لقاء اليوم

خافيير سولانا .. النزاع العربي الإسرائيلي

خافيير سولانا يتناول إمكانية تنفيذ إسرائيل لما جاء في تقرير ميتشيل، أم يرمي شارون بتوصياتها وراء ظهره؟ وهل يتبنى الاتحاد الأوروبي فكرة إرسال مراقبين دوليين للمنطقة؟ وهل يستطيع تقديم أمل للفلسطينيين بالتحرير؟
مقدم الحلقة أحمد كامل
ضيف الحلقة خافيير سولانا: منسق الشؤون الخارجية والدفاعية للإتحاد الأوروبي
تاريخ الحلقة 13/06/2001

– دور الاتحاد الأوروبي في تقرير لجنة ميتشل
– تعارض سياسة الاستيطان مع تنفيذ توصيات لجنة ميتشل
– دور الاتحاد الأوروبي في إرسال مراقبين دوليين إلى الأراضي الفلسطينية
– أهمية تحقيق السلام ودور الاتحاد الأوروبي النشط في الشرق الأوسط
– دور الاتحاد الأوروبي على الصعيد البلقاني
– حقيقة علاقة الاتحاد الأوروبي بحلف الناتو

undefined
undefined

أحمد كامل: أهلاً بكم، في لقاء اليوم نستضيف السيد خافيير سولانا (الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي)، الدبلوماسي الأسباني، والأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي. السيد سولانا مرحباً.

خافيير سولانا: Bonjoure.

أحمد كامل: في البداية وكما أردتم أترك لكم المجال في التعليق على فقد السيد فيصل الحسيني.

خافيير سولانا: لقد كنت حزيناً جداً عندما تلقيت نبأ وفاة فيصل الحسيني، لقد كان صديقاً قريباً جداً عرفته منذ انعقاد مؤتمر مدريد قبل نحو عشر سنوات واستمرت لقاءاتنا دون انقطاع منذ ذلك الحين، خاصة أثناء زياراتي لبيت الشرق في القدس، أعتقد أنني بنيت معه صداقة ممتازة وعميقة جداً، لقد أحببت هذا الرجل، لقد كان رجل سلام، رجل ذو إحساس مرهف يحب شعبه، الخسارة بوفاته هائلة، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، وإنما لكل العالم العربي ولكل أصدقائه، وهم كثر في كل العالم.

دور الاتحاد الأوروبي في تقرير لجنة ميتشل

أحمد كامل: اسمحوا لي أن أنتقل إلى موضوع تقرير لجنة ميتشل، أنتم واحد من أعضاء هذه اللجنة، هل أنتم راضون عن الصياغة التي خرجت بها توصيات هذه اللجنة؟

خافيير سولانا: نعم، أعتقد أننا قمنا بعمل جيد، طبعاً ضمن الحدود المتاحة، لقد اخترنا التوجه نحو المستقبل، وهذا أفضل من الاستمرار في الخوض في الماضي، لقد كان هذا اختياراً موفقاً –على ما أعتقد- يجب عدم التوقف عند الماضي بآلامه وأحزانه والالتفات إلى المستقبل، لنرى كيف يمكن الخروج من الوضع المأساوي الذي كانت تعيشه المنطقة ولازالت، أعتقد أننا قدمنا مساهمة إيجابية مخلصة ومتوازنة يمكنها أن تساعد على إيجاد مخرج من المأزق، لكنني أعرف تماماً أن الوضع صعب، ولا أرى كبير جدوى في توصيف نتائج عمل اللجنة، هل هي آراء أم توصيات، المهم أن يُنجز العمل الأصعب، وهو تنفيذ ما جاء فيها وأحب أن أنوه هنا إلى أن توصيات اللجنة قريبة جداً من حيث المضمون والأفكار الرئيسية من وثيقة أعتبرها هامة جداً، قدمها أصدقاؤنا الأردنيون وأصدقاؤنا المصريون، أعتقد أن تقرير لجنة ميتشل، والمبادرة الأردنية المصرية يمكنهما معاً إيجاد مخرج من الأزمة.

إعلان

أحمد كامل: عندما صغتم التقرير في اللجنة، هل كنتم تنوون تقديم مشروع سياسي متكامل أم مجرد بيان يحدد من هو المسؤول عن تفجر الوضع، أو يصف مجرد وصفٍ الحالة التي وصلت إليها الأمور؟

خافيير سولانا: كما تعرفون فإن أعضاء اللجنة عملوا وفق قناعتهم الشخصية، وليس كرجال سياسة يقومون بوظيفتهم، في الواقع أعضاء اللجنة جميعاً عدا وزير الخارجية النرويجي وأنهم سياسيون سابقون لا يمارسون مهام سياسية حالياً لقد كان همهم الوحيد إيجاد حل للوضع وبالنسبة لي كسياسي في موقع المسؤولية اهتمامي الرئيسي لم يقتصر على تحليل الوضع نظرياً، وإنما تركز على محاولة طرح حلول للمشكلة. هذه هي مهمة رجل السياسة، إنني معني ومُنهك بالوضع في الشرق الأوسط منذ سنوات طويلة، وبالتالي إن تقديم مساهمة في حل المشكلة، مهما كانت صغيرة تعتبر سعادة كبيرة وشرفاً بالنسبة لي.

تعارض سياسة الاستيطان مع تنفيذ توصيات لجنة ميتشل

أحمد كامل: كيف يمكن –برأيكم- تنفيذ توصيات لجنة ميتشل؟

خافيير سولانا: أعتقد أن التوصيات واضحة ولتنفيذها يجب القيام بأربع خطوات مترابطة، أولها –دون شك- وقف العنف، فبدون وقف العنف من الصعب البدء بتنفيذ الخطوات الأخرى، ثانياً: أعتقد أننا بحاجة لبعض الوقت لتهدئة الخواطر واستعادة الهدوء، ثالثاً –وبسرعة- يجب اتخاذ إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين وعلى رأس هذه الإجراءات تأتي مسألة وقف الاستيطان، الخطوة الرابعة والأخيرة تتمثل في استئناف المفاوضات، إنني أرى هنا أن المفاوضات يمكن أن تشمل مسارين الأول: للتأكيد على احترام كل الاتفاقات الموقعة سابقاً من أوسلو، وضمان تنفيذها، والتقيد الصارم بها. وفي الوقت نفسه، وبموازاة هذا المسار يجب أن تبدأ مفاوضات الوضع النهائي، أعتقد أن خطوات كهذه يمكنها معاً أن تجد حلاً للأزمة.

أحمد كامل: هل من الممكن أن يأخذ أحد الأطراف جزءاً من التقرير ويترك جزءاً آخر منه؟

خافيير سولانا: بالنسبة لي كعضو في لجنة ميتشل أعتقد أن التوصيات مترابطة ومتكاملة ومتوازنة، ولذلك يجب أن تطبق بمجملها ومعاً، يجب أن تُطبق بنية تنفيذ كل ما فيها حتى وإن كانت تشمل إجراءات متلاحقة أي بعضها يُنفذ قبل البعض الآخر.

أحمد كامل: أعني بوضوح، هل يمكن تنفيذ توصيات اللجنة على طريقة شارون، أي قبول كل شيء إلا وقف الاستيطان؟

خافيير سولانا: لا، أعتقد أن هذا غير ممكن، العنصر الرئيسي في التوصيات هو اعتبار الاستيطان سبباً أساسياً في التوتر، وعائقاً كبيراً في وجه السلام. الاستيطان يتناقض مع المنطلق الرئيسي لعملية السلام، وهو مبدأ الأرض مقابل السلام، من الصعب التصور إمكانية الحصول على نصف سلام مقابل نصف الأرض، لذلك نرى أن استرداد الأرض ضرورة للوصول إلى السلام، مستقبل المستوطنات القائمة يُبحث في مفاوضات الحل النهائي، لذلك يجب حالياً وقف الاستيطان بكل أشكاله، ومنها ما يُسمى النمو الطبيعي للمستوطنات، وذلك طوال فترة المفاوضات حول الوضع النهائي، صحيح أن اتفاقات أوسلو تتحدث عن خضوع مصير المستوطنات لمفاوضات الحل النهائي، وأرى أنه لا يجب أن يُبحث الموضوع الآن. بل أن يتم و قف أو تجميد المستوطنات وترك مصيرها حتى النهاية، الشيء الملح الآن هو بناء الثقة، الأمر الذي يحتاج إلى وقف بناء المستوطنات، ووقف البناء في المستوطنات.

إعلان

أحمد كامل: أشار التقرير بوضوح إلى أن استمرار الاستيطان هو السبب الأهم للتوتر في المنطقة، ولكن ألا تعتقدون أن المشكلة الحقيقية قبل الاستيطان هي الاحتلال ذاته. هل تعتقدون أن تقرير لجنتكم يحمل إشارة كافية لوجوب إنهاء الاحتلال؟

خافيير سولانا: هدف السلام هو استعادة الأرض، مبادلة السلام بالأرض إذن هدف عملية السلام هو إنهاء الاحتلال، وهو استرداد الأراضي المحتلة، ومقابل ذلك توقيع اتفاق سلام نهائي، اتفاق للسلام الدائم، هذه هي الفلسفة التي شكلت القاعدة الأولى لمؤتمر مدريد ولاتفاقات أوسلو فيما بعد.

دور الاتحاد الأوروبي في إرسال مراقبين دوليين إلى الأراضي الفلسطينية

أحمد كامل: عبرت حكومات الدانمارك وبلجيكا ورئيسة البرلمان الأوروبي عن موافقتها على إرسال مراقبين دوليين إلى الأراضي الفلسطينية هل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتبنى هذه الفكرة؟ وهل هي مفيدة؟

خافيير سولانا: الاتحاد الأوروبي يرى أنه من المفيد إرسال مراقبين دوليين، إنما بعد اتفاق الطرفين على ذلك، التجربة تظهر لنا أنه دون رضا الطرفين فإن دور المراقبين يكون محدوداً للغاية، الأمثلة على ذلك كثيرة ونراها بوضوح في بعثات مراقبي الأمم المتحدة، الأمين العام للأمم المتحدة يشاطرنا الرأي، وبالتالي إذا ما توصل الطرفان إلى اتفاق، فإن دول الاتحاد الأوروبي جاهزة لإرسال مراقبين.

أحمد كامل: هل تعتقدون أن لدى السلطة الفلسطينية الرغبة في وقف ما تصفونه بالعنف؟

خافيير سولانا: آمل ذلك، وأؤكد أنه من واجبها، لأنه إذا لم يتوقف العنف، فمن الصعب جداً الحديث عن إجراءات ثقة أول إجراءات بناء ثقة وأكثرها أهمية هي وقف العنف، من الصعب جداً تصور إمكان بناء ثقة إذا ما استمر العنف على الأرض أعتقد أن أول وأهم إجراء ثقة هو بذل كل جهد لوقف العنف، وبأسرع ما يمكن.

أحمد كامل: هل تعتقدون أن لدى السلطة الفلسطينية القدرة على وقف العنف بعد أن قصف الإسرائيليون السجون ومواقع الشرطة وقطعوا عن السلطة كل مصادرها المالية؟

خافيير سولانا: عندما نتحدث عن وقف العنف فالمقصود وهو وقفه من الجانبين، وأنا متأكد أن الرئيس عرفات لديه الشجاعة والقدرة والزعامة اللازمة لوقف العنف أو المساعدة على وقفه بتأكيد طلبه، لكنني أكرر أن وقف العنف يجب أن يتم من الطرفين لا يمكن أن يُطلب من طرف دون الآخر ووقف العنف يجب أن يتبعه –ومن الطرفين أيضاً- اتخاذ إجراءات لإعادة الثقة الأمر الذي يحتاج إلى بعض الوقت لأن الجروح عميقة، لكن يجب البدء بمداواة هذه الجروح.

أحمد كامل: هل تعتقدون أن الشعب الفلسطيني يمكن أن يثق بحكومة شارون الذي سبق وإن أدانه البرلمان الإسرائيلي بمسؤولية ارتكاب مجزرة ذهب ضحيتها آلاف النساء والأطفال الفلسطينيين؟

خافيير سولانا: أعتقد أنه يجب أن يدرك أن الحكومة الرئيسية مُنتخبة وهي بالتالي المحاور الوحيد الممكن في إسرائيل، لقد اختارها الشعب الإسرائيلي لتمثله، ولا خيار أمامنا وأمامكم سوى الحديث معه. إنني أعتقد أنه من الممكن العمل وبذل كل الجهد لدفع الأمور نحو الأفضل، أعرف تماماً أن هذا صعب لكن لا يمكن رفض الحديث مع شخص منتخب بسبب ماضيه، يجب التوجه نحو الحاضر ونحو المستقبل، وليس نحو الماضي.

أهمية تحقيق السلام ودور الاتحاد الأوروبي النشط في الشرق الأوسط

أحمد كامل: يُقال كثير بأن الاتحاد الأوروبي له مواقف في الشرق الأوسط، ولكن ليس له دور هل توافقون على ذلك؟

خافيير سولانا: أعتقد أن لنا مواقف ولنا دور، موقفنا في الشرق الأوسط واضح، ولقد تمسكنا به بقوة لسنين طويلة، أقدم مثالاً بليغاً على ذلك هو دعمنا للفلسطينيين ولمؤسسات السلطة الفلسطينية، لقد قمنا بجهود كبيرة وعملية على الصعيد الاقتصادي، ونحن نبذل الآن جهوداً كبيرة للخروج من الأزمة الخطيرة التي يشهدها الوقع.

إعلان

أحمد كامل: هل تحقيق السلام في الشرق الأوسط أمر هام بالنسبة لأوروبا؟

خافيير سولانا: السلام في الشرق الأوسط مهم بالدرجة الأولى، للشرق الأوسط نفسه، نحن نكن الحب لشعوب هذه المنطقة، ونتألم لألمها، إلى جانب ذلك لا يمكن لأحد إغفال البعد الاستراتيجي، لا يمكن أن ننسى أننا جزء من حوض المتوسط، وأننا قريبون ثقافياً من شعوب المنطقة، لأوروبا علاقات وثيقة بالمنطقة، لا يمكن تجاهلها وعلينا واجب أخلاقي وإنساني ولدينا دوافع سياسية واستراتيجية للاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط وللسعي لإحلال الاستقرار فيها.

أحمد كامل: جميع المعلومات تؤكد أن صادرات المستوطنات اليهودية تجد -ومنذ سنوات- طريقها نحو الأسواق الأوروبية، دون أن يتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءً لوقفها؟

خافيير سولانا: ماذا يعني إجراءات لوقف الصادرات هل يعني ذلك وقفها مادياً هنا والآن؟

أحمد كامل: أقصد إجراءات تجارية للحيلولة دون انتهاك إسرائيل لاتفاق الشراكة معها؟

خافيير سولانا: هذه نعم، نحن في صدد اتخاذ إجراءات تجارية، لكن الإجراءات التجارية لا يمكنها وقف الاستيطان، إنها وسيلة ضغط لكنها لا تصنع المعجزات.

أحمد كامل: مقارنة بالدور الأميركي يُقال بأن أوروبا تلعب دوراً أنشط الآن، لأن الإدارة الأميركية الجديدة إدارة الرئيس (بوش) لا تزال في بداية عملها وهي مشغولة بأشياء أخرى غير الشرق الأوسط هل سيتواصل الدور الأوروبي بنفس الزخم فيما بعد؟

خافيير سولانا: لا أرى وجهاً لطرح هذا التساؤل فأوروبا انخرطت في جهود التسوية منذ البداية، وأذكركم بأن التسوية انطلقت في مدينة أوروبية هي مدريد وعاصمة أوروبا، نحن حاضرون بكل قوة وبشكل منهجي منذ البداية في عملية التسوية، طبعاً لا يمكن إنكار أهمية الدور الأميركي ولا الحاجة الماسة لاستمرار الدور الأميركي نظراً للنفوذ القوي للأميركيين لدى الإسرائيليين، ثم إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يطالبان بإلحاح أن يلعب الأميركيون دوراً مهماً في المنطقة، لكن كلا الطرفين يطالبان أيضاً أن تستمر أوروبا في لعب دورها.

أحمد كامل: هل يوجد تنافس بين الدورين؟

خافيير سولانا: نعم هناك تنافس لكن لا يوجد تناقض، أعتقد أننا نحتاج الآن لكل الجهود، ولأن تكون هذه الجهود متناسقة وأن تنصب على إنهاء العنف ثم تنفيذ ما جاء في تقرير ميتشل والمبادرة الأردنية المصرية.

دور الاتحاد الأوروبي على الصعيد البلقاني

أحمد كامل: لما تحول إلى البلقان وإلى كوسوفو تحديداً؟ لقد كنتم الأمين العام لحلف الناتو خلال حرب كوسوفو التي أدت لإخراج القوات الصربية من الإقليم، الآن هل ستبقى قوات الناتو هناك إلى الأبد، أم هل سيعود الإقليم للخضوع للسيادة الصربية يوماً ما؟ كيف ترون مستقبل كوسوفو؟

خافيير سولانا: بشأن كوسوفو أرغب بالإشارة إلى مسألتين: في الجانب السياسي يجب تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي حول كوسوفو، هذا القرار ينص على الدعوة لانتخابات ستجري على الأرجح في تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام، وستسمح ببناء أو البدء ببناء مؤسسات محلية سياسية كوسوفية، أما في الجانب الأمني فأعتقد أن القوات الدولية الموجودة في الإقليم حالياً يجب أن تبقى فيه طالما كان ذلك ضرورياً، ومن الواضح أنه يوجد ضرورة لبقائها، أعتقد أنه من الضروري استمرار وجود قوات كل الدول المشاركة في القوة الدولية في كوسوفو.

أحمد كامل: هل تغير موقفكم تجاه مسألة انفصال الجبل الأسود؟

خافيير سولانا: أعتقد أن الانتخابات الأخيرة حسمت تقريباً الوضع في الجبل الأسود لأنها أظهرت أنه لا يوجد أغلبية واضحة تؤيد الاستقلال، وأن المجتمع منقسم إلى قسمين متساويين تقريباً، الحل على الأرجح سيكون في إطلاق الحوار السياسي بين صربيا والجبل الأسود للتوصل إلى صيغة للتعايش بين البلدين في إطار نظام يحقق أقصى درجات الإدارة الذاتية لكل منهما، إنما دون استقلال تام أعتقد أن هذا سيكون هذا هو الحل الأكثر فاعلية.

أحمد كامل: هل تفكرون بحل شامل ومشترك لمسألتي كوسوفو والجبل الأسود من مثل إقامتكم فيدرالية تضم صربيا والجبل الأسود وكوسوفو؟

خافيير سولانا: يوجد العديد من الإمكانيات لكن برأيي لا يزال الوقت مبكراً للحديث عن حل نهائي في كوسوفو فقرار مجلس الأمن الدولي بشأن الكوسوفو لم ينفذ كلياً بعد، وبالتالي مازلنا في مراحل ما قبل الوضع النهائي المرحلة المهمة هي الانتخابات وبعدها نصبح أقرب إلى تصور حل نهائي يجب الإعداد للانتخابات الآن وبناء المؤسسات المحلية، علينا أن ننتظر ونراقب.

إعلان

أحمد كامل: هناك في إقليم كوسوفو وفي جمهورية الجبل الأسود إحساس لدى الشعبين بعد سقوط ميلوسوفيتش بأن الغرب تخلى عنهما ولم يعد بحاجة لهما.

خافيير سولانا: هذا تبسيط شديد للأمور، الالتزام السياسي للاتحاد الأوروبي في البلقان كبير جداً، أما الالتزام الاقتصادي فهو الأكبر ولا مثيل له في منطقة أخرى، هذا الاهتمام بالبلقان سيستمر، لأن المنطقة قريبة جداً إلينا جغرافياً وتاريخياً، ونحن نريد بذل كل جهد ممكن من استقرار البلقان، وسنستمر في العمل بجد مع شعوب المنطقة بأسرها.

أحمد كامل: مع ذلك سقوط ميلوسوفيتش غير بعض الأمور!!

خافيير سولانا: بدون شك غير الكثير من الأمور، الأمر الأول والأساسي: هو أن كل دول المنطقة باتت محكومة اليوم من قبل أشخاص منتخبين ديمقراطياً وأن آخر ديكتاتور قد سقط بعد أن دام حكمه طويلاً وسبب للمنطقة الكثير من المشكلات وللأسف.

حقيقة علاقة الاتحاد الأوروبي بحلف الناتو

أحمد كامل: كيف ستكون علاقة حلف الناتو بالاتحاد الأوروبي بعد أن يكمل الاتحاد مشروعه لبناء دفاع خاص به؟

خافيير سولانا: الاتحاد الأوروبي لديه مشروع لتشكيل قوة أوروبية وليس لقيام نظام دفاعي جماعي أوروبي، الدفاع الجماعي عن أوروبا سيبقى من مهام حلف الناتو، مشروع الاتحاد الأوروبي يهدف لأن يصبح للاتحاد قوات قادرة على التدخل لإدارة الأزمات، والتدخل لغايات إنسانية، وفي حالات الكوارث الطبيعية أو في مهمات حفظ السلام والشرطة الدولية وهذا ما يحتاجه العالم كله.

أحمد كامل: إذن لن تصبح أوروبا مستقلة دفاعياً وستبقى معتمدة دائماً على الناتو.

خافيير سولانا: الناتو ليس غريباً عن الاتحاد الأوروبي، كل دول الاتحاد الأوروبي تقريباً أعضاء في النيتو، ومن الغباء إلغاء دور منظمة كالناتو عملت بشكل جيد وضمنت السلام في أوروبا طوال عقود من الزمن ولا تزال تعمل بشكل ممتاز. دول القارة الأوروبية كلها إما أعضاء في حل الناتو أو تقييم علاقات وثيقة معه، الناتو سيبقى المدافع عن أوروبا ونحن في الاتحاد الأوروبي نريد أن تكون لنا القدرة على التحرك خلال الأزمات.

أحمد كامل: هل هذه القدرة على التحرك تستهدف دول جنوب البحر المتوسط؟

خافيير سولانا: لا، على الإطلاق، نحن لم نفكر أبداً بإمكانية التحرك في الضفة الجنوبية للمتوسط، فكرتنا هي العمل أولاً ضمن أوروبا، مثلاً في البلقان الذي يشغل الكثير من قدرتنا على التحرك، إنه يستنفذ طاقاتنا السياسية والعسكرية الحالية، ويمنعنا حتى من التفكير في تدخل عسكري في مكان آخر.

أحمد كامل: سؤالي الأخير هو عن الشرق الأوسط أيضاً، الفلسطينيون وكل الدول العربية يعتبرون أن أوروبا هي الصديق الأقرب لهم هل يكون الفلسطينيون تحديداً على صواب إن آمنوا بذلك، هل يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يقدم لهم ولو أملاً ضئيلاً بالتخلص من الاحتلال؟

خافيير سولانا: الاتحاد الأوروبي ودوله ومواطنوه يرتبطون بعلاقات وثيقة جداً مع الشعب الفلسطيني، وأعتقد أننا عبرنا جيداً عن صداقتنا له.. صداقنا العميقة في السنوات الماضية، أريد أن أكرر أيضاً إننا المانح الأول للمساعدات الاقتصادية للفلسطينيين، وكم أشعر بالفخر وأنا أرى كلما زرت غزة أو رام الله المشافي، والمدارس التي بنيناها هناك، إنه لشرف عظيم لنا أن نتعاون مع الفلسطينيين وأن نساهم في إيجاد حل لمشكلة مأساوية تمس حياة الكثير من الناس، كلامي هذا موجه للشعب الفلسطيني، ولكل فلسطيني قاسى وعانى وعاش حياة صعبة.

أحمد كامل: السيد سولانا، شكراً جزيلاً.

المصدر: الجزيرة