لقاء اليوم

الباحث البريطاني هيدجز يروي تفاصيل معاناته في سجون الإمارات

روى الباحث البريطاني ماثيو هيدجز تفاصيل معاناته في سجون الإمارات لستة أشهر، وكشف حقيقة الدولة البوليسية في الإمارات، والانتهاكات التي تمارسها للسيطرة على دول الجوار. تاريخ البث: 2019/1/18

تحدث الباحث الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز بمرارة عن تجربته بالاعتقال لستة أشهر في سجون الإمارات، لمجرد بحث أكاديمي كان يعده لينال درجة الدكتوارة.

وقال هيدجز خلال لقاء مع برنامج "لقاء اليوم" (2019/1/17) إن البحث كان بعنوان "استراتيجيات دور الإمارات العربية في تحقيق الأمن القومي، وما طرأ عليها في أعقاب ثورات الربيع العربي"، كما أن البحث يتطرق بشكل أساسي لتمركز السلطة بين القبائل، وتغيير ولاءاتها وبخاصة في إمارة أبو ظبي، كما يتناول مدى تغلفل الدولة البوليسية بالإمارات وتدخلها بدول الجوار.

وأوضح هيدجز أنه أختار الإمارات تحديدا لأطروحاته لنيل الدكتوراة، لأنه عاش فيها أكثر سنوات حياته، حيث عاشت عائلته هناك لمدة عشرون عاما، وهو عمل مع العديد من الجهات الحكومية الإماراتية، كما تعاون مع جهات أمنية إماراتية في وضع الاستراتيجية الأمنية لأجهزة الأمن بالإمارات، وذلك خلال السنوات الثلاث التي غادر بها الإمارات للدراسة في بريطانيا.

وأكد هيدجز أنه كان قد نشر الكثير من المقالات التي أوردها لاحقا ببحثه في الدوريات المحكمة والمجلات الاقتصادية، وقال إن الإماراتيين اطلعوا على كل هذه المقالات، وأنهم اشترطوا عليه لإكمال أطروحاته من الإمارات عدم لقاء أي شخص إماراتي، وهو ما التزم به الباحث واقتصرت لقاءاته على مقيمين غربيين يعيشون بالإمارات.

وأبدى هيدجز استهجانه من غضب السلطات الإماراتية من اطروحته، مؤكدا أن كل المعلومات التي نشرها، كانت قد نشرب بوقت سابق في بيانات الحكومة الإماراتية وأنه لم يكشف اي جديد، وأن كل اللقاءات التي أجراها، كانت تتم في الأماكن العامة ووفق الأصول وفي إطار القانون.

كما فند  اتهام السلطات الإماراتية له بتسريب معلومات حساسة، مؤكدا أن كل المعلومات التي وردت بأطروحته هي أصلا منشورة مسبقا ببيانات الحكومة باللغة العربية، وهو لا يجيد اللغة العربية كتابة أو قراءة، ولذلك أشار هيدجز إلى أن السلطات الإماراتية أصدرت بعد الإفراج عنه، قرارا يحرم تدوال "المعلومات الحساسة" بدلا من تهمة "تسريب المعلومات الحساسة".

ما الذي جرى
يقول هيدجز إنه عندما وصل لمطار أبو ظبي، وقبل أن يصل لموظف الجوازات تفاجئ بنحو 13 رجلا يلبسون الملابس الإماراتية التقليدية ومسلحين بالمسدسات، يتوجهون اليه ويطلبون منه التوجه معهم لأنه قيد الاحتجاز، وعندما سألهم لماذا اخبروه أنه ليس هناك تهمة محددة، فسألهم هل هناك قضية ضده فقالوا له نعم ثم تراجعوا واخبروه بعدم وجود قضيه.

ويوضح هيدجز أن الخطير بالموضوع هو أن السلطات الإماراتية كانت تخطط لاعتقاله قبل أن يتم وضع ختم دخول البلاد على جواز سفره، بحيث يكون بوسع الإمارات إنكار أن يكون الرجل وصل لأراضيها، غير أن وجود والدته معه أفشل الخطة الإماراتية، حيث سارعت الوالدة بالاتصال بالسفارة وابلاغها بالذي حدث مع ابنها، وهكذا انكشف القصة.

ظروف الاعتقال
وحول ظروف اعتقاله أوضح هيدجز أن معتقليه بالبداية كانوا يتعاملون معه بشكل جيد نوعا ما، وأنه احيانا كان ينام على الأرض وأحيانا أخرى على واحدة من الأريكة، ولكن بعد أن أصر على قول الحقيقة ورفض التهم الموجهة اليه بالتجسس وأنه عضو في جهاز المخابرات البريطاني، كما رفض طلبهم بالكشف عن معلومات خاصة بوزارة الخارجية البريطانية لأنه لا يملك هذه المعلومات كونه ليس يس موظفا بالوزارة، بدأ المحققون يتعاملون معه بطريقة فظة ويلجؤون لأساليب التعذيب النفسي لدفعه للاعتراف بما يريدون.

ويتحدث هيدجز بمرارة عن تلك الفترة، ويقول إن فترة التحقيق معه كانت تستمر لنحو 16 ساعة يوميا وبشكل متواصل، حيث تبدأ الساعة الثالثة فجرا وتستمر حتى السابعة مساءا، ويتم التحقيق في مكان بارد ورطب لا تصله الشمس، وأنه لم يتمكن من الاستحمام لمدة شهرين متتابعين، فيما كان يأتي أحد موظفي السجن في كل صباح لاقتياده لدورة المياه.

هذه الظروف دفعت هيدجز لمحاولة الانتحار وإيذاء نفسه مرات عديدة، مشيرا إلى انه جرى نقله بأحد المرات لمستشفى نفسي حيث اصيب بانهيار عصبي بعد أن لم يستطع النوم لمدة أربعة أيام متتالية.

وأمام تهديد المحققيق له بأنهم سوف يرسلونه لأحد القواعد العسكرية الإماراتية خلف البحار، حيث سيتم تعذيبه وضربه هناك، وأنه لن ير الشمس ثانية إذا لم يعترف بما يريدون منه الاعتراف به، قرر هيدجز الانصياع لأوامرهم وقدم لهم الاعترافات التي يريدونها.

وبعد ذلك تبدلت معاملة المحققين معه، وبدؤوا بتقديم الدواء له، فيما يواصل هو حاليا العلاج لدى طبيب نفسي للتخلص من ذكريات تلك المرحلة العصيبة.

ماذا بعد؟
وبعد الإفراج عنه بقرار عفو رئاسي، شارك هيدجز بمؤتمر في الولايات المتحدة، حيث تحدث عن ظروف المساءلة القانونية في الإمارات العربية وحقوق الإنسان فيها، وعن انتهاكات الإمارات بحقوق الإنسان خارج حدود الإمارات مثل اليمن، التي قال إن ما يجري فيها أصبح محل اهتمام الولايات المتحدة وأوروبا.

وبعد تجربته الصعبة في سجون الإمارات، والسنوات الطويلة التي عاشها في هذه الدولة، يتحدث هيدجز عن تغيير كبير طرأ على سياسة هذا البلد بعد عام 2011، وتحديدا في أعقاب ثورات الربيع العربي، وكيف أن حكام الإمارات مرعوبين من فكرة حرية التعبير والرأي، وأنهم يحاربون الأكاديمين والصحفيين بهدف تكميم أفواههم والسيطرة على عقولهم، مشيرا لوجود العديد من الأكاديميين والصحفيين بسجون حكام الإمارات، شأنهم بذلك شأن السلطات بمصر التي قتلت الباحث الإيطالي روجيني.