لقاء اليوم

محمد بن عيسى .. تفجيرات الدار البيضاء

ما هي الأسباب الحقيقية وراء تفجيرات الدار البيضاء؟ هل هي من إفرازات الوضع الداخلي أم أن لها امتدادات خارجية؟ هل أصبحت الملكية مهددة في المغرب؟ هل فوجئت السلطات الأمنية بما حدث، أم أن تراخي القبضة الأمنية شجع على مثل هذه العمليات؟

مقدم الحلقة:

مصطفى سواق

ضيف الحلقة:

محمد بن عيسى: وزير خارجية المغرب

تاريخ الحلقة:

21/05/2003

– التعاون الأمني بين المملكة المغربية وبريطانيا
– السلطات المغربية وتحديد من قام بتفجيرات الدار البيضاء

– دور قوات الأمن المغربية في مواجهة الأعمال الإرهابية

– أسباب حدوث تفجيرات الدار البيضاء

– التفجيرات وحقيقة كونها رد فعل للغزو الأميركي للعراق

– حقيقة تهديد النظام الملكي والديمقراطية في المغرب


undefinedمصطفى سواق: مشاهدينا الكرام، مرحباً بكم. ما حدث في الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب كان مأساة بكل المعايير، وقد أحدث ضجة كبيرة داخل المغرب وخارج المغرب، خاصةً في البلاد العربية، وفي أوساط كل الذين يحبون المغرب، واليوم وبمناسبة زيارته للندن وفَّر لنا سعادة الوزير محمد بن عيسى الفرصة لمناقشة بعض ملابسات ما حدث، وانعكاسات ما حدث على المغرب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. معالي الوزير، مرحباً بكم.

محمد بن عيسى: أهلاً وسهلاً.


التعاون الأمني بين المملكة المغربية وبريطانيا

مصطفى سواق: لنبدأ من لندن، اليوم تقابلت مع وزير الخارجية البريطاني (جاك سترو)، ماذا ناقشت معه، خاصةً فيما يتعلق بالجانب الأمني في المغرب؟

محمد بن عيسى: أولاً: ناقشنا العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي علاقات جيدة جداً تتميز بوفرة في كل الميادين الاقتصادية، والثقافية، وبطبيعة الحال السياسية، كانت مناسبة أيضاً لنراجع فيها بعض القطاعات التي تهم البلدين في الشرق الأوسط مثلاً ورقة خارطة الطريق، كذلك التطورات المستقبلية في العراق على ضوء مشروع قرار مجلس الأمن الذي الآن هو موضع المناقشة، وربما المصادقة، ناقشنا كذلك ما حدث، وبالذات في المغرب مؤخَّراً الأعمال الإرهابية التي شنها إرهابيون في الدار البيضاء على أبرياء من المواطنين المغاربة والأجانب، وكانت مناسبة أيضاً ليؤكد لي السيد سترو عزم بريطانيا على دعم المغرب في حربه ضد الإرهاب وعلى أن يستمر التعاون قائم بيننا أمنياً لاستئصال هذا الورم الخبيث الذي أصبح الآن يهدد الأمن والسلام والاستقرار والنمو في منطقتنا من المغرب إلى آخر منطقة في آسيا.

إعلان

مصطفى سواق: معالي الوزير، ما دمت قد ناقشت هذا التعاون، قضية التعاون الأمني بين البلدين، نعرف أن بريطانيا عانت من قضية الإرهاب مع الجيش الجمهوري الأيرلندي، هل من الممكن للبلدين أن يتعاونا في هذا المجال، وأن تستفيد المغرب من تجربة بريطانيا في التعامل مع الموضوع؟

محمد بن عيسى: نحن نعتمد أولاً على أنفسنا بطبيعة الحال وعلى القدرات التي تتوفر لدى المملكة المغربية، ونعتمد يعني نتلقى مساعدات من الدول الصديقة والشقيقة كما حدث الآن، سارعت الولايات المتحدة الأميركية وكذلك بريطانيا وفرنسا وإسبانيا بمد العون في بعض القطاعات التي تهم الأمن، أكيد أننا تستفيد من كل التجارب التي مرت بها الدول التي كانت معرضة -أو ما تزال- لعمليات إرهابية، وبريطانيا -كما تفضلت- عانت من الإرهاب سنين طويلة، ولها تجربة كبيرة في هذا.. في هذا القطاع.


السلطات المغربية وتحديد من قام بتفجيرات الدار البيضاء

مصطفى سواق: طيب مثل هذه الاعتداءات التي حدثت في الدار البيضاء يقال بأنها توصف يعني كحروب لا يعرف فيها خصم محدد، هل تعرفون أنتم في المغرب خصم محدد قام بهذا العمل؟

محمد بن عيسى: البحث ما يزال جارياً إلى حدود هذه الساعة التي نتحدث فيها اليوم، توصلنا إلى معرفة الجناة وتحديد هويتهم، هم كلهم مغاربة، ولكن حجم العمليات والأسلوب الذي تمت به هذه العمليات الإرهابية في أماكن عامة يوجد بها ناس أبرياء، لا علاقة لهم لا بالسياسة، ولا بأي نوع من الأنواع التي يمكن أن يعتمدها الإرهابيون كما في بلاد أخرى كمنطلقات سياسية أو غيرها لشن مثل هذه الأعمال الإجرامية يدل على أن هناك ربما.. أن هناك يد أجنبية، لأن المغرب بلد تمتع دائماً بالاستقرار، وبالحرية وبالممارسات الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية، والمغرب كان دائماً بلداً مفتوحاً للكل، أعتقد أنه من البلدان القليلة في العالم التي يتنقل فيها الأجانب، بما في ذلك دبلوماسيون، بدون حرج في كافة ربوع المملكة، لذلك لا نرى كيف يمكن أن يوجد في المغرب ما يبرر مثل هذه الأعمال، التنظيمات السياسية موجودة، العمل.. النشاطات السياسية تتم بشفافية من خلال المؤسسات ومن خلال الأحزاب، ومن خلال.. من خلال المنظمات غير الحكومية والنقابات، لا مبرر على الإطلاق داخل المملكة المغربية أن يكون هناك تنظيم ما للقيام بمثل هذه الأعمال إن لم يكن له اتصال بتنظيم أكبر خارج الوطن.

مصطفى سواق: لكن معالي الوزير، عندما نتحدث عن الأيادي الأجنبية هل تقصد أجانب 100%، أم تقصد مغاربة ربما تدربوا في بلدان أجنبية، لأن هنالك ما يسمون بالمغاربة الأفغان الذين عادوا بعد حرب أفغانستان، وهم موجودون في المغرب، وقد تدربوا على مثل هذه الأعمال؟

محمد بن عيسى: أنا أعتقد إن الأمر بطبيعة الحال -كما قلت- ما يزال خاضعاً للبحث، والضابطة القضائية سنقول قولتها كما دعا إلى ذلك جلالة الملك محمد السادس بكل صراحة، بكل وضوح، وبكل شفافية، لأنه في نهاية المطاف القولة الأخيرة هي للقضاء، وليس لرجال الأمن، أو لرجال السياسة أو للصحافة، القضاء هو الذي سيفصل في تحديد مسؤولية من هو من؟ ولكننا من القراءات الأولية هكذا نرى أن الأمر بهذا الحجم كما قلت وبهذا الزخم لا يمكنه أن يكون عمل أفراد أفغان كانوا أو غيرهم، هذا عمل تم في ساعات لدقائق متوالية، في أماكن معينة، في ساعات معينة، بقوة لا ترحم، لابد أن وراءه تنظيم في مثل هذه الدقة وليس فرد أو فردين.

إعلان


دور قوات الأمن المغربية في مواجهة الأعمال الإرهابية

مصطفى سواق: طيب يقول المراقبون للشأن المغربي: إن قوات الأمن المغربية بدت وكأنها فوجئت بهذه العمليات؟ ألم تكن قوات الأمن المغربية تراقب مثل هذه النشاطات خاصة في جهات ربما كان تتجمع فيها بعض المجموعات المشكوك في سلوكها يعني؟

محمد بن عيسى: والله يا سيدي، شوف إذا هذا السؤال يقال كلما حدث عمل إرهابي إجرامي في بلد ما، قيل ذلك في.. في الولايات المتحدة لما كانت هنالك الإغارة على.. على نيويورك وعلى واشنطن، وكذلك هنا في بريطانيا وفي إسبانيا، إسبانيا التي تعرف منذ سنين اعتداءات (إيتا) في كافة المدن والمراكز السياسية وغيرها، المغرب ولله الحمد كان وما يزال يعيش في سلام وأمن، وأمننا واخد بعين الاعتبار ما يجري داخل البلاد وحوله، إنما أنت لا يمكنك أن تراقب كل شخص يتحرك، طفل يتحرك بقُفة ملأى.. مملوءة بالقنابل ورغم ذلك كما لاحظتم وكما سمعتم تعرض الأمن المغربي لهؤلاء الذين فجرت القنابل فيهم خارج الأماكن التي كانوا يسعون إلى تفجيرها كلية، بمعنى أن الأمن متوفر، وعامل المفاجأة في الحقيقة ليس بالمعنى الذي نقوله، ولكن عامل المفاجأة حيث إن المغرب لم يكن يخطر على بال أن يكون بلداً.. بلد مثل المغرب الذي عرف بالتسامح بين الأديان وبين العقائد، والذي عرف دائماً بالتعددية الحزبية والأيديولوجية والعقائدية، والمغرب الذي تعرفونه بلد مسالم وسكانه مسالمون، أن يعرف مثل هذا.. هذا الإرهاب وهذا الإجرام على هذه الدرجة من الخطورة، لا أعتقد أن هناك مفاجأة من النوع الأمني الذي تفضلتم بها، هناك مفاجأة في الرأي العام، الرأي العام المغربي مصدوم، كلنا صُدمِنا، لم نكن ننتظر ولا ننتظر حتى الآن، لم نكن ننتظر أن يتعرض هذا المغرب المسالم المنفتح الذي يدعو عاهله دائماً إلى الوساطة.. طريق الوسط والاعتدال في سياساتنا وفي سلوكياتنا أن يتعرض لمثل هذا، نحن لا نعادي أحد، ليست لنا حرب مع أحد، نحن دائماً المملكة المغربية وجلالة الملك دائماً كان وساطة في كل الأعمال السلمية التي تمت في منطقتنا أو في غيرها.


أسباب حدوث تفجيرات الدار البيضاء

مصطفى سواق: طيب معالي الوزير، على إيقاع هذا الحديث عن تسامح المغرب، المعروف بطبيعة الحال يعني وعن مشروعه الديمقراطي ومشروعه التنموي الجديد، يعني لماذا تحدث مثل هذه الأحداث في هذا الظرف بالذات؟ يعني هل هو احتجاج على المشروع الديمقراطي المشروع التنموي؟ هل هو تعبير عن.. عن مناهضة موقف احتجاج على الانفتاح مثلاً على الغرب؟ هل يعني هو ضد يعني الانفتاح على السوق العالمية؟ لماذا يحدث في هذه اللحظة بالذات؟

محمد بن عيسى: ربما كل ذلك، ربما كل ذلك، الدعم والتعاطف الذي لقيه المغرب، جلالة الملك محمد السادس والحكومة المغربية والشعب المغربي من جراء الأعمال الإرهابية الإجرامية في الدار البيضاء، يؤكد أن المغرب كان مستهدفاً الدنيا رجّت في الحقيقة، الحقيقة الدنيا رجت، أنا لم أرَ ولم أقرأ في الصحافة الدولية ما قرأته من تعاطف ومساندة وتضامن مع المغرب، كما قرأت بعد الأعمال الإرهابية في الدار البيضاء.

المغرب مستهدف -يا سيدي- فعلاً كمشروع ديمقراطي، وجلالة الملك محمد السادس ذهب عميقاً والكل يشهد له بأنه تبنى الديمقراطية كجزء من المؤسسة.. مؤسسة الحكم وصفَّى ملفات حقوق الإنسان، ويعمل على دعم مُدوَّنة المرأة لتناسب العصر، ولتوفر للمرأة موقعها الحقيقي اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً، والبرلمان المغربي الآن فيه أكثر من 30 امرأة عضو، الحريات التي يتمتع بها المغرب في كل المجالات، والتشكيلة أو.. أو.. أو.. أو النخبة السياسية التي يتوفر عليها المغرب، والحوار السياسي، الصحافة.. حرية الصحافة، كل ذلك يخلق للمغرب خصوماً ونحن نعرف أنه في العالم العربي بالذات خصوم.. الإرهابيون يستهدفون أولاً وقبل كل شيء كل مشروع إصلاحي في البلد، الناس كانوا يعرفون إنه في المملكة العربية السعودية هناك مشروع إصلاحي يقوم به سمو الأمير عبد الله، وقد أُذيعت منه بعض الخطوط العريضة، هناك مشروع إصلاحي اجتماعي واقتصادي ديمقراطي، كذلك هناك عدد من دول الخليج يعني بدأت أيضاً تمشي في هذا الطريق، هذا قد يُغيظ بعض المتظرفين المتزمتين الذين يعتقدون أن الموقع الحقيقي في عقيدتهم وفي أذهانهم هو أن نعود إلى العصور الوسطى.

إعلان

مصطفى سواق: إذن أفهم من كلامك معالي الوزير أن الاعتداءات الأخيرة كانت في الواقع تستهدف المغرب لا الغرب كما يعتقد البعض.

محمد بن عيسى: كانت تستهدف المغرب، وكانت تستهدف صداقة المغرب مع الغرب، مع الدول الديمقراطية في العالم، كانت تستهدف كذلك الاقتصاد المغربي والإصلاحات التي عرفها المغرب اقتصادياً واجتماعياً مؤخراً كانت تستهدف التأسيس الديمقراطي الليبرالي المتحرر الذي يريده الكثيرين.

مصطفى سواق: طيب -قليل- تحدثت عن التسامح في المغرب وعن السلم، التوجه السلمي للمغرب وعن عدم وجود أعداء إلى آخره، هذا صحيح بالنسبة للخارج لكن ألا يمكن أن نتحدث عن التفاوت الطبقي في ..) مثلاً في المغرب.. عن وجود فئات كبيرة من الفقراء أيضاً كمسبب من مسببات الصراع وبالتالي العنف؟

محمد بن عيسى: الصراع والعنف وراد في كل مجتمع مهما كانت نسبة التفاوت الطبقي فيه، ولكن الإرهاب شيء آخر، المغرب يعرف المظاهرات تشاهدونها في قنوات التليفزيون، وهناك صحافة حرة تعرض وجهات النظر من مختلف الاتجاهات، المغرب له مؤسسات في كل.. من الدينية إلى اللادينية، لكن.. وعرفنا في الحقيقة مظاهرات وعرفنا شغب، كل ذلك أمر طبيعي في بلد ديمقراطي يُوفِّر للجميع فرص التعبير عن الذات والتعبير عن الرأي والتعبير عن.. عن.. عن التذمر، لكن وحتى مثلاً حتى إذا وصل الحد إلى حرق سيارة مثلاً أو تكسير الزجاج في..، هذا كله يدخل في منظومة الشغب المتعارف عليه أمنياً وسياسياً في كل بلد، إنما الإرهاب، أنا لا أعتقد أن أي نوع من المفارقات أو الطبقية تبرر وتكون سبباً في القيام بقتل عشرات الناس الأبرياء وجرح مئات من الناس الأبرياء، هذا شيء حقيقة لا علاقة له بذلك.


التفجيرات وحقيقة كونها رد فعل للغزو الأميركي للعراق

مصطفى سواق: أحد خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية هنا ومعه آخرون في الواقع يقولون بأن ما.. ما حدث في المملكة العربية السعودية وما حدث في المغرب هو في الواقع أول رد ربما على الغزو الأميركي البريطاني للعراق وأن سياسة.. السياسة الأميركية هي في الواقع أكبر داعم لجماعة القاعدة من أجل تعزيز قدرتهم على التجديد وغيره، ما.. ما هو تحليلكم فيما يتعلق بهذا الموضوع؟

محمد بن عيسى: يا سيدي، في الحقيقة يصعب أن نحدد المبرر أو المبررات سواء التي تفضلتم بذكرها أو التي هي واردة هنا وهناك، لأنه كتب الكثير في هذا الموضوع، سواء فيما يتعلق بما تعرضت إليه باكستان وكذلك المملكة العربية السعودية، والآن المملكة المغربية، وغداً لا ندري أين، إذا لم نعرف المصدر لا يمكننا في الحقيقة أن نحدد المبرر، نحن الآن بصدد البحث عن مصدر الانطلاق إن كانت القاعدة أو إن كان هناك تنظيم عقائدي معين أو تنظيم متطرف معين أعتقد من خلال ذلك يمكننا أن نستشف الأسباب الحقيقية التي دعت هؤلاء للقيام بهذه الأعمال، الحرب في العراق، أو الجوانب الاقتصادية أو الجوانب الأخرى، إنما المؤكد وهذا تأكد للجميع أن المشروع الديمقراطي في المغرب والإصلاحات التي قام بها كانت مستهدفة منذ أمد طويل، لأنه تغيظ.. تغيظ الكثيرين.

مصطفى سواق: إذا مشينا في هذا التحليل، وأنتم قد أشرتم فيما سبق إلى وجود علاقة على الأقل مباشرة أو غير مباشرة بين التفجيرات في الدار البيضاء والتفجيرات في السعودية وفي غيرها في بالي إلى آخره وأنكم تبحثون عن.. عن المصدر الحقيقي لها يعني، هل يمكن أن تفسر هذا.. هذه الظاهرة عموماً أن تفسر بأوضاع داخلية معينة كالأوضاع الاقتصادية.. البطالة إلى آخره، والمشاكل الاجتماعية، أم تفسر بسياسات خارجية كالسياسة الأميركية وما يحدث في فلسطين إلى آخره، يعني ما هو التفسير المرجح لديكم حالياً؟

محمد بن عيسى: أنتم عدتم لنفس السؤالين في سؤال واحد، وجوابي سيكون عليهما بجواب واحد، ما دام لا نعرف المصدر يصعب تحديد المبرر، والجهات المسؤولة عن الأمن وعن القضاء في المغرب تقوم حالياً بتحديد بالضبط هذه الجهة وبالتالي تحديد المبررات.


حقيقة تهديد النظام الملكي والديمقراطية في المغرب

مصطفى سواق: أعتقد أنه قبل حوالي أسبوع من وقوع أحداث الدار البيضاء كتب وزير الخارجية أو وزير الداخلية السابق إدريس البصري يقول: بأن النظام الملكي في المغرب مهدد والعملية الديمقراطية مهددة، يعني قال ذلك قبل حوالي خمسة أو ستة أيام من الأحداث، هل تشاطرونه الرأي؟ وهل تعتقدون أن ما حدث كان يعني تأكيداً وتأييداً لتحليله هو الخاص أو لمعارفه الخاصة؟

إعلان

محمد بن عيسى: طبعاً لا أشاطره الرأي، النظام الملكي ليس مهدداً ولا يمكن أن يكون مهدداً في المملكة المغربية، النظام الملكي ليست مؤسسة انتخابية تهب عليها الرياح، النظام الملكي متجذر في المغرب منذ 12 قرن، والذين يتحدثون عن النظام الملكي بهذا الأسلوب هم لا يعرفون النظام الملكي في الحقيقة، النظام الملكي الذين أنتم تذكرونه بكل تأكيد حين أقدمت فرنسا على إجلاء جلالة المغفور له محمد الخامس ومعه جلالة المغفور له الحسن الثاني كان ولي العهد إلى مدغشقر، المغرب وقف عن بكرة أبيه بكل أحزابه، بكل توجهاته ورفض التعامل مع فرنسا في أي شيء حتى في الاستقلال دون عودة الملك، واعتبرنا أن الملك ملك شرعي، ولا يمكن أن نساوم عليه، إذا كان الأمر بهذه.. بهذا العمق التاريخي و.. والعقائدي السياسي في البلاد لا يمكننا أن نتكلم عن شيء ما يهدد الملكية في المغرب أو النظام الملكي في المغرب.

مصطفى سواق: معالي الوزير، يعني أنا أعتقد أنه إدريس البصري بتاريخه الطويل في العمل من أجل المغرب و.. والملكية في المغرب لا يمكن أن يُتهم أعتقد في معرفته ولا في ولائه للقصر، لكن هل من الممكن أنه يتحدث كما يقول البعض ولو بشكل غير مباشر على أنه في الفترة الأخيرة يعني وقع شيء من.. لا نقول الانفلات الأمني ولكن إرخاء القبضة الحديدية التي كانت معروفة لدى المرحوم الملك الحسن الثاني، وطبعاً إدريس البصري كوزير للداخلية؟

محمد بن عيسى: الانفتاح في المغرب بدأ في عهد الحسن الثاني -رحمه الله- ومجيء عبد الرحمن اليوسفي الذي كان يتزعم أحد الأحزاب المعارضة المهمة في المغرب كوزير أول كرئيس الحكومة جاء كذلك ليؤكد هذا الانفتاح، جلالة الملك محمد السادس جذَّر هذا الانفتاح، وجذَّر الآفاق التي تُعنى بالحرية وبحقوق الإنسان، هذا أكيد، وأطلق سراح كل المعتقلين السياسيين في المملكة المغربية، هذا لا يمكن أن يكون مبرراً ليقوم الناس أو حركة أو نظام ضد النظام الملكي، العكس هو الصحيح، الناس يثورون على النظام الذي يضطهدهم والذي يقمعهم، وليس على النظام الملكي في المغرب الذي يوفر للناس ضمانات دستورية وقانونية في الحريات العامة وفي التعبير عن الذات، وفي المغرب الآن أكثر من سبعة آلاف منظمة غير حكومية، تصور؟ هل في بلد مثل هذا ما ينبئ بأن يكون هناك تنظيم ضد النظام الملكي؟ أعتقد أن هذا كلام مردود عليه، والمغرب في أمن وسلام، والمغاربة يحبون ملكهم ويعتزون به ويفخرون به، ولقد شاهدت مؤخراً كل الأحزاب.. كل التنظيمات السياسية في المغرب وضعت نفسها تحت مظلة جلالة الملك محمد السادس لمحاربة الإرهاب، وتعهدت بعدم الركوع لأي عمل إرهابي أياً كان مصدره، أياً كان لونه، وسنبقى دائماً متمسكين بالعمل الديمقراطي وبالمؤسسة الديمقراطية وبالملكية الدستورية التي ينص عليها الدستور.

مصطفى سواق: معالي الوزير، شكراً جزيلاً.

محمد بن عيسى: عفواً يا سيدي.

المصدر: الجزيرة