لقاء اليوم / تيري دوران - مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود
لقاء اليوم

تيري دوران.. استبعاد المنظمات الإنسانية من السودان

تستضيف الحلقة مسؤول العمليات في منظمة أطباء بلا حدود تيري دوران ليتحدث عن الحراك بين الحكومة السودانية وبعض المنظمات الإنسانية التي تم استبعادها وطردها من السودان.

– أسباب وانعكاسات طرد الحكومة للمنظمات الإنسانية
– تأثير اتهامات الحكومة على العمل الإنساني في السودان

أسباب وانعكاسات طرد الحكومة للمنظمات الإنسانية

نور الدين بوزيان
نور الدين بوزيان
تيري دوران

نور الدين بوزيان: سيداتي وسادتي أسعد الله أوقاتكم وأهلا وسهلا بكم في هذه الحلقة الجديدة من لقاء اليوم، حلقة نستضيف فيها السيد تيري دوران وهو المسؤول عن العمليات في منظمة أطباء بلا حدود، سيكون الحديث بيننا وبينه حول السجال والحراك والجدل الذي هو في الحقيقة بين الحكومة السودانية وبعض المنظمات الإنسانية التي تم استبعادها وطردها وترحيلها من السودان على خلفية رهان القوى بين الحكومة وهذه المنظمات. وكان من البديهي أن نبدأ هذا الحوار مع ضيفنا السيد تيري دوران بهذا السؤال، لماذا انسحبتم من السودان؟ وما تعليقكم على قرار السلطات السودانية باستبعاد المنظمات الإنسانية من السودان؟


تيري دوران: لا، لا نفهم هذا القرار المحزن والمخيف خاصة بالنسبة للسودانيين في دارفور، أرى شخصيا أنه من غير العادل حقا توجيه الاتهامات ضد المنظمات الإنسانية وبينها أطباء بلا حدود، منذ فترة وجيزة وفي العلن يصفوننا باللصوص بالجواسيس في اجتماعات جماهيرية فهذه أمور مقلقة جدا لسلامتنا الخاصة، إنها اتهامات خاطئة، خاطئة. يمكنني أن أتفهم غضب الرئيس السوداني بسبب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من قبل محكمة الجنايات الدولية، إن هذه الاتهامات ظالمة في الحقيقة لأن المنظمات غير الحكومية وخاصة أطباء بلا حدود كأنما وقعت في مصيدة، كأنما وقعت في فخ، أصبحت رهينة اللعبة السياسية الجارية بين المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنايئة الدولية وبين حكومة السودان، فنحن إذاً كبش فداء سهل حساس حسب رأيي فليس بإمكاننا العمل إلا إذا سمحت لنا الحكومة بالعمل ونحن الآن قد طردنا مع 13 منظمة أخرى وهو كما ترى أمر مأسوي وهي قرارات سياسية للغاية.

إعلان


نور الدين بوزيان: هل مثلا الآن لا يوجد، يمكن القول بأنه لا يوجد أي عضو تابع لمنظمتك منظمة أطباء بلا حدود في السودان منذ اتخذ القرار بترحيلكم وإبعادكم وطردكم من ذلك البلد أم ما زالت لديكم بعض فلنقل مثلا بعض الفرق تعمل في السودان؟ وإن كانت كذلك فأين هي تعمل وما هي الظروف التي تعمل فيها الآن في السودان؟


تيري دوران: لا، الأنشطة متوقفة توقفت تماما وفورا، اضطررنا لترك مستشفيات، وأذكر على سبيل الخصوص مستشفى نيارتيتي التي كانت في القديم قرية صغيرة عند سفح جبل مرة حيث يوجد كثير من النازحين، ملتقى طرق للسكان البدو والعرب للنازحين من قبائل الفور وكانت الحكومة تسمح لنا أيضا بالوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين في الجبل، كان نظاما صحيا متكاملا لم يكن موجودا من قبل، ليس موجودا على خارطة وزارة الصحة السودانية فهو جديد بفضل أطباء بلا حدود واضطررنا للمغادرة، كل الأطباء غادروا، كل الدعم الصحي واضطررنا لترك المرضى في المستشفيات. كان هناك وباء التهاب السحايا الذي بدأ ينتشر وفي وزارة الصحة التي هي وزارة جيدة في السودان ولديها طواقم ذات كفاءة عالية ومتحمسة جدا للعمل، أطباء جيدون جدا كانوا يعتمدون علينا إنهم شركاؤنا منذ ثلاثين عاما، لم يعد إذاً بإمكاننا عمل أي شيء، لقد صودر منا كل شيء فبالنسبة لفريقين انتهى كل شيء بقيت هناك ثلاث فرق هي الفريق البلجيكي والسويسري والإسباني لكن كما تعلم بعد هذه التصريحات حدث اختطاف لرهائن لثلاثة من أعضاء الفريق البلجيكي ونحن قلقون جدا حتى بالنسبة لإمكانية مواصلة العمل. هناك أسئلة تطرح نود أن نناقشها مع الحفاظ على جميع قنوات الحوار مفتوحة مع الحكومة مباشرة وليس من خلال وساطة سفارات أجنبية أو الأمم المتحدة وهذا هو ما يجعلنا نتحدث من خلال وسائل إعلام مثل مؤسستكم لأننا نريد أن نواصل الحوار ونأمل أن نتمكن يوما ما من أن نستأنف العمل في السودان حيث نعمل منذ ثلاثين عاما، نحن نحب السودانيين إنهم شعب مضياف منفتح ومتسامح فما حدث إذاً محزن للغاية.

إعلان


نور الدين بوزيان: سيد دوران، لدى الحكومة السودانية الانطباع بأنكم أنتم مثلا كمنظمات إنسانية وحتى نشطاء آخرين يعملون في مخيمات اللاجئين أنكم يعني كنتم تقدمون تقارير معادية لها وأنكم ربما كنتم يعني تغالون بمعنى أنكم كنتم تعطون معلومات مغلوطة عن الوضع الإنساني وهي المعلومات التي ربما استخدمتها المحكمة الدولية واستخدمتها أيضا حكومات غربية من أجل شجب وإدانة واتهام الحكومة السودانية بأنها تخرق حقوق الإنسان.


تيري دوران: بداية لو راجعنا تاريخ الحرب في دارفور الفترة الأشد عنفا هي التي حدث فيها تدمير كبير للقرى حيث هرب الناس وكان عدد الموتى كبيرا وارتكب العديد من الجرائم، الكل يعلم ذلك، الفترة من أغسطس وسبتمبر 2003 إلى وقف إطلاق النار الموقع في إنجامينا نهاية أبريل 2004 هذه الفترة كانت مخيفة، هذه هي الحقيقة، في هذه الفترة كان من الصعب الذهاب إلى دارفور، المنطقة كانت مغلقة، تمكنا من بدء العمل هناك نحن أطباء بلا حدود كنا الأوائل في تلك المنطقة منذ نهاية 2003 نحن إذاً شهدنا كل ذلك رأينا وأخبرنا الحكومة ثم بعد ذلك وابتداء من وقف إطلاق النار عام 2004 سمحت الحكومة وبشكل كبير طبعا بفضل ضغوط من الأمم المتحدة بنشر المساعدات في دارفور وبالتالي الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية كثيرة أخرى ونحن دعونا للإغاثة دعونا أصدقاء من الفروع الأخرى وأدى ذلك نوعا ما إلى استقرار الوضع يعني أن ما كان يمكننا أن نخشاه من مجاعة وأوبئة في المخيمات لم يقع منه شيء بفضل هذه الجهود، ويمكن أن نقول إن الحكومة تصرفت بشكل جيد بسماحها بوصول المساعدات الإنسانية. ومنذ تلك الفترة بالنسبة لنا ما نقوله نحن في أطباء بلا حدود نقول ذلك دائما قلناه للحكومة قلناه علنا، الوضع في دارفور منذ نهاية عام 2004 ليس خطيرا على المستوى العام إنه وضع فيه مليونان ونصف من الناس أي نحو ثلث مجموع سكان الإقليم يوجدون في مخيمات ويعتمدون كليا على المساعدات بالنسبة للغذاء للماء للمستشفيات للمدارس، إنها وضعية اعتماد عام على مستوى السكان لكن الوضع ليس مأسويا، نسبة الوفيات أحسن بكثير منها في مناطق أخرى من السودان، ولكن في المقابل خلال هذه الفترة هناك جيوب ومواقع كانت تحدث فيها نزاعات مرتبطة بالنزاعات السياسية وكذلك بمشاكل قبلية محلية وبقضايا اللصوصية وكل هذا يتراكم ونحن كنا دائما نقول ذلك، لدينا صعوبة كبيرة في الوصول إلى هذه المناطق لأسباب أمنية لأن الطرق غير آمنة لأن هناك كثيرا من اللصوص وغيرهم. من ناحية ثانية صحيح أن بعض الهيئات خاصة هيئات حقوق الإنسان -وهنا يجب التفريق بين نشطاء حقوق الإنسان أو العدالة الدولية ومنظمات الإغاثة إذ ليسوا سواء- فأولئك أثاروا منذ 2003 ضجيجا كثيرا وتحدثوا عن مواضيع كثيرة وعبارات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والمطالبة بتحقيق العدالة إلى آخره لكن لسنا نحن من يفعل ذلك، ليست منظمات الإغاثة خاصة منظمات الإغاثة المستقلة بل نشطاء آخرون خاصة نشطاء حقوق الإنسان، هيئات مثل Save Darfur و Darfur Emergency الأميركيتين مع صخب إعلامي كبير، ربما تكون مثل هذه الهيئات تمارس دورها لكنه ليس دورنا، ليس دورنا، نحن دورنا ليس هذا ولا نلعب هذا الدور. وأريد أن أعود إلى موضوع التهويل، هناك أمر صدمنا كثيرا وصدمني بشكل خاص هو بعض العبارات وبينها عبارة حديثة للنائب أوكامبو في نوفمبر 2008 كان يصف في الأمم المتحدة وضعية النازحين في دارفور بأن المخيمات هي مخيمات إعدام، هذا غير صحيح، لو كان الأمر كذلك فنحن الذين نعمل منذ خمسة أعوام في هذه المخيمات لو حدث هذا لكنا أخبرنا به وكنا غادرنا المكان أيضا معلنين ذلك بقوة لكنه لم يحدث، وكان أوكامبو يقول إلى ما قبل عدة أسابيع إن عدد القتلى كان يصل إلى خمسة آلاف في الشهر بسبب الحرب أو العنف وهذا غير صحيح فحتى أرقام الأمم المتحدة لعام 2008 كلها كانت تقدر العدد بـ 1800 إلى 2000 فهناك إذاً مفارقة كبيرة جدا ونحن لا نوافق على ذلك وعبرنا عن ذلك بصراحة. في أطباء بلا حدود نحاول أن نكون نزيهين ما أمكن ولدينا في بعض الأحيان مواقف متوترة مع الحكومة السودانية، حدث ذلك مرارا في الماضي خاصة في الجنوب ولكننا نحاول أن نتناول هذه المشاكل مع الحكومة بشكل مباشر. فأنا لا أعرف إذاً، ربما حدث انزلاق ما لدى السيد أوكامبو، نحن لا نريد التعليق على المؤسسة القضائية الدولية لكنه ربما أصبح هو نفسه نوعا ما أحد النشطاء.

إعلان


نور الدين بوزيان: هل تعتقد بأن قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة وباعتقال الرئيس السوداني عمر البشير أساء إليكم وجعلكم أنتم كمنظمات إنسانية طبية دولية في السودان جعلكم كبش فداء أو تتعرضون إلى هذه المضايقات أو القطيعة بينكم وبين النظام في السودان؟


تيري دوران: نعم لأن القضاء السوداني وقضاء دارفور بالخصوص شديد التسيس، كل شيء يصبح موضوعا سياسيا، هناك الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام اليوناميد التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، قضايا العدالة الدولية، القضايا الإنسانية كل هذا مختلط وبالنسبة لنا للابتعاد عن ذلك والقول انتظروا هذا أمر وهذا أمر آخر ونحن الفاعلون في مجال الإغاثة في الميدان دورنا مختلف، كان ذلك صعبا بل مستحيلا، بالفعل تم خلط كل شيء وبالتأكيد يمكن أن نفهم أن الرئيس السوداني يدافع عن نفسه وبالتالي يستخدم عبارات قاسية جدا لكنها ظالمة للغاية وغير صحيحة. فيما يعنينا تعلمون أن أطباء بلا حدود كانت تقريبا المنظمة الوحيدة وكما قلت لكم قبل قليل كنا حاضرين منذ البداية منذ نهاية 2003 خلال الفترة الأشد صعوبة وقلنا إنه عندما أثيرت مسألة الإبادة الجماعية من الولايات المتحدة ومن قبل نشطاء حقوق الإنسان كنا تقريبا المنظمة الوحيدة التي قالت تريثوا نحن كنا في رواندا أثناء الإبادة الجماعية هناك، ما رأيناه في رواندا ليس مثل ما رأيناه في دارفور، فنحن لا نتبنى عبارة إبادة جماعية، ما رأيناه في دارفور ليس إبادة جماعية مقارنة بما رأيناه في رواندا ولا شك أن الحقوقيين لهم تعريفات أخرى ربما، على كل حال هذا ما قلناه بناء على تجربتنا وقلنا ذلك بوضوح تام وعلنا كذلك فلم نكن نعمل ولا نتعاون مع محكمة الجنايات الدولية، ناقشنا معهم الأمر عام 2003 ليس في إطار السودان وإنما في إطار عام. نحن نحاول العمل في مناطق النزاع مناطق الحرب والوصول إلى السكان ضحايا هذه النزاعات، يجب أن يكون بمقدورنا أن نناقش وأن نقنع مجموع المتصارعين المجموعات المتمردة بل وعصابات اللصوص وفي بعض الأحيان الحكومات والجيوش الموجودة في الميدان وهي تتصارع نقنعهم بأننا لسنا أعداءهم وبأن يتركوننا نمر ونصل إلى السكان فإذا كان هؤلاء المتنازعون يعتقدون أننا سنفضحهم أمام هيئة قضائية دولية فلن يكون بإمكاننا أبدا أن نصل إلى الضحايا أو أن نعمل ولهذا السبب نحن لا علاقة لنا، لا نزود محكمة الجنايات الدولية بمعلومات ولا نتعامل معها وقلنا ذلك للحكومة السودانية قلنا ذلك علنا.

إعلان


نور الدين بوزيان: سيد تيري دوران مسؤول العمليات في منظمة أطباء بلا حدود نأمل طبعا أن نعود للأسئلة والأجوبة بعد هذا الفاصل، سيداتي وسادتي ألقاكم بعد هذا الفاصل القصير.

[فاصل إعلاني]

تأثيرات اتهامات الحكومة على العمل الإنساني بالسودان


نور الدين بوزيان: ما رأيكم في اتهامات الرئيس عمر البشير الذي وصفكم في مهرجانات خطابية بأنكم جواسيس وأنكم تعملون يعني تتخابرون عن السودان لصالح بعض الحكومات ما رأيكم في هذه التهم؟


تيري دوران: هناك منظمات -وليس ذلك سرا- ربما كانت تمارس دورا نضاليا وربما تكون بطريقة أو بأخرى أعطت معلومات من الممكن حتى أن محكمة الجنايات الدولية أو السيد أوكامبو قد استخدما بعض التقارير غير السرية لأطباء بلا حدود التي تصف الوضع، خاصة في عام 2003 ذلك ممكن جدا لكنني أعتقد أنهم أخطؤوا الهدف فالناس الذين كانوا أكثر نشاطا هم هيئات حقوق الإنسان غير الحاضرة في الميدان وهما هيئتا Save Darfur وDarfur Emergency اللتان تعملان مع مجموعات ضغط أو لهما روابط سياسية إلى آخره، أما أطباء بلا حدود فلا علاقة لها، ما ذكر بشأنها غير صحيح ومبالغ فيه. وهذا الخطاب غير جديد من جانب الرئيس السوداني فمنذ عدة سنوات يعتبر الأجانب أعداء ونحن يمكن القول إننا لسنا حتى منظمة فرنسية، يمكن أن نعتبر أن الرسالة فيما يعني أطباء بلا حدود هي رسالة موجهة إلى الحكومة الفرنسية، بينما علاقتنا بالحكومة الفرنسية علاقة معدومة تماما فليست لنا علاقة جيدة بالسيد كوشنير الذي ترك أطباء بلا حدود منذ ثلاثين عاما ليتفرغ للعمل الذي يعرفه الجميع، العمل السياسي، فعلاقتنا بهم سيئة جدا فلسنا نتلقى ولا حتى نطلب فلسا واحد من الحكومة الفرنسية، فهم إذاً يخطئون الهدف، نحن حركة دولية ولدينا سودانيون حتى يعملون معنا في تشاد في الكونغو في كينيا، أطباء سودانيون جيدون، في اليمن لدينا يابانيون، إيفواريون، لا يمكن حتى أن يقال إننا منظمة فرنسية.

إعلان


نور الدين بوزيان: اليوم بقي لكم على كل حال بعض الموظفين الذين كانوا يتعاملون مع منظمتكم في السودان وهم من السودانيين، ما هي وضعيتهم الآن وما هي يعني هل تتخوفون مثلا عليهم؟ هل لديكم مثلا مخاوف أن يتعرضوا مثلا إلى بعض المضايقات علما بأن مثلا مسؤولين سودانيين اتهموا منظمتكم ومن يعملون معها بأنهم مثلا جواسيس ويتعاملون مع منظمات معادية لحكومة الخرطوم؟


تيري دوران: إنهم قلقون، أنا أيضا قلق عليهم، بالنسبة للحكومة لقد قالت لنا عبر اللجنة الإنسانية لا تقلقوا لن تكون هناك مشكلة، لكن كل واحد منهم يخاف، يخاف أن.. لقد فقدوا وظائفهم بالفعل، بالنسبة لأطباء بلا حدود هناك أكثر من ألف شخص في هذه الوضعية عندما يجري الحديث عن سودنة المعونات الإنسانية في السودان تعرف؟ كان لدينا بين الفريقين المطرودين الهولندي والفرنسي أربعون موظفا دوليا وألف موظف سوداني، فالسودنة قوية أصلا إلى درجة كبيرة، فالسودانيون هم من يعملون مع أطباء بلا حدود فهم إذا قد فقدوا وظائفهم ويخشون ألا يجدوا وظائف جديدة خاصة مع الحكومة فهم يقولون نخشى أن نكون ضمن لوائح سوداء، وعندما يعودون إلى عائلاتهم مساء أفراد عائلاتهم يقولون لهم أنتم تعملون مع اللصوص مع الجواسيس فهم إذاً محرجون للغاية وأنا محرج كثيرا لسبب ما يتعرضون له، فكل هذا ذهب إلى أبعد مما يجب، فبهجومه علينا الرئيس يهاجم أيضا السودانيين الذين يعملون معنا بطريقة ما، هناك أكثر من 6500 سوداني كانوا يعملون مع المنظمات المبعدة، الأمر غير مريح.


نور الدين بوزيان: في المدة الأخيرة خطف بعض العاملين في المنظمة الإنسانية، من هي الجهة التي خطفتهم؟ وهل ليس هناك مثلا كما يقول البعض إنه كانت العملية مدبرة من أجل مثلا إلحاق الأذى أكثر بالحكومة السودانية؟


تيري دوران: لا أدري، لا يمكنني أن أقول ذلك، من الواضح أن الرئيس عندما يذهب إلى الفاشر أو نيالا وعندما يحمس الجماهير قائلا إن المنظمات عبارة عن لصوص وجواسيس يمكن أن يقول بعض الناس من اللصوص من الشباب المسلحين أن يقولوا هذه فرصة، هؤلاء لصوص جواسيس يمكننا أن نفعل ما نريد، ربما هذه هي المسألة لا غير. بالنسبة لعملية خطف الرهائن هذه، الحكومة هي التي سوت القضية هي التي ذهبت للقاء هؤلاء الشباب وتمكنت من الإفراج عن الرهائن دون عنف، هذا أمر جيد، لكن الأمر مقلق لأنه من الممكن أن يتكرر في كل مكان، أنا شخصيا تعرضت للهجوم في دارفور من قبل لصوص، لحسن الحظ كنت مع أصدقاء سودانيين شيوخ وعمدة الجنينة ولم أتعرض للأذى ولكننا واجهنا مشاكل أخطر، خطيرة جدا جدا بينها هجمات على الطرق، هذه الرسالة إذاً رسالة تقلقنا كثيرا وتقلقنا حتى بالنسبة للمستقبل فلست أدري ما إذا كان بالإمكان في ظروف كهذه حتى لفرق أطباء بلا حدود التي لم تطرد أو لمنظمات إنسانية أخرى أن تستمر. ولكننا لا ندري من يقف وراء كل هذا، كانت هناك بعض المطالبات الصغيرة، سئلت أطباء بلا حدود أن تطلب من محكمة الجنايات الدولية سحب مذكرة الإدانة ثم كانت هناك قضية فدية وبعد ذلك أفرج عن الرهائن.

إعلان


نور الدين بوزيان: سيد تيري الآن الرئيس عمر البشير أعلنها صراحة قرر يعني التخلي عن منظمات إنسانية دولية والاعتماد على منظمات إنسانية سودانية أو ما سماه بسودنة العمل الإنساني، هل تعتقدون بأن السودان يملك من القدرات والإمكانات المادية والبشرية لكي يتكفل بأوضاع الذين يستحقون أو هم في حاجة إلى مثل هذه المساعدات؟


تيري دوران: نحن لا مانع لدينا من ذلك، كما قلت لكم قبل قليل المساعدات بشكل عام تمت سودنتها إلى درجة كبيرة لأن 98% من عمالنا هم من السودان، هناك قضية تتعلق بالإمكانات، لا يكفي أن نقول فقط آخذ شخصين وأنت ستذهب للعمل في دارفور، هناك نظام متكامل خلف ذلك من الدعم والمساندة اللوجستية والرواتب والتموين والبرامج والخبرة والكفاءات، هناك عدة منظمات سودانية جيدة هناك أيضا جمعيات من الهلال الأحمر ربما في العالم العربي لديها الإمكانات للقيام بأشياء مثل الهلال الأحمر الإماراتي والهلال الأحمر الأردني وهما من الفاعلين الجيدين الذين يمكنهم أن يقدموا خدمات جيدة لكن إحدى أكبر المشكلات ستكون متعلقة باستقلال هذه المنظمات لأن الوضع في دارفور كما قلت لكم يتميز باستقطاب شديد وتسييس كبير حتى داخل المخيمات وقد حدثت من قبل مشاكل في مناسبات عدة فالنازحون في المخيمات غاضبون جدا على الحكومة في وضعهم المستمر منذ خمسة أعوام وعندما نقول إن هناك شعورا بأن المنظمات ليست محايدة بين قوسين أو منحازة أو ربما تمثل الحكومة عندئذ يعتبون على تلك المنظمات فأعتقد لذلك أن الأمر لن يكون سهلا على الإطلاق، وأعتقد أن المنظمات الحكومية تعرف ذلك تعرف ذلك جيدا ولا أعتقد أن لديها جميعا الإمكانيات الكافية للقيام بالمطلوب، هناك بعض المنظمات السودانية غير الحكومية الكبيرة سيطرح موضوع استقلالها في القريب العاجل من قبل أهل دارفور أنفسهم.

إعلان


نور الدين بوزيان: الآن هل مثلا تنوون العودة إلى السودان وهل مثلا بينكم وبين الحكومة السودانية اتصالات للعودة للعمل، هل تريدون مثلا أن تعودوا أم تقولون خلص يعني انتهت عملياتكم ولا مجال للعودة للسودان؟


تيري دوران: أنا أعرف جيدا السودان والسودانيين فالأبواب لن تغلق أبدا بشكل كلي، هناك دائما أبواب مشرعة مفتوحة دائما من أجل التحاور ونود إبقاء هذه الأبواب مفتوحة وأن نستمر في الحوار، أعتقد أن الظرف صعب للغاية ومتوتر جدا في الوقت الحالي، هناك كثير من العاطفية والغضب والعبارات القوية التي تم التفوه بها، إذاً بالنسبة لنا كما تعلمون السودان هو أيضا قصة حب والصداقة المتنوعة التي نشأت منذ ثلاثين عاما في ظروف صعبة، بعض من المتطوعين توفوا في السودان، لدينا الكثير من الأصدقاء السودانيين ونحن بذلك نأمل في العودة ربما ليس في القريب العاجل ولكننا سنبذل ما في وسعنا لمواصلة الحوار مع السلطات السودانية ونود أن نلتقي السلطات على مستوى عال وإلى الآن ليس لدينا صلات على مستوى عال، إنها مباحثات أولية وهذه المباحثات ستستغرق وقتا ربما، أعتقد أن الأمر يحتاج بعض الوقت، ثم هناك قضايا أخرى فلا بد من عزل موضوع العاملين في المجال الإنساني والإغاثة المستقلين مثل أطباء بلا حدود عن بقية المواضيع، المواضيع السياسية وقضايا العلاقات بين السودان والمجتمع الدولي، السودان لديه أصدقاء السودان لديه أصدقاء كثر في الاتحاد الأفريقي وفي الجامعة العربية إلى آخره وأعتقد أنه يمكنه أن يعتمد عليهم، يؤمل أن تجد هذه الإشكالية الدولية الخاصة السياسية والقضائية مخرجا مرضيا لكن لا بد من النظر إلينا خارج كل هذا فلا ينبغي أن تقحمنا الحكومة داخل ذلك ونحن ليس لدينا أي وزن للضغط على الدول الأعضاء لكي تصوت باتجاه ما.


نور الدين بوزيان: سيد تيري دوران مسؤول العمليات في منظمة أطباء بلا حدود شكرا جزيلا على هذا اللقاء. وشكرا لكم سيداتي وسادتي على بقائكم معنا حتى نهاية هذا اللقاء على أمل أن نلقاكم قريبا عبر الجزيرة، هذا نور الدين بوزيان يحييكم من باريس، إلى اللقاء.

إعلان

المصدر : الجزيرة