الملف الأسبوعي

اغتيال ياسين، مصداقية الجامعة العربية، بلير في ليبيا

اغتيال الشيخ أحمد ياسين وكتائب الأقصى تتوعد بالرد المزلزل، الجامعة العربية قمة يُنتظر منها إنقاذ مصداقيتها والتغلب على خلافات أعضائها، زيارة تاريخية لليبيا يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

مقدم الحلقة:

توفيق طه

ضيوف الحلقة:

سري نسيبه: رئيس جامعة القدس المفتوحة والناشط في منظمة التحرير الفلسطينية

تاريخ الحلقة:

27/03/2004

– اغتيال الشيخ ياسين وتبعاته
– خالد مشعل.. شخصية الأسبوع
– قمة تونس ما بين الإصلاحات والخلافات
– زيارة بلير التاريخية لليبيا
– قمة أوروبية وسط تحديات هائلة
– أزمة سياسية في تايوان بسبب الانتخابات
– تداعيات شهادة ريتشارد كلارك


undefinedتوفيق طه: أهلا بكم إلى حلقة جديدة من الملف الأسبوعي أصحبكم فيها اليوم بدلا من الزميل جميل عازر في هذه الحلقة، اغتيال الشيخ أحمد ياسين وكتائب شهداء الأقصى تتوعد بالرد المزلزل، الجامعة العربية قمة يُنتظَّر منها إنقاذ مصداقية المؤسسة العتيدة والخلافات مازالت بارزة وزيارة تاريخية لليبيا يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني والقذافي يبدأ مرحلة جديدة في الحكم، لم يكن أحد ليتصور أن يقدم أرييل شارون على اغتيال الشيخ أحمد ياسين فهو عمل له تبعاته الفلسطينية والعربية والدولية وبالفعل فقد كانت الولايات المتحدة منفردة في رفضها إجازة المشروع العربي لإدانة إسرائيل والذي تقدمت به الجزائر لكن المنظمات الدولية من الجامعة العربية إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وحتى الاتحاد الأوروبي اشتركت في توبيخ إسرائيل على فعلتها أما حماس فقد سارعت إلى تقديم قيادتها الجديدة وهي تأمل أن يشعل اغتيال الشيخ أحمد ياسين نيران انتفاضة جديدة قد تقلب خطط أعداء حماس من الإسرائيليين أو حتى من ذوي القربة.

اغتيال الشيخ ياسين وتبعاته

[تقرير مسجل]


undefinedحسن إبراهيم: اغتيال زعيم حركة حماس الشيخ أحمد ياسين خط أحمر فالغضب الفلسطيني والإسلامي عارم وقد تشهد الأيام القادمة عملية انتقام توعد بها قادة حماس فلماذا فعلها شارون؟ لماذا يعرض أمن المواطن الإسرائيلي لخطر داهم؟ لا شك أنها معاني وتابعات لم تكن غائبة عن حسابات إسرائيل وهو ما يقود إلى مجموعة تساؤلات؛ هل توسيع نطاق المواجهة بهذه الطريقة خيار استراتيجي إسرائيلي أم أن هذه تكتيكات رئيس وزراء إسرائيلي أثقل كاهله فشله في سحق الانتفاضة كما وعد إبان حملته الانتخابية والفضائح المالية والسياسية والوعد الذي قطعه بالانسحاب من قطاع غزة وأثار به حفيظة بعض من وزراء حكومته الليكوديين المتطرفين؟

فهل يُصَوِغ شارون تصعيده لوتيرة عملياته ضد قطاع غزة تطييبا لخاطر معارضيه لإن لا يُفسَّر انسحابه كانسحاب باراك من الجنوب اللبناني تحت وطأة عمليات حزب الله؟ فهل دفع الشيخ أحمد ياسين وهو مُقعَّد طول حياته ثمنا للحفاظ على هيبة الجيش الإسرائيلي؟

من الواضح أن شارون يريد خلق بلبلة في صفوف حماس وخلافا بين قياداتها قد يؤديان إلى إضعافها خاصة عندما ينسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وهو يراهن على قاعدة أن حسابات مقاتلي الداخل تختلف باستمرار مع حسابات سياسي المهجر وبالطبع كان الصوت الأعلى في حماس هو للشيخ أحمد ياسين وبغيابه قد لا تكون هناك مرجعية تفصل في الخلافات التي عادة ما تقع بين مختلف الأجنحة في الحركة وربما يراهن شارون على الفراغ السياسي والأمني الذي سيحدث في قطاع غزة عندما ينفذ انسحابه الانفرادي أي بغير تنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية ويأمل شارون أن يؤدي ذلك الفراغ إلى صراع على حكم القطاع قد يتطور إلى حرب فلسطينية – فلسطينية تجهض حركة النضال الفلسطيني برمته.


يبدو أن شارون من خلال مقتل الشيخ ياسين يراهن على خلق بلبلة في صفوف حماس وإشعال الخلاف بين قيادات الداخل والخارج وبالتالي إضعافها خاصة في ظل الاستعدادات الإسرائيلية للانسحاب من قطاع غزة

خطاب حماس السياسي كان متماسكا رغم هول الصدمة فقد أجمعت قيادة الحركة على اختيار الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائدا لحركة حماس في قطاع غزة أما القائد العام للحركة فهو خالد مشعل الرئيس الحالي للمكتب السياسي للحركة ورغم صيحات الغضب والانتقام التي تصاعدت من الجماهير الفلسطينية وغير الفلسطينية والتنادي بتوسيع دائر الانتقام ودعوة البعض للاقتصاص من واشنطن لدعمها غير المشروط لإسرائيل ورفض الحكومة الأميركية التنديد بالفعلة الإسرائيلية وهي دعوات اعتبرها الرئيس الأميركي تهديدا سيُأخَّذ على محمل الجد، رغم كل ذلك فقد تذكر قادة حماس أنهم يسعون إلى أن يكونوا أكثر من مجرد حركة تحرير تمطيها التنظيمات السياسة للوصول إلى مقاعد السلطة بعد انقشاع غبار المعركة فتراكم تجربة حماس منذ إنشائها عام 1987 من القرن المنصرم ربما اكسبها قدرا من الواقعية فقد أكد قادة حماس في الخارج أنهم لا يسعون إلى ضرب أهداف أميركية وأن عدوهم الأول والأخير هي إسرائيل ولا شك أن استعداء واشنطن بتهديدات مفتوحة الاحتمالات قد تُعرِض الحركة إلى ضغوط أميركية وعربية ربما تكون فوق طاقتها.

توفيق طه: ومعنا من القدس رئيس جامعة القدس المفتوحة والناشط في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور سري نسيبه، دكتور سري يعني يمكن فهم الصيحات صيحات الغضب الداعية إلى الرد بقوة على اغتيال الشيخ أحمد ياسين لكن كيف يمكن فهم الدعوات إلى التحول إلى شكل من أشكال الانتفاضة السلمية.

سري نسيبه: يعني هنالك من جهة الغضب الذي يجتاح الشارع الفلسطيني وهو غضب عارم على استشهاد الشيخ أحمد ياسين رئيس حركة المقاومة الإسلامية وهنالك أيضا بوضوح غضب على كون هذا الإجراء إنما يأتي في مسلسل عدواني يصل إلى كافة أبناء الشعب الفلسطيني هذا من جانب، من جانب آخر هنالك حاجة حقيقة للتفكير بكيفية الرد على هذه العمليات العدوانية لأن التعبير عن الغضب بحد ذاته أو الانتقام بحد ذاته لا يعتبر عملا سياسيا، قد يكون هنالك حاجة للردع مثلا ويجب التفكير بالردع ما هي أهداف هذا الردع؟ ما هي مضاعفات هذا الردع؟ فنحن ما نقول هو أنه يجب أن يكون هنالك تفكير جيد لأننا أمام إنسان وهو شارون لديه القوة ولديه القدرة على التخطيط وهو يخطط وينفذ عدوانا بشعا في الشعب الفلسطيني، الانتفاضة السلمية هي حقيقة دعوة إلى أن يكون هنالك مشاركة جماهيرية مستمرة في المقاومة هادفة إلى إنهاء الاحتلال، هذا هو المشروع وهنالك حاجة لبرمجة هذه الانتفاضة جدولتها زمنيا تحديد أهدافها مرحلية ونهائيا.

توفيق طه: كيف يمكن تنفيذ ذلك؟

سري نسيبه: هنالك حقيقة مجموعة من الأمور لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أننا في أغلب الأحيان عندما يكون الشعب الفلسطيني جزءا من هذا الحدث الذي.. الدموي الذي يجري على الأرض يكون الشارع الفلسطيني في حالة حقيقة دفاع عن نفسه أمام اجتياح الجيش الإسرائيلي والسؤال هو هل هناك إمكانية لتحويل هذا الانخراط الشعبي الجماهيري الفلسطيني بحيث لا يكون دفاعا فقط عن النفس وإنما هجوما سلميا من خلال أساليب ممكن أن يشارك بها الجميع إن كان طفلا أو شيخا وذلك بهدف واضح وهو إنهاء الاحتلال؟ يجب أن يكون الخطاب سليم يجب أن يكون هنالك محاولة تجنيد لدعم الرأي العام الدولي وحتى من الإسرائيلي ويجب أن يكون هنالك برمجة حقيقة لهذا الهجوم السلمي نحن لا نقول بالطبع..

توفيق طه [مقاطعاً]: نعم، دكتور يعني هل يمكن أن نفسر ذلك على أنه اعتراف بالهزيمة أمام آلة شارون العسكرية أم اعتراف بأن عسكرة الانتفاضة أصلا كانت خطأ؟

سري نسيبه [متابعاً]: لا حقيقة نحن لا يجب أن يُنظَّر إلى الموضوع وكأنه نحن المبادرون إلى هذا أو ذاك، نحن الشعب الفلسطيني في حالة الدفاع عن النفس هنالك حقيقة عدوان بدأ منذ ثلاثة أعوام على الشعب الفلسطيني هدف العدوان تجسيد مخطط أمني شاروني يميني يكون من خلاله بالإمكان لإسرائيل الابتلاع ابتلاع الأرض وتجسيد مخطط أمني وهيمنة كاملة على الأراضي والشعب الفلسطيني أمام هذا كان هنالك حالة دفاع، ما نقوله نحن الآن هو يجب أن نعيد التفكير في كيفية التعامل مع هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم وهذه العمليات التي لا يقوم بعملها إلا العصابات، على سبيل المثال الاغتيال الحكومة الوحيدة في العالم التي أقرت اغتيال الشخصيات أو القيادات هي الحكومة الإسرائيلية فنحن أمام حقيقة مشروع صعب جدا وعلينا أن نفكر مليا وجيدا في كيفية تحويل الحالة التي نحن فيها من حالة الدفاع الذي نلجأ من خلاله إلى العسكرة في أماكن مختلفة إلى حالة هجومية يمكن أن نجند معنا كافة العناصر التي يمكن تجنيدها إلى جانبنا إن كان إسرائيليا أو دوليا.

توفيق طه: نعم دكتور يعني الآن إسرائيل نجحت في يعني فرض صورة جديدة للصراع على أنه موجهة بين قوتين عسكريتين في فلسطين من المسؤول عن نجاحها في هذا المخطط؟ هل هي الفصائل الفلسطينية أم السلطة التي وقعت في فخ الاعتراف يعني الاعتراف بمثل هذه المواجهة من خلال الدعوة إلى اتفاقيات وقف إطلاق النار؟

سري نسيبه: للأسف حقيقة الأمر الذي كان وراء إنجاح الصورة الإعلامية التي ظهرت على المستوى الدولي لم يكن إلا إسرائيل وعدم قدرتنا نحن من جانبنا إظهار الوضع على حقيقته فبينت إسرائيل الوضع وكأنه مواجهة عسكرية بين جيشين نظاميين وبالتالي أعطت لنفسها العذر لأن تجتاح المدن والقرى لأن تقلت النساء والأطفال وكان اليوم لدينا مثال حي على ذلك فإسرائيل استعملت قدراتها الإعلامية واتصالاتها العالمية من أجل إعطاء الانطباع وكأن هنالك مواجهة بين جيشين نظاميين وحقيقة الأمر هو أننا كشعب لا يوجد لدينا مثل هذا الجيش نحن شعب بالأغلب جيش شعب غير مسلح وإن امتلك بعضنا السلاح أو البعض من الفصائل السلاح فهي حقيقة الأمر أسلحة قليلة جدا إذا ما قورنت بما تمتلكه إسرائيل من هنا يجب أن ندرس هذه المعادلة جيدا ونسترشد دائما باعتقادي بما أصلا نحن نهدف إلى تحقيقه لأن ما نهدف إلى تحقيقه في نهاية المطاف هو تجنيد الرأي العام من ورائنا إلى تحقيق الحرية والاستقلال إنهاء الاحتلال كافة ويجب أن بالتالي أن نحذر للمخططات الإسرائيلية ونحن نعرف أنهم أي إسرائيل استعملوا هذه المخططات أكثر من مرة هم يستفزون الشعب الفلسطيني يستفزوننا للقيام بأعمال يستعملونها فيما بعد لتبرير مذابحهم ضد أبناء شعبنا.

توفيق طه: نعم، دكتور يعني أفهم منك دعوة إلى ما يمكن أن يسمى عصيانا مدنيا لكن ما مدى قوة التيار الذي يدعو إلى يعني مثل هذه الاستراتيجية في الشارع الفلسطيني؟

سري نسيبه: حقيقة الشارع الفلسطيني هو شارع غاضب وشارع هو عاطفي ككافة الشوارع في العالم العربي وليس فقط الذين لم يوقعوا على هذا البيان وإنما الذين وقعوا على هذا البيان أيضا يجب أن نذكر أنهم جميعا مناضلين فلسطينيين يعتريهم الغضب مثل ما يعتري الغضب كافة أبناء الشعب الفلسطيني لكن وأنا أتكلم عن نفسي على سبيل المثال هنالك حاجة وجدت في أن أشارك في هذا البيان لأنه إلى جانب الغضب يجب أن نمارس بعض التفكير وخاصة تعرية الموقف الشاروني من أجل عدم الانجرار أو الوقع في الفخوخ التي ينصبها لنا، إذا ما سألتني هل الشارع الفلسطيني يؤيد مثل هذه الأفكار؟ أنا باعتقادي لو كان يؤيدها لما كانت هنالك حاجة لنا لأن نتكلم ولكن واجبنا أن نتكلم كي نحاول أن نؤثر على أصدقائنا وزملائنا ولأن نؤثر على الرأي العام لكي لا يقع في فخ ينصبه لنا شارون.

خالد مشعل.. شخصية الأسبوع

توفيق طه: دكتور سري نسيبه رئيس جامعة القدس المفتوحة والناشط في منظمة التحرير الفلسطينية من القدس شكرا لك، لم تتأخر حركة المقاومة الإسلامية حماس في إعلان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة زعيما جديدا للحركة بينما خلف الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الشيخ أحمد ياسين في زعامة الحركة بقطاع غزة وخالد مشعل الذي هو شخصية هذا الأسبوع يحمل هما ثقيلا ويعاني من تبعات وجوده خارج فلسطين ذلك أن حسابات السياسة في الخارج قد تكون أكثر تعقيدا من مواجهات الميدان في الداخل.

[تقرير مسجل]

undefined

جيان اليعقوبي: لم يكن مستغربا أن يصبح خالد مشعل صوتا لحماس في الخارج فأغلب حركات التحرير الوطني عرفت هذا التنسيق بين الداخل والخارج ولكن حماس باختيارها مشعل قائدا عاما الآن ربما ترى أنه قد حان الوقت لتقوية القيادة الخارجية لعملياتها، ولد خالد في قرية سلواد بقضاء رام الله عام 1956 وفي عام 1967 رحلت العائلة إلى الكويت طلبا للرزق شأنها شأن آلاف الأسر الفلسطينية وهناك استأنف دراسته بينما عمل الأب إماما لأحد المساجد حتى تخرج خالد بشهادة في الفيزياء من جامعة الكويت وكان مشعل قد انضوى عام 1971 في تنظيم الإخوان المسلمين ورأس في الجامعة كتلة الحق الإسلامي ثم عمل بعد التخرج في مجال التدريس.

في هذه الأثناء كانت حركة حماس تتشكل في غزة وخالد يواكب خطواتها حتى جاء غزو الكويت عام 1990 وأضطر مشعل مثل كثيرين من الفلسطينيين إلى مغادرة الكويت إلى الأردن وفي عمان تولى مسؤولية مكتب حماس وكذلك مسؤولية جمع التبرعات الخارجية ونقلها إلى مشروعات خيرية تديرها حماس في غزة كما عمل بنشاط على توسيع دائرة علاقات حماس لتشمل سوريا وإيران، بعد قيامه بزيارة إلى بيروت عام 1997 واشتراكه في مهرجان لحزب الله.

تعرض مشعل في عمان إلى محاولة اغتيال خطط لها الموساد وفشل في إتمامها وكانت عناصر من الموساد قد تسللت إلى الأردن ونجحت في تكبيل مشعل وتقطير مادة زئبقية سامة في أذنيه ولكن هذه العملية أثارت غضب العاهل الأردني الراحل ودفعته إلى إجبار الإسرائيليين على إنقاذ حياة مشعل بجلب الترياق المضاد لذلك السم من إسرائيل وأتم الصفقة بإطلاق سراح الشيخ الراحل أحمد ياسين من سجون إسرائيل ولكن الضربة التي لم تقتل مشعل قوته وحولته رمزا من رموز الحركة حتى ضاق صدر السلطات الأردنية بنشاطاته فأُبعِد إلى قطر عام 1999 وبقي فيها نحو عامين ثم عاد إلى سوريا ليتولى مسؤولية مكتب حماس في دمشق وبين بيروت ودمشق والدوحة وطهران يتنقل مشعل محرضا تارة ومُنظِرا أخرى ومنسقا أو مناورا حسب ما يسمح به الحال العربي وإن كان المراقبون يرون أن اختياره قائدا عاما يمثل تحولا في سياسة الحركة إذ أن اختيار قائد عام يعيش خارج الأراضي المحتلة سيعطي حماس حرية أكبر في الاتصال بالحكومات والأحزاب وقد يزيد هامش المناورة أمامها.

قمة تونس ما بين الإصلاحات والخلافات

توفيق طه: وإلى تونس حيث تُعقَّد الجامعة.. القمة الاعتيادية لجماعة الدول العربية والقمة العربية توافق هذه المرة مرور عام على احتلال العراق واغتيال الشيخ أحمد ياسين كما تشهد مبادرة الولايات المتحدة التي تحاول ترسيخ مفهوم الشرق الأوسط الكبير وتفككا عربيا وعزوفا عن تثمين دور الجامعة العربية أضف إلى ذلك الحالة الليبية وتخلي ليبيا عن برامج تسلحها الاستراتيجية بل وعيبها على دول عربية أخرى امتلاك هذه البرامج كأنها لم تكن شريكة لها منذ وقت ليس بالبعيد فهل يتمكن العرب من الاتفاق على حد أدنى من التنسيق؟

[تقرير مسجل]

مكي هلال: بعد تردد لم يدم طويلا احتضنت تونس القمة العربية وقد بادر وزراء الخارجية بالاجتماع مدة يومين تمهيدا لإقرار جدول أعمال القمة وبيانها الختامي وبعيدا عن الإنشائيات المألوفة في مثل هذا التجمع العربي يظل الخلاف أو حالة اللا توافق غير المعلن أمرا باديا رغم ما يبديه وزراء الخارجية من تفاؤل وحرص الأمين العام على اعتبار قمة تونس موعدا حاسما لتناول مواضيع خلافية كثيرة ليس أولها مشروع إصلاح المنطقة والجامعة العربية وليس أخرها الملفين الفلسطيني والعراقي.


الشارع العربي بات لا يعول على الجامعة العربية التي يرى في انعقادها على مستوى القمة لا يعدو سوى مجرد تجمع لموظفين يكتفون دوما بالحد الأدنى وبإصدار بيان ختامي قد لا يختلف من قمة إلى أخرى

ويرى المراقبون هنا في تونس أن أغلب هذه الملفات والقضايا قد تُرحَّل إلى قمة الجزائر القادمة خصوصا إذا لم يكن مستوى تمثيل الرؤساء والقادة بالشكل الذي يحفظ للجامعة العربية ومؤسسة القمة ما تبقى لها من رصيد متواضع وهي التي باتت تعتبر تأمين دورية انعقاد القمة كل عام مكسبا في حد ذاته والحال أن فيض القرارات والبيانات التي صدرت من قبل ولم تجد طريقها للتطبيق والتفعيل لم يعد أمرا خافيا لدى الشارع العربي الذي بات يرى في انعقاد القمة مجرد تجمع لموظفين يكتفون دوما بالحد الأدنى وبإصدار بيان ختامي قد لا يختلف أو لا تختلف لغته ومفرداته كثيرا من قمة إلى أخرى وإن راج الحديث هذه المرة عن خلافات حادة ونقاشات مطولة خلال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري في جلسته المسائية خصوصا فيما يتصل بمشروع إصلاح الشرق الأوسط والملف الفلسطيني وتفعيل مبادرة السلام العربية التي أُنشِئت لها لجان مشتركة لإصدار موقف يُرفَّع إلى الزعماء خلال انعقاد القمة.

ويخشى المراقبون هنا من فشل هذه اللجان في التوصل إلى قواسم عملية ومشتركة فيما يتعلق بأكثر الملفات والاستحقاقات إلحاحا وهي مواضيع شائكة قد لا يكفي ما خُصِص لها من وقت منذ اجتماع وزراء الخارجية بالقاهرة الشهر الماضي للتوصل إلى رؤية موحدة بشأنها خاصة فيما يتعلق بموضوع الإصلاح الديمقراطي في المنطقة وما بين قمة تونس سنة 1979 وما أثارته من تغير في مسار الجامعة العربية ومقرها وموقفها من مصر تعود القمة إلى تونس في ظرف تاريخي لا يقل دقة وحرجا بالنسبة لجامعة الدول العربية سواء اعتبرناها مرآة تعكس منظومة التفاعلات العربية أو فاعلا وإن هامشيا من فواعل النظام الإقليمي العربي يتأثر بما يحيط به من متغيرات سريعة في المنطقة والعالم بأسره ورغم جدية ما تسرب عن التوصيات التي سيقدمها الأمين العام عمرو موسي إلى قمة تونس ودعوته القادة العرب الالتزام بإنشاء مجلس أمن عربي وبرلمان ومحكمة عدل وتعزيز العمل العربي الاقتصادي المشترك وتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي وإنشاء مصرف عربي فإن تنفيذ مثل هذه التوصيات إن قُبِلت كلها سيظل مكبلا بانعدام آليات التنفيذ والمتابعة ما لم يتغير ميثاق الجامعة وما لم تطلها هي نفسها نسائم الإصلاح التي بدأت تهب من كل حدب وصوب، بين اللهاث الإعلامي وراء معلومات وتصريحات رسمية متفائلة تظل الملفات العالقة في انتظار الحسم النهائي لدى اجتماع الزعماء في قمة تونس، مكي هلال لبرنامج الملف الأسبوعي من مقر الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر القمة العربي تونس.

توفيق طه: من قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل هل كان لا يعلم أم تراه كان يعلم ولكنه تجاهل الإنذارات؟ في كلا الحالتين بوش في أزمة.

[فاصل إعلاني]

زيارة بلير التاريخية لليبيا

توفيق طه: أهلا بكم من جديد، في ليبيا التي زارها كصديق حميم توني بلير وهو رئيس الوزراء البريطاني تمت تسوية كل القضايا العالقة بين البلدين فتخلي ليبيا عن برنامجها النووي يشب ما قبله فلا مصير الشرطية إيفون فليتشر ولا ضحايا لوكيربي ولا المعارضون الليبيون الذين اغتيلوا في بريطانيا في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات بل تناست ليبيا أيضا محاولة جهاز المخابرات الخارجية البريطاني اغتيال العقيد القذافي فالصوت الآن للمصالح وليبيا تريد أن تفتح صفحة جديدة مع الغرب ولو أدارت ظهرها لما كانت تبشر به منذ مجيء العقيد القذافي إلى السلطة في الفاتح من سبتمبر أيلول من عام 1969.

[تقرير مسجل]

عزيز المرنيسي: قد تكون العلاقات السياسية في منطقة الشرق الأوسط دائمة التغيير لكن ما فاجأ العديد من المراقبين هو الاستقبال الحار الذي حظي به رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أثناء زيارته لطرابلس وهي الأولى لمسؤول بريطاني منذ عام 1943.


زيارة بلير تهدف إلى طمأنة الزعيم الليبي بأن لندن وواشنطن ليست لديهما نوايا خفية تجاهه وبالتالي تشجيع طرابلس على مواصلة السير في نهجها الجديد

زيارة بلير لليبيا غير عادية بكل المقاييس إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تاريخ العلاقات بين البلدين، الطائرات الحربية الأميركية التي قصفت ليبيا في غارة قالت طرابلس إنها أسفرت عن مقتل ابنة القذافي بالتبني انطلقت من قواعد بريطانية وفي المقابل كانت ليبيا على مدى ثلاثة عقود موضع اتهام من قِبَّل بريطانيا بسبب ما كانت تراه لندن دعما ليبيا لمنظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي بالإضافة إلى اتهامات أخرى تتعلق بإطلاق دبلوماسي ليبي النار على الشرطية إيفون فليتشر في لندن عام 1984 ثم جاءت إدانة محكمة اسكتلندية لمواطنين ليبيين بتفجير طائرة تابعة لشركة بان أم فوق بلدة لوكيربي الإسكتلندية عام 1988 ويأتي التقارب الليبي البريطاني تتويجا لسلسلة من التنازلات التي قدمتها ليبيا من ضمنها موافقتها على التخلي عن برنامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل وتسويتها لقضية لوكيربي عن طريق دفع تعويضات لضحايا الحادث واستعدادها للتعاون من أجل مكافحة ما يسمى بالإرهاب.

في المقابل يرى مراقبون أن زيارة بلير تهدف إلى طمأنة الزعيم الليبي أن لندن وواشنطن ليست لديهما نوايا خفية تجاهه وبالتالي تشجيع طرابلس على مواصلة السير في نهجها الحالي وهي أيضا مناسبة لتوجيه رسالة إلى دول أخرى توصف بالمارقة أن تحذو حذو ليبيا، المؤتمر الصحفي الذي عقده بلير في طرابلس وصف القرارات التي أتخذها الليبيون بالشجاعة وشدد على أهمية التقدم الذي تم إحرازه على مستوى العلاقات بين البلدين وشكلت المناسبة برأي الكثيرين إنجازا سياسيا هاما للدبلوماسية البريطانية لكن هناك مؤشرات تدل على أن عودة طرابلس إلى المجتمع الدولي تأتي في سياق عاملين أساسيين؛ الأول يتمثل في الغموض الذي يكتنف الساحة السياسية في ليبيا وبالرغم من عدم وجود ما يثبت ذلك على أرض الواقع فإن هناك أقوالا يرددها مراقبون للشأن الليبي عن الحالة الصحية لزعيم الثورة الليبية وهناك أقاويل عن خطط لتولي أحد أقاربه السلطة في حال وفاته خلال فترة انتقالية يتم بعدها إفساح المجال أمام واحد من أبنائه، أما العامل الثاني فهو القلق المتزايد الذي تبديه صناعة النفط بشأن النقص في حجم وتوفر الاحتياطات العالمية من النفط الخام وأي تقارب سياسي مع طرابلس سيفتح المجال للوصول إلى الثروات النفطية التي تزخر بها ليبيا من أجل تلبية الاحتياجات العالمية من الذهب الأسود.

قمة أوروبية وسط تحديات هائلة

توفيق طه: أوروبا مفترق طرق هذا ما لا يختلف عليه اثنان فالتحول من دول ليبرالية ديمقراطية إلى دول شبه بوليسية بسبب كثرة القوانين المقيدة للحريات لم يكن خيارا أوروبيا وإنما فُرِض عليها بسبب تصاعد ظاهرة الإرهاب وما جرته على أوروبا من وبال ومع توسيع نطاق الاتحاد الأوروبي ليشمل دولا كانت حتى عقد من الزمان جزءا من المنظومة السوفيتية أضحت الضغوط مضاعفة على عاتق الاتحاد الأوروبي فدول المقدمة في الاتحاد أي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تريد أن تلحق بركب اليابان والولايات المتحدة أو تتفوق عليهما بحلول عام 2010 وهو هدف يبدو صعب المنال مع تفاقم المشاكل الأوروبية من الإرهاب وحتى الأزمات مع الجالية الإسلامية في أوروبا.

[تقرير مسجل]

حسن إبراهيم: قمة الاتحاد الأوروبي توافقت مع مناسبتين محوريتين الأولى هي مرور عام على احتلال العراق وما تبعه من تغيير كبير في العلاقات الدولية فأوروبا التي تشارك الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي وجدت نفسها تنقسم حول أسلوب التعامل مع المعضلة العراقية.

أما الثانية التي قد تكون مترتبة على الأولى فهي هجمات مدريد التي راح ضحيتها ما يقارب المائتي شخص وأسهمت في الإطاحة بالحزب الشعبي الحاكم ورئيس الوزراء خوسيه ماريا أزنار وواضح من غضب الجماهير الأسبانية أنها ربطت بين تورط بلادهم في الحرب على العراق والحادث الإرهابي الذي تعرضوا له والهاجس واحد هو محاربة الإرهاب ولهذا لم تكن هناك خلافات تذكر حول كيفية التصدي لمشكلة الإرهاب.


استحدث الاتحاد الأوروبي منصب منسق مكافحة الإرهاب لمراقبة وتنسيق التعاون بين أوروبا والبلاد الأخرى في مجال الإرهاب بعد أحداث مدريد

الجديد هو استحداث مبدأ المشاركة الجماعية لمواجهة العمليات الإرهابية من جميع الدول وإلا فستُحجَّب المساعدات الضخمة التي يقدمها الاتحاد لكثير من دول العالم ثالثية ولمركزية موضوع الإرهاب تم استحداث منصب منسق مكافحة الإرهاب لمراقبة وتنسيق التعاون بين أوروبا والبلاد الأخرى لكن هناك هواجس كثيرة تشغل صانعي القرار الأوروبي فالاتحاد الذي تتوسع عضويته عاما بعد عام مثقل بمسؤوليات كبيرة فدول من قبيل بولندا والتشيك ودول البلطيق تحتاج إلى إصلاحات هيكلية واستثمارات ضخمة لكي تستطيع اللحاق بالركب الأوروبي ومن ناحية أخرى هناك هاجس التنافس مع الولايات المتحدة الأميركية واليابان ودول المقدمة في القارة مثل فرنسا وألمانيا تأمل في اللحاق بهما أو تجاوزهما مع حلول عام 2010 لكن الإرهاب لا شك يتقدم جميع الأولويات ولعل تشخيص الظاهرة أوروبيا لا يمكن إلا أن يتقاطع مع مشكلة تدفق اللاجئين والمهاجرين من بلاد العالم الإسلامي فالإسلام هو ثاني الديانات في أوروبا من حيث عدد الاتباع وفي بلد مثل فرنسا على سبيل المثال تمكن المسلمون من تشكيل كتل انتخابية يعتد بها إلا أنهم يعيشون في أغلب الأحيان على هامش المجتمع ويعانون من التفرقة العنصرية خاصة بعد تصاعد نفوذ اليمين الأوروبي، كثير من الأوروبيين يربطون بين الحرب على العراق وتصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية في العراق وخارجه وهم مع محاولاتهم سن قوانين صارمة ضد من يرتكبون الإرهاب يحاولون ربط الظاهرة بظروف موضوعية قد تسهم في تراجعها أو تصاعدها.

أزمة سياسية في تايوان بسبب الانتخابات

توفيق طه: في تايوان لم يكن أحد يتوقع فوز رئيس الجمهورية تشين شوي بيان شان بفترة رئاسية ثانية الفترة لولا الرصاصة التي أصابته في بطنه فقد أدى التعاطف الجماهيري إلى تآكل الهوة بين الرئيس والائتلاف الوطني المعارض وبالتالي فاز الجناح المتشدد حيال بكين بدلا من الحزب الوطني المعارض بزعامة ليين تشان الذي يروج لأسلوب أكثر تصالحا مع الوطن الأم ويُثلِج فوز تشين شوي صدر الولايات المتحدة التي تريد على ما يبدو اختبار قدرة الصين على تحمل أسوأ الفروض بالنسبة إلى بكين ألا وهو استقلال تايوان.

[تقرير مسجل ]


الرصاصة التي أُطلِقت على الرئيس التايواني قلبت ميزان التصويت نسبيا لصالحه في انتخابات الرئاسة حيث ازداد التعاطف الشعبي معه

أسامة راضي: الرصاصة التي أُطلِقت على الرئيس التايواني تشين شوي بيان عشية الانتخابات الرئاسية تعتبر المعارضة أنها أصابتها هي في مقتل بعد أن قلبت ميزان التصويت نسبيا لصالح الرئيس فالحزب الوطني المعارض ومرشحه ليين تشان يعتبرون أن الحادث أدى إلى تعاطف في جانب كبير من الناخبين مع الرئيس الذي تعرض لاعتداء من مهاجم غامض في وقت كان الفارق بين مؤيدي المرشحين يقدر بمئات الآلاف من الأصوات لصالح مرشح المعارضة وفقا لاستطلاعات الرأي، الحزب الوطني المعارض الذي يستعين بمئات الآلاف من أنصاره في استعراضه لقوته يتهم الرئيس بتزوير نتائج الانتخابات ويشكك في كون الحادث مسرحيا ولا يزال يطالب بإلغاء نتائج تلك الانتخابات وإعادتها وقد يطالب المعارضون المحكمة العليا في بلادهم مرة أخرى بنظر القضية التي كانت رفضتها المحكمة نظرا لرفع الدعوى قبل الإعلان رسميا عن فوز الرئيس، الحزب الوطني والائتلاف المعارض وأنصاره الذين حطموا مبنى اللجنة المركزية للانتخابات قبل إعلانها فوز بيان يبدون عازمين على التصعيد ومواصلة الاحتجاجات اليومية فهم يرفضون إعادة فرز الأصوات ويفضلون إعادة إجراء الانتخابات ويطالبون بتحقيق مفتوح في حادث إطلاق النار على الرئيس مما قد يطيل عمر أسوأ أزمة سياسية تشهدها جزيرة تايوان منذ سنوات وهي أزمة قد تأتي على هوى قوة إقليمية كالصين مثلا إن لم تكن تلك القوة ضالعة في بعض فصولها كما يفترض بعض المراقبين خاصة مع تباين مواقف المرشحين من التعامل معها فالرئيس المعاد ترشيحه ينتهج سياسة متشددة تجاه ترسيخ الاستقلال عن الصين بينما يؤيد خصمه انتهاج سياسات تصالحية تجاه بكين والاحتفاظ بعلاقات خاصة مع الوطن الأم أما بكين التي تتقارب مع واشنطن حاليا فتبدو متحفزة للتدخل كما أعلنت إذا ما خرجت الأوضاع في الجزيرة عن السيطرة كما أنها وجهت اللوم لواشنطن التي هنأت الرئيس بفوزه في الانتخابات وهو الرئيس الذي لا يروق إعادة انتخابه للصين التي تعتبر الجزيرة جزءا لا يتجزأ من أراضيها وكثيرا ما هددت باجتياحها لإعادتها إلى سيادة الوطن الأم، أزمة الانتخابات الرئاسية كان أول ضحاياها أسواق المال في تايوان التي تتمتع بواحد من أقوى اقتصاديات آسيا ويُصنَّف الرابع عشر عالميا لكن هذا القطاع يبدو أنه لن يكون الضحية الأخيرة للأزمة التي تبدو نهايتها مفتوحة على احتمالات عدة.

تداعيات شهادة ريتشارد كلارك


undefinedتوفيق طه: ورطة الرئيس الأميركي مضاعفة فمن الواضح أنه بالإضافة إلى سوء أداء الجيش الأميركي في العراق وكثرة من قتل من جنوده فإن أفغانستان التي سوقتها الإدارة الأميركية دليلا على نجاحها في الحرب على الإرهاب ليست أقل سوءاً وهاهي الحقائق يكشفها كتاب ريتشارد كلارك المنسق السابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي وهي توضح أن بوش وطاقمه الرئاسي كانوا مشغولين بالتخطيط لحرب على العراق حتى قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأن أحداث سبتمبر كان يمكن تفاديها لو كان الرئيس أكثر اهتماما بمكافحة تنظيم القاعدة وهذه تهم لو صدقت فسوف تُكلِف بوش واليمين الرئاسة وربما الأغلبية النيابية لفترة طويلة للغاية.

[تقرير مسجل]

محمد العلمي: ظهور ريتشارد كلارك أمام اللجنة الرئاسية التي تسعى للإجابة عن الأسئلة التي خلفها يوم الثلاثاء المشهود أخرج أعضاء اللجنة عن حيادهم الحزبي كما أخرج مضمون الإفادات عن الرتابة وتبادل التهم، شهادة كلارك كانت وفية للتوقعات الدرامية التي سبقتها إذ أعادت التأكيد على اتهامات حكومة بوش بالهوس بإسقاط نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على حساب تدمير القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، كلارك لم يكتف بذلك بل أعرب عن اعتقاده بأن الحرب في العراق قوضت بشكل كبير الحرب على الإرهاب، الجمهوريون في اللجنة وخارجها صبوا جم غضبهم على كلارك بنفس القدر الذي تبنى به الديمقراطيون اتهاماته لتوفيرها إياهم ذخيرة لا تقدر بثمن لضرب خصومهم في قضيتي الإرهاب والعراق مصدر شعبية الجمهوريين وأقوى أوراقهم للبقاء في البيت الأبيض أربع سنوات إضافية، البيت الأبيض الذي كان مشغولا بمهاجمة السيناتور كيري والتشكيك في قدراته في مجال الأمن القومي استشعر الخطر الداهم من كتاب كلارك وشهادته العلنية فنظم حملة دفاع مضاد على قدر كبير من الدقة والشراسة للنيل من مصداقية كلارك وأهدافه الحقيقية التي تأرجحت حسب البيت الأبيض بين الرغبة في الترويج لكتابه وبين مساعدته حملة الديمقراطيين وفي خروج عن تقليد إعلامي متبع في واشنطن منذ مدة طويلة واصل هجوم البيت الأبيض إلى حد تجنيد محطة فوكس الإخبارية التي كشفت أن كلارك كان هو المسؤول المجهول الذي قدم إفادة أشاد فيها بجهود الرئيس بوش في مجال مكافحة الإرهاب لإبراز التناقض مع إدانته الصارخة اليوم لجمهوريي البيت الأبيض، كلارك الذي عمل في الظل منذ عهد الرئيس رونالد ريغان في مجال مكافحة الإرهاب حافظ على اتزانه وسط الأضواء ووسط الهجوم المركز وكسب إلى حد ما معركة العلاقات العامة خاصة بعد اعتذاره الشخصي لأسر الضحايا عما وصفه بخذلان الحكومة الأميركية لهم بإخفاقها المريع في حماية أرواحهم داخل بلدهم، واشنطن التي تعشق الفضائح تلقفت اتهامات كلارك لإضفاء حيوية الجدل على انتخابات دخلت مرحلة الرتابة ومن المفارقات أن هجوم الجمهوريين على كلارك لم يرفع من مبيعات كتابه فحسب بل جعل تسعة من كل عشرة أميركيين على علم باتهاماته الخطيرة، محمد العلمي، الجزيرة لبرنامج الملف الأسبوعي واشنطن.

توفيق طه: بهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي ونذكر حضراتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية الإنترنت أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر، تحية لكم من فريق البرنامج وهذا توفيق طه يستودعكم الله إلى اللقاء.