برهان الدين رباني .. مستقبل أفغانستان بعد الحرب
مقدم الحلقة | علي العرب |
ضيف الحلقة | برهان الدين رباني، الرئيس الأفغاني المخلوع |
تاريخ الحلقة | 12 /11/2001 |
– مستقبل أفغانستان بعد طالبان
– تأثير الأزمة الأفغانية على دول الجوار
– الوضع الإنساني في أفغانستان وحقيقة أوضاع النازحين
– موقف منظمة المؤتمر الإسلامي من الأزمة الأفغانية
![]() |
![]() |
علي العرب: أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم، هذه حلقة جديدة من برنامج (لقاء اليوم).
أهلاً بكم سيادة الرئيس، يدور الآن الحديث عن مرحلة ما بعد طالبان، كيف ترون تلك المرحلة، وخاصة في ضوء المباحثات الأخيرة التي أجريتموها مع رئيس تركيا هنا في (دوشمبيه).
مستقبل أفغانستان بعد طالبان
برهان الدين رباني: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أشكر قناة (الجزيرة) أنه لأول مرة تهتم بهذا الجزء من أفغانستان وبالدولة الإسلامية حتى تستطيع أن تغطي القضايا كاملة، في لقائي الذي تم بيني وبين الرئيس التركي تكلمنا حول قضايا الراهنة، ما يجري في أفغانستان من الأوضاع ومساهمة تركيا في المساعدات الإنسانية، وأيضاً القضايا الأخرى، وعندما كنا نتباحث كنت أؤكد على أمور، أولاً: أنا قلت: على الدول الصديقة وعلى الدول التي لها علاقة بأفغانستان أن تركز اتصالاتها إلى الدولة الإسلامية، وأن يتجنب أن يكون هناك اتصالات جانبية بالشرائح العرقية وبمجموعات في داخل أفغانستان، وتسعى الدول في تقوية.. والدولة الإسلامية حتى لا تكون هناك افتراق جديد واختلاف تحت أسماء الأحزاب والفئات والشرائح العرقية في أفغانستان.
في ما يخص ما بعد طالبان قلت وأكرر هذا الموضوع أن الشعب الأفغاني لن يقبل بحال من الأحوال أن تأتي حكومة جاهزة من خارج أفغانستان، أو حل يُفرض على الشعب الأفغاني، أنا قلت للرئيس التركي إن عندنا في الدولة الإسلامية وفي الجبهة المتحدة الإسلامية عندنا مشروع.. مشروع يُعرف بالـ (لوياجيركا) ليس هذا مشروع اليوم ولا بالأمس، مشروع قديم في التاريخ الأفغاني، قلنا له نحن في الآونة الأخيرة بدأنا نتحرك واتصلنا بمجموعات مختلفة من الأفغانيين خارج أفغانستان.
علي العرب: الآن فعلاً أحاديث كثيرة من جهة باكستان، من.. من الدول الإقليمية المحيطة ومن.. ومن القوى الدولية الفاعلة اليوم شئنا أم أبينا بالموضوع الأفغاني، في القضية الأفغانية، هناك ثمة ترتيبات يُحكى عنها كثيراً، يكتب عنها كثيراً، ما هي حقيقة..، برأيكم كيف.. كيف.. كيف تنظرون إلى هذا الموضوع؟
برهان الدين رباني: قد يكون أهل الدول وللجهات المختلفة في خارج أفغانستان عندهم نظرة لمستقبل أفغانستان، ولكنا نقول المشروع الذي الأفغانيون يسعون في سبيل ذلك أن لابد أن يكون إرادة الشعب الأفغاني هي التي تقرر مصير مستقبل أفغانستان، أي حل.. وأي ترتيبات من خارج أفغانستان قد يكون هناك مساعي مختلفة من الدول المختلفة، وهناك أهداف مختلفة لبعض الجهات ولبعض الدول، ولكن الحقيقة أن جميع تلك المصائب تصطدم بصخرة إرادة أفغانستان الصلبة التي سوف لن يقبل أي حلٍ ما لم تكن هناك إرادة حرة من الشعب الأفغاني، قلت إن (الطريق حل) لأفغانستان في هذه الظرف وبعد أن سقوط طالبان لابد أن يكون هناك شورى الكبير الذي نحن نسميه في أفغانستان (لويا جيركا) وفي هذا الظرف لابد أن نخطط لمثل هذه الشورى، ومن أجل ذلك نحن اتصلنا بمجموعات أفغانية مختلفة خارج أفغانستان وتكلمنا مع بعض، قلنا لابد أن نسعى لإيجاد هذا الشورى، ولكن بعد أن يسقط الطالبان، لكن من اليوم لابد أن نتباحث بعضنا مع بعض في الأسس التي سوف نجمع هذا الشورى ونطلب بأن يجتمعون هؤلاء بناءً على تلك الأسس، ولكن الحل الأساسي أن يكون هناك أسس عادلة يتفق عليها الأفغانيون ثم بناءً على تلك الأسس هم يعملون لمستقبل أفغانستان وللحكومة التي تأتي بعد طالبان.
علي العرب: قد يكون من المفيد إيجاد صيغة وصاية دولية، صيغة وجود قوى دولية متعددة الجنسيات، أو لنسميها فليكن أسماء مختلفة، إنما قوى دولية من أجل أن تضمن السلم ولو كان هشاً أو..، من أجل ضمان سلم ما يأتي إلى أفغانستان.
برهان الدين رباني: أولاً: أنا لا أرى ولا أوافق على هذا الفكرة أن الانتماءات العرقية كان سبباً في الصراع والمشكلات التي نواجهها وواجهناها بعد تشكيل الدولة الإسلامية في أفغانستان لغاية اليوم، أنا أرى التدخل الخارجي الذي لا يمكن أن ينكره أي أحد، تدخل سافر كان من الأسباب الأساسية لخلق تلك المشاكل، وإلا هل طالبان يمثلون شريحة بشتون؟ لا أنا لا أعتقد هذا، فقد يكون هناك مجموعة كبيرة من البشتون فيهم، ولكن هؤلاء ليسوا هم يمثلون التيار العرقي لقومية بشتون، بل أساس البلاء في خلق طالبان هو كان من الخارج، فتجد بين طالبان ليس من بشتون من عرقيات مختلفة، ومن شرائح مختلفة من أفغانستان.
فيما يتعلق بالقوات الأمن الدولي، أنا أعتقد لو لم يكن هناك التدخل الخارجي، لو كان هناك دعم صادق من المجتمع الدولي ومن الدول ومن الدول الجيران ودول المنطقة لحل القضية، فليس هناك حاجة في أن يؤتى بقوات الأمن الدولي في أفغانستان، فمشكلتنا كانت التدخل.. سببه الأساسي كان التدخل الخارجي، لأنكم ترون الآن الذين قاتلوا ويقاتلون الدولة الإسلامية، يقاتلون مَنْ هؤلاء؟ مجموعات من الخارج، ليس من باكستان فحسب، بل من مناطق مختلفة جيئ بهم، أو قد يكون هناك شباب مساكين أتوا واستخدموا في القتال ضدنا، وكل هذه الترتيبات كانت من الخارج، والحرب تفرض علينا من الخارج.
علي العرب: قبل ظهور طالبان كان هناك ما يكفي من الشقاق بين.. بين أطراف السلطة في..
برهان الدين رباني [مقاطعاً]: نفس الشيء.
علي العرب [مستأنفاً]: في كابول –إذا سمحتم لي- الهدف المعلن اليوم، والهدف المعلن الجامح إقصاء طالبان، ما بعد.. ما بعد إقصاء طالبان سوف تعود النزاعات.
برهان الدين رباني: الآن نحن في وضع يختلف كلياً عما كنا في السابق، فنحن بعد سقوط طالبان وأنا أرى أنه والوضع مختلفة تماماً ونحن قد بدأنا.. ونحن قد بدأنا بحل الأمور، وبدأنا الآن بترتيبات في حل قضية أفغانستان.
علي العرب: ثمة من يقول أن ليس لواشنطن مصلحة في إزاحة طالبان نهائياً عن السلطة، لأنها تخشى من مرحلة ما بعد طالبان، أي أنها ليست ضامنة مَنْ سيأتي بعد طالبان وبالتالي لماذا لا تتحول المسألة إلى ما يشبه العراق؟ بمعنى أن تتحولوا أنتم تحالف الشمال إلى شبيه بأكراد العراق يحصلون على دعم أميركي، على دعم بريطاني وعلى دعم تركي أيضاً.
برهان الدين رباني: نحن في أفغانستان لا نرضى أن يكون هناك تقسيم ما بين الشمال والجنوب، وكما قلت التدخل الخارجي كان سبب البلاء، الدول التي تريد أن تتدخل في شؤون أفغانستان ستجني ثمار تلك التدخل بصورة قد لا تعجبه في المستقبل، من مصلحة الدول القريبة والبعيدة أن لا يكون هناك تدخل في شؤون أفغانستان، أما خلق الشمال والجنوب ومحميات في داخل أفغانستان (لإن جاز) بهذا الوضع الشعب الأفغاني، أي قبيلة من قبائل أفغانستان، أي فئة من فئات أفغانستان لن.. لن ترضى بأن يكون هناك تقسيم في أفغانستان، فتقسيم أفغانستان قد يكون خطراً على كل الدول المجاورة، وعلى المنطقة تماماً، قد يكون أخطر من الوضع الذي الآن اللي نحن والعالم يواجه هذا الوضع، فمن أجل ذلك.. من مصلحة الأمن في المنطقة والعالم أن يبقى أفغانستان في وحدة متماسكة دون أي تقسيم تحت أي اسم من الأسماء.
تأثير الأزمة الأفغانية على دول الجوار
علي العرب: في هذا الصدد، ما هو أثر ما يدور في أفغانستان اليوم دول الجوار؟ دول الجوار المقصود باكستان، إيران، أوزبكستان بالدرجة الأولى أيضاً، وطاجيكستان.
برهان الدين رباني: كما قلتم أن الوضع في داخل أفغانستان لاشك تهم الدول الجوار، ومن مصلحة الدول أن تسعى جميع تلك الدول في استقرار الأمن في أفغانستان، وأن تستقر وتهدأ الأمور في داخل أفغانستان، أما إذا استمر الوضع هكذا، فلاشك أن استقرار الأوضاع في تلك الدول معرض للخطر ولن يستفيد أي دولة من تلك الدول من عدم الاستقرار في أفغانستان، فأنا كنت أكدت لزعماء تلك الدول في السابق ولازلت أكرر لزعماء تلك الدول أن يسعوا جميعاً لاستقرار الأوضاع في داخل أفغانستان وأن يسعوا لأن لا تستمر القتال في داخل أفغانستان، لأن استمرار القتال في داخل أفغانستان لاشك يؤثر على أمن تلك الدول، ومعظم تلك الدول معرض للخطر.
الوضع الإنساني في أفغانستان وحقيقة أوضاع النازحين
علي العرب: بالنسبة للوضع الإنساني في أفغانستان وفي الشمال تحديداً، هناك عشرات آلاف النازحين على دفعات وخلال سنوات نتيجة الحرب الطويلة التي دارت بينكم وبين طالبان، ما هي حقيقة أوضاع النازحين اليوم؟
برهان الدين رباني: لاشك أن الأوضاع بائسة، فيه عشرات الآلاف من النازحين في داخل أفغانستان وخارج أفغانستان يعيشون في أوضاع بائسة لا يملكون الغطاء، لا يملكون الأكل، والشتاء القارس يهدد حياة معظم هؤلاء سواءً من الشيوخ والأطفال والنساء، نحن طالبنا وبصورة مستمرة من المجتمع الدولي، من الدول الإسلامية، من الدول الصديقة أن يساعدوا الشعب الأفغاني في محنته، ولكن المساعدات التي تصل مساعدات قليلة جداً ونحن أمام برد.. شتاء قارس وإذا جاءت الشتاء فالذهاب من محافظة إلى محافظة قد يكون صعبة، وفي بعض المناطق بعد سقوط الثلوج لا يستطيع الإنسان أن يتحرك ويبقى محصوراً، فمن أجل ذلك لابد أن يكون هناك مساعدة بقدر يكفي النازحين وغير النازحين.
علي العرب: ما سبب غياب منظمات الإغاثة الإنسانية الإسلامية عن شمال أفغانستان؟
برهان الدين رباني: أنا من الأمور التي لابد أن أذكر إخواننا المسلمين دولاً والمجموعات الإغاثية والمجموعات التي تعمل للعمل الإسلامي إن الدول الإسلامية وحتى.. ومجموعات إسلامية جميعهم نسوا أفغانستان ولاسيما شمال أفغانستان، ولاسيما الدولة الإسلامية، وأنا أحمل كثير من المسؤوليات في الأوضاع القائمة، أحمل المسؤولية على الدول الإسلامية وإخواننا المسلمين لأنهم لم يهتموا بما كان يحدث في أفغانستان، بعد ظهور طالبان هم فقط اكتفوا بما صنعوا من الشعارات من أن طالبان يريدون أن ينفذوا الشريعة الإسلامية فوقفوا مع طالبان، وقفوا ضدنا وحتى بعضهم أصدروا فتاوى ضدنا فتاوى الجهاد ناسين أننا كنا بدأنا بالجهاد وكرسنا حياتنا في خدمة الدين وفي خدمة الأمة.. في خدمة الإسلام وفي خدمة الأمة، ولكن مع ذلك كله بدأوا يقفون مع طالبان و يساعدونهم في قتالهم وفي إيجاد هذا الوضع، وأنا أرى طالبان هم أصبحوا كفخ لاصطياد الشباب الذين يأتون من الدول الإسلامية الذي تحررت بعد إزاحة الاتحاد السوفيتي، الأطفال الذين كانوا أهاليهم آباؤهم وأهاليهم يرسلونهم لأن يحفظوا القرآن الكريم ويتعلموا شريعة الله، كانوا إما جبراً، أو كانوا غرر بهم، كانوا يؤتون إلى أفغانستان ويسلحون ويرسلون إلى مواقع القتال والمسلمون الذين كانوا يأتون ويزورون أفغانستان ويرون تلك الأوضاع، ولكن لا يتداركون الأمر، نحن بدل أن يساعدوننا كانوا كما قلت، كانوا يوجهوا سهام فتاواهم ضدنا وكانوا.. وكنا أصبحنا محرومين، وكان هذه مسؤولية كبيرة على الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية، وعلى الجماعات الإغاثية التي تقوم بإغاثة في الشعوب ولاسيما بين الشعوب الإسلامية، ومن أجل ذلك، كما ذكرت أنت لا تجد أي مجموعة إسلامية في شمال أفغانستان، وحتى أفراد كانوا لم يكونوا يزوروننا، وأنا استغربت لماذا هؤلاء.. بأي دليل هذه المقاطعة الظالمة وهذه الموقف الغير الشرعي وغير الإسلامي ضدنا؟
موقف منظمة المؤتمر الإسلامي من الأزمة الأفغانية
علي العرب: يعني أفهم أن لكم ملاحظات، بل وأسى على الدور الإسلامي إزاء أفغانستان وإزاء تحالف الشمال تحديداً؟ كيف تفسرون غياب منظمة المؤتمر الإسلامي، منظمة.. منظمات أخرى إسلامية رسمية أو شعبية عن.. عن شمال أفغانستان وعن.. وعن الموضوع الأفغاني.
برهان الدين رباني: المؤتمر الإسلامي كان اهتمامه لم.. لا أقول: اهتمام قليل، بل لم نجد من جانب المؤتمر الإسلامي أي اهتمامٍ حتى بقصد أفغانستان كقضية إسلامية، ومن المؤسف أن المؤتمر الإسلامي كان من الخطوات التي رأينا من المؤتمر الإسلامي أنه في.. إحدى الاجتماعات في.. بأندونيسيا كان هناك قرار بتعليق عضوية أفغانستان في المؤتمر الإسلامي فهل هذا قرار في مصلحة الدول الإسلامية؟ في مصلحة المؤتمر الإسلامي؟ فهل.. إذا كان هناك.. كان اتخذوا قرار في عهد الشيوعية، فهل من المعقول أن يتخذ تلك.. مثل هذا القرار في العهد الذي كان هناك دولة إسلامية ودولة جهادية؟ فهذل اهتمامه، فتستطيع أن تقيس الخطوات البناءة الأخرى، فلم يكن لها أي.. المؤتمر الإسلامي أي دور إيجابي في حل قضية أفغانستان، ولغاية الآن لا نرى لها.. للمؤتمر الإسلامي أي اهتمام يذكر.
علي العرب: سيادة الرئيس شكراً على هذا الحوار.
أعزائي المشاهدين شكراً لكم على حسن المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (لقاء اليوم) على أمل اللقاء في حلقة قادمة بإذن الله.