سليم خان يانداربييف .. تداعيات عملية مسرح موسكو
مقدم الحلقة: | أكرم خزام |
ضيف الحلقة: | سليم خان يانداربييف: الرئيس الشيشاني السابق |
تاريخ الحلقة: | 13/11/2002 |
– رد يانداربييف على اتهامه بالضلوع في أحداث مسرح موسكو
– انتهاكات الروس لحقوق الإنسان في الشيشان
– مدى احتمالية تكرار عمليات شيشانية داخل روسيا
– حقيقة وجود انشقاق في القيادة الشيشانية حيال الموقف من روسيا
– التطورات بالشيشان في أعقاب عملية موسكو
أكرم خزام: أعزائي المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج (لقاء اليوم) والتي نجريها مع السيد سليم خان يانداربييف (الرئيس الشيشاني السابق) السيد يانداربييف، موسكو تتهمكم بالضلوع في الأحداث الأخيرة في مسرح موسكو، كما وجهت لكم أيضاً اتهامات بتدريب الإرهابيين، فما هو ردكم؟
رد يانداربييف على اتهامه بالضلوع في أحداث مسروح موسكو
سليم خان يانداربييف: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيما يتعلق بمختلف الاتهامات من طرف موسكو فإن ذلك ليس بالأمر الجديد، فموسكو تتهم الشيشانيين على مدى 450 عاماً هي موسكو ذاتها، وقد جاء الروس منذ عهد (إيفان الرهيب) إلى القوقاز، وبدءوا يأتون إلى نهر ترك، النهر الرئيسي في شمال القوقاز، ويبنون مستوطناتهم في أرض غريبة، وعندما منعوهم من البناء أخذوا يتهمون جميع القوقاز من الشيشان، والشركس، والقبردين، والبلكر، والأنجوش بممارسة قطع الطرق وبعدم السماح لهم –أي الروس- باستيطان أراضيهم.
أكرم خزام: معذرة أرجو أن تتكلموا بملموسية..
سليم خان يانداربييف: أنا أتكلم بالحقائق، فكل شيء تراكم منذ ذلك الوقت، ومن ثم في عهد (بطرس الأكبر)، وفي عهد (كاترين الثانية)، وفي عهد (نيكولاي الثاني)، وبعدهم أتى (لينين) و(ستالين)، و(يلتسين)، وأخيراً (بوتين)، كلهم اتهمونا بالإرهاب، واتهمونا بالخروج على القانون، ولكن هل هناك من يستطيع في العالم أن يبين أن الشيشانيين ذهبوا إلى الأراضي الروسية لغزو روسيا؟
هل توجد ثمة حقائق؟ هل احتل الشيشانيون –في يومٍ ما- قرى روسية وأشاعوا الرعب بين أهاليها كما يفعل الروس كل يوم؟
الروس والقوات الروسية بمختلف أصنافها القوات المسلحة وقوات الأمن والمرتزقة والمتعاونون المجرمون الذين جندوا في السجون يطوفون كل يوم في القرى الشيشانية، ويشيعون الرعب فيها على مدى أسابيع، ويقتلون الناس ويقتادونهم إلى جهات مجهولة، ويمثلون ببعضهم، ويعيدونهم إلى أهاليهم مشوَّهين ومعاقين.
أكرم خزام: معذرةً مرة أخرى، توجد اتهامات ملموسة بشأن العملية التي قام بها المسلحون الشيشان مؤخراً في أحد المسارح، وبالمناسبة أجهزة الاستخبارات الروسية عرضت شريطاً مسجلا يتضمن مكالمة هاتفية ملتقطة تتحدثون فيها مع (باراييف)، وعلى أساسها وجهت لكم التهمة بتدبير العملية.
سليم خان يانداربييف: أريد أن أقول في هذا الشأن إنهم لم يلتقطوا أي مكالمة، ففي السادس والعشرين من الشهر الماضي وبعد أن أبادوا بطريقة إجرامية قسماً من مواطنيهم وأولئك المجاهدين الشيشان، أدليت بتصريح رسمي لكل العالم، ووزعته على وسائل الإعلام، حيث أوضحت أنني تحدثت مع قائد المجموعة الشيشانية المسلحة باراييف ومع فصيل الاستشهاديين من كتيبة الاستطلاع والتخريب الشيشاني، وقال لي باراييف: إنهم لا يعتزمون إعدام أحد، وإنهم لم يعدموا أحداً من الرهائن، كما تزعم أجهزة الاستخبارات الروسية ووسائل الإعلام الروسية الرخيصة، ولم يعدموا إلا ثلاثة أشخاص من عملاء المخابرات الروسية الذين أرادوا أن يستفزوا المقاتلين هناك من خلال حركات مشبوهة والتعرض للمقاتلين، ولذلك فإنهم لم يلتقطوا أي مكالمة، بل أنا أعلنت ذلك للعالم، وذلك الشريط المسجل بما فيه المقطع الخاص بحديثي مع باراييف يتحدث عن عكس ما قاله الروس، ويؤكد: أن رجال باراييف لم يعدموا أحداً، هذا أولاً.
ثانياً: فإن (مسخادوف) لم يكن على علم بالعملية، لأنني سألت باراييف عدة مرات في تلك المكالمة، وهذا كان يهمني، لأنه بعد وقوع العملية أخذ الروس يروجون من خلال وسائل الإعلام أن مسخادوف رئيس الجمهورية مسؤول عن كذا وكذا وقاد العملية، وأكرر أنني سألت باراييف عدة مرات لمعرفة الجهة التي دبرت العملية، فقال لي: إنهم دربونا على هذا النوع من العمليات، وسألته مجدد: هل من أحد يعرف بذلك؟ فرد قائلاً: إن أحداً لا يعرف، لأننا لم نستطع الاتصال بهم، أردنا ذلك، لكن الاتصال لم يتم، وأعدت السؤال عن دور مسخادوف، فأجاب: أنه لا يعرف هل يدري أم لا، وهذا يشير إلى ما سبق أن ذكرناه، وإذا تحدثنا عن علاقتنا بمثل هذه الاتهامات، فأنا أقول إن لي علاقة بأي شيء يحدث في الشيشان وبأي شيء يحدث في الكرة الأرضية له علاقة بالشيشان حتى وإن لم أكن أعرف بما يحدث.
أكرم خزام: هل تريدون القول: إنكم لم تكونوا على علم بالعملية قبل وقوعها؟
سليم خان يانداربييف: للأسف لم يكن لدي علم بتلك العملية، وأكرر لعظيم الأسف لم أكن أعرف، وكان بودي لو كنت على علم بها لقمت بتعديل بعض الأمور فيها، ولكنني أمارس السياسة، وعليه لم أكن أعرف بذلك، ومع ذلك لي ضلع في الحدث بصفتي رئيس سابق، حيث أنهيت الحرب الماضية بصفة رئيس وأكرمني الله والعالم يعرف ذلك بالنصر على الروس تحت قيادتي، وقبل ذلك كنت نائباً للرئيس، وعلى هذا الأساس فأنا علاقتي مباشرة بكل ما يحدث في الشيشان أكثر من أي شخص آخر، وهذا ما أؤمن به والكثيرون يعتقدون ذلك.
أكرم خزام: قولوا لي من فضلكم طالما اتصلتم بقائد العملية باراييف وتحدثتم معه، لماذا لم تحاولوا إقناعه بالإفراج عن الرهائن؟
سليم خان يانداربييف: لم يكن ذلك بالمشكلة، لأنني عندما اتصلت به أول مرة كان هناك فريق من قناة N.T.V التليفزيونية، وعندما بدأت الحديث قال لي: اعذرني وأمهلني حتى أنهي الحديث مع هؤلاء الأشخاص الذين استقبلتهم، وينبغي أن أنهي الحديث معهم، وحاولت ثانية الاتصال به رغم الصعوبات ووفقت في الاتصال مساء اليوم ذاته، وآنذاك تحدثت معه وحاولت إقناعه بالإفراج عن الرهائن، ولم يرفض وأكد لي أنه سيفعل، وطالما أن الروس التقطوا المكالمة فبوسعهم أن يسمعوا ما قلته له حول أن هؤلاء الناس يجب ألا يصيبهم أذى بغض النظر عن كيفية تطور الأحداث، وأخبرته بأنني أحاول السفر إلى موسكو إلا أنه قال لي: لا تسافر لأن الروس ماكرين ويمكن أن يمارسوا مكرهم معك.
فأجبته أن ذلك ليس بالأمر الهام والأهم أن أصل لكي نُطَبِّع الأوضاع، فقال لي: إننا جئنا إلى هنا قاصدين الموت، وكان ردي: أن الموت يجب أن يكون ذا معنى، وأن أحداً لا يمنعكم من الموت في سبيل الله، بل على العكس إن الشهادة في سبيل الله شرف وخلود لكل مسلم يختار الشهادة في سبيل الله، وأنا أرحب بذلك شريطة أن يكون الموت ذا مغزى وفائدة وأن لا يلحق أذى بالرهائن، وقال: إننا سنتخذ قرارات في اليوم نفسه حيث زارتنا وفود عدة وأعلنا عن شرطنا بأن يحضروا مندوباً عن الرئيس بوتين ممثلاً شخصياً له، ووعدوا بأن الممثل الشخصي لبوتين سيأتي في اليوم التالي في الساعة الحادية عشر صباحاً، وبعد الحديث معه سنتخذ قراراً بصدد الخطوات اللاحقة، وكررت له: أن الرهائن يجب ألا يصيبهم أذى.
انتهاكات الروس لحقوق الإنسان في الشيشان
أكرم خزام: هل تبررون بهذه البساطة احتجاز أناس عُزَّل؟
سليم خان يانداربييف: إطلاقاً أنا لا أبرر ذلك على الإطلاق، سواء كان ببساطة أو في الحالات القصوى، ولا أنا ولا أنتم ولا أحد في العالم يمكنه أن يتنبأ بتصرف الإنسان في الأوضاع الخارجة عن الإرادة، وعندما يقتل الناس أمامك يومياً، وعندما تلاحق وتحاصر كالوحش، وعندما لا يتم احتسابك إنساناً سواءً من قِبَل بوتين أو غيره أو كذلك من قبل البعوض الذي يتجمع على دق ما يسمى السلطة أو ما يسمى المجتمع الدولي، الذي يعتبر شريكاً لروسيا في جريمة التطهير العرقي في الشيشان وحتى أولئك الديمقراطيين في أوروبا وفي الغرب والشرق وعندما يتشكل بين رئاسات الدول الأعضاء في المجتمع الدولي تضامن إجرامي منظم للحكام المجرمين الذين يأملون في أن القوة التي يملكونها والأسلحة الذرية وقواتهم التي تحصى بالملايين تخولهم الحديث مع أي كان وبالصورة التي يختارونها وبدون الالتفات إلى ما إذا كان ذلك عدلاً أم لا، وهل سيُدان الشيشانيون هناك في مسرح موسكو حيث جاء الناس لمشاهدة مسرحية موسيقية أو في أي مسرح آخر؟ لقد أصبح العالم بأسره ساحة لنحر الذبائح للصنم المتمثل بسلطات المستكبرين، الذين تسولوا السلطة متسترين بحجاب الديمقراطية، فأي ديمقراطية هذه؟ كل ذلك ضحك على الذقون، والنظام الروسي وغيره من الأنظمة التي تدعي الديمقراطية تقتل البشر كل يوم بأساليب أفظع من الأساليب الستالينية، وستالين على الأقل كان يقتل علناً ويمارس الإرهاب على المكشوف، أما هؤلاء فيقتلون الناس بمجون وازدراء ويتسترون بشعارات زائفة حول حقوق الإنسان والإرهاب، لكن الإرهاب الدولي اليوم تمارسه الدول العظمى متذرعة بمكافحة الإرهاب الدولي، ولكن من هو الإرهاب الدولي؟ هل هو الطفل ابن العشر سنوات في الشيشان الذي قتل الروس الكثيرين من أمثاله على مدى السنوات الثلاث الأخيرة؟! 3500 شخص.. قتلوا 3500 شخص من الرضع وحتى سن العشر سنوات، وأصبح 4000 طفل معاقين ومنهم من فقد ذراعه أو ساقه أو عينه وأصبح 40 ألف طفل يتامى بفقد أحد الوالدين أو كلاهما.
[فاصل إعلاني]
أكرم خزام: أصلان مسخادوف أدان عمل أولئك الشيشانيين الذين جاءوا إلى موسكو بعد انتهاء العملية، فما هو تقييمكم؟
سليم خان يانداربييف: أولاً: أصلان مسخادوف لا ضلع له في العملية إطلاقاً، وقد استوضحنا ذلك من خلال المكالمة الهاتفية مع باراييف فليسمع السامعون.
وثانياً: صرَّح (شامل باساييف) بأنه هو الذي حضَّر لهذه العملية بدون علم مسخادوف (القائد العام والرئيس)، لذلك أعلن باساييف عن استقالته من جميع المناصب والالتحاق بكتيبة الاستطلاع والتخريب، وهذا يؤكد –بما فيه الكفاية- عدم دراية مسخادوف بالأمر.
أكرم خزام: هل يعني ذلك أنكم تنفون وجود إرهابيين في الشيشان؟
سليم خان يانداربييف: أنا أنفي ذلك نفياً قاطعاً ولا يوجد في الشيشان إرهابي واحد باستثناء الجيش الروسي الذي يبلغ قوامه مائة ألف شخص، هؤلاء المائة ألف إرهابي روسي موجودون في الشيشان فعلاً.
أكرم خزام: لكن هؤلاء يدافعون عن كيان الدولة، إذ إن الشيشان جزء من روسيا الاتحادية؟
سليم خان يانداربييف: منذ متى ذلك؟
أكرم خزام: في الوقت الراهن.
سليم خان يانداربييف: وكيف ذلك؟
أكرم خزام: أنتم تقولون إنهم إرهابيون وهم يدافعون عن كيان الدولة.
سليم خان يانداربييف: أي كيان دولة؟ ولماذا؟ وكيف يمكنهم أن يدافعوا عن كيان الدولة من خلال اغتصاب أرض غريبة؟! هل نحن الذين قمنا بالعدوان على روسيا؟ وهل جئنا إلى روسيا وهم يدافعون عن أنفسهم؟ وعن أي دفاع يمكن أن يدور الحديث، فالشيشانيون لم يوقعوا يوماً في تاريخهم ولو على قصاصة ورق بشأن الانضمام إلى روسيا الاتحادية. الجورجيون والأوكرانيون وكل القوميات الأخرى وقعوا اتفاقيات بهذا الصدد، باستثناء الشيشانيين، فالشيشانيون قاتلوا وقاتلوا في طليعة أولئك الذين حاربوا روسيا في شمال القوقاز، افهموا أن الشيشانيين لم يوقَّعوا اتفاقية حول الانضمام إلى روسيا، ولذلك نحن لا يمكن أن نكون جزءاً من روسيا.
أكرم خزام: ألا تتعبون من الحرب؟
سليم خان يانداربييف: نعم، أتعبتنا، ولكن الحرية تستحق أن يُدفع مقابلها أي ثمن، وقد خلق الله الإنسان ليكون حراً، وخلق الشعوب لتعيش حرة تحت قيادتها.. قيادتها القومية، أما الشيشانيون فسلطتهم هي سلطة الله عز وجل.
أكرم خزام: حسناً أين المخرج إذن من هذا الطريق المسدود؟ روسيا تقول إنها لن توافق على استقلالكم، وإنها مستعدة لإعطاء صلاحيات واسعة للشيشان على غرار تترستان، وحتى أكثر من تترستان، في حين أنكم تريدون الحرية والاستقلال، وهذا طريق مسدود، أين المخرج منه؟
سليم خان يانداربييف: نحن لا نرى طرقاً مسدودة، وكل شيء واضح بالنسبة لنا، الحرية والاستقلال وسبيل الله، والقرآن يشهد على أنه السبيل الأكثر وضوحاً، إنه السبيل الواضح الوحيد، والقرآن يدعو الإنسان للخروج من الضلال إلى النور، والخطوة الرئيسية في هذا المجال هي الجهاد في سبيل الله، ونحن نجاهد في سبيل الله وفي سبيل الحرية.
مدى احتمالية تكرار عمليات شيشانية داخل روسيا
أكرم خزام: هل يعني أن هذه الأعمال ستكرر؟
سليم خان يانداربييف: هذه الأعمال ستتكرر ما دامت الحرب جارية، ومادمنا معرضين للإبادة، سنرد على ذلك بكل القوة المتاحة لنا.
أكرم خزام: من جديد سترعبون الناس؟
سليم خان يانداربييف: ولما لا ينظر العالم ولا تنظرون أنتم كيف يُرَّوع ويُقتل ويُباد الشيشانيون العزَّل؟! فهل هذا قدر الشيشانيين؟ أمَّا أعداؤهم فيصوِّتون بالإجماع في الانتخابات الرئاسية لصالح (بوتين) لأنه قال أننا سنقضي على الشيشانيين في دورات المياه، ونتيجة لذلك اختاروه رئيساً؟!
أكرم خزام: يقال عندكم في الشيشان إن انشقاقاً وقع في صفوف القيادة، أي بمعنى آخر لا يوجد زعيم واحد قادر على جمع كافة الشيشانيين والاقتراب بصورة متعقلة من اتفاقية سلام مع روسيا لحقن الدماء حتى يعيش الشيشانيون والروس بصورة طبيعية.
حقيقة وجود انشقاق في القيادة الشيشانية حيال الموقف من روسيا
سليم خان يانداربييف: مَن إذن أبرم اتفاقية سلام بعد الحرب السابقة؟ ووقع اتفاقية (خاسفيورد) بتخويل مني وتحت قيادتي؟ وكان من بين الأشخاص الرئيسيين الذين وقَّعوا آنذاك تلك الاتفاقية الرئيس الحالي للشيشان (أصلان مسخادوف) الذي كان آنذاك يتسم ببعض الولاء لروسيا، حتى إنني كنت غير راضي عن ذلك، ومن وقَّع إذن الاتفاقية التي تتوافق في كل فقراتها مع أحكام القانون الدولي بين طرفين مستقلين تماماً، بين روسيا الاتحادية والجمهورية الشيشانية في الثاني عشر من مايو/آيار عام 97؟ وستجد على الاتفاقية توقيع الرئيس الروسي (بوريس يلتسين) وتوقيع الرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف، ونصت الاتفاقية على أنه بذلك يوضع حد للمواجهة المستمرة منذ 400 عام بين روسيا وشيشنيا وإن روسيا تمتنع لاحقاً عن حل أي مشاكل ذات صلة باستقلال الجمهورية الشيشانية، وأن العلاقات بين الجانبين ستُبنى على أساس الأحكام المتعارف عليها في القانون الدولي، أي كما هو متعارف عليه على سبيل المثال بين روسيا وأميركا، وبين روسيا وألمانيا، وبين روسيا والدول العربية، وبين الدول العربية والبلدان الأخرى، ولم يرد أي ذكر للدستور الروسي في الاتفاقية، لأن أن كل شيء هناك مستمد من القانون الدولي.
أكرم خزام: لقد خرقتم الاتفاقية، وهاجمتم داغستان، الجمهورية الإسلامية التي يقطنها مسلمون، وبذلك أخللتم بتلك الاتفاقية.
سليم خان يانداربييف: الشيشانيون لم يهاجموا داغستان، فقد ذهب المجاهدون مثل باساييف وخطاب وجماعات أخرى بدون علم أصلان مسخادوف، الذي أدان آنذاك تلك العملية. لقد ذهبوا لنصرة جماعة إسلامية يرأسها بهاء الدين، وجماعات أخرى في قريتي (تشيبان ماخي) و(تراماخي) اللتين أعلنتا الجهاد لتحرير داغستان.
ثانياً: الشيشانيون لم يهاجموا مسلمي داغستان، بل ذهبوا لقتال أولئك الذين هجموا على مسلمي داغستان، واحتلوا داغستان، وأقاموا فيها سلطة الكفار، وفي هذه السلطة الكافرة كانوا يرهبون على مدى مائة وأربعين عاماً أولئك.. أولئك الناس، فقد ذهبوا لقتال القوات الروسية الغازية التي تجلس على رقاب مسلمي داغستان وتقمعهم، وهكذا بالضبط فهم الداغستانيون مجيء الشيشانيين، والداغستانيون، أي الجماعات الداغستانية انتقلوا في بداية الحرب الثانية إلى الشيشان، لأنهم لم يتمكنوا آنذاك من حماية سكان مناطقهم، وقاتلوا –ومازالوا يقاتلون- كتفاً إلى كتف مع الشيشانيين ضد الروس، وتلك العمليات التي تجري في داغستان اليوم يقوم بها تحديداً أولئك المسلمون الداغستانيون والأفاريون والكوكيك والدارجين، والكثيرون غيرهم، حيث تتعايش في داغستان من 30 إلى 40 قومية، والجهاد في داغستان مستمر، وعليه فإننا لم نخرق الاتفاقيات، بل الروس يخرقونها، حيث ورد فيها أن كافة المسائل تحل اعتباراً من الآن بين روسيا والشيشان على أساس أحكام القوانين الدولية المتعارف عليها، ومن ثم تم الاتفاق على الشروع بعد ذلك في حل المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية، وغيرها من المسائل، إلا أن روسيا لم تقم بأي خطوة في هذا الاتجاه.
أكرم خزام: الوضع الآن يترتب على النحو التالي، عملية (باراييف) في موسكو أحدثت وقعاً سلبياً في العالم بأسره، وقد دان الجميع هذا العمل، والأهم أن هذا العمل أعطى مبرراً للسلطة الروسية لمطالبة سلطات قطر بتسليمكم نظراً لضلوعكم في الإرهاب، وكذلك بالنسبة (لزاكاييف)، والأكثر أهمية أن المفاوضات مع أصلان مسخادوف الذي يمثل قوة جدية في الشيشان أُوقفت.
سليم خان يانداربييف: لكن لم تجرِ مفاوضات مع مسخادوف.
أكرم خزام: أنا أفهم ذلك، لكن ما هي رؤيتكم لهذا التطور؟
التطورات بالشيشان في أعقاب عملية موسكو
سليم خان يانداربييف: الأمر يكمن تحديداً في أن أولئك المقاتلين طالبوا بالتفاوض مع مسخادوف وإيقاف الحرب وسحب القوات الروسية، وهذا أولاً. أما ثانياً: فإن هذه المطالب مضحكة، وغير منطقية، والغباء بالنسبة للإنسان العاقل أن يسلم يانداربييف أو زاكاييف أو غيرهم، أو أن يعلن أن مسخادوف أو غيره إرهابيين دوليين ينشرون الشر في العالم، كل ذلك أمر مضحك، وقبل كل شيء فإن المطالبة بتسليمهم ناجمة ليس من الدوافع المعلنة، والأمر يكمن في أن هذه القيادة، أي قيادة بوتين المجرم رأت كيف تلطخت بقذارته، فهذه القيادة بينت أنها الأسوأ، وليست أفضل من جلادي ستالين الذين أبادوا الناس بالملايين، هذه القيادة هي الأخرى مستعدة لإبادة مواطنيها بالملايين، لمجرد الاستسلام لأنانيتهم، وعندما رأوا رد فعل سلبي في العالم على خطوات السلطات الروسية في ذلك المسرح، حيث دان العالم جرائم القيادة الروسية، إلا أن أحداً لا يتكلم عن ذلك بصوت مرتفع، لأن روسيا يمكن أن ترتكب جرائم أكثر فظاعة، فعندما رأوا ذلك فقدوا التوازن والثقة بالنفس، وقرروا بواسطة ضجة ما صرف نظر الرأي العام العالمي عن إدانة أعمالهم الإجرامية ضد مواطنيهم، ولذلك بدأوا تلك الضجة قائلين سلمونا فلاناً وفلاناً، إنها ضجة إعلامية أخرى، وهم يفهمون خيراً منا أنه لا توجد أسس إطلاقاً لدى من يطالبونهم بالتسليم، وأعتقد أنهم أخطأوا في حساباتهم كثيراً، لأنهم يقيسون الجميع بمقاييسهم –أقصد من في السلطة في روسيا- الذين يعتقدون أن كل من في السلطة هو مثلهم، لقد أخطأوا في حساباتهم.
أكرم خزام: أعزائي المشاهدين، إلى اللقاء في حلقة جديدة من برنامج (لقاء اليوم).
ها هو أكرم خزام يحييكم، ويتمنى لكم أطيب المنى.