لقاء اليوم

محمد دحلان .. رد الفصائل الفلسطينية على الهدنة

كيف تنظر السلطة الفلسطينية إلى الشروط الإسرائيلية للانسحاب من قطاع غزة؟ هل تتوقع السلطة الفلسطينية رداً إيجابياً من الحركات الإسلامية المسلحة بخصوص الهدنة المؤقتة؟

مقدم الحلقة:

وليد العمري

ضيف الحلقة:

محمد دحلان: قائد الأمن الوقائي في قطاع غزة

تاريخ الحلقة:

24/06/2003

– رد الفصائل الفلسطينية على الهدنة
– موقف السلطة الفلسطينية من الشروط الإسرائيلية الأمنية

– إسرائيل وإثارة الفتنة بين الفلسطينيين

– وضع الرئيس عرفات في مداولات السلطة مع إسرائيل

– مدى قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ التزامات خارطة الطريق

– مستقبل الوضع الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة


undefinedوليد العمري: أهلاً سعادة الوزير، واضح كما ذكرت مصادر فلسطينية أن الحوار الداخلي قد أوشك على إنضاج الرد الفلسطيني أو رد الفصائل للحكومة الفلسطينية، هل تتوقع الحكومة أن يكون رداً إيجابياً بخصوص الهدنة؟

رد الفصائل الفلسطينية على الهدنة

محمد دحلان: انظر، منذ بداية تولي هذه الحكومة في السلطة الفلسطينية نحن انتهجنا نهجاً واضحاً بضرورة أن نسلك طريق الحوار مع كل الفصائل الفلسطينية، وأن نبذل كل الجهود المطلوبة من أجل توصيل الفكرة لكل الفصائل الفلسطينية للمشاركة في وحدة الصف الفلسطيني للمشاركة في وحدة الصف الفلسطيني وتوحيد الأداء حتى نتجنب ما وقعنا فيه من أخطاء في السابق سواء أخطاء من جانب السلطة أو من.. أخطاء من قبل الفصائل الفلسطينية وحتى يتحمل كل فصيل فلسطيني مسؤوليته الوطنية في هذه المعركة الصعبة، لذلك بذلنا هذه الجهود على مدى الشهرين الماضيين، وكانت كما تعلم إسرائيل ترفض منطق الهدنة أو الاتفاق الداخلي أو الائتلاف الداخلي الفلسطيني الفلسطيني، وأيضاً الولايات المتحدة الأميركية لم تكن ترحب بمثل هذه الخطوة، ولكن النجاح الذي حققناه في.. على مدى الأيام الماضية في إقناع الإدارة الأميركية بأهمية الهدنة قد دفع بشارون إلى أن يقبلها بشكل أو بآخر رغم أنها ضد المبدأ الذي انتهجه الجيش الإسرائيلي في أنهم يطالبوا السلطة ببدء بحرب ضد الفصائل الفلسطينية وهذا ما امتنعنا عنه، وهذا ما لم نقم به ولن نقوم فيه في المستقبل، ولكن هذا يتطلب أيضاً من الفصائل الفلسطينية أن تقدِّر هذا الموقف، وأن تدخل في إطار التنفيذ وليس في إطار الحوارات، أنا أعتقد أن الحوارات وتوصيل وجهات النظر استنفذت، ونحن بانتظار رأي.. الرأي الإيجابي من قبل الفصائل الفلسطينية للرد على السلطة الفلسطينية حتى نتجنب الأشهر الخطيرة والدقيقة القادمة، والتي يكون فيها التزامات فلسطينية ستقابلها التزامات إلزامية لإسرائيل بوقف الاستيطان وخطوات سياسية أخرى من قِبَل إسرائيل.

إعلان

وليد العمري: وزير الخارجية (كولن باول) عندما التقيتم به في أريحا حث الجانب الفلسطيني وطالبه بقوة بأن يقبل تسلُّم المسؤوليات الأمنية في كل منطقة تنسحب منها إسرائيل وعدم انتظار الهدنة مع الفصائل الفلسطينية.

محمد دحلان: نحن نسعى بالاتجاهين، أولاً: الوصول إلى تفهُّم مع كل الفصائل الفلسطينية، وهذا له ثمن على السلطة أن تؤدي.. جزء من واجباتها، وأيضاً على الفصائل أن تدفع جزء من الالتزامات، وثمن الوحدة الوطنية يجب أن يكون متبادل وليس من طرف على حساب طرف آخر، ولا.. أنا لا أستطيع أن أقول حث فقط، وإنما يوجد ضغط على مدى الأسبوعين الماضيين، ولكننا لم نستسلم لهذا الضغط، نحن لا نريد أن نتسلم مسؤوليات جزئية في الأمن أو في.. أو في انسحابات شكلية، لذلك نحن صبرنا حتى هذه اللحظة، وحتى في الحديث مع وزير الخارجية الأميركي طلب منا أن نتسلم بعض المناطق ورفضناها، لذلك طالبنا بأن نتسلم معظم المناطق في قطاع غزة والتي لا يوجد فيها جيش إسرائيلي عملياً، وإنما توجد سيطرة بالنظام من قِبَل إسرائيل على المواطنين الفلسطينيين، لذلك عرضنا موقفاً واضحاً، وشرحنا ذلك على الخرائط، وأنا أعتقد أنه كان موقفنا شاملاً ومقنعاً، وإنما التعنُّت الإسرائيلي نأمل أن تبدأ الإدارة الأميركية بضغط حقيقي، ونحن جاهزين لتسلم أي مسؤولية أمنية حقيقية ومسؤولية شاملة على الشعب الفلسطيني إذا انسحبت إسرائيل، أما أن تنسحب من نقطة وتخنق كل الشعب الفلسطيني من نقطة أخرى هذا لن يكون مقبولاً لنا.

موقف السلطة الفلسطينية من الشروط الإسرائيلية الأمنية

وليد العمري: ولكن الإسرائيليين (عاموس جلعاد) منسق الأنشطة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، الذي التقيت به مؤخراً ومن قبله مسؤولين إسرائيليين آخرين وضعوا شروطاً مقابل انسحابهم، مثل الاحتفاظ بالسيطرة على شارع صلاح الدين وإبقاء الحواجز وفتحها عند مرور المستوطنين وإغلاقها أمام المواطنين الفلسطينيين، وطالبوكم أيضاً باعتقال كوادر من الفصائل المقاومة بعد إعلان الهدنة، هذه الشروط الإسرائيلية كيف تنظرون إليها؟ هل هي تعجيزية؟

محمد دحلان: الشروط الإسرائيلية أصعب من ذلك بكثير، ولكننا لن نستسلم لتلك الشروط، يوجد أوهام تعشعش في عقول المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد أن فشلت في جلب الأمن للشعب الإسرائيلي، تريد أن تقوم بذلك السلطة الفلسطينية دون أن تخسر إسرائيل، نحن قبلنا المسؤولية الأمنية، وسنقبل المسؤولية الأمنية، ولن يكون موقفنا منطقياً إذا ما رفضنا تسلُّم مناطق تريد إسرائيل إخلاءها، ولذلك رفعت إسرائيل شعاراً أن السلطة الفلسطينية لا تريد أن نخلي الجيش الإسرائيلي من مناطق وهو شعار كاذب، وفيه ادِّعاء باطل، نحن سنتسلم كل المناطق التي تخليها إسرائيل، ولكن إما كل المناطق من قطاع غزة أو لا داعي لتسلُّم بعض المسؤوليات الشكلية، لذلك الخلاف الآن على.. على الطريق الرئيسي نعم، ولكن نحن طالبنا، وصباح هذا اليوم اجتمعت مع السفير (وولف) وشرحنا له أنا وزملائي الفلسطينيين الذين كانوا معنا، كل التفاصيل التي تسهل الحركة على المواطن الفلسطيني وتعطيه انطباعاً جدياً بأن إسرائيل متجهة باتجاه السلام، كل ما فشلت إسرائيل فيه بالسابق تريد أن تدفع السلطة الفلسطينية ثمنه الآن، وهذا لن يحدث، وبالتالي نحن رفضنا الاعتقالات التي كانت إسرائيل تريدها، وسنرفض ذلك في المستقبل، لكن في نفس الوقت أن على الفصائل أن تدرك أنه إذا ما انسحبت إسرائيل من المناطق لا نريد أن نعطيها الذرائع لكي تعود وتحتل وتدمر وتقصف كما كانت في السابق، أنا أفهم أن مطالبي الشخصية ومطالب الشعب الفلسطيني ومطالب السلطة الفلسطينية تكمن بأن يكون الانسحاب جوهرياً.

إعلان

وليد العمري: وهل معنى ذلك بأنكم قد تلجئون إلى اعتقال مثلاً كل من سيحاول اطلاق النيران داخل هذه المناطق على إسرائيل؟

محمد دحلان: أنا أولاً لا.. لا.. لا.. لا أستطيع أن أفهم أنه يجب أن يكون هناك اطلاق نار جديد من بين البيوت والمنازل إذا انسحبت إسرائيل من المناطق، هذا لن يكون منطقياً أصلاً، وهذا سيجلب علينا وسيحرج السلطة الفلسطينية، وسيحرج الشعب الفلسطيني، وسيعطي مبرراً لشارون لتدمير ما تبقى من مناطق السلطة الفلسطينية التي لم يدمرها حتى الآن، وبالتالي نحن نبحث عن صيغة توازن بين انسحاب إسرائيلي حقيقي، نحن نلهث خلف انسحاب إسرائيل وخلف إجبار إسرائيل للانسحاب من المناطق ولا نحن إذا كان الهدف أن نجلب إسرائيل إلى مناطقنا من أجل تدمير دباباتهم أهلاً وسهلاً، ولكن إذا كان الهدف أن نطلق هاون هنا وهاون هناك من أجل أن تأتي الدبابات وتدمر بيوت الأبرياء وتقصف وتقتلع أشجار، وتدمر مناطق زراعية كاملة، هذا لن يكون مقبولاً للسلطة الفلسطينية.

وليد العمري: ولكن ما الذي منعكم كسلطة في بداية الانتفاضة من.. من منع مثل هذه العمليات؟

محمد دحلان: أنا لا أريد أن أعود إلى التاريخ، هناك صراع استمر سنتين ونصف، حققنا بعض الإنجازات، خسرنا الكثير، فقدنا شهداء، فقدنا أعز ما نملك من أسرى، أنا من أعز أصدقائي في.. لا أريد أن أحول القضية إلى شخصية، الأخ رشيد أبو شبيك حتى الآن يعد من أهم المطلوبين، وهو كان نائبي في جهاز الأمن الوقائي، أحد الإخوة المهمين والذين كانوا.. كان لهم دور بارز في جهاز الأمن الوقائي الأخ سليمان أبو مطلق اختطف من الطريق أثناء تحركه لحضور بعض الاجتماعات في قيادة الأمن الوقائي، يعني إسرائيل لا تترك السلطة الفلسطينية بعد أن دمرت كل أو معظم الأجهزة الأمنية، لا تتركنا نعمل بحرية ولا.. ولن تسمح لنا بالعمل ذلك، وتسرب بشكل يومي ومنهجي وعلمي الكثير من الدسائس عبر الإعلام الإسرائيلي من أجل إثارة.. من أجل إثارة الأزمات الداخلية في المجتمع الفلسطيني، وهذه ليست غريبة على المجتمع الفلسطيني، ولكن الغريب هو أن يستغل بعض مرضى النفوس بعض الدسائس التي تثيرها إسرائيل والتي كان آخرها لقاء (عاموس جلعاد) على التليفزيون الإسرائيلي في القناة الأولى أعتقد من إثارة بعض الدسائس عن لقاءاتنا مع الجانب الإسرائيلي، وبالتالي يجب أن ننتبه ونأخذ حذرنا من الجانب الإسرائيلي، لأن الجانب الإسرائيلي ليس أصدقاءنا، نحن نتفاوض بجدية مع الجانب الإسرائيلي حتى نجنب شعبنا مزيد من الدمار والخراب، ولا يجب أن نترك الجانب الإسرائيلي يلعب وحيداً بعقل المجتمع الدولي، وبالتالي نحن نبادر ونأخذ مسؤوليات حتى نضع حد لكل الهوس الإسرائيلي بتدمير ما تبقى من ممتلكات الشعب الفلسطيني ومن قياداته سواء في الفصائل أو من قيادات السلطة.

إسرائيل وإثارة الفتنة بين الفلسطينيين

وليد العمري: هل تتهم إسرائيل بأنها تحاول إثارة الفتنة الداخلية بين الفلسطينيين من خلال ما ذكرته وأيضاً من خلال طريقتها في التعامل سواء بمحاولة الضغط على الشارع الفلسطيني وإذلاله على الحواجز.

محمد دحلان: انظر، الحكومة الإسرائيلية آخر ما كانت تتوقعه أن تقوم [يكون] حكومة فلسطينية جديدة تتماشى مع متطلبات المجتمع الدولي، وحين حدث ذلك وأصبح أمراً واقعاً حاولت إسرائيل بكل الدسائس أن تثير الفتنة بين الرئيس عرفات والأخ أبو مازن، ثم بعد ذلك من خلال التسريبات ضدي شخصيا وضد كثير من القيادات الأمنية، وعممت إسرائيل كتاباً على وزراء.. وعلى.. على سفاراتها في الخارج تقول: أن محمد دحلان إرهابي قديم ومضطرين للجلوس معه. وأحياناً يتحدثوا بشكل مقصود ومسرب بأن دحلان يريد أن يدمر ويقتل الفصائل الفلسطينية، مر شهرين لم نتخذ أي إجراء يوحي بذلك للفصائل، وفتحنا حواراً عميقاً وجدياً مع كل الإخوة في الفصائل على الرغم أن بعض المسؤولين في تلك الفصائل أيضاً يساهموا في عملية الدسيسة بيننا وبين كل هذه الفصائل، ويأخذ الروايات الإسرائيلية على أنها مُسلَّمات أحياناً يصدقوا هذه الروايات على أنها مُسلَّمات وحين يتعلق الأمر بهم يقولوا أن إسرائيل تحاول أن تثير الفتنة ضد الشعب الفلسطيني، لذلك نحن لن نتردد في المضي قدماً في إنقاذ الشعب الفلسطيني، على الرغم من كل الإساءات التي تأتي سواء من الجانب الإسرائيلي بشكل مقصود، أو من بعض الشخصيات المهزوزة في بعض الفصائل الفلسطينية، سنمضي قدماً لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وهذه مسؤولية السلطة الفلسطينية، يجب أن تقوم بها وسنفعلها بدون تردد حتى لا نكون ضحية لمخططات إسرائيل، وتبقى تلعب في الساحة السياسية الدولية بمفردها، نحن خلال الشهرين الماضيين استطعنا أن نستعيد المبادرة، وأن نكون طرفاً مهماً في المعادلة الدولية أفضل مما كنا عليه في السابق قبل سنة إسرائيل تدمر وتقتل وتغتال وتحاصر الرئيس عرفات بطريقة غير لائقة وغير مؤدبة وغير أخلاقية، وفي نفس الوقت نحن نتلقى التهم من المجتمع الدولي، اليوم تعادلت قليلاً المعادلة السياسية، لذلك الأمر جداً حساس ودقيق وهذا يتطلب من الجميع أن يدركوا لمسؤولياتهم وأن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية حتى نتجنب هذا المأزق الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، أنا لا أقلل من شأن إنجازات تلك الانتفاضة التي ألزمت إسرائيل وألزمت الولايات المتحدة الأميركية للعودة إلى المنطقة و.. والبدء بحديث عن.. جدي عن حقوق الشعب الفلسطيني ليس مثلما كانت عليه في السابق.

إعلان

وضع الرئيس عرفات في مداولات السلطة مع إسرائيل

وليد العمري: بخصوص الحصار على الرئيس عرفات، هل هذا الموضوع مطروح في المداولات مع الإسرائيليين؟ هل هو أحد البنود الأساسية أو شرط؟

محمد دحلان: هذا ليس مع الإسرائيليين فقط، وإنما مع الولايات المتحدة الأميركية، لأن مسؤوليتنا ككوادر وكوزراء لدى الرئيس عرفات نعمل بشكل حثيث من أجل فك الحصار عنه، لأنه هذا مسؤولية وطنية وأخلاقية و.. وشخصية تجاه الرئيس عرفات، لأنه مثل لنا زعيماً وسيبقى كذلك إلى الأبد، ولكن تذكر حين كان الحصار في.. في.. في شهر أبريل من العام الماضي من القلائل الذين تجرءوا على الذهاب إلى الإسرائيليين والوصول إلى تفاهم في.. في تلك الفترة هو أنا شخصياً، وأنا أعتقد أن.. أنه بدون حل قضية الرئيس عرفات وإنهاء كل الوضع الشاذ حوله هو جزء من العمل الذي نقوم به الآن في الوزارة، وجزء من مهماتي كوزير داخلية وجزء من مهمات الأخ أبو مازن كرئيس وزراء، وإلا الأمر سيكون سنكون في مأزق -نحن جميعاً- مأزق وطني ومأزق أخلاقي، وهذا طرح في العقبة وطرح مع الرئيس (بوش) في.. قبل ذلك في شرم الشيخ وكثير من الرؤساء العرب والملوك طرحوا ذلك مع الإدارة الأميركية ونحن نأمل أن يتم إنهاء هذا الوضع الاستثنائي في أقرب وقت ممكن.

وليد العمري: هل هناك وعد بذلك أو جهود تبذل من قِبل الولايات المتحدة؟

محمد دحلان: الجهود تقبل من.. تبذل من قبلنا ولكن هناك تفهم أكثر مما كان عليه في السابق من قِبل المجتمع الدولي لضرورة أن ينتهي هذا الوضع الاستثنائي التي تقوم به إسرائيل من أجل إحراج السلطة الفلسطينية وإحراج حكومة أبو مازن وأنا إذا أردت أن أعود إلى الماضي القليل [القريب] حين هلل وكبر شارون إنه إذا جاء رئيساً للوزراء أبو مازن سنفعل و.. ماذا فعلت إسرائيل حتى اللحظة؟ زادت من عمليات العدوان، وزادت من عمليات.. عملياتها الإرهابية، ولم تقدم شيئاً من أجل هذه الحكومة الفلسطينية الجديدة، لذلك الاستسهال في تفسير مواقف الحكومة الإسرائيلية تجاه الحكومة الفلسطينية الجديدة هو فيه شكل من السطحية، إسرائيل لا تريد أحد يمثل الشعب الفلسطيني، شارون يريد أن يستبيح الجميع وأسهل شيء عليه هو أن يبقى الصراع كما كان مع الجانب الفلسطيني قبل شهرين، جانب متهم ومحاصر وعدوان دائم ومبرر من قِبل المجتمع الدولي.

وليد العمري: وما الذي يجعلكم تدخلوا في مداولات إذن مع الحكومة الإسرائيلية إذا كانت هذه هي نواياها؟

محمد دحلان: أولاً: العمل السياسي يجب أن نبادر ونبذل جهود وأن نعمل ليل نهار، نحن نعمل الآن 15 ساعة كحد أدني من أجل أن نبادر ونفكر ونخطط ونجند المجتمع الدولي لصالحنا، ولا أن نجلس في الزوايا وأن نثرثر ليل نهار أو أن نخرج بشعار عبر الفضائيات ونكسب رضا بعض الجمهور الغاضب وفقط، هذا ليس عمل السياسي، هذا عمل غوغائي لا يجلب نتائج للشعب الفلسطيني، ونحن ندرك أن كثير من القضايا التي نحن بصددها الآن هي لا.. لا تحظى بإجماع شعبي، ولكن نحن مسؤوليتنا ليس أن ندغدغ مشاعر الجمهور الفلسطيني، بل أن نجلب له إنجازاً يستطيع أن يبني له أملاً في المستقبل.

وليد العمري: الحكومة التي أنت أحد أبرز وربما أبرز وزرائها وعلى كاهليك هناك عبء أمني هائل جداً الحديث عنها سواءً من قِبل إسرائيل ومن قِبل الولايات المتحدة كان بأنها ستكون القيادة البديلة لياسر عرفات المحاصر والذي يسعون لعزله بشكل كامل، هل تشعرون أنكم قيادة بديلة للرئيس عرفات؟

محمد دحلان: نحن نشعر أننا أحرزنا إنجازاً في تخفيف الضغط عن الرئيس عرفات وفي وضعه في الصورة لحظة بلحظة حتى يشعر الجميع أنه صاحب القرار، لذلك نحن حريصين على أننا قبل أن نذهب إلى أي اجتماع نذهب للرئيس عرفات، وبعد أن ننهي هذا الاجتماع نذهب للرئيس عرفات ليس من باب الترائي، وإنما من باب الواجب والمسؤولية، لا أحد يستطيع أن يفرض علينا مسؤولاً بغير إرادتنا ولا.. لا تنسَ أن كل قضية تعيين رئيس الوزراء جاءت من.. بمبادرة من الرئيس عرفات، هو الذي بادر بتعيين رئيس وزراء، وأنا من الأشخاص الذين كانوا ضد فكرة تعيين رئيس وزراء، ولكن الرئيس عرفات اختار ذلك لكي يعطي آفاقاً جدية لتحرك دبلوماسي فلسطيني، يحظى بشرعية دولية وفي نفس الوقت الذي يقرر هو الرئيس عرفات والرئيس عرفات أنا أدرك أنه سعيد بما نفعله الآن وهو يُقدم لنا كل المساعدة من أجل أن نتجنب شراً يخطط له شارون.

إعلان

مدى قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ التزامات خارطة الطريق

وليد العمري: خريطة الطريق، هناك استحقاقات فلسطينية واضحة في الفصل الأول منها، المرحلة الأولى، هل فعلاً تستطيع الحكومة الفلسطينية الحالية تنفيذ هذه الالتزامات كما هي مطلوبة، كما يطالبونها بها؟

محمد دحلان: أولاً أنا أعطيك مثلاً، هناك هوامش دوماً في أي اتفاق، وليست هذه الهوامش من أجل أن نتنكر للالتزامات، نحن سنلتزم بخارطة الطريق، ولكن هناك هوامش وآلية نستطيع أن نبتدع أفكاراً لتطبيقها، مثلاً فكرة الهدنة، ليست واردة في خارطة الطريق، بل وارد أنه يجب علينا أن نعتقل ونحقق وسواء بأثر رجعي أو بأثر نتيجة أي عمل بعد الاتفاق، ولكن كوننا اعترضنا المفهوم الإسرائيلي في التطبيق بفكرة الهدنة والتي تعني التزاماً فلسطينياً من كل الفصائل بالمودة والمحبة لتنفيذ الالتزامات هذا يجنبنا الكثير من المخاطر الداخلية، ولذلك إسرائيل تبذل جهوداً ليل نهار مع الولايات المتحدة، فقط بالأمس عاد وفد إسرائيلي من واشنطن كان همه إقناع الولايات المتحدة الأميركية وتحديداً الدكتورة (رايس) من أجل رفض الهدنة وأن يضعوا السلطة الفلسطينية في اختبار مباشر أنه يجب عليها أن تبدأ بالاعتقالات، وهم يدركوا سلفاً أننا لن نفعل ذلك، وبالتالي أنا أعتبر أن فكرة التوافق مع الفصائل هي خطوة اعتراضيه لتجنيب السلطة وتجنيب الفصائل أي خطوة للاحتكاك الداخلي، وبالتالي أنا أعتقد بالتنسيق الداخلي الفلسطيني الفلسطيني وبعمل دبلوماسي إبداعي نستطيع أن نوصل شارون إلى مرحلة فك المستوطنات وإلى مرحلة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أخطر مرحلة هي الستة شهور القادمة، والمرحلة التي تليها كلها استحقاقات إسرائيلية، كيف نستطيع أن نصل إلى هذه.. أن نتجاوز هذه المرحلة وأن نضع شارون في الزاوية بدلاً من أن يكون حراً طليقاً ونحن في الزاوية، هذه هي كلمة السر في المعادلة، السنة الماضية دوماً كانت السلطة والرئيس عرفات في الزاوية وإسرائيل هي التي تقتل وتدمر مطلقة يدها على المستوى السياسي والجميع يتحدث على أن شارون رجل سلام، ولكن الآن بدأت الصورة أكثر قليلاً تميل إلى الجانب الفلسطيني، نأمل أن نطور ذلك من أجل أن نضع شارون أمام استحقاقاته.

وليد العمري: أنت تقول أن الأشهر الستة المقبلة خطيرة جداً، ما الذي يمنع وقوع اقتتال فلسطيني داخلي فيها في حال رفض أحد الفصائل مثلاً الهدنة المطروحة من قِبل السلطات..؟

محمد دحلان: نحن لا نستطيع أن نرهن مصير الشعب الفلسطيني ومستقبله مع.. بيد أحد الفصائل، هذه مسؤولية السلطة الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية بشكل أو بآخر هي السلطة الوحيدة المنتخبة،حتى قادة تلك الفصائل ليسوا منتخبين بالمناسبة أسوة بحركة فتح، الجميع ليس منتخب، وإن كان منتخباً مر على انتخابه خمسة عشر عاماً، وبالتالي السلطة لا تستطيع أن تترك مصير الشعب الفلسطيني بيد ومزاج فصيل من الفصائل الفلسطينية، مع احترامنا للتعددية السياسية والتي نحن نحرص على أن تكون كذلك، لكن المسؤولية السياسية تجاه الشعب الفلسطيني تمر عبر السلطة الفلسطينية، وبالتالي.. أما الاقتتال الداخلي فراهن الجميع على الاقتتال الداخلي، وليس الآن، منذ عام 48، وأكرر أكثر، أحدد أكثر منذ 93 منذ أوسلو راهن الجميع وإسرائيل والمجتمع الدولي على أنه سيكون هناك اقتتال داخلي، ولم يحدث، وبعد ذلك في الـ 96 لم يحدث، والآن لن يحدث، وفي المستقبل لن يحدث، هذه ضمانة أخلاقية داخلية لدى السلطة الفلسطينية بأن تسعى ليل نهار من أجل ألا يحدث ذلك، ثانياً والأهم أن المجتمع ونسيج المجتمع الفلسطيني نسيج غير قائم على فكرة إمكانية أن يحدث اقتتال داخلي، جميعنا عائلة واحدة سواء كان في حماس أو من فتح بالعائلة الواحدة يوجد شخص من فتح وشخص من حماس، وشخص من الجهاد، وبالتالي لا يوجد مقومات للاقتتال الداخلي، يوجد مقومات للاختلافات الداخلية، للاجتهادات، ولكن يتم تجاوزها فوراً.

وليد العمري: هل أفهم من حديثك بأنه السلطة ستلزم أي قوة أو فصيل يرفض الهدنة ستلزمه بالهدنة؟

محمد دحلان: نحن بذلنا ستون يوماً من الحوار، وأعتقد أن ذلك استُنفذ بشكل كامل، المواقف أصبحت واضحة، والآن هي لحظة القرارات، وأنا آمل من الفصائل أن توصل قراراها الصائب إلى مجلس الوزراء وبالتالي نتجاوز مخططات يُعد لها شارون، شارون يحلم ليل نهار بأن تستمر ما حصل يوم الأربعاء والخميس والجمعة الماضي في قطاع غزة أن يستمر إلى ما لا نهاية، ولولا تدخل السلطة بالتعاون مع الإخوة العرب لإقناع الولايات المتحدة الأميركية بضرورة وقف ذلك لما توقف، وهذا ليس من باب تسريب التهديد، ولكن من باب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة ما يفكر به شارون وحكومته العسكرية.

مستقبل الوضع الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة

وليد العمري: في كل هذا.. خضم هذا الأحداث سوية –وهذا سؤالي الأخير- أين تقف الأمور الآن سواءً على صعيد خريطة الطريق والأزمة مع إسرائيل حول شارع صلاح الدين وموقفها من العقيد أبو شباك وغيره، أو سواءً على مسألة الحوار الداخلي الفلسطيني؟

محمد دحلان: نحن في ذروة العمل الجاد سواء في الحوار الداخلي أو في الحوارات مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وأنا أعتقد أن هناك بعض التطورات في المواقف لصالح الشعب الفلسطيني، ولكن لا أستطيع أن أقول أن هناك إنجازاً مكتملاً، نحن سنصارع على مدى اليومين القادمين حتى نستطيع أن نعرض حلاً يحظى بقبول الشارع الفلسطيني ويسهل حياة المواطنين الفلسطينيين، إذا استطعنا أن نجلب ذلك سيكون شيء جيد، ولكن إذا اعتقدت إسرائيل بالضغط الذي تمارسه تارة أن دحلان ليس جدياً، وتارة أنه لا يريد أن يقوم بواجبه، كل هذه الأمور نسمعها، لن نتفاعل معها، وسنستمر في طريقنا، إسرائيل تحاول أن تجذبنا جانبها، والولايات المتحدة كذلك، وحماس كذلك، كل الأطراف تمارس الضغط على السلطة الفلسطينية، ولكن نحن ماضون إلى الأمام، وإن شاء الله سيكون إلى الأفضل.

وليد العمري: إذا لم تستطيعوا تحقيق ذلك هل ستستقيل الحكومة أو أنت شخصياً؟

محمد دحلان: اترك ذلك للمستقبل ولسؤال قادم في مقابلة أخرى.

وليد العمري: شكراً سعادة الوزير، وفي ختام هذا المقابلة لا يسعنا إلا أن نشكر (سعادة وزير الدولة لشؤون الأمن الفلسطيني) السيد محمد دحلان، ونشكركم أنتم أيضاً السادة المشاهدين، وإلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة