السفير الأميركي لدى تل أبيب ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى
لقاء اليوم

مارتن إنديك .. الموقف الأمريكي من العراق

الموقف الأميركي تجاه العراق، ولماذا يختلف مع موقف دول مثل روسيا وفرنسا؟ وما سر إصرارها على استمرار العقوبات على العراق؟ وما رأي الشعب العراقي في تلك العقوبات؟ وهل النفط مقابل الغذاء وسيلة تفي بالحاجات الأساسية؟
مقدم الحلقة عمر العيساوي
ضيف الحلقة – مارتن إنديك، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط
تاريخ الحلقة 03/02/1999

undefined
undefined

عمر العيساوي:

مشاهدينا الكرام، ضيفنا في لقاء اليوم هو السيد مارتن إنديك مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، Mr Endic Welcome.

مارتن إنديك:

Thank you.

عمر العيساوي:

أود أن أبدأ بسؤال عن تقييمك للسياسة الأمريكية تجاه العراق حالياً؟

مارتن إنديك:

لقد تطورت السياسة الأمريكية في الأشهر الأخيرة، ففي معظم السنة الماضية منذ أكتوبر وما قبله كنا في أخذ وعطاء مع مجلس الأمن بخصوص صدام حسين، وذلك كي نجعله يمتثل لمتطلبات وقرارات مجلس الأمن خاصة فيما يتعلق بنزع أسلحة الدمار الشامل، وكما هو معلوم تصاعدت المسألة وكان هناك تهديد باستعمال القوة، وكان صدام حسين يتراجع في اللحظة الأخيرة التي تسبق التوصل إلى حل دبلوماسي.

وأصبح واضحاً أخيراً في شهر ديسمبر الماضي أنه لن يستجيب أو يتعاون مع اللجنة الخاصة حيث أن هذه اللجنة لم تستطع عمل أي شيء في الأشهر الأربعة الأخيرة التي سبقت الضربة العسكرية، ولم يستفد صدام من الفرص المتاحة حينها، فلجأنا إلى القوة لتحقيق ما لم تستطع أن تفعله اللجنة، من حيث القضاء على أسلحة الدمار الشامل لدى العراق، ومن حيث تخفيف خطر تهديد صدام لجيرانه.

وفي نفس الوقت كانت هناك محاولات لإقناع النظام العراقي على مدى سبع سنوات كي يمتثل لقرارات مجلس الأمن الدولي، وبالتالي حاولنا مساعدة الشعب العراقي لتغيير النظام الحاكم هناك، وقصدنا من ذلك أن نزيل المعاناة عن الشعب العراقي، وعن المنطقة بأسرها، وهي معاناة ناتجة عن سياسة صدام حسين. وإصراره على تهديد المنطقة.

وقد زاد من حدة تهديده بحيث أنه دعا إلى التمرد على الحكومات العربية، وكانت هناك تصريحات منه، ومن المجلس الوطني العراقي تنادي بوضوح بذلك التمرد، وهي لا تعترف بشرعية وجود الحكومات العربية لا في الكويت، ولا في المملكة العربية السعودية، ولا في مصر أو غيرها، وهذا بالطبع فيه مزيد من التهديد للمنطقة لذلك شعرنا أنه قد طفح الكيل، وعلينا أن نتصرف بناء على ذلك.

إعلان

فالسياسة الآن هي احتواء صدام حسين طالما بقي في السلطة، ولكن في نفس الوقت نعمل لإمكانية تغيير النظام في العراق، ومن ثم يستطيع العراقيون في ظل حكومة جديدة العمل معنا، والمساهمة في المجتمع الدولي، وبالتالي العودة إلى الحياة المعتادة التي من خلالها يعاودون البناء والتطور في هذه المنطقة، وهذا دور يجب أن يقوم به العراق ويستطيع أن يفعله.

عمر العيساوي:

هناك نقطتان فأنت أشرت إلى مجلس الأمن أكثر من مرة، لكن مجلس منقسم على نفسه فيما يخص العراق فروسيا تنتقد بشدة ما تفعله الولايات المتحدة، وفرنسا لا تلتقي في الرأي مع أمريكا وكذلك الحال مع الصين، والسؤال المتكرر هو: من الذي انتدب الولايات المتحدة لضرب العراق بهذه الطريقة؟

مارتن إنديك:

أظن أن الناس نسوا بسرعة أنه كان هناك إجماع في مجلس الأمن على مدى السنة الماضية ينادي ويطالب العراق كي يمتثل لقرارات المجلس، ويفي بالتزاماته، والقرارات المتكررة لمجلس الأمن كانت تحذر العراق من أنه إذا لم يفعل اللازم فإنه سيواجه عواقب وخيمة، وتلك القرارات وقعها كل أعضاء مجلس الأمن بما في ذلك فرنسا، وكذلك روسيا والصين، وربما تذكر عندما رفع صدام حسين الراية البيضاء في شهر نوفمبر في اللحظة الأخيرة، وقد قال (كوفي عنان) حينها: إنه لن يكون هناك مجال للدبلوماسية في المرة القادمة، وكل شخص فهم عواقب عدم تعاون العراق.

فبعد اثني عشر شهراً من الجهود الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي لم يبق هناك إلا حل واحد هو استعمال القوة، وروسيا تنتقد ما حدث، لأنها لا تؤمن باستخدام القوة مهما كانت الظروف، لكن روسيا وقعت القرار الذي تضمن استخدام القوة إذا لم يفِ العراق بالتزاماته، والآن وطالما حدثت عملية ثعلب الصحراء، وطالما يصر العراق على عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، فإنه من الضروري إيجاد صيغة جديدة للتعامل مع نزع الأسلحة وهو ما يحدث الآن ببطء، لكنه بالتأكيد شيء يعمل من أجله مجلس الأمن الدولي، وذلك لضمان عدم الرجوع إلى برنامج أسلحة الدمار الشامل.

وهناك حاجة لوجود نظام مراقبة يضمن عدم تسلح العراق فوق العادة، ويجب أن يكون هناك مضمون للتفتيش، وهذا النظام من واجبه المراقبة لأن صدام حسين لا يمتثل للقرارات، ولا يقوم بالتخلص من أسلحته، وسنرى في الشهر المقبلة وجود نقطة التقاء بين كافة أعضاء المجلس من شأنها متابعة تحقيق أهداف مجلس الأمن، وتنفيذ قراراته التي تستلزم أن يتخلى صدام حسين عن أسلحة الدمار الشامل.

عمر العيساوي:

وفي هذه الأثناء وبينما يجري العمل على ذلك في نيويورك ستبذل الولايات المتحدة مزيداً من الجهود للإطاحة بصدام حسين، وذلك باستخدام مرسوم تحرير العراق كخلفية للأمور التي تجري منذ إقراره؟

مارتن إنديك:

صحيح فأنا أظن من جهة أن هناك جهوداً تبذل لضمان امتثال صدام حسين لقرارات مجلس الأمن، ومن جهة أخرى هناك قرار لدعم جماعات في العراق تسعى إلى تغيير النظام العراقي، وعندما نتبع هذا النوع من العمل فإننا نقوم به من منطلق أساسي، فالتغيير من الصعب أن يتم من الداخل، ولن يستطيع الشعب العراقي أن يفعله لوحده، وعلينا أن ندعمه في هذا الجهد، وهذا التغيير كيفما حدث يجب ألا يؤثر على تكامل العراق، وما نحاول أن نفعله هو إعادة الدور العراقي في المجتمع الدولي.

إعلان

ولكن بعد سبع سنوات نرى أن صدام حسين لا يقوم بمتطلبات الوصول إلى هذا الهدف، وهو لا يفي بالتزامته، لذلك هناك شعور عام في المنطقة وفي الولايات المتحدة وأماكن أخرى بأنه طفح الكيل، وأنه آن الأوان لإيجاد حد لمعاناة الشعب العراقي في ظل هذا النظام، وكذلك إيجاد نهاية لمعاناة المنطقة بأسرها خاصة أن تطورها توقف، وهي في حاجة لاستقرار وسلام، وكل هذا بسبب صدام حسين ونظامه.

عمر العيساوي:

ولكن الكثير من العراقيين يقولون إنهم لا يعانون من الحكومة العراقية، ولكن من العقوبات المفروضة عليهم والتي لم تتوصل إلى أي شيء منذ سبع أو ثمان سنوات.

مارتن إنديك:

الذي فرض العقوبات هو مجلس الأمن، وهناك مراجعة لها كل ثلاثة أشهر من هذه السنوات، وكان مجلس الأمن دائماً يصوت بالإجماع على بقائها، لأن العراق لا ينفذ القرارات، والمسألة ليست صعبة، فالقرارات وضعت كي يستجيب العراق لها خلال ثلاثة أشهر، ولذلك تتم المراجعة كل ثلاثة أشهر، وإزالة العقوبات ليست عملية صعبة، لكن صدام حسين يرفض إزالتها، وبدلاً من ذلك يلجأ إلى الغش والخداع وإخفاء أسلحة الدمار الشامل، وكل ذلك يفعله لتجنب ما التزم به، ولذلك بقيت العقوبات قائمة، ولأن مجلس الأمن أدرك أن صدام يستغل العقوبات كي يعاني شعبه ويقول: إن المجتمع الدولي هو الذي يجلب لهم المعاناة.

وقد وضع مجلس الأمن قرارات النفط مقابل الغذاء لكي يمكن العراق من تصدير النفط، ولكي يشتري -تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة- الغذاء والدواء، لتلبية الحاجات الأساسية للشعب العراقي، وهذا هو ما يحدث.

عمر العيساوي:

أتظن أن ذلك يلبي حاجة الشعب، فالناس لا يعتبرونه كافياً؟!

مارتن إنديك:

بالفعل الكميات لا تكفي، وقد تقدمنا بمبادرة في هذا الخصوص، ونحاول الحصول على رفع سقف الكمية التي يستطيع العراق تصديرها ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء، لكنهم لا يوزعون الأدوية بشكل مناسب، لذلك لابد من وجود مراقبين من الأمم المتحدة لمراقبة الوضع هناك، لأن صدام يستعمل الدواء والغذاء كأداة لتحقيق أهدافه، ولكن زيادة الحد المسموح بتصديره ورفع اليد عن بعض العقود التي تختص بقطع الغيار اللازمة لزيادة إنتاج النفط تجعلنا نأمل أن تغطي الكميات المستوردة حاجة الشعب العراقي من الغذاء والدواء، ولا يوجد ما يدعو إلى خلاف ذلك.

عمر العيساوي:

تحدثت عن الحاجة إلى إجراء تغيير يأتي من الداخل، وكل مجموعات المعارضة تقوم بدورها من خارج العراق، أتظن أن بعضها له قاعدة يعتمد عليها فعلياً في العراق؟ كما أن بعض هذه المجموعات متهم بالفساد والتجوال هنا وهناك في شوارع لندن، فهل تعتقد أنها تخطي بثقة الشعب العراقي، وليس ثقة واشنطن؟

مارتن إنديك:

أعتقد أن هناك كثيرين داخل العراق وخارجه يريدون لهذا النظام أن يزول، وأظن أن هناك جماعة في الخارج تقول الحقيقة للشعب العراقي وللعالم كافة عما يفعله صدام حسين للشعب العراقي، وهذا هو الدور السياسي الهام جداً، وهناك أناس داخل العراق يقاومون صدام، ويدفعون حياتهم ثمن ذلك كل يوم، فالعراقيون في الجنوب وفي الشمال يقاومونه وبعض تلك الجماعات التي تنتمي لأحزاب معروفة هي جماعات تقاوم من الداخل، وهناك أشخاص لهم اتصالات بجماعات في الداخل، ولا شك أن هناك أناساً داخل العراق يودون تغيير هذا النظام ويحتاجون إلى الدعم، والمطلب الأول هو توضيح أن هذا الدعم مهم جداً، ونحن نفهم أن التغيير لن يأتي من الداخل فحسب، بل يحتاج إلى دعم إقليمي كي ينجح، وهذا سيؤدي إلى مساعدة هؤلاء الناس، وبالتالي بناء منهج للتنسيق مع مرور الوقت بحيث يمكن الشعب العراقي من العمل من أجل حكومة مختلفة.

عمر العيساوي:

هل ستحاول الولايات المتحدة يوماً ما عندما تكون على خلاف مع إحدى الدول كما هو الحال مع العراق مع دولة مثل سوريا مثلاً، هل ستحاول الإطاحة بالنظام في سوريا، أو ليبيا، أو تونس، أو أي دولة تكون على خلاف مع الولايات المتحدة، أعني من الذي أعطاها هذا الحق؟!

إعلان

مارتن إنديك:

الولايات المتحدة تدعم التغيير في دول العالم التي تبحث شعوبها عن الحرية بطريقة أو بأخرى، لكن صدام حسين حالة خاصة جداً، فلا توجد أي حكومة مثل حكومته في الشرق الأوسط من حيث سجل الاعتداءات على جيرانه وعلى شعبه، ولا توجد دولة نقارنها بحكومة العراق، وهذا هو سبب قرارات الأمم المتحدة التي تنوي انتهاج أسلوب تعامل خاص مع العراق، لأن صدام موجود في الحكم، ويتصرف حسب هواه، وقد مضى وقت طويل، وبذلت جهود كثيرة لإقناعه بالامتثال لقرارات مجلس الأمن، لكن ذلك فشل كلياً، فروسيا فشلت وفرنسا كذلك، ونحن أيضاً فشلنا، وبدلاً من ذلك لا يزال يتحدى ويهدد جيرانه، وقد تخطى الخط المعقول.

عمر العيساوي:

إنها حرب كلامية، لكن هل ترى أنه فعلاً قادر على القيام بعمل عسكري ضد المملكة العربية السعودية أو الكويت؟

مارتن إنديك:

بالتأكيد فقد سمعنا القادة العرب في الأيام الأخيرة بأنه خطير، وأنه متآمر ولا يزال قادراً على تهديد شعوبهم، وحكوماتهم، وهم بالفعل يشعرون بخطر تهديده، ونحن نرى بأن لديه القدرة على الإيذاء كما فعل سابقاً.

عمر العيساوي:

ومع ذلك لا توجد سياسة موحدة من واشنطن، بل هناك نقاط متناقضة، ومتعارضة تأتي من واشنطن سواء من السياسيين أو العسكريين حول ما يجب عمله تجاه العراق حتى خلال أو بعد عملية ثعلب الصحراء كان هناك تناقض في نتائج تلك العملية، فهل تعرف واشنطن حقاً ما تريد أن تفعله مع صدام حسين؟

مارتن إنديك:

أرى أن هذا سؤالاً مهماً، لأن هناك نقاشاً جارياً منذ نحو عام بخصوص هذه المشكلة، وهو يدور حول ما يجب أن نفعله، وقد استجاب الكونجرس لهذا، ووافق على قرار تحرير العراق، وهو قرار يحتوي على بعض الأساليب المفيدة التي تسمح بدعم المعارضة، لكن القرار لم يحدد ما يجب عمله، بل وفر الطرق المتاحة بما في ذلك الدعم العسكري، ومحطات البث الإعلامي إلى داخل العراق، وتدريب الأشخاص على المعدات وما شابه ذلك.

وحقيقة أننا حددنا جماعات لذلك هي أنه لابد من وجود جماعات تكون مؤهلة للحصول على هذا الدعم، لكننا نقدم الدعم لها نشعر بأنها تريد هذا الدعم منا، وقد سمعنا تصريحات الجنرال (زيني) في الأيام الأخيرة، وعرفنا تقييمه لقدرات تلك الجماعات، ونحن نشاركه التقييم لبعض تلك القدرات، ونقول: إن بعض تلك الجماعات غير قادرة على إحداث التغيير، لكن المهم هنا هو أن الولايات المتحدة أعلنت هدفاً تنظر من خلاله إلى يوم ترى فيه الشعب العراقي وقد تحرر، وأتى بحكومة جديدة تجعل العراق يقوم بدوره المعتاد في المجتمع الدولي.

وعلينا الآن أن نعمل مع جيران العراق، ومع الشعب العراقي في الداخل والخارج ممن لهم الهدف نفسه، وبعض هذا العمل سيكون خفياً، والبعض الآخر ملحوظاً وهو على الصعيد السياسي، وطالما نحن سائرون على هذا الخط سيكون هناك جدل في الولايات المتحدة، وهو ملحوظ ويتعلق بالبحث عن أفضل طريقة لعمل هذا، لكن الجميع متفقون على القيام بذلك.

عمر العيساوي:

مسألة ازدواجية المعايير التي تستخدمها أميركا، فأنا وآخرون في المنطقة نقول: إن إسرائيل اعتدت على آخرين في المنطقة سابقاً، فقد غزت، لبنان، واستخدمت أسلحة محظورة في لبنان أيضاً، لكنها لم تلق نفس النوع من المعاملة لماذا؟

مارتن إنديك:

كما قلت سابقاً فقد وضع مجلس الأمن معياراً خاصاً للعراق بسبب أعماله العدوانية، واستخدامه الأسلحة الكيمائية، وامتلاكه كل الأسلحة المحظورة، وبسبب سجل صدام حسين وخاصة غزوه للكويت، وقد ركز القرار على نزع أسلحة الدمار الشامل لدى العراق، وبخصوص الصراع العربي الإسرائيلي هناك قرارات لمجلس الأمن ومنها للبنان كما ذكرت، فهناك قرار رقم 425 الذي يدعو إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان، وقد وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية، وقبلت به قبل حوالي سنة، لكن الانسحاب لم يتم، لأن الأطراف الأخرى في المنطقة غير مستعدة للتعاون في تنفيذ القرار، لكن إسرائيل وافقت عليه.

عمر العيساوي:

لأن القرار ينص على انسحاب غير مشروط، ولكن إسرائيل تضع شروطاً معينة.

مارتن إنديك:

كلا، إسرائيل لم تضع شروطاً، لكنها تريد أن تعرف ما الذي سيحدث حالما تغادر الجنوب، وتريد أن يكون الوضع آمناً ومستقراً على حدودها، وهذا شيء معقول وله ما يبرره، وليس شروطاً،وعلينا أن نتفهم ما سيحدث، وذلك الانسحاب لم يحدث، ولا نعرف تماماً سبب ذلك، لكن حكومة إسرائيل تريد الانسحاب، وهناك ضغوط كبيرة داخل مجلس الوزراء للانسحاب، وقد قالوا مراراً وتكراراً: إنهم يريدون الخروج من لبنان، لكنهم يريدون ضمان الأمن على حدودهم، وأن الوضع لن يكون أسوأ بعد انسحابهم.

إعلان

أما القرار 242 الذي يخص المفاوضات العربية الإسرائيلية الخاص بالسلام فقد كنا أكثر طرف خارجي فعال، ولم يقترب أحد من مستوى الجهد الذي قامت به ولا تزال تقوم به الولايات المتحدة لتنفيذ هذا القرار، وقد تم تنفيذه عندما جرت اتفاقية السلام مع مصر التي استعادت أراضيها بالكامل، وكذلك معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن.

لذلك أظن أن السجلات مختلفة، والناس الذين يتحدثون عن ازدواجية المعايير عليهم أن يتحدثوا بأمانة عن السجلات، وأن يواجهوا الطريقة التي نتعامل بها مع هاتين الحالتين.

عمر العيساوي:

أنت قلت إن العراق غزا الكويت، وإن لدى العراق أسلحة دمار شامل، وما أقوله هو: إن إسرائيل غزت لبنان، واستخدمت القنابل العنقودية والفسفورية في لبنان وهي أسلحة محظورة، قبل سنوات تحطمت طائرة إسرائيلة في هولندا، واعترفت إسرائيل لاحقاً إن الطائرة كانت تحمل مواد تدخل في صناعة غاز الأعصاب (سارين)، إن ما يبحث عنه أهل هذه المنطقة هو نظره متوازنة، وهم لا يشعرون بأنهم سيحصلون عليها من واشنطن.

مارتن إنديك:

هناك دول كثيرة في هذه المنطقة لديها أسلحة كيميائية، فإيران لديها أسلحة كيميائية، وسوريا لديها أيضاً، وهناك عملية للتوصل إلى معاهدة للأسلحة الكيمائية من خلالها يتم الضغط على دول المنطقة لتوقيعها، وللإفصاح عن الأسلحة الكيمائية التي تمتلكها، وبعد ذلك تجرى علمية تفتيش على هذه الأسلحة، وإسرائيل وقعت على هذه الاتفاقية، وكذلك العراق.

عمر العيساوي:

وهل تسمح إسرائيل بتفتيش مرافقها النووية مثلاً؟

مارتن إنديك:

إسرائيل لم تصرح بأنها دولة نووية.

عمر العيساوي:

الكل يعرف، وشيمون بيريز اعترف أن لدى إسرائيل أسلحة نووية.

مارتن إنديك:

هناك دعوة من الولايات المتحدة والدول الأخرى لتجميد البرامج النووية في المنطقة، وهذا بالطبع هدف مهم جداً، ويجب أن يحظى باهتمام الآخرين، ولكن يجب أن نكون واقعيين، ونتقدم بعملية السلام الشامل، وهذا هو سبب اهتماماً والتزامنا بعملية السلام، وهو ما يجعلنا نبذل جهوداً لهذه العملية كي تصبح عندنا منطقة تساعد في إرساء برامج تنظيم الأسلحة، وتجميد البرامج النووية، لكن هذا يختلف عن حالة العراق الذي استخدم تلك الأسلحة في حربه مع إيران، وضد الشعب العراقي والذي أقام برامج للأسلحة المحظورة خلاف ما التزم به في المعاهدة، وقد وقع على عدة اتفاقيات دولية بهذا الخصوص، واستفاد من بعضها، لكنه تمادى واتجه إلى إنشاء القدرات النووية، لذلك فالوضع مختلف، ولا يمكنك وضع الجميع في سلة واحدة.

لكن الوضع ليس هكذا، وقد وضع المجتمع الدولي معايير خاصة للعراق بسبب أفعال صدام حسين وتصرفاته وسلوكه، ولذلك هناك إصرار دولي على تجريده من الأسلحة الخطيرة، وعلى نزع قدراته بحيث لا يهدد جيرانه وشعبه مرة أخرى

عمر العيساوي:

ما هي ردود الفعل الرسمية من قبل الحكومات في المنطقة؟ هل ستؤيدكم إذا تدخلتم للإطاحة بالرئيس صدام حسين؟

مارتن إنديك:

هناك شيء واضح نتج عن مناقشاتنا في المنطقة، وعززه ما قام به صدام حسين من أفعال في الوقت الأخير بما يخص الإطاحة بالحكومات العربية، وهو أن القادة يرونه على أنه خطر وتهديد، وأن المنطقة ستكون أفضل حالاً بدون صدام حسين، وأن الشعب العراقي سيكون أفضل حالاً كذلك، أما ما حدث بعد ذلك فهو شيء لن أتحدث عنه وهم أيضاً لن يتحدثوا عنه.

عمر العيساوي:

Mr Endic Thank You Very Much.

مارتن إنديك:

Thank You.

المصدر: الجزيرة