الأوضاع في غزة والضفة، دارفور والتدخل الخارجي
مقدم الحلقة: | جميل عازر |
ضيوف الحلقة: |
إدموند غريب/ أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بواشنطن |
تاريخ الحلقة: | 24/07/2004 |
– عرفات ودرء خطر تفتيت الصف الفلسطيني
– أحمد قريع.. شخصية الأسبوع
– تعنت شارون تجاه قرار تفكيك الجدار
– تداعيات الاشتباكات الأخيرة على حدود لبنان
– دارفور تفتح باب التدخل الخارجي في السودان
– عوامل تشكيل الموقف الأميركي من السودان
– ذريعة صهيونية لتهجير يهود فرنسا لإسرائيل
– موسم اعتراف التحالف بأخطائه في العراق
جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي وفيها هزة أمنية في قطاع غزة وتداعيات سياسية في الضفة الغربية ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة اصطدام بتعنت شارون بعد قرار يطالبه بتفكيك الجدار ودارفور أزمة إنسانية أصبحت بوابة للتدخل الدولي في السودان.
عرفات ودرء خطر تفتيت الصف الفلسطيني
ربما يكون الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قد نجح ولو لفترة محدودة في درء خطر تفتت الصف الفلسطيني فقبوله بنقل المسؤولية عن أجهزة الأمن الفلسطينية ضمن الإطار الذي ينص عليه القانون الأساسي إلى رئاسة الحكومة قد يكون في واقع الحال بداية إذعان لمطالب أطراف فلسطينية وغير فلسطينية ويبدو أن الرئيس عرفات أتقن حيلة التمسك بالمواقف حتى اللحظة الأخيرة وإنما من الجائز القول إن نجاحه في ذلك مشروط بمدى إدراكه لمزاج الشارع والفصائل الفلسطينية بما فيها حركة فتح فمسألة قيادات أجهزة الأمن أصبحت الآن مرتبطة بمحاربة الفساد الذي طالما قلب الكثيرين عليه.
[تقرير مسجل]
وليد العمري: الهزة التي ضربت غزة وبدأت بسلسلة من عمليات الخطف ومهاجمة مقار أمنية فلسطينية كان من أبرز انعكاساتها في الضفة الغربية تقديم رئيس الحكومة أحمد قريع استقالته ومحاولة اغتيال نبيل عمرو عضو المجلس التشريعي، الرئيس الفلسطيني الذي رفض الاستقالة اعتبر أن ما جرى في قطاع غزة مؤامرة ضده وضد سلطته مدعومة من جهات خارجية بينما رفع المحركون للأمور راية الإصلاح ومحاربة الفساد على رأس شعاراتهم وجندوا لذلك مجموعات مسلحة تعمل في إطار
” |
حركة فتح بيد أن الأحداث بتسلسلها كشفت عن صراعات بين مراكز قوى متنفذة في فتح حزب السلطة وقيادات خاصة أمنية تصاعدت مع رد الرئيس عرفات على الفوضى التي استشرت بتعيين اللواء موسى عرفات قائدا للأمن العام في القطاع، هذا التعيين اعتبره البعض تلويحا من جانب الرئيس بعصاه الغليظة ورأى فيه المتمردون على القرار تصعيدا بينما قرأ من خلاله آخرون تطويقا للأزمة المتفجرة.
عزام الأحمد –وزير الاتصالات الفلسطيني: في غزة بدأ تطويق الأزمة وحالة الفلاتان التي انتشرت بعد القرارات الأخيرة التي صدرت وإن شاء الله في القريب العاجل سيتم حل كل الإشكالات التي تناقلتها وسائل الإعلام في ترتيب وضع أجهزة الأمن في داخل قطاع غزة.
وليد العمري: لكن الأمور لا تبدو بمثل هذه السهولة المجلس التشريعي الذي تنادى ليومين من الاجتماع على خلفية الأزمة وجد نفسه يتخبط في فهم المقروء، بعض أعضائه لخص الأزمة في رفض الرئيس لاستقالة رئيس الوزراء والبعض الآخر رأى أنها قد تجد حلها في حكومة جديدة على أمل أن يكون له نصيب فيها لكن البعض أيقن أن الفوضى والانفلات ليس وليدي الساعة.
” |
محمد الحوارني –عضو المجلس التشريعي الفلسطيني: لا يوجد في الواقع خيار إلا حل الأزمة، حل الأزمة يكون بتنفيذ المواد في القانون الأساسي تحديدا المتعلقة بالصلاحيات وعدم إبقاء الموضوع عالقا في نقطة تنازع الصلاحيات هذا مشهد هزلي يجب برأيي أن ينتهي وأن يعمل كل واحد حسب ما أتاح له القانون، الرئاسة طبعا في حدود القانون رئاسة الوزراء أيضا في حدود القانون ثم احترام قرارات المجلس التشريعي وتحديدا تنفيذ وثيقة الإصلاح الصادرة عن المجلس.
وليد العمري: اختلاط الحابل بالنابل بدل الفصل بين السلطات وسقوط مناطق السلطة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي وعدم قدرة الرئيس عرفات على الحركة بسبب الحصار المفروض عليه وفرت جميعها مناخا جيدا لهذه الفوضى التي تهدد مستقبل القضية الفلسطينية. هي أزمة نظام إذا قد تكون الأخطر في تاريخ السلطة الفلسطينية فإما أن يخرج منها الفلسطينيون إلى سيادة القانون والنظام أو يغرقوا في حمام الدم الذي لم يعد خطا أحمر بعد أن أصبح استمرار الحال من المحال، وليد العمري، الجزيرة، خاص لبرنامج الملف الأسبوعي.
أحمد قريع.. شخصية الأسبوع
جميل عازر: وفي خضم الفوضى والمخاوف التي أثارها الانفلات الأمني في قطاع غزة قدم رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع استقالته للتأكيد على أنه ليست لديه سلطة لضبط الأمور هناك وزادت هذه الخطوة من عمق الشرخ في حركة فتح إلى حد مطالبة المجلس التشريعي بمحاسبة أبو علاء لتقصيره في ممارسة ما يشكو منه أصلا ولكن هذه ليست المرة الأولى لمواجهة بين عرفات وقريع الذي أبدى في موقفه استقلالية أكسبته شعبية دفعت بالرئيس الفلسطيني إلى إعطاء رئيس الحكومة الصلاحيات المنشودة وقد يستطيع أحمد قريع شخصية الأسبوع في الملف أن يمنع المسرح الفلسطيني من الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه.
[تقرير مسجل]
” |
طارق تملالي: أحمد قريع أبو علاء ولد في القدس المحتلة عام 1937 من عائلة ميسورة نسبيا وانضم إلى حركة التحرير الفلسطينية فتح عام 1968 كان أحمد قريع مصرفيا فاستعمل خبرته في خدمة منظمة التحرير في مجال المال والاقتصاد بلبنان، في عام 1982 أُخرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان بعد الغزو الإسرائيلي وتوجه ياسر عرفات ومعه أحمد قريع وقيادات أخرى نحو تونس وزاد نجم أحمد قريع صعودا بعد وفات أو اغتيال أعضاء بارزين في المنظمة فانتخب عضوا في اللجنة المركزية عام 1989 كما قام بدور في خلية اتصال فلسطينية خلال مؤتمر مدريد عام 1991 ثم أصبح واحدا من مهندسي اتفاقات أوسلو التي يراها قريع أنها ولدت من رحم الانتفاضة الأولى، وفق بنود أوسلو عاد ياسر عرفات ومعه قيادات منظمة التحرير إلى غزة عام 1994 وكان أحمد قريع من العائدين مع عرفات وبعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية تولى أبو علاء عدة وزارات مثل الاقتصاد والتجارة والصناعة في عام ألفين انتخب رئيسا للمجلس التشريعي الفلسطيني وهو منصب كان يؤهله دستوريا لتولي منصب رئيس السلطة في حال غياب عرفات وشارك قريع في مفاوضات كامب ديفد الثانية مع الإسرائيليين عام ألفين في الولايات المتحدة وأيد رفض ياسر عرفات مخطط الرئيس الأميركي السابق بيل كيلنتون للسلام وبعد استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمود عباس في سبتمبر 2003 وقع على أحمد قريع الاختيار ليرأس الحكومة ولكن ما إن تسلم منصبه الجديد حتى هدد بالاستقالة بسبب خلاف حول من يسيطر على أجهزة الأمن. في قضية القدس المحتلة يرى أحمد قريع أن شرق المدينة يجب أن يكون عاصمة الدولة الفلسطينية بما في ذلك الأحياء اليهودية ويرى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين حقا مقدسا ويرفض قريع ما يسمى العمليات الانتحارية مثلما يرفض الهوية اليهودية لإسرائيل إلى درجة التهديد بالمطالبة بتطبيق خطة التقسيم الأممية لعام 1947 ويُعرف عن أحمد قريع تأييده للحل السياسي وهو اقتناع تلقى ضربة أخرى بتصريح للرئيس الأميركي جورج بوش خلال الشهر الجاري وقبله تصريح للناطق باسم الخارجية الأميركية حيث أشارا إلى أنه من المحتمل عدم الالتزام بالتعهد الأميركي بقيام دولة فلسطينية عام 2005.
تعنت شارون تجاه قرار تفكيك الجدار
جميل عازر: وليس هناك من شك في أن المجتمع الدولي أو على الأقل أغلبيته الكاسحة على الصعيدين التخصصي في محكمة العدل الدولية والعام في الجمعية العامة للأمم المتحدة ترى أن بناء ما تسميه إسرائيل بل حكومة شارون بالذات الجدار الأمني عملا ينتهك القانون الدولي كما أنه لا يحفز على حل النزاع في المنطقة كما قالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ولكن التعنت الإسرائيلي المعهود في الرد على القرارات الدولية ودائما بدعم من الولايات المتحدة الأميركية يجرد مفهوم الشرعية الدولية من مضمونه وأخطر ما في مثل هذا الموقف أن تترك إسرائيل لتمضي في تنفيذ مخططاتها.
[تقرير مسجل]
” |
محمد ولد محمد الأمين: على إسرائيل أن تهدم جدارها الفاصل لأن بقاءه انتهاك للقانوني الدولي وحقوق الإنسان قرار الجمعية العامة الذي تم اتخاذه بأغلبية كاسحة أسقط الذرائع الإسرائيلية وأعاد الحياة للعمل الدبلوماسي العربي وبالرغم من الطابع الاستشاري للقرار إلى أن الإجماع الذي رافقه يمثل تحول كبير في الرأي العام الدولي إزاء أهم الخطابات التي اعتمدتها إسرائيل لتبرير الاحتلال فإسرائيل أقامت جدارها العازلة برغم من معارضة القوة الدولية الراعية لما يعرف بعملية السلام والامتعاض الشعبي الدولي وكانت على الدوام قادرة على التضرع بمقتضيات الأمن وحماية البقاء اليهودي لتضييق الخناق على الفلسطينيين وفي هذا السياق يقع بناء الجدار، أهمية القرار إذاً تكمن في نزع رداء التبرير الأمني عن الجدار الذي يرى فيه الفلسطينيون مانعا للتواصل الجغرافي الضروري لإقامة دولتهم المنشودة، لكن القرار كان من ناحية أخرى ثمرة لجهود دبلوماسية عربية عرفت طريقها عبر تدرج في كسر حاجز الدعاية الإسرائيلية المسنودة أميركيا فالدبلوماسية العربية التي أنهكتها الصراعات التي تعصف بالمنطقة وأفقدها التهديد الخارجي جدوتها في سياق دولي باتت تُهم الإرهاب فيه تكتف أنفاس المقاومة الشرعية للاحتلال وتغير مفردات الصراع استطاعت هذه الدبلوماسية أن تتحدى الإجماع الأوروبي الأميركية ضد رفع موضوع الجدار إلى محكمة العدل الدولية وبقدر ما تمكن العرب من استصدار قرار من المحكمة يدعو إلى إزالة الجدار فأنهم نجحوا لاحقا في كسب الموقف الأوروبي لصالح إجماع عمومي يؤكد قرار المحكمة ويجدد الطلب من إسرائيل للالتزام به وفي الجانب الفلسطيني جاء الاحتفاء بهذا الإنجاز أكثر من أي طرف أخر والسلطة الفلسطينية التي تعيش أحلك أيامها بين تهديد بخطر انقسام الصف الوطني والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة رأت في القرار نصرا هي في أمس الحاجة إليه داخليا على الأقل وهذا بالطبع ما لا يريح الإسرائيليين الذين تجاوز رفضهم القرار إلى انتقاد الاتحاد الأوروبي والتهديد بتجديد دوره في الرباعية ولم ينجح منسق السياسية الخارجية للاتحاد خفير سولانا في تهدئة خواطر إسرائيل بل قوبل بهجمة شرسة واتهام بأن الاتحاد يشجع الإرهاب وما تخشاه إسرائيل هو أن تتطور تبعات القرار إلى قيام أوروبا بفرض حصار اقتصاديا عليها ما سيمثل نكسة لدبلوماسيتها التي عملت خلال العقود الماضية على توطيد العلاقات مع الأصدقاء وفتح قنوات التواصل مع الأعداء بفرض سياسة الأمر الواقع في الأراضي المحتلة، الهجمة الإسرائيلية على الاتحاد مدفوعة أيضا بهواجس القطب الواحد في الإستراتيجية الدولية بناء على أحداث الحادي عشر من سبتمبر ثم الحرب على أفغانستان والعراق فإسرائيل تخشى من عودة الشرعية للأمم المتحدة بعد ما استطاعت أن تنقل الصراع إلى طور المحادثات الثنائية التي ترعاها أميركا حليف تل أبيب الاستراتيجية وما بين رفض أميركا للقرار وتبني أوروبا له تكون الدبلوماسية العربية قد نجحت في توطيد الشرخ الناتج عن الحرب على العراق على طرفي الأطلسي بشكل مجدي إذا عامل العرب بالقوة الأوروبية الصاعدة لخلق التوازن الضروري مع أميركا.
تداعيات الاشتباكات الأخيرة على حدود لبنان
جميل عازر: ووسط القلق الدولي مما يجري في المنطقة وعلى المسرح الفلسطيني بوجه خاص صارعت الأمم المتحدة لدعوة إسرائيل وحزب الله إلى ممارسة ضبط النفس بعد الاشتباكات بين قوات الطرفين عبر حدود لبنان الجنوبية ويبدو في هذه الدعوى اعتراف بأن حزب الله يشكل طرفا في النزاع بين لبنان وإسرائيل وبالتالي سوريا ومقتل جنديين إسرائيليين وأحد المقاتلين الحزب اللاهيين في تلك الاشتباكات بعد اغتيال مسؤول في الحزب بتفجير سيارته في بيروت كفيل بأن يثير المخاوف والغضب لدى الجانبين فتوجيه تهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربة موجعة إلى سوريا على غرار ما حدث قبل بضعة أشهر وفي ظروف مماثلة أؤكد أن الوضع مرشحا للتصعيد.
[تقرير مسجل]
” |
زياد طروش: المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله خلال مطلع الأسبوع قد لا تكون جديدة على المنطقة من حيث الشكل الذي اتخذته أو الحصيلة التي أسفرت عنها لكن ما قد يعد جديدا في الأحداث الأخيرة هو النسق الذي مرت به المواجهة العسكرية وطبيعة التصريحات التي رافقتها، شرارة اندلاع المواجهة تلقت باغتيال غالب عوالي أحد قادة حزب الله المعنيين بدعم الفصائل الفلسطينية، عملية اغتيال العوالي في الضاحية الجنوبية لبيروت أحد المعاقل الرئيسية للحزب في لبنان كشفت حجم الاختراق الإسرائيلي للساحة اللبنانية إذاً إسرائيل تمكنت قبل نحو عام وبأسلوب مماثل تماما من اغتيال علي صالح الذي كان يشغل نفس المنصب تقريبا في حزب الله الأمر الذي دفع الأمين العام للحزب حسن نصر الله إلى القول إن اغتيال العوالي هو عمل صهيوني بأيد لبنانية، حسن نصر الله أضاف في تصريحاته التي رأى فيها البعض رسالة إلى جهات سياسية لبنانية معينة أضاف أن لبنان مليء بالعملاء الذين يحصلون على تسهيلات كبيرة من مسؤولين كبار سيكشف عن أسمائهم يوما ما، تصريح أخر لم يمر دون أن يسترعي الانتباه تمثل في إعلام نصر الله أن غالب عوالي كان من الفريق الذي نذر حياته لمساندة إخوانه في فلسطين وتكمن خطورة التصريح في أنه كشف عالم الرابط العملي بين حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية وهو ما سيثير حتما اعتراضات عديدة لدى قوة سياسية لبنانية تطالب بحصر المقاومة في الداخل وعدم فتح جبهة صراع جديدة وكذلك لدى قوة إقليمية ودولية كثيرا ما نادت بتحجيم دور الحزب ونزع سلاحه ووقف سيطرته على الجنوب اللبناني، ثاني أهم حدث أمني تولد عن عملية اغتيال العوالي كان التصعيد العسكري الذي شهدته الحدود اللبنانية الإسرائيلية فقد قتل جنديان إسرائيليان ومقاتل من حزب الله في اشتباكات بين الطرفين ثم جاء التصريح الإسرائيلي الذي كأنما صب على الماء على فتيل الرد لدى حزب الله قائد المنطقة الشمالية العسكرية في إسرائيل بناغانتس يعتبر الحزب قنبلة موقوتة ويرى أن تهديد يرتسم في الجنوب من قبل الذين يرسلون حزب الله إلى شن هجماته الإرهابية وهم السوريون واللبنانيون والإيرانيون وأن الذين يقفون وراء هذه الأعمال يجب أن يعلموا أن هذا الأمر سيرتد عليهم في النهاية على حد قوله. خطاب صريح وتهديد علني سرعان ما التقطته بيروت ودمشق وطهران على ما يبدو فسكتت فجأة البنادق والمدافع سوى تلك القادمة من الأراضي الإسرائيلية، سيناريو رأى فيه البعض رائحة الضغط السوري المباشر على حزب الله من أجل تهدئة وضع من مصلحة دمشق أن يظل مستقرا أشهرا قليلة على الأقل قبل استحقاق سياسي بالغ الأهمية في الخريف المقبل ألا وهو الانتخابات الرئاسية اللبنانية كما أن السوريين يدركون قبل غيرهم أهمية عدم تصعيد المواقف عسكريا لإدراكهم جدية الإسرائيليين حينما يهددون بتوجيه ضربة قاسية لسوريا.
جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل توتر بين باريس وتل أبيب ومعاداة السامية ذريعة صهيونية لتهجير يهود فرنسا إلى إسرائيل.
[فاصل إعلاني]
دارفور تفتح باب التدخل الخارجي في السودان
جميل عازر: ربما لم يكن في حسبان الحكومة السودانية أصلا أن ما اعتبرته تمردا من جانب حفنة في ولايات دارفور سيتحول إلى مشكلة دولية الأبعاد وكارثة إنسانية فتحت الباب للتدخل الخارجي في الشأن السوداني وإذا كان بعض المسؤولين السودانيين يرون في التهديدات الخارجية بفرض عقوبة على الحكومة وضعا يشبه إلى حد ما بذلك الذي كان يواجهه العراق قبل شن الحرب عليه فإنهم معذورون فمن قرار الكونغرس الأميركي الذي يحث الإدارة على التدخل انفراديا أو مع أطراف أخرى وتصريح رئيس الوزراء البريطاني بأنه ينظر في موضوع التدخل حتى عسكريا إذا لزم الأمر والتلويح في مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات كلها عوامل تؤيد مخاوف الخرطوم.
[تقرير مسجل]
” |
فوزي بشرى: مع الأسابيع الأولى من عام 2003 كانت دارفور تشهد اضطرابا أمنيا سرعان ما تكشف عن حركة احتجاج سياسية مسلحة بدأت بالهجوم على مدينة غولو عاصمة محافظة جبل مرة ثم تصاعد الهجوم ليشمل بلدات وقرى وبلغ الأمر عنفوانه في تحدي السلطة بالهجوم على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، أما الهدف السياسي الذي طلبته حركتا التمرد في دارفور وهما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة فيتمثل في مقولة أصبحت رائجة في أدبيات السياسة السودانية وهما عدالة توزيع الثروة والسلطة لا بل أن موافقة الحكومة السودانية على مقاربة حل سياسي لمشكلة الجنوب يقوم على منهج القسمة سلطة ومالا شكل إغراء آخر للتمرد في دارفور بأن القتال يمكن أن يحقق لدار فور مطالبها، هناك أمام الحكومة السودانية أحد خيارين أما أن تتلمس حلا سياسيا للمشكلة في ظروف تنامى فيها وعي الأطراف بحقوقها وإما أن تصير إلى حل عسكري يقمع التمرد ويكسر شوكته وقد اختارت الحكومة الخيار الثاني في ظل تعتيم إعلامي كثيف لا يتاح له أن يتناول المشكلة التي كانت تنمو باضطراد في أبعادها الكارثية. موقف الحكومة في تقدير المراقبين تأسس على فرضيات ثبت عدم صحتها فمن ذلك تصور أن حل مشكلة جنوب السودان المسيحي يمكن أن يكسب الحكومة رضا الغرب خاصة واشنطن لكن تطور الأزمة أثبت أن الأميركيين لم يلههم ما تحقق في الجنوب عن أزمة دارفور وكان كولن باول واضحا في ذلك حين قال أثناء زيارته للخرطوم أنه لم يأت احتفالا باتفاق الحركة الشعبية والحكومة السودانية مضيفا أن على الحكومة أن تسارع لوقف الانتهاكات التي تحدث في دارفور وأن تلجم المليشيات التي تحارب مع الحكومة خاصة مليشية الجانجويد ثم وقع ضغط آخر على الحكومة السودانية بزيارة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة لقد كان طواف عنان في معسكرات النازحين في السودان واللاجئين في تشاد تعبيرا قويا عن مستوى التدويل الذي بلغته قضية دارفور وقد استنكرت الحكومة السودانية هذا الانشغال الطاقي بمشكلة دارفور وشككت في الدوافع الإنسانية لهذا التحرك بل وجدت فيه ما يذكرها بمخططات ما قبل غزو العراق، بيد أن الحكومة السودانية لا تعدم من يوجه إليها النقد من ذلك أنها غيبت الشعب السوداني عن حقيقة ما يدور في دارفور وأنها رفضت الاعتراف بالمطالب السياسية للتمرد وعمدت إلى قصف مواطنيها بالطائرات وأنها مزقت النسيج الاجتماعي في دارفور بتسليح مليشية الجانجويد ورعايتها وهي مليشية محسوبة على القبائل العربية والآن تعقد الحكومة السودانية المحاكم لجانجويد لأنهم أعلنوا الحرابة وروعوا الآمنين وقد وقعت حركتا التمرد في نطاق هذا التصنيف العرقي حين ملئت خطابها بشحنة عالية من الاتهامات للقبائل العربية، اتهامات كثيرة توجه لحركتي التمرد في دارفور من ذلك عنصريتها الطاغية حيث غصرت نفسها على قبائل الزغاوة والفور والمثالي وهو ما يجعل رواقها السياسي أضيق من أن يشمل أهل دار فور جميعا وهكذا يبدو أن القبائل العربية ستكون الخاسر الأكبر في صراع دارفور فأسم الجانجويد حولهم في عين الحكومة من حليف إلى متهم مطلوب للعدالة وليس ذلك شأن حركتي التمرد اللتين تجدان من يؤيدهما، لقد غابت الحكمة عندما كانت معالجة الأزمة في متناول الجميع فهل تراها تحضر وسياط التهديد تلهب ظهر الحكومة تلح عليها حلا ناجزا بأعجل ما يكون.
عوامل تشكيل الموقف الأميركي من السودان
جميل عازر: وينضم إلينا من واشنطن دكتور إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في واشنطن دكتور إدموند ما هي العناصر في تقديرك التي تشكل الموقف الأميركي من السودان الآن؟
” |
إدموند غريب: أعتقد أن هناك عدة عوامل وكان أبرزها الموقف الذي تبناه الكونغرس بمجلسيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب والذي دعا فيه الإدارة الأميركية للقيام بجهد دولي للتدخل لوقف ما وصفه قانون الكونغرس بالإبادة حرب الإبادة وهذا ينطبق عليه ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1948 الذي يقول بأنه عندما تحدث عمليات إبادة فيجب التدخل من قبل كل الموقعين على الميثاق إما أحاديا أو جماعيا ولكن هناك أبعاد داخلية بحتة تلعب ولعبت دورا مهما في قرار الكونغرس وهناك أيضا بعض التباين في موقف الإدارة وموقف الكونغرس، أولا فأن الكارثة التي أشرتم إليها في تقريركم في دارفور وفي غرب السودان قد أخذت تأخذ أبعادا مهمة وخاصة مع تزايد المعاناة الإنسانية من قبل المجموعات الإنسانية منظمات حقوق الإنسان المجموعات الخيرية التي لم تنسى ما حدث في بورندي سنة 1994 وعمليات الإبادة التي جرت هناك وبالتالي فإن هذه بدأت تضغط على الكونغرس وعلى الإدارة، هناك أيضا مجموعة أخرى وهي مجموعة التجمع الأسود في الكونغرس ممثلين الأفارقة الأميركيين في الكونغرس الأميركي الذين أيضا ينظروا إلى هذا الموضوع من ضمن من خلال تجربتهم هم بالنسبة للعبودية بالنسبة للعنصرية بالنسبة للاستعمار وتحدث بعضهم عن البعد النفطي عن النفط الموجود في غرب السودان وفي هذه المنطقة والصراع عليه وأنه يجب أن يكون هناك عدل في توزيع الثروة ويجب إنهاء العنصرية والإبادة والتدخل المباشر، هناك أيضا بعض الأصوات والقوى المعادية للعرب والتي لعبت دورا في السابق بالنسبة للصراع في جنوب السودان ومنهم من يريد تحويل الأنظار عما يجري في فلسطين وعن قرار محكمة العدل الدولية وكل هذه الأمور وهؤلاء يلعب دورا وهناك أيضا اليمين المسيحي الذي يلعب دورا في هذا الاتجاه بالإضافة إلى ذلك فأن الإدارة تجد نفسها تحت ضغط حيث أن بعض الديمقراطيين يستغلوها لأغراض سياسية داخلية.
جميل عازر: طيب دكتور إدموند أود أن أدخل في هذا النقاش غازي سليمان رئيس التحالف الوطني لاسترداد الديمقراطية وهو على الهاتف من الخرطوم أستاذ غازي أولا ما هو تصنيفك لما يحدث في دارفور أو لما حدث في دارفور هل يدخل في إطار التطهير العرقي مثلاً؟
غازي سليمان: يا أخي لكي نتحدث عن الصراع الحالي في دارفور علينا أن نتحدث بشفافية وشجاعة الصراع السياسي الحالي في دارفور ليس صراعا بين الراعي والمزارع بل هو صراع سياسي حول مركز السلطة في الخرطوم بالرغم من أن ميدان القتال الآن هو في دارفور ومن الأسف ومن المؤسف حقا أن هنالك بعض القبائل انضمت إلى الصراع لجانب الحكومة وهنالك بعض القبائل انضمت للصراع بجانب القوى التي حملت السلاح، القضية ليست دارفور القضية هي صراع حول السلطة في الخرطوم لكن من المؤكد أن الضحايا في هذا الصراع هم المواطنين في دارفور، صراع استخدمت فيه كل أنواع السلاح من الجانبين وأنا أعتقد على أنه بدلا من القرارات الدولية أعتقد على أنه يجب وقف إطلاق النار أولا يجب أن يفرض وقف إطلاق النار على الحكومة والمعارضة التي تحمل السلاح في دارفور ويجب تعزيز وقف إطلاق النار وفتح الممرات الآمنة لوصول الإغاثة للمتضررين لكن سيبقى في النهاية الصراع ماثلا إلى أن يتمكن أهل السودان من إجراء تحول ديمقراطي حقيقي في النظام في الخرطوم.
جميل عازر: طيب أستاذ غازي دعني أعود إلى دكتور إدموند غريب في واشنطن دكتور إدموند يعني موقف الأميركيين يبدو يعني متشددا أكثر مما ربما تقتضيه الحال بناء على التجارب في مناطق أخرى هل ترى هناك تشابها بين هذا الموقف وما كان عليه الموقف الأميركي من العراق مثلاً؟
إدموند غريب: هناك بعض أوجه الشبه بين الموقفين ولكن أيضا هناك خلافات أحد الأمور الأساسية في الماضي إن الإدارة مثلا بالنسبة لموضوع العراق كانت تريد التحرك وحتى قبل أعضاء الكونغرس ولكن الآن الإدارة الأميركية قد تبنت موقفا أقل تشددا من الكونغرس فالمتحدث باسم الخارجية مثلا أشار إلى أن هناك تعريف محدد ودقيق لموضوع الإبادة ونريد أن نعرف ما إذا كان هذا الموضوع ينطبق ما إذا كانت على ما يجري في السودان، ثانيا وزير الخارجية باول قد قال بأن المسؤولية تقع على الحكومة السودانية وأن الحكومة السودانية يجب أن تتحرك لوقف عمليات القتل والتشريد والاغتصاب وأيضا في نفس الوقت فأن الإدارة الأميركية كانت تأمل خاصة مع تحسن العلاقات الذي شهدناه بين البلدين في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن كانت السودان يُنظر إليها على أنها بلد يرعى الإرهاب فحدث تحسن وكانت تأمل الإدارة الأميركية بأن تقول بأنها حققت انتصار على هذه الجبهة كما حدث مع ليبيا ولكن الإدارة هي أيضا تريد وقف ما يجري ووزير الخارجية يريد وقف المعاناة وهي تحت ضغط ولذلك فأنها تتحرك أيضا على مستوى الأمم المتحدة حيث أنها قدمت مشروع قرار يطالب الحكومة السودانية بالتدخل لوقف هذه العمليات وفي نفس الوقت تقول أنه ما لم يحدث ذلك خلال ثلاثين يوما فأنه سيطلب فرض عقوبات على الحكومة السودانية ويجب عليها أيضا محاكمة المسؤولين من المليشيات وأيضا منع وقف وصول الأسلحة إلى السودان.
جميل عازر: دكتور إدموند غريب في واشنطن شكرا جزيلا لك أستاذ غازي سليمان أخيرا لو طُلب منك أن تنصح الحكومة في الخرطوم يعني أن تجد حلا من أين تنصحها أن تبدأ في البحث عن حل قضية دارفور؟
” |
غازي سليمان: أنا أعتقد على أنه الحل الآن ليس بيد الحكومة لوحدها الحل هو بيد الحكومة والعناصر المسلحة في دارفور الحل هو حاليا في وقف إطلاق النار والوقت.. والحل حاليا أعتقد أنه علينا أن نركز على الحل الإنساني الحل الإنساني هو وصول الإغاثة للمتضررين ووقف إطلاق النار وأنا أقول تدخل دولي فيما يختص بمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المراقبين مقبول من أهل السودان لكن تدخل دولي بما يعني أن هنالك صراع ما بين الأفارقة والعرب فإنه غير مقبول أنا أعتقد على أن الإدارة الأميركية لديها معلومات مؤكدة أم الكونغرس فهو واقع تحت تأثير اللوبي الذي يعتقد بأن السودان بلدا عربيا يبيد الأفارقة هذا خطأ، السودانيون لا يبيدون بعضهم البعض هناك مشكلة سياسية مشكلة دارفور هي في حقيقة الأمر ظهرت بعد الانقسام الذي حصل في الحركة الإسلامية وهو نتاج طبيعي للانقسام داخل الحركة الإسلامية سنة 1998 عليه فهو ليس صراع عرقي ولا صراع طبعا ديني هو صراع حول السلطة في الخرطوم وأعتقد على أن نصيحتي للحكومة أن تسرع في توقيع اتفاقية الثلاثين نيفاشا وفي نفس الوقت علينا أن نتخذ من نيفاشا اتفاقية السلام مع الجنوبيين كإطار عام لحل كل مشاكل القوى التي تعتقد بأنها مهمشة في السودان.
ذريعة صهيونية لتهجير يهود فرنسا لإسرائيل
جميل عازر: غازي سليمان في الخرطوم شكرا جزيلا لك، ليس خافيا على أحد وليس جديدا على الإطلاق أن يلجأ الصهاينة إلى التلاعب بعواطف الأوروبيين واستغلال سيف معاداة السامية كأداة ابتزاز للضغط على الحكومات الأوروبية عندما يجدون إسرائيل في ورطة وهذا هو واقع الحال وراء دعوة شارون الفرنسيين اليهود وحثهم على الهجرة إلى إسرائيل وهذا ما أقلق الرئيس الفرنسي شيراك الذي قال إن شارون لن يطأ الأراضي الفرنسية إلا إذا قدم توضيحا لما يكمن وراء دعوته تلك فلو فعل الفرنسيون وناشدو اليهود الفرنسيين الذين هاجروا إلى إسرائيل للعودة إلى فرنسا لقامت الدنيا ولن تقعد ولكن للطائفة اليهودية في فرنسا خصوصيتها في الشأن السياسي رغم أنها أقل عددا من مسلمي فرنسا.
[تقرير مسجل]
” |
حسام عيتاني: الرابع عشر من يوليو/تموز في مثل هذا اليوم من كل عام تجوب وحدات عسكرية فرنسية جادة شانزلزيه في استعراض يخلد ذكرى الثورة الفرنسية ومُثلها في الحرية والمساواة والإخاء مثُل تأتي وتذهب وفقا للظروف التاريخية ووفقا للعلاقة المتبادلة بين أطياف النسيج الاجتماعي الفرنسي، أكثر هذه العلاقات عرضة للتأرجح تلك التي تحكم العلاقة مع الطائفة اليهودية علاقة اتسمت على مر التاريخ بالعداء والتعصب وأحيانا بالعنصرية ولكن ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عاش اليهود في فرنسا عصر الديمقراطية وازداد نفوذهم إثر استغلالهم للمحرقة ومفهوم العداء للسامية كوسيلة ضغط على المؤسسات السياسية والاقتصادية لكن التطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط بدأت تلقي بظلالها على الساحة الفرنسية خاصة مع ازدياد نسبة العرب والمسلمين في البلاد وشعورهم بالتهميش أحيانا وبالاضطهاد تارة أخرى بسبب ما بات يعرف بقضية الحجاب التي قررت الحكومة منع الفتيات من ارتدائه في مدارسها، هذا الوضع أدى إلى تزايد حالات احتكاك بين الجاليتين وصلت أحيانا إلى حد الهجوم على مقر ومدارس الطرف الأخر، إسرائيل وخاصة في عهد آرييل شارون حاولت على الدوام استغلال مثل هذا الوضع لاتهام الحكومات الفرنسية المتعاقبة بالعداء للسامية في محاولة لابتزازها كما هو الحال الآن بسبب مواقفها التي ترى فيها ميلا لمناصرة الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين فإسرائيل لا تقبل الموقف الفرنسي الذي يميز بين العداء للسامية وانتقاد السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وترى أن الأمرين متلازمان وهو موقف ترفضه الطبقة السياسية الفرنسية وقد حاول شارون استغلال حادثة اعتداء على سيدة يهودية في إحدى ضواحي باريس للتدليل على اضطهاد فرنسا لليهود فعمد إلى دعوى كافة أفراد طائفة اليهودية في فرنسا والتي يبلغ تعددها ستمائة ألف نسمة إلى الهجرة إلى إسرائيل، حادثة الاعتداء هذه ثبت لاحقا أنها ملفقة وأن السيدة المعنية لجئت إليها للتحايل على شركة لبيع السيارات لكن دعوة شارون بحد ذاتها لاقت استياء كبيرا في الأوساط الفرنسية التي عبرت عن ذهولها وصدمتها وكان رد فعل الرئيس جاك شيراك مدويا إذ أعلن إن شارون لم يعد مرحبا به في فرنسا حتى يقدم تفسيرا مقبولا لمثل هذه التصريحات وحتى اليهود الفرنسيون أنفسهم عبروا عن استياءهم من تصريحات شارون لا لأنهم يعتقدون أن العداء للسامية اختفى من الساحة الفرنسية بل لأنهم يرون أن شارون يعطي الفرنسيين الأخريين سلاحا جديدا يحاربونهم به وهو سلاح ضعف الانتماء وازدواجية ولاء اليهود الفرنسيين.
موسم اعتراف التحالف بأخطائه في العراق
جميل عازر: نعيش هذه الأيام موسما يمكن تسميته بموسم الاعتراف بأخطاء جسيمة بل وشديدة الخطورة في المعلومات التي اعتمدها صانعوا السياسية في أميركا وبريطانيا ثم أستراليا ودول أخرى شاركت في الحرب على العراق وعلى الإرهاب بوجه عام فبعد اعتراف المخابرات الأسترالية بعدم دقة الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل جاء تقرير باتلر في بريطانيا ليؤكد ذلك أيضا ثم جاء تقرير لجنة الكونجرس عن هجمات 11 من سبتمبر عام 2001 ليغرس خنجرا أخر في نحر أضخم أجهزة بين الاستخبارات الغربية التي تتباهى عادة بسطوتها وطول باعها
[تقرير مسجل]
” |
سمير خضر: كانت علامات الرضا والارتياح ترتسم على مُحيّا الرئيس الأميركي وهو يتسلم تقرير لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ومن حق بوش أن يكون راضيا فالتقرير لم يضع اللوم كله عليه وعلى إدارته بل برأ نوعا ما ساحته على الأقل سياسيا من تهمة الإهمال والتقصير في حماية البلاد من خطر الإرهاب صك البراءة لم يكن صريحا بقدر ما كان تحصيل حاصل فقط تبرع غيره لتحمل قدر من المسؤولية حين أعلن جورج تنيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الـ(C.I.A) استقالته من منصبه، خلاصة التقرير كانت متوقعة قبل أشهر قليلة من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم ولم تكن لجنة التحقيق ترغب في أن تنعكس نتائج التحقيق على توجهات الناخبين فجاء التقرير ليوازن بين الطرفين وكانت بالطبع أجهزة الاستخبارات كبش الفداء إذ اتهمها التقرير بالقصور وبعدم التنسيق وأحيانا بالإهمال داعيا إلى إعادته هيكلتها على أسس جديدة وتعيين مسؤول أو منسق يشرف على نشاطاتها، أما المسؤولية السياسية فتقاسمتها إدارة كلينتون وإدارة بوش كلاهما تتحملان مسؤولية غياب الرؤيا وعدم أخذ التهديدات الواردة من القاعدة وبن لادن على محمل الجد، كثيرة هي الاتهامات كما التوصيات التي أوردتها لجنة التحقيق لكن طرفي المعادلة السياسية في واشنطن لا يريان على ما يبدوا الأمر من هذا المنظور ففي هذه السنة الانتخابية سيحاول كل معسكر استغلال التقرير لصالحه، الإدارة الجمهورية ستحاول حمل الأميركيين على الاعتقاد بأن الأخطاء التي أدت إلى هجمات نيويورك وواشنطن نجمت عن التقصير الاستخباراتي التي ورثته عن إدارة كلينتون فالتخطيط والتدريب والاستعداد لتنفيذ الهجمات تمت في عهد الإدارة الديمقراطية السابقة وهي الإدارة نفسها التي منحت من كانوا سينفذون الاعتداءات تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، لكن الإدارة الجمهورية فشلت هي أيضا في تعقب هؤلاء وفي اعتراضهم وإفشال مخططاتهم وها هو بوش يتغنى بسياسته في مكافحة الإرهاب التي جعلت في نظره أميركا أكثر أمنا داعيا الناخبين إلى تجديد الثقة به وبإدارته متناسيا أن لجنة التحقيق طعنت في أحد مبررات حربه على العراق والتي كانت وجود علاقة بين النظام العراقي السابق وتنظيم القاعدة، أما منافسه الديمقراطي جون كيري فإنه يلعب الآن على وتر التغيير الذي من شأنه أن يعزز أمن المواطن الأميركي من خلال تأكيده على قدرته وقدرة المعسكر الديمقراطي على أداء هذه المهمة بشكل أفضل وبالتعاون مع حلفاء واشنطن الذين ازدرتهم الإدارة الجمهورية بسبب الحرب على العراق التي كانت أحد عناصر حرب بوش على الإرهاب.
جميل عازر: وبهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي على أننا سنعود بعد سبعة أيام في مثل هذا الموعد لنقدم أو نفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر فتحية لكم من فريق البرنامج وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلى اللقاء.