محمد أوجار.. دور الحكومة في الانتخابات
مقدم الحلقة: | حسين عبد الغني |
ضيف الحلقة: | محمد أوجار: وزير حقوق الإنسان في المغرب |
تاريخ الحلقة: | 20/09/2003 |
– حقيقة وضع حقوق الإنسان في المغرب
– أسباب إصدار قانون الإرهاب في المغرب
– أسباب حجب بعض المنظمات في المغرب عن العمل السياسي
– آفاق حرية الصحافة في المغرب
– حدود مسؤوليات الملك في المغرب
حسين عبد الغني: لقاؤنا اليوم مع السيد محمد أوجار (وزير حقوق الإنسان في المغرب).
سيادة الوزير، أهلاً بك في هذا اللقاء مع قناة (الجزيرة).
محمد أوجار: أهلاً وسهلاً.
حقيقة وضع حقوق الإنسان في المغرب
حسين عبد الغني: سيادة الوزير، لماذا يبدو أن التطور الديمقراطي والإنفراج الذي حدث في مجال حقوق الإنسان في المغرب من العام 97 وخاصة منذ تولي العاهل المغربي محمد السادس، لماذا يبدو أن هذا التطور قد توقف؟ البعض يقول أن هذا التطور قد توقف والبعض يقول بل إنه يشهد تراجعاً إلى الوراء.
محمد أوجار: أنا كثيراً ما أقرأ مثل هذه التقييمات في الصحف، وأستمع إليها في بعض المناظر وأستغرب عن أي تراجع نتحدث؟ فبكل نزاهة وبكل موضوعية مجالات الحريات في بلادنا في اتساع متواصل، وتجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب مازال يسكنها نفس الطموح وتحكمها نفس الاختيارات الاستراتيجية ونسعى لترجمتها على الميدان بكل إصرار وبكل مسؤولية، فكما تفضلتم اتسعت مجالات الحريات وانتعشت قضايا حقوق الإنسان في بلادنا منذ تجربة حكومة التناوب، وحين تولى جلالة الملك محمد السادس الحكم أعطى لهذه المسيرة ولهذا الزخم دينامية قوية دينامية جديدة، فنحن نعيش الآن في ظل مغرب جديد، مغرب يواجه أسئلة انتقال ديمقراطي بكل مسؤولية، ولكن أيضاً دون أن نسقط في التمجيد الذاتي وفي التغني بالمنجزات لابد أيضاً من الإقرار أن تدبير وإدارة مرحلة تاريخية بحجم مرحلة انتقال ديمقراطي وتعميق الديمقراطية ليس بالرهان السهل.
حسين عبد الغني: كيف تفسر أن جمعيات حقوق الإنسان المغربية.. الجمعية المغربية، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، منتدى الحقيقة والإنصاف ابتدوا يسجِّلوا منذ العام 2002 تراجعاً في بعض المجالات، يعني هناك عودة لقضية الاختطاف السياسي في المغرب في العام 2002، وخاصة وأن هناك عشرات من الإسلاميين يعني تم اختطافهم وأبلغوا.. وأبلغت أسرهم هذه المنظمات الحقوقية بهذا الاختطاف؟
محمد أوجار: كنت قد أجبت أمام البرلمان في سؤال لفريق العدالة والتنمية، ونفينا نفياً قاطعاً وجود أي حالة اختفاء، وقد أكدت الوقائع وتطور الأشياء أنه المغرب طلَّق نهائياً هذه الممارسات، ولم يحدث أن تم تثبيت أي حالة من الحالات.
حسين عبد الغني: هل اختلقت هذه الحالات يعني، وهناك حالات اختطاف أُبلغ عنها، وهناك حتى منظمات مثل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تحتفظ بأفضل صلات مع الدولة، يعني ليس هناك من له مصلحة.
محمد أوجار: اللي حصل هو كانت أنه كانت أوامر قضائية في إطار مسلسل محاربة الإرهاب، وتم إلقاء القبض على كثير من المشتبهين ضمن مسطرة قضائية عادلة، فكثيراً من الجهات المتطرفة حاولت تهويل الموضوع وتقديمه كأنه اختطاف، الآن أمام المحاكم المغربية كثير من الملفات، وأثبتت تطور الوقائع أن.. أن موقف الدولة كان على صواب، وأن الخطر الذي كان يتهدد المغرب لم يكن من اختلاق المخِّيلة السياسية لمؤسسات الدولة، بل كان واقعاً، لأنه للأسف الشديد ما حدث في الدار البيضاء في 16 مايو الماضي أثبت أن التهديد الإرهابي للمغرب هو تهديد جدي.
حسين عبد الغني: ما هو الخوف سيادة الوزير هو أن يكون المشروع المتعلق بدمقرطة المغرب وإشاعة حقوق الإنسان فيها يعني تجربة هشة، لدرجة أنها عندما واجهت أول اختبار حقيقي يعني تنظمه منظمات إرهابية أو جماعات إرهابية واعتدت فيها على أرواح الناس فإن هذه التجربة تنكمش وتتراجع.
محمد أوجار: لا يوجد لا انكماش ولا.. ولا تراجع، بالعكس في هول الكارثة والمأساة، وفي أول تصريح للحكومة المغربية تم التأكيد على أن محاربة الإرهاب ستتم بوسع القانون في دولة القانون وفي احترام تام لمقتضيات الدستور.
أسباب إصدار قانون الإرهاب في المغرب
حسين عبد الغني: طيب لماذا.. لماذا إذن أُصدِر قانون الإرهاب وهو قانون تقريباً يساوي يعني قانون الطوارئ في بلاد أخرى، وهو محمل بسلطات استثنائية كثيرة، ويمكن أن يعرض يعني ما أُنجز في المرحلة الماضية إلى خطر شديد.
محمد أوجار: لأ أولاً: بعد قانون الإرهاب كان الورش دياله مفتوح قبل أحداث 16 مايو.
حسين عبد الغني: لكن صُدِّق عليه بعدها.
محمد أوجار: صُدِّق بالإجماع، بإجماع كل القوى وكل العائلات السياسية في البلد، بمعنى أنه هذه إرادة إجماعية لمختلف القوى السياسية بما فيها القوى الإسلامية ممثلة في حزب العدالة والتنمية، هذه كانت رسالة المغرب إلى الإرهاب، وهذا القانون خلافاً لما يشاع حوله، الناس كانت تتحدث يعني دون دراسة في تفاصيله، فطبيعة الحال أولاً: أثار.. أثار نقاش عميق داخل الحكومة.. نقاش عميق داخل الحكومة، وكان حرص كل الزملاء في الحكومة بتوجيه من جلالة الملك على أن يتضمن هذا القانون التوازن الدقيق بين حماية الحريات واحترام حقوق الإنسان وبين حماية الحق في الحياة وحماية الأمن وحماية الاستقرار، ولكن من الطبيعي أيضاً كان الهاجس هو أن نُمكِّن أجهزة الدولة المكلفة بالأمن من وسائل قانونية تسمح لها بمواجهة الإرهاب لكي نخرج من دائرة اللا قانون.
حسين عبد الغني: المنظمات الحقوقية المغربية رصدت في العام 2002 فقط خمسين معتقلاً سياسياً.
محمد أوجار: هادو.. هادو غالبية المعتقلين.. تتحدث عنهم متورطون الآن في قضايا الإرهاب، لأنه حين اعتقلتهم أجهزة الشرطة بتهمة الإعداد لعمليات إرهابية، المجتمع الحقوقي اعتبر أنه هذا اختلاق لأفعال، للأسف الشديد.. للأسف الشديد تطورات الأحداث أثبتت والقضاء المغربي المعروف باستقلاليته وبنزاهته وبحمايته للحريات، أثبت من خلال المحاكمات ومن خلال الوقائع في ظل شروط محاكمة عادلة مفتوحة علنية شفافة.. يعني متوفرة فيها كل الضمانات، أثبت للأسف الشديد أنه كثير من هذه الأسماء التي كانت رائجة كانت قائدة ورائدة في هذه المجالات.
حسين عبد الغني: يعني ما هو الضمان -السيد الوزير- في هذه الحالة الأجهزة التي اعتادت أن تكون فوق القانون ومارست لفترات طويلة عمليات يعني إخفاء لكثير من المعتقلين، ويمكن أنتم ساهمتم في عملية بداية تعويض لأصحابها الآن، هل.. ما الذي يضمن أن هذه الأجهزة والمجموعات التي لا تؤمن بالدولة المدنية لا تستغل هذا القانون لإلحاق الأذى بحقوق الإنسان وحريته العامة في المغرب؟
محمد أوجار: المغرب اختار إنه يمشي في ظل هذه المسيرة لبناء دولة قانون، لبناء الحريات، المرحلة الأولى كانت هي تنقية وتخليص المغرب من كل شوائب المرحلة السابقة، فكان أول قرار لصاحب الجلالة محمد السادس.. أول قرار بعد توليه العرش هو إنشاء لجنة مستقلة لتعويض ضحايا الاعتقال التعسُّفي وضحايا الاختفاء، فإذن إحنا عوَّضنا كل من اعتبر أن.. من خلال لجنة مستقلة مش لجنة حكومية.. من خلال لجنة مستقلة فيها كبار القضاة وممثلي المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية.
حسين عبد الغني: لماذا لا تمضي الدولة قدماً إذا كانت تريد بشكل جاد مسألة إجراء المصالحة الوطنية ولئم جروح الماضي، لماذا لا تتقدم الخطوة الطبيعية المتوقعة بعد التعويضات وهي أن تقدم مرتكبي مخالفات التعذيب والمسؤولين عن الاعتقال والمسؤولين عن الإخفاء القسري لمواطنين مغربيين إلى المحاكمة؟ تعرف الآن أن هناك فيه دول حتى عربية الآن تقدم.. تقدم الضباط المتهمين بالتعذيب إلى محاكم؟
محمد أوجار: اليوم كل جرائم أو حتى بالتعذيب تعرض على المحاكم، كلما اشتكى مواطن من المواطنين أنه كان ضحية تعذيب وإذا المحاكم تقوم بواجبها وتصدر العقوبات الضرورية، كما أن الوزارات والإدارات تصدر العقوبات التأديبية، والمغرب تقدم -في قبل فترة- بتقريره أمام لجنة الأمم المتحدة المكلَّفة بمناهضة التعذيب.
حسين عبد الغني: ولو أن المنظمات الحقوقية -سيادة الوزير- مازالت تسجِّل أن هناك يعني عمليات تعذيب تتم في مخافر الدرك وفي بعض دوائر الأمن الوطني وغيرها.
محمد أوجار: يعني بكل تأكيد يعني لابد أن نية المنظمات يعني حسنة، ولكن ما شيء كل ما تقوله المنظمات صحيح، يعني كلما يمتلك مواطن جرأة اللجوء إلى المحكمة للتعبير عن تعرضه للتعذيب إلا وتقوم الأجهزة القضائية بالتحقيق في الموضوع وبمعاقبته، (..) واحد نوع ديال التضخيم وهناك نوع من التضخيم في عمق العمليات الإرهابية وفي المحاكمات الأولى وحين تم الدفاع قال أن كانت هناك محاولة تعذيب إلا والمحاكم استمعت، وأجرت الخبرة الطبية والخبرة المضادة، فإذن إحنا في واحد دولة ديال القانون في المغرب الجديد.
حسين عبد الغني: يقولون أن التعذيب مازال مستمراً بالنسبة للبسطاء، أو للسياسيين في المغرب.
محمد أوجار: أولاً، مع احترامي الكبير لكل الفاعلين الحقوقيين والمنظمات الحقوقية هناك مبالغات.. هناك مبالغات، أولاً: الاختيارات الاستراتيجية لبلادنا هي منعت هذا، قد يحدث تجاوز هنا وهناك والمحاكم تبت فيه بناء على الشكايات التي تقدمها المواطنين، (..) حصلنا على إشادة من لجنة الأمم المتحدة المكلفة بمناهضة التعذيب، لأنه قدمنا تقرير المغرب الدوري الذي يتضمن كل الإجراءات.. الإجراءات التي قامت بها المملكة المغربية لمحاربة ومنع التعذيب، ونحن الآن بصدد تدعيم هذه الإجراءات في مختلف النصوص القانونية التي تصدرها المجلس (..)، فإذن الموضوع ديال التعذيب حتى الشكايات التي نتلقاها تقلصت كثيراً.. تقلصت كثيراً، بطبيعة الحال القرار السياسي.. الإرادة السياسية القوية على أعلى مستويات الدولة لدى جلالة الملك، لدى الحكومة، لدى كبار الموظفين، التحدي هو كيف ننقلها؟ ننقلها إلى كل أسلاك الدولة، إلى صغار الموظفين في القرى والمداشر والأقاليم النائية.
حسين عبد الغني: يعني سيادة الوزير، أنت لا تتفق مع التيار اليساري وأجزاء من التيار الحقوقي المغربي التي قالت هي ربما أن.. أن هذه الإرادة السياسية ليست كاملة وأن نمو الأصولية بالطريقة العنيفة التي تمت في مايو الماضي ربما يعني يقضي على هذه التجربة؟
محمد أوجار: ما حصل هو أنه الثقافة الحقوقية لمغرب ما بعد الأحداث الإرهابية هو الحزم في تنفيذ القانون، أنا لابد أن أقر بأن السلطات أحياناً كانت تتغاضى عن تجسيد القانون وتتسامح في كثير.. في كثير من الحالات، الآن هناك إصرار وتوجيه لكل المصالح ولكل الأجهزة لأن يتم تنفيذ القانون بحزم وبمسؤولية لأنه لا أحد له سلطة فوق القانون وفصل (..) الجميع يمتثل لسلطة القانون، فمغرب اليوم هو مغرب الحريات ومغرب القانون.
أسباب حجب بعض المنظمات في المغرب عن العمل السياسي
حسين عبد الغني: طيب كيف يوجد هذا المغرب الجديد مغرب الحريات كما تصفه وهناك حشد لقوى سياسية موجودة في المجتمع، وهي قوى لم يُعرف عنها أنها تحمل السلاح ضد الدولة أو لتحقيق أهدافها يعني مثلاً هناك جماعات محجوبة عن الشرعية القانونية مثل الشبكة الأمازيغية، مثل جماعة العدل والإحسان، أيضاً البديل الحضاري لماذا تحجب هذه المنظمات عن العمل السياسي؟
محمد أوجار: المنظمات الموجودة في المغرب وهي بالآلاف المؤَّلفة تشتغل في كل القطاعات وهي من مختلف الحساسيات، نحن دولة تبني تجربة ديمقراطية، والفضاء الديمقراطي يتسع لكل التعبيرات، واليوم أثناء تواجدكم في بلادنا يعيش المغرب تجربة ديمقراطية، هي الانتخابات البلدية وانتخابات المجالس القروية، وفيه فضاء سياسي جديد، فيه مناخ قانوني جديد، وأنتم تعاينون.
حسين عبد الغني: طب هل ستعاني هذه الانتخابات المحلية من بعض العيوب التي عانت منها الانتخابات العامة التي حدثت العام الماضي، يعني البعض تحدث عن يعني استخدام مكثف للمال، البعض استخدم [تحدث] عن وجود بعض التزوير في بعض الدوائر، هناك حوالي مائتين طعن مقدمين إلى القضاء فيما يتعلق بالدوائر الانتخابية يشكك في النتائج التي تم التوصل إليها، الانتخابات تمت بدون إشراف قضائي يعني تحت إشراف وزارة الداخلية وهي..
محمد أوجار: أقول بكل نزاهة أنه كانت نقلة تاريخية في مسيرة المسلسل الانتخابي في المغرب، انتخابات 27 شتنبر الماضي الانتخابات التشريعية كانت هي البوابة.. بوابة.. بوابة دخول المغرب لزمن ديمقراطي بشهادة كل العواصم والمنظمات الدولية الغير الحكومية حتى المناوئة للمغرب، الدولة اتخذت كل التدابير لتأمين انتخابات نزيهة ذات مصداقية، وكان حرص كل المتداخلين على أن تكون النزاهة والشفافية والمصداقية هي هدية المغاربة لملكهم الشاب في أول انتخابات.. أول انتخابات تمت في عهد محمد.. الملك محمد السادس، بل.. بطبيعة الحال حين تتخذ الدولة كل هذه التدابير وكل التشريعات الجديدة والقوانين والتدابير، كيف نضمن أن يرتقي كل المتدخِّلين إلى مستوى هذه المثالية وهذه الأخلاقية، صحيح كان استعمال بعض الحالات ديال المال وبعض التجاوزات، أولاً: تم على صعيد كل المحاكم إشراف ديال القضاء بالذات يعني القضاة يترأسوا اللجان بشكل يومي، ويتلقوا المخالفات والشكايات، أما حكاية طعون فهي حكاية عادية، في كل الانتخابات كانت تطلع نتائج المتنافسين فيما بينهم واحد ما بيرضاش بالنتيجة أو
حسين عبدالغني:هناك طعون في التزوير نفسها
محمد أوجار: لا توجد أي طعون أو أي تشكيات في ما يتعلق بالتزوير، يمكن المنافسين بعضهم يتشكون أن فلان المرشح الفلاني يعني إما استعمل المال أو استعمل نفوذ أو استعمل تدخل بعض الوجهاء، لا توجد شكاية، بالعكس كان إجماع لأول مرة في تاريخ المغرب تجربة.. وتعرف الانتخابات انتخابات حادة وشرسة، وتحدث تحت الصراع قوي، ولكن لم يطعن أي حزب أو أي نقابة في نزاهة الانتخابات.
[فاصل إعلاني]
حسين عبد الغني: هل ستقبلون بالنتائج حتى لو وصل وحقق الإسلاميون فيها نتائج كبيرة هل ستقبلون بها؟
محمد أوجار: بطبيعة الحال.. بطبيعة الحال نحن بلد ديمقراطي يؤمن بالديمقراطية ويؤمن بما ستفرزه صناديق الانتخابات، بالعكس ليس لدينا عقدة في هذا الموضوع، فالمغرب حقق تجربة التناوب وهي وصول المعارضة لأول مرة في فضائنا الجغرافي إلى السلطة وإلى الحكم عبر الاقتراع وعبر صناديق الاقتراع، إذن ما فيه حتى إشكال في هذا الموضوع، حين نتقدم إلى الانتخابات نتائج.. تراضي على أن لا أحد يعلم بالنتيجة، واختيارات الشعب المغربي واختيارات المواطنين المغاربة ستحترم كيفما كان لونها كيفما كان شكلها، ولكنا نعرف إن من الملاحظات السياسية هو أن النظام الجديد للانتخابات اللي هو نظام اللائحة في المدن الكبرى.. خاصة في 250 مدينة كبيرة لا يسمح.. لا يسمح لأنه يعتمد نسبية لا يسمح ببروز أغلبيات كبيرة، لكن يتم اقتسام النتائج بينها مجموعة من الأحزاب، والغريب أو الظاهرة اللي ربما يجب أن تعرف مقاربة جديدة هي أن هذه التعددية في المغرب أدت إلى ميلاد كثير من الأحزاب، الآن في الدوائر الانتخابية تتنافس في بعض الدوائر أكثر من عشرين لائحة انتخابية، مما يُحدِث نوعاً من التشويش، نوعاً من التشويش على المشهد السياسي، فإلى أي مدى الناخب يميز بين هذا البرنامج وهذا البرنامج.
حسين عبد الغني: إذن لماذا يبدو أنه هناك نوع من أنواع التواطؤ السياسي يعني الآن في المغرب بين الدولة -إذا سمحت لي- وبعض الأحزاب اليسارية على استئصال التيار الإسلامي واستخدام أحداث مايو الماضية بكل يعني مساوئها ليعني التخلص من ظاهرة التيار الإسلامي.
محمد أوجار: تسمح لي أن أصحِّح هذه المعلومة، أولاً: نحن شعب مسلم، وكل الأحزاب السياسية في المغرب هي أحزاب مسلمة، وتؤمن بالإسلام، ثم الدستور يجعل..
حسين عبد الغني [مقاطعاً]: نقصد الإسلام السياسي
محمد أوجار [مستأنفاً]: يجعل من الإسلام دين رسمي للدولة، وملك المغرب هو بحكم الدستور أمير المؤمنين، إذن لا يمكن أن يكون هناك أي تواطؤ ضد أي توجُّه إسلامي، بالعكس هناك إجماع وطني قوي ضد كل مشروع إرهابي تخريبي يستهدف المشروع المغربي اللي هو مشروع إسلامي.. اللي هو مشروع ديال التضامن وديال التماسك وديال بناء الدولة الحديثة، الدولة الديمقراطية المنفتحة على الحداثة، ولكن هذا الانفتاح المتمسَّك بالعقيدة وبالهوية الإسلامية.
آفاق حرية الصحافة في المغرب
حسين عبد الغني: نعم، طب السيد الوزير يعني كيف تطير التجربة المغربية نحو آفاق الحرية وحقوق الإنسان كما أشرت وأحد الأجنحة الرئيسية لها مقصوص وهو الصحافة، يعني هناك يعني ملاحظات كثيرة في أوساط الصحافة المغربية والإعلام المغربي عن مضايقات مستمرة للصحفيين المغاربة، وهناك خمسة من الصحفيين مثلاً تعرضوا لعقوبات السجن؟
محمد أوجار: بعض المسلكيات من طرف زملاء في مهنة الصحافة سقطت تحت طائلة القانون، والأحكام أحكام صادرة عن محاكم، فالصحفي ما عندوش.. ما عندوش حصانة ضد القانون أو عنده حصانة ضد الحريات الأخرى فنحن سنسعى إلى إدخال ما يجري من تعديلات على قانون الصحافة، وأيضاً الدعوة إلى الجسم الصحفي للتفكير في أخلاقيات.. في أخلاقيات المهنة.
حسين عبد الغني: هل تناوُل كل ما يتعلق بالقصر الملكي أو.. أنت تعرف حضرتك إنه أمور العائلة المالكة.. الأسرة المالكة في الدول الديمقراطية يتم تداولها في جميع وسائل الإعلام يعني.. يعني هو ربما المقصود بصيانة الملكية هو احترام الملكية الدستورية والإيمان بأنها النظام السياسي للمغرب أو.. لكن ليس معناها أنه هذه يعني قضايا لا تمس في إطار أنها قضايا عامة تمس المواطنين.
محمد أوجار: إحنا حتى قبل أن تقع هذه الأمور تحت طائلة القانون الشعب المغربي برمته وبإجماعه الوطني وعلى امتداد 18 قرن كرَّس احتراماً مقدَّساً للمؤسسة الملكية، ولا يمكن أن يقبل أي تطاول يخدش هيبة وكرامة والمكانة الرمزية والاعتبارية للمؤسسة الملكية، فالملك المغربي مش رئيس دولة هو أمير المؤمنين، هو رمز هذه الأمة، فهذا التطاول لا يخدم التطور الديمقراطي بل يعيده إلى الوراء وكيفما كان الحال.
حدود مسؤوليات الملك في المغرب
حسين عبد الغني: الملك محمد الخامس [السادس] تعهَّد بالتوجه نحو الملكية الدستورية، يبدو أن المغرب مازال بعيداً بشكل كبير عن هذه الملكية الدستورية، في الملكية الدستورية الملك يملك ولا يحكم، يعني أن السلطة التنفيذية تنقل من الملك ويصير رمز للبلاد ورمز للوحدة الوطنية، لكن يبدو أن جلالة الملك مازال يحتفظ بقدر كبير من السلطات التنفيذية، يعني هذه من المفروض أنها مهمة تنقل تلقائياً للحكومة المنتخبة في انتخابات عامة.
محمد أوجار: كل بلد.. كل شعب ينتج النظام القانوني الذي يتوافق حوله، إحنا في ملكية دستورية على رأسها جلالة الملك له سلطات واسعة، بالعكس نحن في حاجة إلى ملكية أقوى بسلطات أقوى، لأنه الملك هو رمز الوحدة، وهو حامي حمى الملة والدين، وهو القلعة ضد التطرف، جلالة الملك يُعيِّن الوزير الأول، وباقتراح من الوزير الأول يُعيِّن الحكومة بعد نتائج الانتخابات، ويحترم احتراماً كبيراً إرادة الشعب، البرلمان يراقب الحكومة مراقبة شديدة، المجلس الدستوري يراقب دستورية القوانين، المجلس الأعلى للحسابات وهو هيئة دستورية يراقب طرق صرف المال العام، القضاء سلطة مستقلة إزاء السلطتين، وتحتمي بقوة وهيبة ومكانة المكانة الاعتبارية لصاحب الجلالة على اعتبار أن الأحكام تصدر باسمه، فإذن فوق هذه المؤسسات ضامن توازن هذه السُلَط، وضامن احترام الدستور وتفعيل الدستور هو جلالة الملك.
حسين عبد الغني: ما هو الاحترام للملكية موجود، لأنه هو رمز النظام والمكانة المعنوية موجودة، لكن هو أليست الحكومات المنتخبة والنخب المفكرة في هذه الأحزاب وفي.. وفي.. وفي الشعب المغربي كافية لأنها تحل المشاكل على أسس من الديمقراطية والعقلانية ويعني الحلول الواقعية؟ بغض النظر عن أنها تدخل المؤسسة الملكية في العمل التنفيذي؟
محمد أوجار: إحنا.. إحنا في مسار بناء تاريخي لهوية، لحضارة، لتجربة ديمقراطية، التجربة مازالت هشة، الأحزاب في البداية، المواطنين في بداية التثقيف، يعني إحنا في مرحلة إعداد، ثم تجربتنا تاريخية، تراكمنا يجعل المغاربة مجمعين.. مجمعين على المكانة المركزية للمؤسسة الملكية كفاعل سياسي، أكثر من هذا الشيء إنه حين نتناقش في هذه المواضيع هو بكل حرية، قسم كبير من المثقفين، من المجتمع السياسي المغربي، ونحن جزء منه، أنا شخصياً أعتبر أنه مازال للمؤسسة الملكية دور مركزي، يجب أن نقوي هذا الدور، خاصة ونحن نواجه تحديات، تحديات تستهدف المشروع الحضاري المغربي، تستهدف المشروع الديمقرطي المغربي، تستهدف الوحدة الترابية للبلاد، إحنا في مواجهة عدد من الأزمات، كيف نقارن؟ أو لماذا نريد أن نقارن واحد تجربة الدستورية لملكية في مجتمع إسلامي عربي، بمجتمعات غربية لها ثقافتها، لها صيرورتها إلى آخره؟
حسين عبد الغني: طيب في هذا السؤال يعني.. يعني أنت صككت تعبيراً يقول أنه بعد أحداث مايو هناك مغرب جديد، هل هذا المغرب الجديد مغرب يضيق بحرية الصحافة إذا انتقدت؟ ومغرب يريد أن يتعامل مع التيار الإسلامي بقسوة؟ وربما يُضيِّق فضاء الحريات الذي كان قد بدأ يلوح في الأفق في المغرب؟
محمد أوجار: أبداً، هذا المغرب يتمسك بكل المرجعيات التحررية والديمقراطية والانفتاحية، بس الخلاف الوحيد مع المرحلة السابقة هو أنه يعلن أن الدولة ستعمل على تأمين احترام القانون، وتنفيذ القانون بكل الحزم على الجميع، حكومة، إدارات، وسائل إعلام، أحزاب، نقابات، يجب على الجميع أن يرتقي إلى استيعاب هذا البُعد الحقوقي، لأنه الآن يجب أن نحتكم جميعاً، لأننا في واحد مجتمع تعددي، مجتمع قائم على الصراع، على الاختلاف، كيف ندبر هذا الاختلاف؟ الآن يجب أن ندبره بالاحتكام إلى القانون، ويجب أن نعيش في ظل دولة قوية، قوية بشرعية القانون، قوية بهيبة القانون، قوية باستقلالية المؤسسات وباستقلالية القضاء الضامن لكل الحريات.
حسين عبد الغني: السيد الوزير.. سؤال أخير، وأرجو ألا تنزعج منه، هل تحول الناشط في حركة حقوق الإنسان المغربية والعربية إلى محامي يدافع عن كل انتهاكات الحكومة المغربية لحقوق الإنسان؟
محمد أوجار: أولاً: أنا لا.. لن أقبل أن أكون في حكومة تنتهك حقوق الإنسان، قناعتي بأن هذه الحكومة -بتوجيه من جلالة الملك- تعمل على احترام حقوق الإنسان، وعلى النهوض بها، وعلى توسيعها، وعلى توسيع الاستفادة منها لكل المواطنين، هو الذي يجعلني أشعر بشرف تولي هذه المسؤولية في حكومة جلالة الملك، ولابد أن أقر أنه للناشط الحقوقي حرية أوسع في الفعل، حين نشتغل من داخل مؤسسات الدولة، نشتغل بطريقة لا تبدو بنفس الإشعاع، وبنفس الوجاهة، لأن الإكراهات والصعوبات الاقتصادية الاجتماعية تجعل ترجمة الخطاب والوعود السياسية عملية تتطلب الوقت وتتطلب النضال اليومي، ونحن الآن انتقلنا من الانشغالات السياسية إلى الجهاد اليومي يوماً بعد آخر، لكي تجد الحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية، والحقوق الثقافية، إضافة طبعاً إلى الحقوق السياسية، أن تجد الترجمة اليومية على امتداد التراب الوطني، وليس فقط في المدن الكبيرة، هذا رهان كبير، هذا هو المشروع الحضاري والسياسي بالمغرب، نحن نشتغل فيه تحت إكراهات البطالة، تحت إكراهات الأمية، تحت إكراهات التوازنات المالية، وفي مواجهة كل هذه الإشكالات الجديدة، التي تطرحها علينا كل هذه المشاكل الجديدة المرتبطة بالإرهاب وبالمؤامرات التخريبية، التي تستهدف مشروع بناء الديمقراطية والحداثة على هذه الأرض المباركة.
حسين عبد الغني: أستاذ محمد أوجار (وزير حقوق الإنسان المغربي)، شكراً لك على هذا اللقاء، وشكراً لك على استقبالي في هذه الزيارة القصيرة في المغرب.
أما أنتم مشاهدينا الأعزاء فحتى لقاء آخر، هذا حسين عبد الغني يحييكم هذه المرة من الرباط.