الملف الأسبوعي

قانون محاسبة سوريا، حكومة قريع، جورجيا

رفض السلطات السعودية الحوار مع من أسمتهم إرهابيين، الوضع المتأزم في العراق، قانون محاسبة سوريا، حكومة أحمد قريع الفلسطينية الجديدة، الأزمة السياسية في جورجيا، إدوارد شيفرنادزه.. شخصية الأسبوع، فضيحة الأسرة المالكة في بريطانيا.

مقدم الحلقة:

جميل عازر

ضيف الحلقة:


د. توفيق السيف: باحث ومحلل سياسي – لندن

تاريخ الحلقة:

15/11/2003

– رفض السلطات السعودية الحوار مع من أسمتهم إرهابيين
– الوضع المتأزم في العراق

– التطورات على الساحة السعودية بين الإصلاحات وتزايد العنف

– قانون محاسبة سوريا

– حكومة أحمد قريع الفلسطينية الجديدة

– الأزمة السياسية في جورجيا

– إدوارد شيفرنادزه.. شخصية الأسبوع

– فضيحة الأسرة المالكة في بريطانيا


undefinedجميل عازر: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم إلى هذه الحلقة من (الملف الأسبوعي)، وفيها:

السعودية السلطات ترفض الحوار مع من أسمتهم إرهابيين، وواشنطن تتحدث عن تحالف أميركي سعوي لمحاربة الإرهاب.

بول بريمر، احتمال التعجيل في تسليم السلطة إلى العراقيين، بينما تتزايد عمليات المقاومة ضراوة، ومجلس الحكم الانتقالي على المحك.

وأحمد قريع يجتاز عقبة المجلس التشريعي الفلسطيني، والحكومة الإسرائيلية تعد بالتعاون وتحذِّر عرفات من استمرار نهجه في إدارة الملف الأمني.


رفض السلطات السعودية الحوار مع من أسمتهم إرهابيين

ربما لم يكن مفاجئاً إعلان وزير الداخلية السعودي أنه لا حوار إلا بالبندقية والسيف مع من أسماهم الإرهابيين، وإن كان غضب الحكومة السعودية مفهوماً في ظل فداحة الخسائر التي نجمت عن الهجوم الأخير على مجمَّعٍ سكني في العاصمة، فلا مفر أمامها -أي الحكومة- من مواجهة الاستحقاقات السياسية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المملكة، فمشاكل البطالة والرغبة الجماهيرية في الإصلاح بالإضافة إلى الاحتقان الإقليمي منذ احتلال العراق لابد أن تفرز ظواهر ربما يصعب ضبطها بطرق الحكم التقليدية التي مورست في السعودية منذ نشوئها كمملكة.

undefined

تقرير/حسن إبراهيم: ربما كانت تفجيرات الرياض الأخيرة الضارة النافعة للحكومة السعودية، فالضحايا كانوا في غالبيتهم من العرب المسلمين، وكان من ضمنهم أطفال ونساء ورجال، وأتى رد الفعل الجماهيري كما كانت ترجو السلطات السعودية مرحلياً على الأقل، لكن التفجيرات رغم فشلها في إصابة أهدافٍ غربية أفلحت في زعزعة هيبة الحكومة السعودية، والسعودية لاشك قد تغيَّرت، فاعتمدت منهج البوح التلقائي بالأحداث وجوانب القصور، وشرعت في فتح حوارٍ مع القوى الحديثة، بل ووعدت بإجراء انتخابات في غضون عامين بشأن ثلث مقاعد مجلس الشورى، فالمملكة كانت تحسب أنها بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية قد أمنت جانب الحركة السلفية الوهَّابية، والتي تعتبر ثاني أركان التحالف الذي يقوم عليه الحكم السعودي، أي تحالفٌ بين آل سعود والحركة والوهَّابية، لكن الوضع اختلف منذ حرب الخليج الأولى وخروج القواعد الأميركية من ثنايا التكتُّم الرسمي والإشاعات إلى واقعٍ علني، وهو ما استفز كثيرين خاصة ذلك الشاب الثري الملتحي القادم من الجهاد ضد السوفيت في أفغانستان، أسامة بن لادن، وبتفاقم الأزمات الاقتصادية في المملكة وتزايد البطالة في أوساط الشباب، وما تعتبره كثيرٌ من القوى الحديثة في السعودية جموداً من الحكومة في التعامل مع معطيات الواقع الجديد، تزايدت الاحتقانات حتى تفجَّرت احتجاجات ومظاهرات وأعمال عنف بعد غزو العراق، واحتلاله على يد الولايات المتحدة وبريطانيا.

وإن يكن يرى البعض في تفجيرات الرياض الأخيرة بعض الأصابع الأجنبية، مثل ما قاله البعض عن دورٍ لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أو الموساد، فإن هذا لا يُغيِّر من حقيقة أن كثيراً من الإسلاميين الراديكاليين في المملكة السعودية قد اتخذوا العنف طريقاً للتغيير الانتمائي السياسي.

الاقتصاد الريعي قد يقيل عثرة المجتمعات صغيرة العدد، كما هو الحال في معظم الدول الخليجية، لكنه في مجتمع يفوق عدد سكانه الأربعة عشر مليون نسمة يسبب قصوراً كامناً يتحوَّل إلى أزمة حالما تنخفض قيمة السلعة التي يعتمد عليها، وما عاد دخل النفط والقطاع العام يكفيان المجتمع السعودي الذي تلقى الكثير من أبنائه وبناته مختلف أنواع العلوم وفي مختلف الجامعات العربية والغربية والسعودية، ومع ازدياد الإنفاق على التسلُّح وانخفاض قيمة النفط والزيادة السكانية، والضعف النسبي للقطاع الخاص ومركزة السلطات في يد الأسرة الحاكمة تزايد السخط الجماهيري، وتلقفت الجماعات الراديكالية أعداداً متزايدة من الشبان الغاضبين.

أبدت واشنطن تعاطفها مع الحكومة السعودية، بل دعا بعض السياسيين الأميركيين إلى إنشاء قوات مكافحة إرهاب سعودية أميركية مشتركة، وهو تصريح قد يثلج صدر الحكومة السعودية، خاصة بعد الانتقادات اللاذعة التي دأبت أجهزة الإعلام الأميركية بل وحتى بعض المسؤولين الأميركيين توجيهها إلى المملكة منذ الحادي عشر من سبتمبر، لكن أليس من الممكن أن يحرج ذلك الحكومة السعودية مع الجماهير الساخطة التي تعتبر واشنطن عدواً أكبر مسؤولاً عن كل مآسي الأمة العربية والإسلامية؟


الوضع المتأزم في العراق

جميل عازر: وسنعود إلى الملف السعودي في وقت لاحق من هذه الجولة في الملف، أما الآن فمن الواضح أنه لا استقرار في العراق مع تزايد ضراوة عمليات المقاومة، فقد كانت عملية الناصرية بجنوبي البلاد والتي قُتل فيها زهاء تسعة عشر عسكرياً إيطالياً كانت دليلاً على أن مقاومي الاحتلال الأنجلو أميركي -أيًّا كانوا- قد تزايد تنظيمهم، وخرجوا عن نطاق ما أُطلق عليه المثلث السني، ويبدو أن إعلان رئيس مجلس الحكم الانتقالي جلال الطلباني أن الحكومة الانتقالية سيتم إعلانها في يونيو/حزيران من العام المقبل، وأن الانتخابات ستعقد قبل نهاية عام 2005 يبدو أنه أتى استجابة لإعلان واشنطن أنها تريد التعجيل في تسلُّم العراقيين صلاحيات تسيير شؤونهم تمهيداً لإعادة السيادة كاملة إلى العراقيين، ولكن ما الذي تريده أطراف المقاومة؟

undefined

تقرير/أكثم سليمان: مجلس الحكم أولاً، أم حكومة مؤقتة ذات سيادة، أم الدستور؟ أحجية تواجهها الطبقة السياسية العراقية الجديدة والولايات المتحدة الأميركية، أحجية صعدت إلى السطح بعد الانتقادات التي وجهتها جهات أميركية إلى مجلس الحكم الانتقالي، وبعد عودة (بول بريمر) الحاكم المدني للعراق من واشنطن بأفكار حول دعوة زعماء العشائر العراقية للاجتماع في الربيع المقبل لوضع جمعية وطنية تنتخب حكومة انتقالية ذات سيادة تتبعها هيئة دستورية وانتخابات عامة خلال عامين، نقاط تطرح أسئلة مُلحَّة عن دور مجلس الحكم الحالي ومستقبله.

سمير الصميدي (عضو مجلس الحكم): مجلس الحكم وسلطة التحالف متفقة تماماً على الأهداف الرئيسية، وهي نقل السلطة إلى العراقيين وخروجها من أيدي سلطة التحالف، الاختلافات تحصل على الكيفية، والمراحل الانتقالية، ولا أخفيك أننا نلاقي في بعض القضايا اختلافات هامة.

أكثم سليمان: القضايا الكبرى تمثلت في الماضي بمسألة دخول القوات التركية، والتي حُسمت لصالح مجلس الحكم المعارض لهذه القوات، وفي الصلاحيات الممنوحة في إطار الملف الأمني التي ما تزال موضع شد وجذب، لكن القضية السياسية الأبرز على خلفية التطورات الأخيرة ستكون دستور البلاد، الذي عملت لجنة تحضيرية على البحث في كيفية تحديد وضعه انتخاباً أم تعييناً أم مزيجاً بين الاثنين، بينما تبقى المشاكل الأكثر إلحاحاً متروكة لهيئة وضع الدستور.

مصطفى الزلمي (اللجنة التحضيرية الدستورية): مثل هذه المشاكل تواجه الشعب العراقي بصورة عامة، والهيئة التي تتولى وضع الدستور بصورة خاصة، عبارة عن مشكلتين أساسيتين هما: مشكلة الفيدرالية، ومشكلة طبيعة الدولة من الناحية الدينية هل هي إسلامية أو علمانية؟

أكثم سليمان: لقمة العيش أولاً، أم الأمن، أم حقوق المواطن؟ أحجية يواجهها الشارع العراقي الذي تبلغ نسبة البطالة فيه أكثر من 70%، بينما يبلغ عدد من قُتل من المواطنين العراقيين في التفجيرات المختلفة بعد ستة شهور من الاحتلال أكثر من مائتي شخص، ولعل هذا ما دفع الشرطة العراقية مؤخراً إلى النزول إلى أكثر شوارع العاصمة ازدحاماً بالمواطنين ومشاكلهم.

أحمد كاظم (وكيل وزارة الداخلية): عاونونا بإعادة الأمن إلى بغداد العزيزة بكل واحد منكم، عاونونا نرجع الأمن، ونرجع العلم العراقي عالي، العالم كله يقول العراق ما فيه أمن، الأمن يأتي من الشعب.

أكثم سليمان: الكرة هي إذن في ملعب الشعب، لكن الشعب الذي كان ومازال مغيَّباً عن الشأن العام عينه الأولى على أمنه الشخصي، والثانية على لقمة العيش.

بين هموم القضايا الكبرى وهواجس المشاكل اليومية الصغيرة يبقى الأمن الهم الشاغل لجميع العراقيين.

أكثم سليمان -(الجزيرة) – لبرنامج (الملف الأسبوعي)- بغداد.


التطورات على الساحة السعودية بين الإصلاحات وتزايد العنف

جميل عازر: وعودة إلى التطورات على الساحة السعودية ينضم إلينا من لندن الدكتور توفيق السيف (الباحث والمحلل السياسي السعودي).

undefined

دكتور توفيق، بداية هل تعتقد أن هناك مجالاً للحوار بين السلطات السعودية وبين المعارضة السعودية؟

د.توفيق السيف: الحقيقة أن التيار الإصلاحي قد بدأ بمبادرة قبل سنة من الآن، وطرح وثيقة الرؤية، وثيقة الرؤية لحاضر الوطن ومستقبله، وكان يتضمن.. وكانت هذه الوثيقة عبارة عن مشروع للإصلاح السياسي يستهدف في المقام الأول انتزاع البؤر المتفجرة في البلاد، ولاسيَّما تلك التي نتجت عن حالة الانسداد السياسي التي يعني.. التي يعني تسبب فيها تأخير الإصلاحات منذ عشر سنوات على الأقل.

جميل عازر: طيب.. نعم.

د.توفيق السيف: بالنسبة للمبادرة.. بالنسبة للمبادرة التي تحدث عنها الدكتور العواجي والشيخ سفر، يعني خلال الأسبوعين الماضيين، فيعني هي عبارة عن محاولة لاستثمار الظرف الراهن ظرف الانفجارات والعنف الذي يعني.. الذي أطاح بالحالة الأمنية في المملكة، لكن يبدو أن الحكومة لا تريد أن تعطي ثمناً لهذه الأعمال الإرهابية، وهذا موقفٌ جيد في رأيي، يعني لا ينبغي للحكومة أن تقبل بمقايضة الأمن بتنازلات سياسية لهذا الطرف أو ذاك، ولكن عليها من الناحية الأخرى أن تشرع في معالجة الأسباب التي أدت إلى انهيار الأمن، وأعني بها بالخصوص توسيع يعني الحريات السياسية، إلغاء القيود عن حرية التعبير، تمكين الناس من التعبير عن أنفسهم من خلال الجمعيات السياسية وغير ذلك من الأمور التي يعني جربها العالم في مختلف أقطاره، ونجحت في.. في انتزاع الفتائل، انتزاع الصواعق المتفجِّرة والبؤر المتفجرة في المجتمع.

جميل عازر: طيب دكتور توفيق، يعني السلطات السعودية عاكفة على إدخال إصلاحات، ما هي نقاط التناقض أو التعارض بين موقف المعارضة وموقف السلطة؟

د.توفيق السيف: القضية الرئيسية هي أن هذه الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة تعتبر قليلة جداً ومتأخرة جداً، يعني تصور أنهم يخططون لانتخاب نصف أعضاء المجالس المحلية بعد سنة من الآن، أما انتخاب أعضاء المجلس الوطني يعني مجلس الشورى، فليس متوقعاً قبل ست أو سبع سنوات من الآن، ولا ندري إذا كانت يعني الظروف ستنتظر -إذا صح التعبير- والمشاكل سوف تنتظر إلى تلك المدة الطويلة، في رأي التيار الإصلاحي أن على الحكومة أن تبادر فوراً الآن بإعلان موعد الانتخابات لمجلس الشورى وأن تبادر بمجموعة من الإصلاحات التي تدل على أنها سائرة فعلاً في اتجاه الإصلاح، وأعني بذلك إلغاء القيود عن حرية التعبير، إطلاق المعتقلين السياسيين، تخفيف القيود..

جميل عازر [مقاطعاً]: طيب يمكن.. دكتور توفيق يعني هذه تأتي ضمن عملية ديمقراطية، والعملية الديمقراطية لا يمكن فرضها فرضاً على أي مجتمع، بل تحتاج إلى نوع من التثقيف، وهذا يتطلب بعض الوقت.

د. توفيق السيف: الحقيقة أن المجتمع السعودي ليس متخلفاً على الإطلاق عن يعني القدرة على ممارسة الحياة الديمقراطية، المجتمع السعودي، يعني الجامعة في المملكة مضى عليها الآن نحو أربعين عاماً، وقد تخرَّج عشرات الآلاف من الجامعات، أكبر عدد من.. يعني الطبقة الوسطى إذا أخذناها كمقياس للتقدم الاجتماعي كما هو المعروف في نظريات التنمية، الطبقة الوسطى في المملكة أوسع بكثير من يعني أكثر الدول العربية، أوسع بطبيعة الحال من لبنان، من العراق، من اليمن، من يعني دول الخليج بمجموعها، من سوريا من حيث العدد ومن حيث.. من حيث يعني الدور الاجتماعي كما أن مستوى المعيشة مرتفع جداً، وجود الاتصالات والانفتاح على العالم الذي يعتبر مؤشراً على يعني الأهلية لممارسة الحياة الديمقراطية هو أيضاً مرتفع في المملكة، أنا أظن أن ما يُقال من عدم تأهل السعوديين يعني لممارسة الحياة السياسية الديمقراطية هو مجرد تبرير تقوله الحكومة ويقوله أحياناً بعض الناس الذين لا يؤمنون أساساً بالديمقراطية كوسيلة لحل المشكلات السياسية.

جميل عازر: طيب، ألا تعتقد دكتور توفيق أن عمل.. أعمال العنف ومن قبيل ما حدث في الرياض قبل أيام وقبل أشهر يعني سيكون سلبي التأثير على التوجهات الإصلاحية لدى السلطة؟

د. توفيق السيف: يبدو لي أن.. يعني العقلية الإصلاحية -إذا صح التعبير- يعني إذا كانت الدولة مؤمنة إيماناً حقيقياً بالإصلاح السياسي، مؤمنة.. يعني مؤمنة متيقنة بأن الشعب شريك في هذه البلاد وليس مجرد رعية تُؤمر فتطيع، إذا كانت مؤمنة بهذه الأمور فينبغي لها أن تتحرك بجد في اتجاه تمكين الشعب من ممارسة حقوقه السياسية بغض النظر عن المشكلات الجانبية يعني.. لا يمكن لنا أن نعلق حقوق الشعب على تفجير حدث اليوم أو مشكلة اقتصادية حدثت بكرة أو أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة تحدث بعد غدٍ، إذا.. يعني إذا.. إذا أردنا أن نتهرب من تحمل المسؤوليات فهنالك الكثير من التبريرات، أنا أظن أن هذه الانفجارات، ظاهرة العنف السياسي بشكل عام هي نتيجة لتأخُّر الإصلاح السياسي وليست يعني لا ينبغي أن تؤخذ كمبرر لتأخيره، لأن مزيداً من التأخير..

جميل عازر [مقاطعاً]: طيب، ولكن دكتور توفيق..

د. توفيق السيف [مستأنفاً]: سيؤدي إلى مزيد من العنف.

جميل عازر: دكتور توفيق، يعني هذا العنف هل يمكن أن.. أن يصبح أساساً تقوم عليه الإصلاحات أو بسببه الإصلاحات؟

د. توفيق السيف: لا بلا شك هذا العنف عنف أعمى، سيؤدي ليس للإضرار بالدولة فقط، وإنما سيؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد، وقد شهدنا بالفعل يعني الأضرار بصورة فورية، وسيؤدي إلى الإضرار بالتماسك الاجتماعي قد يعني يطيح بهيبة القانون، بهيبة الدولة، هذا العنف له أضرار كثيرة جداً لكني أقول لك أن اتخاذه مبرراً لتأخير الإصلاح السياسي هو خطأ، يعني هو إعادة للمشكلة للمربع الأول، العنف نتج عن تأخير الإصلاح، فلماذا نعيد إنتاج هذه المشكلة؟

جميل عازر: دكتور توفيق السيف في لندن شكراً جزيلاً لك.


قانون محاسبة سوريا

لم يكن مفاجئاً أن يجيز مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة قانون محاسبة سوريا، فالعلاقات بين البلدين شهدت تدهوراً مطرداً منذ أن اتهمت واشنطن السلطات السورية بمناصرة المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية، وبأن متطوعين عرباً يتسللون إلى العراق عبر الحدود السورية، ورغم أن العقوبات -التي لم يصدق عليها بعد الرئيس الأميركي- قد تضر بشركات النفط الأميركية العاملة في القطاع النفطي السوري أكثر مما يمكن أن تلحقه من أضرار بسوريا ذاتها إلا أنها ربما تصبح مقدمة لما لا يُعجب السوريين، وستعزز بلا شك من الانحياز الأميركي إلى إسرائيل.

undefined

تقرير/سمير خضر: لا يخدم أميركا ولا يؤذي سوريا، بهذه العبارة لخَّصت دمشق قانون محاسبة سوريا الذي تبناه مجلس الشيوخ، قانونٌ أرادت واشنطن من خلاله توجيه إصبع الاتهام لدولةٍ تعتبرها مفصلية في الشرق الأوسط ذلك الشرق الأوسط الذي تحلم أميركا بإعادة تشكيله من جديد ليتماشى مع متطلبات الواقع الجديد الذي نجم عن احتلال العراق، والمفارقة هنا هي أن ما يسمى بقانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان واجه معارضة شديدة من البيت الأبيض خلال مراحل إعداده التي امتدت لعامين، فقد كان هدف هذا القانون في الأصل إرضاء بعض الأطراف الإقليمية المعارضة للوجود السوري على الأراضي اللبنانية، وكان البيت الأبيض يشعر آنذاك أن عزل سوريا إقليمياً لم يكن في صالح الولايات المتحدة التي كانت تخوض حرباً في أفغانستان وتعد العدة لاجتياح العراق.

لكن تطور الأحداث لاحقاً دفع بالإدارة الأميركية إلى تغيير موقفها، إذ رغم اعتراف واشنطن بتعاون دمشق الكامل معها في الحرب على الإرهاب فإن ما آلت إليه الأوضاع في العراق اليوم دفعها إلى إعادة النظر في هذا الموقف، ولِمَ لا وسوريا تشكل التبرير الأكثر قبولاً والأكثر منطقية لدى معظم الأميركيين لفشل القوات الأميركية في فرض الأمن والنظام في العراق؟ فالهجمات التي تتوالى على قوات التحالف ينفذها خليط من أعوان النظام السابق ومتطرفون من القاعدة وأنصار الإسلام -هكذا يقول بريمر- ومن أين يأتي هؤلاء؟ يتسللون عبر الحدود السورية، يؤكد بريمر من جديد متهماً دمشق بتسهيل عمليات التسلل هذه أو على الأقل بغض الطرف عنها.

ثم عادت واشنطن لتلعب من جديد على وتر المنظمات الفلسطينية التي تصفها بالإرهابية والتي لها مكاتب في دمشق وبالطبع لا يمكن هنا تجاهل دور إسرائيل في مثل هذه الاتهامات ونفوذها على الحياة السياسية الأميركية، إذ إن تصاعد أعمال المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وضع (شارون) في موقفٍ حرج أمام ناخبيه ومؤيدي سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها أَوَ ليس من الأفضل له إذن تصدير المشكلة وتحميل المسؤولية لعدوٍّ خارجي كسوريا مثلاً؟

قانون محاسبة سوريا أصبح الآن على مكتب الرئيس (بوش) للمصادقة عليه، وبالتالي فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على دمشق، عقوبات تؤكد دمشق أنها لن تضر سوى الشركات الأميركية الكبرى، وخاصة تلك التي تعمل في قطاع البترول، ومثل هذه العقوبات تثير سخرية القيادة السورية بقدر ما تثير مخاوفها ومخاوف الشارع العربي.

السخرية لأن كثيراً من هذه العقوبات مُطبق بالفعل منذ سنوات، أما المخاوف فتتمثل في إمكانية استغلالها من قبل الجناح اليميني الذي يسيطر على مقاليد الحكم في البيت الأبيض لتبرير ضربة أميركية أو إسرائيلية لدمشق، ولِمَ لا أيضاً حربٍ جديدة وغزوٍ جديد تستكمل به واشنطن ما بدأته في العراق؟

جميل عازر: ومن قناة (الجزيرة) في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في (الملف الأسبوعي) وفيها أيضاً بعد فاصل:

الملكية البريطانية وفضيحة أخرى، ولكن هل هي محاولة لعرقلة صعود الأمير الكهل إلى عرش أعرق الديمقراطيات في العالم؟

[فاصل إعلاني]


حكومة أحمد قريع الفلسطينية الجديدة

جميل عازر: وإلى الملف الفلسطيني إذ إن فرحة المشرِّعين الفلسطينيين بإقرار التشكيل الحكومي الذي يرأسه أحمد قريع واجهها تشكك إسرائيلي عميق يمكن أن يُلحقها بسابقتها التي رأسها محمود عباس، فالرئيس الفلسطيني مازال يمسك بمقاليد السلطة الأمنية عبر وزير الداخلية الجديد الموالي له حكم بلعاوي، وهذا ما تخشى إسرائيل والولايات المتحدة أن يكون محاولة التفاف على مطلبهما وهو كبح جماح وتفكيك المنظمات الراديكالية التي تنفذ العمليات الفدائية داخل إسرائيل أما على صعيد الخدمات والتنمية فهناك الكثير من العوامل التي تحدُّ من إمكانيات الفعل لدى الحكومة الجديدة، خاصة مع الانهيار الاقتصادي الفلسطيني وشح الدعم العربي والدولي للشعب الفلسطيني.

undefined

تقرير/وليد العمري: بعد طول انتظارٍ خرجت حكومة أحمد قريع إلى النور، حكومة جديدة وهموم قديمة في نفس الطريق الوعر الذي سبقتها إليه الحكومات السابقة، الحكومة الفلسطينية الجديدة هي الرابعة خلال الأشهر الأربعة عشرة الأخيرة، وهي الفترة التي بدأت بإسقاط المجلس التشريعي لحكومة فلسطينية ترأسها الرئيس ياسر عرفات مروراً بحكومة محمود عباس التي سقطت بمحض إرادتها، ثم حكومة شهر الطوارئ التي ترأسها قريع، هذه الأخيرة شكَّلت نواةً للحكومة العادية من أربعة وعشرين وزيراً وهو ما يأمل الفلسطينيون أن تعمِّر أكثر من سابقاتها، لكن حظوظ الحكومة الجديد لا تبدو أوفر من سابقاتها، إذ تتربص بها نفس التحديات والمخاطر، قريع الذي يوصف برجل المهمات الصعبة يدرك جيداً أن بقاء حكومته الجديدة على قيد الحياة مرهونٌ بالحصار العسكري الإسرائيلي على الشعب والرئيس الفلسطينيين.

أحمد قريع (رئيس الوزراء الفلسطيني): إذا إسرائيل تعاملت باحترام مع القيادة الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني المنتخب، وإذا إسرائيل تعاملت باحترام مع شعبنا واحترمت كرامته واحترمت حقوقه، وإذا إسرائيل رفعت كل هذه القيود عن شعبنا وأوقفت كل عمليات الاغتيال والقتل والمطاردة والسجن والاعتقال وهدم المنازل، أنا أعتقد نعم هناك فرصة لهذه الحكومة أن تنجح وأن تعمل من أجل سلام حقيقي.

وليد العمري: من شأن استمرار الحصار أن يقصر من عمر حكومة قريع وهو ما أدركه رئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة في بيانه السياسي عندما عرض توليفته على المجلس التشريعي لنيل الثقة، فقد كان قريع ومن قبله الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واضحين في مد اليد مجدداً للسلام مع إسرائيل.

ياسر عرفات (رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية): تقول حكومة إسرائيل وتروِّج الدعايات والشائعات الكاذبة بأننا لا نريد السلام مع دولة إسرائيل، وأود هنا أن أخاطب الشعب الإسرائيلي وأقول علناً وبلغتنا العربية الرسمية: هذا ليس صحيحاً.

وليد العمري: إلى ذلك كله استحوذ التأكيد على تكريس سيادة السلطة ووحدانيتها وتعزيز مناخ التعددية السياسية والمضي في برنامج الإصلاح الشامل والإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على الجزء الأكبر في الخطاب السياسي للحكومة الجديدة، وهو ما يؤكد أن القيادة الفلسطينية على إدراكٍ واضح بأن خطر الفوضى التي تعصف بكافة مناحي الحياة الفلسطينية لا يقل خطورة على مستقبل حكومة قريع من استمرار الحصار الإسرائيلي بكافة أشكاله.

حكومة أحمد قريع إذن معلقة من عرقوبها بالحصار الإسرائيلي من ناحية، وبالفوضى وغياب القانون في الشارع الفلسطيني من الناحية الأخرى، فاستمرارهما يُقصِّر في عمر هذه الحكومة، بينما يطيل إنهاؤهما في عمرها.

وليد العمري – (الجزيرة) – خاص لبرنامج (الملف الأسبوعي).


الأزمة السياسية في جورجيا

جميل عازر: تعيش حكومة جورجيا ورئيسها المزمن (إدوارد شيفردنادزه) في جو من الوحدة الشديدة هذه الأيام، فالفوز المتنازع في صحته للأحزاب الموالية للرئيس الجورجي في الانتخابات ألهب غضب قوى متعددة في الجمهورية القفقازية، وطال التمرد حتى وحداتٍ من الجيش والشرطة ووصل الغضب إلى درجة لا يبدو أن هناك تراجعاً عنها، وقد رفضت روسيا مناشدات شيفردنادزه بالتوسط بينه وبين معارضيه كما رفضت ذلك -من قبل- الولايات المتحدة عبر سفيرها في (تبليسي)، ولكن لا شك في أن التطورات في جورجيا ستؤدي إلى خلخلة الوضع في منطقة القفقاز خاصة في ظل نشاط المعارضة الأبخازية المتصاعدة، والتي قد تستغل الاضطراب في السلطة المركزية في تبليسي للتنسيق مع جماعات متمردة أخرى في المنطقة.

undefined

تقرير/ مكي هلال: الأوضاع في جورجيا هذه الأيام على صفيحٍ ساخن ولا تختلف كثيراً عما شهدته البلاد سنة 92 غداة انفصاله عن الاتحاد السوفيتي السابق واستحقاقات هذه المرحلة وطبيعتها ربما تعصف بإدوارد شيفردنادزه عرَّاب الانفصال ونجم تلك المرحلة، وقد ترمي بالبلاد في أتون حرب أهلية وتلقي بظلالها على منطقة بحر قزوين، والترتيبات الاقتصادية والنفطية التي بُنيت على استقرارٍ لم يدم طويلاً، إذ انهارت شعبية الرئيس لفشله في رفع مستوى المعيشة وتفشِّي الفساد وعدم تسويته لملف الصراعات في إقليمي (أبخازيا) و(أوسيتيا) وحالة التجاذب المتواصلة مع روسيا على خلفية اتهامها له بدعم المقاتلين الشيشان واتخاذهم من وادي (بانكيسي) قاعدة خلفية لمهاجمة الروس.

شيفردنادزه ورغم الدهاء السياسي الذي عُرف به وتقاربه مع الولايات المتحدة وكبريات شركات الاستثمارية لم يكن حصاد سياسته الداخلية بأفضل ما أنجزه خارجياً، إذ لاحت نذر الأزمة الداخلية بمجرد بدء الانتخابات البرلمانية، بعد أن اشتد صراعه مع قوى المعارضة التي اتهمته بتزوير نتائج الانتخابات، حين أعلنت الأجهزة الرسمية فوز التكتل الموالي لشيفردنادزه بنسبة 20.9% بينما جاء تكتُّل المعارضة في المرتبة الثالثة، وكان قد بدأ تحركه تحت قبة البرلمان لينتهي به في ساحات تبليسي وشوارعها ولم تقبل المعارضة بأقل من استقالة الرئيس المخضرم، واعتصم أنصارها أمام ساحة البرلمان في انتظار ذلك.

وفي تطورٍ لاحق دعا تكتل المعارضة إلى العصيان المدني، ولم يُبدِ اكتراثاً بدعوات شيفردنادزه التزام الهدوء وتجنيب البلاد مخاطر حرب أهلية ورأى فيها مناورة جديدة لامتصاص غضب الشارع والانحناء للعاصفة، خصوصاً وأن قوات الجيش والشرطة قد انتشرت حول البرلمان وزارة الداخلية تحسباً لأي طارئ.

المراقبون يرون في الأوضاع مأزقاً حقيقياً للرئيس الرافض للاستقالة في ظل رفضٍ أميركي للتدخل ومآخذ أوروبية على نتائج التصويت، ومراقبة وانتظارٍ عن بعد من قِبَل الجار الروسي، وفي ظل إصرار قوى المعارضة وحالة اللاعودة التي يبدو عليها الشارع الجورجي ودعوته للجيش والشرطة الانضمام إلى حركة العصيان وإن قُدِّر لذلك أن يحدث ستسحب آخر أوراق الرئيس مالم يوظفها قبل مناوئيه ويحسم الأمر أمنياً، وهو خيار غير مضمون العواقب إذا ما أزفت ساعة الرحيل ودقت لحظة الانصراف.


إدوارد شيفرنادزه.. شخصية الأسبوع

جميل عازر: ولا شك في أن الرئيس الجورجي إدوارد شيفردنادزه الذي كان آخر وزير خارجية في الحقبة السوفيتية قد استرق الأضواء هذا الأسبوع ولو بطريقة سلبية، ورغم أن أسلوبه في التعامل مع معارضيه لم يكن بقدر قمعية ما كان يُمارس في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة، فقد كان أقرب إلى الأسلوب السوفيتي القديم الذي نشأ عليه هذا السياسي المخضرم شخصية الأسبوع في الملف، ولكن لم تعد الجماهير تقبل به مهما كلفها الأمر.

undefined

تقرير/ جيان اليعقوبي: جورجيا تحت الأضواء ومعها رئيسها المخضرم إدوارد شيفردنادزه، البالغ من العمر خمسة وسبعين عاماً والذي يحكم البلاد بقبضة حديدية منذ عقد ونيِّف، لعب شيفردنادزه أدواراً مختلفة منذ أكثر من نصف قرن على مسرح الأحداث في بلاده، فقد كان ضابطاً في المخابرات الروسية الـ (KJB) ومسؤولاً رفيع المستوى في الحزب الشيوعي، ثم وزيراً للخارجية وبعد انفراط عقد الاتحاد السوفيتي أصبح بمثابة المنقذ لجورجيا من الفوضى والحرب الأهلية، ولكن كل هذه المسيرة الطويلة من النجاح والشعبية تحولت أخيراً إلى خيبة ومرارة أنزلت الجماهير الغاضبة إلى الشوارع مطالبة برحيله، وبتصميم أكبر هذه المرة من كل المرات السابقة.

التحق شيفردنادزه بالحزب الشيوعي عام 46 وترقَّى في المناصب الحزبية حتى وصل إلى منصب رئيس الحزب في جورجيا عام 72، ومن هناك إلى وزارة الخارجية التي احتل مقعدها عام 85 مع بدء ذوبان الجليد بين موسكو وواشنطن، وحتى عام 90 عندما انتهى الجليد إلى صداقة دافئة، وأشرف شيفردنادزه وقتها على تحويل السياسة الخارجية السوفيتية إلى ما نعرفه اليوم ثم وقف شيفردنادزه إلى جانب (يلتسين) الذي انقلب على رئيسه السابق (جورباتشوف) فنال الحُظوة عند الرئيس الجديد أيضاً، عاد بعد ذلك إلى جورجيا عام 91 بعد أن انفصلت عن الاتحاد السوفيتي، وكان القتال قد اندلع بين أنصار الرئيس السابق (جيم ساخورديا) والقوى المعارضة له، فقام المجلس العسكري باختيار شيفردنادزه ليكون الرئيس الجديد لجورجيا.

والمعارضة الحالية ليس جديدة.. فخصوم شيفردنادزه عديدون وأقوياء، وكان قد نجا من عدة محاولات لاغتياله، منها تفجير سيارةٍ مفخخة عام 95 عندما كان في طريقه للتوقيع على دستورٍ جديد، ومحاولة أخرى عام 98 عندما كمن له مسلحٌ كاد أن يصيبه في مقتل، لم يقدم شيفردنادزه لشعبه طوال عقد من الزمن ما يدعوه إلى المطالبة ببقائه، فالاقتصاد على حافة الانهيار، والفساد استشرى في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، كل هذا ومازال شيفردنادزه يعتقد أن بإمكانه البقاء في منصبه إلى الأبد على غرار العديد من قادة العالم الثالث، الذي يستفيقون فجأة والجماهير تسقط تماثيلهم وتمزق صورهم.


فضيحة الأسرة المالكة في بريطانيا

جميل عازر: وأخيراً إلى بريطانيا حيث تواجه الأسرة المالكة فضيحة أخرى ربما تكون متعددة الأوجه فهي من ناحية اتهام للأمير وخادمه بعلاقة جنسية، وهي فضيحة سياسية حيث تدق مسماراً آخر في نعش مصداقية آل (ويندسور) القابعين على عرش بريطانيا، وهي اجتماعية حيث أنها تحط من قدر الأسرة المالكة في نظر شعبٍ يعتبرها رمز وحدته، ومع أن مسلسل القضايا من فضائح سابقة وغيرها لا يزال يشهد تداعيات وتبعات فإن شؤون العائلة المالكة في لندن أصبحت تلوكها الألسن وتتناولها صحف القال والقيل في بريطانيا وخارجها، وهذا ما لا يستسيغه البريطانيون.

undefined

تقرير/ مصطفى سواق (مراسل الجزيرة – لندن): مرة أخرى تجد العائلة المالكة البريطانية نفسها في مواجهة العاصفة عاصفة الشائعات التي كثيراً ما أحرجت الملكة (اليزابيث الثانية) وأفراد أسرتها وأرقت مسؤولي العلاقات العام في قصر (باكينجهام) المشكلة هذه المرة تتعلق بمزاعم عن فضيحة جنسية مثلية يشاع أن ولي العهد البريطاني الأمير (تشارلز) متورطٌ فيها، فقد تحدثت عنها الصحافة البريطانية أياماً عديدة من دون أن تقول عنها شيئاً محدداً بسبب حكمٍ قضائي.

انتشار هذه المزاعم جاء إثر صدور كتابٍ عن الأميرة ديانا ألفه رئيس خدمها السابق (بول باريل) وبعد نشر صحيفة "الدايلي ميرور" واسعة الانتشار رسالة للأميرة الراحلة كتبتها قبل أشهرٍ من وفاتها تعرب عن تخوِّفها من اعتداءٍ مُدبَّر عليها في شكل حادث، الشبهات حول الأمير تشارلز تعززت إعلامياً عندما نقلت صحيفة “NEWS OF THE WOLD” أن سكرتيره الخاص سير (مايكل بت) وفي إطار تحقيقٍ خاص سأل مرة (مارك بولاند) خادم تشارلز عما إذا كان يعتقد أن الأمير ثنائي الميول الجنسية، وكان الجواب قطعاً بلا، الأمير ليس مثلياً ولا ثنائي الميول الجنسية، غير أن مجرد السؤال في مثل هذه الظروف عزز الشكوك وجعل الموضوع أكثر إحراجاً للمؤسسة المالكة، وأسوأ انعكاساً عليها.

صوندر كاتوالي (الأمين العام للجمعية الفابية): أعتقد أن ما يؤذي العائلة المالكة أن هذه الحالات التي تتكرر مثل محاكمة (بول باريل) رئيس الخدم وفشل محاكمته، ثم صدور كتابه وتكرار الفضيحة نفسها، وهكذا فإن العائلة المالكة تعطي انطباعاً بأنها دائماً في حالة دفاع، في حالة رد فعل لما يحدث لها، ليس لها أي برنامج للعمل بعيد عن الفضائح والشبهات حول أفرادها.

مصطفى سواق: الأمير تشارلز كذَّب الشائعات بكل قوة من دون تحديد للشائعات التي يكذبها، بينما أكد مساعدوه أنه ليس قلقاً منها ولا من الحملة الإعلامية وأنه لم يتخذ أي إجراء قانوني.

أما القضاء فقد سمح لصحيفة "الجارديان" بنشر اسم الخادم (مايكل فويست) الذي حصل على حكمٍ قضائي يمنع صحيفة “THE MAIL” من نشر تفاصيل المزاعم التي أطلقها (جورج سميث) وهو خادمٌ سابقٌ لدى الأمير، لكن المزاعم نُشرت في الصحف الأجنبية بدءاً بالإيطالية، وقد أثيرت ضجة أرى عندما لم توزع خمس عشرة صحيفة أجنبية نشرت هذا المزاعم ومنها صحيفة "لوموند" الفرنسية الشهيرة في الأسواق البريطانية خوفاً من الملاحقات القضائية واعتبر ذلك رقابة على الصحافة.

وكانت فضائح عديدة قد نُسبت سابقاً لبعض كبار أفراد العائلة المالكة، أصابتها بكثير من الأذى، وطرحت تساؤلات جادة عن مدى ملاءمتها للموقع الرمزي الذي تحتله، لكن البريطانيين مازالوا يرون فيها جزءاً من تراث هام يجب أن يستمر.

قصر باكينجهام لم يعلق حتى الآن على هذه المزاعم التي أصبح القاصي والداني يعرفها، لكنه حتماً يشعر بالحرج والغضب الشديد باعتبارها تمس المؤسسة المالكة نفسها، لأنها تمس ولي العهد البريطاني الذي ظل حتى الآن فوق مثل هذه الشبهات.

مصطفى سواق -برنامج (الملف الأسبوعي) – قصر باكينجهام- لندن.

جميل عازر: وبعد كل هذا من يريد أن يبقى ولياً للعهد في بريطانيا؟

بهذا نختتم جولتنا في (الملف الأسبوعي)، ونذكِّر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع (الجزيرة نت) في الشبكة المعلوماتية، أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني.

وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفاً جديداً لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة (الجزيرة) في قطر.

فتحية لكم من فريق البرنامج، وهذا جميل عازر يستودعكم الله، فإلى اللقاء.