لقاء اليوم

محمد جواد وجابر حبيب .. خطاب صدام حسين

ردود الأفعال الحزبية تجاه خطاب صدام حسين، الجديد في خطاب صدام حسين السياسي ودلالاته، ردود فعل الشارع العراقي تجاه خطاب صدام حسين، تأثير خطاب صدام حسين على عناصر حزب البعث، كيفية التأثير على الشعب العراقي بنسيان صدام حسين.

مقدم الحلقة:

وضاح خنفر

ضيوف الحلقة:

د. محمد جواد علي: رئيس مركز الدراسات الدولية
د. جابر حبيب جابر: أستاذ الفكر السياسي الإسلامي- جامعة بغداد

تاريخ الحلقة:

05/07/2003

– ردود الأفعال الحزبية تجاه خطاب صدام حسين
– الجديد في خطاب صدام حسين السياسي ودلالاته

– ردود فعل الشارع العراقي تجاه خطاب صدام حسين

– تأثير خطاب صدام حسين على عناصر حزب البعث

– كيفية التأثير على الشعب العراقي بنسيان صدام حسين


undefinedوضاح خنفر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم إلى هذه التغطية الخاصة لأصداء خطاب الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الأصداء الشعبية والسياسية، نستضيف في هذه الحلقة الدكتور محمد جواد علي (رئيس مركز الدراسات الدولية)، والدكتور جابر حبيب جابر (أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة بغداد)، أهلاً وسهلاً بكما.

ردود الأفعال الحزبية تجاه خطاب صدام حسين

لا ندري إذا كان خطاب الرئيس العراقي السابق قد ملأ الدنيا، ولكنه حتماً قد شغل كثيراً من الناس هنا في العراق، ونحاول الآن في هذه اللقطات أن نُلقي الضوء على بعض ردود فعل الشارع الحزبي العراقي.

د.عادل عبد الهادي (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية): الرئيس المخلوع يواجه أزمة حقيقية كما تواجه قوات الاحتلال أزمة حقيقية، في الحقيقة شهدنا خلال الفترة الماضية نوع من التجاذب بين الطرفين حيث كان يقوي الواحد الآخر، صدام حسين لم يستطع أن يدافع عن استقلال البلاد عندما كان رئيساً، لذلك هو لا يستطيع الآن أن يتزعم حركة مقاومة، هو يدافع عن شخصه، يدافع عن نظامه كما دافع في الماضي، وبالتالي فإن الأساليب التي يستخدمها لا تناسب أوضاع الشعب العراقي كما لم تناسب أساليبه التي استخدمها سابقاً أوضاع الشعب العراقي وقاده بالتالي إلى كارثة، بالمقابل قوات الاحتلال تتقوى بمثل هذه الرسائل لتعزيز وجودها لمهاجمة دور السكان الآمنين للقيام بحملات واسعة بعد أن أعلنت أن الحرب التي قامت بها قد توقفت، وإن العمليات الكبرى قد توقفت هذا يسمح لها الآن بالقيام بأعمال واسعة، هو نفسه صدام حسين في رسالته يهدد الشعب العراقي -في الحقيقة- أكثر مما يهدد قوات الاحتلال، هو مازال على أساليبه في دعوات الانتقام من الآخرين من أبناء الشعب العراقي.

إعلان

مهدي الحافظ (حركة الديمقراطيين المستقلين): الحقيقة هذا أمر يُثير الكثير من الحزن، ذلك أن هنالك من يعتقد أن بإمكانه العودة إلى الماضي، التاريخ لا يعود إلى الماضي، وهو أمر يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في هذا الظرف العصيب الذي يمر به العراق، ذلك أن العَبْث.. العَبَث بالأمن وباستقرار البلد ضمن أعمال يائسة ومنعزلة لن يؤدي إلى تحقيق أحلام مريضة، الشعب العراقي لن ينسى ما حل به من كوارث ومحن خلال العهد الماضي، العراقيون يتطلعون نحو الاستقرار والأمن، نحو إقامة نظام وحكومة انتقالية تحظى بثقتهم وتعمل على إنهاء الاحتلال والوجود الأجنبي في البلاد، واستعادة الاستقلال وطني، وذلك وفق برنامج شامل لمعالجة كل مشكلات البلد، فبالحقيقة هذه هي الفكرة الأساسية التي تشغل العراقيين، ونحن نعتقد أن الجهد الوطني يجب أن ينصب على ذلك.

الجديد في خطاب صدام حسين السياسي ودلالاته

وضاح خنفر: أهلاً وسهلاً بكم مرة أخرى إلى أستوديو الشهيد طارق أيوب ببغداد. دكتور محمد جواد علي يعني الأحزاب السياسية كافة في العراق حاولت أن تُلقي الضوء على هذا الخطاب وتحدثت عنه وهاجمته، لنرى يعني دراسة هادئة، لنقرأ هذا الخطاب قراءة هادئة، برأيك ما هو الجديد في خطاب صدام حسين السياسي؟ هل حمل جديداً أم أنه كرر مصطلحات وأفكار كثيراً ما نادى بها عندما كان رئيساً للبلاد؟

د.محمد جواد علي: شكراً أخ وضاح. في البدء لابد من القول بأن محطة (الجزيرة) قد عودتنا على اقتناص الفرص لكلمات ولخطب زعماء اختفوا في العالم، وهذه فرصة من الفرص تقتنصها محطة (الجزيرة)، هناك مسألة لابد أن نذكرها، هو إنه لماذا الرئيس العراقي المخلوع اختار يوم 15 حزيران أن يسجل مثل هذه الكلمة؟ لماذا لم يُسجل هذه الكلمة في بداية دخول قوات التحالف إلى العراق؟ إضافة إلى هذا محاولة الرئيس المخلوع إلى إنساب المقاومة العراقية الآن ضد قوات التحالف إلى جماعة السلطة السابقة، أو إلى نفسه، هذه مسألة.

مسألة أخرى يُلاحظ أن الرئيس العراقي قد أقر بهزيمته في مسألة خروجه من السلطة حينما ذكر ما نصه آثرنا على التخلي عن السلطة على ألا نساوم على المبادئ..

وضاح خنفر: ولكن ألا ترى دكتور أنه في هذه المحاولة يحاول أن يستدر تعاطف الشارع الشعبي العراقي، ونحن نعرف بأن هناك ربما حالة ما تؤدي لقبول البعض، لقبول البعض ببعض هذه المصطلحات وبعض هذه..

د.محمد جواد علي: بالعكس لو كان.. لو كان هو يرغب في المحافظة على المبادئ كان من الممكن أن يتبنى النصائح والاقتراحات التي اقترحت أمامه وأمام قيادته قبل بداية الحرب، لما يكون هو آثر على البقاء في السلطة ضد المبادئ هو اللي طبقها أفضل مما أن يذكرها الآن آثرنا على الخروج من المبادئ [السلطة]مع بقاء الالتزام بالأفكار والمبادئ اللي هو عمل بها، يعني..

وضاح خنفر[مقاطعاً]: طيب يعني الحقيقة.. نعم.

د.محمد جواد علي[مستأنفاً]: يعني هنا.. هنا ممكن أن نقول هو اعترف بالهزيمة نقطة أولى وثانياً هنا يناقض نفسه بين ما كان في السلطة والآن خارج السلطة، إضافة إلى هذا هو محاولته إلى إنساب المقاومة الآن الموجودة ضد قوات التحالف إلى تنظيماته باللحظة اللي نرى أن الآن تنظيماته مفككة، وهشة وأعماله قد.. قد تكون إلها مساهمات في هذه المقاومة، فهي لا تتجاوز عن مسائل فردية وبسيطة.

إعلان

وضاح خنفر: دكتور جابر حبيب جابر، الحقيقة هو يعني مسألة المقاومة هذه مسألة مهمة حاول أن يرتكز عليها الخطاب في بناء شرعية جديدة، يعني نحن نسمع عن قادة زعماء مقاومين كبار صاروا رؤساء دول، الآن نتحدث عن رئيس يدَّعي أنه يقود مقاومة، أنت برأيك الاستناد على مسألة مقاومة المحتل هل تُضفي على الرئيس السابق صدام حسين وعلى خطابه أجواءً خاصة وشرعية ما ربما فعلاً يكسب وِد كثير من القطاعات؟

د.جابر حبيب جابر: مثل.. مثل ما تفضلت يعني هي مفارقة أن يكون رئيس سابق الآن يقود مقاومة في حين السابق هو المقاوم ربما يقاد إلى السلطة من خلال نجاح مقاومته، أعتقد الآن هو يحاول أن يُجيِّر المقاومة لمصلحته، والدليل على ذلك هو لم يبدأ بهذا الخطاب بوقت مبكر بعد سقوط بغداد بيد القوات الأميركية، وإنما بدأ بوقت متأخر عندما اتخذت عمليات المقاومة طابعاً واسعاً لحد ما وطابعاً مؤذياً وطابع ربما مستنزفاً للقوات الأميركية فأعتقد هو.. اتسعت مناطق المقاومة.. فأعتقد بأنه يستطيع أن يُجير هذه المقاومة لمصلحته، وبالتالي يحاول أن يُبين هذه المقاومة هي صدى لمواقفه أو صدى لقيادته أو لطروحاته أو هو لازال يُسيطر على قطاعات معينة أو يوجه قطاعات معينة….

وضاح خنفر[مقاطعاً]: ولكن دكتور يعني هل تعتقد فعلاً يعني هذا الخطاب تكرر كثيراً، الأميركيون أيضاً يتهمون حزب.. خلايا حزب البعث السابق بأنه وراء كثير من عمليات المقاومة، أنت برأيك فعلاً مثل هذا الخطاب هل يلتقي الأميركيون مع الخطاب في تحديد مسؤولية المقاومة؟

د.جابر حبيب جابر: المفارقة هو خدم التوجه الأميركي بأنه هذه المقاومة هي بقايا حزب البعث السابق أو بقايا الأنظمة، لكن بتقديري المقاومة ليست كذلك، وإنما المقاومة هي بشكل إذا استطعنا أن نبسطها ونستطيع أن نُقسم هذه المقاومة هي قوى إسلامية سياسية ربما بعضها جاء من وراء الحدود، هذه تعتبر أنه أي ساحة في العالم هي ساحة مواجهة لها مع الولايات المتحدة الأميركية بغض النظر إن كانت العراق أو أفغانستان، قوى أخرى إسلامية في الداخل ربما هي قوى سلفية تعتقد أنها واجبها الجهاد ضد قوى مستعمرة لبلدها، قوى أخرى ربما هي عشائرية إلى حد ما بسبب قتل أو مقتول من قِبل القوات الأميركية وبسبب إساءة المعاملة ربما رد فعل إلها، و إذا كنت أريد أصنف القوى البعثية وقوى أجهزة النظام فأستطيع أن أضعها في الترتيب العاشر في المقاومة ولا أستطيع أن أضعها حتى في الترتيب الخامس ضمن هذه المقاومة، لكن الآن هو ربما بتقديري أساء للمقاومة أكثر مما خدم المقاومة عندما يردد نفس الخطاب الأميركي بأن المقاومة هي بقايا الحزب السابق أو بقايا الأجهزة السابقة.

وضاح خنفر: نعم، طيب الدكتور محمد يعني الحقيقة أن كثير من الأحزاب السياسية التي دخلت إلى البلاد بعد انتهاء الحرب ربما فوجئت بأن الأميركيين لم تكن لديهم رؤية واضحة وحقيقية لما يدور في العراق، وبالتالي البرامج السياسية الأميركية تغيرت كثيراً، سمعنا عن مجلس سياسي، سمعنا عن إدارة مؤقتة، الآن نسمع عن مجلس الحكم، هل بتقديرك جاء هذا الخطاب في حالة فراغ سياسي؟ في حالة من الإرباك السياسي؟ وبالتالي ربما يؤثر حتى على سياسات بعض الأحزاب، أو حتى على السياسات الأميركية المتعلقة ببناء المشروع السياسي العراقي المستقبلي؟

د.محمد جواد علي: لو نأتي على إجابة السؤال من نهايته نرى أن الخطاب اللي وجهه صدام حسين هو خطاب استغلال الفرص حقيقة بسبب الفراغ الموجود في داخل البلد، وهنا نسأل ما هو سبب هذا الفراغ؟ السبب في هذا الفراغ يمكن أن نحدد المتهم الأكبر به هو التحالف، الولايات المتحدة وبريطانيا خططوا لإسقاط النظام منذ عام 98، من عهد الرئيس الأميركي (كلينتون) حينما وضع مشروع تحرير العراق وخطة.. والولايات المتحدة وبريطانيا خططت ودرست المسألة بالأكمل كيفية إسقاط النظام وهي نجحت في ذلك، لكن لم تخطط أو لم تدرس ما بعد سقوط النظام، وهذا المطب الكبير الذي وقع به التحالف، التحالف دخل إلى العراق وأسقط نظام خلال ثلاثة أسابيع إلا أنه لا يوجد لديه الخطة ما بعد إسقاط النظام، هناك مسألة مهمة التحالف وعد هذه المجموعات، هذه الأحزاب المعارضة أنه سيسلم الحكم بعد أن يسقط النظام، الشيء اللي حدث أنه ما سلم تماما لسببين، لسبب أساسي أولاً: لضعف هذه التجمعات، لعدم وجود كيانات حقيقية لهذه الأحزاب، هي تجمعات مصالح أشخاص كانت في الخارج تجمعها عدو مشترك هو وجود صدام حسين ووجود النظام، بسقوط النظام برزت الخلافات مرة أخرى بين هذه التجمعات.

إعلان

وضاح خنفر: ولكن يمكن مثل هذه الحالة.. مثل.. مثل عودة مثل خطاب صدام حسين إلى الساحة ربما يُعيد مرة ثانية هذه الأحزاب بأنها تجتمع، يعني هل تعتقد أن تغير سياستها بعد هذا الخطاب؟

د.محمد جواد علي: لا أعتقد.. لا أعتقد.. لا أعتقد ستتمكن هذه التجمعات من وضع خطة لنفسها لسبب أساسي أن التحالف لابد الآن أن يلجأ إلى الاعتماد على المواطن العراقي، على ابن الداخل من هو عاش في العراق، هناك مسألة جداً مهمة، لو استطعنا أن نحدد من هو المواطن في العراق هو ليس المواطن الذي أتى من الخارج أو لم يَرَ العراق ثلاثين أو أربعين سنة، المواطن أنا أراه من هو إله حق في العراق هو من لم يساهم في جرائم النظام السابق، وهو من.. وهو من عانى من حصار لمدة 14 سنة..

وضاح خنفر: نعم.. نعم.

د.محمد جواد علي: هذا لابد أنه للتحالف أن يفسح المجال لهؤلاء للمساهمة في العملية السياسية داخل العراق، يعني هذه الهيئة السياسية المقترحة واسعة وتشمل كل هذا الطيف.

ردود فعل الشارع العراقي تجاه خطاب صدام حسين

وضاح خنفر: نعم، دكتور الحقيقة يعني، نعم يا دكتور، طيب خلينا على.. على.. على ذكر المواطن العراقي، على ذكر الشارع الشعبي، الحقيقة نحن حاولنا أن نرصد بعض الآراء من خلال كاميرا (الجزيرة) التي تجولت في شوارع بغداد ونبقى فعلاً هل نجح الرئيس العراقي في أن يحوز على استعطاف قطاعات ما في المجتمع العراقي؟ لنرَ.

مواطنة عراقية: أنا والسيد الرئيس مثل ما نقول يعني قوله فعله، وبصراحة العراق بدون صدام حسين ما يسوى شيء، وكلايتنا إحنا أيد بأيد ويا السيد الرئيس القائد صدام حسين.

مواطن عراقي1: وأتحداه صدام حسين يظهر أو يقود مقاومة، لو به.. لو هيقدر هو يقود المقاومة كان قاوم من دخلوا الأميركان، الأميركان دخلوا بدون مقاومة، بدون ما حدا يقاوم، ليش؟ لأن الشعب يكره صدام حسين وانتظر هاي اللحظة، أما يجي هسه صدام حسين يقاتل أو يوجه رسالة لو يقدر كان قابل.. كان قاتل قبل ما يدخلوا الأميركان.

مواطنة عراقية2: صدام حسين ما طلع من العراق حتى يرجع عنه، هو باقي ويانا، وإذا يعني ما أتصور إنه ما صار حدا حتى يسمع عن تفجيرات دا يسمع عن هذه، وين هاي كلها؟ كلها وراها صدام، صدام أولاً وآخر شيء هو مهما يكون مهما هيتحكي عنه ابن بلدنا، ابننا ابن العراق.

مواطنة عراقية3: ما.. ما أصدق يعني صدام حسين طيب وهذا، أبداً ما أصدق طيب، يعني أنا أقول 90% ما.. مو أخي طيب.

مواطن عراقي2: المقاومة جايه من فلول معينة، ومن جهات معينة، بدليل.. بدليل مُدن الجنوب كُلايتها ما دا يصير بها مقاومة، والمنطقة الوحيدة اللي صار بها المجهر وطلعوا أهل المجهر نفسهم استنكروا عمليات قتل البريطانيين، أنا أعتبر القوات هاي هي احتلال من الناحية الواقعية والقانونية احتلال، لكن هذا الاحتلال خلصنا من صدام، صدام ما كان أحد يقدر يخلصنا من عنده، مين اللي كان يقدر يخلصنا؟ 35 سنة من الظلم والاضطهاد، مين كان.. مين اللي سوى المقابر الجماعية؟ هسه أميركا على مساوئها تقدر تطلع مظاهرة تقول لها أنت غلطانة بهاي السياسة.

مواطن عراقي3: أولاً إحنا ننتظره من زمان.

المذيعة: شو رأيك في الخطاب؟

مواطن عراقي3: رأيي بيشرفنا الخطاب.

مواطن عراقي 4: إلى من يوجه الخطاب صدام حسين؟ يعني مقاومة الاحتلال، ما حد يسمعه.. ولا أحد يقدر.. ولا.. ولا أحد يدير له بال.

مواطن عراقي5: يعني ما أحب أسمع لا عُدي ولا صدام ولا بأسمع أميركا.

وضاح خنفر: نعم، الحقيقة يعني المتحدث الأخير الذي قال: لا نريد أن نرى صدام ولا نريد أن نرى عُدي، ولا نريد أن نسمع بأميركا، يعني هذا الملفت للنظر، هل تعتقد أن الشارع الشعبي العراقي قد أصابه حالة من الإحباط والملل من السلطات كافة، يعني هو الآن فيه تمرد على السلطة، ولذلك ترى إنه البعض فعلاً بيقول لك إن صدام يرجع ويعود ويخلصنا من الواقع اللي إحنا فيه، آخرين بيقولوا إحنا ما بدناش أميركا، وما بدناش صدام، يعني هذه الحالة في الشارع العراقي الشارع الشعبي هل وجد الشارع.. الشعب العراقي اتجاهاً سياسياً واضحاً من يسير على هداه؟

د.محمد جواد علي: أستاذي الفاضل، المواطن العراقي الآن في أزمة، في أزمة كبيرة، أزمة عدم استقرار، أزمة أمن، أزمة الغذاء، أزمة وظيفة، إذن الآن إذا ما سمعنا من هو مؤيد لكلام الرئيس صدام السابق، الرئيس السابق حقيقة هذا الموقف أنا معاهم كمحقين ومنهم ورافض أيضاً معاهم، المسألة الأساسية هو الآن المواطن وهذه مسألة طبيعية، مسألة طبيعية أنه المواطن ما يأمل بالمستقبل، ماذا سيحصل إله من امتيازات؟ ماذا سيكون هناك لديه من تطور؟ يعمل عملية مقارنة، مقارنة بين الآن والماضي، فيلاحظ أن الماضي هو أفضل من الآن، خصوصاً من الناحية الأمنية، المفروض الآن من قوات التحالف وبالذات الولايات المتحدة حينما دخلت بغداد وسقط النظام في العراق أنها أول خطوة تخطيها هو إعلان حالة منع التجوال..

إعلان

وضاح خنفر: نعم.. نعم.

د.محمد جواد علي: وليس الحالة العشوائية، حالة الفراغ للسلطة كان من الممكن أن يسيطر عليها، حالة الغليان اللي صار، حالة ممارسة الحرية العشوائية للمواطن بعد أن كان مكبوس لحدود 35 عام وانطلق بهذه الحرية صارت به إساءة، فقد الجانب الأمني، وفَقَد عملية.. إضافة إلى سوء عملية التعامل مع المواطن العراقي، ولهذا السبب..

وضاح خنفر [مقاطعاً]: طيب دكتور يعني الحقيقة كنت حابب فقط أن أقول إنه قياس رأي الشارع العراقي، يعني نحن نتحدث عن الشارع العراقي، واضح إنه آليات قياس الرأي في خلال العقود الثلاث الماضية كانت شبه منعدمة و.. وصعب فعلاً أن تعرف ما الذي يدور، الآن بدأت كثير من مراكز الأبحاث والدراسات تقوم ببعض.. ببعض قياسات الرأي، يعني برأيك هل هناك توجهات أساسية في الرأي العام العراقي؟

د.جابر حبيب جابر: الحقيقة ربما لا أوافق أن تكون آنياً يعني بناءً على الموقف الشخصي أو بناءً على الحالة التي يعيشها الفرد، أما قياسات رأي تُعطى بناءً على مواقف سياسية أو مواقف لها رؤية، لا أعتقد (…) متوفرة للعراق -مثل ما تفضلت حضرتك- بسبب غياب الأطر.. باستثناء الأطر التقليدية، غياب مؤسسات المجتمع المدني، غياب التمثيل، غياب أي وضع معين سابق، أي فعالية سياسية موجودة، فنجد المواطن العراقي يعطي الرأي الآن وفقاً للحالة التي يعيشها، وسألت البعض في بغداد ربما كانوا هم يكونون مع عودة النظام أو مع عودة صدام حسين، لكن لو سألت الآخر الذي هو له فقد عزيزاً أو أخ أو قريباً في المقابر الجماعية بالتأكيد سيكون له موقفاً آخر استلمه بعد 20 سنة بكيس (زبل) وأخذه إلى البيت، لو سألت آخر اللي يبحث عن مفقود، لو سألت آخر الذي هو مشتت في العراق..

وضاح خنفر[مقاطعاً]: ولكن دكتور ما الذي يمنع يعني، ما الذي.. يعني إحنا شفنا المقابر الجماعية ورأينا كثير من المآسي وتحدثنا عن السجون والمعتقلات التي مورست في العهد السابق، كيف يخرج أناس إلى الشارع الآن ويقولون نحن نطالب بعودة صدام؟ نحن سمعنا بعض الأصوات تقول يا أخي: خلي صدام يرجع، فمثلاً كيف تفسر هذه الظاهرة؟

د.جابر حبيب جابر: الحقيقة يعني مثل ما تفضل الدكتور محمد وهي أنه مرتبطة بالحاجات الآنية للإنسان اللي فقدها، وهي بسبب ابتداءً هو عاش رجع إلى ما نسميه بالسياسة إلى مرحلة قبل الطبيعة، إلى مرحلة قبل الدولة، قبل المؤسسات، الآن لا يوجد حكم قانون، لا توجد هنالك سلطات، لا توجد هنالك حاجات ضرورية متوفرة، لا توجد هنالك الوعود، حتى لا.. لا توجد هنالك آمال بالإصلاح السياسي قريباً، فبالتالي الإنسان لازم تكون ردود فعله آنية على هذا الموقف.

تأثير خطاب صدام حسين على عناصر حزب البعث

وضاح خنفر: دكتور محمد، يعني مرة أخرى الرئيس العراقي تحدث عن رفاقه وتحدث عن المجاهدين الصامدين في سجون الاحتلال الأميركي، برأيك هذه العبارات هل يمكن أن تُحيي أملاً في قلوب منتسبي حزب البعث الذين ربما لمرحلة ما اختفوا عن الأنظار، أولئك الذين فكروا في تسليم أنفسهم الآن ما يسلموا أنفسهم، هل يمكن أن تُنعش حزب البعث وخلاياه مرة أخرى؟

د.محمد جواد علي: لو نرجع إلى الأيام الأخيرة للحرب أكثر مما.. المجاميع التي خانت الرئيس المخلوع صدام حسين هي قيادته حقيقة يعني، أكثر الذين تركوه في ساحة المعركة لوحده هم قيادته ومن يثق بهم من حوله، وممكن أنا أحدد أكثر من هم يراهم هم من عشيرته ومن أقربائه هو اللي أراه إن الآن يتوسم بهذه المجاميع عسى ولعل أن تؤيده أو تكون له مؤيدة، لو نراجع تاريخ وجود السلطة بالعراق من عام 90 إلى اليوم أكثر الذين خانوه وفقدوه في السلطة وانتقدوه وأصبحوا من المعارضة هم مِنْ مَنْ هم حوله، هذه مسألة جداً مهمة، وحتى في هذا الحرب هم مَنْ خان ومَن عمل ضده هم مَن هم حوله، فمعنى ذلك أنا أراه حقيقة جهل سياسي لا يوجد له مبرر سياسي حقيقي في.. في مواجهة أعدائه، خلال 30 عاماً…

وضاح خنفر[مقاطعاً]: طيب دكتور يعني مرة أخرى.. نعم.. نعم، لكن هناك كان هو..

د.محمد جواد علي: كان هو.. كان كل سياسته هي ردود أفعال وليس أفعال.

وضاح خنفر: دكتور، فيه نقطة الحقيقة، دكتور جابر، أنا حبيت فيه نقطة مهمة جداً ذكرها الرئيس، يعني هو بيقول لك يا أخي أنتم جئتم لكي تبحثوا عن أجهزة.. عن أسلحة الدمار الشامل، أين هي؟ إثارة مثل هذا السؤال برأيك ممكن يعطي برضو مسألة خلع الرئيس صفة إنه فعلاً الأميركيين لم يأتوا.. لم يأتوا فعلاً من أجل القضاء على هذا النظام وإنما جاءوا من أجل مصلحتهم، يمكن أن يجد صدىً في الأوساط الشعبية؟

د.جابر حبيب جابر: الحقيقة هذه تَجِد إلى حدٍ ما ولا تَجِد، تَجِد إنه يقول إن الحرب شُنت أحد.. أحد قوامها الأساسية، قائمتها الأساسية كانت هي مسألة أسلحة الدمار الشامل والآن الأميركان في العراق ثلاثة شهور لم يجدوا للآن آثار لأسلحة الدمار الشامل، لكن أعتقد بالنسبة للمواطن العراقي هذه ليست مشكلة العراقيين، هذه أعتقد مشكلة الغرب مع مصداقية قيادتها مما دفعتها إلى حرب، وهذه صُنَّاع القرار السياسيين كذبوا في هذا الموقف، وبالتالي من.. من الممكن أن يكذبوا في مواقف أخرى، هذه مشكلة مع الغرب، لكن هي ليست مشكلة مع العراقيين، العراقيين لو افترضنا -على سبيل المثال.. مثال بسيط- لو جاءت الشرطة تداهم بيتاً من أجل مسروقات تظن في هذا البيت، ولم تجد المسروقات لكن وجدت في الحديقة الخلفية لهذا البيت جثث مدفونة مقتولة وجثث مدفونة، هل من الممكن أن المحامي أو فقهاء القانون يجادلون بأن مداهمة البيت هي غير مشروعة كونها جاءت لغرض وإجت لغاية أخرى، إحنا لا تهمنا أبداً أسلحة الدمار الشامل، لكن تهمنا المقابر الجماعية، تهمنا غياب حرية الفرد، تهمنا السجون، تهمنا هروب الناس بالشكل الجماعي، تركهم للبلد، حالات الانسدادات في كل شيء، في القضايا، حالات الفساد اللي موجودة على.. على قضايا السلطة، على قضايا الإدارة، على قضايا النفي، كل هذه التي تهم المواطن أكثر ما تهمه أسلحة الدمار الشامل.

كيفية التأثير على الشعب العراقي بنسيان صدام حسين

وضاح خنفر: طيب دكتور في الحقيقة دكتور محمد يعني وبشكل مختصر وسريع جداً، رسالة برقية لأن الوقت قد أدركنا، ما الذي يمكن أن يُقنع الشعب العراقي بأن صدام حسين هو طيف من الماضي لا يمكن أن يعود ويزول فعلاً زوالاً كاملاً؟

د.محمد جواد علي: إذا ما توفرت الحالة الأمنية وحُلت الحالة المعيشية للفرد العراقي كاستقرار ووجود نظام سياسي يُعبر عن كل الطيف الاجتماعي في العراق أنا أعتقد أن المواطن العراقي سيكون هو المؤيد الكبير لهذه السلطة مع خروج المحتل من البلاد، هذه مسألة جداً مهمة.

وضاح خنفر: هل.. نعم، دكتور جابر، مرة أخرى هل المشروع السياسي الأميركي الحالي الآن الذي يُعلن عنه مجلس الحكم وتبعاته يمكن أن يؤدي فعلاً إلى امتصاص نقمة الشارع العراقي على البطء الأميركي في مسائل الحياة المعاشة؟

د.جابر حبيب جابر: أعتقد ذلك، وإن كنت حقيقة أنا ليس.. ليس من القائلين بأن الحكومة الجديدة ستأتي في الظروف الحالية اللي موجودة تمتلك عصا سحرية لكي تحل.. تحل مشاكل العراق، لكن أعتقد حتى أحد مسببات خطاب الرئيس.. الرئيس السابق إنه لازال الآن عملية فراغ سياسي وبالتالي لا يوجد من يشغل أو هذا الفراغ السياسي، وبالتالي هو يطرح نفسه الآن كمقاوم ومن الممكن أن يشغل هذا الفراغ السياسي، وأعتقد أن السؤال اللي تفضلت به سابقاً أعتقد بالنسبة للشارع العراقي بتقديري أنه الخطاب يكفي أن يُبين للشارع العراقي بأن الخطاب لم.. لم يتغير، والرئيس العراقي كأنما لم تمر مياه تحت الجسور، نفس لهجته السابقة كأنما لم تكن في حالات معينة، وبالتالي..

وضاح خنفر [مقاطعاً]: نعم.. نعم دكتور نعم الحقيقة يعني لابد أن.. أن.. أن نوقف هذه الحلقة لأن الوقت قد داهمنا، وأشكرك يا سيدي الدكتور محمد جواد علي (رئيس مركز الدراسات الدولية) وضيفنا الكريم الدكتور جابر حبيب جابر (أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة بغداد).

أعزائي المشاهدين، أشكركم أيضاً وهذه تحية مني وضاح خنفر من أستوديو الشهيد طارق أيوب ببغداد، كما أشكر فريق (الجزيرة) هنا في مكتب بغداد، وفريق (الجزيرة) أيضاً في المحطة في الدوحة. شكراً جزيلاً لكم.

المصدر: الجزيرة