عضو المجلس الوطني الفلسطيني
لقاء اليوم

باسل عقل .. القمم العربية والقضية الفلسطينية

ما نقاط القوة والضعف في الموقف الفلسطيني الحالي؟ وما أوجه الشبه بين الانتفاضة الحالية وانتفاضة 1988؟ هل ترك العرب القضية الفلسطينية للفلسطينيين وحدهم؟ ما إيجابيات وسلبيات القمة العربية الأخيرة؟
مقدم الحلقة جميل عازر
ضيف الحلقة باسل عقل: عضو المجلس الوطني الفلسطيني
تاريخ الحلقة 26/10/2000

undefined
undefined

جميل عازر:

مشاهدينا الكرام أهلاً بكم إلى هذه الحلقة من لقاء اليوم، ونستضيف فيها " باسل عقل" عضو المجلس الوطني الفلسطيني.

أستاذ باسل بداية كيف تنظر إلى ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية، هل هي حرب؟

باسل عقل:

هي حرب بطبيعة الحال، إسرائيل أعملت في الشعب الفلسطيني قتلاً وقصفاً وهدماً وضرباً، أقفلت عليه المعابر والحدود، وأغلقت مطاره، هذه هي الحرب، ماذا يمكن أن تكون الحرب؟ قتلى وجرحى وعذاب ودماء وشهداء، حتما هي حرب.

جميل عازر:

إذن هل هناك من مقارنة، وجه للمقارنة بين هذه الحرب..، بين هذه الانتفاضة وبين انتفاضة عام 1988م؟

باسل عقل:

الواقع إذا شئنا المقارنة، انتفاضة 1988م بدأت دون أن يكون لها خلفية تفاوض ومساعي دولية، أي أن انتفاضة 1988م أدت إلى مؤتمر مدريد وبدء العملية السلمية، في حين أن هذه الانتفاضة تحدث على خلفية سبع سنوات عجاف من التفاوض الذي لم يؤد إلى نتيجة حتى الآن، ولذلك فالفارق واضح بطبيعة الحال، بين انتفاضة في عام 1988م كانت تأمل أن تحقق أهدافها وتترجمها سياسياً وبين انتفاضة الآن وجدت أن العمل السياسي والتفاوض لم يؤديا إلى أي نتيجة.

جميل عازر:

طيب، في هذه الحالة ألا يمكن أن نقول إن هذه الانتفاضة يمكن أن تكون تعبيراً عن غضب الشارع الفلسطيني من الالتزامات التي التزمت بها السلطة الوطنية في اتفاقية أوسلو وما تبعها من اتفاقيات وبروتوكولات أكثر مما هي –ربما- تعبير عن رفض للاحتلال الإسرائيلي.

باسل عقل:

لا والله أنا أعتقد أن هذه الانتفاضة هي – تحديداً – تعبير عن رفض الشعب الفلسطيني لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي دون حدود وبدون نهاية.

قد يكون الشعب الفلسطيني محبط نتيجة الاتفاقات التي عقدت والتي لم تؤد إلى أي نتيجة، ولكن الانتفاضة قائمة اليوم ضد الاحتلال الإسرائيلي وليس ضد أي شيء آخر.

إعلان

جميل عازر:

طيب لو أردنا تحديد الموقف الفلسطيني من حيث مواطن الضعف والقوة.

أولاً: أريد أن أسألك عن نواحي الضعف في الموقف الفلسطيني؟

باسل عقل:

نواحي الضعف في الموقف الفلسطيني أنه يواجه أكبر قوة عسكرية ضاربة في الشرق الأوسط، وهو شعب أعزل ليس لديه سلاح، وهذه القوة تملك أن تغلق عليه المعابر ونقاط الحدود والمطار، وأن تمارس عملية خنق لهذا الكيان الفلسطيني، هذه نقطة الضعف الأساسية في المواجهة، نقطة القوة علينا ألا ننسى أن الشعب الفلسطيني هو الذي ابتكر فكرة العمل الفدائي، والشعب الفلسطيني هو الذي ابتكر ثورة الحجارة، الشعب الفلسطيني يملك مخزوناً هائلاً من المقاومة .

تاريخياً :الشعب الفلسطيني تصدى لحكومة الانتداب، أعلن الإضراب ستة أشهر، فقد ثلاثة آلاف شهيد عام 1936م، فالشعب الفلسطيني له تراث في النضال والإضراب والقتال والاستشهاد، وهذه نقطة قوته الأساسية، الحقيقة، قام بانتفاضة 1988م، وهو يقوم اليوم بانتفاضة أخرى، ولذلك أنه يملك نقاط القوة كما يملك –أيضاً- نقاط الضعف في هذا النضال.

جميل عازر:

طيب منذ أن نقلت القضية الفلسطينية مسؤولية الدفاع عن حقوق الفلسطينيين واسترداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة يبدو أن القضية الفلسطينية جردت من بعض جانبها العربي، يعني تركت المسؤولية للفلسطينيين لتحصيل حقوقهم، هل تعتقد أن هذه نقطة ضعف؟

باسل عقل:

والله أريد أن أقول – وأنا أتصور أنك تعني مؤتمر القمة في الرباط، وعام 1974م والقرار الفلسطيني المستقل-وهذه قضية أعتقد أنها أسيء فهمها أيضاً، لأن حرص الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت على إبراز هويته الوطنية وإبراز قراره السياسي المستقل فسر على أنه انسلاخ عن الأمة العربية،ولكن هذه مرحلة كان لابد للشعب الفلسطيني أن يمر بها، وحصوله على قراره المستقل كان لا يعني منذ 1974م أن القضية الفلسطينية قد سلخت عن محيطها القومي العربي، ولذلك أنا لا أرى تناقض بين القرار الفلسطيني المستقل والحرص على إبراز الهوية الفلسطينية التي طمست على مدى سنين، واستمرار نضال الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة.

جميل عازر:

طيب في العالم العربي كأنما الشارع العربي يطالب بتعريب القضية الفلسطينية.

باسل عقل:

نعم.

جميل عازر:

القادة العرب اجتمعوا في قمة القاهرة قبل أيام قليلة، هل تم شيء في هذا الاتجاه-في اعتقادك- نتيجة لهذه القمة؟

باسل عقل:

والله أولا أنت تستعمل تعبير "تعريب" وكأن القضية الفلسطينية ليست عربية وهناك مساع لتعريبها القضية الفلسطينية قضية عربية منذ يومها الأول شئنا أم أبينا، هي قضية تمس كل العرب وتهم كل العرب، ولا يمكن أن نقول أنها فقدت الجانب العروبي فيها، وهي الآن تسعى إلى استعادة الجانب العروبي فيها.

القضية الفلسطينية تسعى لدعم عربي، وهناك فارق بين أن لا تكون القضية عربية وبين أن تسعى القضية الفلسطينية لدعم عربي، وفي القمة العربية الأخيرة هذه،التي عقدت لا أعتقد أن القرارات التي صدرت كانت بمستوى المرحلة والظروف والمعاناة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.

الواقع أنا لست من الذين يشعرون بالإحباط بسبب القمة العربية، أنا أعتقد أنني -شخصياً- أعطيت مؤسسة القمة العربية حجمها منذ سنوات طويلة، ولذلك لم أشعر بالإحباط، ولكنني شعرت أن هناك تقصير في هذه القمة -بالذات- بالنظر لما يجري في فلسطين من قتل وقصف وهمجية إسرائيلية.

إعلان

مؤسسة القمة العربية في أساسها تفتقر إلى عنصر المبادرة، لا يوجد عنصر مبادرة في القمم العربية.القمم العربية تجتمع دوماً كرد فعل لحدث، لمأساة، لكارثة..

جميل عازر:[مقاطعاً]

بعد أن يكون الوقت قد فات ربما

باسل عقل:[مستأنفاً]

بعد أن يكون الوقت قد فات، وبالتالي ليس هناك رؤية،ليس هناك مخطط سوى أننا نجتمع للملمة العواقب أو النتائج التي أفرزتها تلك الكارثة أو تلك الحادثة، ودعني أعطيك بعض الأمثلة على ذلك.

جميل عازر:

تفضل.

باسل عقل:

لأستعرض بسرعة مثلاً ..باستثناء قمة "أنشاص" التي عقدت عام 1946م في القاهرة، بسبب إنشاء جامعة الدول العربية، لنأخذ معظم القمم التي عقدت بعد ذلك.. القمة التي دعا إليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في يناير 1964م انعقدت رداً على إقدام إسرائيل على سرقة مياه نهر الأردن، فعبد الناصر لم يرد أن يتحمل المسؤولية منفرداً،فدعا ملوك ورؤساء الأمة العربية للاجتماع في القاهرة وكان قرارهم تحويل الروافد وليس الحرب ضد إسرائيل، هذه القمة في عام 1964م.

جميل عازر:

ولم يتمكنوا من تحويل الروافد.

باسل عقل:

لم يتمكنوا بطبيعة الحال.

جميل عازر:

لأن إسرائيل –كما نذكر- ضربت أول جرافة عربية أنزلت إلى المنطقة.

باسل عقل:

تماما، هذا عام 1964م. قمة 1967م التي عقدت في الخرطوم كانت بسبب كارثة هزيمة 1967م، قمة عام 1970م المحدودة التي عقدت في القاهرة كانت بسبب الأحداث الدامية التي جرت في شهر سبتمبر في الأردن والصدام الذي جرى بين الفدائيين والسلطة الأردنية ، قمة 1973م في الجزائر عقدت بسبب حرب أكتوبر أيضاً كرد فعل وليس كقمة عادية تخطط أو ترسم أو تسعى لوحدة إرادة هذه الأمة العربية.

1976م عقدت قمة محدودة في الرياض نتيجة الأحداث الدامية والحرب الأهلية التي كانت تجري في لبنان، ونتج عنها – أهم ما نتج عنها- إنشاء قوة الردع العربية.

قمة 1978م التي عقدت في بغداد كانت رداً على زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل فهي ردة فعل أيضاً لنكسة كبيرة اعتبرتها الأمة العربية.

قمة 1981م اجتمعت لتبحث في مشروع الملك فهد بن عبد العزيز – وكان يومها ولياً للعهد- مشروع السلام الذي صدر باسمه، وكانت الأمة منقسمة حول مشروع السلام الذي تضمن سبع نقاط أساسية، ولذلك اجتمعت لأنه كان هناك انقساماً في صفوف الأمة العربية حول مشروع الملك فهد.

قمة 1982م التي عقدت في "فاس" عقدت في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كارثة كبيرة، وفي أعقاب إعلان إسرائيل أن الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل.

قمة 1987م في الجزائر عقدت بسبب الانتفاضة، وتقرر في هذه القمة أن يصرف كمية كبيرة من ملايين الدولارات لدعم الانتفاضة، وللأسف لم تدفع هذه المبالغ.

قمة 1990م –بطبيعة الحال- عقدت بسبب كارثة اجتياح العراق للكويت.

قمة 1996م التي عقدت في القاهرة بسبب فوز نتنياهو ومجيء اليمين الإسرائيلي المتشنج إلى الحكم.

والآن القمة الأخيرة التي عقدت فهي بسبب الانتفاضة.

فجميع القمم العربية هي عبارة عن ردود فعل، قراراتها لم تنفذ، معظمها لم تنفذ، قراراتها كانت إنشائية، ولم تحصل الأمة العربية على نتيجة ملموسة من خلال هذه السلسلة من القمم العربية التي بدأت منذ أوائل الستينات.

جميل عازر:

ما نوع القرارات التي يمكن أن تكون قد توقعتها من القمة العربية الأخيرة مثلاً، على أن نكون واقعيين في مثل هذه التوقعات؟

باسل عقل:

والله أنا سأبدأ- حتى أكون منصفاً في حكمي على هذه القمة الأخيرة- سأبدأ في إيجابياتها القليلة حتى أنتقل إلى سلبياتها الكثيرة.

من إيجابيات القمة الأخيرة التي عقدت في القاهرة أنها انعقدت، مجرد انعقاد هذه القمة كتعبير عن رغبة في توحيد الإرادة العربية هو إنجاز عربي..

إعلان

جميل عازر:

لم الشمل.

باسل عقل:

لم الشمل، لأننا منذ عام 1996م وهي آخر قمة عربية عقدت في القاهرة ونحن نسعى لالتئام جمع الملوك والرؤساء العرب، ولكن هناك تعبير أمريكي دبلوماسي أثير يقول:The Arab summit is not conducive to the peace process.

الإدارة الأمريكية تقول أن القمة العربية لا تساعد على عملية السلام، وأنا أعتقد هذا الموقف الأمريكي كان سبباً أساسياً في عدم انعقاد القمة طيلة السنوات الأربع الماضية.

فمجرد انعقاد القمة هذا يسجل أنه من الإيجابيات. الإيجابية الأخرى أن القمة حسمت أمرها –والحمد الله- بالنسبة إلى القدس، والتمسك بالقدس الشريف على أنها جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وأنها من الأراضي التي احتلت عام 1967م، وهذا موقف حاسم قاطع في هذا الظرف الذي تسعى فيه إسرائيل لفرض سيادتها على المسجد الأقصى. الإيجابية الثالثة- في تقديري- أنها قررت صرف الأموال من خلال الصندوقين اللذين أنشئا على الشعب الفلسطيني الصامد الصابر، ولو لم تحدث المذابح التي حدثت في فلسطين، ولو لم تقصف إسرائيل بهمجية ووحشية الشعب الفلسطيني جواً وبراً ما كنا قد قررنا الدعم المالي للشعب الفلسطيني.

هذا بالنسبة للإيجابيات، أما بالنسبة للسلبيات فأنا أقول أولاً أن القمة تفتقر إلى مفهوم المبادرة ..هي اجتمعت لأن هناك مذابح تجري في فلسطين، لو لم تجر المذابح..

جميل عازر:[مقاطعاً]

كرد فعل يعني

باسل عقل:[مستأنفاً]

لم تنعقد، ثانياً: انعقدت متأخرة، كان على القمة العربية أن تنعقد فوراً، وأنا هنا أتساءل: لو دعت واشنطن إلى انعقاد القمة العربية لكانت انعقدت خلال 48 ساعة ولدينا أمثلة في التاريخ القريب، كيف انعقدت القمم في شرم الشيخ؟ لماذا نتأخر عشرين يوماً حتى تنعقد القمة العربية والشعب الفلسطيني يذبح على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية، ولذلك هذا مأخذ آخر على القمة أنها تأخرت في الانعقاد، أنها لا تملك المبادرة، وهي عبارة عن رد فعل.

المأخذ الثالث –في تقريري- لم يصدر عن القمة موقف سياسي عملي، ياسر عرفات حضر القمة ثم عاد إلى غزة، عاد إلى المربع رقم واحد. لا زال ياسر عرفات اليوم يواجه الموقف السياسي التالي:

هو وقع اتفاقات مع الحكومة الإسرائيلية، الحكومة الإسرائيلية ترفض أن تنفذ هذه الاتفاقات، إسرائيل تحتل 88% من أراضي فلسطين التاريخية وتنازعنا الآن على 23% مما تبقى من فلسطين. طيب عاد ياسر عرفات بعد هذه القمة، وبعد كل كلمات التأييد لنضال الشعب الفلسطيني، وتقدير تضحياته ليبدأ من جديد المسيرة إياها دون أن يصدر عن القمة العربية برنامج سياسي، موقف سياسي، أن تشكل لجنة من أربع ..خمس رؤساء عرب تقول أن مهمة هذه اللجنة- على مستوى الملوك والرؤساء- هي متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. أن نضع هذه القضية على مستوى معين لم يحدث هذا بطبيعة الحال، وإنما تكلمنا كلاماً عاماً دون أن نحدد برنامجاً يقول: إذا لم يحدث كذا فإن العرب مضطرين أن يفعلوا كذا وكذا.

نقطة أخرى، أمريكا هي الوسيط، ولكنها وسيط غير نزيه، وهي راعية للسلام، ولكنها راعية منحازة لإسرائيل، ألم يكن بالإمكان توجيه بعض العبارات اللبقة، ولا أقول القاسية..

جميل عازر:

الدبلوماسية.

باسل عقل:

معاذ الله أن نقول عبارات قاسية إلى حكومة الولايات المتحدة، ونلفت نظرها إلى مسؤوليتها بشأن ضرورة إقرار السلام، والعمل على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الفلسطينيين وإسرائيل.

أنا أتكلم من منطلق السلام وليس من منطلق الحرب، الرئيس كلينتون في خطابه في حديقة البيت الأبيض في عام 1993م أعلن –عندما وقعت اتفاقات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني- أن حكومة الولايات المتحدة- واشنطن- تتعهد بتنفيذ هذه الاتفاقات، لقد نسى الناس هذا الكلام ..هذه كانت كلمات كلينتون الحرفية.

أين تعهد الإدارة الأمريكية بشأن تنفيذ هذه الاتفاقات؟!

جميل عازر:

طيب..

باسل عقل:

ثم إذا أذنت لي أن أكمل انتقاداتي للقمة العربية، وأنا أحاول أن أكون موضوعياً قدر الإمكان.

جميل عازر:

طيب.

باسل عقل:

الاقتراح الذي تقدم به سمو ولي العهد السعودي مشكوراً، ونحن – أو أقول أنا كفلسطيني- أقدر هذه المبادرة كل التقدير، ولكنني كنت أعتقد أن القمة مجتمعة كانت ستقرر مبلغاً أكبر من ذلك بكثير.

إعلان

القدس – إذا كنا جادين في إنقاذ القدس- تحتاج لوحدها إلى صندوق لا يقل عن بليوني دولار، نحن نريد أن نحافظ على الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الذي تذيبه إسرائيل يومياً منذ سنوات. نريد أن نبقي على الشعب في القدس، لأن الشعب لا يستطيع أن يبقي في القدس في ظل هذه الظروف.

نريد أن نحافظ على تراثنا، أن نرمم أبنيتنا، أن نبقي القدس قدساً عربية، المبالغ ..

جميل عازر:[مقاطعاً]

وتمنع الهجرة الهجرة من القدس.

باسل عقل:[مستأنفاً]

تمنع الهجرة من..، المبالغ التي قررت الواقع هي مبالغ متواضعة جداً، وأنا أقول –مع ذلك- العبرة بالتنفيذ، لأنني أخشى إذا أخطأ الرئيس عرفات غداً في خطوة من خطواته أو في تصريح من تصريحاته فقد يعاقب، وقد لا تدفع المبالغ إما كليا أو جزئيا.

ولذلك أنا لست متفائلاً كثيراً بأن هذه المبالغ ستدفع.

جميل عازر:

طيب، على ذكر الرئيس عرفات، لابد وأن يتساءل الفلسطيني أولاً، والعربي بوجه عام عن القيادة الفلسطينية، هل لا تزال في موقع تستطيع من خلاله أن تعبر عن مشاعر الشارع الفلسطيني؟

هل لا تزال في موقف يمكنها من تحصيل الحقوق الفلسطينية بالأسلوب الذي عهدناه في الفترة الماضية؟

باسل عقل:

يعني أفهم أن سؤالك من شقين:

الشق الأول: يتحدث كما تتحدث كثيراً بعض أجهزة الإعلام الغربية أن الأمور فلتت من يد عرفات، وأن عرفات لا يملك السيطرة على الموقف، وقد تابعنا هذه الأمور كثيراً خاصة وأنني أعيش في الغرب وأسمع وأقرأ هذه المقولات يومياً، دعني أقول أن ما يجري الآن في فلسطين هو ثورة، هو انتفاضة شعبية تقوم بها الجماهير الفلسطينية، ياسر عرفات لا يملك زراً سحرياً يضغط عليه فتخرج الجماهير الفلسطينية إلى الشوارع، واضح أن هناك ثورة شعبية عفوية فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لأنه لقد بلغ السيل الزبي بالشعب الفلسطيني ولم يعد يحتمل أكثر من ذلك، بطبيعة الحال ياسر عرفات على رأس تنظيم فلسطين، هو أكبر تنظيم فلسطيني، ولذلك هو يستطيع أن يحرك تنظيمه، وأن يلعب دوراً أساسياً في هذه الانتفاضة، ولكن بالإضافة إلى فتح هناك جماهير الشعب الفلسطيني وبقية تنظيمات الشعب الفلسطيني، وأنا أعتقد كلها اليوم مساهمة في هذه الثورة وهذه الانتفاضة الشعبية.

جميل عازر:

ولكن هناك قطاع من الرأي الذي يشير إلى أن القيادة الفلسطينية في هذا الظرف بالذات تحتمي وراء جثث الأطفال، وحتى هناك من يقولون: إنهم يتحنون بدماء الشهداء.

باسل عقل:

لماذا؟ لأنه سقط عدد من الأطفال الفلسطينيين، هذه ثورة كل الشعب الفلسطيني، ثورة رجل الشارع الفلسطيني، ثورة العامل الفلسطيني، ثورة المهندس الفلسطيني، وماذا إذا خرج الجميع بما فيهم بعض الأطفال وسقط الأطفال شهداء؟ لماذا يعني هذا أن القيادة الفلسطينية تحتمي وراء جثث الأطفال؟ أعتقد أن هذا حكم قاسي –الحقيقة- ولا يجوز أن نعيره أي اهتمام.

أنا أريد أن أعود إلى الجزء الآخر من سؤالك، بالنسبة هل القيادة الفلسطينية قادرة –كما فهمت منك- على إدارة الصراع؟ والله أنا عايز أقول: بعد مواقف القيادة الفلسطينية في مفاوضات كامب ديفيد الأخيرة التي جرت في واشنطن، وأنا أتكلم هنا بتواضع عن.. بعد اطلاع أنا أعتقد إنه هذه القيادة مؤهلة لأن تقود نضال الشعب الفلسطيني لأنها عندما واجهت الثوابت عرفت كيف تتعامل مع الضغوط التي مورست عليها سواء من الإدارة الأمريكية أو من الحكومة الإسرائيلية، فحافظت على الثوابت وصمدت ورفضت أن تتنازل قيد أنملة، وهذه القيادة الفلسطينية موجودة الآن على أرضها، وهذا أهم شيء بالنسبة لنا، أن يكون القيادة الفلسطينية موجودة على الأرض الفلسطينية تساهم في إقامة المزيد من البني التحتية، وإقامة المؤسسات، وتدعيم الكيان الفلسطيني إلى أن يأتي الوقت الذي نعلن فيه دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ولذلك هذه القيادة لا أرى اليوم أنها خرجت عن خطها، بل بالعكس إنها تدير الصراع باقتدار وكفاءة.

جميل عازر:

طيب هل بإمكانك أن تقنع أطرافاً معارضة للاتفاقيات – اتفاقيات السلام مع إسرائيل- مثل الجهاد، مثل حماس وغيرهما؟

باسل عقل:

والله قد لا أستطيع أن أقنع هؤلاء الجماعات، لكن لا بأس أن يكون لدينا– أيضاً- قطاع من الشعب الفلسطيني، شريحة من الشعب الفلسطيني تعارض، وهذه بطبيعة الحال ظاهرة صحية، دعهم يعارضون، ولكل مجتهد نصيب.

جميل عازر:

طيب في رأيك في ظل الظروف الراهنة ما الذي حل بمشروع الدولة الفلسطينية الآن؟

باسل عقل:

الدولة الفلسطينية –يا سيدي- باختصار إذا كانت ستقوم.. ما هي الدولة؟

دعنا نسأل: ما هي الدولة؟

الدولة عبارة عن أرض وسيادة وشعب، نحن الآن لم نسترد الأرض التي نريدها وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وفقاً للقرار 242 أي: حدود 1967م نحن لم نسترد الأرض حتى الآن، ونحن لم نسترد باقي الشعب الفلسطيني المشرد المشتت كلاجئين، ونحن نمارس سيادة منقوصة على الأرض الفلسطينية.

دعنا نلتفت إلى بناء مؤسساتنا وبنانا التحتية، ندعم وجود هذا الكيان الفلسطيني، وأنا أعتقد أن الدولة هي عبارة عن شكل.. فلنلتفت إلى الجوهر، والدولة قادمة إن آجلاً أو عاجلاً.

جميل عازر:

أليس هذا موقف يتراجع عن المواقف المعلنة من جانب القيادة الفلسطينية بأننا نريد إعلان الدولة في الموعد الفلاني، وتراجعنا، وفي الموعد الفلاني وتراجعنا، والآن..

باسل عقل:[مقاطعاً]

والله يعني..

جميل عازر:[مستأنفاً]

ننتظر الخامس عشر من نوفمبر؟

باسل عقل:

لا يوجد تاريخ الآن، لا أكتوبر ولا نوفمبر، وأنا كنت دوماً ضد إعلان تواريخ معينة للدولة الفلسطينية. الدولة هي شكل نحن نريد الجوهر، والجوهر هو نريد الأرض، ونريد السيادة كاملة، ونريد عودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه، وهذه العناصر الثلاثة لم تكتمل، وإذا لم تكتمل يجب ألا نعلن الدولة، أما أن نعلن الدولة ثم نعلن أننا مستمرون في التفاوض فإن التفاوض في هذه الحالة سيكون عبثياً وأبدياً، ولن نصل إلى نتيجة، نحصل على حقوقنا، نضمن وجود العناصر الأساسية الثلاثة وهي: الأرض والسيادة والعودة، ثم نعلن دولة.

جميل عازر:

طيب في نهاية الحديث أريد أن أعود إلى البداية، إلى موضوع الانتفاضة، إلى أين في اعتقادك؟

باسل عقل:

الانتفاضة؟

جميل عازر:

نعم.

باسل عقل:

والله هذا سؤال التكهن به قد يكون صعب، ولكنني – كما أشاهد وكما أرى وكما أسمع- أنا لا أعتقد أن هذه الانتفاضة مرشحة لأن تنتهي قريباً.

جميل عازر:

السيد باسل عقل شكراً جزيلاً.

باسل عقل:

شكراً لك.

المصدر: الجزيرة