رئيس المجلس الشيعي الأعلى
لقاء اليوم

محمد مهدي شمس الدين .. لبنان والانتفاضة الفلسطينية

لماذا يتم الربط بين الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة في جنوب لبنان؟ وما تفسير موقف الاتحاد الأوروبي من الانتفاضة؟ وهل ينعكس الوضع المتأزم على لبنان؟ ولماذا لا تتوحد المرجعيات الدينية في لبنان؟

undefined
undefined

ميشيل الكك:

أهلاً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج (لقاء اليوم) التي نستضيف فيها سماحة آية الله الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) أهلاً بكم.

محمد مهدي شمس الدين:

أهلاً بكم أنتم، بارك الله فيكم.

ميشل الكك:

سماحة الإمام، لابد من أن نبدأ من الانتفاضة المستمرة، والتي كانت بدأت منذ شهر سبتمبر الماضي الملاحظ أن هذه الانتفاضة جاءت أيضاً، أو اتخذت مثالاً لها حزب الله أو المقاومة في جنوب لبنان، وجاءت أيضاً مباشرة في فترة ليست بعيدة عن.. عن تحرير الجنوب اللبناني ومغادرة الإسرائيليين الجنوب اللبناني، فكيف تربطون بين كل هذا الواقع؟

محمد مهدي شمس الدين:

أما.. أما أن الانتفاضة أخذت مثلاً لها المقاومة اللبنانية، وتعبير شعب لبنان عن موقفه من خلال المقاومة المسلحة، ومن خلال تضامن الشعب اللبناني ومؤسساته الرسمية والأهلية، فهذا أمر صحيح، وهذا أمر يحتذى في المقاومة الإسلامية وفي المقاومات الأخرى.

يعني القوى.. القوى المقاومة الأخرى على مستوى الجهاد والكفاح من.. من حركة أمل أو سائر التكوينات المقاومة، وكذلك قوى الشعب اللبناني، ومؤسسات الدولة برمتها. هذا مثال يحتذى، والإنجاز اللبناني سيبقى هو أنموذجاً فريداً في المواجهة وفي تحقيق الانتصار.

وأما أن الانتفاضة الفلسطينية هي نتيجة أو إيحاء فأنا أخالف في ذلك، نحن نعرف أن الشعب الفلسطيني يختزن طاقة كبيرة جداً، ويعني جاءت الانتفاضة في وقتها نتيجة لظروف موضوعية داخل فلسطين، وفي محيط فلسطين. صادف.. صدفة حسنة أن كان هناك تزامن -كما أشرتم في سؤالكم- هذا التزامن -بطبيعة الحال- خدم الروح المعنوية للانتفاضة ولجماهير الانتفاضة، ولكن أعتقد أن العوامل التي حركت الانتفاضة هي عوامل فلسطينية ذاتية.

ميشيل الكك:

ألا تعتقدون أن السقوط المفاوضات مع الجانب الفلسطيني -المفاوضات الإسرائيلية مع الجانب الفلسطيني- وخصوصاً وصولها إلى مرحلة المفاوضات الخاصة بالوضع النهائي، وضع القدس، وضع اللاجئين، سقط كل شيء، وبعد ما كانت المسيرة بدأت منذ مؤتمر (مدريد) وصولاً إلى كل اتفاقات المهادنة مع.. مع العرب، مع بقية الأطراف العربية، ولم يبق إلا لبنان وسوريا جاءت هذه الانتفاضة لتثبت واقع الحال، وكانت هي اللغة التي ربما يفهمها الإسرائيليون.

إعلان

محمد مهدي شمس الدين:

وهو كذلك، أنا أعتبر أن أحد الانتصارات الكبيرة التي حققتها الانتفاضة وآمل.. آمل المحافظة على هذا الانتصار هو إسقاط ما يسمى عملية تسوية أو مفاوضات سلام، يعني هذه الكذبة الحقيرة انكشفت بشكل جلي، وسقطت، وأعتبر أن هذا من الإنجازات الكبيرة، وينبغي على الشعب الفلسطيني وقياداته أن يتمسكوا بهذا الانتصار، يعني لم.. كان يوجد كذبة، وكان الجميع منخرطون في سياق هذه الكذبة. يعني هذه الكذبة انكشفت وسقطت، الشعب الفلسطيني أسقطها.

وكما انكشف بالقمة العربية والقمة الإسلامية، أيضاً يعني هناك مراجعة عميقة وبعيدة الغور في العالم العربية وفي العالم الإسلامي، هو كل.. كل ما نسج في المرحلة الماضية، وهذا أيضاً كسب. أنا لست مع الذين يهونون أو يعبرون عن عدم.. عن السخط على نتائج القمتين. أنا أقول: بالرغم من أن القمتين لم تحققا الآمال، إلا أنهما نجحتا في كسر الحالة التي كانت سائدة.

وكما تلاحظون أن قرارات القمة الإسلامية جاءت في مستوى أعلى وأكثر فاعلية من قرارات القمة العربية، وأن هذه القرارات هي لا تزال تتفاعل إلى الآن، وتنتج نتائج جيدة كالذي حدث في مصر، أو الموقف الذي عبر عنه سمو الأمير عبد الله أخيراً، فهذه الإنجازات هي إنجازات لا ينبغي التهوين منها، ولا ينبغي التراجع عنها.

الآن تمارس ضغوط كثيرة لما يسمى إيقاف دورة العنف، أنا أرجو.. أرجو أن لا يقع أي استجابة لهذه الضغوط، وأن تستمر الانتفاضة، طبعاً هذا ما نرغب فيه، أما ما سيقع لا علم لنا به. نحن نرى أن الأجواء تبقى مفتوحة أمام الانتفاضة، وأن تستثمر كل نتائجها السياسية والتنظيمية. الانتفاضة الآن هي موقف ضعف للشعب الفلسطيني، هي إنجاز كبير للأمة العربية، وهي مأزق لإسرائيل، ولمن وراء إسرائيل، فليبق هذا المأزق. لماذا يريدون إخراج إسرائيل منه؟!

ميشيل الكك:

لكن آثارها السلبية ستكون.. ستكون كثيرة ربما أيضاً في الشارع العربية أيضاً وللفلسطينيين..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

ما هي الآثار؟ ما هي؟

ميشيل الكك:

جمود عملية السلام وتوقفها..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

ما هي عملية السلام..

ميشيل الكك[مستأنفاً]:

يعني انتهائها.. انتهائها حتى أن الراعي الأمريكي لا يستطيع الآن أن.. أن ينجو من الموقف..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

لا يستطيع، هو كان يستطيع.. هو كان يستطيع في أن يكتسب.. يكسب من الجانب الفلسطيني والعربي، الجانب الأمريكي فليراجع سجله: هل كسب شيئاً للتسوية من الإسرائيليين؟ كسب صفر. الآن لم يعد عند الفلسطينيين ولا عند العرب ما يعطونه. فليفشل الأمريكيون، ماذا يحصل إذا فشل الأمريكيون؟ ماذا يحدث؟ أما أنه سبب خسائر، الانتفاضة الأولى لو أنها استمرت -كما هو الوضع القائم الآن- لكانت النتائج أكبر والخسائر أقل. خسائر يتحملها الشعب الفلسطيني، ويجب -أقول يجب- على العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم أن يكونوا درعاً ودرءاً ورافداً لهذه الانتفاضة.

ميشيل الكك:

بحكم وجودكم اليوم -سماحة الإمام- في فرنسا تطلعون أكثر فأكثر على الموقف الأوروبي، رأينا الموقف الفرنسي كيف كان في البداية داعماً بشدة للقضية الفلسطينية، لكنه يبدو الآن -وبأن فرنسا ترأس الاتحاد الأوروبي- بعد مؤتمر (مارسيليا) نرى أن هذا الموقف الأوروبي يبدو أيضاً متردداً وضعيفاً وعاجزاً حتى.. على الأقل في إيقاف دورة العنف، أو في إيقاف هذه المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون.

إعلان

محمد مهدي شمس الدين:

أولاً: لا توجد دورة عنف..

ميشيل الكك[مقاطعاً]:

المجازر التي ترتكب..

محمد مهدي شمس الدين[مستأنفاً]:

يوجد استعمار إسرائيلي، واحتلال إسرائيلي، وتوجد حركة تحرير تعبر عنها هذه الانتفاضة بالحجارة وبالخطبة وبالشعار، ويعبر عنها العالم العربي بالأساليب المتنوعة. أما الموقف الأوروبي هو مؤسف. أوروبا -ويعرف أصدقاءنا الفرنسيون يعرفون فكري في هذا الشأن- أوروبا أتيحت لها فرص دائماً، وفرص ثمينة لتحتل دوراً قيادياً في المرحلة الدولية القائمة على مستوى القضية الفلسطينية، وقضية العالم العربي والإسلامي. ولا أعرف الأسباب التي تدعو إلى عدم اغتنام هذه الفرص، وإلى الخضوع أو الانكفاء أمام الإرادة السياسية الأخرى على المستوى الدولي. نأمل أن الموقف الأوروبي يكون أكثر توازناً وأكثر صحة، وحل قضية فلسطين بدرجة مقبولة من العدالة هو سيكون قوة لأوروبا في المنطقة، ولن يكون يعني مجافي للمصالح الأوروبية الاستراتيجية.

نحن نرى الأمور من هذا الزاوية، ولذلك صدمنا في الأيام الأخيرة من الموقف الذي أشرتم إليه، كما صدمنا في الماضي، ونأسف لذلك. نحن راغبون في أن يكون هناك اتحاد أوروبي فاعل، وأن تكون هناك فرنسا ذات فعالية. هذا الدور يبدو أنه لم يجد أصحابه، أولم يجهز أصحابه حتى الآن.

ميشيل الكك:

كما ذكرنا في بداية الحديث أن الوضع تفجر ربما أيضاً عندما وصلت الأمور إلى مفاوضات الوضع النهائي وقضية القدس تحديداً كانت من المحرمات، سقطت ثم يبدو أنها عادت من المحرمات، فكيف يمكن تصور وضع نهائي لقضية القدس حتى يمكن الخروج بهذه المسألة، ليس هناك تصور، فالإسرائيليون هي عاصمة موحدة لهم.

محمد مهدي شمس الدين:

يا أخي الوضع النهائي موجود، الوضع النهائي موجود، الوضع النهائي.. القرارات الدولية التي يعني وضعت قواعد التسوية، وليس قواعد السلام أيضاً، تطبيق القرارات الدولية، الأراضي التي احتلت في سنة 67 هي أراضي محتلة. القرارات التي تقول: لا يجوز ضم واكتساب أراضي بالقوة، القرارات.. القرار 198، وحق الفلسطينيين اللاجئين في العودة إلى ديارهم إلى غيره وغيره. هذه المرجعية موجودة. الآن يراد إلغاء الشرعية الدولية كما تمثلت في قرارات وافقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويراد إنشاء شرعية جديدة ومرجعية جديدة لهذه الشرعية. هذا الأمر مرفوض، رفضناه في الماضي، ونرفضه الآن وفي المستقبل. أحد مظاهر التعبير عن هذا الرفض هو الانتفاضة، نحن نرى في لبنان مثلاً كيف كانت مرجعية القرار 425، إلى أن.. إسرائيل أنا لا أعتبر أنها نفذت القرار، إسرائيل اضطرت إلى أن نقوم بالإجراء الذي ينسجم نسبياً مع هذا القرار، ألم يكن من الأفضل لو نفذ القرار من الأول؟ كان من الأفضل ذلك. أرادوا أن يستمروا، حصل ما حصل.

ميشيل الكك:

والآن.. قد ترغم إسرائيل أيضاً ربما -برأيكم- نتيجة هذا الوضع المتفجر نتيجة الانتفاضة، من هنا يمكن اتباعه على غرار المثال اللبناني..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

إذا استمرت الانتفاضة -وهو ما نرجو أن يكون، وهو ما نرجو أن يكون- وأوجه نداء إلى كل القوى الفلسطينية في السلطة وخارج السلطة أن تتضامن على هذا الموقف، هو استمرار الانتفاضة وبناء تصور سياسي وأطروحة سياسية على هذا الأساس، لأن الأطروحة هي أطروحة التحرير، ومرجعية قرارات الأمم الأمم المتحدة نحن نريد من المجتمع الدولي أن يمارس دوره، لا نريد أن نفرض عدالتنا، نريد أن نفرض عدالة الأمم المتحدة ومجلس الأمن القائمين في (نيويورك).

ميشيل الكك:

لكن ما يجري أيضاً في الأراضي الفلسطينية -سماحة الإمام- قد يكون لعبة خطرة أو سيف ذي حدين، خصوصاً إذا أردنا أن نتطرق إلى الوضع اللبناني، فإذا دخلنا من الأراضي الفلسطينية وما يجري هناك إلى الجنوب اللبناني، فهل برأيكم قد يكون هناك انعكاس سلبي على ما يجري على وضع الجنوب، خصوصاً في وضع المخيمات الفلسطينية، أو إذا حصل -وهنا أريد أن أقول- أو إذا حصل انفلاج خارج المخيمات الفلسطينية، كما حصل في بداية الانتفاضة، ورأينا عند الحدود اللبنانية ماذا حدث.

إعلان

محمد مهدي شمس الدين:

لا.. لا حصل شيء، أعتقد أن الوضع اللبناني متوازن الآن الإسرائيليون لا يزالون يحتلون جزء من الأرض اللبنانية..

ميشيل الكك[مقاطعاً]:

وربما تكون.. قد تكون في إطار اللعبة وإشعال فتيل..

محمد مهدي شمس الدين[مستأنفاً]:

ربما هم أبقوا هذا.. أبقوا هذا كمشروع عدوان جديد، ومشروع فتنة جديدة، ولا يزالون يعتقلون عدداً كبيراً ومهماً من أبناءنا اللبنانيين في سجونهم، ولبنان يتصرف في مستواه الرسمي والقيادي، وفي مستوى مؤسساته الشعبية يتصرف على هذا الأساس، أنه لا يزال هناك احتلال وأسرى ومعتقلين. أما ما يعود للمخيمات الفلسطينية. نحن يعني نعتقد أن الفلسطينيين في المخيمات يجب أن يعوا أن المشروع اللبناني ينجزه اللبنانيون، وقد أنجزوا جانباً كبيراً منه وينجزون الباقي، ولا مجال هناك لأن يكون هناك يعني مشروع تحرك فلسطيني خارج المخيمات من قبل الفلسطينيين.

ميشيل الكك:

ربما في هذا الإطار أيضاً تفهم التخوفات اللبنانية تخوفات السلطة اللبنانية من إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، وهذا أمر يفهمه البعض أيضاً في لبنان..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

إحدى الخلفيات هذه أن القرار.. أن القرار لم ينفذ، يعني كلنا نقرأ ما يمكن أن يقع، أن يقال: أرسلوا الجيش، أن يقال: اسحبوا قوات الأمم المتحدة، أن المسؤولية الدولية عن الاحتلال وآثاره تنتهي، ويقال: واجهوا إسرائيل وحدكوا. لا، نحن وثقنا بالمرجعية الدولية واعتمدنا على القرار 425، ولا نزال نتمسك بهذا الموقف فلتنفذ الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والقيمين على الشأن الإسرائيلي سواءً في إسرائيل أو خارج إسرائيل ينفذوا هذا الالتزام، يمكن حينئذ أن الجيش بالنهاية لابد أن يذهب ويبسط سلطان الدولة. أما الآن.. الآن لا، بكل وضوح، لا نرسل الجيش إلى الجنوب، لأن هذه الدعوة هي فخ وليست دعوة إلى يعني بحسن نية.. بحسن نية.

ميشيل الكك:

هذه القضية -كما هو معلوم- تثير بعض الخلافات الداخلية في لبنان، إضافة إلى قضية أخرى هي موضوع السجال حول الوجود السوري في لبنان..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

صحيح..

ميشيل الكك[مستأنفا]:

وما جرى أيضاً يبدو أنها كلها مواضيع تترابط بعضها البعض على صعيد الوضع الداخلي اللبناني..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

صحيح.. صحيح..

ميشيل الكك[مستأنفاً]:

فما هو رأيكم تحديداً بهذه النقاط، وهذه المواضيع الملتهبة..

محمد مهدي شمس الدين[مقاطعاً]:

نحن قلنا.. قلنا -ونقول- أن إثارة موضوع الوجود السوري خطأ في التوقيت وفي الأسلوب، ونحن نلتزم بالموقف الذي عبرت عنه الدولة اللبنانية في شخص فخامة الرئيس، وجود شرعي ومؤقت، توقيته يخضع لظروف المنطقة، وظروف سوريا ولبنان، وهو يساهم في.. في تحصين الأمن والاستقرار في البلدين، هو ليس للبنان فقط، وإنما هو.. كما هو حاجة لبنانية هو حاجة سورية يعيها لبنان أيضاً من هنا إثارة الموضوع كانت -في اعتقادنا- في غير وقتها، وبالأسلوب المخالف لما تقتضيه الحكمة في هذا المجال.

ميشيل الكك:

وبأن لبنان –كما نعرف جيمعاً- بلد مبني على الطوائف، على الوجود هذه الطوائف مجتمعة فيه. ألا يمكن أن تكون هناك مرجعية روحية، كما يجري اليوم في (الكركي) مثلاً أو عندما تعودون سماحتكم إلى لبنان. ألا.. ليس هناك ممكناً، أو المرجعيات الروحية أن تلتقي مع بعضها البعض لتحدد كلمة موحدة، أو كلمة خاصة في بعض هذه المواضيع الداخلية.

محمد شمس الدين:

الواقع.. الواقع أن هذا الأمر نحن أدركناه في وقت مبكر، ومنذ سنة 93 و 96 طرح مشروع وعبر عنه في حينه تعبير يعني جزئي، وهو إنشاء مؤسسة من قبل المرجعيات الروحية في لبنان، والتي أسميها المراكز القائدة في لبنان، إنشاء أمانة عامة للقمة الروحية اللبنانية تضع يدها على كل القضايا ذات الصفة الوطنية والقومية العامة، وتدرس من قبل الجميع قبل اتخاذ موقف منفرد من هنا، أو موقف منفرد من هناك، وغبطة الأخ الجليل البطريك (صفير) هو يعرف فكرنا في هذا الأمر، ونحن لا نزال نرى ضرورة هذا المؤسسة والحكمة منها ونأمل أن يحقق الله هذا الرجاء أما القول بأنه كلما سارت أزمة من هذا القبيل أن يدعى إلى قمة روحية، هذا الأمر أنا لا أرى أنه مجدي، لأن القضايا التي تبحثها القمة إذا انعقدت هي تحتاج إلى درس وإلى تعمق، وإلى الوصول إلى رؤى مشتركة، وهذا الأمر لا يحصل في ساعة أو ساعتين أو خمس ساعات، يحتاج إلى جهاز يحضر هذا الأمر. من هنا نحن نرى.. نعم، أن هذه القضايا تقتضي المشورة، وأخذ موقف منفرد قد يكون موضح وفاق الجميع، ولكنه التعبير عنه ليس موضع اتفاق من الجميع، يزج بالبلاد في حالات توتر نحن في غنىً عنها.

إعلان

ميشيل الكك:

وفي هذا الإطار يندرج ربما عمل اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي- المسيحي..

محمد مهدي شمس الدين[مستأنفاً]:

يعني إحدى المؤسسات التي تقوم بدور مبارك وإيجابي في هذا المجال هي هيئة الحوار المسيحي – الإسلامي اللبنانية، وهي تقوم بدور مشكور بين المرجعيات الروحية، وعلى المستوى الوطني العام.

ميشيل الكك:

لكن بالنسبة لوضع لبنان أيضاً هناك موضوع هجرة الشباب.. الشباب المسيحي ربما.. ربما أيضاً الشباب المسلم نتيجة فقدان الثقة ربما..

محمد مهدي شمس الدين:

صحيح.

ميشيل الكك[مستأنفاً]:

نتيجة الوضع الاقتصادي، نتيجة عدم الثقة بالحكومات المتتالية. فما هو رأيك؟

محمد مهدي شمس الدين:

هذه ثغرة في كيانا الوطني يجب التصدي لها، نعم، إحدى المشكلات الكبرى هي مشكلات الهجرة، وقس جانب كبير منها يرتبط بالتدهور الاقتصادي والمعيشي وقسم منها قد يكون كلياً أو جزئياً يرتبط ببعض الـ.. يعني الأزمات السياسية، والأوضاع السياسية. وأنا أدعو الجميع في لبنان إلى أن ينظروا إلى هذه القضية باهتمام كبير، لا يجوز أن شبان لبنان لا يثقون بمستقبل لبنان، وأنا أقول لهم: نحن واثقون من مستقبل لبنان وندعو إلى التوقف عن هذه الهجرة، العوامل الاقتصادية لابد من تغييرها، ولكن لا يجوز أن تكون هناك عوامل سياسية وراء هذه الهجرة. نحن ندعو الجميع للعودة، والحقيقة كما نتألم لهجرة المسيحيين، نتألم أيضاً لهجرة المسلمين.

الواقع الهجرة هي ليست ظاهرة في وسط لبناني محدود، هي ظاهرة في الاجتماع اللبناني العام. وتتناول خيرة ونخبة العناصر الشابة في لبنان، وهو أمر القيادة السياسية مسؤولة عنه، يعني قيادات الدولة -والحكومة بوجه خاص- مسؤولة عن وضع سياسات تحد من الهجرة، وتخلق العودة.. تيار عودة إلى لبنان.

ميشيل الكك:

شكراً سماحة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) شكراً على هذا اللقاء.

المصدر: الجزيرة