
عبد المجيد الزنداني .. اليمن بين التغريب والإسلام
مقدم الحلقة | أنور العنسي |
ضيف الحلقة | الشيخ عبد المجيد الزنداني: داعية إسلامي كبير |
تاريخ الحلقة | 24/08/2000 |
![]() |
![]() |
أنور العنسي:
آراؤكم خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت مثار جدل واسع في الصحافة اليمنية والعربية حول رواية(صنعاء مدينة مفتوحة) والتي كفرتم كاتبها الراحل (محمد عبد الولي).. البعض اعتبر آراءكم مجرد تكفير ليس إلا، لا يقوم على حجة، باعتبار أن الرجل كان يقصد تصوير حالة إنسانية معينة في لحظة انفعالية، بينما اعتبرها البعض نوعا من الدعاية الانتخابية المبكرة لحزبكم في الانتخابات القادمة.
لكن سؤالنا: ما حدود حرية الإبداع الفني في رأيكم؟ ما هي موجباتها وضوابطها ومسؤوليتها؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
الإبداع هو أن يأتي الإنسان بأمر جديد بديع حسن نافع، هذا هو الإبداع، أما أن يأتي بأمر ضار غير نافع فهذا ابتداع وضلال، ولا شك أن الضوابط المطلوبة لموضوع الإبداع لابد أن تكون موضوع بحث عند الأدباء والكتاب والمفكرين، خاصة وقد فاجأنا طائفة من قومنا بأمر مذهل، بينما يرى الناس الإبداع هو الوصول إلى الشيء الجديد النافع، يرى بعض هؤلاء التهجم على أقدس المقدسات، ووصلوا إلى سب الله -جل وعلا- وفاجؤونا بأن هذا هو إبداع!! وكلامي كله مركز حول هؤلاء، الذين يسبون الله ويقولون: هذه حرية وهذا إبداع، نحب أن نقول لهم: يجب عليكم أن تفهموا أن حكم هذا في الشرع كفر، لأن الله يقول: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}. وسب الله هو إيذاء لله كما جاء في كتاب الله، الله قادر على أن يغير الدنيا والسماوات والأرض، ولكنه أعطى مهلة للإنسان ليمتحنه فيها، فأساء هذا الإنسان هذه المهلة، وأخذ يتجرأ على الله بسب وانتقاص، والله يقول: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا}.
أنور العنسي:
لكن الأمر تجاوز مسألة تكفير صاحب الرواية، إلى ما اعتبرته الصحف الحكومية تكفيركم لكل العاملين في أجهزة الإعلام الرسمية لمجرد أن أحد رؤساء تحرير إحداها أعاد نشر هذه الرواية!!
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
هذا كذب -كما قلت- كذب.. كذب.. كذب، أنا ما كفرت كل الإعلاميين، ولا كفرت كل الكتاب، أنا أثنيت على كثير من الإعلاميين الذين يدافعون عن دينهم، ويدافعون عن بلدانهم، ويسعون لنشر الوعي بين أمتهم، وهذا من التلبيس، أنا قلت: الذي يسب الله ويظاهر على سب الله -جل وعلا- هذا هو الكافر.
أنور العنسي:
الشيخ عبد المجيد.. إلى أي مدى يمكنكم التعاطي مع بعض القيم والمفاهيم الجديدة والمعاصرة، كالتعددية السياسية، التنوع الفكري، حقوق الإنسان، وغيرها من المفاهيم، وذلك قياسا على اجتهاداتكم وعلى تعاطيكم ومواقفكم من قضايا العلم الحديث، وإسهاماتكم -أيضا- في تبيان قضايا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أنا أقول: التعددية.. لدينا منهج نحن في اليمن اتفقنا عليه وهو ديننا، وثبتناه في دستورنا، وقلنا: نحن دولة إسلامية، ونحتكم للشريعة الإسلامية، والشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات، ولذلك جاء قانون الأحزاب لدينا مترجما لهذه الحقيقة الدستورية، وهي أن أي حزب تتضمن مبادئه، تتضمن مناهجه أو وسائله أو برامجه شيئا يخالف الإسلام فهو محظور وفقا لهذه المادة، إذا نحن اتفقنا على الخطوط الرئيسية وعلى الهدى العام، لكن بعد ذلك الاجتهاد في التفاصيل، مثلا ما علاج قضية الماء في بلادي؟ أنا يمكن أقول حفر آبار، أنتم تقول سدود، وواحد يقول لا.. نعمل سدود في مكان مناسب وحفر آبار نعمل في.. قضايا تفصيلية، اتفقنا على الأساسيات. هذا الدين بالنسبة لنا يمثل العقد الاجتماعي، كما أن لكل مجتمع عقد يربطه ويضبطه، فإذا انفرط.. انفرط المجتمع وتحول إلى مصائب وفتن وقتال وضياع حقوق و..، فالعقد الاجتماعي في الحقيقة في بلادنا في بلاد المسلمين عامة هو هذا الدين، فالنيل من هذا العقد الاجتماعي هو في الحقيقة تهديم لكيان المجتمع، ولذلك أنا معك في الرأي الأول، وأطالب مثلك أن تعقد ندوة ويدعى فيها كبار الكتاب، كبار الأدباء، كبار العلماء، كبار المفكرين لوضع ميثاق شرف للأدباء والكتاب وللإعلاميين بحيث تكون لهم موجهات تضبط الاجتهاد الفكري وتضبط سير الناس إلى أهدافهم الصحيحة إن شاء الله، حتى لا يأتي واحد يهدد.. يهدد كيان مجتمع ويمس مشاعر أمة ويهدم عقدها الاجتماعي وهو يتصور أنه مبدع.. أي إبداع؟!
أنور العنسي:
يبدو أننا خرجنا عن موضوع السؤال لكننا ما نزال مصرين على معرفة رأيكم من قيم ومفاهيم العصر الجديدة التي سبق أن ذكرناها كالتعددية والديمقراطية والانتخابات وغيرها.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أما التعددية كما قلت لك اتفقنا على الأساسيات وبقيت التفاصيل، ولكني أشترط لهذه التعددية سبعة شروط فاحفظها:
أولا: لا يأتي حزب يقول أنا قررت أكون حزب لمحاربة الدين، لأن إحنا اتفقنا على أن الدين هو مرجعنا وهو عقدنا الاجتماعي، لا يأتي حزب و يجتمع و يحمل السلاح على المجتمع و يخرج على الأمة بالسلاح هذا لا.. مرفوض، الثاني: لا يأتي حزب من الأحزاب ويحصر الأخوة العامة التى هي للمؤمنين جميعا، ويحصرها في حزبه وطائفته لا.. أنا أقول الله يقول: {إنما المؤمنون إخوة} لا يقول إنما الإصلاح إخوة، وإنما المؤتمر إخوة، ولا إنما كذا إخوة.. الله يقول: {إنما المؤمنون إخوة}، فيجب على كل هذه الأحزاب ألا تضيق الأخوة في دائرة حزبها، بل يجب أن تبقى مفتوحة لتسع المؤمنين جميعا.
أنور العنسي:
الشرط الثالث.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
الشرط الثالث هو الولاء.. الولاء هو المحبة أو النصرة، أنت الآن جيت مظلوم أقولك معاك البطاقة تقولي لا، ما ينفعش، في الدين يجب أن أنصرك لأنك مسلم ويجب أن أتولاك لأنك مؤمن لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} فالولاء لا يحصر في طائفة معينة.. هذا الرابع.. الخامس: أنه لا يتعصب الإنسان بالباطل لجماعته، يجب أن يقول الحق، فإذا أخطأت جماعته أو حزبه أو طائفته يجب أن يقول الحق ولو أخطأت، بل يطلب منا ديننا أن نقول الحق ولو على أنفسنا كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين. إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا} هوى، سماه هوى، أقول الحق على الإصلاح، على المؤتمر، على أي حزب، أنا لما كنت في الحكومة كانوا يقولوا لي التزم حزبيا، أقول لهم ألتزم إسلاميا، سأشهد ولو على نفسي وأشهد ولو على الحكومة ونحن في الحكومة، وهنا في المعارضة سنشهد للحكومة لو كانت على حق.. هذا هو المطلوب شرعا هذا هو الرقي.. الرقي الحقيقي أن نكون موضوعيين ولا نحصر في قوالب، إنها قبلية من صنع.. عصبيات كعصبيات القبيلة التي كنا نستنكرها في كثير من الأحيان في صورها السيئة.
ثم الشرط الذي بعده السادس: لا نتعاون على معصية لأن الله يقول: {ولا تعاونوا على الإثم}، ثم لا نتعاون على عدوان على مسلم فرد أو جماعة لقوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".. قل لي إذا كنا نحافظ على هذه القواعد السبع نعمل مليون تنظيم.. الكل حبهم للمجتمع، الكل يقولون الحق ولو على أنفسهم، والكل يناصرون كل فرد يقع عليه ظلم، والكل لا يعاونون على معصية، والكل لا يعاون على عدوان على أخيه مهما كان.. أيبقى بعد ذلك خطر؟ ثم نريد من هذه الأحزاب أن تحفظ أسرار أمتها وألا تبيحها وتنشرها.
أما موضوع حقوق الإنسان كما تفضلت، فإن كل حق أمامه واجب، هكذا، هذا الميزان، حق.. واجب، ولكن من الذي يعطي الحق ومن الذي يفرض الواجب؟ كل مسلم يعتقد أن ذلك الحق لله، لأنه ملك الناس، الملك مالك الشيء هو الذي يعطيه الحقوق، يعطيه الواجبات، والله -سبحانه وتعالى- قد كرمنا {ولقد كرمنا بني آدم} وما جاءنا من الله من عظيم الأحكام شيء عظيم نفاخر به، (عمر بن الخطاب) عندما ضُرب ذلك النصراني، ضربه ابن قائد الجيش فأمر بالقصاص منه، وقال له: يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ ضمان الحرية، ضمان الدم، والعرض والنفس والمال، وهذه الحقوق كلها مطلوبة في ديننا بعطاء من الله، لكن اليوم -للأسف- أوروبا وأمريكا أصبحت هي صاحبة الصولجان في العالم اليوم، فهي التي فرضت علينا الحقوق، قالت هذه حقوقكم، فرضتها بمنطقها.. ولو تأملت في هذه الحقوق ماذا ترى مثلا؟ أضرب لك مثالا: في أمريكا تأتي الفتاة في سن الـ 16 تريد أن تتزوج، تقول: ممنوع تتزوجي، أنا أريد أن أتزوج، بالغة، أريد أتزوج، فيه واحد يريد يتزوجني، لا.. ممنوع، القانون يمنعك، طب ليش؟ حتى تبلغي سن 18، طيب وماذا أفعل إلى أن..؟ لا بأس كوني عشيقة، ولكن لا تكوني زوجة!! أي حقوق إنسان هذه؟!
ثم نرى الغرب اليوم -بأكمله- يستنكر علينا أن نطبق ديننا، وأن نطيع ربنا الذي خلقنا، ليش تطيعون الله؟ ليش تعبدون الله؟ ليش تنفذون أحكام الله وشريعة الله؟ يا أخي أنا راض بهذا، أيها الناس نحن نعبد الله بهذا، كل شعوبنا مؤمنة بذلك.. لا أبدا، يجب أن ننزع منكم هذا، أي حقوق إنسان هذه؟! يصادرون حق المسلمين في أن يعبدوا ربهم ثم يقولون لنا: هذه حقوق إنسان، أنا في الحقيقة أقول..
أنور العنسي [مقاطعا]:
أنا شخصيا لم أسمع في وسائل الإعلام الغربي أو في الصحافة الغربية من يدعو المسلمين إلى التخلي عن دينهم، لكن الذي يمكن أن نسمعه هو أن الإعلام الغربي مثلا، والحكومات الغربية تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان، عن انتهاكات حرية الإنسان في المجتمعات العربية والإسلامية.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أنت رجل لبيب ومتابع، عندما يطبق حد جلد شارب الخمر أو حد القاذف، أليس هذا حكم من أحكام الله؟
أنور العنسي:
لا شك في هذا، لاشك.. وفي القصاص حياة..
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
ماذا يقولون في الغرب؟
أنور العنسي:
لنختلف عنهم في هذه المسألة.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
فلذلك أنا أدعو إلى مؤتمر دولي يحضر فيه مفكرو العالم ويكون للمسلمين ولأمة الإسلام وزن وقيمة، ونتناقش ما هي الحقوق؟ أما أنت تأتي وتتصور تصورات معينة وتفرضها علي وتقول لي: حقوق إنسان؟!! أنت الآن تستعبدني، أنت تستعبدني لآرائك وأفكارك، وتشن علي حربا أن أتخلى عن ديني، وأن أعرض نفسي لدخول النار، وأن أعصي ربي جل وعلا، أي حق هذا وأنت تصادر أبسط الحقوق وهو حق المعتقد؟!
أنور العنسي:
أنتم تقولون: إن الغرب يريد أن يفرض وصايته ونمطه في التفكير والتعبير والعيش على العرب والمسلمين، لماذا لم يقدم المسلمون نمطهم في الحياة، في العيش؟!
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
جزاك الله خير، ولذلك أنا أدعو علماء المسلمين -أولا- قبل أن يتكلموا.. أن ينظروا في.. حقيقة في الأطروحات التي يقدمونها أطروحات عظيمة، طيبة، ونافعة.. يعني فيما يقولون من حقوق إنسان أشياء عظيمة، وفي ديننا لها شأن عظيم ومكانة كبيرة، مثلا أنت سألت عن الديمقراطية، الديمقراطية لها شقان: شق نحن نرفضه وهو الحكم والتشريع لغير الله، هم يقولون: الحكم والتشريع للبشر، نحن نقول {إن الحكم إلا لله} لماذا؟ لأنه الملك {ألا له الخلق والأمر} هو الذي خلق هو الذي يأمر، نؤمن بذلك. لكن في باب السلطة للشعب وهي تتكون من خمس حقائق، ومن خمسة مبادئ، مثلا حق الشعب في اختيار الحاكم، مبدأ نحن نقره، وممثل عندنا في البيعة، وسيدنا عمر يقول: ألا لا يبايعن رجل رجلا من غير مشورة المسلمين، هذا في البخاري، من زمان، ليس في ذلك الوقت، يعني قبلهم بـ1400 عام، والله يقول: {وأمرهم شورى بينهم}.. حق الشعب في أن يشاورهم الحاكم والله يقول: {وأمرهم شورى بينهم} ويقول لرسوله {وشاورهم في الأمر} فلابد أن نقبله.
الثالث: حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو حق الرقابة، الرقابة على الحاكم ومحاسبته والانتقاد عليه.. وكذا، هذا هو حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
الحق الرابع: وهو حق التقاضي إلى المحاكم، وهذا حق ضمنه ديننا، أمر بالطاعة لولي الأمر، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} يعني أنت والحاكم تذهبان للمحكمة، كما يجري الآن عندنا، نذهب إلى المحكمة، فهذا حق صحيح وهو من ديننا.
الخامس: عزل المسيء أو العاجز من ولاية الأمر، وهذا حق الشعب أن يغير ويبدل، هذا حق ضمنه الإسلام في قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
أنور العنسي:
ما هو تقييمكم لوضع المرأة في الدساتير العربية والإسلامية الراهنة؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
نحن متحدون في أننا من نوع إنساني، ولكننا مختلفون في كوننا رجال ونساء، نتيجة لهذا ينعكس الأمر في الحياة السياسية، ففي الحياة السياسية إذا أخذنا البرلمانات، سنقول: للبرلمانات ثلاث وظائف، الوظيفة الأولى: التشريع، من حق المرأة أن تدخل في التشريع، و أمهات المؤمنين كن ممن يؤخذ عنهن الدين، والثاني: الرقابة، والله يقول {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} الثالث: الولاية، هذه المسألة التي تحتاج إلى توضيح، نحن نختلف في باب الولاية عن الرأي الغالب اليوم في العالم عند الأوربيين وغيرهم، ولكن في الحقيقة ما نتبناه من رأي يمارسه الأوروبيون والأمريكان واليابانيون وغيرهم، فمثلا في أمريكا لها اليوم 250 سنة، أكثر من 250 سنة، هل سمعت أن هناك رئيسة جمهورية واحدة امرأة؟ مع أن عدد النساء في أمريكا أكثر من عدد الرجال؟!
أنور العنسي [مقاطعا]:
لكن هناك وزيرة خارجية.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
بالك علي شويه [على رسلك] أقول لك: هذا المنصب.. عدد النساء أكثر من عدد الرجال، لماذا فقط هو حكر على الرجال في أمريكا؟! كم نسبة الرئيسات للجمهوريات في أوروبا؟ (1) %؟ (2) %؟ ولماذا (2) % و(98) % لماذا؟ مثلا.. بالنسبة للوزيرات كم عدد الوزيرات في أوروبا وفي أمريكا؟ كم النسبة؟ (5) %؟!
أنور العنسي [مقاطعا]:
وزيرة خارجية ربما أهم من كثير من الوزراء.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أنا أقول لك: لو عملت في وزارة الخارجية، كم مرة جاءت وزيرة خارجية، وكم مرة كان وزراء خارجية؟ لماذا هذه النسبة؟ لماذا (95) % تقريبا للرجال و (5) % للنساء مع أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، والفرص متاحة تماما؟ أنا أدعو إلى التفكير في هذه الحقيقة.. لماذا؟
الأمر الثالث: كم عدد النائبات في مجالس النواب في العالم كله؟ كم نسبتهم؟ (15) %، (20) %، كم.. مثلا؟ لابد أن هناك شيئا يتعلق بفطرة المرأة.. المرأة -كما قلت لك- مشغولة.. مشغولة في كل شهر، مشغولة مع كل حمل، ومشغولة مع كل طفل!! كم حزنت وأنا أرى معركة البرلمان الروسي، ورجال يتضاربون ونائبات ونواب، والنساء تدخل في معركة مضاربة، وهذا يضرب هذا، ما هذا؟ لا لا.. يجب علينا أن نراجع هذه الحقائق، لماذا؟ هناك في جسم المرأة وفي عاطفتها وفي تركيبها ما يتناسب مع وظيفتها ودورها.
فموضوع الولاية عندنا نصوص صريحة نحن المسلمين، قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} أي في التركيب البدني والنفسي {وبما أنفقوا من أموالهم}، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، الراعي يجب لها أن يخالط رعيته، والمرأة لا يصح لها أن تخالط الأجانب وتخلو بهم.. لنا دين، لنا نظام، فلذلك أنا قلت: باب الولاية فيه صراع سياسي خطير جدا، وفيه معارك شديدة، وتتعرض فيه المرأة لسوء السمعة، وتتعرض للضرب، وتتعرض للإهانة، تصور عندما تنزل منافسة و كذا، ويقال في شرفها شيء.. كيف يكون حالها مع زوجها؟ مع ابنها؟ مع جيرانها؟ مع أهلها؟ مع عشيرتها؟ فحرارة المعارك السياسية حول الولاية والإمرة والقيادة.. نريد أن نجنب المرأة من هذا المعترك، ولكن نعطيها حق المشاركة في التشريع، والمشاركة.. طبعا التشريع مرجعه إلى الدين وإلى الكتاب والسنة، لكن في الاجتهادات التي تتعلق بهذا التشريع، من حقها ذلك، ونريد أن نعطيها حقها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي المساهمة في إبداء الرأي في سائر القضايا، ولكن القرار يجب أن يكون بيد الرجال.. في الولاية والإمرة.
أنور العنسي:
الشيخ عبد المجيد لو سمحتم.. هناك مجتمعات أو بلدان تحكمها نساء، وليست أقل تخلفا ولا فقرا ولا بؤسا من بلدان عديدة يحكمها رجال!
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أقول لك: لا تستطيع أن تأخذ حالة معينة دون دراسة ما يقابلها، يعني ماذا لو كان هناك رجل في تلك الظروف، وفي تلك الحالة، وكانت هناك امرأة في تلك الظروف وفي تلك الحالة، أنا سأضرب مثالا بـ(تاتشر)، تاتشر التي قيل عنها المرأة الحديدية عندما ضاع ابنها في الجزائر، أمرت الجيش البريطاني وجعلته في حالة طوارئ يبحث عن ابنها، ثم حاسبوها، قالوا لها: من هذا الذي يعني؟ كم خسَّرت الخزينة البريطانية؟ فأجابتهم: لقد تصرفت كأم، تصرفت كأم، إذا أردت أن تضع مقارنة يجب أن توحد العامل، وتساوي بقية العوامل..
أنور العنسي [مقاطعا]:
لكن في المقابل هناك أيضا رجال ورَّثوا أنظمة وحكومات ودولا لأبنائهم؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أيوه.. زادت عندهم الأنانية، وزاد عندهم كذا.. على كل حال نحن معروف عنا هذا الأمر، ومعروف أننا في الجمهوريات لا نؤمن بهذا المبدأ، وأن دستورنا لا يعطي هذا الحق في التوريث.
أنور العنسي:
شيخ عبد المجيد، هل ما تزالون عند رأيكم بشأن قضية السلاح؟ هل لذلك علاقة بالدين أم أنه من أمور الدنيا؟ وما حقيقة خلافكم مع الحكومة بشأن هذه القضية؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أولا: موضوع السلاح، السلاح ليس هو الذي يقتل، الناس الذين يتكلمون ويقولون: سلاح.. سلاح، يريدون الأمن، منهج الإسلام في إيجاد الأمن هو غير هذا المنهج، منهج الإسلام {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}، والله لو تسلح بسفينة فضائية وبصواريخ عابرة للقارات، وعلم أنه إن قتل يقتل لن يقتل أحد، هذا ديننا.. كلنا شعب مسلح طوال التاريخ، الشعوب العربية كلها كانت شعوبا مسلحة طوال التاريخ، وكان الأمان يستتب بوجود الحاكم العدل الذي يأخذ المجرم الذي يقتل، قصاص وقتل، هذا هو العلاج في شرعنا وديننا، إذن نريد قصاصا، نريد عدلا، قضاء نزيه، نريد تضافر الشعب والدولة لإلقاء القبض على كل من يقتل.. أنت تذكر في عهد الإمام -ربما تسمع- كان إذا قتل مقتول واحد في أية منطقة باليمن تهتز اليمن كلها، وتلاحق هذا القاتل، حتى يؤتى به، وكان الناس في أمان.
أنور العنسي:
لكن ما الذي حدث الآن؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
الذي حدث عدم القصاص، الذي حدث التعصب للقاتل، هذا كله ضد الدين.
أنور العنسي:
ولماذا واليمن بلد إسلامي ودستوره مستمد من الشريعة؟ لماذا لا تطبق الحدود؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
هذا السؤال يجب أن يوجه إلى القائمين على الأمر، يجب أن يوجه إلى القائمين على الأمر الذين بيدهم الأمر، وبيدهم الجيش، وبيدهم الأمن، وبيدهم.. هذا من الواجب عليهم.
أنور العنسي:
وأنتم إلى أي مدى كدعاة؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
انتظر.. أنا لازلت في قضيتي الأولى، بعض الناس المثقفين ثقافة.. للأسف الشديد يتصورون أن نزع السلاح هذا شرط للتقدم والحضارة، أمريكا دولة متقدمة وصلت إلى المريخ، ودستورها يضمن حيازة السلاح وحمله، ما تخلفت، ما تراجعت للوراء، عوامل التقدم ليست هذه، هذا فكر لا يضع الأمر في نصابه.. إن سبب التقدم هو البحث العلمي، هو مراكز الأبحاث، وأسباب أخرى، فلذلك نحن نستنكر على هؤلاء، لماذا الأمريكان وصلوا إلى هذه النتيجة؟ قالوا: قد تأتي حكومة ظالمة، وتظلم الشعب، فالشعوب العزلاء من السلاح لا تستطيع أن تفعل شيء، لا تستطيع إلا أن تستسلم. ونحن نرى أمثلة لذلك كثيرة في بلادنا العربية والإسلامية، شعوب تساق بالحديد والنار، وأنت تعلم ذلك، وشعوب لا تستطيع أن تفعل شيئا، فالأمريكان احتاطوا لهذا، قالوا: لا، يجب أن يبقى السلاح بيد الشعب حتى يدافع عن كرامته، لنا نحن تجربة مريرة في محافظاتنا الجنوبية أيام الشيوعيين، نزِع السلاح ثم أُخذ منهم المال وهتك العرض وأُخذ الدين، لماذا يلبس الأمر؟ من أجل الأمن؟!
أنور العنسي [مقاطعا]:
لكن الحكومة، والنظام السياسي القائم في اليمن الآن ليس نظاما شيوعيّا.. لماذا يفترض أن تأتي حكومة ظالمة في المستقبل والمعروف أن الأساس ديمقراطي؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
عندما نتكلم عن الأنظمة، لا نتكلم عن نظام معين في فترة معينة في زمن معين، نحن نتكلم عن قاعدة واحتمال وارد، فنحن نضع احتياطات لهذا الاحتمال، هذا شيء.. الشيء الثاني: في أمريكا إيش يقولوا: الرجل عندما يتربى معتادا على السلاح يبقى في عزة وقوة، ويبقى في جاهزية لأي عدوان خارجي، ونحن قد جربنا ذلك في بلادنا عندما وقع علينا عدوان خارجي كنا في جاهزية ووقف الشعب وراء الجيش، وحقق الجيش نصرا عظيما، ودائما شعبنا يبقى مع الجيش في قضاياه العادلة، هذا من العزة، وهذا من الإعداد الذي أمرت به الأمة بأكملها.
أنور العنسي:
لكن أليس من الأفضل -شيخ عبد المجيد- أن يكون هناك جيش وأمن يحفظان السلام والاستقرار في المجتمع، ويتفرغ الباقون لقضايا التنمية والعلم بدلا من أن يظل الناس كلهم مسلحون، وكلهم مستفزون، وكلهم مستنفرون؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
لا شك.. لا لا يكون مستفز ولا شيء، تكون البندق حقه [بندقيته] في البيت، يكون سلاحه في البيت ويتدرب عليها في أوقاته الأخرى، ويكون الجيش في حالة جاهزية، فإذا ما احتاج الجيش إلى الشعب، فالشعب جاهز كله يكون دعما له.
أنور العنسي:
تحدثت مؤخرا بعض الصحف في اليمن عن أنكم تتحصنون وسط ترسانة كبيرة من الأسلحة.. ما حقيقة هذا الأمر؟
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
أيوه كما قالوا: إني أخرج بحاملات جنود، وبمدافع، وكان ناقص يقولوا بدبابات وبمدافع وكذا!! أنا عضو مجلس رئاسة سابق، ودرجتي في دولتي وفي بلادي نائب رئيس جمهورية، ومن يصل إلى مثل هذا الموقع له عداوات: عداوات سياسية وعداوات.. وقد تعرضت لعدد من المحاولات، فلي مرافقين على حساب الدولة، وهذا حق مكتسب.
أنور العنسي:
هناك من يقول: أنه حتى اصطحاب حتى جندي واحد من رجالكم أمر قد لا ينسجم مع كونكم من كبار الدعاة على مستوى العالم العربي والعالم الإسلامي.
الشيخ عبد المجيد الزنداني:
نعم، هذا مفهوم خطأ، يتصورون أن هذا يخالف التوكل على الله، خلفية الدين من هذا يقولون: العالم الأصل يكون متوكلا على الله، ولا يكون معه أي جندي للحراسة، هذا مفهوم خطأ للتوكل، الله أمرنا أن نأخذ حذرنا، والرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل له حراسة، وكان لرسول الله حراسة وهو الذي علمنا كيف التوكل، وما ترك الحراسة -صلى الله عليه وسلم- إلا بعد أن جاءه بيان من الله ووعد من الله {والله يعصمك من الناس}.. {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}، فأطل من الخيمة وقال: "أيها الناس انصرفوا إن الله قد عصمني"، وهذه خصوصية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أنور العنسي:
لكنكم تعرفون أن الخليفة (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه كان ينام تحت الشجرة وهو آمن..
الشيخ عبد المجيد الزنداني [ضاحكا]:
رضي الله عنه، ولذلك قتله عدوه بيسر وسهولة.
أنور العنسي:
فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني شكرا جزيلا.