سيرغي ايفانوف – وزير الدفاع الروسي
لقاء اليوم

سيرغي إيفانوف.. الموقف من ترسانة إيران

تستضيف الحلقة وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف ليجيب عن أسباب انضمام موسكو إلى المحذرين من سيناريو تقسيم العراق.

– الموقف الروسي من الوضع العراقي
– العلاقات الروسية الإيرانية

– سباق التسلح والموقف من حلف الناتو

عمرو عبد الحميد: السلام عليكم ورحمة الله أحييكم من العاصمة الروسية موسكو إلى هذه الحلقة من برنامج لقاء اليوم ضيفنا نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف، مرحباً بكم على شاشة الجزيرة.

سيرغي إيفانوف – نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الروسي: مرحباً بكم.

الموقف الروسي من الوضع العراقي

عمرو عبد الحميد: لنبدأ سيد إيفانوف من العراق كيف تقيّمون وتصفون الموقف هناك هل تتفقون مع الرأي القائل بأن حربا أهلية تشتعل الآن في العراق؟

سيرغي إيفانوف – وزير الدفاع الروسي: الوضع الحالي في العراق يدعو إلى التشاؤم، هناك ساسة وخبراء وإعلاميون وغيرهم يتحدثون صراحة عن تفكيك العراق إلى ثلاثة أو أربعة أقاليم، إنه سيناريو مفزع وليس بمقدور أحد التنبأ بعواقبه المؤكد أنها ستكون رهيبة، لن أتحدث عن حقائق معروفة مثل قتل وخطف مئات المواطنين يوميا والوضع يكاد يكون فوضوياً لذا يجب أن ندرك بأن أي جيشاً بغض النظر عن الدولة التي يتبعها ليس بمقدوره ضمان التسوية السياسية أو تحقيق الوفاق الاجتماعي بين الطوائف في العراق إذ أن ذلك لا يدخل في مهام الجيوش، المخرج الوحيد من أزمة العراق يكمن في توحيد وتضافر جهود المجتمع الدولي تحت راية الأمم المتحدة للتوصل إلى آية صيغة للتسوية حتى ولو كانت هشة، بلادنا قدّمت مساعدات كبيرة للعراق تمثلت في إلغاء مديونيته الضخمة التي قدرت بالمليارات لمساعدته على تجاوز الظروف الحالية، نحن ندعو إلى ما يعرف بلغة الخبراء بتسوية شاملة تتضمن حل كافة القضايا بما فيها المشكلات الطائفية وبذا يمكن وضح حدا للفوضى المسيطرة على العراق والتي تؤثر سلباً على الوضع الأمني في الشرق الأوسط بأسره.

عمرو عبد الحميد: كلماتكم عن العراق تدفعني للسؤال بخصوص الدعوة التي أطلقتها روسيا مؤخرا لعقد مؤتمر دولي حول العراق؟

"
روسيا دعت إلى مؤتمر دولي حول العراق تشارك فيه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول المجاورة للعراق، وهي سوريا وتركيا والأردن والسعودية والكويت وإيران، بغض النظر عن رغبة إحدى القوى الكبرى في مجلس الأمن
"

سيرغي إيفانوف: نعم ذلك ما أقصده تحديداً مؤتمر دولي لمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول المجاورة للعراق وأقصد سوريا وتركيا والأردن والسعودية والكويت وطبعاً إيران، يجب إشراك كل هذه الدول بدون استثناء في المؤتمر وعدم تجاوز أياً منها بغض النظر عن رغبة إحدى القوى الكبرى في مجلس الأمن.

عمرو عبد الحميد: بعد مرور خمسة أعوام على بدء الحرب على أفغانستان كيف تنظرون إلى تزايد قوة طالبان؟

سيرغي إيفانوف: كان لروسيا علاقات تقليدية مع أفغانستان منذ زمن طويل وبحكم تجربتنا هناك إبان العهد السوفيتي على الأقل نعرف ما جرى وما يجري هناك، لنتذكر فترة التسعينات كنا الدولة الوحيدة التي قدّرت آنذاك المخاطر التي نجمت عن سيطرة طالبان على أفغانستان وسأكشف سراً للمرة الأولى لقد كانت روسيا مع دول قليلة تقدم مساعدات اقتصادية وعسكرية لتحالف الشمال في ذلك الحين، كنا ندرك أهمية الأمر بالنسبة لأمننا القومي وكمساهمة من روسيا في مكافحة الإرهاب الدولي والنزعات الدينية المتطرفة وأعتقد أن تلك المساعدات لم تذهب سدى، بعد ذلك وصلنا مساعدة تحالف الشمال حتى دخل كابل عام 2001 وساعدنا القوات متعددة الجنسيات في حملتها العسكرية كما قدّمنا مساعدات تقنية عسكرية لحكومة كرزاي بمائتين مليون دولار، كل ذلك لرغبتنا في نشر الاستقرار والأمن ودرء مخاطر النشاطات الإرهابية لكننا نرى اليوم أن الوضع الراهن في أفغانستان بعيد جداً عن الاستقرار حتى وكأنه يبدو انعكاساً لما يجري في العراق وهو ما يثير قلقنا الشديد، السبب في ذلك أن جنوب وشرق أفغانستان لا يزالان كما كانا قبل خمس سنوات خاضعين عملياً لأنصار طالبان، القوات الدولية الموجودة في أفغانستان عددها غير كاف وهو ما أكده أعضاء الناتو وتحدثوا عنه صراحة في القمة الأخيرة، ثمة نقطة أخرى وهي أن تلك القوات تفتقر إلى التوازن في توزيعها الجغرافي إذ ينتشر قسمها الأكبر في الشمال الأفغاني حيث الطاجيك والأوزباك الذين لم يؤيدوا يوماً طالبان وحيث تفاقم الوضع الأمني نتيجة ما يجري في الجنوب والشرق، القوات الدولية عددها غير كاف هناك ولا أرغب بهذا الصدد إسداء نصائح لكن يتعين مراعاة مصالح جميع الطوائف والأعراق فأفغانستان على مدى تاريخها افتقرت إلى وجود حكومة مركزية والسلطة الفعلية كانت دوماً بيد حكّام الأقاليم وهي خصائص نفهمها نحن جيداً، أعود لمسألة الوضع الأمني الذي لم يعرف الاستقرار إلا بفرض سيطرة محكمة على الحدود الأفغانية الباكستانية.

العلاقات الروسية الإيرانية

عمرو عبد الحميد: لننتقل سيد إيفانوف إلى الملف الإيراني، روسيا بدأت مؤخراً توريد منظومة دفاع صاروخية إلى إيران رغم أن هذه الصفقة قوبلت بانزعاج من الولايات المتحدة وكذلك من إسرائيل هل يعني ذلك أن بلادكم ستواصل في المستقبل تعاونها العسكري مع إيران؟

"
لا توجد عقوبات بحق إيران وبالتالي يحق لأي بلد في العالم أن يبيع لإيران أسلحة مسموحا ببيعها وفق الاتفاقات الدولية
"

سيرغي إيفانوف: لنبدأ من مسألة الانزعاج، أعتقد أن الانفعالات في السياسة والاقتصاد والتجارة أمر غير مُجدي، ثمة قواعد للعبة واتفاقات دولية تسمح أو تحظر توريد أسلحة معينة لدول ما، في الوقت الراهن لا توجد عقوبات بحق إيران وبالتالي يحق لأي بلد في العالم أن يبيع لإيران أسلحة مسموحاً ببيعها وفق الاتفاقات الدولية، هناك نقطة أخرى تتعلق بنا في روسيا نحن نأخذ دائماً بعين الاعتبار مسألة التوازنات في أي منطقة نبيع فيها سلاحاً إذ لا نقوم بذلك إذا أخل الأمر بتوازن القوى في تلك المنطقة أو استخدم لأغراض هجومية وبصراحة إيران لا تدخل في قائمة الدول العشرة الأولى التي تشتري سلاحاً من روسيا، أما في الشرق الأوسط فلا تتصدر روسيا قائمة البلدان المورّدة للأسلحة هناك فالقائمة تتصدرها الولايات المتحدة بلا شك، الانزعاج أو عدمه يتعلق بالعاطفة ونحن في هذه الأمور نسترشد بالاتفاقات الدولية وما يتعلق بنظام (M1) الذي نسلمه لإيران أقول إنه نظام دفاع جوي مداه قصير وليس بإمكانه إلحاق ضرر بدولة ثالثة.

عمرو عبد الحميد: طيب هذا بخصوص إيران ماذا عن سوريا؟ الإسرائيليين انزعجوا أيضاً لأن صورايخ روسية حسب ادعاء الإسرائيليين طبعاً وقعت في يد مقاتلي حزب الله واستخدمها مقاتلوا الحزب في حرب لبنان الأخيرة.

سيرغي إيفانوف: نعم جرت أحاديث كثيرة حول هذه القضية التي استغلت من قبل بعض وسائل الإعلام وهو أمر نفهمه جيداً، أعتقد أن ملف تلك القضية قد أغلق تماماً، نحن عندما نبيع سلاحاً نحصل على تعهد يلزم البلد المشتري بعدم إعادة بيع ولو طلقة رصاص واحدة إلى بلد ثالث، لقد قام وفد من وزارة الدفاع الروسية بزيارة إلى سوريا وأجرى تفتيشاً أكدت لنا نتائجه عدم تسليم سوريا ما اشترته منا في الماضي من أسلحة إلى طرف ثالث، لقد أتضح وجود أسلحة ومعدات عسكرية لدى حزب الله مصنوعة في بلدان أعضاء في حلف الناتو، أنا لا أقول إن الناتو يمد حزب الله بالسلاح أعتقد أن متابعة تجارة الأسلحة صعبة للغاية وفي هذا الخصوص نؤيد التشديد في المراقبة وحق التفتيش المفاجئ على الأسلحة في البلدان المشترية لها وبالمناسبة نحن نتبادل حالياً مع الأميركيين المعلومات حول بعض الأنظمة الصاروخية المحمولة، لقد وقعنا معهم اتفاقات بهذا الشأن.

عمرو عبد الحميد: لو سمحتم لي السيد الوزير بالعودة لموضوع إيران كثيرون في الغرب يعتقدون أن إيران ستمتلك قنبلة نووية خلال خمس سنوات ما تعليقكم؟

سيرغي إيفانوف: طبقاً لكل المعطيات حتى اليوم أقول إن إيران لا تمتلك سلاحاً نووياً ولا حتى البلاتينيوم العسكري، بالطبع نحن نشعر بالقلق لأن نظام عدم الانتشار أصابه التعثر مؤخراً والمثال على ذلك التجارب النووية التي أجرتها كوريا الشمالية، من حق أي بلد في العالم الاستفادة من ثمار الطاقة النووية في الأغراض المدنية وفي نفس الوقت يتعيّن على المجتمع الدولي التأكد من عدم قيام دولة ما بنشاطات نووية لأهداف عسكرية، لو أرادت إيران مستقبلا تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية فبإمكانها ذلك وبإمكانها الاستفادة من المقترح الذي وافق عليه شركائنا في الاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة بخصوص إقامة مراكز لإنتاج الوقود النووي وبإشراف كامل من الوكالة الدولية، الوكالة لم تحصل على إجابات وافية من إيران بشأن النشاطات الإيرانية السابقة في تخصيب اليورانيوم، بإمكان إيران على الأقل وقف مؤقت للتخصيب من أجل معاودة المفاوضات مع المجموعة الدولية للخروج بحل للأزمة، أما موقفنا من مسألة العقوبات فيتلخص في رؤيتنا لعدم فاعلية فرض عقوبات ومثالنا على ذلك ما جرى في العراق، العقوبات يجب أن تكون متناسبة وغير شاملة وغير دائمة عدا ذلك ستسير الأمور إلى طريق مسدود فقد تقوم إيران في حال فُرضت عليها عقوبات بوقف التعاون كليا مع الوكالة أو الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار وهو ما لا نريده، يجب أن تكون العقوبات متناسبة.

عمرو عبد الحميد: مشاهدينا فاصل قصير نعود بعده لمتابعة حوارنا مع وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

عمرو عبد الحميد: أهلاً بكم من جديد نواصل حوارنا مع وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف، هل تتخذون خطوات ما لإقناع إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

سيرغي إيفانوف: بالتأكيد إيران جارة لنا والعلاقات الروسية الإيرانية جذورها بعيدة، أي توتر في المنطقة ينعكس سلباً على أمننا القومي ناهيك لو حدث تصعيد عسكري، إيران قريبة لنا جغرافيا مقارنة مع أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة لذلك تتسم سياستنا إزاء أزمة الملف النووي الإيراني بالتوازن ونقوم بالوساطة التي يجد فيها زميلي سكرتير مجلس الأمن القومي إيغور إيفانوف.

عمرو عبد الحميد: السيد إيفانوف روسيا لم تشارك بجنود في قوات حفظ السلام في لبنان لكنها في نفس الوقت أرسلت كتيبة هندسية إلى هناك ما تفسير ذلك؟

سيرغي إيفانوف: بالفعل روسيا لم ولن تشارك في قوات حفظ السلام في لبنان وفي هذا الصدد لسنا الدولة الوحيدة بين الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الذين لم يشارك منهم سوى فرنسا ومنطقنا هو أن كل هذه الفوضى التي جرت في لبنان ليس لنا يد فيها ولا نتحمل مسؤولية حدوثها، الوضع غير مستقر ونراقب بقلق المواجهة السياسية بين الفرقاء اللبنانيين عدا ذلك فلوضع في الجنوب مضطرب أيضاً، هناك حيث جرت العمليات العسكرية الأساسية لا يعرف أحد كم قنبلة عنقودية لم تنفجر حتى الآن، هذه القنابل التي ألقت بها المقاتلات الإسرائيلية توقع يومياً ضحايا من الأطفال والكبار، إن كشف ورفع هذه القنابل يحتاج إلى سنوات من جهة أخرى لم تقف بلادنا غير مبالية تجاه ما جرى في لبنان لقد قررنا تقديم المساعدة إلى أبناء الشعب اللبناني الذين تضرروا في المقام الأول فبعد تدمير الجسور وقطع الطرق عجز اللبنانيون عن التنقل من منطقة لأخرى لذا كان قرار إرسال كتيبة هندسية أقامت تسعة جسور لربط المناطق الحيوية تم ذلك في فترة وجيزة وبطريقة تسمح ببقاء هذه الجسور خمسين عاماً.

سباق التسلح والموقف من حلف الناتو

عمرو عبد الحميد: السيد إيفانوف بين حين وآخر تعلن أنت والرئيس بوتن عن نجاح روسيا في ابتكار أسلحة جديدة مثل إعلانكم عن صواريخ لا مثيل لها في العالم هل يعني ذلك تحسبكم لمخاطر خارجية أم أن الأمر يتعلق بسباق تسلح جديد؟

"
نطور ترسانتنا ليس بهدف تخويف أحد وليس للدعاية أو الاستعراض ولا لأننا نشعر بأي خطر، ولكن نخطط للمستقبل بحيث يشعر الروس بالأمن بعد ثلاثين أو أربعين عاما
"

سيرغي إيفانوف: لا هذا ولا ذاك الحديث يدور حول الأنظمة الاستراتيجية والصواريخ الباليستية عابرة القارات، نطور ترسانتنا ليس بهدف تخويف أحد وليس للدعاية أو الاستعراض كما أننا لا نشعر بأي خطر، السبب بسيط للغاية نحن نخطط للمستقبل بحيث يشعر الروس بالأمن بعد ثلاثين أو أربعين عاما كما هو الحال الآن، قد تظهر أمامنا مخاطر إن لم نقم بتطوير أسلحتنا، تعلمون أن قواتنا المسلحة اليوم تختلف جذرياً عن تلك التي كانت أبان العهد السوفييتي، لا نريد أن نكون بعبعا للعالم ولا نرغب أن يكون لدينا عدد من الرؤوس النووية يفوق ما لدى الدول الأخرى مجتمعة إنه منطق نرفضه منذ زمن ونستعيض عنه بآخر ينص على امتلاكنا سلاحاً نووياً يضمن لنا الأمن اليوم وبعد ثلاثين أو أربعين عاماً.

عمرو عبد الحميد: مَن هو العدو أو الخصم في العقيدة العسكرية الروسية؟

سيرغي إيفانوف: في نظريتنا العسكرية الحديثة لا وجود لمفهوم العدو أو الخصم فقد تخلينا عن هذه الأيدولوجيا، إننا نسعى لتطوير علاقات خالية من عناصر المواجهة لكن عالمنا المضطرب يُحتم على روسيا التي تمتد أراضيها عبر عشرة أحزمة زمنية امتلاك قوات مسلحة على قدر عال من الكفاءة وفي نفس الوقت ندرك تماماً أن ذلك لن يتحقق بدون تنمية وتطوير اقتصادنا والعكس أيضاً صحيح إذ يجب أن تكون قواتنا المسلحة قوية ليتطور تبعاً لذلك اقتصادنا، لا نريد أن يتكرر ما جرى قبل سبع سنوات حين اضطررنا إلى جلب قوات إلى الشيشان من كل أقاليم روسيا، ليس هناك ضرورة في الوقت الراهن للقيام بذلك حيث يوجد لدينا في كل إقليم بما في ذلك شمال القوقاز قوات قادرة على الانتشار السريع قوامها جنود مدربون وليسوا مراهقين عديمي الخبرة العسكرية بإمكانهم وضع حد لأي توتر قد يحدث.

عمرو عبد الحميد: لنتحدث عن مسألة توسع حلف الناتو ألا يقلقكم سيد إيفانوف أن بعض جيرانكم مثل جورجيا يسعى بقوة للانضمام لهذا الحلف؟

سيرغي إيفانوف: جورجيا دولة مستقلة منذ خمسة عشر عاماً ولقيادتها الحق بأن تقرر بدون تلقين من الخارج الانضمام أو عدم الانضمام إلى أي حلف، إنه أمر لا يعني روسيا لكن ما يعنينا هو الآتي تعلمون أن جورجيا نفذت مرتين عمليات تطهير عرقي في أوسيتيا الجنوبية ما أسفر عن مقتل وتهجير الآلاف من الأوسيتيين، لا يمكننا أن نتجاهل أن الغالبية العظمى من سكان أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا يحملون الجنسية الروسية التي اختاروها بمحض إرادتهم عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، إنه حقهم سواء قبلت ذلك القيادة الجورجية أم رفضته، نحن لا ننوي ضم أوسيتيا الجنوبية أو أبخازيا إلى أراضينا لكننا نراقب بقلق شديد أعمال العسكرة الجارية في جورجيا وقيام بعض أعضاء الناتو بمد جورجيا بالأسلحة ونعتبر ذلك خطراً جدياً يهدد باستئناف العمليات العسكرية في هاتين المنطقتين، بالطبع لن نسمح بالإساءة إلى قوات حفظ السلام الروسية الموجودة هناك أو التعرّض للسكان في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في ذات الوقت ندعو إلى الحوار السياسي فليس هناك داع للتلويح بالقوة.

عمرو عبد الحميد: ثمة تقارير تقول إن روسيا راقبت بدون ارتياح القمة الأخيرة للناتو لأنها عقدت في عاصمة جمهورية سوفييتية سابقة؟

سيرغي إيفانوف: لقد علمنا قبل عامين أن قمة الناتو ستكون في ريغا، أتفهم أن شريحة معينة في المجتمع الروسي تشعر بعدم الارتياح لأن الناتو رغم تصريحات قادته يظل حلفا سياسيا عسكريا كما أن توسع الناتو يصاحبه اقتراب آلته العسكرية من حدودنا ونحن لا نفهم الدواعي لذلك فهل وجود مقاتلات ومدرعات في لاتفيا أو بولندا يساعد في مكافحة الإرهاب الدولي أو في منع انتشار أسلحة الدمار الشامل أو في مساعدة القوات الدولية في أفغانستان؟ أشك في ذلك.

عمرو عبد الحميد: قبل أن ننهي الحديث عن حلف الناتو السيناتور الأميركي لوغار اقترح مؤخرا أن يستخدم الحلف المادة الخامسة من ميثاقه التي تتيح الدفاع عن أعضائه لاستخدامها في حال فرضت روسيا أو إيران حظراً على تصدير الغاز أو النفط ما تعليقكم؟

سيرغي إيفانوف: لسنا عضواً في الناتو ولا ننوي الانتساب إليه كما أن الناتو نفسه لا يرغب بضمنا إلى صفوفه، الناتو يملك الحق في مناقشة أية قضية لكننا نلمس مؤخراً تزايد الدعايات الموجهة ضد روسيا وكذلك التهم حول كبت الديمقراطية وممارسة إمبريالية جديدة بحق الجمهوريات السوفييتية السابقة أو استخدام معايير مزدوجة بشأن إيران وغيرها الكثير في قائمة طويلة، أقول لكم السبب قبل عشر سنوات صفقوا وهللوا لنا في الغرب وتحدثوا بإسهاب عن ازدهار الديمقراطية في بلادنا كنا حينها ضعفاء ولم نعد اليوم كذلك، بالطبع نقبل ونصغي لأي انتقاد لكننا نستغرب أن معلمينا يتهموننا اليوم أننا أصبحنا تلاميذ نجباء، تعلمنا مبادئ السوق في منتصف التسعينيات حتى بات اقتصاد بلادنا يحمل هذه المبادئ، نحن مستعدون لمناقشة سياستنا بشأن الطاقة التي تنطلق من حرصنا على ضمان تسويق لمنتجاتنا لعشرين سنة قادمة وإلا سيفقد كل شيء جدواه الاقتصادي، لن نقبل انتقادنا بشأن بيع الغاز بسعر أقل من سعر السوق العالمية سنورد منتجات الطاقة إلى أي بلد وفق هذا المبدأ لأننا نعيش في عصر عولمة السوق.

عمرو عبد الحميد: السيد إيفانوف بماذا تشعرون حينما يوجه لكم سؤالاً بات روتينيا على ما يبدو حول كونكم أحد أقوى المرشحين لخلافة بوتن على مقعد الرئاسة؟

سيرغي إيفانوف: نعم إنه سؤال روتيني اعتدت على سماعه، أشغل حالياً عدة وظائف في آن واحد أنا وزير الدفاع وهي ليست مزحة ونائب رئيس الوزراء المسؤول عن المؤسسة العسكرية بما في ذلك قطاع التصنيع العسكري كما أشرف على قطاع أمن الطائرات المدنية، وسط هذا كله لو انشغلت بشيء آخر سأعجز عن القيام بمسؤولياتي الحالية وهناك مثل روسي شهير يقول من الصعب الجلوس على مقعدين في وقت واحد.

عمرو عبد الحميد: سيرغي إيفانوف وزير الدفاع الروسي شكراً جزيلاً لكم، مشاهدينا وحتى اللقاء في حلقة قادمة لكم كل التحية من فريق البرنامج ومني عمرو عبد الحميد دمتم بخير.

إعلان
المصدر : الجزيرة