الملف الأسبوعي

مجلس الأمن وشرعية حكومة العراق، قمة الثماني

مجلس الأمن الدولي يضفي الشرعية على الحكومة العراقية الانتقالية والمعارضين يرون أن السيادة لا تزال منقوصة، شارون ينجح في بيع الكنيست خطته للانسحاب من قطاع غزة، قمة الثماني الكبار تناقش العراق والشرق الأوسط الكبير.

مقدم الحلقة:

جميل عازر

ضيف الحلقة:

نبيل حشاد: استشاري في القضايا الاقتصادية والمالية

تاريخ الحلقة:

12/6/2004

– تبعات إضفاء الشرعية على حكومة العراق
– شبح الانهيار يهدد الحكومة الإسرائيلية
– قمة الثماني ومناقشات خيبة آمال بوش
– الحرب الباردة على المسرح الكوري
– رونالد ريغان.. شخصية الأسبوع
– انتخابات البرلمان الأوروبي


undefinedجميل عازر: مشاهدينا الكرام نرحب بكم إلي جولة جديدة في الملف الأسبوعي وفيها، العراق مجلس الأمن الدولي يضفي الشرعية على الحكومة الانتقالية ولكن المعارضين يقولون لا تزال السيادة منقوصة، شارون ينجح في بيع الكنيست خطته للانسحاب من قطاع غزة ويغري المستوطنين بتعويضات سخية وقمة الثماني الكبار العراق والشرق الأوسط الكبير في الصدارة وهموم أفريقيا من مجاعات وإيدز في هامش المحادثات.

تبعات إضفاء الشرعية على حكومة العراق

أُضفيت الشرعية الدولية بإجماع أصوات مجلس الأمن على الحكومة الانتقالية المؤقتة وشروط نقل السلطة والسيادة إلى العراقيين ولكن القرار ألف وخمسمائة وأحد عشر الذي يحتوي على ما تعتبر بداية الطريق إلى حصول العراق على سيادته كاملة لم يعجب أطرافا عراقية من بينها هيئة علماء السنة والحزبان الكرديان الرئيسيان فبينما رأت الهيئة في القرار مثالب من قبيل عدم تحديد موعد لخروج القوات الأجنبية من العراق يقول الأكراد أنه لم يتضمن إشارة إلى القانون المؤقت الذي ينص على الحكم الذاتي في كردستان رغم الإشارة فيه إلى الفدرالية وقد ترجمت جهة ناقدة واحدة على الأقل اعتراضها باغتيال وكيل وزارة الخارجية.

إعلان

[تقرير مسجل]

مكي هلال: مع اقتراب موعد نقل السلطة إلى العراقيين نهاية هذا الشهر يظل المشهد العراقي محكوما بالتوتر الميداني والقصور الأمني في وقف مسلسل العنف وقد كان آخر ضحيته وكيل وزارة الخارجية الذي أُغتيل وسط بغداد أثناء توجهه إلى عمله المواجهات بين الموالين للحكومة الانتقالية والمعارضين لها تتواصل في المنابر وفي الميدان أيضا ولعل قرار مجلس الأمن الأخير كاد يؤدي إلى انضمام الأكراد لقافلة المراجعين لحساباتهم وقد خاب رجاؤهم في حكم ذاتي لولا مساعي اللحظات الأخيرة التي جعلت الأحزاب الكردية تتراجع عن تهديدها بالانسحاب من الحكومة الجديدة بعد ضمانات قدمتها لهم بخصوص قانون إدارة الدولة المؤقت وضغوط أميركية جعلت الحزبين الكرديين يعيدان قراءتهما لقرار مجلس الأمن ليجدا أنه تضمن بشكل ما مطالب الأكراد بالفدرالية.


قرار مجلس الأمن الأخير كاد يؤدي إلى خروج الأكراد من الحكومة حيث خاب رجاؤهم في حكم ذاتي لولا مساعي اللحظات الأخيرة التي جعلت الأحزاب الكردية تتراجع عن تهديدها بالانسحاب بعد ضمانات قدمت لهم وضغوط أميركية

تقرير مسجل

قرار مجلس الأمن رقم ألف وخمسمائة وأحد عشر ورغم إقراره بالإجماع فأنه لم يحقق الإجماع المتوقع في الداخل العراقي وفضلا عن الأكراد فإن هيئة علماء السنة وإن لم تكن حزبا سياسيا بالمعنى المتعارف عليه اعتبرت القرار منقوصا لأنه لم يشر إلى موعد محدد لجلاء قوات الاحتلال عن العراق، المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني عبر عن قبوله الضمني لهذه الحكومة ونصحها بالتركيز على الملف الأمني والتحضير الجيد للانتخابات، أما الزعيم الشيعي مقتدى الصدر فحافظ على خطه في انتقاد الحكومة الانتقالية رغم كونه أعلن تأييدا مشروطا لها فهو يؤيدها إذا رفضت وجود قوات الاحتلال أو أعلنت جدولا زمنيا لانسحابه، الانسحاب ترى فيه حكومة علاوي تهديدا حقيقيا لوضع أمني يصعب ضبطه إذا ما ترك الأمر للشرطة العراقية وحدها خصوصا في ظل استحقاقات مهمة كأجراء الانتخابات بعد ستة أشهر وما يتطلبه ذلك من ضمانات وإجراءات أمنية قد يعجز الجيش العراقي والشرطة في وضعهما الحالي على النهوض بها، حكومة أياد علاوي إذا يتهددها الوضعي الأمني المتدهور من جهة وتزايد أصوات المعارضة من جهة أخرى معارضة حتى ممن كان في الأمس قريب شريكا في مجلس الحكم الانتقالي مثل حزب المؤتمر الذي قد يتحول زعيمه أحمد الجلبي إلى معارض قويا لعلاوي وحكومته الانتقالية بعد سقوط مكانته في نظر الأميركيين وحزب الدعوة الإسلامي الذي يرى في الحكومة الجديدة وقبولها لقرار مجلس الأمن تقديما لمسوغ شرعيا للإبقاء على الاحتلال وإطالة أمده من أجل تنفيذ المشروع الأميركي كما عبر عن ذلك الحزب الصورة إذاً ليست بالوضوح المأمول والحكومة الانتقالية لن تتحرك في وضع أفضل من الإطار الذي كان مرسوما لمجلس الحكم الانتقالي، فهل تبدأ مهمتها في بداية الشهر القادم وقد تغيرت الحال بإعلان انتقال السيادة؟ وهل يسعفها ذلك وأن يكن انتقالا شكليا ما دامت القوات الأجنبية لن تغادر بحلول ذاك التاريخ؟

إعلان

شبح الانهيار يهدد الحكومة الإسرائيلية

جميل عازر: أصبح قطاع غزة على وجه التحديد الشغل الشاغل لرئيس الحكومة الإسرائيلية وهو يحاول درء شبح انهيارها على عتبة المستوطنات التي يريد إخلاءها أو تفكيكها ويبدو واضحا أن أرييل شارون يريد بعد إقالة اثنين من وزراء حزب المفدال الديني اليميني المتطرف الاستمرار في خطته حتى ولو اضطر إلى الاستعانة بحزب العمل المعارض وإشراكه في الحكومة ويعكف شارون حاليا على محاولة للالتفاف على المستوطنين بإغرائهم على إخلاء الإحدى والعشرين مستوطنة في القطاع وثلاث في الضفة الغربية لتعليق جزرة تعويضات مالية مغرية أمام أعينهم ولكن الأمر يتوقف على قدرة الليكود على التماسك.

[تقرير مسجل]

undefinedوليد العمري: اندلاع الأزمة في الحكومة الإسرائيلية لم يكن مفاجئا فمنذ اللحظة الأولى التي صاغ فيها أرييل شارون توليفته كان واضحا أن هذه الصيغة اليمينية المتشددة لا تستطيع التعايش مع أي عملية سياسية حتى لو جاءت بمقاسات رئيس الحكومة نفسه، هذه الأزمة التي تفاعلت مع إقرار الحكومة الإسرائيلية لخطة الانسحاب من غزة أحدثت هزة أرضية في صفوف اليمين الحاكم بما في ذلك حزب الليكود الذي يتزعمه شارون وذلك على نحو وضع علامة سؤال كبيرة حول مستقبل هذه الحكومة وقدرتها على الاستمرار. لكن مستقبل حزب الليكود في الحكم أصبح مرهونا بأهواء الأحزاب الأخرى حيث يعتمد شارون على قاعدة برلمانية ضيقة من تسعة وخمسين نائبا من أصل مائة وعشرين وهي مرشحة للانفراط إذا اجتمع أعضاء الكنيست الخمسة من حزب المفدال للمتدينين الوطنيين المنقسم على نفسه على ترك الائتلاف لإسقاط خطة الانسحاب من غزة.

سلوميانسكي نيسان – رئيس كتلة المفدال في الكنيست: هذا هو السؤال الذي نتخبط فيه منذ أيام فبعضنا يعتقد أن انسحابنا من الائتلاف سيسهل العمل ضد خطة رئيس الحكومة وهناك من يعتقد أن بقاءنا داخل الائتلاف سيساعدنا في تحقيق هذا الهدف وهدفنا هو كيف نمنع إخلاء مستوطنات غوش قطيف.

إعلان

وليد العمري: عكس هذا الهدف تماما هو ما يريد حزب العمل تحقيقه فقوة هذا الحزب المعارض في ضعفه الآن بوسعه إنقاذ شارون الذي انقلب عليه حلفاؤه الطبيعيون سواء بدعمه في الكنيست أو بالانضمام إلى توليفة جديدة برئاسته

عمرام ميتسناع – حزب العمل الإسرائيلي: انضمام حزب العمل إلى حكومة شارون ليس واردا الآن الأمر الوحيد الذي ننشغل به الآن يدور حول ما إذا كان علينا منح رئيس الحكومة شبكة أمان وتمكينه من تمرير القرار قد قررنا إتاحة المجال أمام رئيس الحكومة لتمرير قراره وتنفيذ الخروج من غزة.

وليد العمري: افتعال الأزمات الداخلية أو تفاعلها في إسرائيل ليس أمرا جديدا قد سقطت حكومات نتنياهو وباراك عندما تجرأت على التعامل مع مبادرات سياسية لحل النزاع مع الفلسطينيين وقبل ذلك اغتال ناشط يميني رئيس الحكومة رابين في محاولة لقتل عملية أوسلو وفي كل مرة ازداد اليمين قوة وهو أيضا ما يؤكده فشل أحزاب المعارضة في حجب الثقة عن توليفة شارون رغم هشاشتها. نجاة حكومة شارون رغم الأزمة التي عصفت بها تأكيد جديد على عجز المعارضة اليسارية في إسقاط هذه الحكومة وهذا مؤشر آخر على أنه حتى لو تم تقديم الانتخابات في إسرائيل فان النجاح سيكون حليف اليمين من جديد، وليد العمري، الجزيرة، القدس الغربية.

جميل عازر: ولم تكن المتاعب بعيدة عن الحكومة الإسرائيلية في علاقاتها مع حزب الله رغم أنه ليس هناك من جديد في تبادل الرسائل الصاروخية والمدفعية بين الجانبين في منطقة مزارع شبعا التي يعتبره اللبنانيون أرضهم المحتلة، لكن الجديد في الأمر هذه المرة هو أن الطائرات الإسرائيلية شنت غارة جوية على ما ادعت بأنها قاعدة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في إحدى ضواحي بيروت الجنوبية وهي أقرب موقع إلى العاصمة اللبنانية تستهدفه غارات إسرائيلية منذ جلاء الإسرائيليين عن الجنوب اللبناني حتى وإن تكن هذه الغارة الجوية ردا على هجوم صاروخي سابق فإن هذا التمادي الإسرائيلي يثير تساؤلات من حيث توقيته وأهدافه.

إعلان

[تقرير مسجل]

حسام عيتاني: التصعيد الأمني المفاجئ على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية طرح أكثر من علامة استفهام حول الأسباب والدوافع وأثار مخاوف من احتمالات اشتعال هذه الجبهة مجددا وعلى نطاق واسع وما عزز هذه المخاوف هو أن كرة النار تخطت هذه المرة مناطق مزارع شبعا المتنازع عليها بين الجانبين في خرق واضح لما اصطلح على تسميته بقواعد اللعبة بين إسرائيل وحزب الله، فالغارات الإسرائيلية استهدفت هذه المرة مقرا مهجورا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في حارة الناعمة الواقعة جنوب العاصمة اللبنانية ردا على ما تدعيه إسرائيل أنه إطلاق صواريخ من الجانب اللبناني كانت تستهدف مركبا حربيا في المياه الإقليمية الإسرائيلية وهو ما فُسّْر على أنه اتهام إسرائيلي للتنظيم الفلسطيني بالوقوف وراء العملية الصاروخية.


رئيس الأركان الإسرائيلي اعتبر غارة النعمي بمثابة رسالة تحذير للحكومة اللبنانية ومن ورائها سوريا

حزب الله الذي نفى مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ ردا على غارة النعمي باستهداف مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا أدت إلى إصابة ضابط إسرائيلي ووصف هذا الرد بأنه طبيعي وضروري ويصب في خانة التأكيد على حق الحزب المشروع في مقاومة الاحتلال والدفاع عن مواقعه وعن الأرض وفي هذا بالطبع رسالة واضحة لإسرائيل تؤكد على التزام الحزب بنهجه وعدم وجود أي نية من جانبه لتصعيد خارج نطاق المزارع المحتلة وقد جاء الرد الإسرائيلي على هجمات الحزب في نطاق المزارع ومحيطها وهذا يقع ضمن ما درج المراقبون على تصنيفه بأنه تصعيد منضبط بين الجانبين وما عزز هذه الفرضية تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي موشيه يعلون الذي استبعد استخداما مبالغا فيه للقوة ضد لبنان واعتبر أن غارة النعمي هي بمثابة رسالة تحذير للحكومة اللبنانية ومن ورائها سوريا التي قال أنها تسمح بهذا الوضع وتشجعه على حد تعبيره.

هذه الرسائل المتبادلة إلى جانب تحركات والاتصالات الدبلوماسية والدولية أسهمت إلى حد ما في لجم التوتر وإعادة الهدوء ولو نسبيا إلى الجبهة اللبنانية الإسرائيلية غير أن لغز الصواريخ التي بقيت مجهولة المصدر دفع إلى الواجهة أسئلة لا تجد إجابات حول المغزى إلى تصعيد التوتر في لحظة إقليمية حرجة خصوصا وأن أي تطورات لم تطرأ راهنا حتى على المستوى الفلسطيني تستدعى تصعيدا أمنيا وفي المحصلة فان مجريات الأمور ومبدأ توجيه الرسائل والرد عليها لا تقود إلى الاعتقاد بإمكانية تدهور الوضع الأمني خصوصا وأن إسرائيل تعيش تحت وطأة ضغوط داخلية سببها إقرار خطة شارون للانسحاب من قطاع غزة في حين أن الجانب الفلسطيني سلطة وفصائل منشغل مع الجانب المصري بالتحضير لاستحقاقات مرحلة مقبلة تبدو حتى الآن غير واضحة المعالم أما لبنان فيستعد هو الآخر لاستقبال موسم اصطياف يعول عليه كثيرا في تحريك اقتصاده الراكد ويتهيأ لاستحقاق سياسي حساس في الخريف القادم هو الانتخابات الرئاسية.
جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل رونالد ريغان رئيس أميركي عصامي نال من المديح والثناء بعد وفاته ما لم ينله أثناء حياته.

إعلان

[فاصل إعلاني]

قمة الثماني ومناقشات خيبة آمال بوش

undefinedجميل عازر: وإلى الولايات المتحدة حيث انعقدت قمة الثماني في شرقي ولاية جورجيا الأميركية وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة ربما كان الظروف التي تحيط بها استثنائية من حيث أن التطورات في الشأن العراقي تهيمن على المسرح الدول وقد استحوذت على القسم الأكبر من محادثات القادة غير أن محاولتهم لإظهار الود الواحد تجاه الأخر لم تُخفي ما كان يدور بينهم من مهاترات بشأن العراق وقضايا أخرى بداية بالشرق الأوسط الصغير والكبير وحتى الاقتصاد العالمي وإذ يُقال أن زعماء أغنى دول العالم يريدون العمل على معالجة قضايا جسيمة مثل الفقر ومكافحة آفات أخرى في إفريقيا على وجه الخصوص فإن الوعود التي يعلنونها في هذا الصدد لم تترجم إلى واقع.

[تقرير مسجل]

سمير خضر: قد يكون هذا كل ما استطاع جورج بوش الحصول عليه صورة جماعية لقادة تكبدوا عناء سفرا طويل وجوا حار لينقشوا أسماءهم على هذه الصورة وليقول بعضهم نعم كنت هناك. منتجع سي أيلاند عاش ثلاثة أيام على وقع الشرق الأوسط وهي سابقة في تاريخ مجموعة الثماني إذ نادرا ما استحوذت قضية إقليمية على القسط الأكبر من النقاشات، بوش وجهة دعوة إلى عدد من القادة العرب للحضور إلى سي أيلاند لمناقشة مشروعه للشرق الأوسط الكبير البعض لبى الدعوى والبعض الآخر آثر الاعتذار وإن بلباقة، القمة تبنت بعد مخاض عسير مشروع الشرق الأوسط الكبير ولكن ليس بالشكل التي كانت تطمح إليه الإدارة الأميركية، صحيح أن المبادرة لا تزال تنص على تعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية في المنطقة توطئة أو بالأحرى كسلاح لمكافحة الإرهاب ولكن السبيل إلى ذلك لا يزال مبهم فحلفاء واشنطن كانوا متشككين، فرنسا وألمانيا أشارتا إلى أن الإصلاحات لن يُكتب لها النجاح إذا كانت مفروضة بالقوة من الخارج في حين أعلن الرئيس الروسي صراحة أن بلاده لن تساهم في الصندوق الذي أعلنت القمة عن تأسيسه لتمويل هذه الإصلاحات.

إعلان

كما أن بعض دول الاتحاد الأوروبي سخرت إذا جاز هذا التعبير من هذه المبادرة من خلال الإشارة إلى أن بوش لم يأتي بجديد فمعظم بنود الخطة يتم بالفعل حاليا تطبيقها من قبل دول الاتحاد الأوروبي وإذا كان الشرق الأوسط الكبير أدى إلى مثل هذه الانقسامات فإن الجزء المتعلق منه بالعراق أعاد إلى الأذهان أجواء ما قبل الحرب، بوش حقق وعدا قطعه على نفسه أمام شعبه استقبال رئيس لعراق جديد في الولايات المتحدة وهذا ما حدث في السي أيلاند مع غازي الياور، بوش أراد أيضا من حلفائه طي صفحة الماضي من خلال مساعدته في التخلص من المأزق الذي قد يطيح بآماله في كسب معركة إعادة الانتخاب وهذا ما لم يحصل عليه إذا أراد إرسال قوات من حلف الأطلسي لمساندة القوات الأميركية في العراق أو على الأقل تخفيف الضغط عليها وهنا أنبرى جاك شيراك مجددا ليطيح بآمال بوش تماما كما فعل قبل عاما ونصف العام لا وكلا، غزو العراق كرر شيراك أمام مضيفه لم يكن ضروري ولا مفيدا لأيا كان والرسالة الفرنسية كانت هنا جلية سيد بوش عليك تحمل تبعات قراراتك الانفرادية، فرنسا لم تكن الوحيدة في هذا الموقف فهناك أيضا ألمانيا وكندا ناهيك عن روسيا وإن لم تكن عضوا في الناتو، كل هذه الدول تخشى من تورط مزيد من القوة العسكري الغربية في العراق الأمر الذي يعزز من مخاطر ما يسميه البعض صراع بين الغرب المسيحي والشرق المسلم أما مسألة شطب ديوان العراق فقد شعر بوش بالعزلة الكاملة إذ كيف يتم إعفاء العراق الغني بالنفط والثروات من مائة وعشرين مليار دولار في حين أن مجموعة الثماني عجزت حتى الآن عن تقديم عُشر هذا العرض لدول إفريقيا الأكثر فقرا.

جميل عازر: وينضم إلينا من القاهرة الاستشاري في القضايا الاقتصادية والمالية نبيل حشاد، أستاذ نبيل أولا مجموعة الثماني وحتى منذ أن كانت مجموعة السبع يعني متهمة بأنها تعد ولا تفي في تقديرك إذا كان هناك تلكأ ما هي الأسباب وراء هذا التلكأ؟

إعلان


الدول الصناعية الكبرى ربطت خفض ديون الدول المثقلة بها بمقدار ما تجريه من إصلاحات اقتصادية حيث تتسم برامجها بخلل كبير في الهيكلية الاقتصادية

نبيل حشاد

نبيل حشاد: هو بطبيعة الحال مجموعات الثمانية بتعقد اجتماعات دورية منتظمة بتهتم بصفة عامة بأمورها السياسية والاقتصادية يمكن الاجتماع الأخير اللي حصل في الولايات المتحدة ركز بدرجة كبيرة على موضوع الشرق الأوسط ومشكلة العراق وكان في الحقيقة من المتوقع أن تُتخذ قرارات في هذه القمة تعالج المشاكل الاقتصادية والصحية والفقر في قارة إفريقيا باعتبار أن نصف القارة.. عدد القارة 680 مليون نسمة نصفه تحت خط الفقر يعني نصيبه من الدخل القومي يقل عن دولار يوميا بالإضافة إلى 24 مليون لديهم حالة إيدز بالإضافة إلى تخلف التعليم في الكثير من هذه الدول ولكن تم تهميش مثل هذه القضايا كالعادة وخصوصا أيضا بالنسبة للدول المثقلة بالديون يمكن ده في الحقيقة اللي هو إذا قلنا القول في الحقيقة تنصل هذه الدول من مسؤولياتها قد يرجع إلى عدم الرغبة الأكيدة لهذا الدول في تنفيذ هذه الالتزامات قد يكون أيضا للاختلاف في وجهات النظر بين هذه الدول فيما يتعلق بمثل هذه القضايا يعني على سبيل المثال كان هناك حديث من الرئيس بوش عن خفض ديون العراق اللي بتبلغ 120 مليون دولار بمقدار أربع أخماس أو حتى 95% ولكن بنلاحظ أن فرنسا وروسيا هما أكبر دولتين دائمتين للعراق وبالتالي هما عرضوا هذا التخفيض وبالتالي الاختلاف في وجهات النظر بيكون أحد أهم الأسباب وفي نفس الوقت التكلفة التي تقع على الأعضاء بتكون غير متساوية وبالتالي دا بيكون أهم الأسباب اللي بتأدي إلى تنصلها.
جميل عازر: أستاذ نبيل بالنسبة لخفض الديون كيف يمكن للدول الدائنة أن تقول شطبنا الديون على القارة الأفريقية بمعني أخر ما الذي يشجعها لتقوم بذلك؟

نبيل حشاد: هو طبعا أولا شطب الديون بالكامل هذا يعني في وجهة نظري لن يكون أمرا واقعيا ولكن قد يكون شطب النسبة منه أو إعادة جدولة الديون في بعض الحالات عملية شطب الديون بالكامل أنا في اعتقادي في أفريقيا لن تتم، طبعا الدول الصناعية أو الدول الثمانية الكبرى اشترطت لخفض مش عايز أقول شطب كل الديون ولكن لخفض جزء كبير من هذه الديون مرتبط بمقدار ما تجريه هذه الدول من إصلاحات اقتصادية بطبيعة الحال هذه الاقتصاديات لديها خلل كبير في الهيكل الاقتصادي عملية إصلاحه بتبقى مكلفة اقتصاديا واجتماعيا في نفس الوقت وبالتالي ده هيكون مبرر أيضا حتى إذا وعدت هذه الدول بخفض نسبة كبيرة فلن تخفض نسبة كبيرة التاريخ بيثبت هذا في الحقيقة.

إعلان

جميل عازر: طيب إذا كانت هذه الدول الفقيرة تطالب الدول الغنية بمساعداتها ودعمها ومحاولة تحسين أوضاعها أن كانت الأوضاع الاقتصادية والصحية أو الاجتماعية وما إلى ذلك تشير بإصبع الاتهام إلى مجموعة الثماني بالتقصير ولكن لنسأل ما الذي ينبغي أن تقوم به الدول التي ستكون مستفيدة من المساعدات حتى تشجع المجموعة على تقديم تلك المساعدات إليها؟

نبيل حشاد: يعني أولا خليني أشير لشيء صدر تقرير عن البنك الدولي في الحقيقة إلى أن الفساد بيعتبر العامل الجوهري الرئيسي في موضوع المشاكل الاقتصادية والتخلف الاقتصادي وبالتالي في اعتقادي في الدول الأفريقية حتى تستطيع أن تنهض لابد من القضاء على الفساد مش هقول مائة في المائة بطبيعة الحال لكن بقدر ما تستطيع هذا من ناحية من ناحية أخري هناك إصلاحات هيكلية اقتصادية على سبيل المثال الخصخصة إتباع سياسات نقدية ومالية تتسق والوضع القائم ترشيد الإنفاق الحكومي إذا كان في هناك نوع من الدعم يقدم للناس في كثير من الدول الأفريقية والعربية لا يذهب هذا الدعم في كثير من الأحيان إلى مستحقيه وبالتالي لابد أن يُستبدل بدعم نقدي إلى أخره هناك العديد من الإصلاحات الاقتصادية ولكن إذا كانت لهذه الدول الرغبة الصادقة في الاستفادة من خفض الدول الثمانية لجزء كبير من ديونها أن تبدأ في هذه الإصلاحات الهيكلية وزي ما قلت في الحقيقية بيبقى لها تكلفة هيكلية في الفترة القصيرة ولكن في الفترة الطويلة بتكون نتائجها إيجابية.

جميل عازر: كمبدأ ألا تعتقد أن وجود مجموعة الثماني هذه يكرس عدم المساواة وعدم الأنصاف في الوضع الدولي بوجه عام من حيث أن هؤلاء يمثلون القادة مثلا يمثلون أكبر ثماني دول ولكنهم يسيطرون على نسبة هائلة جدا من الثروة العالمية؟

نبيل حشاد: دا صحيح طبعا يعني إحنا حتى مش لو أتكلمنا على الدول الثمانية إحنا لو أتكلمنا حتى على أميركا واليابان وألمانيا بتسيطر على الجزء الأكبر من الاقتصاد العالمي والناتج المحلي الإجمالي، لكن دي بطبيعة الحال ثروات لهذه الشعوب إنما بالنسبة طبعا يعني هي زيها زي أي داخل الدولة هناك الأغنياء وهناك الفقراء لكن اللي شهدناه في العشر السنين الأخيرة الحقيقة الدول الغنية بتزداد غنى والدول الفقيرة بتزداد فقر والمؤشرات كثيرة تدل على ذلك حتى أن الدراسات إللي بدأ يركز عليها البنك الدولي في الفترة الحالية هي مكافحة الفقر ودا بالنسبة للدول اللي هي الفقيرة في الحقيقة يجب أن تستفيد من المزايا التي لديها وهي كثرة الأيدي العاملة في تبني الأسلوب الإنتاجي الذي يجب أن تتبناه وهو الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمشروعات المتوسطة التي يُطلق عليها صناعات أو أسلوب كثافة العمل إللي يعتمد بدرجة كبيرة على العمل فأنا في اعتقادي الإصلاح لابد لهذه الدول أن تستفيد من المزايا النسبية التي لديها.

إعلان

الحرب الباردة على المسرح الكوري

جميل عازر: جميل حشاد في القاهرة شكرا جزيلا لك. أعلنت واشنطن عن اعتزامها سحب حوالي ثلث قواتها المرابطة في كوريا الجنوبية ضمن خطة واشنطن لإعادة النظر في أولوياتها والتزاماتها ويتصادف هذا الإجراء مع الحديث أيضا عن تفكير أميركي في إعادة انتشار قوات الولايات المتحدة في ألمانيا صحيح أن كوريا الجنوبية مرت في مراحل ظهرت خلالها بوادر معادة للأميركيين ولكن مقتضيات الوضع العالمي الراهن في أعقاب انتهاء الحرب الباردة أصبحت تتطلب في نظر مخططي الاستراتيجية العسكرية الأميركية ترتيبات مختلفة رغم أن الحرب الباردة مازالت تفرض نفسها على المسرح الكوري بعكس ما هو عليه الحال في ألمانيا.

[تقرير مسجل]

فاطمة التريكي: طوال نصف قرن وقف الجنود الأميركيون جنب إلى جنب مع قوات كوريا الجنوبية على طول خط الهدنة على أهبة الاستعداد لمواجهة غزو من الشمال الشيوعي ورغم أن القوات الأميركية هناك تعتبر إسمياً قوات دولية تابعة للأمم المتحدة فأنها تحولت مع الوقت إلى تجسيد للالتزام واشنطن بضمان أمن كوريا الجنوبية ولكن يبدو أن الأمور تغيرت الآن سبعة وثلاثون ألف جندي أميركي يقبعون هناك في حين أن البنتاغون بأمس الحاجة إليهم أو على الأقل إلى بعض منهم في أماكن ملتهبة وخاصة في العراق ولم يكن من المفاجئ إعلان واشنطن عن وجود خطط لتقليص وجودها العسكري في كوريا بمقدار الثلث رغم أن البعض رأى في هذا الإعلان رسالة سياسية قد يُساء فهمها في بيونغ يانغ لكن الأمر لا يتعلق فقط بشبه القارة الكورية بل يأتي في سياق خطة أوسع وأشمل تتمثل في إعادة النظر في انتشار القوات الأميركية في العالم فإلى جانب كوريا هناك أيضا الوجود العسكري الأميركي في جزيرة أوكيناوا اليابانية.


مشروع رمسفيلد يهدف إلى تقليص شامل لأعداد القوات الأميركية المنتشرة في العالم وتحويلها إلى قوات انتشار وتدخل سريع قابلة للاستجابة لمتطلبات السياسة الأميركية التي وضع المحافظون الجدد خطوطها العريضة

تقرير مسجل

والأهم من ذلك كله الأعداد الضخمة من القوات التي ترابط في ألمانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إذ لا تُخفي واشنطن نيتها على إعادة النظر في هذا الوجود العسكري خاصة مع زوال التهديد الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي السابق، مشروع رمسفيلد كما يسمى في البنتاغون يهدف إلى تقليص شامل لأعداد القوات الأميركية المنتشرة في أنحاء العالم وتحويلها إلى قوات انتشار وتدخل سريع قابلة للاستجابة لمتطلبات السياسة الأميركية التي وضع المحافظون الجدد خطوطها العريضة وحددوا معالمها حتى قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هذه السياسة تتمثل في استحداث قوات سريعة الحركة ونشرها في أماكن استراتيجية مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ودول آسيا الوسطى وأفريقيا إضافة إلى خطط إنشاء مستودعات لتخزين الأسلحة والذخائر في بعض المناطق الحساسة لتستخدمها القوات الأميركية متى ما أرادت ودون الحاجة إلى نقلها مسافات طويلة الأمر الذي يقلل من الكلفة المادية ويقلص الزمن اللازم للتدخل العسكري. مصادر البنتاغون تؤكد أن تقليص الوجود العسكري في المناطق التقليدية ككوريا واليابان وألمانيا لا يؤثر على القدرة القتالية الأميركية خاصة مع التقدم التكنولوجي والاعتماد المتزايد على الطيران وحاملات الطائرات كما أن مثل هذا الإجراء سيساعد بالتأكيد على تحسين العلاقات السياسية مع بعض هذه الدول التي لا تلقى القوات الأميركية فيها ترحابا شعبيا مثل كوريا الشمالية واليابان والسعودية.

إعلان

رونالد ريغان.. شخصية الأسبوع

جميل عازر: رحل رونالد ريغان الرئيس الأميركي الأربعون عن هذا العالم وكأي راحل بهذا المستوى انهالت عليه المراسي التأبينية وفيها عبارات الثناء التي ما كان الرجل يحلم بسماعها وهو على قيد الحياة خاصة عندما كان في البيت الأبيض مدة ثماني سنوات وبما أنه كان يمثل التيار اليمني المحافظ في بلاده وكان عدوا لدودا للشيوعية فقد عُزي إليه انهيار المنظومة الاشتراكية ممثلة في الاتحاد السوفيتي السابق، غير أنه هناك من لا يتفقون مع هذه الرؤية ومع ذلك يظل رونالد ريغان شخصية الأسبوع في الملف الرئيس الذي أعاد إلى الأميركيين الثقة في النفس بعد مرحلة من الارتياب.

[تقرير مسجل]

undefined

بيبه ولد امهادي: لم يكن أحد يتوقع لابني إباء الحزن المدمن على الكحول أن يسجل اسمه في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، ولد رونالد ريغان في ولاية إلينوي ثم انتقل إلى كاليفورنيا حيث مارس العديد من الوظائف دون نجاح وحتى انخارطه في مجتمع هوليود السينمائي لم يحقق له طموحاته رغم مشاركته في أكثر من خمسين فيلما لكنه استغل السينما وبالتالي سلاح الإعلام بذكاء ليدخل ميدان السياسة أولا من خلال ترأسه نقابة الفنانين وتزعمه حملة لتطهير هوليوود ممن كان يعتبرهم موالين للشيوعية ثم للانطلاق إلى رحاب سياسة ذاتها حين نجح في أن يصبح حاكما لولاية كاليفورنيا مرتين من عام 1966 إلى عام 1974 وحاول ريغان أكثر من مرة إقناع الحزب الجمهوري باختياره مرشحا للرئاسة وحقق ذلك عام 1980 واستطاع انتزاع كرسي الرئاسة من جيمي كارتر.

يعتبر رونالد ريغان الأب الروحي لسياسة المحافظين الجدد في واشنطن وقد بدأ فترته الرئاسية الأولى في ظل أزمة اقتصادية كانت تعصف بالولايات المتحدة وترهل على صعيد السياسة الخارجية ورغم محالة اغتيال فاشلة في مطلع رئاسته وضع ريغان الحجر الأساس لسياسة تقليص نفوذ الدولة في المجالات الاقتصادية وكان أول من بدأ حملة تخفيض الضرائب كأداة لإنعاش الاقتصاد ووجه كما يواجه جورج بوش الآن بانتقادات واسعة واتهامات بمحاباة الأغنياء على حساب الفقراء هذا التخفيض صاحبته زيادة ملحوظة في حجم الإنفاق العسكري وخاصة فيما يتعلق بحلم ريغان المسمى بحرب النجوم والذي أثار سخرية في الأوساط السياسية في واشنطن، لكن ريغان كان مقتنعا تماما بمبررات ما يعتبرها حربا مقدسة بين الحرية المتمثلة في الغرب والشر الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي في نظره.

إعلان

ولقي ريغان دعما الخارجية لم يكن أحد يتوقعه خاصة من قبل خريجة أوكسفورد مارغريت تاتتشر التي كانت تحاول إرساء أسس سياسة مماثلة في بريطانيا ولم يكن كلاهما يُخفي عداءه للشيوعية ولجدار برلين الذي وقف ريغان أمامه مطالبا غورباتشوف بإزالته، هذا العداء لم يخلو أيضا من دعابات أثارت استياء موسكو آنذاك خاصة عندما كان يستعد لإحدى كلماته الإذاعية حيث قال مازحا إنه أمر بشن هجوم نووي على الاتحاد السوفيتي لكن ذلك لم يمنعه من الالتقاء بغريمه الشيوعي غورباتشوف عدة مرات والتوقيع معه على سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات للحد من التسلح وبتوجيه من ريغان عمدت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى تقديم الدعم المادي واللوغستي للعديد من الحركات التي تقاتل الشيوعية سواءٌ في أفغانستان حيث تدفق السلاح الأميركي على المجاهدين الأفغان أو في أميركا الوسطى خاصة في نيكاراغوا وقد كادت فضيحة بيع أسلحة أميركية إلى إيران لتمويل عمليات المتمردين في نيكاراغوا أن تطيح به لكن آخرين تبرعوا لتحمل المسؤولية نيابة عنه فقد كان الشعب الأميركي مستعدا لأن يغفر لهذا الرئيس الذي إن أجاد شيئا فهو إتقانه بشكل لم يسبق له مثيل فن مخاطبة الجماهير.

انتخابات البرلمان الأوروبي

جميل عازر: لم تكن انتخابات البرلمان الأوروبي منذ بدأ إجراءها في الدول الأعضاء المؤسسة واللاحقة إلا استفتاء على نظرة الناخبين إلى حكومات دولهم أكثر منها إلى قضايا اتحادية أوروبية فهل البرلمان لا يزال يبحث عن دور يفضي عليه صفة البرلمانات الوطنية مع أنه يقوم بدور رقيب على المفوضية الأوروبية في بروكسيل وتفسير بعض القوانين التي تهم الاتحاد وفي هذا السياق مازالت أوروبا دولا منفصلة وستكون نتائج التصويت حكما من الناخب على أداء الحكومة في بلده وليس على أداء المفوضية الأوروبية وهنا لابد وأن يثار تساؤل عن البرلمان الأوروبي صلاحياته وسلطاته ونطاق تأثيره على المواطن الأوروبي.

إعلان

[تقرير مسجل]


تضاءلت مشاركة الناخبين الأوروبيين في تشكيل البرلمان الأوروبي بدرجة كبيرة، فبينما شارك 63% من الأوروبيين في أول انتخابات للبرلمان عام 1979 تراجعت نسبة المشاركين إلى أقل من 50% في آخر انتخابات عام 1999

تقرير مسجل

سمير خضر: من كان يحلم بأوروبا موحدة عليه أن ينتظر سنين أخرى طويلة هذا هو الواقع الذي يهيمن حاليا على أكبر تجمع إقليمي في عالمنا، أوروبا ليست موحدة بعد ولا أدل على ذلك بالانتخابات البرلمان الأوروبي التي تمتد على أربعة أيام فقد عجزت هذه الدول حتى الآن على الاتفاق على يوم واحد لإجراء هذه الانتخابات فلكل منها على ما يبدو اعتباراته وتقاليده السياسية غير القابلة للانصهار في بوتقة واحدة وربما يكون هذا أحد الأسباب التي تدفع من يسمون بالمتشككين الأوروبيين إلى دحض فكرة الوحدة.

نعم قد يكون الاتحاد الأوروبي يقام على أسس صحيحة لكنه انتهج في نظرهم سياسة غير واقعية إذ بدل التركيز على سبل الاندماج سيطر هاجس التوسع على عقول وأذهان قادته وأزداد عدد الدول الأعضاء من ستة إلى تسعة ثم خمسة عشر وأخيرا خمسة وعشرين بعد انضمام العديد من دول أوروبا الشرقية التي عانت عقود طويلة من هيمنة الشيوعية ونظام الحكم الشمولي وكثير من الأحزاب والقوى السياسية في هذه الدول الجديدة ترفض فكرة الاندماج الأوروبي فهي لا تزال لم تتذوق بعد جيدا طعم الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، مثل هذه الأحزاب والقوى تحاول الآن تجنيد أنصارها ومؤيديها لمعركة البرلمان الأوروبي ومن هناك يمكنها العمل على تمرير أجندتها بتقويض سياسات حكومتها فالبرلمان الأوروبي لم يكن يوما تلك المؤسسات التي شكلت حلم الأباء المؤسسين وهي تعاني من مشكلات هيكلية لا حل لها في القريب العاجل وعلى رأسها مشكلة المقر.

فالبرلمان الأوروبي له مقران بروكسيل البلجيكية وستراسبورغ الفرنسية حيث يجتمع ثلاث أسابيع كل شهر في بروكسيل والأسبوع الرابع في ستراسبورغ مما يعني كثرة ترحال أعضاءه وقد وُجِهت كل محاولات توحيد المقر في بروكسيل حيث مركز المفوضية الأوروبية بمعارضة مستميتة من قبل فرنسا التي تأخذ الأمر على محمل الجد وتعتبره مساسا بكبريائها الوطني وهذا ما يثير سخرية البعض إذ كيف تتحدث فرنسا عن كبرياء وطنية أو قومية بينما تعلن دعمها لجهود توحيد أوروبا وتبني دستور أوروبي موحد وأيضا لما لا انتخاب رئيسا لدولة الاتحاد، أما صلاحيات البرلمان الأوروبي فحدث لا حرج فهو لم يتعدى حتى الآن كونه حلبة سجال وصراع وتصفية حسابات بين الدول الأعضاء دون السلطة السياسية المفترضة لمؤسسة من هذا القبيل باستثناء ما يتعلق بمحاسبة رئيس المفوضية وموظفيها ماليا وإداريا ولكن ليس سياسيا وربما لهذا السبب تضاءلت مشاركة الناخبين في هذا الحدث على مر السنين من 63% في أول انتخابات للبرلمان الأوروبي عام 1979 إلى أقل من 50% في أخر انتخابات عام 1999

إعلان

جميل عازر: وبهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي سنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملف جديد لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر فتحية لكم من فريق البرنامج وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة