالي قد رأى بعد إعادة النظر أن في الدستور المؤقت مادتين بوجه خاص تمنعانهم ولو بعد موافقتهما أصلا على مواد الدستور المؤقت من المضي في هذا المشروع، فهم يعترضون أولا على تركيبة مجلس الرئاسة وبالتالي التناوب على رئاسة المجلس وثانيا على ما يرونه حصول الأكراد على القدرة على نقد نتيجة الاستفتاء على الدستور الدائم. الفدرالية مبدأ أقره الدستور المؤقت ولكن من دون تفاصيل وكذلك تم الاتفاق على أن تكون الشريعة أحد مصادر التشريع وليس مصدره الوحيد في عراق المستقبل وحدد القانون فترة زمنية ينبغي أن تجري فيها انتخابات عامة تؤدي إلى جمعية تشريعية تضع دستوراً دائما يطرح على استفتاء عام كما أقرّ تحديد نسبة المشاركة النسوية في أجهزة الدولة بمعدل 25%. إذاً يبدو من هذه القائمة أن جميع الأطراف مارست قدراً من المرونة في التعامل مع قضايا كان الجميع في السابق يتمسكون إزاءها بمواقف ثابتة لا يمكن التخلي عنها ومن هنا يثار التساؤل عن السبب أو الأسباب التي دفعت الشيعة إلى مراجعة موقفهم بعد أن اتفقوا مع الآخرين على بنود الدستور المؤقت، ويمكن للمرء أن يقرأ في الموقف الشيعي مدلولين واضحين الأول أنه يتعارض مع الرؤية الأميركية لمسار نقل السلطة ثم الانتخابات وبالتالي انتقال السيادة نهائيا إلى العراقيين، والثاني أن الشيعة الممثَّلين في مجلس الحكم قد تصرفوا رغم التنافس الداخلي بين فصائلهم وكأنهم كتلة واحدة عندما امتنع خمسة أعضاء في المجلس عن التوقيع على وثيقة قانون إدارة الدولة ويبدو أن آية الله علي السيستاني يمارس من النفوذ على جماعة مقتدى الصدر بقدر ما يمارسه على جماعة بحر العلوم وأحمد الجلبي إذ بعد التشاور معه جاء الامتناع عن التوقيع، وما من شك في أن هذا الإرجاء سيكون مخيبا لآمال بول بريمر الحاكم المدني الأميركي وللمشروع الأميركي لنقل السلطة خاصة إذا ظلت سلطة الائتلاف متمسكة بالمواعيد المحددة لذلك، وقد يجد بريمر نفسه غير قادر على القيام بدور الناصح فقط إذا استمر الاستعصاء في المحادثات الجارية الآن للوصول إلى صيغة جديدة ترضي الأطراف كافة أما عن كيفية تطور الأمور في غياب اتفاق على قانون وإن يكن مؤقتا لإدارة الدولة فإن التفجيرات التي وقعت في كربلاء والكاظمية ينبغي أن تكون نذيراً يتحتم على جميع الأطراف أن تأخذه في كل حساباتها الآنية والمستقبلية على حد سواء.


الشرق الأوسط بفكر أميركي


جاءت الخطة الأميركية للشرق الأوسط لتلقي الكثير من التساؤلات بالنسبة للدوافع والأهداف والتوقيت من وراء إطلاقها

جميل عازر: جاءت ما توصف بالخطة الأميركية للشرق الأوسط الكبير لتلقي الكثير من التساؤلات بالنسبة للدوافع بل وللأهداف والتوقيت وراء إطلاقها وليس من المفاجئ أن تعلن دول عربية رفضها لأي خطة تُفرَض أو تَفرض إصلاحات عليها فالمنطقة المستهدفة أميركياً تشمل المساحة الممتدة من المغرب وحتى حوض بحر قزوين وفيها من المشاكل ما يقلق الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ابتداء من القضية الفلسطينية وحتى التطرف الإسلامي وانتشار أسلحة الدمار الشامل ووجود هذه المسائل بحد ذاته يعكس في الحقيقة أولويات السياسات الخارجية الأميركية في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر وبالتالي فإنها توسع حدود ما يوصف بمحور الشر وإن يكن بجلباب شرق أوسطي هذه المرة.

[تقرير مسجل]

undefined

عبد الرحيم فقراء: خطة الرئيس جورج بوش للإصلاح فيما أصبح يعرف بالشرق الأوسط الكبير تمتد جذورها إلى إدارات أميركية سابقة حيث كان المسؤولون يعربون عن رغبة ولو نظرية في قيام وضع سياسي ديمقراطي في المنطقة العربية غير أن هناك اعتقادً على نطاق واسع في أوساط الأميركيين أن أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر قد حفزت إدارة الرئيس جورج بوش بصورة عملية على التفكير في تغيير الأوضاع السياسية في المنطقة من منطلق أن شوكة ما يسميه الأميركيون وغيرهم بالإرهاب لا يمكن أن تنكسر في المدى البعيد إلا تحت وطأة التغيير الديمقراطي عند العرب والمسلمين.

جون نيغروبونتي- سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة: تتركز مبادرة الشرق الأوسط الكبير في مواضيع مثل الديمقراطية والحكومة الرشيدة والتنمية والتعليم والقضايا الأمنية مثل منع انتشار الأسلحة والإرهاب وأمن الحدود.


حرب الإطاحة بالنظام العراقي السااق بمثابة حجر الزاوية لبناء صرح ديمقراطي ومنفتح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

عبد الرحيم فقراء: حرب الإطاحة بالنظام العراقي السابق تصب في ذلك الاتجاه حسب المسؤولين الأميركيين الذين يعتبرون أن عراقاً ديمقراطياً سيكون بمثابة حجر الزاوية لبناء صرح ديمقراطي ومنفتح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتعتزم إدارة الرئيس جورج بوش الحصول على الدعم لمشروع الشرق الأوسط الكبير خلال قمة الدول الثماني الكبرى التي ستعقد في ولاية جورجيا الأميركية خلال شهر حزيران/يونيو المقبل غير أن منتقديها يثيرون مسألة استمرار التأزم في العراق كإشارة إلى المخاطر التي يعتقدون أن أي محاولة لفرض التغيير على المنطقة من الخارج قد تنطوي عليها كما يشيرون إلى تخلي مختلف الأطراف في العراق عن نظام المجالس في اختيار ممثلين عن بعض المناطق العراقية كدليل على أن الجسم السياسي العربي لا يقبل كل المفاهيم الدخيلة عليه خاصة تلك المستوحاة من النظام الانتخابي الأميركي وتجادل الإدارة الأميركية بقولها إن النظام السياسي الذي ترغب في قيامه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يجب أن يعكس بالضرورة القيم الثقافية الغربية وأن واشنطن مستعدة لإحداث التغيير في المنطقة بالتعاون مع شعوبها وحكوماتها وليس بفرضه عليهم وبالرغم من أن الرئيس جورج بوش كان قد أثنى في بعض خطاباته على الخطوات الديمقراطية التي قال إن دولا كالمغرب والبحرين وعمان ومصر والمملكة العربية السعودية قد أقدمت عليها إنما أن العديد من حكومات المنطقة يشعر بالقلق إزاء مشروع الشرق الأوسط الكبير حتى في الوقت الذي يؤكد فيه المسؤولون الأميركيون أن المشروع يلقى ردود فعلا إيجابية في العديد من العواصم العربية والإسلامية. مشروع الشرق الأوسط الكبير ليس وحده المطروح على الساحة فبالإضافة إلى المشروع الأوروبي الذي يربط بين التجارة مع دول شمال إفريقيا وقضايا حقوق الإنسان هناك كذلك تقريرا الأمم المتحدة لعامي 2002 و2003 حول الأوضاع في العالم العربي بيد أن ما يميز المشروع الأميركي هو بروزه على خلفية تغيير النظام في العراق بالقوة. عبد الرحيم فقراء خاص بالملف الأسبوعي الجزيرة نيويورك.

جميل عازر: وينضم إلينا من واشنطن صبحي غندور رئيس هيئة الحوار العربي الأميركي. أستاذ صبحي هل هذه الخطة للشرق الأوسط الكبير تتجاوز كونها جزءاً من رد الفعل الأميركي الآني على أحداث الحادي عشر من سبتمبر في تقديرك؟


أصل فكرة الشرق أوسطية كانت في مطلع التسعينات مترافقة مع مؤتمر مدريد ومع السعي الأميركي آنذاك لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية ولجعل إسرائيل جزء من المنطقة، وبديل الهوية الشرق أوسطية بديل عن الهوية العربية

صبحي غندور: لا أعتقد ذلك أستاذ جميل كما تعلم أصل فكرة الشرق أوسطية أساسا كانت في مطلع التسعينات مترافقة مع مؤتمر مدريد ومع السعي الأميركي آنذاك لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية ولجعل إسرائيل جزء من المنطقة وبديل الهوية الشرق أوسطية بديل عن الهوية العربية. في تقديري آنذاك كان أيضا من الأهداف دعوة للشرق أوسطية كانت عزل الموقف الأوروبي كان هناك إدراك أميركي لأن الاتحاد الأوروبي سيسعى إلى علاقات خاصة مع دول البحر المتوسط ومن ضمنها طبعا أيضا المنطقة العربية وإسرائيل لكن أجد الآن حالة مختلفة إلى حد ما هناك الآن في مشروع الشرق الأوسط الكبير هنا سعي لاستيعاب الموقف الأوروبي عوضا عن عزله وذلك من خلال إعلان مبادرة عبر قمة الدول الصناعية التي تشارك فيها أوروبا وروسيا أيضا أجد في هذه المبادرة الآن امتداد جغرافي أوسع يصل إلى دول العالم الإسلامي ويتجاوز المنطقة العربية لكن يبقى الهدف الاقتصادي في هذا المشروع والهدف السياسي في هذا المشروع يرتبط بأصوله في التسعينات من حيث جعل إسرائيل جزء أساسي فاعل في هذا المشروع وأيضا يكون من خلال العلاقات الخاصة التي ستربط أميركا مع المنطقة ككل تبرير للهيمنة العسكرية الأميركية والسياسية، لكن أيضا أجد أن هذا المشروع الآن يحمل كما يقال دعوة حق يراد بها باطل هناك حديث في هذا المشروع وهو مختلف عن التسعينات البعد السياسي الحديث عن الإصلاح السياسي في تقديري المنطقة العربية والعالم الإسلامي طبعا هما بحاجة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي لكن هذا الإصلاح من الطبيعي أن يكون من إفراز هذه المنطقة ودولها وليس من خلال صيغ تفرض من الخارج في رأيي هنا أن المشكلة أن أميركا حينما تتحدث عن الإصلاح السياسي والديمقراطية تستبعد إسرائيل من منطقة الشرق الأوسط كمعنية في هذا الحديث وحينما يكون الحديث عن الشرق أوسطية لطابع التطبيق والعلاقات التجارية والسياسية نجد أن إسرائيل تأتي طبعا كرقم واحد في أولويات العلاقات الأميركية التي تضعها واشنطن كشرط على هذه المنطقة.

جميل عازر: طب.. إذا هذه الخطة تدخل في استراتيجية أميركية ما هي في تقديرك وسائل التنفيذ والتطبيق التي يتحدث عن.. يعني تطبيق الخطة التي وضعها الأميركيون؟

صبحي غندور: نعم هو يعني لو سمحت لي أولا أشير هناك سيكون لا شك استفادة من هذه الإدارة لتوظيف فكرة الشرق الأوسط الكبير للانتخابات الرئاسية كما تعلم هناك يعني مؤتمرات حزبية للحزب الجمهوري والديمقراطي في الصيف وأعتقد أن استباق هذه المؤتمرات الحزبية الهامة بالدعوة إلى شرق أوسط كبير فيه نوع من الرد على ما يأتي على لسان الديمقراطيين بالقول أن هناك عزلة أميركية دولية الآن وبالقول أن الحرب على العراق أدت إلى حالة خلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في تقديري الدعوة إطلاقها بهذا الشكل تفسح المجال للإدارة للقول بأن هذا الكلام غير صحيح وأن هناك علاقات طيبة بينها وبين الدول الأوروبية والروسية معا، من جانب آخر ربما ستستفيد واشنطن من إعلان هذه المبادرة في إمكانية تحريك الملف الفلسطيني الإسرائيلي على مسألة خارطة الطريق وربما ذلك أيضا سيعطي الانطباع وكأن هذه الإدارة قد فعلت شيئا للمسألة الفلسطينية قبل الانتخابات الأميركية هذا من حيث التوظيف الآني لكن من حيث التوظيف المستقبلي كما أشرت هناك الآن سعي لدى الإدارة ولدى الدولة الأميركية إذا صح التعبير بأن تكون منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ككل منطقة مستوعَبة بالإطار الأميركي والمظلة الأميركية ودون أن يكون هناك حالة التنافس التي كانت في فكرة الشرق أوسطية مع المتوسطية في مطلع التسعينات أن تكون من خلال الإشراف الأميركي على هذه الفكرة وأن يكون للأوروبيون جزء من هذه الفكرة أعتقد الآليات هذه الآن هي آليات أميركية ولم تصبح آليات متفق عليها ومجمع عليها كما تعلم هناك إشارة جاءت أمس من الرئيس الفرنسي لا تشجع على إطلاق فكرة الشرق الأوسط الكبير بالشكل الذي كانت تريده واشنطن هناك الآن تساؤلات كبيرة طبعا بدأت يعني تحدث من إطلاق تصريحات الرئيس الفرنسي والرئيس المصري حول كيفية تجاهل المسألة المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي أنا أعتقد أنه من الخطأ طبعا أن ينتظر الإصلاح السياسي في المنطقة العربية حل الصراع العربي الإسرائيلي أو إنهاء الاحتلالات لكن من الطبيعي أن يكون هذا الإصلاح أولا حادث من قبل المنطقة والثاني ألا يُترك مسألة يعني الموقف من إسرائيل كما هو حاصل في المبادرة يعني تجاهل كامل لمسألة الانسحاب الإسرائيلي وإنهاء الاحتلالات، التجربة الأميركية نفسها كما تعلم أستاذ جميل قامت على أولا الاستقلال الوطني من التاج البريطاني ثم وضعت الدستور الديمقراطي والإصلاح السياسي والتكامل بين الولايات، المنطقة العربية بحالة شبيهة في ذلك بحاجة إلى التحرر الوطني في نفس الوقت الذي تبني فيه الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أرضها.

جميل عازر: طيب في تقديرك إذاً التحفظات التي أشرت أليها من جانب الرئيس الفرنسي وربما أطراف أوروبية أخرى أيضا هل تعود إلى التخوف من أن الأميركيين ربما يلجؤون دائما إلى الخيار العسكري في تطبيق ما يقولون إنها إصلاحات؟

صبحي غندور: أعتقد الأمر أبعد من ذلك يتعلق بالتنافس بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على العلاقة مع المنطقة العربية والشرق الأوسط هذا الأمر شاهدناه في مسألة العراق وفي غيرها من القضايا في حتى الخلاف في كيفية التعامل مع الملف الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي فيه الكثير من القضايا التي برز فيها نوع من الخلافات بين الاتحاد الأوروبي وتحديدا فرنسا وألمانيا وبين الولايات المتحدة أجد الآن هناك إدراك يبدو على المستوى الأوروبي أن هذه الفكرة ليست فكرة بريئة ولا تريد فعلا إشراك الأوروبيين والروس في صياغة مستقبل العالم الإسلامي والمنطقة العربية لكن تريد استيعاب الموقف الأوروبي وجعله جزء من المظلة الأميركية على عكس الحال التي كانت في التسعينات حيث كان التنافس الآن نجد هناك محاولات استيعاب هناك إدراك في رأيي لهذه المسألة وهناك إدراك أيضا أنه من الخطر تجاهل الملف الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي لأن ذلك ينعكس على أوروبا أكثر مما ينعكس على الولايات المتحدة وهناك رأي عام أوروبي ضاغط على الحكومات الأوروبية يريد من الحكومات الأوروبية أن تكون أكثر فعالية في التعامل مع الملف الفلسطيني من واقع الحال القائم في الساحة الأميركية.

جميل عازر: طيب هل ترى في محاولة الدول العربية لإصلاح العمل العربي المشترك وجامعة الدول العربية والأوضاع السياسية والاجتماعية بوجه عام في الدول العربية هل في هذا أي تعارض مع المنظور الأميركي؟

صبحي غندور: هذا ما أشرت إليه في الحقيقة وأن هناك حاجة قصوى للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي في المنطقة العربية والعالم الإسلامي لكن هذا الإصلاح في رأيي يجب أن ينبع من إرادة وطنية في داخل كل بلد عربي ولا يمكن أن يكون هذا الإصلاح كما هو يحصل الآن في مشاريع أميركية تطرح لبعض البلدان حصل ذلك في السودان وهو يحصل الآن في العراق بطرح الديمقراطية مع الفدرالية بالطابع التقسيمي في رأيي هذه الفدرالية يجب أن تكون بين البلدان العربية يعني أجد النموذج الأميركي الحقيقي هو النموذج المطلوب فعلا للمنطقة العربية أن يكون هناك نوع من الأخذ بالقياس للتجربة الأميركية التي حررت نفسها أولا كولايات من التاج البريطاني من الهيمنة الأجنبية على الأرض الأميركية والتي بنت دستور سليم ولكن أيضا أقامت صيغة من التكامل والاتحاد بين الولايات الأميركية ومنعت انفصال الجنوب عن الشمال أيام الحرب الأهلية الأميركية في رأيي هذه التجربة هي بحاجة لها المنطقة العربية بأن يكون هناك ربط بين مسألة التحرر الوطني والاستقلال السياسي من جهة وبين الحرية السياسية والاجتماعية في داخل كل بلد عربي ولكن أن تكون الفدرالية صيغة للتعاون بين الدول العربية وليس صيغة لتجزئة المنطقة العربية من خلال تعامل مع كل بلد عربي بما فيه من خصوصيات لو هذا الأمر طُبق على الحالة الأميركية لقامت ولايات داخل كل ولاية ولقامت فدراليات داخل كل ولاية أعتقد أن المنطقة العربية بحاجة لإصلاح سياسي فعلا لكن هذا الإصلاح بإرادة وطنية وبتكامل عربي وبإدراك أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الأساس للعلاقة المستقبلية مع الدول الأخرى غير العربية في المنطقة وليس تجاهل هذا الأمر كما يحدث في المشروع الأميركي الآن.

جميل عازر: أستاذ صبحي غندور في واشنطن شكرا جزيلا لك. ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد فاصل.. كيري حامل لواء الديمقراطيين إلى البيت الأبيض رصيد خبرته مثير للإعجاب ورصيده المالي ضعيف فهل يستطيع هزيمة بوش؟

[فاصل إعلاني]


مطاردة القبائل الباكستانية

جميل عازر: وإلى باكستان التي ضارها أن تُتهم بعقد صفقة مع الأميركيين للقيام بعمليات ملاحقة لفلول القاعدة وطالبان داخلها وقد نفت إسلام أباد أنها سمحت لقوات أميركية بالعمل من أراضٍ باكستانية بينما تؤكد على أن قواتها تواصل حملتها في المناطق المتاخمة للحدود مع أفغانستان ولهذه المناطق خصوصية قبلية في سياق التعامل مع الحكومة المركزية، ليس سراً أن بعض القبائل من سكان تلك الأنحاء كانت وربما لا تزال توفر الدعم لطالبان والقاعدة وهي من منطلق الالتزام بقواعد الضيافة ربما توفر ملجأ لقادة التنظيميْن مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والملا عمر أو على الأقل هذا هو محور الاشتباه.

[تقرير مسجل]

undefined

أحمد موفق زيدان: بعد أيام على أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر نقل عن دبلوماسي غربي في إسلام أباد قوله بأن مشكلتنا الأساسية هي في مناطق القبائل التي توفر القاعدة الخلفية لنشاطات ما وصفهم بالإرهابيين كانت تلك الملاحظة بعيدة عن التصديق في ظل وجود دولة مثل أفغانستان تحتضن من عناهم الدبلوماسي الغربي حتى بدأت ملامح ذلك تتضح الآن بشن الجيش الباكستاني لرابع عملية له خلال الأشهر الماضية في منطقة وزيرستان. مناطق باكستان القبلية السبع المحاذية لأفغانستان لم تستقطب اهتمام التحالف الغربي المناهض لما يوصف بالإرهاب بخلاف منطقة شمال وجنوب وزيرستان وربما يعود السبب إلى تحدُر الكثير من عناصر طالبان الباكستانيين الذين قاتلوا مع طالبان أفغانستان من هذه المنطقة بالذات وبالتالي شكلوا عاملاً مناصراً ومؤيداً لرافقهم في السلاح الآن. الظاهر أن القبائل نفسها دخلت لعبة القتال حيث لقي عدد من عناصرها مصرعه في المواجهات مع الأميركيين شرقي أفغانستان القبائل في تلك المناطق مقسمة إلى قبائل مسعود وقبائل وزيري والثانية هي المتهمة بإيواء عناصر القاعدة وطالبان وحتى لو صح إيوائها لابن لادن وغيره فإن تقاليد قبلية الراسخة منذ مئات السنين تحرم عليها تسليم من استجار بها وهي العادات والتقاليد التي قد يجهلها كثير من فئات الجيش الباكستاني التي لجأت إلى هدم البيوت إحياء لسنة العقوبة الجماعية التي سار عليها البريطانيون خلال حكمهم للمنطقة وثمة مشكلة حقيقية يواجهها الجيش وهو جهل قواته لغة البشتو المحلية وهو سَبَبُ وسيسبب أزمات صغيرة قد تتطور إلى كبيرة وعلى هذا دعا قادة القبائل لنشر قوات الفيلق المكلفة بحماية الحدود لإلمامها بالأعراف والتقاليد واللغة المحلية. ما يقلق باكستان هو التقارير الأميركية التي تتحدث عن قرب عملية أميركية الأمر الذي قد يخلط الأوراق ويقلق أمنها خصوصا وأن هذه المناطق معروفة بأنها تمتع باستقلال شبه ذاتي المراقبون السياسيون يستبعدون نجاح الحل العسكري ويدعون إلى شمولية الحل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل شح البرامج التنموية الحكومية وربما هذا ما دفع ضابطا أميركيا إلى وصفها بأنها مناطق لا تنبت سوى الأحجار والإرهابيين. مواصلة عمليات الجيش الباكستاني في مناطق القبائل الباكستانية أحدثت شرخا بين هذه القبائل وقوات الجيش وما يخشاه المراقبون أن يؤدي ذلك إلى تكرار سيناريو انفصال بنغلادش عن باكستان. أحمد زيدان لبرنامج الملف الأسبوعي الجزيرة – إسلام أباد.


صراع الانتخابات الأميركية

جميل عازر: انتهى يوم الثلاثاء الكبير في الولايات المتحدة الأميركية بأن وضع راية الديمقراطيين بشكل لا غبار عليه في يد جون كيري ليكون مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة منافسا للرئيس الحالي جورج بوش وبروح رياضية اتصل بوش بكيري ليهنئه على الفوز ليرد كيري بأنه يتطلع إلى حملة تعالج القضايا الأساسية التي تواجه الأميركيين ولكن الاثنين يعلمان بأن المجاملات لا تكسب الأصوات وأن هناك معركة ينبغي أن يكسبها أحدهما بإقناع الناخبين أنه الذي سيحقق الطموحات التي يتطلع إليها الأميركي، وهناك فرق واسع بين رؤية الرجلين وفلسفة الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي رغم أن الفوز في السباق إلى الرئاسة تقرره عوامل مختلفة.

[تقرير مسجل]

undefined

سمير خضر: أشتهر الديمقراطيون في الولايات المتحدة بتفرق كلمتهم وعدم تجانس مواقفهم وقد ساد شعور بالخشية من أن الانتخابات التمهيدية في صفوف الحزب ستضر كثيرا بالمرشح الديمقراطي أيا كان بسبب الانتقادات التي قد يوجهها له منافسه لكن حملة هذا العام أثبتت العكس فقد خص المرشحون الرئيس بوش بهجماتهم وتجنبوا انتقاد بعضهم بعضا طمعا في الحصول على الأصوات وقد ساهم ذلك بعد الشيء في رفع أسهم الديمقراطيين مقابل انخفاض واضح في شعبية بوش. التصفيات التمهيدية لم تدُم هذه المرة كثيرة فقد لمع اسم جون كيري بسرعة على حساب معظم المنافسين واضطر معظم المرشحين الآخرين إلى الاعتراف بالحقيقة المؤلمة وهي أنهم لن يحملوا راية الحزب الديمقراطي في المعركة الفاصلة ضد المحافظين الجمهوريين بزعامة بوش. كيري حسم المعركة بسرعة مذهلة وجمع خلفه كل مكونات الطيف الديمقراطي ولم يتبق الآن أمامه إلا توسيع رقعة النفوذ هذه إلى خارج صفوف الحزب لتشمل كل ناقم على بوش وكل متضرر من سياسات داخلية وخارجية رسمها ونفذها اليمين المحافظ، لكن سرعة الحسم هذه قد تضر الديمقراطيين على المدى الطويل إذ ركز الإعلام عدساته على هذه الحملة لأنها كانت ببساطة تعني رحلة للبحث عن منافس للرئيس الحالي أمّا وقد انتهت اللعبة فإن الأمور بدأت تعود إلى نصابها وهذا يعني فتورا في الاهتمام الإعلامي. الساحة قد تعود إذا للجمهوريين خاصة مع قلق كبار مستشاري بوش من تدهور شعبية الرئيس بسبب استمرار سقوط ضحايا في صفوف الجنود الأميركيين في العراق ولكن أيضا بسبب ضعف الاقتصاد الأميركي وهذا ما قد يفسر الانطلاقة المبكرة لحملة بوش في وسائل الإعلام لكسر احتكار الديمقراطيين لواجهة الحدث الإعلامي وكما كان متوقعا شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر العمود الفقري للدعاية الانتخابية وشاهد الأميركيون رئيسهم يتحدث عن قدراته في مواجه الأزمات والتعامل معها ومع التهديد الإرهابي واستمعوا إليه وهو يحذرهم من التصويت للديمقراطيين الذين وصفهم بأنهم غير قادرين على التصدي للأمور الجسام وبالطبع فإن حملة بوش تركز على الشريحة التي لا أمل للديمقراطيين في كسبها على الأقل ليس في الوقت الحالي مثل المواطنين ذوي الأصول المكسيكية ووسط وجنوب الولايات المتحدة حيث يتسم السكان بطابعهم القروي المحافظ الذي يتشكك إزاء الحكومة الفدرالية وإزاء بعض السياسات اللبرالية التي تخالف معتقداتهم الدينية والاجتماعية كزواج الشاذين جنسياً على سبيل المثال، وكما هو الحال في أي حملة انتخابية أميركية فإن عنصر المال يلعب هنا دوراً حاسماً وربما هذا ما يقلق كيري ومستشاريه إذا استنزفت الحملة التمهيدية معظم مصادر دخل الديمقراطيين ولم يتبق الآن بحوزة كيري أكثر من بضعة ملايين من الدولارات، أما صندوق بوش الانتخابي فهو لا يزال مكتظاً بنحو مائة مليون يبدو أنه ينوي استغلالها أيما استغلال للتأثير على عقول وقلوب الناخبين.


المرشح الديمقراطي جون كيري لديه من الرصيد القتالي والمعنوي ما قد يرجح كفة الميزان في صالحه خاصة وأنه يهاجم سياسة بوش في حربه على العراق

جميل عازر: والسناتور جون كيري ذو الواحد والستين ربيعاً سيكون الديمقراطي الذي سيخوض أول انتخابات رئاسية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر والإشارة إلى سبتمبر وما بعده هنا لها علاقة بمواقف خصمه الرئيس بوش الذي يتخذ من تعامله مع مضاعفات الهجمات في نيويورك وواشنطن دليل على قدرته على التصدي للأزمات ولكن جون كيري شخصية الأسبوع في الملف يقول بغير ذلك ولديه من الرصيد القتالي والمعنوي ما قد يرجح كفة الميزان في صالحه خاصة وأنه يهاجم سياسة بوش في حربه على العراق.

[تقرير مسجل]

جيان اليعقوبي: ليس حُباً في كيري ولكن كرها ببوش هذا ما أجمعت عليه آراء المراقبين بعد أن حسم السيناتور جون كيري أصوات الديمقراطيين وغيرهم من الغاضبين على سياسات الرئيس الحالي ويأملون أن يتمكن كيري من إعادته إلى مزرعته في تكساس بعد تسعة أشهر من الآن. ينتمي كيري لعائلة ثرية ذات جذور يهودية فقد كان جده فريتز كوهن يهوديا ألمانيا هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1902 وقرر في موطنه الجديد أن يعتنق الكاثوليكية وغير اسمه إلى فردريك كيري وتزوج من امرأة نصفها فرنسي ولهذا يزور كيري فرنسا بشكل منتظم كل عام تخرج كيري من جامعة ييل العريقة عام 1966 وبعد خدمته في سلاح البحرية على إحدى السفن العسكرية في دلتا نهر النيكونغ عاد وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون من كلية بوسطن عام 1976 ومع أنه فاز بالنجمين الفضي والبرونزي وميدالية القلب الأرجواني ثلاثة مرات أثناء خدمته في فيتنام فقد تحول إلى مناهض للحرب بعد اكتمال مدة خدمته العسكرية هناك وأصبح متحدثا باسم المحاربين السابقين في فيتنام وهو يستغل الآن تاريخه العسكري لإحراج بوش الذي تهرب من الخدمة العسكرية الفعلية من جهة ولإقناع الشعب الأميركي بقدرته على حمايتهم بشكل أفضل منه من جهة أخرى. لكيري ابنتان من زواجه الأول وهو متزوج حاليا من تريزا هاينز أرملة السيناتور الجمهوري ووريثة شركة المنتجات الغذائية التي تحمل اسمه مما جعل كيري يزداد ثراء على ثراء ودفع البعض إلى اتهامه بالتعالي وعدم القدرة على التواصل مع الفقراء على عكس ما كان عليه كلينتون العصامي والآتي من خلفية اجتماعية متواضعة كما أبدى أساطين الحزب الديمقراطي تخوفهم من أن يكون كيري الطويل القامة والنحيل البنية ذو الذقن البارز غير قادر على الصمود في زمن أصبح فيه للمظهر دور بارز في التأثير على الناخبين ولكن سيناتور ماساتشوسيتس الذي أمضى مراهقته يتجرع الوحدة في مدرسة داخلية باردة في سويسرا خضع لتدريب في فن الاتصال لجعله أكثر مرونة في التعامل مع جماهير الحزب الديمقراطي التي يشكل السود والنساء والعمال أهم قواعده خصوصا مع تركيز الجمهوريين على مسألة ثرائه وبذخه بعد أن قدرت مجلة فوربيستر ثروته الشخصية بما لا يقل عن خمسمائة وخمسين مليون دولار وهكذا بدأ كيري يسأل الناس عن أسمائهم ويصافحهم بحرارة ويبتسم ويضحك وعينه دائما على الكاميرا فالفائز في الانتخابات الأميركية هو الذي يسجل في العادة أكبر عدد من النقاط ضد خصمه في التليفزيون لا في الواقع.


رحيل أريستيد

جميل عازر: لقد أذعن الرئيس الهاييتي جان برتران أريستيد للأمر الواقع وللضغوط الدولية ورحل عن المنصب الذي جاء إليه عبر صناديق الاقتراع ولكن فشله في السير في نهج الديمقراطية وتقصيره في الإصلاح الاقتصادي أثار التمرد الذي حفز واشنطن وباريس على اتخاذ موقف مخالف تماما لموقفهما قبل اثني عشر عاما عندما دافعتا مع الأمم المتحدة عن أريستيد وأعيد إلى الرئاسة في هاييتي أما وقد توجه إلى إفريقيا فإنه ينضم إلى قائمة عرمرمٍ من الرؤساء الأفارقة السابقين الذي اختبروا النفي نهاية سياسية ونمط حياء.

[تقرير مسجل]


undefinedمكي هلال: لم تكن المرة الأولى التي يجد فيها أريستيد نفسه على سلم طائرة متوجها إلى المنفى ومن شأن تجربته السابقة أن تخفف عنه المعاناة وهو يسافر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى ولكن هذه المرة كانت الدولة التي أعادته عام 1992 بقرار من الأمم المتحدة هي نفسها التي حملته على التخلي عن رئاسة هاييتي ومع ذلك فما إن وطأت قدما أريستيد مطار بانغي حتى بادر إلى التصريح بأنه لم يستقل بل أرغم على الرحيل وهب وزير الخارجية الأميركي كولين باول إلى نفي ذلك وقال إن واشنطن تصرفت بناءً على رغبة أريستيد نفسه ولكن واشنطن شاركت فرنسا في ضغوطها عليه لما تعتبرانه عجزاً منه على الاستمرار في مسيرة حكم ديمقراطي وتقصيراً في إدارة اقتصاد بلاده ومن ضمن الرؤساء السابقين الذين أضحوا من نزلاء المنافي تشارلز تايلور رئيس ليبيريا الذي أرغمته الحرب الأهلية على الرحيل منفيا إلى نيجيريا التي وفرت له اللجوء بشرط امتناعه عن أي نشاط سياسي. ورئيس إثيوبيا السابق منغستو هيلا ماريام الذي اضطر إلى اللجوء إلى زيمبابوي حيث يعيش في رغد تحت كنف صديقة الرئيس روبرت موغابي كما لجأ الرئيس الأوغندي الأسبق ميلتون إيبوتي إلى زامبيا وقد سبقه إلى المنفى في السعودية رئيس أوغندي آخر هو عيدي أمين أما الدكتاتور كينشاسا موبوتو سيسسيكو فقد اختار المغرب منفى حتى توفي هناك متأثرا بالسرطان وفي السنغال يعيش حسين حبري الرئيس الشادي الذي أطيح به سنة 1990 رغم إدانته من قبل محكمة سنغالية ومنظمة العفو الدولي بارتكابه جرائم إبادة وتعذيب. القاسم المشترك بين هؤلاء الحكام أنهم جميعا حكموا دولا إفريقية استبدوا بشعوبها ونهبوا ثرواتها وهي خصائص يستدل عليها من حال القارة الراهن قارة يؤوب إليها زعماء لم ينتخبهم أحد وأمراء حرب يستنزفون ثروات بلادهم وهم في الحكم قبل أن يحملوا معهم إلى المنفى ما تبقى في الخزائن، فلماذا تظل إفريقيا حاضنة الرؤساء السابقين وملاذا آمنا لجوء قسري أو اختياري؟ أهو الخوف من ملاحقات قانونية في أماكن أخرى؟ أم أن سُمْرة الرؤساء وأصولهم الإفريقية تستدعى بالضرورة حلاً إفريقيا؟ أم أن البقاء غير بعيد عن بلدانهم يجعلهم يمنون النفس بالعودة إلى سدة الحكم ما دام طريق العودة لا تمر غالبا عبر صناديق الاقتراع.

جميل عازر: وبهذا نأتي إلى ختام هذه الجولة في الملف الأسبوعي نذكر حضارتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية الإنترنت أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني على أننا سنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر فتحية لكم من فريق البرنامج هذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.