الملف الأسبوعي

المقاومة العراقية، فوز بوتفليقة، السلام السوداني

بعد عام من سقوط العراق في ربقة الاحتلال تنتفض المدن العراقية، كوندوليزا رايس أمام لجنة التحقيق وهاجس العراق يلاحق إدارة بوش، الرئيس بوتفليقة يحقق فوزا كاسحا على منافسيه في انتخابات الرئاسة الجزائرية.

مقدم الحلقة:

جميل عازر

ضيوف الحلقة:

عبد الرزاق النعّاس: محلل سياسيي عراقي

تاريخ الحلقة:

10/4/2004

– المقاومة العراقية وقوة جيش المهدي
– مقتدى الصدر.. شخصية الأسبوع
– تداعيات شهادة كوندوليزا رايس
– فوز بوتفليقة بفترة رئاسية جديدة
– جدل في مؤتمر الدوحة الرابع للديمقراطية
– أسبوع السلام في السودان بوساطة تشادية
– الذكرى العاشرة لمذابح رواندا
– زيارة شيراك لموسكو

undefined

جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى حلقة جديدة من الملف الأسبوعي وفيها العراق من الفلوجة إلى النجف وكربلاء والكوت والناصرية والبصرة لا غبار على ما يريده العراقيون، كوندوليزا أمام لجنة التحقيق وهاجس العراق يلاحق إدارة بوش والجزائر الرئيس يفوز فهل انطلق سهم الديمقراطية بينما المعارضة تعترض.

إذا انقضى عام منذ سقوط بغداد ومعه نظام حكم الرئيس السابق صدام حسين وخاب أمل من كانوا يتوقعون أن يكون احتلال العراق بعد ذلك نزهة فالمقاومة أو العمليات المسلحة أو الإرهابية وسمّها ما تشاء أظهرت سوء حسابات أولئك المخططين الذين تذرعوا بما أرغموا على الاعتراف الآن بأنها افتراءات فأصبح كالهارب من نفسه يحاول الاختباء ولكن ما من مجير، فلجان التحقيق والناخبون فيما تسمى دول الائتلاف يقفون لهم بالمرصاد كما رأينا في أسبانيا وقد نراه في واشنطن وروما ولندن وغيرها ورغم قول المحتلين أنهم حققوا ما حققوه فإن واقع الحال يؤكد أن العراق ما زال دولة مسلوبة السيادة بعيدة عن الاستقرار.

المقاومة العراقية وقوة جيش المهدي

[تقرير مسجل]

حسن إبراهيم: سقوط مدوي للنظرية المثلث السنّي والمربع الشيعي والاحتمالات أضحت مفتوحة فالعراق سنّة وشيعة في مواجهات دموية مع قوات الاحتلال الأميركية وليست تلك هي كل بؤر الصراع بل هناك مناطق كثيرة من كركوك والموصل في الشمال إلى الفلوجة والرمادي في قلب العراق والبصرة والناصرية وكربلاء في الجنوب وحتى مدينة الصدر في ضواحي بغداد، قصف أميركي انتقاما لتمثيل نفرا من الفلوجة بجثث أربعة من المقاومين الأميركيين ودمار شبه تام لأحياء كاملة في المدينة المحاصرة ورغم أن المواجهة غير متكافئة مدافع رشاشة وقذائف مضاد للدروع في مواجهة طائرات الآباتشي والـ اف ستة عشر إلا أن التحدي كان السمة الواضحة والثمن كالعادة كان باهظا.

مئات القتلى من العراقيين فيما يسمى بمجزرة الفلوجة بينما تكبدت القوات الأميركية عشرات القتلى والجرحى ودخل اختطاف المدنيين الأجانب المعركة باحتجاز ثلاثة يابانيين من قبل مسلحين عراقيين هددوا بإحراقهم أحياء إن لم تسحب اليابان جنودها في غضون ثلاثة أيام من بث شريط الاختطاف وبينما تطحن دوامة الاقتتال الطرفين تبدو العملية السياسية مشلولة بالكامل تقريبا فمجلس الحكم خافت الصوت ولا قدرة لكثير من أعضائه على التنديد بطرف أو آخر فقواعده الجماهيرية على ما يبدو لن تتسامح مع القتل المستمر للمواطنين العراقيين.

أما الحاكم الأميركي بول بريمر فقد ألغى زيارة كانت مقررة لواشنطن وتفرغ لعملية الفلوجة ويحاول حسم تمرد مقتدى الصدر. التهاب الوضع ليس وليد انفعال اللحظي بل يعتبر نتيجة كم هائل من التراكمات والأخطاء السياسية.

فشل قوات الاحتلال في تحمل مسؤولياتها كما حدد القانون الدولي أي حفظ الأمن وتطبيق المعايير المتعارف عليها دولياً في التعامل مع المواطنين العراقيين فالاحتلال الأميركي للعراق له دوافع شتى وبغض النظر عن المسوغات التي ساقتها الإدارة الأميركية فأن ما حدث كان في الماضي سقط النظام وهوى التمثال وقُبض على صدام وهو الآن ينتظر المحاكمة إذا التحدي هو في بناء عراق جديد ولكنه لن يُبنى بهذه الطريقة فالتطورات الأخيرة برهان على أن تصرفات قوات الاحتلال تلهب مشاعر العراقيين حتى الشيعة الذين دعا قادتهم في البداية إلى المقاومة السلمية لم يسلموا من رصاص قوات الاحتلال وهم يعانون كبقية أهل العراق من تدني مستوى معيشتهم والفقر والبطالة وهم الذين كانوا يُمنون أنفسهم بأوضاع أفضل من تلك التي عاشوها في عراق ما بعد عام 1990.


جيش المهدي ينهي ترددا طويلا ويدخل حلبة القتال المسلح ما دامت الأحوال في ترد مستمر وطالما أنه لا يثق بالاحتلال ووعوده

لكن الوضع ازداد سوء وهاهو جيش المهدي ينهي ترددا طويلا ويدخل حلبة القتال المسلح ولا جدال في أن مقتدى الصدر لا يمثل تيارا غالبا في الطائفة الشيعية لكن أتباعه هم الفقراء والمهمشون والذين أوصلهم إلى حافة الانفجار اليأس من أي انفراج ما دامت الأحوال في تردي مستمر ولم يقدم إليهم الاحتلال ما يجعلهم يحرصون على استمراره موعد تسليم السلطة على العراقيين يبدو غير واقعي الآن رغم تأكيد واشنطن على الالتزام به، أما إن استمر تصاعد الاحتجاجات الشيعية المسلحة بنفس وتيرة ما حدث في البصرة والناصرية وكربلاء فإن موقف القوات الأميركية سيكون صعبا داميا وبآثار سياسية كارثية.

جميل عازر: أما وقد أعرب الشيعة والسنة عن استعدادهم لخوض معارك رغم التفاوت بين قدرة المحتلين العسكرية والمقاومة فإن ذلك دليلا على أن الشعور بالإحباط يدفع كل من يجد نفسه في وضع مماثل إلى الانضواء تحت أي لواء وحتى إن كان مقتدى الصدر شابا مزاجه قصير الفتيل ومتهما فجأة بالتورط في عملية اغتيال يظل رد فعل اتباعه تعبيرا عن مزاجا ربما أسيء فهمه، فليس مقتدى الصدر شخصية الأسبوع في الملف بصاحب فتاوى بقدر ما هو صوت يتحدث عاليا باسم كثيرين سنّة وشيعة أن أعيدوا للعراق سيادته وللعراقيين كرامتهم في وطنهم.

مقتدى الصدر.. شخصية الأسبوع

[تقرير مسجل]


undefinedجيان اليعقوبي: لم يكن الكثيرون خارج العراق قد سمعوا بالسيد مقتدى الصدر ولكنه أصبح بعد فترة وجيزة من انهيار نظامه حزب البعث ملئ الأسماع والأبصار ورقما صعب التجاوز في العراقية الجديدة ولترسيخ منزلته الدينية.

بدء مقتدى بعد أسبوعين من انهيار النظام بإلقاء خطبة الجمعة في مسجد الكوفة الذي يعتبر معقلا لأهل الصدر بحيث كان والده يؤم المصلين أيام الجمعة ويخطب فيهم ومقتدى هو الابن الأصغر لآية الله العظمى محمد صادق الصدر الذي كان يقلده الكثيرون من المسلمين الشيعة داخل العراق وخارجه وكان قد أخذ يدعو علنا إلى أسلمة المجتمع وعندما تعاظم نفوذه لم يتردد النظام السابق في اغتياله برفقة ولديه وكان قد سبقه إلى نفس المصير عضوان بارزان من آل الصدر هما محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى ومقتدى شاب في الثانية والثلاثين من عمره عوّض عن صغر سنه التي خبرته وتواضع تحصيله في العلوم الدينية بخطبه النارية ونجاحه في تحشيد آلاف الشباب الناقمين وراء طروحاته التي يعتبرها بعض المراقبين راديكالية ولا تناسب الواقع الحالي في العراق.

بادر الصدر بعد سقوط النظام بشهرين إلى تأسيس مليشية مسلحة أطلق عليها جيش المهدي الذي يتراوح عدد أفراده ما بين عشرة وخمسة عشر ألفا ينتمي معظمهم إلى الأحياء الفقيرة في بغداد مثل حي الشعلة ومدينة الصدر ثم قام بعد ذلك بتشكيل حكومة ظل منافسة لمجلس الحكم الانتقالي غير أن خطوته لم تلقى الصدى المطلوب ولم يسمع أحد بعد ذلك بهذه الحكومة فانشأ صحيفة الحوزة وهي صحيفة أسبوعية لا تطبع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة ولكن الحاكم المدني الأميركي للعراق أصدر يوم الثامن والعشرين من مارس الماضي قرارا بحظر صدورها لمدة شهرين بتهمة التحريض على العنف ضد القوات الأميركية وكانت هذه هي الشرارة التي أشعلت المواجهة الحالية بينه وبين السفير بول بريمر وان كان الود بين الطرفين مفقودا منذ وقت طويل ولم يكتف الأميركيين بذلك بل بادروا إلى اعتقال مساعده السيد مصطفى اليعقوبي وزادوا عليه بإصدار مذكرة قضائية باعتقال مقتدى نفسه بتهمة ضلوعه في اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي وتبقى أهمية مقتدى نابعة من تبنيه لما يسمى بالحوزة الناطقة ولكن هذا لا يروق للكثيرين حتى داخل أوساط رجال الدين الشيعة أنفسهم الذين عرف عنهم تاريخيا تحبيذهم ترك مسافة كافية بينهم وبين العمل السياسي المباشر، لهذا لم يسلم تيار الصدر من غضب الحكومة العراقية سابقا وغضب الأميركيين لاحقا.

لا يبدو أن الأمور قد تغيرت كثيرا هنا فأبناء هذه المدينة ما زالوا يعانون من القمع والتهميش والفرق الوحيد هو إمكانية خروجهم للاحتجاج والتظاهر. جيان اليعقوبي، الجزيرة، مدينة الصدر، بغداد .

جميل عازر: ينضم إلينا من بغداد المحلل السياسي دكتور عبد الرزاق النعّاس، دكتور عبد الرزاق أولا هل يبدو لك أن قوات الائتلاف في العراق تحاول تحويل مقتدى الصدر إلى القضية بين قوسين في العراق ؟

عبد الرزاق النعّاس: هو حقيقة التصعيد اللي مع السيد مقتدى الصدر هو تصعيد كان مبرمج ومنظم وكان الهدف من عنده هو لتغطية حول ما حدث بالفلوجة من قتل لأربعة أميركان والتمثيل فيهم وهذا ما أحدث ضجة في داخل الولايات المتحدة الأميركية وأثر على سير طبيعة الانتخابات في أميركا وحتى قد خلق هزة لدى الرأي العام الأميركي والغربي هذا من جانب ومن جانب آخر أنه قد هذا التصعيد يعني حقيقة يغطي على جهود الأمم المتحدة وبالتالي يضعف دورها في إيجاد حلول ناجحة لعمليات نقل السيادة من خلال مشاركة كل أطياف السياسية في المجتمع العراقي، ثم أن عملية التصعيد هي أعتقد قد كانت بشكل مبرمج وبتحريض من قبل أطراف أخرى ضد الصدر وضد تنظيماتها وقد مُوهت المعلومات التي أعطيت للأميركان في اعتقادي الشخصي حول حجم وقوة السيد الصدر وبالتالي تفاجؤوا بقوة هذا التنظيم وإمكانياته وصلابته في المقاومة هذا حقيقة قد أبهر الجميع.

جميل عازر: لو أخذنا الإجراءات التي اتخذتها قوات الائتلاف في الفلوجة على سبيل المثال، ما هو في تقديرك تداعيات هذا على موقف الصدر نفسه؟

عبد الرزاق النعّاس: الحقيقة الإجراءات التي تمت في الفلوجة إجراءات قد خرجت من كل الضوابط الأخلاقية والإنسانية والقانونية وبالتالي ما أستخدم من قوة مفرطة ضد المدنيين البسطاء العزل حقيقة يدنى له الجبين لا يمكن أن إحنا نقبل على شعب سواء كان في الفلوجة أو في النجف أو كربلاء أو في البصرة أو في العمارة أو في مدينة الصدر أن يُضربوا بهذه القسوة وبهذه القوة خصوصا وإحنا نعرف أنه ليس هناك تكافؤ للقوى العسكرية وليس تكافؤ بحجم الإمكانيات ما بين القوات المحتلة وما بين القوات التي تقاتل في هذه المدن وبالتالي أنا أجد إلى أنه يجب أن يكون هنالك حلول وهذه الحلول يجب تتخذ جانب دبلوماسي أو سياسي أن صح التعبير يعني هذه الحلول ممكن عن طريق أعضاء مجلس الحكم وعن طريق المؤسسات القائمة في محافظة الأنبار وفي المحافظات الأخرى ممكن أن تُحل بطرق سلمية بما في ذلك أزمة صحيفة الحوزة والأزمات الأخرى التي قد تداعت وقد صار لها حجم أكبر من اللازم وبالتالي قد راح ضحيتها المئات من أبناء الشعب العراقي العزل الأبرياء وهم مدنيين عزل وخصوصا النساء والأطفال ونحن نشعر بمرارة اتجاه ما يحدث والجميع يطالب بموقف في مجلس الحكم اتجاه ما يحدث الآن لشعبنا في الفلوجة وفي محافظة الفرات والجنوب.

جميل عازر: هل تعتقد أن مقتدى الصدر سوف يستمد دعما معنويا من مقاومة السنّة في الفلوجة؟


إجراءات قوات الاحتلال في الفلوجة خرجت عن كل الضوابط الأخلاقية والإنسانية والقانونية

عبد الرزاق النعّاس: هذه حقيقة أنا أستاذ جميل يعني لا أحبذ هذه التسميات ولكني أجد إلى أنه المراهنات التي كانت قائمة سابقا على أنه هنالك نوع من الخلاف وهناك احتمال وجود حرب أهلية ما بين السنّة والشيعة وما بين العرب والأكراد والتركمان وغير ذلك قد ذهبت لأنه نحن مجتمع متماسك ومجتمع متصاهر ومتناسب هنالك المصاهرة منذ زمن طويل وبالتالي هذه المراهنات الآن أثبتت فشلها والدليل على ذلك أن هنالك تماسك قوي في المقاومة ما بين السنّة والشيعة تجاه ما يحدث الآن في الساحة العراقية من قوة مفرطة من استخدام لا أخلاقي ولا أنساني من قبل قوات الاحتلال ضد شعبنا الأعزل وأنا أجد إلى أنه المستوى ارتفع إلى مستوى التنظيم والتعاون ما بين كلا الطائفتين وكلا المذهبين ضمن شريحة أو ضمن سيكولوجية المجتمع العراقي وبالتالي لا فرق هناك بين مقاومة سنّية ومقاومة شيعية بل هنالك نوع من التآخي والتماسك والتعاطف والدعم وهذا ما تجلى في طبيعة المقاومة وأعتقد إلى أنه الأميركان قد أدركوا هذه الحقيقة وأدركوا أنه لا يمكن أن يجدوا ثغرة ما بين السنّة والشيعة لكي يجعل من عندها فتنة وبالتالي قد تقوده إلى حرب أهلية.

جميل عازر: دكتور عبد الرزاق أخير وباختصار هل تعتقد أن هناك مبررات للانتقادات الموجهة إلى مجلس الحكم الانتقالي بأنه تهاون في أبدأ أي رد فعل يعني ذي معني بالنسبة لما حدث في الفلوجة؟


الشارع العراقي يعتبر أن مجلس الحكم الانتقالي لم يتخذ الإجراءات المناسبة تجاه الأحداث التي شهدها في الآونة الأخيرة الكثير من مدن البلاد

عبد الرازق النعّاس: نعم الشارع حقيقة يرى أنه مجلس الحكم لم يتخذ قرار شجاعا اتجاه ما يحدث وبالتالي مطلوب من عنده أن يتخذ قرار شجاعا ومسؤولا تجاه ما يحدث في الفلوجة وفي كلابلاء والنجف ومدينة الصدر وفي مناطق وحواضر العراق الأخرى لأنه هو يجب أن يكون بمستوى المسؤولية الوطنية التي أُنيطت به وبالتالي لا يمكن أن نتقبل أو يتقبل الشارع العراقي أنه أخر عضوه في مجلس الحكم تعلق عضويتها الدكتورة سلامه خفاجي وهناك أحزاب وقوى سياسية يقولون نحن مهتمين بعملية الانتقاض بالمجتمع العراقي من المجتمع السابق يعني من المجتمع اللي كان فيه النظام الشمولي إلى مجتمع ديمقراطي ويريد دولة القانون ويرون دولة المؤسسات ويرون ما يجري وما يجري من تدمير ومن قتل يوميا وهم ساكتون أنا أعتقد هنالك قد تحرك البعض هذا البعض هو القليل ويجب على مجلس الحكم أن يكون لصيق بالشارع العراقي ويكون مستجيب لما يريده هذا الشارع تجاه مسؤولياته القانونية والوطنية.

جميل عازر: دكتور عبد الرزاق النعّاس في بغداد شكرا لك. والعراق لا يزال الهاجس الأكبر الذي يؤرّق الإدارة الأميركية التي أزعم رئيسها جورج بوش لطلب لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 أن تمثل مستشارته للأمن القومي أمام اللجنة وإذ حاولت كوندوليزا رايس التأكيد على سلامة السياسة التي اختطها بوش للتعامل مع الإرهاب فقد قالت أنه ما كان يمكن اتخاذ إجراء معين من شأنه منع وقوع ما وقع، أما إذا كان التركيز على العراق قد أضعف تلك السياسة فإن الدكتور كوندليزا قالت أن الحرب على العراق هي من بنات أفكار وزير الدفاع رمسفيلد ونائبه وولفويتس وهذان طبعا ليس المرشحين لانتخابات الرئاسة.

تداعيات شهادة كوندوليزا رايس

[تقرير مسجل]


undefinedأسامة راضي: كوندليزا رايس أمام اللجنة الوطنية للتحقيق في هجمات سبتمبر وتحت القسم بعد فترة من معارضة البيت الأبيض بشدة لمثولها أمام اللجنة بحجة الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لكن ضغط الرأي العام والحملة الانتخابية التي يخوضها رئيسها بوش تبدو اعتبارات دفعته إلى السماح بمثول رايس أمام اللجنة كاستثناء لا كسابقة وإن كان هو ونائبه سيدليان بشهادتهما أمام اللجنة نفسها وحول الموضوع نفسه ولكن ليس تحت القسم ويبدو أن بوش أراد بسماحه لرايس بالمثول أمام اللجنة أن يحقق أغراض منها الخروج من مأزق اتهامات كان الاستمرار في الرفض سيكرسها كما يبدو بوش وطاقمه راغبين في استغلال فرصة ظهور رايس العلني أمام اللجنة كمحاولة لتبرئة ساحته والدفاع عن أسلوب إدارته لقضية مكافحة الإرهاب ما قبل وبعد سبتمبر 2001 حاولت رايس قد الإمكان تبرئة الرئيس والتأكيد على أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان وفقا لمعطيات ذلك الوقت لكنها على أي حال لم تستطع الخروج من موقع المدافع الذي وضعتها فيه شهادة سابقة أمام اللجنة أدلى بها ريتشارد كلارك المسؤول سابقا في إدارة بوش عن تنسيق عمليات مكافحة الإهاب، فكلارك اتهم في شهادة إهمال بوش لخطر مثله تنظيم القاعدة ولمعلومات توفرت آنذاك تشير احتمالات وقوع عملية تستهدف الولايات المتحدة كما أشار إلى أن بوش ومساعديه حاولوا بعد وقوع الهجمات إيجاد رابطا بين الإرهاب وبين العراق لتبرير عملا عسكري. شهادة رايس سلطت الضوء من جديدة على رسالة أُعتبرت من الأسرار الدفاعية تلقاها الرئيس بوش قبل هجمات سبتمبر بشهر واحد وحملة عنوان أبن لادن عازم على ضرب العمق الأميركي وهي رسالة نفت رايس أن تكون قد تضمنت تحذيرات حول احتمال استخدام القاعدة طائرة في عمليات متوقعة.


حاولت رايس جهدها تبرئة الرئيس بوش والتأكيد على أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان وفقا للمعطيات التي سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر

كوندليزا رايس لم طويلا نفي مناقشة طرح القيام بعمل عسكري ضد العراق أثر سبتمبر بدلا من محاربة القاعدة وطالبان وقالت أن ضرب العراق كان من بنات أفكار رئيس الدفاع رمسفيلد ونائبه وولفويتس، لكنها حاولت توسيع دائرة الاتهامات التي تنصب على إدارة رئيسها وإظهاره بأنه حاول التغلب على خلل ورثة من إدارة سابقة وقالت أن بوش أدرك أهمية التهديدات ووضع استراتيجية وقائية لاستأصل الإرهاب بضربات استباقية وأشارت كوندليزا إلى خلل في التنسيق بين الأجهزة الأمنية فعالجه الرئيس باستحداث وزارة الأمن الداخلي ويعتبر هذا غمز في قناة الرئيس السابق بيل كلينتون الذي أدلى هو ونائبه بشهادتهما أمام اللجنة نفسها، المراقبون يرون أن شهادة رايس ومضمون الجدل الدائر حولها جاءت في وقت تدخل فيه حملة الانتخابات الرئاسية مرحلة حاسمة لتشبيه البعض مأزق الإدارة الأميركية في العراق بحرب فيتنام مما قد يدخل فرص بوش في الحصول على فترة رئاسية جديدة في حالة من الغموض.

جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد فاصل السودان اتفاق في دارفور ومفاوضات في نيفاشا فهل دنى إحلال السلام.

[فاصل إعلاني]

فوز بوتفليقة بفترة رئاسية جديدة

جميل عازر: لم تختلف الانتخابات التي أعادت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سُدة الرئاسة الجزائرية لفترة ثانية عما ألفناه في دول تخوض تجارب حديثة مع الديمقراطية، فحتى قبل البدء بالتصويت تطايرت الاتهامات بالتلاعب في العملية الانتخابية وليس غريبا أو مستغربا في هذه الحالة أن يعلن علي بن فليس رئيس الوزراء السابق والمنافس الأقوى للرئيس الجزائري أنه لن يعترف بالنتيجة التي أظهرت حصوله على أقل من 8% من الأصوات مقابل حصول بوتفليقة على نحو 80% وإذا كان من الممكن قراءة أولويات العمل للرئيس في ولايته الجديدة فإن المصالحة الوطنية والتنمية الاقتصادية ينبغي أن تكون على رأس القائمة.

[تقرير مسجل]


undefinedمحمد فال: بفوزه الساحق بولاية ثانية يصبح عبد العزيز بوتفليقة أول رئيس للجزائر يعود إلى السلطة بالاقتراع العام منذ استقلال البلاد وبهذا الفوز أيضا يكون الجزائريون قد منحوا مزيدا من السلطة لرئيس متهم أصلا من قبل خصومه بالإفراط في ممارسة السلطة ويبدو أن نسبة الأصوات التي حصل عليها والتي تجاوزت 80% قد فاجأت بعض الجزائريين وبعض المراقبين أيضا كما أنها خلخلت موازين المعارضة التقليدية ويتوقع أن تعيد رسم الخارطة السياسية.

لكن ذلك يمكن أن يُفسر بانضواء عدد لا بأس به من الفاعليات السياسية خلف بوتفليقة ويتكون التحالف الرئاسي من حركة مجتمع السلم التي أسسها الراحل محفوظ نحناح والتجمع الوطني الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحي والجناح التصحيحي لجبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد، لكن دعوة رابح كبير أحد قادة جبهة الإنقاذ المحظورة ومدني مزراق أمير جناحه العسكري إلى التصويت لصالح بوتفليقة رغم دعوة سابقة من عباس مدني إلى مقاطعة الانتخابات من الأصل شكلت مفاجئة كبير ربما خلطت بعض الأوراق. وبينما توقع البعض جولة ثانية من التصويت بحكم ما بدا من شعبية ملحوظة للمنافس الرئيس علي بن فليس في الآونة الأخيرة جاءت النتيجة بعكس ما كان متوقعا ومع ذلك فقد حملت هذه الانتخابات جملة من العناصر الجديدة بالمقارنة مع السابق وهي عدم انسحاب المرشحين الخمسة، إعلان الجيش حياده التام الذي تعزز بإلغاء التصويت في الثكنات العسكرية، ابتعاد شبح المقاطعة في تيزيوس وبجايا معقل المعارضة القبائلية، حضور عشرات الملاحظين الدوليين مع مراقبين عن المترشحين، نسبة مشاركة تجاوزت الـ 50%.


إذا كان الرئيس بوتفليقة قد نجح في امتحان صناديق الاقتراع فهل تراه سينجح في امتحان الواقع الجزائري الصعب؟

لكن إذا كان الرئيس بوتفليقة قد نجح الآن في امتحان صناديق الاقتراع فهل تراه سينجح في امتحان الواقع الجزائري الصعب، لقد أفلح بوتفليقة خلال ولايته المنصرمة في الحد من وتيرة العنف كما تحقق في عهده انتعاش اقتصادي ملحوظ تجسد في نسبة نمو تقارب 80% وزيادة في فرص العمل وهبوط واضح في نسبة التضخم وأكبر فائض في الميزانية منذ الاستقلال، لكن معارضيه يرجعون بعض هذه الأمور إلى أسباب أخرى من قبيل ارتفاع عائدات النفط ويقولون أن التحسن لم ينعكس مباشرة على حياة المواطن وهو ما يعني أن المرحلة القادمة بالنسبة لبوتفليقة ستتطلب سياسات ملموسة لتحسين أوضاع المواطنين الاقتصادية إلى جانب أوضاعهم الأمنية. ولعل مسألة ترتيب البيت الجزائري التي بدأها بوتفليقة سابقا بمشروع الوئام المدني وقرار العفو العام عن من يضعون السلاح هي الآن كما في السابق أكبر رهان سياسي بالنسبة له وللجزائر.

جدل في مؤتمر الدوحة الرابع للديمقراطية

جميل عازر: العملية الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي وجدا لهما منبرا في قطر حيث انعقد مؤتمر الدوحة الرابع للديمقراطية والتجارة الحرة وبما أن انعقاد المؤتمر تزامن مع احتدام الجدل بين الحكومات العربية حول ماهية ونطاق الإصلاحات التي ينبغي إدخالها لتحسين العلاقة بين المواطن ومؤسسات الحكم فإن الاختلاف في الرؤى حول أسلوب التعامل مع الناحيتين كان ماثلا في النقاش أما أن يأتي الإصلاح في اقتراحات من الخارج أم أن ينبع من الداخل فمسألة فيها رأي بل أراء.

[تقرير مسجل]

ناصر آيت: تأهيل العرب لمرحلة تفعيل العملية الديمقراطية ليست هذه بالمهمة الهينة ولكن مؤتمر الدوحة الرابع للديمقراطية والتجارة الحرة حاول أن يفعل وليس من المشاركة الأخذة في التصاعد عام بعد عام وحدها تنبع أهمية المؤتمر الذي شارك فيه ساسة وأكاديميون وإعلاميون وبدأ يصطبغوا بالصبغة الدولية، فاللقاء يأتي في ظروف مغيره تلك التي شاهدتها أولى سنوات انطلاقته وبعد تحولات لا تخلوا من دلالات هامة بالنسبة لمستقبل الديمقراطية في المنطقة ولأنه عدة التجارة الحرة محفظا للعملية الديمقراطية فإن المؤتمر أخذ بُعد أخر من حيث أن مفهوم الديمقراطية بدء يُنظر إليه بعمق في كافة جوانبه.


لم يزعم مؤتمر الدوحة أنه يملك وصفة سحرية تشفي الحكومات العربية من سقم الولاءات الفردية، فالملاحظ أنه لا يزال من الصعب على بعضها استيعاب ضرورة الإصلاح

من الملاحظات البارزة الأخرى أن المؤتمر سادته أجواء الديمقراطية حتى في تنظيم جلساته فلم تصب المداولات والتدخلات في مصباً واحد كما عهدنا كثيرا من المؤتمرات التي يكون العرب طرفا فيها ولم يزعم مؤتمر الدوحة أنه يملك وصفة سحرية تشفي الحكومات العربية من سقم الولاءات الفردية فالملاحظ أنه لا يزال من العصي على بعضها استيعاب ضرورة الإصلاح حتى إن من الحكومات من تأمل في فشل مشروع دمقرطة العراق تلافيا لما قد تواجه في دولها من مطالب شعبية لتبني نهج ديمقراطي.

وعلى الرغم من ذلك تقدم الدول أخرى بثبات نحو الحداثة وحُكم المؤسسات فقطر التي عرضت على المؤتمرين جوانب من تجربتها الإصلاحية قطعت أشواطا على ضرب بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون وكان أخرها إقرار دستور دائم للبلاد يمهد الطريق أما انتخابات برلمانية هي الأولى في تاريخها. الإصلاح كان كلمة السر إذا في الدوحة التي اجتهد مؤتمرها ليكون دليل عمل حقيقي لفهم متطلبات عملية الإصلاح وضرورتها، لكن التوافق لم يقع على رفض أو قبول بوادر الإصلاح القادمة من الخارج وتأرجح الأمر بين داعِ إلى وقفة تبصر قبل رد ما لا نعرفه أصلا وقائلا إن مشروع الشرق الأوسط الكبير ينطلق من وصاية على منطقة قاصرة ولعل غنى الأفكار التي طرحت وتعدد التصورات كشفت عن تعطش إلى الديمقراطية وطموح في أن تكون الحكم في اللعبة السياسية فلم يتوقف النقاش عند الخلافات الشكلية من قبيل أي نمط من الديمقراطية نريد هل هو أوروبي أم أميركي أم مزيج بين الاثنين؟ أم هو نموذج أخر؟ أما مجرد لقاء العرب مع غيرهم ممن خبروا عوالم الديمقراطية رغم ما قد يؤخذ على تجاربهم فهو خطوة أخرى مهمة نحو الوصول إلى القرار الأنسب.

أسبوع السلام في السودان بوساطة تشادية

جميل عازر: بعد صراع دامي ومعاناة بشرية ووساطة تشادية تمكنت أطراف الصراع في دارفور من التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار تمهيدا لمرحلة معالجة المشاكل في ذلك الإقليم بغربي السودان ومع البدء في تسهيل إيصال الإمدادات والمساعدات الإنسانية استعدادا لإجراء محادثات سلام وتمهيدا للبدء في تنفيذ مشاريع التنمية بعد معالجة قضية اللاجئين يمكن التفاؤل بقرب خروج السودان من دوامة الحرب الأهلية نظرا للدلائل التي يمكن قراءاتها مما يدور في نيفاشا.

[تقرير مسجل]


بُنيت الاتفاقية بين الحكومة وخصومها على أسس التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إقليم دارفور وينص الاتفاق على إطلاق فوري لجميع أسرى الحرب وإنشاء لجنة لمراقبة التزام الأطراف بوقف إطلاق النار

حسن إبراهيم: يبدو أن هذا هو أسبوع السلام في السودان، بعد مفاوضات مضنية في العاصمة التشادية نجامينا وقعت الحكومة وحركة العدالة والتنمية وحركة تحرير السودان الدارفوريتان اتفاقا لوقف إطلاق النار في دارفور، سيسري اتفاق وقف إطلاق النار لمدة خمسة وأربعين يوما في غضون اثنتين وسبعين ساعة من التوقيع عليه، يجدد الاتفاق تلقائيا ما لم يقم أحد الطرفين بالاعتراض عليه، تلتزم الأطراف الموقعة على الاتفاق بتوفير ممر آمن للمساعدات الإنسانية إلى المدنيين الذين يحتاجون إليها، ينبغي أن يمهد وقف إطلاق النار الطريق لحل عادل ونهائي لمشاكل دارفور.

ينادي الاتفاق بعقد مفاوضات التسوية السلمية في غضون أسبوعين من التوقيع عليه وبأن تنص التسوية على أسس التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الإقليم وينص على إطلاق فوري لجميع أسرى الحرب وإنشاء لجنة لمراقبة التزام الأطراف كلها بوقف إطلاق النار ولتقييم شكاوى أي طرف ضد الآخر فيما يخص أي خرق للاتفاق مكونة من وسطاء تشاديين وممثلين للأسرة الدولية، وإن كان أهل دارفور حديثي عهد بالتمرد المسلح على هذا النطاق الواسع فإن الحرب الأهلية في جنوبي السودان التي بدأت جولتها الثانية عام 1983 تكاد تضع أوزارها بعد اقتراب التوصل إلى اتفاقية سلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، مفاوضات نيفاشا تشهد تدخلا أميركيا على أعلى المستويات وكانت كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأميركية قد اتصلت في السابع من أبريل/ نيسان بعلي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية السوداني وجون قرنق ديمابور زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان وشددت على وجوب التوصل إلى اتفاق في ظرف ثلاثة أيام.

الذكرى العاشرة لمذابح رواندا

جميل عازر: ومرت عشر سنوات منذ المذابح والإبادة الجماعية في منطقة البحيرات الأفريقية الكبرى التي كانت بمثابة أكبر عملية تطهير عرقي يشهدها عالمنا المعاصر وإذ تم إحياء ذكرى أقبح ما يمكن أن يقدم عليه الإنسان من فظائع حاول المتحدثون التركيز على اقتباس العبرة مما سلف لتفادي تكرار المآسي مستقبلا في رواندا وبروندي وغيرهما من بقاع العالم حيث اختلاط الأعراق يشكل بُعدا ديموغرافيا ينبغي أن يكون رمزا للتنوع الإنساني لا سببا للإبادة.

[تقرير مسجل]

undefined

حسن إبراهيم: شرارة المذبحة كانت إسقاط طائرة رئيس رواندا الأسبق جوفينال هابياريمانا وضيفه الرئيس البروندي مما أدى إلى مصرعهما وأنطلق شيطان الذبح من عقاله، ثماني مائة ألف قتيل كلهم من التوتسي سقطوا ضحية واحدة من أفظع أحداث القتل الجماعي في التاريخ وميّز القتل الجماعي في رواندا وبروندي أنه كان بالسلاح الأبيض نَصل حديدي على اللحم الحي فأتى الذبح مثالا على أزمة واحدة من أكثر مناطق العالم تعقيدا وكأن الذبح والتمثيل بالجثث لم يكن كافيا لإطفاء نيران الكراهية فأتبعوا الذبح بالاغتصاب واغتصبت آلاف النساء اللواتي يتساقط الكثير منهن الواحدة تلو الأخرى بسبب مرض نقص المناعة المكتسب الإيدز.

لن تعيد المحاكم التي عقدت لمرتكبي المجزرة من قُتلوا ولن تُشفي من أصيبوا بالأمراض والعاهات المستديمة لكنها ستكون تذكرة لأمة كاملة على فشل جماعي، فرنسا التي حضرت حفل إزاحة الستار عن نصب تذكاري لضحايا المجزرة سحبت وفدها احتجاجا على الكلمات القاسية التي ألقاها رئيس رواندا بول كاغامي والتي ألقى فيها بجزء من المسؤولية على عاتق فرنسا وبلجيكا، لكن أوروبا بإرثها الاستعماري في المنطقة أسهمت في تكريس الفرقة بين التوتسي والهوتو.

منطقة البحيرات بأكملها التي تعتبر أكثر مناطق إفريقيا خصوبة وغزارة في الموارد المائية هي أكثرها شقاء وفقرا فتوتسي الكونغو لم ينجوا من الاضطهاد التاريخي الذي تعرضوا له منذ عهد مبوتو سيسيسيكو ومن بعهده كابيلا الأب ثم الابن وهاهي رواندا وبوروندي تحاولان لعق جراحهما بينما المنطقة حولهما تلتهب فمسببات الصراع رغم عقد من الاستقرار المضطرب لم تنته والدعم الذي يجب أن يتدفق من العالم العربي شحيح للغاية.

زيارة شيراك لموسكو

جميل عازر: إلى موسكو توجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وكان من الغريب أن يستهل زيارته بجولة في مركز تيتوف الاستخباراتي الذي تحيط بعملياته سرية مطلقة اللهم إلا إذا كان الروس يريدون التدليل بذلك على ثقتهم بالرئيس الزائر، أما أن تجئ زيارة شيراك بعد يوم من زيارة لموسكو قام بها المستشار الألماني ومع انضمام سبع من الدول الأوروبية التي كانت تابعة لروسيا السوفيتية إلى حلف الناتو فإن في ذلك ما يدل على قلق أوروبا مما تقرأه في ردود الفعل والتصريحات الصادرة من الكرملن حول هذا التوسع.

[تقرير مسجل]


undefinedأكرم خزام: المعلن رسمي عن أهداف زيارة شيراك إلى روسيا آفاق العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي مع اقتراب موعد انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد ومصير العلاقة بين روسيا والناتو بعد انضمام عدد من الدول إلى حلف الأطلسي والموقف مما يجري في العراق، المثير أن مباحثات بوتين- شيراك جرت في مركز القوات الفضائية الروسية الذي يراقب عن كسب أوضاع وحركة الصواريخ البالستية العابرة للقارات وما يجري للمركبات الفضائية الروسية في بيكانور الكازاخية ومناطق أخرى داخل روسيا الاتحادية ولذا شكك المراقبون على الفور بالمعلن الرسمي عن أهداف زيارة شيراك وانصبت أحاديثهم على عرض روسي قديم جديد بضرورة إقامة منظومة دفاع أوروبية مضادة للصواريخ النووية في مواجهة المظلة النووية الأميركية التي تقلق أوروبا وروسيا بآن معا.

ولم تذهب شكوك المراقبين سدا إذ تحدث بوتين في المؤتمر الصحفي عقب انتهاء المباحثات باقتضاب شديد عن أن المباحثات تعارضت بالدرجة الرئيسة إلى قضايا الأمن الأوروبي، بينما استفاض شيراك بالشرح مؤكدا أن تأييد فرنسا منذ أيام ديغول لسياسة الردع النووية التي انتهكتها روسيا السوفيتية كان نابعا من إدراك ضرورة منع نشوب نزاع نووي عالمي.

فهل قصد شيراك بهذا التصريح أنه على استعداد للمشاركة في المشروع الروسي الرامي إلى قامة منظومة الدفاع الأوروبية المضادة للصواريخ النووية؟ الجواب نعم ولا، نعم لأن فرنسا على خلافات حادة مع الولايات المتحدة في العديد من القضايا الدولية ولا لأنها لا تستطيع الإنفاق على المشروع الذي سيكلف الكثير من الأموال بمفردها وقد يكون بوتين ناقش مع شرودر الموضوع نفسه في زيارة المستشار الألماني التي تمت قبل يوم واحد من وصول شيراك، بيد أن حساسية هذا الموضوع قد تكون وراء عدم الإفصاح عن ذلك بينما تم التركيز في المعلن الرسمي أن توسع الناتو شرقا ووصول قوات الأطلسي إلى دول البلطيق المجاورة لروسيا لن يؤثر سلبا على أمن وحدود الدولة الروسية التي قالت للعالم إن لديها ما يكفي للرد بقوة على كل من يحاول التحرش بحدودها ما دفع الناتو إلى أيفاد أمينه العام الجديد إلى موسكو لطمأنة الروس من جديد على عدم توافر نية لدى حلف الأطلسي بتوتير الأجواء مع روسيا التي يحتاجها الحلف في محاربة الإرهاب وفي أفغانستان والبلقان وربما العراق مستقبلا حسب تصريحات الأمين العام للحلف.

مجمل المباحثات التي جرت في العاصمة موسكو الأسبوع الفائت تشير إلى أن أوروبا تحتل المقاوم الأول في سُلم أولويات السياسة الخارجية الروسية كما تشير أيضا إلى نية الروس في التوصل إلى حلول وسط في أمر العلاقة مع الناتو أمام عدم قدرتهم على منع توسعه ووصول قوته إلى الحدود الروسية غربا. أكرم خزام، الجزيرة، برنامج الملف الأسبوعي، موسكو.

جميل عازر: وبهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر، فتحية لكم فريق البرنامج وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.