
عبد الفتاح البزم.. الصحوة الإسلامية
– أسباب الصحوة الإسلامية وأبعادها
– العلاقة بين العالم والحاكم
– سبل مواجهة التوتر الطائفي والحملات المسيئة للإسلام
![]() |
![]() |
عثمان عثمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامج لقاء اليوم والتي نستضيف فيها فضيلة الشيخ الدكتور عبد الفتاح البزم مفتي دمشق ومدير معهد الفتح الإسلامي فيها، مرحبا بكم فضيلة الدكتور
عبد الفتاح البزم: أهلا وسهلا ومرحبا.
أسباب الصحوة الإسلامية وأبعادها
عثمان عثمان: بداية فضيلة الدكتور كيف تقرؤون ظاهرة الصحوة الإسلامية التي تعم المنطقة العربية والإسلامية هل ترونها يعني تأتي في سياق العودة إلى التدين التي تعم العالم بأسره أم أن للإسلام خصوصية في هذا الإطار؟
عبد الفتاح البزم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، الحديث عن الصحوة الإسلامية يعني رجوع المسلمين إلى جوهر إسلامهم عقيدة وعبادة وسلوكا وهذا لا شك يرتبط ارتباطا وثيقا بوعي الأمة وبتثقفها في دينها لأن العقيدة الإسلامية مبنية على العلم والمعرفة والثقافة مبنية على الأخلاقيات كما هي الرسالات السماوية ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يختم جميع الرسالات السماوية بشرعة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأن يكمل الدين الواحد الذي هو عند الله الإسلام، إن الدين عند الله الإسلام والدليل على ذلك من كتاب الله الكريم {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة:3] فإذاً الإسلام هو دين جميع الأنبياء والرسل لأن كلمة الإسلام تعني الإذعان لله سبحانه وتعالى أي التحقق بالعبودية لله جل جلاله فإذا تحقق العبد بالعبودية إلى الله نزل عند أمر الله وانتهى عما نهى الله عنه، وهذا باختصار التدين أو الصحوة الإسلامية أي رجوع المسلمين إلى حقيقة إسلامهم أولا من حيث العقيد ثم من حيث العبادة التي تنظم علاقة العبد بخالقه.
عثمان عثمان: طبيعة هذه العودة فضيلة الدكتور الآن في أي سياق تأتي؟
عبد الفتاح البزم: أنا قلت ترتبط بالعلم ترتبط بالوعي ترتبط بفهم الإسلام فهما عميقا، يعني الإسلام ليس مظاهر بقدر ما هو عقيدة ترسخ في القلب، راسخة في سويداء القلب، ثم العبادة التي تنظم علاقة العبد بخالقه وتنتهي هذه العقيدة وتلك العبادة إلى ثمرة التعامل، ولو أن المسلمين أقاموا هذا على الوجه الأكمل لكانوا في واقعهم يظهرون للآخرين جوهر الإسلام تسامحا وعدلا وإنصافا وحسن علائق مع الآخرين.
عثمان عثمان: يعني ألا ترون هذه العودة إلى التدين عند المسلمين ترتبط بشكل أو بآخر بالحملة التي تستهدف العالم الإسلامي والعربي؟
التدين الحالي ليس مبنيا على عادة أو تقاليد بقدر ما هو مبني على علم ومعرفة |
عبد الفتاح البزم: الحقيقة هذه الحملة أنا رأيت ثمارها ونتائجها وعسى أن نكره شيئا وهو خير لنا، قد تكون من أسباب هذه الصحوة لأن الأجيال استفاقت على من ينال من عقيدتهم أو ينال من إسلامهم أو ينال من قرآنهم أو ينال من نبيهم عليه الصلاة والسلام فأخذتهم، لا أقول الغيرة، أخذهم الإيمان الصادق بأن يستيقظوا من جديد ليفهموا إسلامهم وليحسنوا العرض للآخرين. أنا أتصور كل ما يجري على الساحة نتيجة جهل في الإسلام إن كان من أبناء المسلمين بعدم التفقه بالدين وإن كان من غيرهم بعدم فهم الإسلام الفهم الصحيح ثم أيضا التأثر بمن أظهر الإسلام بصور قاتمة بصور بعيدة عن الحقيقة، بصور الإسلام بريء منها كما نسمع اليوم على الساحة من مثلا كلمة وحشية أو كلمة عنف، الإسلام لم يأت بهذا الشكل ولا بهذه الأمور.
عثمان عثمان: طبعا حتى موضوع الإرهاب لم يكن هناك توصيف حقيقي لهكذا ألفاظ وهكذا مصطلحات. بالعودة فضيلة الدكتور إلى سوريا التي أنتم مفتون لعاصمتها، كيف هو واقع الصحوة الإسلامية فيها؟
عبد الفتاح البزم: الحقيقة الصحوة يعني أنا أقول يظهر في الأفق أنوار هذه الصحوة وتبشر إن شاء الله بخير عميم للأمة لأننا عندما نجد شبابنا وفتياتنا وقد حصلوا الثقافة الكونية أو الثقافة المتنوعة ثم مع هذا تثقفوا بدينهم وفهمو الإسلام بعلم وذوق وخلق وتعامل هذا لا شك أنه يبشر بخير كبير، والحمد لله في سوريا هذا الأمر يعني يظهر على الساحة وفي الأوساط جميعا أن شبابنا وفتياتنا يجمعون بين الثقافة الكونية وبين العلوم اللي منقدر نقول يعني المعاصرة والحضارة وبين الشريعة الإسلامية، لا تدين مبني على عادة أو تقاليد بقدر ما هو تدين مبني على علم ومعرفة، ومعلومك في الحديث الشريف "من يرد ا لله به خيرا يفقهه في الدين". الحمد لله في سوريا انتشرت المعاهد الشرعية والثانويات الشرعية والمعاهد لتحفيظ القرآن في المساجد في القطر كله وهذا بالطبع سينتج جيلا واعيا متحضرا يعني يجمع بين الأصالة والثوابت التي لا ينبغي أن نتنازل عنها وبين المعاصرة وفهم الآخرين وإفهام الآخرين أيضا، لأن الصورة القاتمة التي قدمت من قبل من أراد بهذه الأمة شرا لا يمكن أن تزال إلا بوضع الصورة النقية الطاهرة الصحيحة الواضحة أمام أعين وأنظار الآخرين.
عثمان عثمان: ولا بد من سبل حقيقية وواضحة في هذا الإطار. من بين إفرازات الصحوة الإسلامية وجود تنظيمات إسلامية تتراوح ما بين الاعتدال والتطرف، نلاحظ أن علاقة الأنظمة مع هذه التنظيمات كذلك مالت على الأغلب نحو الرفض وفي كثير من الأحيان نحو الاستئصال، أين الخلل، هل هو في الأنظمة أم في هذه التنظيمات؟
عبد الفتاح البزم: أنا لا أستطيع أن أؤيد كلمة التنظيمات وقد قلت قبل قليل إن الصحوة مرتبطة بالتفقه في الدين، بالعلم..
عثمان عثمان (مقاطعا): نحن ذكرنا أن هذه التنظيمات هي جزء من هذه الصحوة.
عبد الفتاح البزم: نعم الصحوة تعني فهم الإسلام بعمقه، التحقق بنصوصه عملا وسلوكا وأخلاقا يعني لما منأخذ الدعوة إلى الله وقد وجهت إلى صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام بقول الله جل جلاله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}[النحل:125] هذه الآية صريحة تماما بأركان الدعوة وبسبل الدعوة وبالمنهج الذي ينبغي أن تسير عليه الدعوة، نحن عندما نوعي شبابنا وفتياتنا وأجيالنا على أخذ هذا الدرب المبني على العلم والمعرفة والجدال بالتي هي أحسن وتوضيح الرؤية لأبنائنا أولا ثم لغيرهم ثانيا، أتصور هذا الذي يجعل للصحوة تأخذ طريقها السليم الذي ينتج فيما بعد وبالقريب ينتج ويفرز الشباب الواعين والدعاة الذين يستطيعون أن يؤدوا هذه الأمانة بحذق وفهم وحسن معاشرة وحسن معاملة..
عثمان عثمان (مقاطعا): وماذا عن العلاقة الجدلية بين هذه التنظيمات التي هي من إفرازات الصحوة وبين الأنظمة القائمة؟
عبد الفتاح البزم: الاحتكام إلى لب الشريعة وإلى فهمها حيث قام الأمر على العدل والإنصاف يعني حتى للغير إذا نأخذ التعبير العام الإنصاف مع الآخرين، هذا الفهم الواعي والدقيق هو الذي يمكن هذه الدعوة وهذه الصحوة لأن تأخذ مسارها وطريقها بشكل آمن، لأننا عندما نعتمد على توضيح الفكر للآخرين وتوضيح المنهج وتكون هناك القناعات، يعني قد تكون قناعات من حيث العقيدة وقد تكون قناعات أيضا من حيث عدالة الفكرة، عندما يصل هذا إلى الآخرين أنا ضامن أن هذه الصحوة تؤتي أكلها وتؤتي ثمارها بهذا الوعي وهذه الدعوة الحاذقة المبنية على الفكر والجدال بالتي هي أحسن، والحكمة، ما هي الحكمة؟ الحكمة وضع الشيء في محله، فوضع هذا الشيء في محله إذا بني على هذا المسار الذي ذكرته قبل قليل يؤدي إلى الفهم الصحيح والسليم وإلى إفهام الآخرين أيضا الفهم الصحيح البعيد عن هذه التعديات التي يوصم بها الإسلام أو المسلمين وهو أبعد ما يكون، رسولنا أصلا كيف وصفه ربنا جل جلاله في كتابه العزيز ولماذا أرسله إلى البشرية وإلى الإنسانية؟ يكفينا في هذا الباب قول الله تعال {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}[الأنبياء:107] ومعلومكم كلمة العالمين لا تضم فقط..
عثمان عثمان (مقاطعا): تضم كل المخلوقات.
عبد الفتاح البزم: كل المخلوقات، فهو الرحمة المسجاة من الله إلى خلقه، فنحن أبناء هذه الرسالة وأبناء هذه الأمة ينبغي أن نفهم فهما عميقا عمق هذه الرسالة التي أتى بهى النبي عليه الصلاة والسلام وأن نكون رحمة للآخرين بإنقاذهم من الطرق التي توصل إلى الهلاك إلى الطرق السليمة التي تؤدي إلى نجاح المجتمع المتماسك المبني على الوئام والمحبة والعدل والإنصاف.
عثمان عثمان: البعض فضيلة الدكتور يرى أن حالة التخلف التي تعاني منها الأمة الإسلامية اليوم مردها إلى حالة الفصام النكد بين العالم والسلطان أو بين الدولة والأمة، برأيكم هل يصلح هذا توصيفا للوضع العربي والإسلامي الراهن؟ أسمع منكم الإجابة إن شاء الله تعالى بعد فاصل قصير، فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود إلى متابعة هذه الحلقة، فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
عثمان عثمان: مرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج لقاء اليوم. فضيلة الدكتور حالة التخلف التي تعيشها الأمة اليوم البعض يرد سببها كما ذكرنا إلى حالة الفصام بين العالم والحاكم، بين الأمة وبين الدولة، هل يصلح هذا التوصيف لواقعنا العربي والإسلامي الراهن؟
قرب العالم المخلص من الحاكم الراشد فيه تمام التكامل وتمام التعاون بين الحاكم والمحكوم بالكلمة الناصحة |
عبد الفتاح البزم: أنا أسعى إلى التوصيف الصحيح، الحاكم الراشد والعالم المخلص لا ينبغي أن ينفصلا بعضهما عن بعض أبدا لأن قرب العالم المخلص من الحاكم الراشد فيه تمام التكامل وفيه تمام التعاون بين الحاكم والمحكوم بالكلمة الناصحة التي يخلص أصحابها بقلبهم وضميرهم إلى ما فيه صلاح الأمة، طبعا الانفصام يؤدي إلى سلبيات والوئام يؤدي إلى نتائج مرضية..
عثمان عثمان (مقاطعا): كيف أحقق هذا المثال في واقع العلاقة بين العالم والحاكم؟
عبد الفتاح البزم: أظن عندما قلت العالم المخلص والحاكم الراشد بأتصور هذا الذي يحقق، يعني العالم الذي يتقرب من الحاكم من أجل تحقيق مصالح أو مآرب لنفسه أو لفئة قليلة طبعا لن يجد الأذن الصاغية عند ذلك الحاكم، والحاكم الذي لا يكون راشدا ويفتح أذنيه ليسمع النصيحة المخلصة الصادقة التي تعود على الأمة بالخير أيضا يعني يكرس هذا الانفصام، فنحن ينبغي أن نكون نعم النصحة للحكام وأن يكون الحكام نعم من يسمع، يعني اختصر هذا الكلام الصدر الأول عندما قال "لا خير فينا إن لم نسمعها ولا خير فيكم إن لم تقولوها" ولكن أرجع إلى الحكمة وحسن الأداء، الحقيقة أيضا، الحقيقة مرة، وينبغي أن نذهب هذه المرارة بشيء من الحلاوة بشيء من العسل، بحسن العرض بحسن التقديم بصدق الكلمة، الكلمة لها طعم يتذوقها السامع فإذا كانت غير نابعة عن مصالح شخصية أو فئوية تسمع وإن لم تثمر اليوم ستثمر غدا..
عثمان عثمان (مقاطعا): بالحكمة والموعظة الحسنة كما ذكرتم.
عبد الفتاح البزم: نعم هذا تعاون ضروري ولا بد منه ولا ينبغي أن يتأخر أحد الطرفين عن الآخر بل تبقى هذه اللحمة قائمة حتى نحقق الهدف.
عثمان عثمان : فضيلة الدكتور يعني خلال التاريخ الإسلامي كان للعالم الرباني كان له سطوة وحضور، أبرز تجليات هذا الحضور تمثل في سلطان العلماء العز بن عبد السلام عندما قاد السلطان المملوكي الى السوق ليبيعه، لكن العالم اليوم يتهم اليوم بأنه صار ملحقا بالحاكم أنه صار موظفا لدى الحكومة، كيف يمكن إعادة التوازن في العلاقة بين الحاكم والسلطة؟
عبد الفتاح البزم: هذا التعميم خطأ، قد يكون عنده نسبة أو في مكان دون آخر، وجود العالم المخلص الرباني، جميل أنك قلت الرباني وأريد أن أصحح كلمة السطوة بالكلمة المسموعة التي تصل إلى قلب السامع، ابن عطاء الله السكندري له كلمة جميلة، حكمة من حكمه جميلة جدا، يقول "الكلام يخرج على لسان صاحبه وعليه كسوة القلب الذي خرج منه" معنى ذلك الكلمة التي تخرج من قلب نابض بالإخلاص والإيمان والصدق تصل إلى أذن السامع بل إلى أذن القلب عبر أذن الرأس وتنتج. السطوة شيء والكلمة المخلصة والمؤثرة شيء آخر، لا بد من أن يتوفر عند العالم هذا الإخلاص وهذا الصدق، لا يسعى إلى مصالح دنيوية بقدر ما يسعى إلى مصالح الأمة ليعود على الأمة بالخير، عند هذا التوافق يحدث الإصلاح وتحدث الكلمة المؤثرة.
عثمان عثمان: تتحدث فضيلة الدكتور عن التوافق، نبغيه وننشده ولكن هو الآن هل تعتبره موجودا وإن كان موجودا فلماذا نعاني من حالة التخلف التي تعيشها الأمة اليوم؟
عبد الفتاح البزم: أنا لست مع العموم لا في السلب ولا في الإيجاب، هو نقول انتفى الخير عن الأمة هذا الكلام غير صحيح وأن نقول إن الامة كلها أصبحت بعيدة عن المطلوب من هذا التوافق أيضا هذا التعميم قد يكون خطيرا، طبعا في نسب مئوية لا شك أن الذي يسعى إلى مطالب دنيوية إن كان من الطرف الأول أو من الثاني ستكون الآذان صامة لن تستمع، يعني الأذن تصوم لا تسمع تلك الكلمة النابضة الناصحة، هذا التعميم يعني نريد أن لا نقول به بقدر ما نقول ما هو الأمثل الذي ينبغي أن نتبعه، نتبع الحمد لله اليوم إن كان على الشاشات وإن كان في مجالات الإعلام ولا في الكتابات نجد الكلمة الناصحة التي.. لكن أرجو أن يتسربل أصحابها بالإخلاص لله سبحانه وتعالى بكلمتهم بالحكمة التي قلنا عنها بتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة وإن لم تؤثر الكلمة اليوم فستؤثر غدا، ثم خذ أثرها على عامة الأمة، الأثر واضح جدا..
سبل مواجهة التوتر الطائفي والحملات المسيئة للإسلام
عثمان عثمان (مقاطعا): على كل فضيلة الدكتور يعني هذا نضرب المثل لنسير باتجاهه إن شاء الله، ولكن المنطقة العربية والإسلامية اليوم تعرف حالة من الشحن والتوتر الطائفي والمذهبي يعني تظهر آثاره في العراق وفي لبنان وفي عدد من مناطق العالم العربي والإسلامي حتى تحولت إلى غول مدمر كما نراها في بعض البلدان، كيف يمكن الجمع بين المواطنة والطائفية يعني بين إحياء الروح الدينية ومقاومة المنطق الطائفي؟
عبد الفتاح البزم: ليس هناك تناقض أبدا أبدا بين هذين الأمرين، بين الروح الوطنية التي ينبغي أن يتمتع بها الشعب على اختلاف طوائفه ومذاهبه من أجل أن يدرأ عن نفسه الفتن، الحمد لله هذا نعيشه في سوريا بشكل واضح جدا، إن كان الاختلاف المذهبي أو الطائفي. وشيء آخر أنا كثيرا ما أحمّل في لقاءاتي مع هذه المسميات أو الرموز المختلفة، أحمّل كبار الأمة من العلماء ومن رجال الدين المسؤولية الأولى، بقدر ما نكون نحن صادقين وواعين نؤثر على من وراءنا على من يسمع نصيحتنا على من يسمع كلمتنا، إن أردنا أن نتحدث بالمذاهب، المذاهب عندها المشترك الذي يجمعها دين واحد رب واحد نبي واحد كتاب منزل واحد قبلة واحدة نتجه إليها، ما أحوجنا أن ندرك هذا الذي يجمعنا وأن ندرك أن أهم ما تعاني منه الأمة اليوم والذي أدى إلى تدهورها وإلى ضعفها، أو استضعافها بالتعبير الأدق الأمة مستضعفة، عندها مقومات كثيرة، الذي أدى إلى هذا هو هذا الانفصام هذا البعد هذا التفرق هذا التشرذم، من الذي يستطيع بتأثير واضح أن يجمع شمل الأمة؟ علماؤها.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور بالانتقال، العلماء الربانيون كما ذكرت، بالانتقال إلى موضوع آخر فإنه على الرغم من حوار الحضارات ومؤتمرات حوار الأديان فإننا نرى أن الموقف بالإسلام في أوروبا وأميركا الشمالية يتسم بالعدواة وهذا يعني غير مخفي وغير، هو ظاهر للعيان من خلال الرسوم المسيئة من خلال الفيلم الهولندي الأخير من خلال اتهام القرآن بأنه يحوي آيات تحض على الإرهاب، طبعا هناك فعل وردات فعل، السؤال فضيلة الدكتور يعني كيف يمكن للعقلاء مواجهة هذا الشحن والتوتير بين الإسلام والغرب؟
رسالتنا اليوم هي أن نصحح الصورة الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، ومن ثم نوصل هذا الإسلام بنقائه وصفائه إلى الآخر |
عبد الفتاح البزم: بنفس السلاح الذي استطاع أعداء الإسلام أن يصلوا إلى هذه النتائج عند شرائح من الأوروبيين أو أميركا الشمالية، هم صوروا لهم أو أوصلوا لهم الصور القاتمة والمشوهة، على المسلمين أن يصححوا تلك الصور بالصور النقية الطاهرة الصحيحة السليمة، ليس فقط بالحوار وليس فقط في الإعلام. أنا زرت أوروبا كثيرا والتقيت بالجاليات الإسلامية قلت لهم سلوككم اليومي مع الآخرين مع الجيران مع الأماكن التي تدخلون إليها العامة بشراء أو بيع، مع التعامل، الإسلام وصل إلى بلاد شاسعة واسعة بالمصاهرة بالصداقات بالمعاملات التجارية بالصداقات، فنحن اليوم مو بدنا نوصل الإسلام بدنا نصحح الصورة الخطأ التي استطاع أعداء الإسلام بواسطة هذه الصور أن يشحنوا الآخرين بالعداوة على الإسلام والمسلمين، أن نوصل هذا الإسلام بنقائه وصفائه. أنا زرت جامعات أوروبية كثيرة وزارونا أيضا، لما وصلنا إلى هذه الحقائق الثابتة وإلى الصور الصحيحة بعضهم حملنا كمسلمين مسؤولية التقصير في إيصال الدعوة الإسلامية بوجهها المشرق إلى الآخرين، فحملتهم في الوقت نفسه أنكم تأثرتم بالصهاينة وبما فعلوه، الصهيونية معلوم كيف تسيء وتخطط وبتركيز وبيعني مراحل، قلت أنتم أيضا تأثرتم، أنتم لم تبحثوا عن الحقيقة، ينبغي أن تؤخذ الحقيقة من أصحابها ومن مجتمعاتها..
عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور ولكن البعض يضع هذه الحملات في سياق متصل وفق إستراتيجية معينة، بالعودة إلى مواجهة هذه الحملات، البعض يحمل الحكومات مسؤولية كبيرة حيث ما حصل من ردود فعل على مستوى المقاطعة الاقتصادية مثلا كانت من الشعوب من الناس بينما الحكومات بقيت على معاهداتها على صفقاتها على التزاماتها مع الدول دون أن تهدد هذه الدول بقطع علاقات دبلوماسية مثلا أو مقاطعة اقتصادية على مستوى الحكومات، ما رأيكم؟
عبد الفتاح البزم: أنا أحمل المسؤولية للجميع، المشكلة في أي شيء يوجهنا كل شريحة تحمل المسؤولية للشريحة الأخرى لتتبرأ هي من المسؤولية، أنا أقول بكل صراحة ووضوح وصدق إن شاء الله، الجميع يتحمل المسؤولية وكل شريحة مطالبة بالإمكانات التي تحت يدها وفي قبضتها مع ملاحظة أن تعذر كل شريحة الشريحة الأخرى بقدر ما تستطيع فالمسؤولية تحملها الحكومات ويحملها الدعاة ويحملها المفكرون وعناصر الأمة كلها وعند التعاون بين كل هذه الشرائح بهذا الهدف القوي نستطيع إن شاء الله أن نحقق هذا المطلوب.
عثمان عثمان: في ختام هذا اللقاء أشكركم الدكتور عبد الفتاح البزم مفتي دمشق ومدير معهد الفتح الإسلامي فيها، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، دمتم بأمان الله وإلى لقاء آخر بإذن الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.