لقاء اليوم

معين الدين حيدر .. الانتخابات الباكستانية

هل الظروف السياسية في باكستان مهيأة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ ماذا لو حققت الجماعات الإسلامية فوزا في هذه الانتخابات؟ ما هي آثار أحداث سبتمبر على توجهات السياسة الباكستانية؟ وما هي حقيقة المخاوف على البرنامج النووي الباكستاني؟ هذه الأسئلة يجيب عنها وزير الداخلية الباكستاني معين الدين حيدر.
مقدم الحلقة: عدنان الشريف
ضيف الحلقة: معين الدين حيدر: وزير الداخلية الباكستاني
تاريخ الحلقة: 11/09/2002

– طبيعة العلاقات الإيرانية الباكستانية
– مشاركة القبائل الباكستانية في الانتخابات
– موقف باكستان من الأحزاب المعارضة بالخارج

– الحكومة الباكستانية والإسلامية في الانتخابات القادمة

– مدى تأثير أحداث الحادي عشر من سبتمبر على سياسة باكستان

– الوجود الأميركي في باكستان وتأثيره على برنامجها النووي

– الموقف السياسي الباكستاني تجاه قضايا الشرق الأوسط

undefined

عدنان الشريف: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في هذا اللقاء الخاص يسرنا أن يكون معنا سعادة السيد معين الدين حيدر ( وزير الداخلية الباكستاني) لنتحدث عن الشؤون الباكستانية داخليًا، وأيضًا على الصعيد الدولي، حيث تمر باكستان في فترة يمكن وصفها الآن بالحرجة، لأن باكستان مقبلة على انتخابات نيابية في الشهر القادم، ستكون محور جزء من حديثنا هذا مع السيد الوزير، أهلاً بكم.

معين الدين حيدر: Thank you

عدنان الشريف: السيد الوزير ما هي أهم الموضوعات التي تناقشونها مع المسؤولين خلال جولتكم الحالية؟

معين الدين حيدر: حسنًا، لا أقوم حاليًا بجولة شاملة للمنطقة، والواقع أن الشق الرسمي من زيارتي كان يتعلق بإيران، أما زيارتي لقطر فكانت متوقعة فحسب، لأن الأمير كان خارج البلاد، لكني جئت الآن لمقابلته، ولقد كان من لطفه أن منحني هذه الفرصة، حيث خصني بمقابلة خاصة، كما كان لي لقاء جيد مع وزير الخارجية.

عدنان الشريف: إذن ما هي أهم الموضوعات التي ناقشتها معه؟

معين الدين حيدر: مع الإيرانيين؟

عدنان الشريف: Yes.

معين الدين حيدر: إيران هي جارتنا طبعًا، ولدينا معها الكثير من القضايا التي يجري التشاور بشأنها باستمرار، لقد استقبلت العديد من الوزراء الإيرانيين، لكن خلال السنتين ونصف التي أمضيتها في منصبي حتى الآن لم تتح لي إمكانية الذهاب إلى هناك، وبالتالي أزورها الآن لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، حيث سنناقش جملة من القضايا الثنائية، ومن ضمنها مشاكل الحدود ومراقبة المخدرات والتهريب، وإلى غير ذلك من أمور.

إعلان


طبيعة العلاقات الإيرانية الباكستانية

عدنان الشريف: وكيف تصف العلاقات الإيرانية الباكستانية في الظروف الحالية؟

معين الدين حيدر: أود القول إنها علاقات جيدة، وهي علاقات تفاهم، كما أن التعاون بيننا في ازدياد مستمر، خاصة في مجال الدور الفاعل لقوات البلدين على الحدود ضد مهربي المخدرات والمشاكل الأخرى، والآن هناك موضوع أفغانستان أيضًا، حيث لا توجد أي مشكلة في الموقف بشأنه، وحيث لا تزال علاقات البلدين تتعمق وتنمو ويتسع نطاقها.

عدنان الشريف: في هذه الأيام عندما تذكر باكستان في وسائل الإعلام فإن المراقبين أول ما يتبادر إلى ذهنهم موضوع الانتخابات التي ستجري في الشهر القادم، فإذا أخذنا الظروف الحالية عالميًا وما تعيشه باكستان من ظروف داخلية بالنسبة للانتخابات، هل تعتقد بأن باكستان مؤهلة الآن لانتخابات حرة ونزيهة ترضي.. أو نتائجها ترض كل الأطراف؟

معين الدين حيدر: لا أستطيع الجزم بذلك، لكن كل الأحزاب ستكون راضية، ورئيسنا ملتزم بذلك، وإن شاء الله ستكون الانتخابات عادلة وشفافة أمام أنظار العالم كله، وكذا أمام أنظار جميع الباكستانيين، ونرحب بكل شخص يريد أن يأتي لمراقبة الانتخابات، وهناك لجان كثيرة ستأتي من أنحاء العالم، والرئيس ملتزم بإجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر، لقد تم الإعلان عن ذلك بالفعل، أعلمُ أن الهنود على الحدود، وأن أمورًا تحدث في أفغانستان، لكن كل شيء تخت السيطرة، ونأمل أن تسير الانتخابات دون مشاكل.

عدنان الشريف: هي ذات هذه الأحزاب موجودة خارج باكستان، ولكن إذا تحدثنا عن الأطراف الموجودة داخل باكستان، كيف يمكن إقناع القبائل مثلاً بنتائج الانتخابات مع الشروط الكثيرة التي تفرض على الذين يترشحون في هذه الانتخابات؟ على سبيل المثال كيف يمكن تمثيل القبائل إذا كان يجب على المرشح أن يكون يحمل شهادة جامعية؟

معين الدين حيدر: نعم، أولاً وقبل كل شيء ليست هناك أحزاب في الخارج، هناك زعيم واحد أو اثنان فقط خارج باكستان، وكل الأحزاب الخاصة بهم هي في الداخل، وتقوم بتنظيم أنشطتها وتعمل وتصل إلى جمهورها، وتستعد لخوض الانتخابات، وهذا أمر يجب توضيحه، فهناك ثلاثة زعماء فقط خارج البلاد، لكن أحزابهم ستشارك في الانتخابات.


مشاركة القبائل الباكستانية في الانتخابات

ثانيًا: أود التنبيه إلى أننا أجرينا إحصاءً شمل كل مقاطعات باكستان، ووجدنا أن المقاطعات والمناطق القبلية أكثر بعدًا وتخلفًا، حتى في تلك المناطق يوجد سبعمائة أو ثمانمائة إلى ألف وثلاثمائة متخرج، بينما في مقاطعات أخرى أكثر تقدمًا نجد اثني عشر إلى ثلاثة عشر ألف متخرج، سيتم اختيار مرشح واحد أو مرشحين من بينهم، وبالتالي فإن ذلك لن يكون صعبًا، ما أحاول قوله هو أن وظيفة المنتخبين هي التشريع وصناعة قوانين جديدة، وإذا كانوا مؤهلين ومتعلمين ستكون هناك وجوه جديدة، وسنؤدي خدمة جليلة لباكستان.

عدنان الشريف: ولكن ماذا عن اعتقال مائة من أنصار حزب الشعب.. حزب (بناظير بوتو) بإقليم السند؟ كيف يمكنكم القول أنه ليس هناك تأييد لزعماء الأحزاب الموجودين خارج باكستان، وأن الحكومة قد رفضت ترشحهم للانتخابات؟

معبن الدين حيدر: لا، أنا لا أقول إنه لا يوجد دعم للزعماء الذين يوجدون خارج البلاد، بل هناك دعم لهم، لكنني أريد القول إن الأحزاب منخرطة في لعبة الانتخابات، وسوف نرى كم من الأصوات ستحصل عليها، لكننا قلنا إن الحملات الانتخابية ستبدأ في الأول من أيلول/سبتمبر، وستستمر حتى موعد الاقتراع، وقلنا إنه لن تكون هناك مسيرات دعائية، ولن يسمح بتعطيل الحياة العامة، فالمسيرات التي توقف السير على الطرق تعطل سير الحياة العامة، كما أن الحملات لا يمكن أن تبدأ قبل الموعد الذي حددناه وإذا أصدرت محكمة فاللجنة الانتخابية هي بمثابة محكمة، قرار بأن وثائقك غير مقبولة لأنك تحت طائلة العقاب لسبب ما، فإن ذلك القرار الصادر عن المحكمة..

إعلان

عدنان الشريف: يعني أشخاص لم توافق الحكومة على ترشحهم، ولكن وافقت على هذا الترشح، وعلى واحد منهم لجنة الانتخابات، وإذا تحدثنا مثلاً عن (نواز شريف) تمت الموافقة على تقديم أوراقه من قِبَل اللجنة وترشحه، ولكن الحكومة رفضت هذا الأمر؟

معين الدين حيدر: لا، لم يتم رفضه من قبل الحكومة، فالحكومة ليست لها علاقة تذكر بذلك، فاللجنة الانتخابية قبلت وثائقه، وهو ما يعني أن بإمكانه المشاركة في الانتخابات، لكن نواز شريف قام بمحض إرادته بسحب أوراق ترشحه قائلاً إنه لا يرغب في خوض الانتخابات.

أما بالنسبة لبناظير فقد ردت اللجنة الانتخابية على طلبها بالقول إن هناك حكمًا بالسجن ثلاث سنوات ضدكِ، ولا يمكنك الترشح للانتخابات، وبالتالي فهذه قضية مبدئية، وأما الذين تم اعتقالهم من أنصارها فستتم إحالتهم إلى الحبس، لكن سيكون ذلك مجرد مسألة وقت قبل أن يطلق سراحهم في وقت لاحق.

عدنان الشريف: ولكن أليس من شأن ذلك أن يخلق نوعًا من القلق داخل أوساط الحكومة من أن المعارضة في الخارج ستتحد كما قال نواز شريف إنه سحب ترشحه تضامنًا مع الأطراف المعارضة في الخارج؟


موقف باكستان من أحزاب المعارضة بالخارج

معين الدين حيدر: لكل حزب شعار وبرنامج، وإذا قرر حزب الشعب التابع لبناظير بوتو وحزب العصبة التابع لنواز شريف اللذان ظلا يقفان على طرفي نقيض ويتبادلان العداء، ولم يتفقا أبدًا في سياساتهما، إذا قررا أن يجتمعا فقط لغرض معين، فإن الناس سيلاحظون تلك اللعبة، وسيتساءلون عما قد يكون البرنامج الذي يحملانه لباكستان، وكيف يريدان قيادة باكستان إلى الأمام، هذه القضية أساسية ويجب توضيحها للجمهور.

عدنان الشريف: هناك من المراقبين من يرى أن الانتخابات القادمة في باكستان، وخاصة بعد التعديلات الدستورية الكثيرة والقوية التي أجراها الرئيس برويز مشرف على الدستور، يرون أنها ستأتي بحكومة عسكرية، أو أنها امتداد للحكومة العسكرية الحالية، ولكنها حكومة ترتدي حلة ديموقراطية؟

معين الدين حيدر: حسنًا، الرئيس سيحتفظ بمنصب قائد الأركان العامة للقوات المسلحة، وذلك بهدف الحفاظ على الاستقرار والاستمرارية في البلد، لكنه قال أن إدارة الحكم وكل الصلاحيات ستكون بيد رئيس الوزراء المنتخب، أما هو فسيجلس في مقعده ليراقب الشعب وهو يحقق الازدهار والديموقراطية وهي تنمو وتترسخ، وسيعمل الجميع في نطاق حدود معينة، وقال إنه لن يتدخل إطلاقًا في تسيير الحكومة، وآمل أن الصلاحيات التي..

عدنان الشريف: بعكس ذلك، فإن بعض التعديلات التي أعطت مشرف كثير من السلطات ستعطيه سلطات أكثر في المستقبل أيضًا!

معين الدين حيدر: نعم، لكن تلك السلطة لا تتعلق بإدارة الحكومة، بل تخص أوقات الأزمات، إذا فشلت الحكومة لسبب أو لآخر، أو لم تتمكن من تقديم المساعدة في تلك الحالة فقط سيلعب المجلس الأمني دورًا استشاريًا، دور تقديم التوصيات، وهذا سيحول دون تدخل الجيش، ويساعد الناس على الاستمرار في الاتجاه الصحيح، وفيما عدا ذلك فإن الرئيس لن يتدخل.

عدنان الشريف: ولكن مع ذلك الاعتقاد جائزو متاح بأن الرئيس برويز مشرف من خلال هذه الانتخابات ومن خلال هذه التغييرات يسعى إلى حكومة جديدة بكامل أعضائها من مؤيديه.

معين الدين حيدر: لا أعتقد ذلك، فكل الأحزاب ستشارك في الانتخابات، حزب نواز شريف، وحزب بناظير أيضًا، وليست كلها موالية للرئيس، فالرئيس ليست لديه أي مشكلة في ذلك، فأي شخص يتزعم حزبًا من أحزاب الأغلبية سيُدعى في حال نجاحه لتشكيل حكومة، وسيمنحه الرئيس كل الدعم من أجل تعزيز الديموقراطية في باكستان، والسلطات الخاصة التي حصل عليها الرئيس بموجب التنظيم الدستوري الجديد سوف لن يتم استخدامها إذا ما ظلت الأمور تسير على ما يرام.

عدنان الشريف: إذا تحدثنا عن الظروف بعد الحادي عشر من سبتمبر من العام، أحداث الحادي عشر من سبتمبر -ولا شك- أثرت على سياسات الدول في كثير من أنحاء العالم، وبالتالي على سياسة باكستان ربما، من خلال عزم أميركا على إيجاد نظام دولي جديد من خلال أميركا على ما تسميه الحرب ضد الإرهاب، بالنسبة لباكستان هي في بداية الأزمة وعدت بأنها ستكبح جماح نشاط الجماعات الإسلامية وعمدت إلى كثير من الإجراءات منها إغلاق المدارس الدينية، نرى الآن أن هذه الجماعات زادت قوة وتأييدًا، أليس هناك مخاوف من أن تحصل هذه الجماعات على نتائج قوية في الانتخابات؟

إعلان


الحكومة الباكستانية والإسلامية في الانتخابات القادمة

معين الدين حيدر: أولاً -وقبل كل شيء- يجب أن أوضح أن الحملة التي نقوم بها من أجل مزيد من الاعتدال في باكستان ومحاربة التطرف الديني لم تبدأ مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بل بدأت قبل ذلك بوقت طويل، وهذا أمر يجب توضيحه، ففي الرابع عشر من آب/ أغسطس من السنة الماضية أصدرنا قرارات ضد الإرهاب تقضي بمنع جماعات دينية معينة وأحزاب طائفية من العمل، وفي الخامس من يونيو / حزيران من العام نفسه بدأنا حملة لجمع ومصادرة الأسلحة من تلك الجماعات، أي الأسلحة التي يمكن استخدامها في أنشطة إرهابية، وحتى اليوم خلال أربعة عشر شهراً صادرنا مائة وسبعين ألف قطعة سلاح غير مرخصة في أوساط المجتمع المدني، ونقف الآن في المرتبة الثالثة عالميًا بالنسبة لهذا النوع من الحملات.

أما فيما يخص المدارس الدينية فإننا لم نغلق تلك المدارس، فهي تقوم بعمل جيد بكل المقاييس، وإذا كانت هناك مدارس لا تقوم بعمل جيد فإننا نراقبها عن كثب، فخلال العامين الماضيين كنا في حوار مستمر مع المشرفين على تلك المدارس التي يصل تعدادها عشرة آلاف، وهناك ملايين الطلاب في تلك المدارس، لكن دعني أقول لك إن أغلبهم يقومون بعمل جيد، وما طلبنا منهم يتلخص في أمرين:

أولاً: أن يدرسوا بالإضافة إلى العلوم الدينية مواد من الثقافة العامة وموضوعات علمية، وهو ما قبلوه دون أية مشكلة.

ثانيًا: أن يتم تسجيل المعلومات المتعلقة بأي طلاب أجانب في تلك المدارس لدى الحكومة قبل تسجيلهم هناك، وهو ما قَبِله القائمون على تلك المدارس أيضًا، وهكذا فإن كل مطالب الحكومة تم تلبيتها، وعما قريب سيتم إصدار القانون الجديد المنظم لعمل تلك المدارس الدينية.

أما فيما يتعلق باجتياح الانتخابات فإن هناك أحزابًا سياسية دينية تريد نظامًا إسلاميًا في البلاد، ونحن بلد إسلامي، وقد جاؤونا باسم الإسلام، ونقبل ذلك، وبالتالي فهم يتمتعون بكامل الحرية في تقديم وجهة نظرهم للشعب، وليست لدينا أي مشاكل معهم في هذا الصدد، فهم يتحلون بقدر كبير من المسؤولية، لكن الأمر يختلف تمامًا بالنسبة للمتطرفين.

عدنان الشريف: إذن فأنت لا تقبل الفكرة التي تقول إن هذه تغييرات في سياسة باكستان جاءت نتيجة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر؟

معين الدين حيدر: لا.. لا، ما أريد أن أقول هو أننا حتى قبل الحادي عشر من سبتمبر كنا نتخذ إجراءات من أجل إدخال الاعتدال إلى الحياة السياسية والقضاء على التطرف الديني، ولذلك الهدف حاولنا إعادة الاحترام للحدود الباكستانية الأفغانية التي ظلت منتهكة طوال الاثنين وعشرين سنة الماضية منذ تم غزو أفغانستان.

عدنان الشريف: ولكن هذا لم يكن واضحًا في السياسة الداخلية الباكستانية.

معين الدين حيدر: لقد كانت واضحة، فلو نظرت إلى كل الصحف الصادرة في عام 2000 وتصريحاتي وزياراتي ثلاث مرات لكابول، ولقاءاتي مع الملا عمر وطالبان، وتوضيح هذه السياسة جيدًا، والعالم كله يعرف ذلك.

عدنان الشريف: إذن بعد أن قلت هذا ، هل بالإمكان أن تبين لنا ما هي الآثار التي تركتها أحداث 11 سبتمبر على سياسة باكستان؟


مدى تأثير أحداث الحادي عشر من سبتمبر على سياسة باكستان

معين الدين حيدر: نعم سأقول لك، بعد الحادي عشر من سبتمبر اتخذت باكستان قرارًا قويًا بالوقوف إلى جانب الشركاء في التحالف في حربهم ضد الإرهاب، فالحادي عشر من سبتمبر لعب دور المحفز حيث صرَّع العملية التي كنا نقوم بها أصلاً، وقمنا كما تعلم بحظر العديد من الأحزاب، وكل أولئك الذين يحملون السلاح ويقولون إنهم يقاتلون من أجل كشمير أو من أجل أفغانستان، وقلنا إننا لا نريد أن يستخدم باكستان لأي من تلك الأهداف، وهكذا قمنا بتفكيك مقراتهم، وتم إغلاق ستمائة وخمسة وعشرين مقرًا، وتم اعتقال قياداتهم، واتخذنا سياسة صارمة بحقهم، وجمدنا حساباتهم، وهكذا فإن الحادي عشر من سبتمبر لعب دور المحفز، فقد جعل عملنا تتم بشكل أسرع.

عدنان الشريف: نعم.. نعم، إذا سلمنا بهذا الكلام، ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار ما جرى من تغييرات في العالم، وأيضًا السياسة الأميركية، وخاصة من خلال حديث بوش للعالم، إما معنا أو علينا، فإن موقف الحكومة الباكستانية بشكل خاص في تلك الآونة كان موقفًا حرجًا.

معين الدين حيدر: أجل كان قرارًا صعبًا.

عدنان الشريف: ولكن حكومة باكستان كانت تأمل في أن تجني ثمار هذا الموقف، ولكنها لم تحصل على أي شيء.

معين الدين حيدر: أعتقد أننا نستفيد، وأكثر استفادة تتمثل في أننا نحاول السيطرة على التطرف في باكستان، فنحن نقوم بحظر نشاط كل المقاتلين، والمجموعات الدينية فقط، لكننا لا نعبأ بشأن الأحزاب السياسية الدينية، فهي مقبولة بالنسبة لنا.

إعلان

عدنان الشريف: ولكن هناك مضايقات في كل مكان، في الشارع، الشارع الباكستاني أصبح كارهًا لوجودهم بشكل كبير جدًا.

معين الدين حيدر: لا، كما تعلم إذا كان الناس لا يرضون عن سياسات الولايات المتحدة في فلسطين أو حول الهجوم على العراق، أو ضرب المدنيين في أفغانستان، فطبعًا هناك إحساس بالحنق تجاه تلك السياسات، لكن معظم الباكستانيين..

عدنان الشريف: الشعور بالكراهية نتيجة وجود هذه القوات الأميركية في المنطقة.


الوجود الأميركي في باكستان وتأثيره على برنامجها النووي

معين الدين حيدر: لدينا عدد محدود جدًا من القوات الإدارية في قاعدة أو اثنتين في باكستان، وهم لا يخرجون من تلك الأماكن، ولا يوجد جندي أميركي مقاتل في باكستان، وكلهم يقومون بمهمات إدارية ولوجيستية، وكل نشاطهم يدور في أفغانستان، ولن ترى جنديًا أميركيًا واحدًا يعمل فوق التراب الباكستاني.

عدنان الشريف: باكستان معروف أنها دولة لها برنامجها النووي، والباكستانيون كانوا فخورين عندما وصلتم إلى هذه المرحلة، الآن هل هناك مخاوف نتيجة وجود القوات الأميركية بمعداتها الإلكترونية المتطورة من أنها يمكن أن تؤثر على أسرار أو شفرة البرنامج النووي في باكستان؟

معين الدين حيدر: لا، إطلاقًا، سأقول لك لقد حددنا الخط الذي لا يمكن أن يتعداه الأميركيون في استخدام أجوائنا، ويشمل ذلك المنطقة المحاذية لأفغانستان، أما مواقعنا الهامة الرئيسية فهي بعيدة جدًا من هناك، ولا أحد يستطيع تجاوز ذلك الخط، ولقد أوضحنا ذلك بما فيه الكفاية، وهناك تفاهم حوله.

عدنان الشريف: هل يوجد أي تهديد حسب اعتقادك؟

معين الدين حيدر: المواقع النووية الباكستانية هي في مأمن، وهي لن تصبح أبدًا في خطر، فلدينا إجراءات وأنظمة عالية الجودة في مجال الأمن.

عدنان الشريف: إذن، تبعًا لهذه الظروف هل أجريت أي تعديلات في البرنامج النووي في الباكستان؟

معين الدين حيدر: لا، لا شيء من ذلك، لقد قلنا طواعية إننا حصلنا على سلاح الردع الخاص بنا، ولا نفكر في توسيع برنامجنا، لكن برنامجنا الصاروخي مستمر في التطوير، وإذا اختبرت الهند صواريخها سنقوم نحن أيضًا باختبار صواريخنا، وهذا كل ما في الأمر.

عدنان الشريف: ولكن كيف يمكن أن تكون واثقًا من أنك على معرفة بحدود قدرات المعدات الإلكترونية الأميركية، يقال إنها قادرة على اختراق أي شفرة؟

معين الدين حيدر: لا.. لا أعتقد ذلك، فنحن مرتاحون جدًا، لديهم منطقة محددة لا يمكنهم تجاوزها، لذا فنحن نحس بارتياح كبير، لقد اتخذنا كل احتياطاتنا في هذا المجال.

عدنان الشريف: هذا الحديث بمجمله أيضًا له علاقة مباشرة بسياسات باكستان تجاه عدد من القضايا الإقليمية والدولية، الشرق الأوسط والتهديد الأميركي بضرب العراق.


الموقف السياسي الباكستاني تجاه قضايا الشرق الأوسط

معين الدين حيدر: لقد قال رئيسنا إن من الأفضل الذهاب إلى الأمم المتحدة، وإن مهاجمة العراق ليست بالقرار الصائب كما أوضح موقفه بخصوص فلسطين، وقال إن هناك حاجة إلى حل عادل في فلسطين وفي كشمير، فسياسته حول هذه المسألة واضحة جدًا.

عدنان الشريف: وهل هذه توجهات جديدة في السياسة الباكستانية؟

معين الدين حيدر: لا، نحن وقفنا دائمًا مع فلسطين، وكذلك مع كشمير، والآن مع العراق.

عدنان الشريف: هذا الموقف من القضية الفلسطينية لا يرضي أميركا، ويمكن أن يستفز إسرائيل التي -كما نعلم وفي الظروف الحالية- لا ترضى بوجود أي سلاح نووي في أي من الدول العربية أو الإسلامية.

معين الدين حيدر: نعم، لكن بالنسبة لك وللعالم كله كيف يمكن لإسرائيل أن تمتلك برنامجًا نوويًا وتعارض امتلاكه من قِبل الآخرين؟ لكل دولة مخاوفها الأمنية، ونحن نمتثل لكل المعايير الدولية الخاصة بالسلامة، ونتحلى بقدر كبير من المسؤولية في هذا المجال، ولم نحاول أبدًا أنو نهدد باستخدام تلك الأسلحة، بل نحتفظ بها للردع فحسب، فلذا فنحن بلد ملتزم جدًا بهذا الخصوص.

عدنان الشريف: هناك قضية كبرى أخرى ربما تشغل بال الحكومة الباكستانية في أجندتها وهي قضية كشمير وتداعياتها، حيث الأمور وصلت إلى ما يشبه بدء حرب بين الهند وباكستان، وهناك من يعتقد بأن أطرافًا خارجية كانت بيدها المبادأة في هذا الموضوع أو.. خارج باكستان.

معين الدين حيدر: لا أستطيع أن أقول أين يوجد الزُر، واسمح لي بالتصحيح هنا قليلاً، فنحن لم نحاول بدء حرب، والهند هي التي بدأت بإرسال قواتها إلى حدودنا قبل أن نرسل نحن قواتنا، الهند هي التي بدأت بحذر طيراننا المدني فوق أجوائها، واتخذنا نحن بعد ذلك إجراءً مشابهًا، لقد أوقفوا القطار الذي كان يذهب إلى باكستان، وأوقفوا خدمة النقل بالحافلات، كل أعمال التصعيد جاءت من عندهم، وكنا نقوم برد الفعل، وفي الوقت ذاته كنا نقول إننا لا نريد الحرب، لأنها ستعود بهذه المنطقة سنوات وعقودًا إلى الوراء، لقد تصرفنا إذن كأناس مسؤولين، وقمنا بما هو مطلوب منا دوليًا، والآن نقول لقد أدينا نصيبنا من الواجب فاطلبوا من الهند أن تؤدي نصيبها، وكنت فقط أريد أن أقول بشأن كشمير إن رئيس الوزراء البريطاني قال اليوم " إن على العراق أن يمتثل لقرارات الأمم المتحدة" فإذا كانوا مهتمين على نحو خاص بقرارات الأمم المتحدة حول العراق، يجب عليهم كذلك الاهتمام بالقرارات المتعلقة بكشمير، يجب أن لا نستخدم معايير مزدوجة.

عدنان الشريف: ولكن كان لباكستان موقف قوي تجاه كشمير، هذا الموقف لم يعد الآن قويًا كما كان!

معين الدين حيدر: إنه قوي جدًا، وقد تم الاعتراف بمشكلة كشمير كقضية دولية مُلحة، والكل يعلم أن هذه المشكلة يجب تسويتها، وهذه القناعة موجودة لدى كل من الهند وباكستان أيضًا.

عدنان الشريف: وأيضًا ماذا عن الانتخابات التي تعتزم الهند إجراءها في كشمير؟

معين الدين حيدر: الانتخابات ليست بديلاً عن الاستفتاء الذي وعد به رئيس الوزراء الهندي، وهذه الانتخابات تتم الآن بعد سنوات طويلة، كما أن عدم حضور الناس للمشاركة دليل على أنهم لا يؤيدون هذا الرئيس.

عدنان الشريف: سمعنا في الأخبار أن باكستان لن تسمح بأي تبادل تجاري عبر الأراضي الباكستانية بين أفغانستان والهند، يعني من الطبيعي أن نسأل من هو الطرف المقصود بهذا؟ ونحن نعلم من هو. ولماذا؟

معين الدين حيدر: الهند طبعًا إذا كانت الهند رفضت التبادل التجاري معنا، وأوقفت رحلاتنا الجوية وخدمة الباصات والقطارات وحشدت قواتها فكيف نطالب بالسماح لها باستعمال طرقنا؟ ما الذي يرغمنا على ذلك؟ إذا عادت الأوضاع إلى حالتها الطبيعية وأبعدوا قواتهم وجاؤوا للحوار والتفاوض عندها يصبح كل سيء ممكنًا، لقد قال رئيسنا لأول مرة إن بمقدور إيران أن تمد أنابيب نفطها عبر باكستان، وهي مشكلة، ظلت معلقة طوال الخمس عشرة سنة الماضية، وقد اتخذ قرارًا قويًا لصالح اقتصادنا، ومن شأنه أن يجلب فوائد كبيرة للهند، إذن إذا كنا في جو التفاوض والحوار فنحن جاهزون لتقديم تنازلات متبادلة، لكننا لسنا مستعدين للتنازل من جانب واحد.

عدنان الشريف: أخيرًا كيف تنظر إلى مستقبل العلاقات الهندية الباكستانية؟ وأيضًا فيما يتعلق بكشمير هل تتوقعون أن تأخذ موقعها من الاهتمام الدولي كالقضايا الدولية الأخرى في العالم مثل الشرق الأوسط وغيرها؟

معين الدين حيدر: أعتقد أن العالم اعترف بأن كشمير مشكلة خطيرة، ويجب حلها، وما نطالب به هو أن نجلس معًا ونعترف أن هذه مشكلة، وإذا كان الحل سيأخذ سنوات فنحن لا نطالب بأن يتم اليوم أو غدًا، لكن على المدى البعيد أعتقد أن لا بديل للهند وباكستان عن الحوار، إذ لا يمكن لمليار ومائتي مليون في منطقة محدودة.. لا يمكنهم البقاء في حالة مواجهة مستمرة، وعليهم إيجاد سبل للتعاون والتبادل التجاري والتنمية، وعليهم بالتالي تسوية هذه المشكلة، وهكذا فإنني أرى على المدى البعيد مستقبلاً زاهرًا لهذه المنطقة.

عدنان الشريف: في نهاية هذا اللقاء يسعدنا أن نشكر السيد معين الدين حيدر (وزير الداخلية الباكستاني) وتفضله على إجراء هذا الحديث، Thank you.

المصدر: الجزيرة