لقاء اليوم

عبد القادر شيخ فجر .. التعايش السلمي في ماليزيا

كيف تمكنت ماليزيا من تحقيق التعايش السلمي بين فئات شعبها في منطقة تشهد نزاعات مختلفة؟ وهل أثرت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول على هذا النمط من التعايش؟ هذه الأسئلة يجيب عليها وزير الثقافة الماليزي عبد القادر شيخ.
مقدم الحلقة: توفيق طه
ضيوف الحلقة: عبد القادر شيخ فجر/ وزير الثقافة الماليزي
تاريخ الحلقة: 09/01/2002

– نظام الحكم في ماليزيا وآليته
– أسباب التعايش الثقافي والديني في ماليزيا
– تأثير أحداث سبتمبر/ أيلول على الاستقرار في ماليزيا
– ماليزيا وتقديم صورة وفهم أفضل للإسلام في العالم
– ماليزيا ونظرية صدام الحضارات

undefined
undefined

توفيق طه: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم.

ماليزيا أحد نمور آسيا الاقتصادية التي تشكل تحدياً لسيطرة الغرب اقتصاداً وصناعة على أسواق العالم، تشكل أيضاً نموذجاً للتعايش بين القوميات والأديان المختلفة، فهي تضم قوميات رئيسية ثلاث هي: الملاوية والصينية والهندية، وتضم بالتالي ديانات عديدة بينها: الإسلام، والكنفوشية، والبوذية، والهندوسية، بالإضافة إلى المسيحية. لكنها على عكس ما يحدث في بلدان مجاورة كثيرة قلما تشهد نزاعات أو احتكاكات قومية أو دينية.

على هامش مؤتمر منظمة البلدان الإسلامية للثقافة والعلوم "إيسيسكو" الذي عُقد في العاصمة القطرية "الدوحة" في الأيام الأخيرة من ديسمبر، التقينا وزير الثقافة والفنون والسياحة الماليزي عبد القادر شيخ فجر، Your excellency Welcome.

نظام الحكم في ماليزيا وآليته

عبد القادر شيخ فجر: Thank you.

توفيق طه: السيد الوزير، مرت ماليزيا أخيراً بتجربة مريرة بموت ملكها، لكن سرعان ما انتخب ملك جديد عبر آلية تمزج بين الملكية الدستورية والنظام الرئاسي. هلاَّ ألقيت بعض الضوء على هذه الآلية؟

عبد القادر شيخ فجر: شكراً، نحن في الحقيقة اتحاد فيدرالي من أربع عشرة ولاية، تسع من هذه الولايات هي سلطنات وراثية يتوارث السلاطين فيها الحكم عن آبائهم، أما الولايات الخمس الأخرى فيحكمها حكام ولايات. ونظامنا فريد من نوعه من حيث أن رأس البلاد هو ملك فيدرالي يُنتخب في اقتراع سري من قِبَل السلاطين التسعة كل خمس سنوات، ليصبح ملكاً فيدرالياً، وبعد انتهاء ولايته أو في حال موته قبل انتهاء الخمس سنوات فستكون هناك انتخابات جديدة. نعم أنت محق فقد فقدنا ملكاً تمتع بشعبية كبيرة إبان فترة حكمه.

إعلان

توفيق طه: نعم، ولكن بالنسبة للعالم الخارجي يبدو الأمر غريباً أن يحكم ملك لمدة خمسة أعوام فقط، بينما رئيس الوزراء مهاتير محمد يحكم البلاد منذ عام 81.

عبد القادر شيخ فجر: حسناً، أرى أن هناك أموراً كثيرة فريدة من نوعها في ماليزيا، وأحسب أن هذا هو سبب كوننا سعداء حتى الآن، ولكن فيما يخص الولايات التي هي سلطنات فالقضية وراثية، أي أن السلطان يبقى في الحكم حتى وفاته، عندها يرث ابنه الحكم عنه.

ولكن فيما يخص الرئاسة الفيدرالية للدولة فهي ملكية دستورية، وهذه هي الشروط التي تم التفاوض عليها عند الاستقلال بين السلاطين والقوة المستعمرة، بريطانيا. لذا فلدينا ملك دستوري يُنتخب كل خمس سنوات مرة من بين الحكام التسعة.

أسباب التعايش الثقافي والديني في ماليزيا

توفيق طه: لو تحدثنا عن تجربة التعايش الثقافي والديني في ماليزيا كيف أمكنكم تحقيق هذا التعايش في منطقة حافلة بشتى أنواع النزاعات؟

عبد القادر شيخ فجر: نحن نسمي أنفسنا في ماليزيا "دولة إسلامية"، لأنه وكما تعلم فإن 55% من السكان مسلمون، وهم السكان الأصليون للبلاد أو المنطقة أي الملاوية، ولدينا قبائل من ولايتي بورنيو وصباح وسراوة، ولدينا أيضاً صينيون ويشكلون حوالي 30%، وهنود ونسبتهم حوالي 10% وآخرون، ولكن الآن محظوظون جداً لأن الآباء المؤسسين لدولتنا رئيسي الوزراء الأول والثاني كان إيمانهم وتمسكهم عميقاً بالديمقراطية، وفهموا الإسلام كما يجب فهمه، ومنذ الاستقلال وحتى الآن شكل الإسلام ولا يزال العمود الفقري للسلطة السياسية في البلاد، ولم يتم ذلك عن طريق القوة، ولكن من خلال الاختيار الطبيعي للشعب، لأنه ومنذ البداية كان هناك تحالف حاكم يضم 14 حزباً مختلفاً، ولكن الحزب الرئيسي هو الحزب الذي يتشكل من حيث الأساس من المسلمين.

توفيق طه: نفهم أن 55% من السكان هم من المسلمين، ولكن تعلم أن هناك معهداً لفهم الإسلام في ماليزيا، ما هو الهدف من هذا المعهد؟ وما هو نوع الإسلام الذي يقدمه؟

عبد القادر شيخ فجر: هذا يهدف من حيث الأساس إلى إعطاء التفسير والتأويل الصحيح عن الإسلام، ولأننا وكما تعلم نظام ديمقراطي، وهذا يعني أننا نسمح باختلاف الرأي في البلاد بضمنه حق تكوين الأحزاب السياسية، ولدينا أيضاً أحزاب إسلامية متشددة مثل طالبان، وهم مسلمون لهم آراء متشددة لتفسير الإسلام، ولهذا السبب أسسنا هذا المعهد، وفيه خبراء من مختلف أنحاء العالم حقيقة ليفسروا الإسلام ويعطوه معانيه الحقيقية، ولكن الأهم من كل ذلك هو الحكومة نفسها، فقد كانت لدينا الحكومة نفسها منذ الاستقلال لـ 44 عاماً.

توفيق طه: حكومة حزب "راكان"؟

عبد القادر شيخ فجر: لا.. لا، هي الجهة الوطنية، والتي يترأسها الآن الدكتور مهاتير محمد، فهي الحكومة الوحيدة التي كانت لنا منذ الاستقلال قبل 44 عاماً، حكومة منتخبة انتخاباً حراً.

إذن في هذه الحكومة رئيسها ونائب الرئيس والوزراء المهمين هم من المسلمين، ولكن إسلامهم هو الإسلام كما يجب أن يكون، إسلام سلام وحسن النوايا والتسامح وحماية الفقراء والمستضعفين، ونتيجة لذلك وفي كل انتخابات صوت غير المسلمين لهذه القيادة المسلمة.

إعلان

توفيق طه: هل أسهم هذا المعهد في الاستقرار والتعايش في ماليزيا؟

عبد القادر شيخ فجر: لا يمكن إلى حد بعيد، لأن هذا المعهد أسس مؤخراً، ولكن المهم هو أننا نمارس الإسلام كما ينبغي له أن يكون منذ اليوم الأول للاستقلال.

توفيق طه: هل يمكن أن نعزوا هذا الفهم للإسلام في ماليزيا إلى التنوع العرقي في ماليزيا، إلى قوة الطبقة الاقتصادية التي تشكل النخبة في البلاد، وهم الصينيون كما نعلم؟

عبد القادر شيخ فجر: نعم الصينيون يلعبون دوراً مهماً جداً في اقتصادنا الوطني، فهم يملكون الكثير من المال، ويمكنهم لعب دور مهم في تقرير من يكون في الحكومة، ولكن معظم الصينيين سُعداء بانتخاب قيادة مسلمة، لأنهم يرون الإسلام دين تسامح كما خبروا ماليزيا طيلة الأربعة والأربعين عاماً الماضية، وعليه وبين الحين والآخر يحدث أن أناساً معينين مثل بعض المسلمين الذين يقدمون على خطوات متشددة ويتعامل معهم القانون.

تأثير أحداث سبتمبر على الاستقرار في ماليزيا

توفيق طه: قبل أن ننتقل إلى تلك النقطة، كيف أثرت أحداث سبتمبر في واشنطن ونيويورك على الاستقرار في بلدكم؟

عبد القادر شيخ فجر: لم تؤثر علينا أبداً، لأننا كنا نحارب الإرهاب على طول الخط ولا (نتساهل) وعندما يكون في بلد كل هذه الأديان والأعراق وتسمح لهم بالتعبير عن أقوالهم وآرائهم فهذه ديمقراطية حقيقية، ولابد أن يكون هناك متطرفون.

توفيق طه: أي متطرفين؟

عبد القادر شيخ فجر: متطرفون دينيون، متطرفون ثقافيون، متطرفون عنصريون، ولابد أن يكون..

توفيق طه: من كل الجماعات العرقية؟

عبد القادر شيخ فجر: نعم، بضمنها بالطبع المسلمين باعتبارهم القطاع الأكبر، وطبيعي أن يكون عندنا متطرفون حتى أن لهم أحزاب سياسية، وهم يستخدمون الإسلام بتطرف يكاد يقترب من طالبان، كما رأينا مؤخراً في أفغانستان، وفي العام الماضي كانت هناك مجموعة إسلامية متطرفة حاولت قلب نظام الحكم بالقوة عن طريق التمرد المسلح، كانوا مجموعة صغيرة، وتم بالطبع إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم.

توفيق طه: وحوكموا بالإعدام؟

عبد القادر شيخ فجر: نعم.. نعم.

توفيق طه: هذا ما أود السؤال عنه، هل كان الحكم سيصدر بهذه القسوة –أعني الحكم بالإعدام- لو لم تكن هناك أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة؟

عبد القادر شيخ فجر: ما حدث في ماليزيا كان قبل عام ونصف.

توفيق طه: لكن الحكم قبل أسبوع.

عبد القادر شيخ فجر: لأن المحاكمة استغرقت أكثر من سنة، وكانت محاكمة عادلة، ولم يكن ليحكم عليهم بالإعدام لولا أنهم لم يقوموا بتمرد مسلح، بل خطفوا بعض الأشخاص وقتلوا اثنين منهم فقط لكونهم مسيحيين وليسوا مسلمين.

توفيق طه: هل يمكن أن نعرف شيئاً عن الأفكار التي يحملها هؤلاء ويدافعون عنها؟

عبد القادر شيخ فجر: إنهم يشعرون أن العالم سيكون سعيداً فقط بوجود حكومة إسلامية، والإسلام الذي يفهمونه هو على غرار ما رأينا في أفغانستان، شكل متشدد جداً من الإسلام، وهذا هو شكل الإسلام الذي كانوا يعدون به، وهو شكل لن يكون عملياً بالتأكيد في بلدٍ مثل ماليزيا، لأنه متعدد الأعراق.

توفيق طه: هل تعني أنه لم تكن هناك أي ضغوط من الولايات المتحدة للحكم عليهم بالموت؟

عبد القادر شيخ فجر: لا على الإطلاق، حتى قبل هذه القضايا كانت هناك قضايا كثيرة صدرت فيها أحكام بالموت.

توفيق طه: متى كان آخر حكم بالإعدام؟

عبد القادر شيخ فجر: لا أذكر، وطالما احتجزنا أشخاصاً وحاكمناهم فلدينا قانون يُطبَّق كما تعلم، ولهذا قلنا للأميركيين –كانوا سابقاً ينتقدونا بأننا كنا حازمين بعض الشيء مع هؤلاء المتطرفين، فكانوا ينتقدوننا، وهم الآن يقومون بما هو أسوأ من ذلك- لذلك نقول: إن الأميركيين يفهمون الآن أننا كنا على حق على طول الخط.

توفيق طه: لهذا السبب يقول بعض الناس إن أحكام الإعدام التي صدرت على هؤلاء الأشخاص لم تكن سوى بادرة حسن نية من جانب ماليزيا للولايات المتحدة.

إعلان

عبد القادر شيخ فجر: لا، على الإطلاق، على الإطلاق، بل كانت قرارات ذات شعبية كبيرة في ماليزيا، لأنه وكما تعلم فقد كانت هناك انتخابات مختلفة منذ استقلالنا عام 57، وكان هناك دوماً هذا الحزب الإسلامي المتطرف، وقد سمح لهم بالاشتراك في الانتخابات، وأن يعبروا عن آرائهم والقيام بحملاتهم الانتخابية، ولكنهم دوماً كانوا يهزمون، وكانت هناك أيضاً بعض العناصر المتطرفة بين هؤلاء، وكان بعض الذين يؤمنون بالتصرف وببعض المعتقدات الغريبة، ولكن عندما يصل الأمر إلى قتل الناس فهذا..

توفيق طه: هل تعتقد أن هناك علاقة من أي نوع بين هؤلاء والجماعات المتطرفة في الفلبين أو إندونيسيا؟

عبد القادر شيخ فجر: ليس الذين في الفلبين وإندونيسيا ولكن كان لهذه الجماعة اتصالات بالمتطرفين في أفغانستان.

توفيق طه: تقصد طالبان والقاعدة؟

عبد القادر شيخ فجر: نعم، بعضهم تدرب في أفغانستان على كيفية صنع القنابل واستخدام السلاح.

توفيق طه: هل هناك أي تنسيق..؟

عبد القادر شيخ فجر [مقاطعاً]: ولكن أؤكد لكم أن هذه الأحكام بالذات لا علاقة لها بأحداث سبتمبر، والمحاكمة استمرت عاماً.

توفيق طه: هل لديكم تنسيق من أي نوع من الفلبين وإندونيسيا لمحاربة تلك الجماعات؟

عبد القادر شيخ فجر: حسناً، هناك تنسيق بسيط جداً، فهناك هذا التفاهم القائم بيننا على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض، وكلنا أعضاء في رابطة "آسيان"، وهي منظمة إقليمية، وهناك مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، إذاً ما يحدث في الفلبين وفي إندونيسيا هي شؤون داخلية.

توفيق طه: نعم، ولكنكم تعتقلون (نور مسواري) وهو فلبيني.

عبد القادر شيخ فجر: هذا لأنه دخل إلى بلدنا بشكل غير قانوني.

توفيق طه: وهل ستسلمونه ليحاكم في الفلبين؟

عبد القادر شيخ فجر: لا، بل فقط نعيده إلى بلده، فهو مواطن فلبيني.

توفيق طه: بعض التقارير تتهم ماليزيا بغسيل الأموال لمصلحة بعض الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط؟

عبد القادر شيخ فجر: كلا، على الإطلاق، لا صحة لهذه الأقوال، ولن نسمح بذلك أبداً على ترابنا.

ماليزيا وتقديم صورة وفهم أفضل للإسلام في العالم

توفيق طه: بصفتكم عضواً في منظمة المؤتمر الإسلامي، كيف يمكن لماليزيا أن تساعد في تقديم صورة وفهم أفضل وأصدق للإسلام في العالم؟

عبد القادر شيخ فجر: يجب أن لا تنسون أن المنطقة التي نعيش فيها في جنوب آسيا، وفيها من المسلمين أكثر من أي مكان آخر في العالم، مثل: ماليزيا، وإندونيسيا، وبروناي، وجنوب الفلبين، وجنوب تايلاند، التي يعيش فيها نحو 250 مليون مسلم، إذن شعرت ماليزيا دائماً أن البلدان المسلمة يجب أن توحد جهودها، وتتعاون فيما بينها، وأحد أهم المدافعين عن هذه الروح كان أول رئيس وزراء لماليزيا والذي نطلق عليه "أب ماليزيا".

وكان دفاعه عن فكرة تعاون البلدان المسلمة لدرجة أنه عند تقاعده أقنعه المرحوم الملك فيصل (ملك المملكة العربية السعودية)، أقنعه بالقدوم إلى جدة لينظم ويوحد جهود الدول الإسلامية، ومن هنا كان مولد فكرة منظمة المؤتمر الإسلامي، وأول أمين عام لها كان (تانجو عبد الرحمن) أول رئيس وزراء لماليزيا، وكان مع (تانجو عبد الرحمن) مجموعة من المسلمين الملاويين ذهبوا معه إلى جدة واشتروا أول آلة كاتبة وأولى لوازم المقر.

لذا وكما ترى فحن نشعر بعاطفة قوية تجاه المؤتمر الإسلامي، ونريد له النجاح، وفي الحقيقة كانت في تلك البدايات المبكرة، عندما بدأت العملية برمتها بإنشاء بنك التنمية الإسلامية، وصندوق التضامن الإسلامي، ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية "إينا"، والتي لا تزال موجودة رغم أنها نصف ميتة، وحتى في ذلك الوقت وقبل ثلاثين عاماً، شعرنا بضرورة امتلاك العالم الإسلامي لوكالة أبناء خاصة به لكي نثب الأبناء الصحيحة عن العالم الإسلامي إلى العالم أجمع.

توفيق طه: دعني أسألك هل لديكم مدارس دينية في ماليزيا؟

عبد القادر شيخ فجر: نعم.

توفيق طه: أي إسلام تدرس؟

عبد القادر شيخ فجر: لدينا بعض المدارس الدينية الخاصة وأخرى حكومية، ونحن قلقون بعض الشيء لأننا نعيش في نظام ديمقراطي يسمح للناس أن يفعلوا ما يشاؤون،..

توفيق طه: وهل تتدخلون في… تلك المدارس؟

عبد القادر شيخ فجر: للأسف في المدارس الخاصة لا نفعل ذلك، ونحن قلقون بعض الشيء لأننا نرى أن بعض هذه المدارس الخاصة التي تدرس أشكالاً متطرفة من الدين،وهو أمر شديد الخطورة لاستمرارنا كمجتمع متعدد الأعراق. فماليزيا أكثر من أي بلد آخر لا تستطيع تحمل أعباء مثل هذا التطرف، وعليه فنحن جادون في البحث عن حل لهذه المشكلة.

إعلان

توفيق طه: نعم، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول والولايات المتحدة نضغط على الدول الإسلامي لكي تغلق تلك المدارس الدينية، أو تتحكم بمناهجها، هل بحث وزراء الثقافة المجتمعون هنا في الدوحة، هل بحثوا هذه النقطة؟

عبد القادر شيخ فجر: لا أعتقد أننا بحثنا ذلك رغم أنني لست متأكداً، لأنني لم أحضر جميع الجلسات، ولكنني لا أعتقد أن أي بلد إسلامي سيتم التحكم به، وربما قبلنا ببعض الأمور المعينة لاعتقادنا بأنها أمور جيدة، فبعضها أمور جيدة، على سبيل المثال: قررت باكستان أخيراً إصدار قانون للتحكم بالمدارس الدينية التي تدرس أشكالاً متطرفة من الدين، وهي خطأ لأن هذا ليس هو الإسلام، الإسلام لا يعظ بالعنف وعدم التسامح إزاء الأديان الأخرى، ولا بتدمير تماثيل الأمم الأخرى، كما حدث في "باميان".

ماليزيا ونظرية صدام الحضارات

توفيق طه: إذن أنت تعتقد أن النموذج الماليزي للإسلام السياسي أو الإسلام المتسامح هو الخيار الصائب لتجنيب العالم الإسلامي الصدام مع الغرب؟

عبد القادر شيخ فجر: لا نريد الادعاء لدرجة تجعلنا تقول إننا نمارس الإسلام الصحيح، فالإسلام هو حقيقة دين جيد لو تم تطبيق كما ينبغي في أي مكان.

توفيق طه: وتعتقد أن ماليزيا تدرس الإسلام الصحيح؟

عبد القادر شيخ فجر: أعتقد أن الحكومة الحالية التي تدير البلاد منذ الاستقلال تمارس النمط الصحيح من الإسلام.

توفيق طه: دعني أسألك، هل تؤمن بنظرية صدام الحضارات وتعارض الرؤى والمعتقدات الإسلامية والكونفوشية مع رؤى وتصورات الغرب عن الوجود والعالم؟

عبد القادر شيخ فجر: كانت لدينا تجربة أربعة وأربعين عاماً من تعايش الإسلام جنباً إلى جنب مع الكونفوشيسية والبوذية والمسيحية وغيرها.

وكنا نعيش كعائلة واحدة سعيدة، ونجلس إلى نفس المائدة، المسلمون لا يأكل لحم الخنزير والهندوسي يأكله، والآخرون يأكلون وجبات نباتية وهكذا.

الكل يفعل ما يعتقده على مدى أربعة وأربعين عاماً وليس عامان أو ثلاثة، ويجب أن لا يكون هناك صدام حضارات، وعلى أي حال أعتقد أن بعد الحادي عشر من سبتمبر أن العالم كله -إن شاء الله- سيتجه نحو الاعتدال.

توفيق طه: وهل للغرب النظرة نفسها؟

عبد القادر شيخ فجر: أعتقد أنهم بدأوا بالتغير.

توفيق طه: لا شك في أنك سمعت بذلات اللسان العديدة للرئيس الأميركية (جورج بوش) ورئيس الوزراء الإيطالي (بيرلسكوني) حول الحرب الصليبية وأن الحضارة الإسلامية متخلفة عن الحضارة الغربية، ألا يشعرك ذلك بأن ما يسمى "الحرب ضد الإرهاب" لها علاقة بشيء يمكن أن يكون الحرب ضد الإسلام؟

عبد القادر شيخ فجر: لا يجوز أن ننتقي كلمة من هنا وأخرى من هناك ثم تضم القضية لتصبح شيئاً كبيراً، المهم دائماً هو النظر إلى الصورة الكبيرة وأن لا ندمرها بالنظر إلى الأشياء الصغيرة.

وأتقد وبقدر ما يخص الأمر بالصورة الكبيرة، وكما يرى الأسوياء في تفكيرهم أن هناك عالماً كبيراً وفيه الإسلام، وعلى العالم أن يعيش مع الإسلام وأن نضمن أن قوى التطرف في أي دين يتم الانتصار عليها، وأنا أود النظر إلى الصورة الكبيرة، وأعطي هؤلاء الزعماء فرصة قطع الشك باليقين،و ليس انتقاء الأشياء صغيرة لتخريب الصورة الكبيرة.

توفيق طه: السيد الوزير، شكراً لك.

وشكراً لكم مشاهدينا الكرام، وإلى لقاء آخر.

المصدر: الجزيرة