لقاء اليوم

عمرو موسى .. اجتماع وزراء الخارجية العرب

الوضع العربي في ضوء اجتماع وزراء خارجية العرب الأخير، المعوقات الموجودة أمام مؤتمر قمة عربي يبحث مستقبل الوطن، عملية السلام وسياسات إسرائيل مع جيرانها، حقيقة اتهام أميركا لمصر بعدم التسامح الديني، وجهة النظر المصرية في عدم تعيين نائب لرئيس الجمهورية.

مقدم الحلقة:

جميل عازر

ضيف الحلقة:

عمرو موسى: وزير الخارجية المصري

تاريخ الحلقة:

22/09/1999

– الوضع العربي في ضوء اجتماع وزراء خارجية العرب الأخير
– المعوقات الموجودة أمام مؤتمر قمة عربي يبحث مستقبل الوطن

– عملية السلام وسياسات إسرائيل مع جيرانها

– حقيقة اتهام أميركا لمصر بعدم التسامح الديني

– وجهة النظر المصرية في عدم تعيين نائب لرئيس الجمهورية

– الأولويات أمام مصر والعالم العربي أوائل القرن القادم

undefined
undefined

جميل عازر: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم إلى (لقاء اليوم) من قناة (الجزيرة) في قطر، ونستضيف فيه السيد وزير الخارجية المصري عمرو موسى، السيد الوزير أهلاً بك إلى (لقاء اليوم) مع قناة (الجزيرة).

عمرو موسى: شكراً.


الوضع العربي في ضوء اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الأخير

جميل عازر: السيد الوزير اسمح لي أن أبدأ الحديث معكم عن رؤيتكم للوضع العربي بوجه عام على ضوء اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الأخير، أود أن أسألكم إن كنتم تعتقدون أن الاجتماع الأخير كان يختلف عن اجتماعات مماثلة سابقة لمجلس الجامعة العربية؟

عمرو موسى: شوف يا سيدي، هو يختلف ولا يختلف، لا يختلف من حيث إنه اجتماع دوري سنوي، في مثل هذا الموعد من كل عام يجتمع وزراء الخارجية العرب سوياً للنظر في موضوعات أصبحت حتى موضوعات سنوية متكررة، يرأس الاجتماع أحدهم، وبتدور بحسب الحروف الأبجدية، أما إنه يختلف فزي ما الكل بيتكلم، دا آخر اجتماع في.. في.. التسعينات، وبيتم في ظرف أو ظروف معقدة عربياً، وإقليميا ودولياً، وأيضاً لأنه بيرأسه العراق، وكان هناك بعض المخاوف من بعض الجهات، والحقيقة إنه الاجتماع دار في جو هادئ جداً، وأدير إدارة جيدة أيضاً، والمناقشات كانت مناقشات على مستوى عالي، بحيث إن إحنا خرجنا من هذا الاجتماع، الجو العام يعني ده يجب إن إحنا نعطي الحق للكل، لأن ده كان بتعاون الجميع، المناقشة زي ما بأقول لك كانت متعمقة، كانت موضوعية حول أمور عديدة ذات أهمية للعالم العربي، للمجتمع العربي، خرجنا –بأقول- من هذا الاجتماع كتير منا بيقول إنه لو كان هذه الاجتماعات هي اللي حتكون نمط للاجتماعات العربية، إذن هذه الاجتماعات بالقطع مفيدة، والمناقشة العربية، وتبادل وجهات النظر العربية بيضيف إلى العمل العربي ويهدئ العمل العربي، ويشذب العمل العربي.

إعلان

جميل عازر: طيب، في رأي الوزير عمرو موسى ما هي أصعب المشاكل أو أكبر القضايا التي تواجه الدول العربية ككل -إن صح التعبير – الطبيعي بعد الأخذ بعين الاعتبار أن لكل دولة إن كبرت أو صغرت مشاكلها الخاصة بها؟

عمرو موسى: طبعاً.. طبعاً، فيه مشاكل خاصة ومشاكل تحت إقليمية –كما يقولون- يعني مشكلة بهذا الإقليم في الخليج، في شمال إفريقيا، في الجنوب، في جوار القرن الإفريقي، فيه مشاكل بهذا الشكل، فيه اعتبارات أيضاً وطنية لكل دولة، إنما فيه مشاغل للمجتمع العربي كله، الآن مثلاً خد عملية السلام، تطوراتها إيه؟ إلى أين تذهب؟ خصوصاً بعد سنوات من الجمود، سنوات من الخوف على مصير العملية ككل، بدأت تتحرك على مسار، نأمل أن تتحرك على باقي المسارات، بنتحدث في إطار زمني معين، إنه هذا الإطار الزمني لا يتعدى سنة-أكثر أو أقل- وفي إطار تمسك بنقاط معينة.

يعني دولة فلسطينية يجب أن تقوم، ما يمكنش بحث أو اتفاق فلسطيني إسرائيلي أو إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي بدون دولة فلسطينية أو بدون الانسحاب من الأرض السورية أو بدون الانسحاب من الأرض اللبنانية فيه مسائل رئيسية، وده بيتم إزاي؟ تفاصيله إيه، ده لكل مفاوض عربي وحده، إنما اللي بيهمنا إحنا كعرب، كمجتمع عربي أن تسير عملية السلام في طريق واضح، وتنتهي إلى اللي إحنا بنتكلم فيه.

جزء تاني: مشكلة زي مشكلة العراق وكيف ستنتهي، مشكلة تالتة كما طُرح في اجتماع الجامعة العربية الأخير – مشكلة السودان، وكيف ستنتهي؟ فيه مشاكل ضخمة جداً، وفيه مشاكل لم تطرح ولكنها أيضاً ضخمة.

جميل عازر: طيب أنت أشرت إلى أن العراق رأس الدور الثانية عشرة بعد المائة لمجلس الجامعة، وتمكن وزير خارجية العراق من إدارة الجلسات –ربما- بشكل ناجح، رغم أن المهمة كانت تبدو عسيرة إن لم تكن متعذرة خاصة بعد محاولات وضغوط أميركية، كيف تصف هذه المحاولات في التدخل في الشأن العربي؟

عمرو موسى: والله يا سيدي أنا لم تحدث معنا محاولات، ولم تجر علينا ضغوط أبداً، لم يتحدث معنا أحد في إنه العراق سيرأس الجامعة العربية، هتعملوا إيه، هذا ما حصلش، إن إحنا يعني يحصل حديث عابر أو حديث دبلوماسي إنه العراق سوف يرأس الجامعة العربية، و.. نعم سوف يرأس الجامعة العربية، حاجة من هذا النوع، إنما لا طلبات ولا ضغوط حصلت، وزي ما أنت شايف إنه العراق رأست .. رأس الجامعة العربية برضو والتعاون جرى، فأنا ما .. يعني ما شفتش هذا الضغط أنا بالنسبة لي.

جميل عازر: طيب الجامعة العربية تطالب برفع العقوبات عن العراق، وأنت

–بالذات- صرحت بأن السعودية والكويت لا تعارضان ذلك، بعد اجتماع وزراء الخارجية أين أصبحت الكرة الآن في مسألة الملف العراقي؟ في ملعب العراق أم الأطراف الخليجية المعنية الأخرى؟

عمرو موسى: والله أخشى أن أقول إن الكرة ليست.. لا في ملعب العراق ولا في ملعب الأطراف الخارجية الأخرى، الآن في مجلس الأمن فيه مناقشة طويلة في مجلس الأمن تجري الآن، عن ماذا يفعله أو ماذا يقرره المجلس بالنسبة لموضوع العراق، بيبحثوا في موضوع عنوانه "تعليق العقوبات" عنوانه تعليق العقوبات، شروطه إيه؟ هذا ما يجري الحديث فيه، اتساعه إيه؟ هذا ما يجري الحديث فيه، إحنا كموقف عربي –جميعاً- تحدثنا عن رفع الحظر، لذلك الكلام يجب يكون دقيق، الحظر.. الحظر الاقتصادي دا مسألة عاجلة فورية، ويجب الكل يوافق ويطالب بهذا ليه؟ علشان شعب العراق، أطفال العراق، أهلنا في العراق، يجب إنه لا يضاروا هذا.. ويستمر هذا الضرر سنة بعد سنة بعد سنة، بعد سنة. هذا هو الإطار اللي كنت بأتكلم فيه.

إعلان

موضوع تعليق العقوبات أصبح مطروح في مجلس الأمن، موضوع رفع العقوبات منصوص عليه في قرارات مجلس الأمن الأولى، إنه إيه شروط رفع العقوبات؟ وهي تنفيذ قرارات مجلس الأمن، هنا الأمين العام للأمم المتحدة، في إطار القرارات أو المشاريع اللي بتدرس الآن في مجلس الأمن، المفروض يكون له دور، لا يترك لموظف زي (بتلر) في السابق رئيس لجنة التفتيش ليقدم أي تقرير، ويستثير المشاكل هنا وهناك، لما الأمين العام للأمم المتحدة يأخذ هذا في يده، ويقدم تقرير عن مدى التنفيذ، عن مدى التعاون الموجود، عن مدى.. المواد أو الفقرات القرارات وكيف نفذت، أنا بأعتقد إن إحنا هنمشي إلى الأمام، المهم الانتهاء من تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وأن يقرر الأمين العام ذلك، لنتحرك نحو الرفع، طبقاً للقرار رقم 7..

جميل عازر [مقاطعاً]: يعني هل.. هل تقول أن موقف الأمم المتحدة من العراق إذا أصدرت شهادة حسن سلوك بمعنى ثم يأتي مثلاً التوفيق بين العراق والدول العربية كالكويت والسعودية؟

عمرو موسى [مستأنفاً]: لأ. دا .. دا حتة تانية، لا دا طريق تاني، أنا بأتكلم الآن..

جميل عازر [مقاطعاً]: طيب، ماذا ينبغي على العراق طيب.

عمرو موسى [مستأنفاً]: على مشكلة العراق، وهي في مجلس الأمن بيدرسوا إزاي يتحركوا في هذا الموضوع.

جميل عازر: طيب، ماذا ينبغي على العراق أن يفعل حتى تتحرك الأمور بينه وبين السعودية والكويت؟

عمرو موسى: خلينا.. شوف، دا سؤال طيب جداً، وأنا أعتقد إن إحنا جميعاً يجب أن ننشغل بهذا، لاشك أن ما حدث أدى إلى مرارة كبيرة جداً ومخاوف.. ومخاوف، ما حدث في أوائل التسعينات بين العراق والكويت، يعني غزو العراق للكويت، أدى إلى الكثير من المخاوف والمرارة، إنما خلينا نتكلم عن المخاوف، لا تزال قائمة في أجزاء كبيرة.. في .. مع .. عند سياسات كثيرة في الخليج، ويجب إن هذه المخاوف تزول، هذه لا يمكن أن تزول بمجرد النسيان، يجب أن تزول بعمل، تزول بحركة، تزول بتحرك، واخد بالك، كيف يتم هذا؟ دا الأفضل فيه هو للتفكير الهادئ والدبلوماسية الهادئة، والتحرك بهدوء في هذا الأمر، إنما المخاوف لا تزال قائمة، وعلى الإخوة في العراق يجب أن يفهموا هذا، إن المسألة معقدة، ومش سهلة.

جميل عازر: هل هناك وساطة مصرية مثلاً في هذا الصدد؟

عمرو موسى: لا.. لا أتحدث الحقيقة عن وساطة، إنما عن نقاش عام لهذا الموضوع.

جميل عازر: وهل النقاش هذا يعني يتم فقط عن طريق دبلوماسية أو ..

عمرو موسى: يتم بين.. بين الكل، ما من زعيمين عربيين أو مسؤولين عرب يجتمعوا إلا وكان هذا الموضوع.. موضوع العراق مطروح.

جميل عازر: طيب، بالنظر إلى الأخطار المحدقة بالوطن العربي، والتحديات في مختلف المجالات، سياسياً، اقتصادياً، وحتى تكنولوجياً، ما هي المعوقات أمام مؤتمر قمة عربي لبحث مستقبل الوطن؟


المعوقات الموجودة أمام مؤتمر قمة عربي يبحث مستقبل الوطن

عمرو موسى: موضوع القمة العربية أصبح مطروحاً وبقوة وإلحاح، لدى الرأي العام وأيضاً لدى المسؤولين، مش فقط لدى الحكومات، إنما من الرأي العام نفسه، واللي.. اللي أحب أقوله هنا إنه ما فيش معوقات بالمعنى المعروف، إنما فيه استفسارات، وفيه تساؤلات، وفيه نقاط، يتطلب الأمر توضيحها والتأكيد عليها،حتى يجتمع العرب على هذا المستوى العالي، ويكون اجتماعاً إيجابياً يتحرك بالعرب إلى الأمام. ولا.. لا أن يكون اجتماعاً عربياً ينتهي إلى.. إلى ما لا نريد، ودا ليس صعباً، يعني عايزك تفهم، وكذلك الرأي العام اللي بيشوف مثل هذا البرنامج، إنه هذا ليس مستحيلاً، وأن التوافق الرأي.. توافق الرأي العربي بالنسبة للقمة يتزايد لا يتناقص، إنما يتزايد، ولكن لا تزال المشاورات مستمرة هنبحث إيه؟!

أنا بأقول: البحث المرة دي مش هيكون بس عملية السلام، هيكون مجمل شؤون العالم العربي، وكيف.. يعني الكلام التقليدي نقول كيف نواجه القرن القادم؟ القرن القادم ده يعني مسألة معنوية، يعني بكرة يبقى القرن القادم زي إمبارح، والمشاكل ما.. إنما.. إنما فيه .. فيه مفصل تاريخي ما فيش شك، وناحية نفسية كبيرة، إن إحنا بننتقل من قرن إلى قرن، يعني الواحد مش هيقول أنا كنت هنا، اتقابلنا السنة اللي فاتت هيقول اتقابلنا القرن الماضي، واللي منا ولد في القرن ده، هيقولوا : دا ولد في القرن الماضي، فيه نقلة، فيه مفصل تاريخي، ضروري فيه من إجتماع عربي –على الأقل- ننظر إلى الأمام زي ما أنت بتقول .. نتكلم في التكنولوجيا، نتكلم في الاقتصاد، هل هناك منطقة تجارة حرة كبيرة في العالم العربي يستطيع أن يقدم عليها، أن يقيمها؟

إعلان

موضوع التكنولوجيا، إحنا فين من موضوع التكنولوجيا؟ هل نحن مستوردون، مطبقون، منفذون، وله مخترعون مبدعون، وعندنا القدرة، وعندنا الكوادر، وعندنا ناس؟! أظنك لابد تكون اطلعت على خطاب الرئيس مبارك مؤخراً في هذا الموضوع بالذات، موضوع التكنولوجيا، موضوع التكنولوجيا نقلاً، موضوع التكنولوجيا توطيناً، موضوع التكنولوجيا إبداعاً، وكيف ينتقل المجتمع كله في..في هذا الإطار، نحن مهتمون جداً في مصر بهذا الموضوع.. موضوع التكنولوجيا، وبأعتقد إن المجتمعات العربية كلها مفروض أن يكون.. أن تكون مهتمة، وأن يكون هناك نظرة عامة لنا جميعاً في هذا.. أعضاء المجتمع العربي إنه الوقت حان لأن ينتقل المجتمع كله إلى مرحلة أخرى جديدة، تتمشى مع العصر الجديد والمفصل التاريخي اللي إحنا بنفوت فيه.

جميل عازر: طيب.. هل تعتقد أن القمة أو موضوع القمة أصبحت أقرب تحقيقاً بعد اجتماع مجلس الجامعة الأخير؟

عمرو موسى: والله لا أستطيع أن أعطيك جواباً شافياً في هذا، ولكن المؤكد أن اجتماع مجلس الجامعة الأخير إضافة إيجابية على هذا الطريق.

جميل عازر: طيب، السيد الوزير، نُقِل عنكم القول إن مصر ستكون على استعداد لاستضافة مؤتمر.. المؤتمر الاقتصادي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهو المؤتمر الذي كان امتناع مصر عن حضوره في الدوحة عام 97 كاد أن .. أن يؤدي إلى قطيعة بينكم وبين دولة قطر، هل هناك تغيرات تبرر هذا التحول في الموقف؟

عمرو موسى: لو شلت من السؤال كلمة الدوحة، لأنه لم يكن حضورنا أو عدم حضورنا موجهاً إلى الشقيقة قطر، إنما كان موجهاً إلى مجمل الوضع في قضية الشرق الأوسط وعملية السلام، التي كانت في وقتها مهددة تهديداً جدياً بسياسة سلبية، سياسة سيئة اتبعها (نتنياهو)، وثبت أن الرأي المصري كان رأياً سليماً، بإنه التعامل مع ..مع تلك الحكومة في هذا الوقت بالتغاضي عن سياستها التي كنا نحن متأكدون منها تماماً، أنها أصبحت سلبية وأن لا فائدة، ولذلك هذا الأمر يجب أن يفصل عن مصر وقطر، عن القاهرة والدوحة دا شيء آخر..

جميل عازر [مقاطعاً]: أنا ذكرت الدوحة لأنه كان المؤتمر وحضوره سبب توتر في العلاقات بين ..


عملية السلام وسياسات إسرائيل مع جيرانها

عمرو موسى [مستأنفاً]: هو يمكن لأ.. مش توتر بالضبط، لأ مش توتر بالضبط إنما قبل هذا في هذا الوقت، وأنا أحب إن أنا أوضحه في هذا اللقاء، في.. في الوقت ده كان طبقاً لمفهومنا، وثبت إنه صحيح، إنه السياسة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو أو بقيادة نتنياهو لن تؤدي إلى شيء، فأردنا أن ندق ناقوس التنبيه لكل من يهمه الأمر، ومن يهمه الأمر مش شرط يكون دولة عربية أو دول عربية، في هذه المنطقة وما حولها والإسرائيليين، ولذلك لما أعلن الرئيس حسني مبارك هذا، أعلنه إنه لن يحضر بسبب كذا وكذا، بسبب السياسة الإسرائيلية، بسبب الفشل الذي يراه مطبقاً على عملية السلام بسبب السياسة الإسرائيلية، الآن الوضع تغير، أو الوضع في مرحلة تغيير، خلينا نتكلم أولاً فيما هو واضح إنه (باراك) ليس نتنياهو أظن هنا نقدر نتفق لحد كده..

جميل عازر [مقاطعاً]: البعض ينادونه (باراك ياهو).

عمرو موسى [مستأنفاً]: مهما كان (باراك ياهو) غير نتنياهو برضو فيه.. فيه اختلاف، فيه اتفاقات وقعت ونفذت، أو وقعت وبدأ تنفيذها مع الفلسطينيين، فيه اتصالات لاستئناف المفاوضات السورية –الإسرائيلية، واللبنانية- الإسرائيلية، فيه خطط للانسحاب من جنوب لبنان، يعني لوضع حد للاحتلال لجنوب لبنان، كل ده يشكل صورة مختلفة، إذا كانت هذه الصورة حقيقية، وتثبت الأيام والأسابيع والشهور القادمة أنها حقيقية، التنفيذ مستمر، المفاوضات مستمرة، وهناك كلام ما بين العرب والإسرائيليين لإنهاء النزاع القائم، إذن يكون من الطبيعي أن يعقد هذا المؤتمر، لأن الجو إيجابي، ومع ذلك هذا المؤتمر لن يعقد إلا في سنة 2000، ويمكن قريباً من منتصف 2000، لنعطي الفرصة تماماً لأنفسنا، لنا نحن جميعاً إن إحنا نتأكد من أن الأمور تسير في طريق سليم.

جميل عازر: طيب وما رأيك في تصريحات إيهود باراك في مستوطنة (معالي أيدونيم) عن.. عن الاستيطان وعن بقاء المستوطنات وغير ذلك هذا لا يختلف كلامه عن كلام نتنياهو باراك.

عمرو موسى: صحيح.. عندما أنا سئلت مثل هذا السؤال بعد ظهر اليوم، وأجبت بأني أفضل أن ننتظر بعض الوقت، ولا يكون لدينا رد فعل لكل تصريح، لكل تصريح يقولون به، ونستمر في مراقبة الوضع، وفي الأمل في أن تكون هذه التصريحات متوازية مع تسليم الفلسطينيين لعدد من الأراضي، الإفراج عن مسجونين إسرائيليين، التقدم نحو التفاوض مع سوريا، فلننتظر لنرى، إحنا نستطيع أن نرد، ونستطيع أن نؤثر في الموقف بما نراه في المصلحة العربية، ولكننا أيضاً يجب أن نصبر بعض الوقت، وأن ندرس.. نظل ندرس السياسة الجديدة سياسة باراك، فخلينا نشوف متابعين لهذه التصريحات، قلقين من هذه التصريحات، لا نقبل بهذه التصريحات، ولكن لا نريد أن.. أن نستبق الأحداث أو الحوادث، طالما أنه ينفذ ما التزم به إزاء الفلسطينيين وأنه يتحرك نحو.. أو مستعد لأن يتحرك نحو التفاوض مع السوريين.

إعلان

جميل عازر: ولكن الإسرائيليين يخلقون وقائع على الأرض.

عمرو موسى: بيخلقوها بقالهم.. من سنة 67 وطالع بيخلقوا هذه الوقائع على الأرض، والآن.. الآن موضوع المستوطنات أصبح أمراً مسلماً به عالمياً أنها غير مشروعة، وأن كل ما يقوم به الإسرائيليون، أنا في رأيي وفي رأينا هنا، وفي رأينا جميعاً بقى، مش بس في العالم العربي، إنما في أوروبا وفي أميركا أنها عشوائيات، يمكن أن تزال، بل يجب أن تزال، لما تقوم الدولة الفلسطينية، والإزالة لها أكثر من معنى، لما تقوم الدولة الفلسطينية إذا كان فيه مستوطنين عايزين يعيشوا مع الفلسطينيين، والله ده للفلسطينيين أن يقرروا إنهم ممكن يقبلوهم، ويقبلوا بعلم الدولة الفلسطينية علماً لهم، ويقبلوا بكيان الدولة الفلسطينية كياناً لهم، وهكذا فـ.. خلينا نترك، علشان كده أنا بأقول لك: يجب نترك بعض الأمور أو عدد من الأمور لمائدة التفاوض للفلسطينيين أيضاً أن يقودوا العمل في هذا الإطار.

جميل عازر: طيب على صعيد العلاقات العربية الخارجية، إقليمياً مثلاً ألا تعتقد أن السياسة الخارجية العربية لم تكن بعيدة النظر إلى حد يكفي لمنع –مثلاً- تركيا في الوقوع في فخ الاستراتيجية الإسرائيلية، استراتيجية الاحتواء، احتواء العراق، احتواء سوريا، احتواء مصر، لأنها الدولة العربية الأكبر المجاورة لإسرائيل؟

عمرو موسى: تقصد بإيه باحتواء مصر مثلاً، أو العراق، أو سوريا؟

جميل عازر: يعني عندك طوق إسرائيلي تركي.

عمرو موسى: آه.. فهمت، شوف إحنا في نظرتنا إلى المنطقة -على اتساعها- يعني بما يضم تركيا، يجب يكون لنا سياسة تقوم على أسس واضحة، أولاً: تحليل الموقف العالمي، أنت بتقول لم تكن هناك سياسة عربية تستطيع وقف كذا وكذا، هنا إحنا ما إحناش لوحدنا، والعالم اختلف فإزاي نستطيع التعامل مع مثل هذه الأمور؟ تذكر أن أول من تصدى لهذا هي مصر، وذهبنا إلى تركيا، أنا شخصياً رحت مبعوثاً من الرئيس مبارك إلى الرئيس (ديميريل) أكثر من مرة، وتحدثت مع الرئيس ديميريل ومع رئيس الوزارة ومع وزير الخارجية، ومع كثير من المسؤولين هناك، من منطلق أن تركيا هي دولة شقيقة، ودولة بالضرورة صديقة، ودولة لا يمكن ولا يصح أن نَصُفَّها في صفوف الأعداء، يجب إن تركيا تكون جزء من الإطار الأعم للشرق الأوسط، إذا كانت إسرائيل هتكون يبقى تركيا ما تكونش أو إيران؟

لابد إن تركيا تكون جزء، تركيا عليها بقى في هذا إنها. لأنها تعلم أنها جزء من منطقة الشرق الأوسط على الأقل شعبها بيشعر بهذا مافيش كلام، هنا العلاقة التركية – العربية يجب أن يكون لها مؤسساتها، ويجب أن تكون هي الأساس في إن تركيا تدخل العالم العربي، أو تدخل الشرق الأوسط، دا يتطلب حديث منا لتركيا لا يتطلب صياح، يتطلب حديث وحديث جاد، ده اللي حصل أكثر من مرة مع الأتراك وعلى أعلى مستوى بين الرئيس مبارك والرئيس ديميريل.

مثال موضوع النزاع مع سوريا، كان فيه كلام كتير في هذا معاهم، يا إخواني اصحوا، وكان الرئيس مبارك واضح في إنه إذا وقفتم ضد سوريا، أو هناك أي عمل عسكري، العالم العربي كله هيَصُف مع سوريا، إنما نحن لا نحتاج إلى عمل عسكري، ولا إنتوا تحتاجوا لعمل عسكري، إذا كان فيه مشاكل نتكلم سوا، أمال الجيران موجودين ليه؟ والتاريخ الطويل للتعامل التركي – العربي ده ليه، بإيجابياته وسلبياته، وما يمكنش نقبل هذا الكلام بالتوازي مع هذا بقى، أنت إذن يا تركيا لك مصالح كبيرة في.. في منطقة الشرق الأوسط، ومصالحك مع العالم العربي أكبر بكثير من مصالحك مع أي دولة تانية، إذا كان فيه بعض الضيق أو رد الفعل، إنه لأني أنا متعاركة مع هذا، إذن أنا صديق هذا، وعدوي عدو صديقي، أو عدو.. واخد بالك، وبعدين أنت يا تركيا دا أنت يا تركيا عضو في حلف الأطلنطي من .. من بدايته، أنت محتاجة إنك تتدربي، حد يدربك، فالعلاقة مع تركيا علاقة رئيسية. بالنسبة لنا كدول عربية، بالنسبة لنا كمصر نحن نشعر بهذا تماماً، ويجب أن يكون كل.. تكون كل السياسة العربية متوجهة إلى خلق مناخ تعاوني، مناخ صداقة، مناخ ثقة بين تركيا والعرب، وبين العرب وتركيا.

جميل عازر: لابد أن تعاون تركيا وإسرائيل عسكرياً يقلق مصر، خاصة عندما.. يعني تأخذ بعين الاعتبار السرعة، والصعيد الذي تتسلح به إسرائيل في الوقت الراهن.

عمرو موسى: قلقنا من مثل هذا الوضع سواء مع تركيا أو غيرها مشروع، وعلاجه هو بالحديث مع هذه العواصم حديثاً جاداً، وحديثاً هادئاً، ولذلك أنا أعتقد إنه من الأفضل عدم علاج هذا.. هذه الموضوعات عموماً بأحاديث صحفية أو علنية، ولكن المؤكد أن أمن منطقة الشرق الأوسط يرتبط بمسائل عديدة وعناصر كثيرة، منها مثل هذا الموضوع، منها التسلح الكبير اللي موجود، تزايد التسلح، تصاعد التسلح، أسلحة الدمار الشامل، كل دي.. دي كلها رزمة من الموضوعات متشابكة وشديدة الحساسية، عالية الخطورة، وإحنا أحب أقول لك: إن إحنا منشغلين بهذا، ونعالج هذا الموضوع مع كل من له يد في هذا في.. إطار الموضوع الأمني والتسلح، تذكر طبعاً المبادرة المصرية بإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط هي الجوهر في سياستنا في هذا.

جميل عازر: طيب كنتم.. السيد الوزير اتخذتم موقفاً، يعني الجميع يتفق أنه يعبر عن مواقف جميع الدول، بل الشعوب العربية بالنسبة ل.. وهو موقف قومي يعني – فعلاً- يعبر عن مشاعر العرب، بالنسبة لعدم التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ولكنكم عدلتم عن ذلك، يعني الشارع العربي ربما أصيب بصدمة من..من هذا، ما قولك؟

عمرو موسى: والله كويس إنك أثرت هذا الموضوع، دا موضوع من المهم شرحه بطريقة مضبوطة، مصر وقعت، ومعظم الدول العربية وقعت على معاهدة منع الانتشار من زمان، من التمانينات، إنما في سنة 95 كان فيه مؤتمر المراجع اللي كان بيبحث مد لانهائي لهذه المعاهدة، مد لانهائي لهذه المعاهدة، إحنا مش كنا ما وقعناش فوقعنا، لأ نحن موقعون، وبصفة أننا موقعون حضرنا هذا.. هذا المؤتمر، مؤتمر المد .. الذي أقر المد اللا نهائي لمعاهدة منع الانتشار، موقفنا كان إنه هذا المد لا يجب أن يكون إلا لو ضم الدول الخارجة على هذا النظام وعلى رأسها إسرائيل، وفيما يتعلق بينا إحنا موضوع إسرائيل، لأنها دولة جارة وفيها تهديد نووي، فكان موقفنا مش التوقيع أو عدم التوقيع، هو المد أو عدم المد، خد بالك .. وأصرينا على موضوع العالمية، إنه يجب أن تنضم إسرائيل إلى هذه المعاهدة وإلا ما نبقاش أعضاء في..في.. ما نبقاش جزء من التصويت على ..على المد، وكان هنا هي كانت هنا المعركة، هنا كانت المعركة، وكان ورانا فوق السبعين دولة، إنما الجانب الآخر كان وراه فوق 155 دولة، وتقرر المد.. تقرر المد، إنما تقرر المد بقى بتحفظات كثيرة منا، وإنه لابد من أن يكون لموضوع الشرق الأوسط ملف خاص بيه يُبحث على الدوام في كل اجتماعات، مؤتمرات، لجان منع الانتشار، إحنا عملنا كل ما نستطيع ووضعناه أمام العالم، إنه مُدَّ بالرغم من هذا، دي مسألة تانية، مسألة تصويت، لم نستطع، إنما كان فيه تأييد كبير جداً معانا، وتأييد ضخم، إنه لماذا تستثنى إسرائيل؟ لأي سبب تستثنى إسرائيل؟ فيه مؤتمر كل خمس سنين لهذا، مش للمد بقى لمراجعة الوضع، في كل مؤتمر بنقول إنه هذا المؤتمر لا يتخذ قرارات كذا إلا إذا أشار إلى موضوع إسرائيل، وطالب إسرائيل بالانضمام، ودا جزء من العمل الدولي، وإحنا وقفنا سنة 95 وقفة كبيرة جداً، إنه إسرائيل عندها أسلحة نووية، أو يشتبه في هذا، يجب إنها تدخل داخل النظام، إذا كنتوا هتخلوها.. تخلوها خارج النظام إذن كل دول منطقة الشرق الأوسط وغيرها سوف تظل تشك، ستؤدي إلى سباق التسلح، لا يمكن أن نلوم أي دولة تانية، إذا أرادت أن تسلح نفسها بنفس السلاح، ليه..ليه بس إسرائيل؟ إذن الثقافة العامة للموقف الإسرائيلي أصبحت جاهزة في العالم.

2: لا يمكن أن نترك هذا الموضوع دون أن نظل نصر عليه إصراراً، حتى يكتمل العمل في إطار منع الانتشار، هذا هو مجمل الموقف المصري، إذن ما كانش إن إحنا تراجعنا، إنما إحنا عملنا كل ما يمكننا عمله إزاء قوى هائلة.. النظام الدولي ده مش نظام.. الحالي ما أصبحش الأمور سهلة، إنما –كما تعلم- كان من الصعوبة بمكان أن يخرج مؤتمر 95 بهذا التجديد، وسط مقاومة شديدة قادتها مصر … إنما أيضاً في كل إجراءات المراجعة نحن نصر على هذا الموقف، وبقرارات واضحة في إطار المعاهدة، حتى نتابع.. نظل نتابع ونطارد هذا الموضوع النووي الذي لدى إسرائيل.

جميل عازر: السيد الوزير كيف تصف علاقة مصر مع الولايات المتحدة؟

يبدو أن هناك شيء غير –يعني- باعث على التوتر؟

عمرو موسى: لأ، أنا لا أستطيع أن أقول إن هناك توتراً، ولكن أستطيع أن أقول إن هناك على الدوام حواراً دائراً لتشعب جوانب العلاقة المصرية – الأميركية،إنما قاعدة العمل هو أننا نريد الحفاظ، ونعمل على الحفاظ على علاقة إيجابية سليمة، صحيحة، قوية بين مصر والولايات المتحدة، هناك بعض النقاط بنختلف فيها لأن الولايات المتحدة ليها نظرة عالمية GLOBAL وإحنا كمصر لنا نظرة إقليمية ERE GONAL، إحنا بننظر للأمور نظرة بتنبع من داخل العالم العربي، أو داخل الشرق الأوسط، أميركا بتنظر من..من بعيد، من هنا يحصل بعض الخلاف كما حصل في وقت نتنياهو، كما حصل في وقت نتنياهو، وكما يحدث في بعض النقط هنا، إنما دا دليل الصحة، إحنا دولة ما إحناش صغيرة، دولة مش صغيرة علشان يقال لنا دا يتعمل بالشكل الفلاني، وطبعاً دا مش ممكن، عمر ما حصل لمصر هذا الكلام، ومش هيحصل أبداً، إنما قد نتفق، ونقول لك دا شيء سليم OK، ودا شيء ما نقدرش نعمله آسفين، ودا شيء إنتوا ما يصحش تعملوه، وهكذا.. دا مش دليل توتر خد بالك إنما دا دليل. تقدر تقول إيه؟ الرشد في العلاقة، الرشد في العلاقة المصرية- الأميركية.


حقيقة اتهام أميركا لمصر بعدم التسامح الديني

جميل عازر: طيب، ماذا عن موقف الكونجرس الأميركي -مثلاً – والادعاءات بشأن معاملة الأقباط في مصر، وكذلك اتهام مصر بعدم التسامح الديني وذلك في تقرير رسمي أميركي صدر قبل أيام؟

عمرو موسى: آه.. طبعاً.. طبعاً أيوه، نعلم هذا، نعلم بهذا، زي ما بنقول: اللعبة الدولية معقدة جداً، وهناك مصالح كثيرة متشابكة، ومتضادة، ومضادة، وإلى آخره، ونتوقع مثل هذا الكلام، ودا التقرير اللي صدر مش على مصر فقط، دا على الكل، يعني على أكثر من مائة دولة في أوضاع معينة، استند في معظمه بالنسبة لنا على مجرد شائعات وكلام مرسل، العلاقة المصرية أو النسيج المصري نسيج متناسق سواء كان بمسلمين أو بأقباط، ما فيش حاجة اسمها مشكلة قبطية بالمعنى المشكلة الكردية ما فيش، هنا ما فيش منطقة مسلمة ومنطقة قبطية، فيه تداخل وتواصل مهول في الشوارع، في البيوت، في الحدائق، في الوظائف، في المصايف، في المشاتي، المجتمع مجتمع واحد، اللي وراء مثل هذه الحملة يريد أن يفصم المجتمع المصري أو يريد للمجتمع المصري أن ينفصم، خد بالك، وده من الصعب تعرف ليه؟ لأنه هذا مجتمع قديم جداً جداً، مش هيجي خمسة .. ستة.. عشرة، مهما كان قيمتهم عايشين في الولايات المتحدة أو في كندا؟ هيستطيعوا فصم المجتمع المصري أو قسمة الآن، الكلام ده بنتكلم عن مجتمع مشكل لسبع.. ثمن، تسع آلاف سنة، مجتمع مشكل على أساس أنه: الدين لله والوطن للجميع، مجتمع شكل صورته الحديثة بثورة 19، اللي قام بيها المسلمين والأقباط سوا، بأهداف وطنية محددة، فده مش مش هو.. يعني ما يصحش يخوفنا، إنما يجب أن نتعامل معه، وأن نأخذ مثل هذه الأمور بجدية، وهو ما نفعل.

جميل عازر: طيب، قول "الدين لله والوطن للجميع" ربما يكون مثالياً إلى حد كبير في واقع الحياة، فمثلاً عندك الإسلاميين في مصر، هم مستثنون من الحياة السياسية في.. في البلد، لابد وتتفق أن..

عمرو موسى [مقاطعاً]: أنت تقصد إيه؟ تقصد الخلط بين الدين والسياسة؟

جمال عازر [مستأنفاً]: الخلط بين الدين والسياسة أو أن..

عمرو موسى: شوف إما أقول لك.. اسمع، مصر على مدى تاريخها الحديث كانت هكذا، من التلاتينات أو آواخر العشرينات إلى نهاية القرن، لا في العصر الملكي ولا في الجمهوري، لا في التلاتينات، ولا الأربعينات، ولا الخمسينات، ولا الستينات، ولحد التسعينات، سنقبل بهذا الخلط، نحن دولة مسلمة، ومجتمع مسلم، ودولة دينها الرسمي الإسلام، ولكننا دولة.. دولة.. دولة مؤسسات، القضاء موجود، بقوانين ثابتة، التنمية تسير بطريقة.. بطريقة عصرية، الدولة تحكم حكماً عصرياً، التعليم ينظر إلى المستقبل، ولكن الأساس قائم وثابت هو الدين الإسلامي اللي بيشكل إطار الهوية في.. في المجتمع، ده شيء.

والشيء الآخر إنه الدولة العصرية وكيف تمت، ومن مقتضى الدولة العصرية أن يكون كل عناصرها.. عناصر المجتمع – بصرف النظر عن الدين – مشاركون في إقامتها، ولذلك لما بأقول "الدين لله والوطن للجميع" صحيح ده مثال، يعني حاجة مثالية زي ما بتقول ويجب أن يكون عندنا مثاليات أيضاً، إنما ده مطبق في مصر منذ بداية عصرنا الحديث في هذا القرن، فمش موضوع اليوم ولا من عشر سنين، بل تمانين تسعين سنة في القرن العشرين وسوف نظل كذلك.

جميل عازر: طيب، الإسلاميون اسمح لي أن يعني أعود إلى هذا الموضوع، الجماعة الإسلامية أعلنت وقفاً لأعمال العنف، لكن السلطات لا تزال تمارس العنف ضد هؤلاء..

عمرو موسى: إزاي..؟

جميل عازر: لماذا.. لماذا.

عمرو موسى: قول لي إزاي ضد هؤلاء أو ضد من يرتكب جريمة؟ مش ضد هؤلاء.

جميل عازر: طب لماذا لا يتم استيعاب الإسلاميين في الحياة السياسية، كما حدث مثلاً في الأردن على سبيل المثال؟

عمرو موسى: طيب، سيبك من المقارنات، الاستيعاب أولاً يكون في المجتمع، الاستيعاب في المجتمع، في وظائف المجتمع، في الحياة في إطار المجتمع، دا قائم، لأنك أنت بتقول: ليه استخدام العنف ضدهم، وأنا بأقول لك لأ، الدولة تضبط الأمور بالنسبة لمن يخرج على القانون، وليس ضدهم أو مجموعة، لما.. المجموعة عليها تعتقد ما تشاء، وتطالب بما تريد، طالما إن ده في إطار العمل، وفي إطار القانون، وفي إطار المنطق، أنا أقدر أقول لك أنا رأيي كذا، وأنت تقول لي أنا رأيي كذا وخلاص، وبنتناقش، تستطيع أن تصل… أن يصل صوتك عن أكثر من طريق، إنما أن تفرض علىَّ هذا بالقوة، هنا الدولة يجب أن تتدخل، ليه؟ لأنه ما نقدرش نقبل بترويع المجتمعات، ما فيش أي حكومة مسؤولة ممكن أن تقبل أن يروع مجتمعها، وأن تضيع مصالحها لمجرد التعصب في هذا، ودا.. دا من سلطة الدولة، و من واجب الدولة أن .. أن تفعله، مش الدولة المصرية فقط، أي دولة، في أي مكان وبأي هوية ثقافية، فالمجتمع المصري بيتطور، ويتحرك إلى الأمام، إنما هناك أساس.. أحد الأساسيات في الحياة المصرية اللي أنا كنت بأقول لك عليها، إنه المجتمع المصري ليس مجتمعاً متطرفاً، لن يقبل بالتطرف إلى أقصى اليمين، ولا إلى أقصى اليسار أبداً، وحصل في .. يعني لا رحنا اليسار جداً واللي حاول الانحراف بسرعة عاد المجتمع إلى الوسطية، المجتمع المصري لا يقبل بهذا الانحراف تحت أي حجة، لا باسم السياسة ولا باسم الدين.


وجهة النظر المصرية في عدم تعيين نائب لرئيس الجمهورية

جميل عازر: طيب الاعتداء على الرئيس حسني مبارك في بورسعيد أثار موضوع نيابة الرئيس من جديد، لماذا لا يقوم الرئيس مبارك بتعيين نائب له رغم أن يعني التجربة أثبتت جدوى مثل هذه الخطوة، رغم وجود ضوابط دستورية؟

عمرو موسى: وجهة نظر الرئيس مبارك هنا أن الضوابط الدستورية كفيلة بأن تتعامل مع ظروف تولي رئاسة الدولة، دي وجهة نظره، وله وجهة نظر: إنه لماذا يفرض شخصاً معيناً؟ فلتفتح الأمور طبقاً للضوابط الدستورية، ودي مسألة يعني الضوابط الدستورية مسألة تطمئن، فيعني أرى إنه ده سبب لا يدعو إلى انزعاجك أو انزعاج الكثيرين، وإن كان هذا الانزعاج يعني نرحب بيه طبعاً في.. في.. ظروف الواحد يشعر أنه أو إنتوا بتشعروا إنه إذن الأخطار دي اللي بتحيق بمصر أو أحاقت بالرئيس في لحظة معينة بتزعجكوا دي مسألة تشير إلى إن إحنا جميعاً مجتمع واحد بنتأثر بمثل هذا، ورد الفعل اللي حصل كان..كان واضح فيه التعاطف الكبير مع الرئيس مصرياً وعربياً، ووجهة نظره لا تزال على ما هي عليه، هو إنه الضوابط الدستورية من شأنها أن تتعامل مع هذا الموضوع.

جميل عازر: طيب السيد الوزير أشرت إلى بداية الألفية الثالثة وكما قلت أن الأول من يناير القادم سيكون كغيره من أوائل ينايرات أخرى سبقته من حيث التواتر التقويمي أو.. أو التاريخي، لكن ما الذي تراه من أولويات أمام.. ليس مصر فقط، وإنما الأمة العربية في.. لنقل أوائل القرن القادم؟


الأولويات أمام مصر والعالم العربي أوائل القرن القادم

عمرو موسى: طيب، طبعاً أنا مش عايز أقلل من البهاء والرواء بتاع تاريخ أول يناير 2000، له برضو له بهاؤه ورنينه عن 1 يناير 99 أو 98 أو 97 أو حتى 2001، لأن.. الكثيرين يقولون هي البداية الحقيقية للقرن، إنما نفس التاريخ ده، تاريخ خاص كده، له ..له وضع، له رنين زي ما بأقول لك، وإذا كنت بتتكلم عن العالم العربي وتوقعاتي يمكن هنكرر نفسنا.. إنما أنا هأختار موضوع واحد من موضوعات عديدة جديدة، موضوع واحد هو صراع الحضارات – صراع الحضارات اللي بيفترض أن الإسلام عدو، وبالتالي الهوية والثقافة الإسلامية أو ما يدور حولها أو ما يحدث تحت عباءتها تحتاج صراعاً أو تستدعي صراعاً، تستدعي صراعاً، موضوع صراع الحضارات هذا موضوع ليس دينياً فقط، ولا ثقافياً فقط، ولا حضارياً فقط، إنما هو سياسي في المقام الأول، ليه؟ لأنه ولد فكرياً في الإطار الزمني لانتهاء الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية، وظهر في أذهان مجموعة من المفكرين اللي عاشوا حياتهم كلها على كيفية هزيمة الطرف الآخر، ما يقدرش يعيش في هدوء، وينمو في هدوء دون أن يكون هناك طرف آخر لابد من هزيمته، فموضوع صراع الحضارات ده هيكون له دور في السنوات القليلة القادمة، ونحن كأعضاء المجتمع العربي وأصحاب الهوية العربية هنكون في هذا الخضم، مش فقط العالم الإسلامي على اتساعه، وإنما العالم العربي بصفة خاصة.

وإحنا بنتكلم الآن مع كثيرين إنه هذا الموضوع موضوع خطير وموضوع غير حقيقي، موضوع مُؤَلَّف، مزور، لأنه الحضارات عاشت وتعيش سوياً لآلاف السنين، إذا قارنوا الشيوعية بالإسلام فهنا خطأ مش للمثقفين، دا خطأ جاهل لأنه الشيوعية دي نظرية كتبت، وثبت فشلها، واحترقت، وانتهت، الإسلام شيء آخر، دا مسألة تدخل في النفس، وفي الذهن، وفي الروح، وفي الماضي، وفي التاريخ، ده مش ده، فإحنا إذا كان في أفكار بعضهم إنه يمكن هزيمة الفكر الإسلامي والتجربة الإسلامية -بين قوسين- كما حصل وهُزِم الفكر الشيوعي والتجربة الشيوعية.

فدا دليل على إنه مش قادرين هم على تحليل الأمور وضبطها الضبط السليم، وده اللي إحنا بنرد بيه، فبنقول: إحنا نتحدث على واجب أن نفتح النقاش فيه، تكامل، تعايش، تعاون الحضارات، وليس صراع الحضارات. والحقيقة مش كل الغربيين بيتكلموا بصراع الحضارات، النهارده فيه الكثير من الاجتماعات، والمؤتمرات، والندوات بيطلبوا هذا الموضوع، ويعودوا به إلى كيف نتعايش، كيف نتحاور، كيف نتعاون، ومش كيف نتصارع.

جميل عازر: أنت متفائل؟

عمرو موسى: والله أنا لا أستطيع أن أكون متفائلاً بالمعنى إنه أقرر لك أنا متفائل، ما أقدرش أقول، إنما ما أقدرش كمان أقول –والله- أنا متشائم، لأنه أنا مش عايز أيأس، ولا عايز أقول النكتة المصرية إن أنا متشائل أو متفائم، إنما أستطيع ويجب أن أكون متفائلاً بحق، وإني أحذر المطبات الكثيرة الموجودة دولياً وإقليمياً وفي.. في.. مختلف نواحي تطور الحياة.

جميل عازر: معالي الوزير عمرو موسى شكراً جزيلاً.

عمرو موسى: شكراً.

المصدر: الجزيرة