جيمس روبن .. السياسة الأميركية في الشرق الأوسط
|
![]() |
جميل عازر:
مشاهدينا الكرام نرحب بكم إلى (لقاء اليوم)، وضيف هذا اللقاء السيد (جيمس روبن) المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية.. جيمس روبن مرحباً بك في هذا البرنامج.
جيمس روبن:
يسعدني أن أكون معكم.
جميل عازر:
دعني أبدأ بسؤالك عما ترى أنها -في نظرك- أكبر التحديات بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
جيمس روبن:
دعني أولاً أبدأ بالقول إن عطلة العيد في هذا الأسبوع، وأن المسلمين في كل أنحاء العالم ومعهم المسلمون في الولايات المتحدة يحتفون بهذه المناسبة المقدسة، لذلك أقول: عيداً مباركاً لكل المسلمين في العالم. أما بخصوص السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط فلدينا عدة تحديات هامة، وأعتقد أن في مقدمها حالياً محاولة العمل سوية مع الفلسطينيين والإسرائيليين في اجتماعاتهم التي ستبدأ في غضون الأسبوع القادم، وأن نحاول التوصل إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
فنحن ندرك أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وأنها تحتاج إلى دعم كبير منا، وسوف نتابع جهودنا في هذا المجال، ونحن نريد العمل على إحلال السلام بين إسرائيل وسوريا، وهناك أيضاً عدد من القضايا السياسية الأخرى الهامة بالنسبة إلينا في الشرق الأوسط.
جميل عازر:
شهدت الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية شيئاً من التحرك أخيراً، فما مدى تفاؤلك بأن يستمر هذا التحرك في إحراز تقدم هذه المرة؟
جيمس روبن:
نحن متحمسون جداً وهذه الحماسة أبدتها الوزيرة (أولبرايت) بشكل خاص، فقد استطعنا بداية هذا الأسبوع إعادة المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية إلى مسارها وهي محادثات السلام الدائم، وحصلنا على اتفاقية من الجانبين لتكثيف جهودهم والعمل بطريقة مباشرة ومركزة بغية تحقيق اتفاق إطار شامل للسلام الدائم، وسيأتي المفاوضون الرئيسيون إلى واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة، وسوف تأخذ المحادثات زخماً جديداً وتتضح فيها الأمور بشكل كبير، وسنرى إن كانوا سيتجاوزون تلك الأمور الصعبة.
لذلك نحن نحاول أن لا نبدي الكثير من التفاؤل، لأن العملية ليست سهلة، لكننا سعداء بأننا استطعنا التغلب على العقبات التي سادت العملية في الأشهر الأخيرة، واستطعنا إعادة المحادثات إلى مسارها بشكل مركز ومكثف هنا في واشنطن.
جميل عازر:
ألا تعتقد أحياناً أن إسرائيل قد خذلت الإدارة الأمريكية بعدم تنفيذها اتفاقات وقعت عليها تحت رعايتكم كاتفاق (شرم الشيخ) على سبيل المثال؟
جيمس روبن:
كما فهمت أنه خلال المحادثات الأخيرة تمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من حل كثير من القضايا المتبقية من اتفاقات شرم الشيخ، واستطاعوا إحراز تقدم في مسائل أخرى، ونحن نتوقع أن تكون هناك إعادة انتشار في مساحة 6,1% تنفيذاً لما ورد في اتفاقات شرم الشيخ، وأعتقد أن ما رأيناه في الأشهر الأخيرة يدل على استعداد الإسرائيليين والفلسطينيين للعمل سوية، وهذا كان مفقوداً منذ سنوات، وأظن أنه تم تنفيذ الكثير من بنود اتفاقات شرم الشيخ، وتم إحراز تقدم سيفيد في المسائل المتبقية.
جميل عازر:
وماذا عن المفاوضات الإسرائيلية السورية وتعتبر غير موجودة حالياً؟ ما موقف الإدارة الأمريكية الآن من ذلك المسار؟
جيمس روبن:
لا أقول إنها غير موجودة، ولكنها كانت مكثفة على المستوى التاريخي بداية هذا العام، ففي (تشابلس تاون) كانت هناك خطوة حقيقية، حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية السوري لأول مرة على المستوى السياسي، وبحثا كل المسائل بتفصيل وعمق، وقدمنا ورقة عمل تضمنت عدداً من الاتفاقات وعدداً آخر من الاختلافات.
ومنذ ذلك الوقت نحاول التغلب على العقبات، والعقبة الرئيسية هي أن كلاً من الإسرائيليين والسوريين يريد أن يتطرق إلى اهتماماته أولاً، ولذلك كنا على اتصال مستمر مع السوريين ومع الإسرائيليين أيضاً لمحاولة إيجاد صيغة تسمح بالخوض في اهتمامات الطرفين في آن واحد، وهذا تحدٍ لم نستطع التغلب عليه بعد، لكننا نفعل ما في وسعنا لتحقيقه ونقوم بذلك بطريقة مركزة، كما أن الرئيس كلينتون والوزيرة أولبرايت مصممان على فعل ما في وسعهما خلال الأشهر القادمة على المسارين السوري والفلسطيني من أجل إحراز تقدم تاريخي، فالفرصة موجودة بالطبع وهي أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى.
ونعتقد أن جميع الأطراف -بمن في ذلك السوريون- مهتمون بالتغلب على هذه العقبات، ونعرف أن هذه أمور وقضايا صعبة، فقد كان هناك تحديات للقرارات على مدى سنوات طويلة، وبالتالي علينا أن نكون صبورين في مساعينا، ونأمل أن نستثمر هذه الفرص المتاحة.
جميل عازر:
هل تعتقد أن صانعي السياسة الأمريكية بالنسبة للشرق الأوسط يسيئون فهم السوريين؟ يعني –بوجه خاص- يسيئون فهم الرئيس حافظ الأسد.
جيمس روبن:
لا أظن ذلك، وإنما أعتقد -كما رأينا- أن الولايات المتحدة هي التي يتطلع إليها الجانبان السوري والإسرائيلي لتكون الوسيطة والجهة التي تستضيف هذه اللقاءات، لأن السوريين أنفسهم يرون أن الولايات المتحدة هي فقط التي يمكن أن تحرز تقدماً بينهما، وهي التي تحظى بثقة لدى (دمشق) وكذلك لدى إسرائيل، ولذلك نحن بذلنا مساعي كبيرة منذ البداية، وحسب ما أعتقد فإنه من الواضح أن السوريين ينظرون إلينا على أننا طرف يمكن الاعتماد عليه، ويمكن العمل معه لتسوية هذه المشكلة.
جميل عازر:
ما هي وجهة نظر (واشنطن) من اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت؟
جيمس روبن:
لقد سعدنا باجتماع الوزراء، وسعدنا أيضاً باتفاقهم على أهمية عملية السلام، وتشجيع التقدم على مسار السلام وأنهم يؤيدون ذلك، ونعتقد أن شعوب المنطقة وكل العالم العربي والعالم بشكل عام ينتظرون من القادة اتخاذ مثل هذه القرارات الصعبة، لأن الشعوب هي التي ستستفيد من السلام الذي يحاولون تحقيقه.
جميل عازر:
مستر روبن.. لقد اندهشت لأنك لم تذكر في الجواب عن سؤالي لك عن التحديات بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ الوضع بالنسبة للعراق.
جيمس روبن:
لقد سألتني سؤالاً عاماً، وأنا تطرقت إلى العمل الذي نقوم به في وزارة الخارجية في محاولة التقدم بعملية سلام الشرق الأوسط، وهذا يعتبر من الأولويات الهامة جداً، كما أن هناك أولوية احتواء التهديد الذي يشكله الرئيس صدام حسين والنظام العراقي لشعوب منطقة الشرق الأوسط.
ومن الجدير بالذكر أن الشعب العراقي والشعب الكويتي والمملكة العربية السعودية، بل وكل شعوب منطقة الشرق الأوسط يقعون في دائرة خطر الأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الشامل التي يطورها الرئيس العراقي، وهو قد أنفق مليارات الدولارات لبناء هذه الترسانة بحيث يتمكن من تكرار معاناة الشعوب كما فعل في الحرب العراقية الإيرانية والحرب ضد الكويت، لذلك نحن نقوم باحتواء الخطر الذي يشكله الرئيس صدام حسين وهذا يشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة.
جميل عازر:
لقد أطلقت في الآونة الأخيرة حملة في أعقاب استقالة (هانس فون سبونيك) المنسق الدولي الإنساني في العراق للنيل من سمعة النظام العراقي، ألا تعتقد أن هذا دليل على فشل العقوبات التي تفرضونها على العراق؟
جيمس روبن:
كلا على العكس، فالعقوبات لم تكن من خطط الولايات المتحدة ولكنها من سياسات الأمم المتحدة، فكل دول العالم -من خلال الأمم المتحدة ومن خلال مجلس الأمن- فرضت تلك العقوبات، فسنة بعد أخرى وقراراً بعد قرار ووقتاً بعد آخر تقوم دول العالم بتصرف من خلال مجلس الأمن، وهذه الدول أبقت على العقوبات لسبب واحد وهو أن الرئيس صدام حسين لم ينفذ الالتزامات التي كان بإمكانه الامتثال لها قبل 10 سنوات تقريباً، ولو حدث ذلك لكان الوضع مختلفاً تماماً.
أما بخصوص (فون سبونيك) فالنقطة الواضحة هنا هي أنه كان من الواجب أن يركز اهتمامه على سبب المشكلة، وسببها هو أن العراق لا ينفق على شعبه مليارات الدولارات التي نقوم -نحن الولايات المتحدة ومجلس الأمن- بتوفيرها للعراق، وربما كثيرون لا يعرفون أن العراق من المتوقع أن يحصل على حوالي 20 مليار دولار خلال السنة القادمة بالعملة الصعبة ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء، وهذا المبلغ يمكن إنفاقه على الشعب العراقي، كما أننا اعتمدنا عقوداً بـ 10 مليارات دولار للغذاء والدواء.
لذلك نحن نفعل ما علينا لضمان تخفيف معاناة الشعب العراقي إلى أدنى الحدود من خلال إجراءات مجلس الأمن، لكن الرئيس العراقي يرفض استخدام الأموال المتوفرة في شراء الغذاء وتوزيع الدواء رغم أنه يستطيع ذلك، ولو أن النظام العراقي يعمل بالشكل الذي يريده المجتمع الدولي فإن الشعب العراقي في الوسط والجنوب سيستفيد من الوضع الذي يعيشه سكان المنطقة الشمالية، حيث أن معدل الوفيات هناك -على سبيل المثال – أصبح الآن أقل مما كان عليه قبل حرب الخليج، لذلك نحن نفعل ما في وسعنا ونحاول التغلب على الرفض العراقي المتكرر، لأننا بالفعل نهتم بما فيه مصلحة الشعب العراقي.
جميل عازر:
لكنكم لا تخلطون الآن بين الأهداف الأصلية للعقوبات التي فرضت للتأكد من أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، أما الآن فأصبحت موجهة لإسقاط نظام الحكم وهذا لا تستطيعون تحقيقه.
جيمس روبن:
كلا، ليس هذا هدفنا من العقوبات، وقد أوضحنا أنه ستكون هناك تعديلات على العقوبات، بل وربما تعليقها لو أن الرئيس العراقي يقوم بما عليه من التزامات، وهي الكشف للمفتشين عما لديه في مجال أسلحة الدمار الشامل، لذلك فقد أوضحنا أنه يمكن رفع العقوبات ويمكن تعليقها لو أن الرئيس صدام ينفذ تلك الالتزامات، كما أن الهدف من فرض سياسة العقوبات ليس تغيير النظام، لكننا أوضحنا أن حياة الشعب العراقي ستكون أفضل حالاً في حال تغيير النظام، ولا شك في ذلك -حسب رأيي- حيث أنه من الصعب تصور زعيم في المنطقة يتسبب في الأذى لشعبه أكثر مما يفعل الرئيس صدام.
لكن هذا ليس الهدف من سياسة العقوبات، وإنما الهدف هو منع الرئيس صدام من الحصول على عشرات المليارات من الدولارات من عوائد النفط، ثم استخدام هذه المبالغ في بناء ترسانة من أسلحة الدمار الشامل التي استخدمها ضد الشعب الإيراني والشعب الكويتي وشعوب منطقة الشرق الأوسط.
ولو تخيلنا كم سيكون الخطر في العالم لو أن الرئيس صدام استخدم مئات المليارات من أموال حرمناه منها طوال السنوات الماضية؛ في شراء أسلحة وصواريخ ودبابات وشراء أسلحة كيماوية وأسلحة بيولوجية، لعرفنا كيف حينئذٍ سيكون العالم مكاناً خطراً، وهذا هو الهدف من فرض نظام العقوبات التي حرمته من القيام بكل هذه الأمور.
جميل عازر:
ولكن كيف يمكن التوفيق بين هذا وأنتم لا تزالون تقولون إن العراق لا يزال يخفي أسلحة دمار شامل، بينما العقوبات تعمل كل شيء ضد المبادئ الإنسانية في مواثيق الأمم المتحدة أنها تحرم الأطفال حتى من أقلام الرصاص يا مستر روبن.
جيمس روبن:
لا أظن أن هذه المعلومات دقيقة، فقد وضعنا من خلال مجلس الأمن برنامجاً يؤمن عشرات المليارات من الدولارات من برنامج النفط مقابل الغذاء لتوريد المواد الإنسانية وتوفيرها لأطفال العراق، وإذا نظرنا إلى ما فعله هذا البرنامج في الجزء الشمالي من العراق سنرى أنه كان ناجحاً، فالشعب هناك يحصل على الغذاء والدواء والموارد الصحية والمواد الإنسانية الأخرى التي يحتاجها، وهو يعيش في حال أفضل مما كان قبل حرب الخليج.
والولايات المتحدة تهتم بأمر الشعب العراقي لكنها -كبقية العالم- عليها التزامات لدرء الخطر الذي يشكله الرئيس صدام حسين، وهذا ما يقوم به مجلس الأمن من خلال ميثاق الأمم المتحدة لفرض العقوبات، وهي عقوبات يفرضها كل العالم وهو الذي يقوم بتنفيذ هذه العقوبات.
جميل عازر:
ما مدى يقينكم بأن لجنة الأمم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش برئاسة (هانس بليكس) ستكون أكثر حياداً بل كفاءة من الأونسكوم التي ترأسها (إيكيس توم باتلر)؟
جيمس روبن:
نحن لا نعرف جواباً لما سيحدث في المستقبل، ولا نعرف إلا أن السيد بليكس سيعمل مع لجنة من الخبراء، فالمسألة لا تتعلق بالأونسكوم أو بلجنة السيد بليكس، لكن السؤال الذي يجب أن يطرح -في الواقع- ليس عليَّ ولكن على العراق، وهو لماذا لا يتعاونون معنا؟! ولماذا بعد 10 سنوات من الزمن لا يزالون يصرون على امتلاك أسلحة الدمار الشامل والاحتفاظ بالقدرة على إنتاجها رغم أن ذلك يسبب لهم مشاكل كبيرة؟! ولماذا لا يكشفون بصراحة عما لديهم في هذا الخصوص؟! ولماذا كذبوا -مرة تلو الأخرى- على السيد إيكيوس والسيد باتلر حول ما نشروه وما دمروه وعما لديهم حتى الآن؟!
وهذا هو السؤال فالمسألة لا تتعلق بمن يقود تلك اللجان، ولكنها تتعلق بامتناع العراق عن تنفيذ الالتزامات التي وضعت قبل 10 سنوات، فهذه هي المشكلة وهذا هو السؤال، وللأسف فإن الجواب الوحيد الذي يمكن أن نفترضه هو أن الرئيس صدام يريد الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشامل، كما أنه يريد أن يستخدمها في يوم من الأيام ويهدد بها المملكة العربية السعودية والكويت والدول الأخرى في المنطقة ويعرضها للخطر، ونحن لن نسمح بحدوث ذلك وبالتالي نصر على أن يلتزم بالقرارات، ونحن نحتفظ بحق التصرف إذا بقي يحتفظ بأسلحة الدمار الشامل.
جميل عازر:
ولكن العراقيين يقولون إنهم نفذوا متطلبات قرارات الأمم المتحدة، وأنهم مروا في تجربة سيئة مع أونسكوم، حيث ثبت أن بعض أعضاء اللجنة مفتشي الأسلحة قد نقلوا معلومات إلى أجهزة مخابرات أجنبية بما فيها المخابرات الأمريكية.
جيمس روبن:
أعتقد أن هذا ما نسميه بالإنجليزية نقطة لا صلة لها بما يجري، فالواقع هو أن العراقيين لم يلتزموا بتلك القرارات، وليس هناك من دولة في مجلس الأمن سواء روسيا أو فرنسا أو بريطانيا أو الدول العربية الأعضاء في المجلس ترى بأن العراق امتثل للقرارات، ولا أحد في العالم يرى ذلك، أما ما يفعله العراق فهو محاولة التركيز على هيكل هذه اللجنة أو تلك بغية صرف نظر الآخرين عن احتفاظه بأسلحة الدمار الشامل.
لذلك ليس هناك أي دليل على أنهم امتثلوا تماماً للقرارات، ومسألة تركيزهم على نقطة أو أخرى هي وسيلة لتجنب الامتثال، فالقضية من أصلها سهلة وكان بالإمكان إنجازها خلال أشهر منذ 10 سنوات، لكن العراق -وبالتحديد الرئيس العراقي صدام حسين- يصر على الاحتفاظ بقدرات لتهديد كل دول المنطقة، وهذا ما يذكره مشاهدونا عندما عرض العراق كل منطقة الخليج للخطر، وعليهم أن يعرفوا أن ما نقوم به هو محاولة منع حدوث ذلك مرة أخرى، فقد كرر العراق اعتداءاته ولا نستطيع نسيان دروس التاريخ.
جميل عازر:
فما الذي سيحدث لو أن اللجنة الجديدة لم تتمكن من تنفيذ مهمتها، إما لتقصير منها أو بسبب عدم تعاون العراق معها؟ هل تستمر العقوبات أو تلجؤون إلى إجراء عسكري؟
جيمس روبن:
لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكن المسألة في الواقع تحتاج إلى تساؤل عما إذا يريد العراق الامتثال، وإذا لم يمتثل فبالتأكيد سيتم تعديل العقوبات، لكنني لا أستطيع التكهن بإجراءات عسكرية، ولا يمكنني القول إلا أننا أوضحنا بأننا سنتصرف إذا أصروا على بناء أسلحة الدمار الشامل.
جميل عازر:
أود العودة إلى موضوع عملية السلام في الشرق الأوسط -مستر روبن- هل تعتقد أن تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة سيقنع العرب بأنكم والإسرائيليين تريدون سلاماً عادلاً في المنطقة؟
جيمس روبن:
ما من شك في أن حكومات المنطقة -ومعها السلطة الفلسطينية- تنظر إلى الولايات المتحدة لتكون الوسيط الأمين والشعلة التي تقود إلى السلام في المنطقة، وهذه الحكومات رأت ذلك بوضوح، وهو ما أثبتناه على أرض الواقع عندما ساعدنا الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى السلام، وساعدنا الإسرائيليين والمصريين أيضاً في عملية السلام، وكذلك فعلنا مع الإسرائيليين والأردنيين لتحقيق السلام، ونحاول من خلال محادثات تشابلس تاون تحقيق سلام بين الإسرائيليين والسوريين.
وقد أثبتنا على أرض الواقع أننا نشجع السلام، وساعدنا في تحقيق إسرائيل والأردن وبين إسرائيل ومصر، ونأمل أن نحقق ذلك يوماً ما بين إسرائيل وسوريا وهذا ما يذكره الواقع، ويعرف الناس أن لدينا علاقات وثيقة مع إسرائيل وأن هذه العلاقات لا يمكن زعزعتها، ولكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع لعب دور الوسيط الأمين وراعي عملية السلام، وهو الأمر الذي نفعله وما يرى قادة المنطقة ثماره مرة تلو الأخرى.
جميل عازر:
ما هو رد فعلك على كلام ديفد ليفي عن إحراق أرض لبنان وقوله: "دم مقابل دم، ونفس مقابل نفس، وطفل مقابل طفل"؟!
جيمس روبن:
أعتقد أن مثل هذه التصريحات لا مكان لها في نوعية الحوار الذي نسعى إليه، وليس من شأن هذه التصريحات إلا زيادة الوضع سوءاً واستفزاز الآخرين، وهذا ما أوضحناه للحكومة الإسرائيلية.
جميل عازر:
في العلاقات الأمريكية العربية توجد بعض الملفات الساخنة، هناك العراق، لوكربي، السودان، ومسيرة السلام.. هل يمكن للمرء أن يتوقع مع تعيين إدوارد ووكر مسؤولاً عن دائرة الشرق الأوسط؟ هل يمكن أن نتوقع مبدأ جديداً ما في السياسة الأمريكية –مثلاً- تحت عنوان مصالحة مع العرب، بدلاً من سياسة سلفه مارتن إنديك الحواء المزدوج؟
جيمس روبن:
كلا لا أعتقد ذلك أبداً، ولا أرى أي اختلافات كبيرة بين الشخص، فكل منهما يكن احتراماً لوزيرة الخارجية، حيث أن الوزيرة أولبرايت هي المسؤولة عن صناعة سياستنا الخارجية، وهى مصممة على متابعة تحقيق مصالحنا الوطنية في كل حالة لوحدها، وكل مسألة من التي أشرت إليها لها وضع مختلف وهدف مختلف، ونحن نسعى أيضاً إلى تحقيق مصالحنا الوطنية لكنني لا أتوقع حدوث تغيير ملحوظ في الآراء التي طرحتها.
جميل عازر:
الرئيس بيل كلينتون ذاهب إلى شبه القارة الهندية، ألا تعتقد أن إدخال زيارته (باكستان) في هذه الجولة سيفَسَّر على أنه تأييد للحكومة العسكرية في (إسلام آباد)؟
جيمس روبن:
أعتقد أنه من غير الواجب تفسيرها بهذا الشكل، فالرئيس سيقوم بزيارة إلى الهند وهي زيارة مهمة جداً ستدوم 5 أيام، ولدينا سلسلة من العلاقات الهامة مع الهند، فالهند أكبر ديمقراطية في العالم من حيث عدد السكان، وعلينا أن نعمل معها في مجال البيئة وفي مجال التكنولوجيا المتطورة والتعاون في كثير من المسائل القانونية وكل القضايا الكبرى التي سيعيشها العالم في القرن الحادي والعشرين. وعلينا أن نعمل مع الهند لإزالة كثير من المشاكل بنوع من التعاون في مجال التبادل العلمي والأمور البيئية.
أما الزيارة إلى باكستان فمغزاها مختلف، والغرض منها واضح وهو ضمان إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع النظام هناك، وليس للتوسط في النزاع حول (كشمير) وليست كنوعٍ من إقرار شرعية النظام، فقد أوضحنا تماماً -مرة تلو الأخرى- معارضتنا الشديدة لتولي العسكر السلطة هناك، وأوضحنا أيضاً أننا لن نتعامل كالسابق مع باكستان.
لكننا ارتأينا أن ذلك صحيح ومناسب لمصلحتنا الوطنية، وأنه –وبصراحة- لمصلحة كل العالم أن يكون لرئيس الولايات المتحدة علاقات مع القادة في الهند وكذلك في باكستان، رغم ما قد نواجهه من أقوال متناقضة في ذلك الجزء من العالم، وهذا هو القرار المسؤول الواجب اتخاذه، فهو لا يعني إقرار شرعية الحكم العسكري هناك.
جميل عازر:
على الصعيد الشخصي أنت ستترك منصبك قريباً، فما هي النصيحة التي يمكن أن تسديها لمن يخلفك؟
جيمس روبن:
حسناً فلا يزال أمامي عدة أسابيع، وأعتقد أن أهم شيء هو محاولة توضيح سياساتنا بأكبر قدر ممكن، وحث رجالنا في السلك الدبلوماسي على أن يكونوا اكثر اتصالاً بالآخرين، ومحاولة فهم أن الدبلوماسيين في كثير من الأحيان يفضلون عدم مناقشة بعض المعلومات بشكل علني، لكن الشعوب والديمقراطية في العالم أصبحت تستطيع التعامل مع هذه المعلومات إذا أعطيت بحرص، رغم أن الآخرين يطلبون مزيداً منها، غير أن بعض المعلومات يجب أن تبقى سرية بين الحكومات، ومن المهم إيجاد أكبر شريحة ممكنة من المستمعين والإصغاء لكل آراء الناس في كل أنحاء العالم وليس فقط في واشنطن.
جميل عازر:
جيمس روبن.. شكرا جزيلاً لك.