لقاء اليوم

د. أحمد الجلبي .. الأوضاع الداخلية للعراق

موقف المؤتمر الوطني العراقي من القرار 1483، رؤية الجلبي لإقصاء أعضاء حزب البعث من الحياة السياسية، رؤية الجلبي لقرار حلِّ الجيش العراقي، إسقاط تعويضات الحرب عن العراق، حقيقة طبيعة العلاقة المتوترة بين الجلبي والأردن.

مقدم الحلقة:

حافظ الميرازي

ضيف الحلقة:

د. أحمد الجلبي: رئيس المؤتمر الوطني العراقي

تاريخ الحلقة:

12/06/2003

– موقف المؤتمر الوطني العراقي من القرار 1483
– رؤية الجلبي لإقصاء أعضاء حزب البعث من الحياة السياسية

– رؤية الجلبي لقرار حلِ الجيش العراقي

– إسقاط تعويضات الحرب عن العراق

– حقيقة طبيعة العلاقة المتوترة بين الجلبي والأردن


undefinedحافظ الميرازي: مرحباً بكم معنا في هذا اللقاء الخاص الذي نجريه في استوديوهات (الجزيرة) بواشنطن مع ضيف واشنطن الزائر هذه الأيام بعد أن كان أول قيادات المعارضة العراقية التي تعود إلى العراق خلال الحرب، وهو السيد أحمد الجلبي (مؤسس المؤتمر الوطني العراقي).

موقف المؤتمر الوطني العراقي من القرار 1483

مرحبا بك أستاذ أحمد معنا، الوضع الأميركي في العراق كيف تصفه؟ الإعلام العربي مثلاً والإعلام الأميركي حتى (الواشنطن بوست) و غيره يقول الاحتلال الأميركي للعراق أو إدارة الاحتلال الأميركي أو سلطة الاحتلال الأميركي، هل هو كذلك في رأيك؟

د. أحمد الجلبي: عندما تحدث الرئيس (بوش) في الجمعية الوطنية، الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 12 أيلول 2002 كان وجهة نظره دائماً أن هذه هي عملية تحرير وليست عملية احتلال، وقد ذكر ذلك مرات عديدة، وكرر هذا المسؤولين الأميركان في كل إعلاناتهم الرسمية التي جاءت قبل الحرب، فالتوجُّه العام والذي تعاملنا على أساسه مع الأميركان هو أن الأميركان يقومون بالمساعدة على تحرير العراق من صدام، ولا تنس أن هناك قانون وهو قانون تحرير العراق الذي نظم هذه العلاقة بين الولايات المتحدة والشعب العراقي، وتعاملت القيادات العراقية مع التوجه الأميركي على أساس أن هذا هو تحرير، وفوجئنا بتبني الولايات المتحدة لقرار الأمم المتحدة 1483 الذي تحدث عن سلطة الاحتلال، وقد ذكرنا هذا إلى المسؤولين الأميركيين في العراق وذكرنا هذا إلى السفير (بريمر) في العراق وذكرنا هذا الأمر إلى المسؤولين الأميركان والقيادة.. القيادة السياسية العراقية بحثت هذا الأمر وكان لها موقف موحد في أن.. إننا يجب أن نصر على أن هذه عملية تحرير وليست عملية احتلال، فكان تفسير السفير (بريمر) قال إنه هذا الأمر لهو أقر قبل أن يأتي إلى وظيفته، ودافع الممثل البريطاني السفير (سوارز) عن فكرة الاحتلال قائلاً إن القوات الحليفة في العراق يجب أن يكون لها وجود قانوني حسب اتفاقية جنيف لسنة 1949، والطريق الوحيد الذي وجده المحامين هو أن يكون يعلنوا إن هذا هو احتلال، طبعاً لم نقبل بهذا التفسير، وقلنا إن المركز المعنوي لهذه القوات يتغير في العراق، ونحن نستغرب في أن تُحوِّل القوات الأميركية التي دخلت العراق وقبِلها الشعب العراقي على أساس هي قوة تحرير أن تغير نفسها إلى قوة احتلال، وكان هذا الأمر موضوع نقاش بيننا، وطلبنا منهم أن يصدر توضيح على أعلى المستويات حول هذا.. هذه القضية، ولكن هذا التوضيح لم يصدر.

حافظ الميرازي: إذن أستاذ أحمد طالما هذه قوة احتلال أو قالت عن نفسها قوة احتلال، لظرف أو لآخر ما اللوم إذن أو ما.. ما وصفك للمواطن العراقي الذي يتصدى لقوة الاحتلال هذه، أو يقتل جنود الاحتلال على أرضه؟ ألا يعتبر مقاوماً؟ أنت تعتبرهم إرهابيين، الإرهابيون الذين يتصيدون الأميركيين في دروعهم أو في مدرعاتهم، هل.. هل هذا مبرر إذن المقاومة العراقية أم تراها غير مبررة؟ أي قتل الأميركيين هناك؟

د. أحمد الجلبي: نحن ندين أي عمليات عنف ضد القوات الأميركية أو أي من قوات التحالف في العراق، على الرغم ما قاله الأميركيين من أن بحسب قرارات الأمم المتحدة فهاي قوة احتلال، نحن نعمل على أن ينهي.. ينهي التحالف وضعه في الاحتلال، وأن ينهي الأميركيين وضعهم في العراق، وتتغير طبيعة العلاقة بين القوات الأميركية والشعب العراقي وأي إدارة أو أي حكومة عراقية تأتي إلى سدة الحكم، نحن الآن نعتقد أن ما يجري في العراق هو فعلاً عمل إرهابي لأن الأميركان أرسلوا جيوشهم وساعدونا.. ساعدوا الشعب العراقي على التخلص من نظام صدام، إن وجود قوات أجنبية في العراق شيء مُرٌّ جداً على كل أبناء الشعب العراقي، وعلى القيادات السياسية العراقية، ولكن الذي جعلنا نقبل بالمُرِّ هو الأَمَرّ، الأَمَرّ كان استمرار صدام في الحكم واستمراره في قتل الشعب العراقي، وما المقابر الجماعية التي ظهرت في العراق وهذه الأرقام الهائلة من العراقيين الذين قتلوا، ما هذه إلا أكبر دليل على الجرائم التي اقترفها صدام بحق الشعب العراقي، إضافة إلى حالة الخراب التامة السائدة في العراق حتى في العاصمة بغداد حيث أن مدينة بغداد المدينة عاصمة الرشيد، عاصمة الدولة التي فيها أكبر احتياطي بترولي في العالم هي مدينة خربة، والذي يدخل إلى الكويت من العراق الآن وكأنه يدخل من العصور الوسطى إلى القرن الـ 21، بينما قبل 50 عاما الذي كان يدخل العراق من الكويت كان يترك القرون الوسطى إلى القرن العشرين.

رؤية الجلبي لإقصاء أعضاء حزب البعث من الحياة السياسية

حافظ الميرازي: يعني هذا بالطبع يأتي مُتَّسقاً مع مطلبك بأن يواصل الأميركيون المهمة أو يقومون بها خصوصاً بالتخلص تماماً من حزب البعث في العراق وإنهائه، هناك من يرى بأنه هذا خطأ أميركي، محاولة تقليد درس ألمانيا مع الحزب النازي لا ينطبق على العراق والدول الشمولية العربية أو الديكتاتورية، لأن الحزب الحاكم لدينا هو مجرد الوسيلة الوحيدة والرخصة لكل عالم، لكل ذي رأي، لكل شخص أن يجد وظيفة، وحين تعامل الناس كأنهم أصحاب عقائد أو أيديولوجيين من الخطأ، من يكون لديك إن كنت ستبدأ العجلة من جديد وتنحي جانباً كل أعضاء حزب البعث؟

د. أحمد الجلبي: حزب البعث كتنظيم تفكير سياسي بشكله الذي ساد في العراق، هو أساس المشكلة، وصدّام نتيجة لهذا الحزب.

حافظ الميرازي: هل تؤيد أيضاً حَل الجيش العراقي؟

د. أحمد الجلبي: فحزب البعث، حَلْ حزب البعث ومنع لا.. لا نتكلم الآن عن أيديولوجية، انظر إلى شعارات حزب البعث، وحدة، حرية، اشتراكية، أي وحدة؟ قسموا العراق، أي حرية؟ استعبدوا الشعب، أي اشتراكية؟ سلطوا صدام وأبناءه وعائلته وأصدقاءه على الاقتصاد العراقي، أسوأ أنواع الرأسمالية مورست في العراق، فليس هناك أيديولوجية، هناك مصالح، كل أعضاء الحزب الكبار لديهم سيارات جديدة، لديهم منازل، لديهم أولادهم عندما يدخلون الجامعة تضاف معدلات إضافية مثلاً شخص يدخل الجامعة ولديه معدل 120% لأنه ابن مسؤول وأضيف، هذه..

حافظ الميرازي: نعم،.. لكن هؤلاء هم القيادات يعني لو اتفقنا إنه القيادات 200، 400، 1000، نعم اعزلهم عن الحياة السياسية، لكن ماذا عن باقي قطاعات المجتمع؟ ما ذنب الذي كان عليه أن يملأ استمارة حتى يكون ناظر مدرسة أو مدير مصنع أو غيره؟

د. أحمد الجلبي: نحن قلنا يجب أن نتبع سياسة اجتثاث حزب البعث، هذا لا يعني ممارسة العنف أو الإهانة بحق أي فرد أو أي عائلة تخص هذا الفرد، تعريفاً لاجتثاث البعث والذي طلبنا من الأميركان أن يقروه هو أن يمتنع على من هو عضو فرقة أو عضو شعبة أو عضو فرع أو عضو مكتب أو عضو قيادة قطرية من أن يكون في وظيفة في القطاع العام في هذه المرحلة، نحن لا نحاسب البعثيين بشكل عام على وجودهم في الحزب، نحن لا نريد أن نمنع هؤلاء..

حافظ الميرازي: أن يكونوا في الحكم..

د. أحمد الجلبي: أن يمارسوا حياة طبيعية، لكن هؤلاء مثل ما ذكرت لك من عضو فرقة فما فوق هو يمتنع أن يكون له دور في الحياة.

حافظ الميرازي: العامة أو السياسية..

د. أحمد الجلبي: العامة، ولا.. نحن لا نريد أن نمارس الانتقام، ولكننا نريد أن نجتث هذه الأفكار، أفكار حزب البعث الشمولية من المجتمع العراقي، وليس لنا رغبة إطلاقاً في الانتقام وممارسة أي نوع من أنواع العنف أو الإهانة بحق أي شخص من هؤلاء، وقد أثبتنا ذلك بالممارسة الطبيعية عندما تم اعتقال من قِبَلنا محمد حمزة الزبيدي الذي هو ثبت أنه قام بارتكاب جرائم ضد أبناء الشعب العراقي على بأفلام مسجلة أذيعت في كل أنحاء العالم، لم يُمسّ، احتُرِم وسُلَّم إلى القوات الأميركية وعندما اتصلوا بنا بعض الأطراف الذين قالوا أن عوائل كبار البعثيين، كبار البعثيين، هم يتعرضون إلى محاولات أخذ منازلهم منهم، تصدينا لهذه المحاولات وأعيدوا إلى منازلهم، نحن لا نريد الانتقام.

رؤية الجلبي لقرار حل الجيش العراقي

حافظ الميرازي: حل الجيش العراقي.

د. أحمد الجلبي: الجيش.. الجيش العراقي بسبب سياسات صدام أصبح غير موجود، بعد أن دخل الأميركان إلى العراق ووصلوا إلى بغداد وسيطروا على كافة الأراضي العراقية، لم يبق وحدة تستطيع أن تسمي نفسها الجيش العراقي، ذهب الجنود والضباط إلى منازلهم، بسبب سياسات صدام شعر الجيش العراقي، كما كنا نقول قبل الحرب أنهم لا.. لن يدافعوا عن صدام ولم يدافعوا عن صدام، بل ذهبوا إلى منازلهم وتركوا ثكناتهم وتركوا أسلحتهم، هذه هي نتيجة ممارسات سياسات صدام، فعندما جاء الأميركان وأعلنوا هذا، هو ليس إلا تكريس..

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: تحصيل حاصل.

د. أحمد الجلبي: تحصيل حاصل، تكريس واقع حاصل.

حافظ الميرازي: لكن أنت هنا.. هم في مأزق، لو كانوا قد ذهبوا وحاربوا الأميركان، لقلنا هم أعداء ودافعوا عن صدام بشراسة، وها هم رفضوا أن يدافعوا عن صدام، لأنهم يعرفون المصلحة الوطنية العراقية أين تقع ولم يجدوا في ذلك مصلحة، ونحاسبهم لأنهم جلسوا في منازلهم، ما.. ما العمل يعني؟

د. أحمد الجلبي: نحن.. نحن دعينا أبناء الجيش العراقي إلى الذهاب إلى منازلهم وهم استجابوا، يجب ألا يعاقبوا.. هي القضية الآن ليست قضية مسلكية العراق ليس بحاجة إلى جيش من مئات الآلاف، هناك مشكلة..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: يعني كم في تقديرك يحتاج العراق؟

د. أحمد الجلبي: أنا.. يجب دراسة هذا الأمر بشكل.. أنا ضد التجنيد الإجباري أنا أعتقد أن الجيش العراقي يجب أن يكون جيش متطوع كافي بشكل جيد للدفاع عن العراق وليس للقيام بمغامرات عسكرية كما كان يريد صدام، المشكلة الآن هي مشكلة معاش.. حياة، مسألة لتوفير إمكانيات مادية للجيش.. أبناء الجيش العراقي وضباط الجيش العراقي ليستطيعوا..

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: إعادة تأهيلهم.

د. أحمد الجلبي: أن ينتقلوا من حياتهم كأعضاء في القوات المسلحة إلى أن يكونوا أعضاء منتجين في المجتمع، أنا أؤيد أن يكون هناك رواتب وتعويض للضباط والجيش العراقيين، حتى يتمكنوا من إعادة تأهيل أوضاعهم ليستطيعوا أن يعيشوا حياة كريمة الآن، وأعتقد إننا يجب أن نكبر لهم تركهم الدفاع عن صدام وحسن تقديرهم في أن ما قاموا به هو عمل وطني في أن يتركوا صدام وأن يقللوا من الدمار الذي سيأتي على العراق وأبناء الشعب العراقي، وهذا شيء يجب أن.. يستحقوا التقدير عليه.

حافظ الميرازي: أنت ترى في تصريحاتك وفي أيضاً حديثك في نيويورك قبل أن تأتي إلى واشنطن بأنه من الممكن أن تكون هناك قوة أميركية لحفظ الأمن والنظام في العراق، يكون بواقع واحد أميركي لكل عشرة عراقيين النسبة نتحدث عن عدد مهول جداً من القوات الأميركية، هل تعتقد أن هذا هو المطلوب في المرحلة الحالية؟

د. أحمد الجلبي: أنا لا أتحدث عن قوة أميركية أنا أتحدث..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: قوة أمن..

د. أحمد الجلبي: قوة أمن عراقية..

حافظ الميرازي: عراقية آه وليست أميركية آه..آه عراقية.

د. أحمد الجلبي: عراقية وليس أميركية ، هذه القوة..

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: من أين تحصل عليها؟ من خارج..؟

د. أحمد الجلبي: من المتطوعين.

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: من المتطوعين.

د. أحمد الجلبي: هناك كثير من.. من أبناء العراق الذين لهم خبرة في السلاح وهم يستطيعون أن يقوموا بهذه المهمة على أن يأتوا بتزكيات من كبار القوم في المناطق التي يقطنونها تؤكد أنهم ليسوا بعثيين وليسوا من العناصر التي لها سجل إجرامي، هذه القوة ممكن أن تجمع بسرعة من العراقيين وتسلم إلى أن تكون قوة.. قوة أمن عراقية بعيدة عن الذين ساهموا في تطويعهم، وأن يكون.. تكون في المرحلة الأولى يدربها الأميركيين ويسلحوها الأميركيين ويكونون مسؤولين عنها وتخضع إلى القيادة الأميركية في المرحلة الأولى وأن تكون مطعمة بعدد من الأميركيين بنسبة عشرة إلى واحد، أنا أعتقد أن هناك ضرورة لقوة أمن من 25 ألف واحد،.. العراقيين تتولى حفظ الأمن في المدن العراقية وفي المدن..

حافظ الميرازي: ماذا عن.. نعم.

د. أحمد الجلبي: وأن يكون معها الأميركيين وأن تكون مسلحة، لكن وجود الأميركيين معها ضروري، بهذه الأعداد واحد إلى عشرة، لأن هذا يعني أن هذه القوة تستطيع أن تتحرك بحرية بوجود القوات الأميركية بهذا العدد الكبير في العراق، وأن تنسحب..

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: كان فيه اقتراح..

أحمد الجلبي[مستأنفاً]: تنسحب القوات الأميركية من المدن والطرق العامة إلى مناطق محددة، وتتولى القوة العراقية حفظ الأمن في العراق، لأن.. لأن هذا العمل هو عمل شرطة وعمل الشرطة ليس هو عمل..

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: جيش.

د.أحمد الجلبي]مستأنفاً]: أسلحة ثقيلة..

حافظ الميرازي: .. لكن لا تمانع في مثلاً معاهدات أو وجود عسكري أميركي في العراق على المدى الطويل بناء على معاهدات أو اتفاقات؟

د. أحمد الجلبي: أنا أعتقد أن العراق الآن لفترة قادمة بحاجة إلى علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، وأريد أن تكون هذه العلاقة منظمة بشكل قانوني ومنطقي على أساس معاهدات، نحن بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة في الدفاع عن العراق، نحن بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة في التعامل مع المشاكل الاقتصادية الهائلة التي لا يتحدث عنها الناس الآن، وهي مشاكل كبير جداً، نحن بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة للتعامل معها، لأن هناك التزامات كبيرة ركبها صدام على العراق يجب حلها، إضافة إلى أن هناك مصلحة كبيرة للعراق في أن يكون على علاقة وثيقة في الولايات المتحدة لإعادة بناء العراق، فأنا..


إسقاط تعويضات الحرب عن العراق

حافظ الميرازي[مقاطعاً]: من هذه المسؤوليات هل ترى بضرورة إسقاط تعويضات الحرب والأضرار الحرب والديون التي وُضعت على العراق من 91 سواء لصالح الكويتيين أو لصالح دول عربية أخرى أم ترى أنه هذه الالتزامات على العراق أن يحملها للنهاية؟

د. أحمد الجلبي: أنا أعتقد أن ما ركبه صدام على العراق شيء مُنكر، والشعب العراقي يدفع ثمن ما قام به صدام، لكن هناك حقيقة واقعة في علاقات الدول والتزاماتها المالية، هناك في القانون الدولي استمرارية، العراق لا يستطيع ولن يحصل على أي مكسب إذا أعلن من جانب واحد أنه يتخلى عن التزاماته، لكن أنا أقول: على العالم وعلى أمريكا، على الدول العربية وعلى كل من ساهم في تأييد صدام أن يحضر في مؤتمر عام مع العراق للبحث بأساليب تخفيف الثقل عن كاهل الشعب العراقي والتعامل مع الديون والالتزامات التي ركبها صدام بشكل منطقي وأخلاقي، بالنسبة للشعب العراقي.

حافظ الميرازي: ما هي الدول العربية التي ترى أنها ممكن أن تتعاون في هذه المرحلة أو متعاونة الآن وتلك التي ترى أنها تسلك مسلكاً لا يساعد العراق على المدى الطويل؟

د. أحمد الجلبي: الدول العربية الآن موقفها صامت مما يجري، أنا مثلاً كنت أتوقع من الدول العربية أن ترفع أصواتها وتقول إن.. للأميركيين لماذا أعلنتم الاحتلال؟

أنا استغربت مثلاً من مواقف الدول العربية عندما لم يؤيدوا رسالتنا في القول أن الأميركان قالوا تحرير، وهم الآن يقولون احتلال، لم يطلع أو لم يظهر صوت واحد من الدول العربية حتى سوريا التي هي عضو مجلس الأمن غابت عن الجلسة وبعد ذلك أيدت القرار، هذا الأمر، نطلب من الدول العربية أن يتفهموا أن الشعب العراقي وقياداته السياسية هي قيادات وطنية لا تتأثر بما يريده الأميركان بالكامل هي تريد أن تتعاون مع الولايات المتحدة على أساس كبير من.. حيز الاحترام المتبادل والحفاظ على استقلالية العراق واستقلالية قرارها السياسي، ونحن نتوقع من الدول التي كانت ترفض الحرب وتحاول الدفاع عن صدام في أنها أن تسكت الآن، عندما يتكلم.. تتكلم القيادة السياسية العراقية ويتكلم الشعب العراقي في أن هذا الأمر كان تحرير وأصبح احتلال ليؤيدوا هذا الشيء، وليقولوا للأميركان بشكل معلن وفي اتصالاتهم السياسية أنهم يريدون أن يكون للعراقيين المجال للتعبير عن إرادتهم السياسية فوراً وأن يعيدوا هذا الأمر إلى قضية تحرير، الدول العربية أعتقد في القضايا الاقتصادية التي ممكن أن تتعاون معنا، هي الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وعمان، وكذلك هناك التزامات كبيرة لمصر على العراق، الأردن يستطيع أن يتعاون معه العراق في الحصول على تحقيق أين وجدت أموال صدام التي جناها من محاولاته للتلاعب بقرار النفط مقابل الغذاء للأمم المتحدة، والتي دخلت في حسابات في البنوك الأردنية، وكذلك هناك طلب من لبنان يتعاون مع العراق في تحقيق وحصر الموجودات العراقية الأصول في لبنان في هذا الأمر، وكذلك سوريا هناك التزامات كبيرة، وهناك أرصدة عراقية في سوريا نريد أن يتعاونوا معنا، كلهم لنستطيع مرة أخرى أن نعيد العلاقات الطبيعية بين الشعب العراقي والشعوب العربية الأخرى في هذه المنطقة.

حقيقة طبيعة العلاقة المتوترة بين الجلبي والأردن

حافظ الميرازي: الأردن بالتحديد أعتقد علاقتك متوترة معهم حتى بعد أن انتهت الحرب كان هناك تلاسن من.. من.. من الطرفين، وكان هناك ربما حتى تهديدات منك لما ستكون عليه العلاقة مع الأردن، هناك وصف من جانب الزعامة الأردنية لكم بشخصية ليست ذات ثقة أو لا.. لا تحوذ ثقة وغيرها، أولاً: هل أنت مازلت تتطلع إلى دور سياسي، وكيف ترى العلاقة مع الأردن، لأنها بالتأكيد هي ليست أحمد جلبي وعمان، ولكن بغداد وعمان؟

د. أحمد الجلبي: أنا أُكن الحب والاحترام للشعب الأردني، قد عشت في الأردن فترة 12 سنة، ولي أصدقاء وأعداد كبيرة من الأصدقاء في الأردن.

إن ما جرى في الأردن ضدي هو أنا أعتبره عمل عدواني منكر حاول أن ينال مني ومن عائلتي ومن سمعتنا قد تسبب لنا في خسائر كبيرة، الأردنيين لهم موقف آخر.

حافظ الميرازي: هذا قبل.. تتحدث قبل الحرب يعني.

د. أحمد الجلبي: نعم.. نعم.

حافظ الميرازي: يعني يمكن لمشاهدينا الذين يعرفون الخلفية اتهامك باختلاس أموال ووضعك على قائمة، نعم.

د. أحمد الجلبي:لأ.. لأ.. نعم، هذا.. هذا.. هذا الأمر، أنا بالنسبة لهذا الموقف، وهو موقفي ثابت، وقد قابلت المغفور له الملك حسين أربع مرات بعد أن خرجت من الأردن، رأيت الملك حسين في الخارج أكثر مما رأيته في الأردن، وفي أخر مرة قابلته في واشنطن في شهر آذار 1998 ذكر لي أنه يجب ن تُحل هذه المشكلة اللي يعتبر.. التي يعتبرها مشكلة صغيرة لنستطيع أن نتعاون في القضايا الكبيرة التي تخص العراق ومستقبل الشعب العراقي، حصل هناك تلاسن أنا لم أبدأه في الفترة الأخيرة بدأه أحد المسؤولين الأردنيين، وكان تصرف أنا أعتبره شائن، ورديت على هذا الأمر، وأنا أعتقد أن هناك مصالح خاصة في.. تتعلق بهذه القضية، الآن آخر حصلت اتصالات عن طريق وسطاء، وآخر تصريح أردني لرئيس وزراء الأردن كان تصريح عقلاني وتصريح يبشر بالخير، وأعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح في هذا الوقت، وأتمنى أن يستمر هذا الاتجاه لإنهاء هذه القضية، العلاقة بين العراق والأردن علاقة مهمة، والعراق دولة مهمة جداً بالنسبة للاقتصاد الأردني، أكثر بكثير من كون الأردن مهم بالنسبة للاقتصاد العراقي، وأنا أنصح المسؤولين الأردنيين أن يتخلوا عن اتصالاتهم السابقة بالوجوه الاقتصادية التي كانوا يرونها أيام البعث، وأن يتجهوا نحو القوى الاقتصادية الحقيقية التي تظهر في العراق، والتي لا علاقة.. علاقة لها بالبعث للتعامل معها ليتمكنوا من إعادة دولاب الحركة التجارية بين العراق والأردن، وأعتقد أن اتصالهم بمن هم من مخلفات البعث، والذين لهم علاقات أو شراكات مع عدي أو قصي أو عائلة صدام أو كبار البعثيين لن تأتي عليهم بالخير، بل ستجرهم عندما يجري تحقيق في الأموال التي جناها هؤلاء فترة وجود صدام في الحكم.

حافظ الميرازي: هل.. هل هذا تهديد، بمعنى إن البعض يقول: إنه أحمد جلبي يجلس على خزينة ملف المخابرات العراقية السابق، ولا ندري مدى مصداقية بعضها وبعض الوثائق، وأي زعامة عربية أو عاصمة عربية أو محطة إخبارية حتى كـ (الجزيرة) تضايقه سيفتح الملفات ويبتزها بهذه الطريقة، ماذا تقول لهم؟

د. أحمد الجلبي: أقول..

حافظ الميرازي: والبعض لمح كأنك تقول هذا للأردن أن الملفات ستُفتح.

د. أحمد الجلبي: أنا لا أريد أن أفتح ملفات، ولا أريد أن أنبش الماضي، نحن نتطلع إلى المستقبل، نحن نتطلع إلى قضية أساسية هي مصلحة الشعب العراقي وإعادة تأهيل العراق، وإعادة بناء العراق، والاهتمام بشباب العراق الذين هم الأكثرية الساحقة من السكان، يجب أن نهتم بمستقبلهم، ويجب أن نهتم بكل هذه القضايا ولذلك من أهم الأمور التي تشغلنا هو كيفية التعامل على أسس صحيحة مع الدول العربية، نحن لا نستعمل أوراق مخابرات لأسباب خاصة، ولا نستعمل ملفات مخابرات لتصفية حسابات مع الناس، ولكن نحن نتصدى لمن يعتدي علينا، نحن لا نريد أن نكون مجال للاعتداء دون الرد، ولكن من يريد أن.. يبني علاقات جديدة على أساس مصلحة الشعب العراقي، فنحن نتعامل معه بكل إيجابية، وبالنسبة لقناة (الجزيرة) حصلت هناك اتجاهات وتجاوزات وصل بعضها إلى التجني الشخصي والعائلي، وعندما نرى وجود هذه المعلومات في ملفات حول قناة (الجزيرة)، وعندما تقوم.. قامت بهذا الشيء قناة (الجزيرة)، فنحن أنا رديت على هذا الموضوع، ولا أريد أن.. أن.. أن نستمر في هذه.. في هذا الحالة من الصدام، ووجودي معك اليوم هو دليل على أنني أريد أن أتخطى هذا، وأن نطلب من قناة (الجزيرة) أن تقوم بتغطية الأمور في العراق بشكل موضوعي، وتغطية الأخبار في العراق بشكل موضوعي.

أريد أن أقول أن هناك في الإعلام العربي تمسك وفكرة عن العراق هي بعيدة عن الواقع الآن، كان الإعلام العربي كان معبأ ضد الحرب، ومعبأ ضد ما.. كان ما يُسمى بالاعتداء على العراق، وكان يتجاهل المصائب التي كانت تجري في العراق الآن الوضع تغيَّر، نحن نطلب من الإعلام العربي أن يتعامل مع الواقع العراقي، وعلى ألا يركز على الأمور السلبية في العراق، وأن.. على أن يرى الوضع السياسي بالعراق ونسبة القوى السياسية والتركيبة السكانية، ويعكسها للعالم، ليس هناك شيء في العراق يخيف الدول العربية، الشعب العراقي يريد أن يقيم علاقات طيبة مع الدول العربية، ولكن في العراق شعب واعِ، أكثريتهم الساحقة من العرب، منهم الشيعة الذين هم الأكثرية، ومنهم السنة، وهناك كرد ولهم دور كبير ودور سياسي، وهناك تركمان وآشوريين، العراق دولة هي بقايا بقية الحضارات العالمية، التاريخية، العرب كان آخر من جاء إلى العراق، لكن هناك حضارات قبل العرب في العراق جُمعت بالوضع الإسلامي، ولكن هناك خصوصية للأقوام الأخرى، ونحن نريد من الإعلام العربي أن يحترم هذه الحقيقة وأن يتعامل بنفس جديد مع الواقع السياسي في العراق.

حافظ الميرازي: نعم، إذا كان الإعلام العربي ولعل هذا سؤالي الأخير أنا كنت سألتك أنا عن سؤال كيف ترى مستقبلك السياسي خصوصاً حين تتحدث عن نحن.. نحن، هل أحمد جلبي سيبقى صانع الملوك فقط، ولا يتقدم ليقدم نفسه لمنصب سياسي؟ وسؤالي الآخر هو: هل هناك جدول زمني تعطيه للأميركيين وتقول: سنحاول الحل السلمي، سنحاول التعامل معاً كقوة احتلال أو سموها ما شئتم حتى هذه الفترة، بعدها سيكون لكل حدث حديث؟

د. أحمد الجلبي: وجودي في السلطة أو عدمه هو شيء ثانوي، أما فيما يتعلق بالنسبة للأميركان أنا أعتقد أن الرئيس بوش صادق في كلامه، قال: إن الولايات المتحدة ستخرج من العراق، ولن تبقى في العراق كدولة احتلال، نحن نتعامل مع الأميركان على أساس الثقة المتبادلة، لقد قامت أميركا بشيء كبير إيجابي بالنسبة للعراق وهو تحرير الشعب العراقي وتمكينه من الخلاص من سلطة صدام، لقد ساهمت أميركا في هذا الأمر، لكن أميركا لن تحرر العراق، الشعب العراقي هو الذي سيحرر العراق، وأميركا هي متأخرة على هذا الشيء، الشعب العراقي قام بمقاومة صدام لفترة ثلاثة عقود من الزمن، ورفض الشعب العراقي في العراق لصدام هو الذي مكننا من العمل في الخارج على أن نقنع العالم بنزع الشرعية عن صدام، وندعو الأميركان إلى مساعدتنا على التحرير، الشعب العرقي في العراق هو القلب النابض، وكانت المعارضة في الخارج هي النبض، بدون القلب ليس هناك نبض، وأنا أعتقد أن الحكومة المؤقتة في العراق والمجلس الوطني المؤقت في العراق الذي سيأتي يجب أن تكون فيه الأكثرية الساحقة من العراقيين الذين بقيوا في العراق، وعانوا مما عانوا من نظام صدام.

حافظ الميرازي: شكراً جزيلاً لك الأستاذ أحمد جلبي (مؤسس وأحد القيادات الرئيسية للمؤتمر الوطني العراقي) في مقابلة معه في استوديوهات (الجزيرة) في واشنطن خلال زيارة له إلى العاصمة الأميركية.

أشكركم وإلى اللقاء، مع تحياتي حافظ الميرازي.