وارتان أوسكانيان .. أرمينيا والحملة على الإرهاب
مقدم الحلقة: | جمال ريان |
ضيف الحلقة: | وارتان أوسكانيان: وزير خارجية أرمينيا |
تاريخ الحلقة: | 14/05/2002 |
– دور أرمينيا في الحملة على الإرهاب وتأثيره في علاقاتها بروسيا
– العلاقات الأرمينية بكل من أميركا وإيران
– العلاقات الأرمينية بتركيا وأذربيجان
– أرمينيا والحرية الإعلامية فيها
– حقيقة علاقات وتعاون أرمينيا مع إسرائيل
![]() |
![]() |
جمال ريان: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من (لقاء اليوم) ونرحب بوزير خارجية أرمينيا السيد (وارتان اوسكانيان). السيد الوزير نرحب بك.
لو بدأنا الحديث في الواقع يعني في إطار التطورات السياسية الدولية الآن ما هو الدور الذي تلعبه أرمينيا فيما يتعلق بالحملة ضد ما يسمى بالإرهاب؟
دور أرمينيا في الحملة على الإرهاب وتأثيره في علاقاتها بروسيا
وارتان أوسكانيان: أولاً دعني أشكر قناة (الجزيرة) لإتاحتها هذه الفرصة لي لأتكلم لي لأتكلم إلى العالم العربي والشعوب العربية، أنا هنا في زيارة رسمية، وأريد حقاً أن أشكر قناة (الجزيرة) من هنا لاتاحتها الفرصة لي لأتحدث، بعد الحادي عشر من سبتمبر عندما بدأت هذه الحملة ضد الإرهاب انضمت أرمينيا مباشرة إلى الائتلاف الدولي، لأنه بمجرد وقوع ذلك الحادث شعرنا حالاً بأنه ليس تهديداً للولايات المتحدة فحسب، ولكنه أوسع نطاقاً ويمس مناطق أخرى وبلداناً أخرى أيضاً فقررت أرمينيا الانضمام على الفور إلى الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب فانضممنا إلى كل القرارات واللوائح الدولية التي اتخذتها الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، إذن نحن جعلنا أنفسنا جزءاً من هذا الائتلاف، بحيث ندلي بمساهمتنا في محاربة الإرهاب الدولي.
جمال ريان: يعني هل لك أن تكون أكثر ايضاح، يعني إن.. إن.. يعني بأى السبل أو الوسائل التي يعني قدمتها أرمينيا في هذا المجال؟
وارتان أوسكانيان: بعد الحادث مباشرة عندما اجتمعت الدول لمكافحة الإرهاب طُلب من أرمينيا أن تقدم مساهمتها، طُلب منا السماح باستعمال مجالنا الجوي لطائرات الائتلاف، وهو ما استجبنا له حالاً وسمحنا باستعماله كما وفرت أرمينيا مدارج طائراتها للهبوط وإعادة التزود بالوقود، كما قدمنا مساهمتنا في مجال اتخاذ القرار في المنظمة الدولية عندما احتاج الأمر إلى أصواتنا لتبني القرارات واللوائح ذات الصلة بمحاربة الإرهاب.
جمال ريان: طيب، يعني واضح إن الولايات المتحدة يعني فتحت الآن منافذ عبر الحدود الواقعة جنوبي بحر قزوين، عبر ذلك التعاون مع بعض الدول، هل يُضر هذا التعاون العسكري مع الولايات المتحدة بعلاقات أرمينيا مع حليفتها الاستراتيجية روسيا؟
وارتان أوسكانيان: في هذه اللحظة لا يؤثر، لأن مجال ومستوى الوجود الأميركي في جورجيا وآسيا الوسطى هو في مستواه الأدنى، وذلك يتجلى في الاقتصار على وجود المدربين، فهو ليس وجوداً عسكرياً كما هو الحال في بلدان أخرى، إذن هذا ما يزال وضعاً جنينياً ولسنا نعرف في واقع الأمر كيف يمكن أن تتطور الأمور. في الظاهر نرى نوعاً من الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة بخصوص الوجود الأميركي لا سيما في القوقاز، لكن في هذا الوقت لا نرى ضرراً كبيراً على أرمينيا أو على العلاقات الأرمينية الروسية فيما يتعلق بالمسائل الأمنية في القوقاز، لكن كيف ستتطور الأمور؟ يصعب عليَّ أن اتكهن به، وكما يبدو الأمر الآن فلا داعي للقلق من العواقب السلبية في المستقبل القريب..
جمال ريان: ولكن يعني إذا كان هناك وجود أو تعاون عسكري أميركي في منطقة القوقاز، هل تعتبرون ذلك عامل استقرار أم عدم استقرار في المنطقة؟
وارتان أوسكانيان: أقول إن ذلك مرتبط بكيفية تطور الأوضاع وتطور العلاقات الأميركية الروسية والعلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في الشهور القادمة، كل هذا سيحدد ما إذا سيكون الوجود العسكري الأميركي في القوقاز مصدر نزاع وتوتر، أو أنه سيساهم في الاستقرار والسلام الشامل في هذه المنطقة الهشة من العالم، ومرة أخرى علينا أن نترقب ونرى كيف ستتطور الأمور، وبخصوص أرمينيا فإن استقرار جورجيا مهم جداً لنا، لأن اتصال أرمينيا بباقي العالم ولا سيما مع أوروبا والبحار هو عبر جورجيا، إذن استقرار جورجيا مهم جداً، نحن نتابع الأحداث عن كثب ونأمل أن تتطور بشكل لا يؤثر سلباً على جورجيا ولا يهدد استقرارها، بل على العكس من ذلك نأمل أن يساهم في الاستقرار والسلام الشامل في المنطقة.
جمال ريان: هل.. هل تعتقدون أن هناك عناصر من تنظيم القاعدة قد فرت إلى مناطق مجاورة بالنسبة.. بالنسبة لأرمينيا؟
وارتان أوسكانيان: حسناً ليس لدينا معلومات استخبارية كثيرة عن هذه المسألة، لكن ما نسمعه من مصادر رسمية كالأميركيين والآخرين أنه وقع تسلل من عناصر مقاتلي القاعدة في المنطقة والقوقاز، وأحد الأسباب التي يبرر بها الأميركيون وجودهم في القوقاز هو محاربة عناصر تنظيم القاعدة في جورجيا، إذن بالتأكيد وقع تسلل، أما ما هي السبل التي سلكها المتسللون فمن الصعب تحديدها بدقة، لكننا نفترض أنهم لم يتسللوا إلى أرمينيا، الطريق الذي سلكوه هو إلى أذربيجان وجورجيا والمضائق في شمال جورجيا.
العلاقات الأرمينية بكل من أميركا وإيران
جمال ريان: أنتم في الواقع يعني تنشدون التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية، أيضاً تريدون نفس الشيء مع إيران، إيران توصف من قبل الولايات المتحدة بأنها إحدى دول محور الشر، ما الذي تريدون من الولايات المتحدة؟ وكذلك ما الذي تريدون من إيران؟
وارتان أوسكانيان: البلدان لهما علاقات جيدة، فمن اليوم الأول لاستقلالنا طورنا علاقات جيدة مع إيران، وقد مرت الآن عشر سنوات منذ بدء تلك العلاقات الطيبة والتي توسعت وتعمقت بمرور الزمن، ووقع الشيء نفسه مع الولايات المتحدة، إن سياسة أرمينيا في المنطقة والقوقاز هي ما نسميه نحن سياسة التكامل، بمعنى أن ما نفعله مع بلدٍ ما يكمل ما نفعله مع بلدٍ آخر، رغم ما قد يبدو من تنازع مثل الذي بين الولايات المتحدة وإيران، وبين الولايات المتحدة وروسيا، سياستنا هي جعل مصالح تلك القوى في المنطقة تتصالح بدل أن تتصادم بطريقة مباشرة، هذه هي السياسة العامة التي تبنتها أرمينيا، وهي تطوير علاقات طيبة قدر ما نستطيع وبقدر ما يريد الطرف الآخر تطويرها وتوسيعها وتعميقها. إذا نظرت في سياستنا في المنطقة سترى أن علاقاتنا جيدة مع روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران، ونحن لا نرى تناقضاً بفعل هذا، لأن الفرص المتوفرة تسمح لنا بسلوك هذا النوع من السياسة، فنحن بقدر ما لا نلعب على تناقضات بين تلك الدول مثل تلك التي توجد بين الولايات المتحدة وإيران وبين الولايات المتحدة وروسيا فإن هذه السياسة التكاملية ناجحة وتُعطي نتائج، وعلينا أن نكون منفتحين جداً وصرحاء وأن لا نلعب ببلدٍ ضد بلدٍ آخر، إن علينا أن نقول ببساطة إن مصالح أرمينيا هي أن ترى لتلك الدول وجوداً في المنطقة بطريقة ايجابية، تلك المصالح يمكن أن تتنافس ويمكن أن تتصالح كذلك بدل أن تدخل في تصادم مباشر.
جمال ريان: يعني الولايات المتحدة يعني تعتبر القريب البعيد بالنسبة لكثير من دول العالم، ولكن فيما يتعلق بإيران، إيران دولة مجاورة لأرمينيا، بالتالي ما هي أوجه التعاون بين البلدين؟
وارتان أوسكانيان: علاقاتنا مع إيران يغلب عليها الطابعان الاقتصادي والتجاري، ومن الناحية التاريخية كانت علاقاتنا جيدة جداً، وعندنا جالية كبيرة في إيران يقدر عددها بمائة وخمسين ألف أرميني، وكانت علاقاتنا على مدى التاريخ ممتازة، ليس لأرمينيا اليوم أى مبرر لعدم تطوير علاقات طيبة مع إيران لأن الإيرانيين ومنذ اليوم من استقلال أرمينيا كان له موقف ايجابي ومتوازن جداً من أرمينيا و(ناجورنو قرباخ) وأذربيجان على عكس تركيا، وأنا أريد أن أجرى هذه المقارنة بين ما فعله الإيرانيون في السنوات العشر الماضية وما فعله الأتراك، السياسة الإيرانية كانت متوازنة وطيبة جداً مع أرمينيا وأذربيجان وله موقف محايد جداً من (ناجورنو قرباخ)، تركيا فعلت عكس ذلك تماماً، لقد وقفت إلى جانب أذربيجان بشكل سافر وحاصرت أرمينيا ورفضت إقامة علاقات دبلوماسية مع أرمينيا. سياسة تركيا تخلق عدم توازن في المنطقة، لكن سياسة إيران أكثر توازناً بكثير، إذن دور إيران هو بناء أكثر ويساهم في الاستقرار والسلام الشاملين، أما في حالة تركيا فالوضع مختلف.
العلاقات الأرمينية بتركيا وأذربيجان
جمال ريان: لكن يعني الأتراك يقولون عنكم نفس الشيء الذي تقوله الآن، الأتراك يقولون أنكم أيضاً تبحثون عن دور وأن وجودكم في المنطقة يعني هو مصدر للشغب والفتنة وقال يعني الرئيس التركي السابق (سليمان ديميرل) بأن أرمينيا هي إسرائيل الثانية في المنطقة وأنكم تثيرون الشغب، ما تعليقك على ذلك؟
وارتان أوسكانيان: أولاً تركيا حليف استراتيجي لإسرائيل، وتصريح (ديميرل) يفاجئني حقاً، إذ قال إن أرمينيا هي التفاحة الفاسدة في المنطقة، هذا تناقض في حد ذاته، لأن الأتراك طوروا علاقات استراتيجية ويدعمون إسرائيل عسكرياً وفي مجالات أخرى، بالطبع ما قاله ديميرل والذين خلفه لا أساسي له ولا قاعدة، فأرمينيا تلعب دوراً ايجابياً جداً وبناءً في المنطقة، نحن دولة صغيرة قلقة جداً على أمنها وأمن المنطقة، لأننا شعب مهووس بالأمن بسبب تاريخنا والعدوات التي كانت طيلة قرون، وبسبب تعقد الوضع الجغرافي الذي نحن فيه، كل هذا يجعلنا مهووسين بالأمن، ولا نفعل أي شيء في المنطقة ما لم نكن مجبرين عليه، وهذا يؤثر على السلام والاستقرار في المنطقة، أرمينيا ليست إسرائيل هذه المنطقة، بل على العكس من ذلك نعتبر قرباخ هي فلسطين هذه المنطقة، لأننا نساند حق شعب (قرباخ) في تقرير المصير مثل شعب فلسطين الذي يُكافح من أجل حق تقرير مصيره. نحن نناضل من أجل حقوق شعب (قرباخ) التي هُضمت خلال السنوات الخمس والسبعين من العهد السوفيتي، وكذلك بعد الاستقلال مباشرة عندما بدأت أذربيجان تحرمهم من حقوقهم عندما اختاروا تقرير مصيرهم بطريقة سلمية، ذلك المطلب السلمي تحول إلى نزاع دموي لأن أذربيجان اختارت القمع العسكري لحركة تقرير المصير التي يقوم بها شعب ناجورنو قرباخ.
جمال ريان: ولكن يعني فيما يتعلق.. فيما يتعلق بناجورنو قرباخ يعني أنتم ما زلتم تحتلون حوالي 20% من أراضي أذربيجان مثل مناطق (فضولي) و(لاتشن) وهي يعني كما يُقال جزء من إقليم متنازع، يعني من المنطقة التي متنازع عليها، الآن هذا الصراع يعني تقريباً مضى عليه حوالي أربعة عشر عام ولم يتم إحراز أي تسوية، هناك وقف إطلاق النار، لماذا باعتقادك فشلت محاولات التسوية؟
وارتان أوسكانيان: أولاً دعني أصحح الأرقام، هذه الأرقام مضللة والقول إن أرمينيا تحتل 20% من التراب الأذري ادعاء خاطئ، أولاً قرباخ ليست من التراب الأذري، ولم تكن كذلك أبداً إلا في عهد الاتحاد السوفيتي بسبب القرار (ستالين) ومرسومه غير القانوني الذي جعلها تحت السيطرة الأذرية،
قبل صبغ قرباخ بالطابع السوفيتي لم تكن جزءاً من أذربيجان، أذربيجان كبلد هر إلى الوجود في عام 1918، وخلال تلك الفترة لم تكن قرباخ جزءاً منها، وعندما طلبت أذربيجان الانضمام إلى عصبة الأمام عام 28 رفضت عصبة الأمم ذلك قائلة: إنها لا يمكن أن تقبل عضوية أذربيجان ضمن الحدود التي وردت في طلب الانضمام والتي شملت قرباخ، لقد قالت عصبة الأمم بوضوح والسجلات موجودة وصريحة في هذا الشأن: إن قرباخ ليست جزءاً من أذربيجان، لهذا السبب رُفض طلب عضوية أذربيجان في عصبة الأمم، لقد كان (استالين) أول واحد على كوكب الأرض وضع سياسة "فرق تسد"، ووضع قرباخ كما وضع أقليات أخرى في الاتحاد السوفيتي بحيث يستطيع التحكم فيها من موسكو بسهولة كبيرة، وجعل قرباخ التي يسكنها الأرمينيون داخل التراب الأذري، لم يكن ذلك قانونياً واعترضت عليه أرمينيا، لكن لا أحد استمع إليها، لأنها كانت الفترة السوفيتية، لكن بعد سقوط الاتحاد السوفيتي مباشرة طالب أرمينيو ناجورنو قرباخ بحقهم في تقرير المصير،ومنذ ذلك الحين رفضت أذربيجان الاعتراف بمطلبهم السلمي في حق تقرير المصير، في هذه اللحظة يتحرك المسار السياسي ببطء أكبر، ولقد أشرت سابقاً إلى أنه بعد أربعة عشر عاماً من النزاع ليس لدينا حل والسبب هو عدم رغبة أذربيجان في التقدم على مسار هذه المسألة، فهي تصر على أن القرباخ يجب أن تبقى جزءاً من أذربيجان. هذا من الماضي، ونحن لا نستطيع أن ندير العجلة إلى الوراء، ففي عام 91 نالت قرباخ حق تقرير المصير، لقد كافحت وانتصرت،ومنذ أكثر من 10 سنوات تسيطر قرباخ على مصير المنطقة ولا إمكانية لإعادتها إلى أذربيجان مجدداً، وعندما يعترف حكام أذريبجان بهذه الحقيقة ليس فقط بسبب ما يرونه على الأرض، وإنما بسبب الأسس التاريخية والقانونية لهذا النزاع كذلك، فعندئذٍ من السهل التقدم إلى الأمام على المسار اليساسي.
جمال ريان: يعني ما الذي تريدونه بالتحديد من تركيا حيث تطالبون بالمسؤولية عما وقع للأرمن في تركيا عام 1915، هل تريديون اعتذار من تركيا؟ هل تريدون أرض؟ هل تريدون تعويض مالي؟ ما هي الفائدة من اجترار التاريخ الآن، كذلك تقليب صفحات الماضي؟ يعني أنت تتحدث عن الماضي كثيراً.
وارتان أوسكانيان: لقد كنا أمة بدون دولة حتى عام 1991 لأننا فقدنا دولتنا في عام 20، وتلك الدولة عمَّرت سنتين فقط، وهي فترة لا يعتد بها في التاريخ، وآخر مرة فقدنا فيها دولتنا كانت في عام 1395 من القرن الرابع عشر، وخلال القرون اللاحقة عاش الأرمنيون من دون دولة، ولهذا السبب للاستقلال قيمته الكبيرة عندنا، نحن الآن لدينا دولة مستقلة وشتات أرمني كبير في كل أنحاء العالم، والسبب في ها الشتات هو إبادة عام 1915 التي ارتكبها العثمانيون، والأرمنيون الذين نجوا أبعدوا خارج تركيا إلى صحراء سوريا وتوطنوا في بلدان عربية انتشروا منها إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا، والآن عندنا دولة في أرمينيا وشتات كبيرة في العالم. أرمينيا تريد أن تكون دولة تعيش في سلام مع جيرانها كلهم، ورُغم الماضي مع تركيا نحن نريد إقامة علاقات طبيعية (مع كل الجيران) وبتحقيق ذلك على تركيا أن تعترف أن في بداية القرن العشرين، أي في عام 1915 وقعت إبادة، عليهم الاعتراف بذلك كتعويض أدنى، ونحن نخفف من حزن الأرمنيين عندما نرى تركيا تعترف أن ظلماً حاق بالشعب الأرميني، وفيما بعد هذه اللحظة ليس على جدول أعمال السياسة الخارجية الأرمينية أن تتابع الأمر أكثر من ذلك. إذا اعترفت تركيا بالإبادة فسوف تساعد على التطبيع بين تركيا وأرمينيا بشكل كبير، غير أنه يجب أن أشير إلى أن أرمينيا لا تضع الاعتراف بالإبادة شرطاً للتطبيع مع تركيا، وسبب عدم وجود علاقات مع تركيا الآن ليس هو أن أرمينيا تضع شروطاً، بل لأن تركيا هي التي تضع الشروط لتطبيع العلاقات مثل الشرق المرتبط بحل نزاع قرباخ وهو نزاع مع أذربيجان التي هي دولة ثالثة، فتركيا يجب عليها أن تطبع علاقات مع أرمينيا بحيث تكون لها علاقات حسن جوار، والمسائل العالقة كالإبادة يمكن أن توضع على أجندتنا الثنائية، ويمكن مناقشتها على مستوى حكومي، عندما تكون لنا علاقات طبيعية مع تركيا.
جمال ريان: لكن لماذا تبقون على وجود قواعد عسكرية روسية على الحدود مع تركيا؟
وارتان أوسكانيان: سبب وجود قواعد روسية هو بالضبط أنه ليس لدينا علاقات طبيعية مع تركيا، وبسبب تاريخنا القديم ما نزال نحس بأننا مهددون من تركيا، وكما قلت نحن شعب مهووس بالأمن، لأن لدينا نزاع (ناجورنو قرباخ)، ولأن تركيا تساند أذربيجان من دون مواربة عسكرياً وبطرق أخرى، فنحن قلقون من أنه إذا اندلعت الحرب بسبب (ناجورنو قرباخ) يمكن أن تتدخل تركيا، لهذا السبب نحتاج إلى وجود قوات روسية بحيث نردع أي تدخل عسكري محتمل في المنطقة ولا سيما في أرمينيا، هذا هو القلق الرئيس لدينا، ولهذا لدينا تعاون وثيق في المسائل الأمنية والعسكرية مع الفيدرالية الروسية.
[فاصل إعلاني]
أرمينيا والحرية الإعلامية فيها
جمال ريان: من الناحية الإعلامية، يعني أنت قلت لي في بداية هذا اللقاء أنكم يعني وجهت تحية يبدو أنك من مشاهدي (الجزيرة) هل صحيح ذلك؟
وارتان أوسكانيان: هذا صحيح أنا بأتفرج (الجزيرة) كل يوم، أنا عندي الدش بالبيت أنا لما بأرجع من عمل حوالي الساعة 10 ، 11 ، بأتفرج الأخبار، وبأظن إن (الجزيرة) بيعمل عمل عظيم، لأنه (Coverage) اللي بيعطي (للجزيرة) خاصة عن الدول العربية والقضية الفلسطينية والشرق الأوسط ضروري كتير وعشان فيه أهمية كبيرة وأنا كوزير خارجية أرمينيا بأتفرج كل يوم برامج.. برامج (الجزيرة).
جمال ريان: طيب إعلامياً في داخل أرمينيا يعني يُقال بأن هناك بعض الانتهاكات التي تتم لوسائل الإعلام فضلاً عن بعض التقارير التي تقول بأن هناك أيضاً انتهاكات لحقوق الإنسان، يعني آخر خبر سمعنا به وهو سحب ترخيص محطتين للتليفزيون وهي محطات مستقلة وهذا قُبيل الانتخابات في أرمينيا، ما تعليقك على ذلك؟
وارتان أوسكانيان: هذا ليس صحيحاً، والطريقة التي صُغت أنت بها السؤال لا تعكس الحقيقة، لأننا لم نسحب تراخيص تلك المحطات التليفزيونية، التراخيص انتهى أجلها وحسب القانون الأرميني تُعْرض موجات البث على المزايدة بحيث يستطيع الآخرون المشاركة، ومن يقدم أكبر العروض أو يقدم أحسن البرامج يستطيع الفوز بالعرض ويحصل على موجات البث، ليس الأمر وكان الحكومة أو الرئيس قرر عشوائياً سحب التراخيص، كلا، عندنا قانون للإذاعة والتلفزة مطابق للمعايير الأوروبية، وحسب هذا القانون توفر الدولة موجات البث مدة خمس سنوات، وبانتهاء هذه المدة تُعرض على المزايدة، بحيث تتمكن كل الشركات والأفراد الراغبين من المشاركة، لسوء الحظ إذا جاز وصف الأمر كذلك – هو أن انتهاء أجل الترخيص الأول صادف تليفزيوناً يملكه حزب معارض، لهذا وقعت مثل تلك الضجة، وإلا لكان كل شيء يُقبل بطريقة عادية لو أن ترخيص محطة أخرى انتهى، ولكن لأنه كان تليفزيون معارضة أثار الجميع ضجة كبرى قيل فيها إن ذلك تم عن قصد بينما الصحيح أنه تم وفق روح القانون الأرميني ونصه الذين يتطابقان والقانون الأوروبي، والقول إن أرمينيا سحبت التراخيص ليس دقيقاً.
حقيقة علاقات وتعاون أرمينيا مع إسرائيل
جمال ريان: في الحقيقة يعني فاتني سؤال مهم جداً، هل لديكم أوجه علاقات وتعاون مع إسرائيل؟
وارتان أوسكانيان: طبعاً لدنيا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ووقعنا بروتوكولات مثلما فعلنا مع كثير من البلدان، لكن ليس لدينا سفارة في تل أبيب، ولدينا بعض الاتصالات ونحن نتابع عن كثب الأحداث في الشرق الأوسط، ونحن قلقون لذلك، وبالطبع تتعاطف قلوبنا مع الشعب العربي ومع الفلسطينيين، فعندما نرى على شاشات التليفزيون الخراب الذي وقع في الشهور القليلة الماضية نأمل أن تتغير الأشياء ونعرف أن هذا الخراب والاحتلال.. وإعادة الاحتلال العسكري سيعقد مسار السلام، وهذا يهمنا كثيراً.
نأمل أن تغير إسرائيل سياساتها وأن تسحب قواتها، لأننا انضممنا إلى الدعوات الدولية وكل القرارات الأممية التي تدعو إسرائيل إلى الانسحاب، وأن تجلس مع القيادة الفلسطينيين للبدء في مفاوضات حول وضع فلسطين الذي تحدثت عنه المجموعة الدولية بأن للفلسطينيين الحق في دولة ضمن حدود معترف بها، وهو موقف تؤيده أرمينيا وتساند حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
جمال ريان: السيد وزير الخارجية.. وزير خارجية أرمينيا شكراً جزيلاً لك.
وارتان أوسكانيان: شكراً.