لقاء اليوم

محسن العواجي .. الإصلاحات السياسية في دول الخليج

هل آن الأوان لإدخال إصلاحات سياسية على الأنظمة الخليجية؟ كيف أصبحت البطالة المشكلة الرئيسية في المجتمعات الخليجية؟ هل المجتمع الخليجي قادر على المشاركة في القرار السياسي؟.

مقدم الحلقة:

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة:

محسن العواجي: مؤسس منتدى الوسطية في المملكة العربية السعودية

تاريخ الحلقة:

13/02/2002

– أثر الأزمة على دول الخليج العربي
– المناصحة في دول الخليج وأثرها على الحكام والشعوب

– الانفتاح السياسي في الخليج ودور المصلحين فيه

– الاختلاف بين مصلحي الحركات الإسلامية

undefined
undefined

ماهر عبد الله: مرحباً بكم في حلقة جديدة من (لقاء اليوم).
ضيفنا لهذه الحلقة الدكتور محسن العواجي (المهتم بشؤون الإصلاح السياسي في الخليج العربي، والذي سبق له أن عمل في هذا المجال في المملكة العربية السعودية تحديداً)، الدكتور محسن العواجي اهتماماته أوسع من المملكة، يحمل هماً كبيراً طابعه إسلامي مما يضفي عليه شيئاً من الأممية وشيئاً من النظرة الأكثر شمولاً من مجرد الاهتمام بقطر واحد، لكن في هذه الحلقة سنقصر حديثنا على الخليج العربي على اعتبار أن هذه الأزمة شكلت نوع من الصدمة للخليج لم يشهدها من قبل كنا نعتقد أنَّ الخليج العربي بدوله الست واحة استقرار سياسي في المنطقة العربية، لم يشهد صدامات عنفية بين الحكومة والحركات المعارضة، في هذه الأزمة عندما تبين أن بعض المتهمين مع الإصرار على كلمة المتهمين بالحوادث الأخيرة في نيويورك وواشنطن عندما تبين أن بعضهم يحمل جنسيات خليجية كان لهذا ردة فعل سلبية وربما أدت إلى إحداث الكثير من التغييرات، هي قطعاً أدت إلى إحداث نوع من الضغوط الأميركية على دول الخليج لمناقشة هذه الأزمة وانعكاساتها على مجتمع الخليج العربي، سيكون حوارنا مع الدكتور محسن العواجي.
دكتور محسن، أهلاً وسهلاً بك في (الجزيرة).
د. محسن العواجي: حياك الله، أهلاً وسهلاً.

أثر الأزمة على دول الخليج العربي

ماهر عبد الله: سيدي، هل.. هل تتفق أولاً أن هناك هزة أحدثتها هذه الأزمة في دول الخليج العربي؟
د. محسن العواجي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، قطعاً هناك هزة، الخليج العربي لم يكن في معزل عن العالم كله، فالهزة هزت العالم بأسره، ودول الخليج من ضمن هذا العالم.
ماهر عبد الله: باعتقادك جنسيات المتهمين كم تحمل من الدلالة؟ هل هي مجرد اختيار عشوائي، صدف أن هؤلاء من الخليجيين أم هي مؤشر على نوع من الغليان الداخلي والسخونة الداخلية في بعض المجتمعات الخليجية؟
د. محسن العواجي: طالما أن الجهات المعنية في الدولة التي وقع فيها الحادث لم تقدم أي دليل على أي شخص معين، فلسنا معنيين بما يدور حتى الآن، لا من ناحية قضائية ولا من ناحية منطقية وهذا عُرف دولي عادل مُتعارف عليه.
ماهر عبد الله: تاريخك السياسي إذا جاز التعبير خلال الفترة البسيطة التي عملت فيها في السياسة، بدأت تهتم فيها في الـ.. في الـ.. في.. بالعمل السياسي عموماً في الخليج العربي، هل تعتقد بعيداً عن الأزمة أن هناك دواعي للمطالبة بالإصلاح في بعض دول الخليج؟
د. محسن العواجي: قطعاً دول الخليج بحاجة.. أنا أعتقد أنها -يعني- الحاجة إلى إصلاحها أشد من الحاجة إلى إصلاح غيرها بحكم موقعها الاستراتيجي وثقلها الاقتصادي وثقلها الروحي بحكم إن المملكة العربية السعودية يوجد فيها الحرمين الشريفين قبلة المسلمين، وبالتالي فالاهتمام بها أنا أعتقد إنه من باب أولى.
ماهر عبد الله: في بعض الأحيان وخصوصاً عندما كان الطابع العام لـ.. حركات المعارضة وحركات المطالبة بالإصلاح في العالم العربي عندما كان طابعها العام قومي أو يساري كانت القضية مُفتعلة في الخليج العربي لم يكن هناك امتدادات حقيقية شعبية تتمتع بجماهيرية لا بأس بها الذي تغير المطالبة بالإصلاح مازالت موجودة في بقية أرجاء العربي ولكن هويتها العامة، هويتها الفكرية اختلفت من أن تكون يسارية قومية إلى أن تكون إسلامية، هل تعتقد أن هذه المطالبات الإسلامية اليوم مفتعلة وتقليداً لما يجري في بقية المشرق العربي ومغربه فقط لنلحق بركب الآخرين بالمطالبة بالإصلاح؟
د. محسن العواجي: من الإنصاف أن نقول: بأن دول الخليج قاومت تلك التيارات اليسارية والليبرالية والقومية التي حاولت أن تعصف بها أيام المد الناصري والقومي، و.. إن دل الاجتهاد على شيء، فإنما يدل على أن طبيعة دول الخليج طبيعة استقرار أكثر من غيرها، رغم اتهام تلك الحركات لها بالرجعية، فاليوم نلاحظ أن من يتهم بالرجعية رجع إلى رجعية أكثر من الرجعية التي كان يتهم بها تلك الدول، فـ.. نلاحظ أن هذه الدول لم تتغير، لم يطرأ عليها أي تغير سياسي، كما طرأ على تلك الدول التي كانت تعصف بها التيارات القومية واليسارية، الإصلاح اليوم الذي يُطالب به في الخليج هو إصلاح مُناصح وليس إصلاح اجتثاث يعني و.. و.. و.. وإبدال.. أو استبدال وكذا، ما يطالب به اليساريون من قبل أنا عندي يعني قناعة مع تقديري يعني للهم القومي الذي يحملونه والهم الوطني إلا أنه لم يكن يرتكز على شعبية أولاً.
وثانياً: يعني لو كان مخلصاً وناصحاً لـ.. كان له أثر في.. في..
ماهر عبد الله: ما هو التخوف أنا ذكرت اليساري سابقاً على اعتبار أنه كان يمثل نخبة ونخبة صغيرة لم تكن لها امتدادات مجتمعية حقيقية، التخوف اليوم أن تكون دعاوي الإصلاح أيضاً على نفس الوتيرة عند بعض النُخب الطامحة إلى السلطة، الطامحة إلى النفوذ، المحرومة منه، دون أن يكون لها أيضاً امتدادات.
د. محسن العواجي: يبقى في الواقع العمل الإصلاحي الإسلامي موسوماً بالمناصحة ويبقى يعني هو العمل الإسلامي الوحيد تقريباً الذي لا يطالب بما تطالب به التيارات الليبرالية التي استقت أفكارها وآراءها من دول غربية تريد أن تطرح طرحاً سياسياً، أو تطرح إصلاحاً سياسياً يتعارض مع طبيعة وضع الخليج الذي.. الذي كما هو معلوم وضع عشائري أكثر منه وضع يعني دستوري، أو وضع برلماني نيابي.
ماهر عبد الله: يعني باعتقادك إلى أي درجة مهم هذا التوجه الفكري الحرص على أن يكون المحتوى الفكري لدعوى الإصلاح منسجم مع الطبيعة العامة للمجتمع وليس مقحماً؟
د. محسن العواجي: ضروري جداً، ضروري جداً أن يكون الإصلاح من الداخل، يعني يكون الفكر الذي.. اللي هو الفكر الإصلاحي الذي يطرح على حكومات الخليج يكون نابعاً من داخلها، من ثقافاتها، من تاريخها، من إرثها، فأي فكر مستورد قد جرب من قبل ولم يفلح.
ماهر عبد الله: لكن في الخليج اليوم هناك دعوات صريحة، أنا لا أريد أن أذكر أسماء بعينها، لكن أكثر من بلد خليجي، هناك تيار لا يمكن… وصمه بالعلمانية، ولكن أقرب الصفات إليه يطالب جهاراً نهاراً بـ.. بتحويل الـ.. الرعاية، المواطنة، بتحويل الدولة إلى دولة مواطنة، بدل أن تكون قائمة على أسس دينية.
د. محسن العواجي: على كل حال الأسس الدينية الصحيحة هي تلك الأسس التي تحافظ على حقوق الجميع، يعني السائد الآن في الخليج يعني هو محاولة في الواقع من قبل الحكام والأنظمة محاولة إلى الوصول إلى الأمثل، لكن ليس بالضرورة أن يكون هو الطرح الإسلامي الأمثل المنشود، فالطرح الإسلامي الأمثل المنشود يوفر الحق للجميع ويوفر الرفاهية والأمن للجميع فلا.. فلا إقصاء فيه إلا لمن هو خارج دائرة الإسلام الكلي.

إعلان

المناصحة في دول الخليج وأثرها على الحكام والشعوب

ماهر عبد الله: طيب، لو.. لو دخلنا فيما تسميه المصالحة أو المناصحة، فيما يتعلق يعني الخليج العربي وحكام وشعوب ونخب، النخب..
د. محسن العواجي: نعم.. نعم..
ماهر عبد الله: تنتقل.. قد تكون حاكمة وقد تكون محكومة، في.. في باب المناصحة، هل المقصود بالمناصحة فقط الحكام والنخبة السياسية، أم المقصود أيضاً بها الشعب؟
د. محسن العواجي: المقصود بالمناصحة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "المؤمن مرآة أخيه"، فالحاكم المؤمن والمواطن المؤمن والعالم المؤمن يفترض أن هذا الثلاثي كله يكون مرآة لبعضه، فالحاكم يُناصح والعالم يُناصح، والمواطن يناصح، فالجميع عليه حقوق وله.. وله واجبات، أو عفواً عليه واجبات وله حقوق.
ماهر عبد الله: طيب لنبدأ.. لنبدأ برأس الهرم ما هو تصورك عن المناصحة التي يمكن أن تقدم للحكام باعتبارهم سلم الهرم الاجتماعي؟
د. محسن العواجي: أولاً على الحاكم أن يؤمن بحق شعبه، وأنه كما قال عمر -رضي الله عنه- خادم لشعبه وليس سيداً لعبيد يعيشون في بيته هذه ضرورية جداً، يعني هذا المنطلق مهم جداً إن الحاكم يشعر بأن شعبه، إنه خادم لشعبه، لأن الله -عز وجل- سيسأله عن هذا.
ثانياً: بما أنه يعني إنطلاقاً من ها الفقرة هذه، عليه أن ينفتح سياسياً ويثق بشعبه، يعني لا يشعر بأن شعبه يريد أن يستأصله حينما يريد أن يطرح عليه رأيه، وفكرة اتهام أي ناصح أو مواطن غيور أو بأنه يخوض فيما لا يعنيه، أو يتدخل فيما لا يعنيه هذه عبارة غير صحيحة، لأن إذا لم يعنيني مجتمعي بأمنه ورخائه واقتصاده ومستقبله، هذا المجتمع اللي أنا جزء منه أنا وأبنائي وإخواني وعائلتي والحاكم معي أيضاً والشعب كله معي، إذا لم يعنيني هذا فما الذي يعنيني؟ أنا لم آتِ من المريخ لأختلف على الحاكم هذا، أنا جئت من نفس البيت أناصح هذا الحاكم، وأقترح عليه ما ينفعني وينفعه، ولا ألزمه بهذا يعني له أن يقبل أو يرفض، لكن لا يمكن لا أقبل أن.. لا أقبل أن يصفني بأني مفسد في الأرض أو مخرب أو كذا، بالعكس، أنا فرد من هذه.. من هذه الوسط.
ماهر عبد الله: فيه ظاهرة في الخليج العربي فيما يتعلق بالنخبة السياسية الحاكمة، يعني أرجو أن تفسرها لي، أو يعني تقنعني أنها ليست مفارقة، تحدثت عن الانفتاح السياسي في.. في كل دول الخليج تقريباً، هناك انفتاح غريب على الغرب الإباحي اللاتقليدي، الرافض والمتناقض مع كل قيم مجتمعاتنا بما فيها المجتمع الخليجي، بالطرف المقابل هناك انغلاق سياسي شديد عندما تقوم أو يأتي الكلام العلاقة مع الشعب، كيف تفسر هذا الانفتاح على العالم الغربي؟
د. محسن العواجي: هنا جوهر المشكلة، وهنا هذا الذي يحرك الغيورين والناصحين هو إنه يرى أن يعني.. أن يعني أنه حرام على بلابله الدوح يعني يلاحظ أن الحق اللي مفترض أنه يتمتع به المواطن الخليجي من رحابة صدر ومن سماع للرأي ومن.. ومن، يلاحظ أن الأجنبي أو الغريب هو أو كذا يتمتع بما لم.. بما لا يتمتع به المواطن الخليجي وبالتالي فهذا دفع الناس إلى أن يحاولوا يعني طرح أفكارهم ومناصحاتهم على الحكام وبالتالي حصلت الأحداث السابقة اللي حصل بعدها سجن وإحكام وإلى آخره، يعني كل ما في الأمر أنهم لو وجدوا من يسمع لهم ووجدوا من ينصت لهم وإلى آخره، لما اضطروا إلى هذا ولاشك أن هذه إشكالية، وهذه مما يحق لنا أن نرفع أصواتنا بالمطالبة على الأقل بالعدل يعني، على الأقل بالعدل يعني كمرحلة انتقالية حتى نصل إلى أن نتفق وحكامنا على هويتنا، الحقيقة وهي الإسلام.
ماهر عبد الله: لكن في الخليج يعني مشاكل أخرى، يعني يبدو أنه الدكتور محسن العوازي يقع في الخلل الفني -إذا جاز التعبير- الذي يقع فيه الكثير من النخب العربية بتقديم الهم السياسي على كل شيء آخر، أنا أقدر تماماً الضغط السياسي الذي يقع علينا كشعوب لما نرى من ما لا نتفق معه إذا أردنا أن نكون محافظين في.. في التعبير، لكن هناك مشاكل أخرى في الخليج، أهم من الهم السياسي وربما أخطر ضاغطة، هناك مشكلة بطالة غريبة في الخليج العربي، قبل أن يزور الإنسان الخليج لا يتصور وجود ها خصوصاً مع هذه العمالة الوافدة، هناك مشكلة.. مشاكل اقتصادية حقيقية يعني الدول بعد كل هذه السنوات مازالت دول ضيعية في المقام الأول لم تتحول إلى دول ضريبية يمكن أن تبني اقتصادها على شيء غير النفط.
د. محسن العواجي: أخي الكريم، ما أشرت إليه مهم جداً وهو مترتب على -لا.. لا مؤاخذة يعني- الخلل السياسي، أو يعني ما أحب أن أسميه يعني أكون حاداً جداً وأسميه الفساد السياسي الإداري، البطالة.. انتشار البطالة وتفاقم الوضع الاقتصادي في دول تعتبر من أغنى دول العالم الآن ولا تزال الدول تتحدث عن مديونيات وعن.. يرتفع البترول وينخفض ومع ذلك لا.. لا إن لم تزداد المديونية، لا تنقص والناس تراقب وتقرأ موضوع البطالة، موضوع البطالة في الواقع يعني موضوع الحقيقة يعني يحتاج إلى نوع من الشفافية حقيقةً إذ لا يكفي أن يقال للذين هم على قائمة الانتظار في.. في الأعمال الوظيفية من بنين وبنات، لا يكفي أن يقال لهم لا يوجد وظيفة، لا يوجد وظيفة حينما تكون الأمة كلها تعاني من معاناة معينة، يتحمل الناس هذه المعاناة كما تحملت الأمة في عصر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في عام الرمادة، تحملوا المجاعة كلهم من عمر إلى أصغر واحد، كلهم جوعى يعني، وتحملوها، لكن هذا الآن الشاب أو الشابة الذي يقال له لا وظيفة عندنا مثلاً، هو في الواقع يعني يسمع ويرى من مظاهر يعني اللي أمامه ويرى يعني بعض الامتيازات الخاصة وبعض يعني المخصصات وبعض، هو يعلم يعني، واحد من الشباب يوم من الأيام حاولت يعني أن أهدئ يعني أقول يعني -إن شاء الله- وظيفتك -إن شاء الله- قادمة وكذا، يقول: يا أخي أنا أعرف أمير لم يبلغ الثلاثين من عمره، ما يملك من رصيد كافي بأن يوظف جميع الموجودين على القائمة ولمدة عشر سنوات، فهذا الشاب لابد أن يعطى جواباً شافياً كافياً مقنعاً، إن لم نعطه الجواب فهذا سيضطره في الواقع للتصرف تصرفات أخرى لا.. ليست بصالحنا وكما قلت يعني في أحد اللقاءات إن هذا الشاب الذي لم.. لم يستطع أن يحصل على امرأة -لن يتزوج يعني قريباً- ولن يحصل على بيت سيبحث عن الحور العين أقرب له في الجهاد ويذهب إلى الجنة، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا طبعاً ما يدفعه إلى العنف وإلى الالتفاف على وضع المجتمع الآمن، فـ.. لاشك أن موضوع البطالة.
وموضع العدالة الاجتماعية ليس فقط في الوظائف العدالة الاجتماعية في كل شيء لازم يشعر الناس فعلاً أنهم سواسية، أنا لا أطالب بمثاليات، أنا أعرف إن المثاليات تحقيقها يعني صعب لكن على الأقل نتدرج لنشعر ويشعر المجتمع بأنه فعلاً يتوجه إلى الأحسن يا أخي يعني هذا أعتقد أنه مطلب ضروري جداً لمن أراد أن يستتب الأمن يعني في مجتمعه، وهذا له علاقة مباشرة جداً في الاقتصاد العام. وله علاقة بالسياسة، بالتالي صعب أن نفصل هذا عن هذا عن هذاك.

إعلان

الانفتاح السياسي في الخليج ودور المصلحين فيه

ماهر عبد الله: عدنا إلى السياسة مرة أخرى، باعتقادك ما يجري في بعض دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، هناك مؤشرات بعد هذه الأزمة على الانفتاح ربما لم نكن نعرف به من قبل، لكن بحكم إن الأزمة وضعت المنطقة تحت المجهر، هناك درجات كبيرة من الانفتاح السياسي في بعض دول الخليج وعلى رأسها المملكة كما قلت، هل أنت متفائل بأن تتحول هذه إلى قنوات رسمية مقننة للمصلحين المطالبين بالإصلاح؟
د. محسن العواجي: أنا يا أخي الكريم متفائل جداً من هذا الخطوات وإن كانت أقل مما ينبغي لكن طالما وجدت العزيمة.. جدن، يعني وجد الهم ووجدت بعدها العزيمة، ورأينا أن الناس بدأوا يتفاعلون يعني مع ما يحدث فإننا متفائلون بإذن الله، لأننا ندرك أن حكام الخليج قاطبةً الآن، بمن فيهم حكام المملكة يهمهم مستقبلهم.
ولكننا نريد حقيقة نريد انفتاح شعبي واضحُ مباشر، يعني المجالس الرسمية مهما كانت يا أخي مهما كانت هي مجالس رسمية، يعني لا يتوقع من موظف رسمي أن يصارح من وظفه إلا في حدود معينة، لكن دائماً الشعوب تكون أكثر يعني صدقاً ووضوحاً مع حكامها إذا ما وجدت القنوات المناسبة للتعبير عن الرأي.
ماهر عبد الله: طيب دعنا يعني كون الوقت لا يسمح كثيراً أن نتحدث عن الحكام وهي متعة النخب العربية. ذكرت الشعب والثقة بالشعب ثمة مقولة في الدول التي جربت الديمقراطية في العالم العربي خارج الخليج ويرددوها للأسف بعض النخب وبعض المثقفين أن الشعوب ليست مؤهلة للديمقراطية بعد، هل تعتقد أن المجتمع الخليجي -إذا رفضنا المؤسسات الرسمية- هل تعتقد أن المجتمع الخليجي مؤهل وقادر وقابل لأن يشارك في صنع القرار السياسي؟
د. محسن العواجي: أنا سمعت كثيراً هذه الذريعة إن المجتمع الخليجي ليس مؤهلاً وليس كفءً وليس.. وليس إلى آخره، أنا أعتقد إنه نتنزل. ونقول نعم.. المجتمع الخليجي ليس مؤهلاً طيب نؤهله. هذه واحدة، ثانياً: يا أخي أنا أعتقد إنه أن تكون النخب السياسية والنخب المفكرة وأساتذة الجامعات، والقضاة، وطلبة العلم والصحفيون المتميزون يكون هؤلاء كلهم يعني ما هم مؤهلين يعني ويكون المؤهل شخص أو شخصين أو ثالثة أو أربع هذا ظلم يا أخي، أنا بكل صراحة يعني أقول إذا كان المواطن الخليج العشر سنواته الأولى يسمى طفلاً، وفي العشرة اللي بعدها يسمى مراهقاً، وفي العشر اللي بعدها يسمى متهوراً والعشرة اللي بعدها يسمى أي يعني يترك يسمى أي اسم.
ماهر عبد الله: كهل
محسن العواجي: على الأقل يعطى، لا لسه يعطى على الأقل يعني في العشرة اللي بعدها واللي بعدها
ماهر عبد الله: العشرة الأواخر.
محسن العواجي: العشرة الأواخر من عمره حتى يعيش عيشية يعني يشعر بأنه آدمي مكرم له رأيه المسالم يعني، إحنا الآن لا نطالب يعني بعنف، إحنا نطالب نستجدي والله إنا نستجدي الفرص والمناسبات اللي نطرح فيها آراءنا يعني
ماهر عبد الله: لكن اسمح لي يعني معشر المستجدين في.. في الخليج يعني ظاهرة أيضاً يعني اسمح لي متطفل على المجتمع الخليجي فيه درجات عالية من النقد ولكن درجات متدنية جداً من المواقف من السهل أن تنتقد، لكن الأصعب لأنه من الأجدر والأنفع أن تتخذ موقف كيف تحول هذا النقد إلى موقف، النخب الخليجية لا يبدو أنها انتقلت من مرحلة النقد -وهو مطلوب- إلى مرحلة الموقف حيث أن الزعيم السياسي يستطيع أن يتعامل مع موقف.
د. محسن العواجي: لو أن الزعيم السياسي أصبح أباً حانياً على شعبه وتقبل هذه المواقف بدون أن يرعب صاحب موقف، صاحب الموقف أيضاً يهتم يعني بمستقبل، صاحب الموقف لا يريد أن يقول رأياً ثم يختفي عن الأنظار، لا يريد أن يقول رأياً كما يسرح من عمله، كل الناس كله له ظروفه، لكن لو وجد الجو المناسب اللي من خلاله ممكن أن يعبر صاحب الرأي عن رأيه أنا أعتقد إنه في ذلك الوقت من حق الحاكم أن يطالب صاحب الرأي ألا يكون سلبياً دائماً، بل يكن إيجابياً فيربط القول بالفعل.
ماهر عبد الله: ألا تتفق معي أنه جزء من.. من المشكلة في الشعب حتى لو افترضنا أنه بحاجة إلى من يدربه ويؤهله أنه حس المواطنة في الخليج أضعف منه في الدول الأخرى
د. العواجي: نعم.
وبالتالي الوحدة الوطنية مفهومها يعني بعض الأحيان.. في السعودية مثلاً.. على الصعيد الشعبي الصرف لا يقبل الحوار مع سعودي أخر فقط لأنه شيعي مفهوم المواطنة مفهوم الوحدة الوطنية هل متجذر كما تجذر في الدول الأخرى؟
د. محسن العواجي: في الأزمة يا أخي الكريم في الأزمات اللي هي طبعاً نحن نشعر بأن مجتمعنا دائماً في حالة طوارئ إلا ما قل حقيقة، سواء بالتأثيرات الخارجية أو الداخلية، في وقت الأزمات لا نستطيع أن نحكم على الشعب بأنه يعني متجزئ أو غير متجزئ، نحن نقول في الأجواء السلمية الهادئة أنا متأكد أن الوحدة الوطنية هي هم الجميع الحاكم والمحكوم، العالم والمتعلم الصغير والكبير، هذه أنا أعتقد أنها بالنسبة لنا تعتبر يعني خط أحمر وأولوية لا نتجاوزها، نحن نتكلم داخل هذا الإطار، و.. و.. ونحن متأكدون أيضاً أنه إذا.. إذا كان لدي الحاكم الإرادة في أن يكون مشفقاً رحيماً على شعبه أن هذه الفئات معاً ستجلس وتناقش وتحاور في وجودها ولا في فكرها.

إعلان

الاختلاف بين مصلحي الحركات الإسلامية

ماهر عبد الله: طيب ننتقل للمحور الأخير أيضاً بضغط من الوقت من تسميهم المصلحون أو العلماء أو المناصحون يعني إذا أردنا أن يستخدم التعبير الذي استخدمت؟ ثمة ظاهرة وخصوصاً في المملكة أن أمثاُلك من المطالبين بالمناصحة يميلون -أنا لا أقصد محسن العواجي تحديداً- يميلون إلى نزعة تفردية إذا نتحدث عن حركات إسلامية هناك يعني من ينطق (بسم الله) ولا يريد أن يسمع وجهة نظر أخرى فقط لأنها صادرة من الجهة الجغرافية الخطأ.
د. محسن العواجي: الناس على دين ملوكهم، نحن في الواقع جزء من مجتمعنا والمجتمع تعود على أن يكون فيه رأس عشيرة والباقين يعني أفراد أسرة، يعني فـ..هذه الأبوية -إن صح التعبير- يعني انعكست على فئات المجتمع يعني ومثقفيه، ولذلك دائماً بيئة الاستبداد مولد استبداديين أو يعني تنتج استبداديين مع كل أسف الحقيقة أني يعني الذي.. الذي أتمناه صراحةً أن يكون هم كل إصلاحي مهما كان همه أن يشعر بأنه ليس وحده في الساحة وليس وحده الذي يملك الحقيقة المطلقة، الحقيقة المطلقة هي الحقيقة الشرعية المؤيدة بالشرعة وهذه ما يمكن جماعة معينة تقول والله.. تقول لنا والله نحن.. لأمثل ما أعطيت لنفسك حق التفسير الآخرون لديهم.. لهم أيضاً حق التفسير إن.. إن مثل إذا تعُرض للثوابت الرئيسية نعم، ما دون ذلك من حق الجميع.
ماهر عبد الله: بس ما هي هذه الدعوة للتفسير يعني لها مضامين خطيرة في، في بعض الأحيان.. والاحتكار للتفسير يعني ما أسميته بالثوابت في العمل السياسي ثوابت و.. في الحد الأدنى يعني السياسة وثوابت في العادة لا.. لا يجتمعان
د. محسن العواجي: يا أخي إذا.. إذا الله -سبحانه وتعالى- اختار لنا هذا الدين أن يكون مرناً في جوانب كثيرة وحازماً في جانب معين، الحمد لله هذه كما فرض الله -عز وجل- علينا وعلى الناس ولذلك فأنا أطالب بـ..بإصلاحيين جميعاً من علماء ودعاة وطلبة العلم أن أولاً يتحملوا المسؤولية الشرعية، المسؤولية الشرعية بأن يقولوا كلمة الحق بالطريقة المناسبة.
وثانياً: أن لا يضيقوا ذرعاً بالمخالف الموجود داخل الدائرة الإسلامية من إخوانا الذين ليس مش بالضرورة أن يُسمى إسلامي أو يعني أو يوصف أو يسمى يعني ما ضرورة، هو مصلح، مواطن شريف، يحمل نفس الهم سواء إن كان حتى الحاكم نفسه قد تجد حاكم أيضاً يحمل لهم أفضل مما يحملوه بعض الإصلاحيين فنحن نتكلم عن تجميع هذه التوجيهات الإيجابية حتى تصب في مصب واحد.
ماهر عبد الله: هل تعتقد أننا قد نرى تحول بعض هذه النخب ولعلك تتفق معي بأن هناك خلافات واضحة جذرية.. في.. في المدخل السياسي والمقاربة السياسية عند هذه النخب هل يمكن أن نشهدها متحولة إلى أحزاب سياسية.
د. محسن العواجي: أنا أتمنى من الحاكم، لأن الحاكم هو اللي يمسك بزمام الأمور الآن، أتمنى مه الحاكم نفسه يعني سواء في أي دولة خليجية.. أن يولي هذا الموضوع اهتمامه وأن يهيئ الجو اللي يعني يحاول أن يهدأ أعصاب الناس في المناقشات والمحاورات، وأنا أعتقد إنه إذا وجد الجو الهادئ فتتكون -بإذن الله- أرضية مشتركة ينطلق منها التيار الإصلاحي الذي هو مساند الأنظمة لا.. لا.. لا يطالب يعني باجتثاثها وفيه مثل يقول سائد عند بعض الشعوب يقول: "مالك إلا خشمك ولا عوج" الآن ولله الحمد فيه محلات تجميل للأنف وليس.. وليس محلات إستئصال على كل حال، والتجميل دائم من تراه طيب يعني مع بقاء الأصل.
ماهر عبد الله: طيب فيه.. فيه بعض هذه النقط يمكن في بعض الدول أن يسمى تياراً علمانياً صرفاً، من ضمن دعوتك إلى القبول بالآخر كإسلامي سعودي هل ترى يوماً تستطيع أن تتقبل فيه أنت نفسياً والنخب الإسلامية وجود تيار علماني مهما كان حجمه وتتعايش معه؟
د. محسن العواجي: والله يا أخي الكريم من ناحية المجتمع السعودي بالذات مجتمع إسلامي صرف يعني فإذا.. إذا تحاكمنا إلى الرأي رأي المجتمع إلى ورأي الجماهير فلا أعتقد أنهم يعني في أي معيار راح يختارون غير الإسلام حقيقةً، فأن نفرض شيء غريب جداً جداً على.. على رغباتهم وعلى مجتمعهم ثم نقول: نقبل به، هذا أعتقد أنه يعني هو لا محل له من الإعراب أصلاً في مجتمعنا حقيقةً، فإذا جاء طبعاً ما كل ما أتهم بعلماني علماني على كل حال، لكن أتكلم عن شخص علماني يريد فعلاً يفصل الدين عن الحياة إذا أراد ذلك وأعتقد بكل صراحة أنه لا مكان له بمجتمع كالمجتمع السعودي حقيقةً.
ماهر عبد الله: طيب يعني بودي لو طال الحوار، لكن (لكلِ أجلٍ كتاب) الدكتور "محسن العواجي" شكراً لك علي ذلك.
د. محسن العواجي: أشكرك جزيل الشكر.
ماهر عبد الله: لم يبق لي إلا أن أشكركم أنتم أعزائي المشاهدين، إلى أن نلقاكم في حلقة أخرى من برنامج (لقاء اليوم) تحية مني والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إعلان
المصدر: الجزيرة