
أنيس النقاش .. عملية فيينا
مقدم الحلقة | غسَّان بن جدُّو |
ضيف الحلقة | أنيس النقاش: أبرز مخططي عملية فيينا |
تاريخ الحلقة | 21/12/2000 |
![]() |
![]() |
غسَّان بن جدُّو:
مشاهدينا المحترمين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الزمان في مثل هذا اليوم بالذات قبل ربع قرن أي في الواحد والعشرين من شهر ديسمبر كانون الأول عام 1975م، المكان العاصمة النمساوية فيينا، الموقع مقر اجتماع وزراء نفط دول أوبك، الحدث: اقتحام مجموعة من الكوماندوز الموقع، واحتجاز من كانوا فيه من وزراء النفط كرهائن.
آنئذٍ اهتز العالم كله لضخامة الحدث، ولوقع العملية المفاجئة غير المسبوقة، وصُدم المعنيون وقاداتهم، وحكوماتهم ودولهم، وربما شعوبهم أيضاً، وفوجئ حتى أقرب المقربين لمنفذي العملية، وباتت فيينا –وقت ذاك- هي الجغرافية الوحيدة القائمة، بل باتت فيينا هي العالم كله قبل أن تخطف العاصمة الجزائرية الجزائر الأضواء، وتصبح هي مركز اهتمام العالم، ربما لأن قصة الاحتجاز انتهت هناك.
طبعاً ضخامة القضية وهول وقعها لم يرتبط بعملية الاحتجاز في ذاتها، بل لأن المحتجزين كانوا وزراء الذهب الأسود ومندوبي بلدان تسيطر على منابع النفط، وكان لهذه البلدان دور مؤثر –ولو نسبياً- في هامش من القرار الإقليمي والدولي، آنذاك برز اسم كارلوس قلنا آنذاك عُرف الأرجنتيني كارلوس الذي اختار الانضمام للثورة الفلسطينية والتعاطي معها، وبها، وباسمها على طريقته، لكن العالم يجهل أن واحداً من أبرز مخططي عملية فيينا وأعضاء الكوماندور المنفذ كان اللبناني أنيس النقاش.
طبعاً اسم أنيس النقاش عُرف على المستوى العالمي في شهر تموز يوليو عام 1980م، عندما حاول اغتيال رئيس وزراء إيران في عهد الشاه (شابور بختيار) لكن العملية فشلت، وحُكِم عليه بالسجن المؤبد قضى عشر سنوات منها قبل أن يُفرج عنه وتقله ورفاقه طائرة خاصة من باريس إلى طهران، اليوم بعد عشر أعوام من الصمت قرر أنيس النقاش أن يتكلم ويفتح دفاتره، ولنتصفح معه بعض أوراقها.
لكن حديثنا لن يلامس التاريخ فقط على أهميته وجاذبيته لاسيما في قضايا كهذه، ولن نقتصر على العودة بالذاكرة إلى الوراء وكشف تفاصيل سياسية وأمنية، وجهات حركية وحتى عربية رسمية ودولية، بل سنحاول ما استطعنا –إلى هذا وذاك- أن نحيط بالملفات وبإطارها البيئي العام سياسياً وثورياً، محلياً وإقليمياً ودولياً ما يتعلق بالثورة الفلسطينية وأجهزتها، وأقطابها، ومصالحها، وما يتصل بالثورة الإيرانية والخيط الذي يربطها بالثورة الفلسطينية وقت ذاك، وصولاً إلى المرحلة الراهنة، وسنناقش جوهر عمليات كهذه، هل هي إرهابية كما درج الغرب على تسميتها، أم نضالية كما يصر أصحابها على ترسيخها؟ أنيس النقاش ضيفنا في (لقاء اليوم) ويسعدنا أن نستضيفه في أول إطلالة تليفزيونية عربية له.
مرحباً بك سيد أنيس النقاش.
أنيس النقاش:
شكراً لكم أستاذ غسان، وشكراً للجزيرة التي أتاحت لنا هذه الفرصة لكي نوضح بعض صفحات من تاريخنا، ونوضح خلفيات بعض العمليات وبعض التحركات، وما جرى من حولها من أمور كانت غامضة لفترة من الفترات، ونعتقد أن من حق الجمهور ومن حق شعوبنا أن تعرف حقائق هذه الأمور.
غسَّان بن جدُّو:
سيد أنيس النقاش.. كما قلنا اليوم 21 ديسمبر 2000م قبل ربع قرن تمت عملية فيينا تماماً، يعني في 21 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1975م وقت ذاك يعني قلة قليلة جداً كانت تعرف أن أنيس النقاش كان عضواً أساسياً بل ربما أحد المشرفين الرئيسيين على تلك العملية، ولكن مع ذلك قبل أن ندخل في تفاصيل هذه العملية، يعني باختصار شديد.. كيف يمكن أن نُعرِّف أو نعرف أنيس النقاش؟
أنيس النقاش:
أنيس النقاش وُلد في بيروت عام 51، في عائلة لبنانية، تأثر في المحيط السياسي العربي والذي يحيط بنا، ودخل في السياسة منذ عمر متقدم، منذ كان عمري 16 سنة أصبحت عضواً في حركة فتح التي كانت تقود –ومازالت تقود- النضال الشعبي الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، والأمور.. الظروف التاريخية والسياسية والانغماس في هذا النضال أدى إلى أن نكون في مواقع متعددة، وظروف تاريخية متعددة، وأحداث كبيرة مهمة، لعل الله وعسى أن يُعيننا على توضيحها في هذه..
غسَّان بن جدُّو:
من هذه الأحداث هي عملية فيينا الشهيرة، الحقيقة أن منذ ذلك والجميع يعرف بأن كارلوس هو قائد تلك العملية، بل لا أحد كان يعرف أي اسم آخر، ما هو كان دورك بالتحديد في عملية فيينا؟ يعني هل كنت مجرد عنصر تنفيذي، هل كنت أحد المشرفين، ماذا كان دورك بشكل واضح؟
أنيس النقاش:
عُرف من الأسماء كارلوس، وعُرف من الأسماء خالد، الرجل الثاني بالعملية، وعُرف أن هناك فتاة ألمانية وآخر ألماني كُشف اسمه، أنا كنت خالد في هذه العملية، ولكن من المهم جداً أن نوضح خلفية تواجد مناضل منفتح معروف على الساحة اللبنانية والفلسطينية أنه مسؤول في التنظيم الطلابي لحركة فتح في عملية كهذه، عُرفت –فيما بعد- أنها مرتبطة بوديع حداد وجناح العمليات الخاصة في الجبهة الشعبية، وأُعلنت هذه العملية تحت اسم ذراع الثورة العربية في حينها، عملية فيينا.
هذه -باختصار- نستطيع أن نعطيها عنوان يرتبط بأمن الثورة السياسي، ومهمتنا في ذلك الحين أن نُشرف ونراقب كحركة أم في الثورة الفلسطينية، على تحركات المنظمات الأخرى لتحقيق هدفين، الهدف الأول مساعدتهم على عدم الاختراق الأمني من قوى معادية، ولو أنهم لا يدرون طبيعة مهمتنا، المهمة الثانية هي أن نراقب البعد السياسي لأي عمل عنفي قد تقوم به بعض المنظمات بما يضر أو ينفع القضية الفلسطينية.
غسَّان بن جدُّو:
من اتخذ القرار بتنفيذ عملية فيينا؟ تتحدث عن وديع حداد، أليس كذلك؟
أنيس النقاش:
نعم.
غسَّان بن جدُّو:
طيب، كيف –بالتحديد- نسقتم مع وديع حداد الذي كان مسؤول أمني في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقت ذاك؟
أنيس النقاش:
وديع حداد هو الذي اتخذ جزء مهم بالقرار لتنفيذ هذه العملية، ولكن هناك خلفية سياسية أكبر من ذلك، هذه أول مرة أنا أتحدث فيها بالعلن عن هذا الموضوع على الجزيرة، وديع حداد كان يقوم بعدة عمليات، وقام سابقاً بعدة عمليات، خطف طائرات، الهدف منها كان الإعلام عن وجود القضية الفلسطينية والتأثير في الرأي العام العالمي، هذه العملية، عملية فيينا، أين موقعها من القضية الفلسطينية؟ هذا سؤال وكيف كانت تخدم القضية الفلسطينية؟
حقيقة الأمر أنها لم تكن تخدم القضية الفلسطينية، ولو أنها جاءت تحت عنوان البحث عن مصادر تمويل من أجل دعم بعض الفصائل الفلسطينية، ولو أنها جاءت تحت عنوان –إذا جاز التعبير- معاقبة دولتين عُلما –في بداية الـ 75- أنهم وبإيعاز من وسوسة الشيطان الأكبر، اللي هي الولايات المتحدة، لهم تورطوا في عملية تمويل بدايات الحرب الأهلية في لبنان..
غسَّان بن جدُّو:
يعني حتى نمشي معك خطوة خطوة يا سيد النقاش، يعني أنت تريد أن تقول بأن الهدف الأساسي لعملية فيينا كان التمويل، ومعاقبة دولتين، مين الدولتين؟
أنيس النقاش:
هذه القضية لم تعد خفية لمن اطلع وقتها على الأمور في لبنان، لأن الحركة الوطنية وقيادة الثورة الفلسطينية اكتشفت أنه بإيعاز من الولايات المتحدة والـ C. I. A بالذات، كان قد طُلب من إيران، حكومة الشاه في حينها، والمملكة العربية السعودية في حينها أن يُموِّلا أطراف يمينية وأحزاب لبنانية في بدايات الحرب الأهلية، تحت شعار مكافحة الشيوعية والتيار اليساري الذي يمكن أن ينقض على لبنان ويأخذ لبنان، وعندما عُلم هذا التورط جرى بحث ومناقشة صريحة مع السلطات السعودية، أدت إلى تراجعها واعترافها بهذا الخطأ في حينها، وأنا أذكر أن السعودية أرسلت بمعونات للثورة الفلسطينية، معونات عسكرية –حتى- لتعادل هذا الخطأ..
غسَّان بن جدُّو[مقاطعاً]:
قبل عملية فيينا أو بعد عملية فيينا؟
أنيس النقاش:
قبل عملية فيينا، أما مع حكومة الشاه في إيران فهذا لم يكن موجوداً، لأنها هي أصلاً هي كانت معادية للثورة الفلسطينية، خلفية العملية أنه بما أن هاتين الدولتين تورطتا في دعم قوى معادية للثورة فلا بأس من أن نعيد الدفة إليهم، ونجبرهم على تمويل القوى الثورية في لبنان، غير الهدف التمويل، ظهر ضمن التعليمات التي جاءت من أجل تنفيذ هذه العملية..
غسَّان بن جدُّو [مقاطعاً]:
لا، عفواً.. لا، عفواً.. حتى نفهم، يعني انتم كان الهدف أن تقوموا بهذه العملية من أجل أخذ أموال المملكة العربية السعودية ومن إيران، من أجل تمويل ماذا؟
أنيس النقاش:
منظمات فلسطينية اللي كانت هي وديع حداد وأحد أجنحة الجبهة الشعبية..
غسَّان بن جدُّو:
يعني جزء من الحرب الأهلية في لبنان وقت ذاك؟
أنيس النقاش:
نعم.
غسَّان بن جدُّو:
نعم، هذا هو كان الهدف، وليس الهدف السياسي الذي أُعلن وقت ذاك.
أنيس النقاش:
لأ، الهدف السياسي أظن أنا أنه كان تغطية، أنه إجبار الحكومة النمساوية على إذاعة بيان كل فترة نشرة أخبار لمدة 24 ساعة تأييداً للقضية الفلسطينية، يعني إذا أحد يريد أن يُعلن بيان سياسي لا يأخذ 13 وزير نفط من أجل هكذا موضوع، ولكن هذه كانت ظاهر الموضوع أثناء فيينا من أجل الوصول إلى الخطوة الثانية من هدف العملية اللي هو طلب دفع هذه الفدية للإفراج عن الرهائن.
غسَّان بن جدُّو:
كم كان المبلغ المطلوب؟
أنيس النقاش:
حوالي خمسة مليون دولار من كل دولة، واللي هو يقارب –تقريباً- نفس المبلغ الذي دُفع للقوى اليمينية اللبنانية في ذلك الحين..
غسَّان بن جدُّو[مقاطعاً]:
يمينية تقصد يعني..؟ ماذا تقصد؟
أنيس النقاش:
بالذات كانت حزب الكتائب وأطراف تانية، يعني هم الدولتين ما هما اللي صرفوا هذه الأموال، أخذوا إلى أقنية أخرى أمريكية وغيرها، وكأن الأجهزة هي التي دفعت، ويومها ذهب كمال جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية، وكان فيه مصارحة في هذا الموضوع، ووفد من الحركة الوطنية صارحهم في هذا
الموضوع، والرئيس ياسر عرفات في حينها قائد منظمة التحرير صارحهم في هذا الموضوع.
أما مع الحكومة الإيرانية فلم يكن هناك أي مصارحة أو أي مجال لهذا الموضوع، الهدف الآخر الذي ظهر في التعليمات لتنفيذ العملية،واللي هو يوضع حواليه علامة استفهام كبرى، هو إنه بعد الحصول على هذه الفدية يجب إعدام وزيرين من وزراء النفط، أحمد زكي اليماني، وأمودزجار الذي كان وزير النفط الإيراني في حينها، لا أجد أي مكان يُفسر أهمية إعدام هذين الوزيرين في القضية الفلسطينية، كان حتماً هناك قرار سياسي مشبوه يؤدي إلى أغراض أخرى
ليس لها علاقة لا بدعم الفصائل الفلسطينية ولا في معاقبة –حتى- أي نظام رجعي.
يعني إذا كان أحد يريد أن يضعها تحت هذا الإطار هناك ألف وسيلة ووسيلة لمعاقبة بعض الأنظمة من اغتيال وزير نفط، عندما جاءت الأوامر بهذا التنفيذ كنت في عملية تحرير مع بعض الإخوان في فتح، وكان من الواضح أن الهدف من هذه العملية هي ضرب وحدة منظمة الأوبك التي تمثل منظمة تمثل دول عالم ثالث منتجة للنفط في وجه الدول الصناعية المتقدمة التي هي مستهلكة للنفط، وكان هناك ظروف سياسية في ذلك الوقت، نوع من شد الحبال بين منظمة الأوبك والدول الصناعية، حول دور مساعدة دول العالم الثالث والتبرع من هذه الأموال، وأسعار النفط وغيرها، استهداف وحدة منظمة الأوبك –في حد ذاته- كان يُعبر –بالنسبة إلنا ولتحليلنا- واحد من أكبر المؤامرات على منظمة من هذا المثال.
وبالتالي بالطبع كانت المهمة هو كيف أن أعمل على أن أُفشل هذه العملية، إن لم يكن بالشكل الكامل في هذا لجزء منها الذي هو الإعدام، لا نأخذ التصور في السيناريو اللي كان المفروض أن يحصل بعد خطف الوزراء من فيينا، والذهاب إلى الجزائر للمفاوضات على الفدية، الذهاب فيهم إلى أحد الأماكن، إما بغداد وإما عدن في اليمن، وتصفيتهم في بغداد أو اليمن، ماذا سيحصل بعد ذلك؟ وبأي جُرم ارتكبوه يُعدموا هذا..؟ تحت أي عنوان سياسي؟
طبيعياً.. إذا كان في بغداد سيوتر الوضع مباشرة ما بين إيران والعراق من جهة وما بين العراق والمملكة السعودية من جهة أخرى، في ذلك الحين كان العراق قد وقع اتفاق الجزائر للتفاهم بعدم التدخل والمس بالمصالح المشتركة ما بين إيران والعراق، ووقف الحرب الكردية في شمال العراق، وكل ذلك تم تحت جمع الصف العربية من أجل ألا يستمر العراق في تورطه في هذه المشاكل، من أجل أن ينتبه إلى القضية الفلسطينية، مع السعودية الوضع أسوأ، دولتان عربيتان تجري عملية إعدام على أرض عربية أخرى لوزير عربي.
أما لو كان في عدن فكان ذلك أيضاً من المصايب الكبرى، لأن إيران والسعودية ستنكبان على عدن، اللي هي تعتبر قاعدة كانت يسارية في ذلك الحين، فهذا الهدف كان مشبوه ويجب أن نعمل بأي وسيلة على عدم تنفيذه.
غسَّان بن جدُّو:
كارلوس كان عنده أوامر صريحة بإعدام الرجلين، الوزيرين؟
أنيس النقاش:
الأوامر جاءت إلي أولاً كمسؤول عن تنفيذ العملية، ثم بعد ذلك..
غسَّان بن جدُّو[مقاطعاً]:
يعني أنت أنيس النقاش الذي كنت مسؤولاً عن تنفيذ عملية فيينا؟
أنيس النقاش:
نعم.. نعم، كُلفت في البداية أن أترأس المجموعة لتنفيذ هذه العملية، ثم بعد ذلك ارتؤى أن يشارك كارلوس في العملية، لأنه لديه خبرة في مثل هذه العمليات، وممكن أن يساعد، ولكن بشرط حسب أوامر وديع حداد، أن تتم المفاوضات عن طريقي أنا، وأن يشارك هو في العمل العسكري فقط منه العملي، وألا يُعلن عن وجوده في.. الذي حصل، وهذه أقدرها لكارلوس كمناضل سياسي.
ومازال حتى الآن أتعجب أن هذا الفانزويلي الأجنبي استطاع أن يستوعب مخاطر تنفيذ مثل هكذا عملية أكثر من بعض القادة العرب أو الفلسطينيين الذين كان ممكن أن يتورطوا في هذه المسألة، في حديث بعد أن تمت عملية الاستطلاع، جلسنا في مقهى خلف مبنى الأوبك وقال لي: كيف ترى الأمور حتى الآن من الاستعدادات؟ فقلت له: كل الأمور تسير بشكل جيد والاستطلاع كان إيجابي، ولكن أنا لي مسألة سياسية عموماً، أن نأخذ فدية من هاتين الدولتين فأنا أؤيد مائة بالمائة، لأنهم قد دفعوا سالفاً وسابقاً لقوى معادية.
أما أن نقوم بتنفيذ حكم الإعدام على هذين الوزيرين فلنذهب بهذا السيناريو إلى أبعد حدود، ونرى ماذا سيكون وضع بغداد أو وضع عدن بعد هكذا العملية، وما هو وضع الأوبك عموماً إذا كانت ستستطيع أن تجتمع خاصة إذا عُرف أن فيه أيدي عربية متورطة في الأمر، فهو أعجب بهذا التحليل، وأيدني بقوله: إنك تقوم بتحليل سياسي جيد، دون أن نعلن صراحة أنه وافقني على عدم تنفيذ هذا الموضوع.
ولكن كان هناك نوع من التفاهم الضمني، فأنا –بالمقابل- رديت هذا التفاهم بأنه إعلان اسمك في العملية قد يرهب القوى المفاوضة، ويساعد على أن ننجح إذا عرفوا أنك موجود، فتبادلنا الأدوار، أن يأخذ هو صدارة المفاوضات، وأن أستمر أنا في السيطرة على المجموعة.
غسَّان بن جدُّو:
طيب جميل .. سيد نقاش في كل ما تتفضل به، لكن أنت تتحدث الآن عن أنيس النقاش، وعن كارلوس، وعن وديع حداد وعن هذه الجهات التي خططت ونفذت.. لكن هل يُعقل أنه كل هذه العملية، الضخمة والقوية والكبيرة، والتي لا سابق لها، لا تكون هناك جهة غير وديع حداد، فوق وديع حداد، أكبر من وديع حداد، وحتى من الجبهة الشعبية وبعض القوى الفلسطينية هي اللي وراء العملية، من هي الجهة التي كانت وراء العملية حقيقة؟
أنيس النقاش:
لنفس السبب السياسي الذي دعاني إلى إفشال هذه العملية واللي يتلخص في عدم صب الزيت على النار ما بين النظم العربية والقوى العربية وقوى العالم الثالث، نفس الهدف هو الذين يدعوني إلى عدم الإفشاء عن اسم الدولة التي كان لها مصلحة في هذا الموضوع، خاصة بعد مرور كل هذه السنوات.
أنا أؤكد –نعم- أن هناك دولة كان لها طرف في توجيه هذا العمل بألا يكون
-فقط- تمويل، لأسباب خاصة فيها وبعلاقتها مع أحمد زكي اليماني بالذات، أمودذجار كان ملحق في الموضوع، وكان لها دور في توجيه هذا الأمر، ما المصلحة الآن أن نقول هذه الدولة أو تلك الدولة..؟
غسَّان بن جدُّو:
طب هل هذه الدولة عربية؟
أنيس النقاش:
نعم هي دولة عربية.
غسَّان بن جدُّو:
هل هذه الدولة كانت عضو في منظمة أوبك؟
أنيس النقاش:
هي عضو في منظمة أوبك، وللأسف بعضويتها في أوبك أنا أطرح علامة استفهام، أين كانت ستكون وحدة الأوبك بعد تنفيذ هكذا حكم إعدام؟
غسَّان بن جدُّو:
ووزير نفطها كان حاضراً وقت ذاك، وكان من بين الرهائن؟
أنيس النقاش:
نعم.
غسَّان بن جدُّو:
ولم يكن معه علم بالموضوع؟
أنيس النقاش:
نعم.
[موجز الأخبار]
غسَّان بن جدُّو:
سيد النقاش.. كنت تتحدث عن الدولة العربية التي كانت وراء هذه العملية، أنتم اقتحمتم مقر أوبك وقت ذاك في فيينا، كيف تعاطيتم مع الوزراء؟ وكيف تعاطى معكم الوزراء؟
أنيس النقاش:
مباشرة بعد عملية الاقتحام، والوزراء ومجموع الموظفين –حتى- الذين كانوا في الصالة انبطحوا أرضاً خوفاً من إطلاق النار، ثم بعد ذلك قمنا بتقسيمهم إلى مجموعات، مجموعة تضم الوزير السعودي والوزير الإيراني، ومجموعة تعتبر محايدة فيها الكويت، وأندونسيا والنيجر وغيرهم، ومجموعة من الأصدقاء: العراق وليبيا، والجزائر، الذين كانوا في دول الصمود والتصدي.
غسَّان بن جدُّو:
مجموعة إيران والسعودية شو سميتوها؟
أنيس النقاش:
هي مجموعة الأعداء.
غسَّان بن جدُّو:
مجموعة الأعداء.
أنيس النقاش:
دون أن نُسمي، مجرد أن تمت عملية التنظيم أحسوا فيما بينهم طبيعة التقسيم بشكل تلقائي، وكان وضع جداً مضطرب ومتوتر، ولكن مسيطر عليه وهادئ، وبدأنا مفاوضات بطلب من الحكومة النمساوية أن تأتي بالملحق السفير الليبي لبدء المفاوضات، فقالوا أنه في سفر خارج النمسا، بعد ذلك طلبنا من السفارة العراقية فجاء القائم بالأعمال العراقي، وبدأنا المفاوضات معه، وقلنا إنه لدينا مطلب هو إذاعة هذا البيان..
غسَّان بن جدُّو:
نعم، السيد أحمد زكي اليماني كان يخشى أن يُغتال، بما أنكم وضعتموه في خانة الأعداء يعني هو والوزير الإيراني؟
أنيس النقاش:
نعم، مجرد عملية التقسيم بهذا الشكل شعر أن هناك تقسيم معين وأن وضعه أخطر من بقية الوزراء، استمر هذا التوتر إلى أن انتهت العملية تماماً من الجزائر.
غسَّان بن جدُّو:
تعاطيتم معه السيد أحمد زكي يماني؟ يعني كيف تعاطيتم معه؟ كنت تتحدثوا معه بالعربية أو لا تتحدثون..؟
أنيس النقاش:
أنا كنت أقف بجانبه تماماً يعني، لم يكن يفصلني عنه شيء، وجرى حديث بيني وبينه عن هويتنا، وبدأ يتحدث أنه هو داعم للقضية الفلسطينية ومؤيد لفلسطيني، ولا يفهم هذا الموضوع، لم نتطرق لمسائل أخرى، ولكن فقط طُلب من بقية كل الوزراء أن يكتبوا رسائل ماذا يريدون، وكان الهدف من كتابة هذه الرسائل هو توجيه رسالة إلى حكومة هذين الطرفين للقيام بما يجب أن يقوموا به.
غسَّان بن جدُّو:
طيب، من الواضح طبعاً أن هذه الدولة العربية لا يمكن أن تكون لا المملكة العربية السعودية ولا الدول التي كانت في خانة المحايدين، يعني أنتم قسمتم هذه الدول، الدول الصديقة: العراق، والجزائر، وليبيا، طبعاً واضح أنك مُتحفظ عن ذكر هذا الأمر أنتم انتقلتم من فيينا إلى الجزائر، ليش اخترتم الجزائر بالتحديد؟ لماذا اخترتم الجزائر؟
أنيس النقاش:
الجزائر لقربها من أوروبا أولاً، لأنه الطائرة كانت لا تستطيع أن تقطع مسافات طويلة distance مسافاتها محدودة، ولكن الجزائر لأن لها تاريخ ثابت في عمليات مفاوضات، في عمليات من هذا النوع، وكانت تلتزم –دائماً- بما تتعهد به تجاه الأطراف جميعاً، ونجحت في عدة محاولات، فاختيرت لأن تكون مركز محطة لبداية المفاوضات جدياً..
غسَّان بن جدُّو:
وكانت المفاوضات ناجحة وقت ذاك؟
أنيس النقاش:
أعتقد أنها نجحت..
غسَّان بن جدُّو:
في الجزائر بالتحديد؟
أنيس النقاش:
نعم، نعم، جرت مفاوضات تم الاتفاق وعدم الإعلان عنها، ثم أخذنا وقت للسفر إلى ليبيا وتونس، كسب وقت لا أكثر ولا أقل ولو أنه كان العنوان إنه أنا نزلت في ليبيا وفاوضت الرائد عبد السلام جلود، وأطلب طائرة 707مداها أطول، لكي نستطيع أن نصل إلى عدن أو بغداد، وقال ليس عندنا من هذه الطائرات ولا نستطيع أن نستأجر، هي عملية إضاعة وقت كانت لا أكثر ولا أقل، و عدنا فجر اليوم التاني إلى الجزائر وأطلقنا سراحهم..
غسَّان بن جدُّو:
يعني ذهابكم إلى ليبيا كان مجرد مسرحية لأن الأساس إنه (سيطلق سراحهم) في الجزائر.. لكن..
أنيس النقاش[مقاطعاً]:
ولو أن جزء من المجموعة لم يكن يفهم إنه هذه ليس منها نتيجة، وكان يتوقع أن نأخذ طائرة أخرى تحت الضغط، ونذهب إلى بغداد، ولذلك استغربوا من عدم تنفيذ المرحلة الثانية من الـ..، اتنين لم يستغربوا هو أنا وكارلوس، الذين كنا تفاهم ضمني ألا يتم هذا العمل.
غسَّان بن جدُّو:
عندما بقيتم في الجزائر، في الجزائر مباشرة بعدما عدتم غادرتم الجزائر أم بقيتم هناك؟
أنيس النقاش:
لا، بقينا فترة في الجزائر في فيلا وضعت في تصرفنا تحت الحراسة، بشكل عادي ومريح..
غسَّان بن جدُّو:
من قِبل السلطات الجزائرية؟
أنيس النقاش:
من قِبَل السلطات الجزائرية، و..
غسَّان بن جدُّو[مقاطعاً]:
هل التقيت مسؤولاً وقت ذاك؟ هل التقيت مسؤولين أم كنتم فقط في فيلا؟ يعني لم تخرجوا من الفيلا لمدة ما بأعرف أنا أسبوع أو عشرة أيام قبل أن تغادروا..
أنيس النقاش:
حصل شيء، كان أحد المفاوضين الأساسيين بالعملية هو الوزير حينه الرئيس بوتفليقة، وزير الخارجية حينها، وأراد بعد يومين أن يتعرف إلى كامل المجموعة ويجلس جلسة مريحة للحديث، ففوجئنا أنهم جاءوا في اليوم الثالث وقالوا: اختاروا ملابس من الملابس الجديدة الذين أحضروها لنا، فسألنا: لماذا؟ قال: لديكم لقاء الليلة مع أحد المسؤولين، فذهبنا كان اللقاء في فيلا رئيس الاستخبارات أحمد ريّا في حينها، وبحضور الوزير بوتفليقة، وقضينا سهرة عشاء كاملة نتحدث في عدة أمور، من (تشي جيفارا) ومعرفته به إلى كاسترو، إلى الثورة الفلسطينية، ولم يتطرقوا جديداً..
غسَّان بن جدُّو [مقاطعاً]:
ولم يعرف اسمك وقت ذاك؟
أنيس النقاش:
لا، الاسم الحقيقي لم يعرفه.
غسَّان بن جدُّو:
يعني هو لأول مرة الآن الرئيس بوتفليقة إذا كان يشاهد هذا اللقاء يشوفك وأنت الذي كنت معه؟
أنيس النقاش:
نعم، وهذا صحيح أنه هذا الـ.. خالد الذي كان في المجموعة.
غسَّان بن جدُّو:
طيب، سيد أنيس النقاش يعني هذه العملية.. أنت مناضل، تصف.. مناضل لبناني في الثورة الفلسطينية.. إلى آخره، ولكن هذه العملية يعني هدفها هو التمويل، طب ألا يلقي ظلال من الشبهات حول العمليات التي كنتم تقومون بها؟ والحقيقة أنها لم يكن لها هدف سياسي، وخاصة ما يتعلق بوديع حداد تحديداً، لأن وديع حداد لم يكن يُشرف عليكم فقط، كان يشرف على مناضلين آخرين وجهات أخرى، فهل يلقي هذا كله بظلال الشك على العمليات التي كانت تقام هناك؟
أنيس النقاش:
على كل العمليات.. لأ، لا أظن، ولكن هذه العملية هي نموذجية للعمل الذي كان يمكن أن يُنفذ باسم الثورة الفلسطينية وهو ليس له علاقة بالثورة الفلسطينية، حتى لو كانت المسألة مسألة تمويل لأحد الأجهزة أو المنظمات الفلسطينية، أما وجودي فيها، فهو بالعكس، أنا لم أكن أؤيد لا هذه المجموعة ولا أريد أن أنفذ كل عمليات هذه المجموعة.
نحن كنا نتعرض في الثورة الفلسطينية إلى شيئين، تدخل الأنظمة العربية عبر أجهزتها، وعبر قوى لها في الثورة الفلسطينية من أجل تحقيق مآرب أصلاً أحياناً لا ترتبط بالقضية الفلسطينية، ونتعرض من قوى رجعية عربية تريد أن تضغط على الثورة الفلسطينية –أيضاً- من أجل التخفيف والتنسيق، يعني كان فيه ضغط من الطرفين، مهمتنا في فتح، كحركة أم للثورة الفلسطينية، هي أن نعرف كيف نتعامل مع هذه الضغوطات.
وهذه –أحياناً- المؤامرات، لأنه اختراقات كانت تحصل في (…) ونميز ما بين العمل الذي يخدم القضية والعمل الذي يسيء إلى القضية، نموذج منظمة أبو نضال هو نموذج معروف، أن منظمة فلسطينية كانت تدعي العمل من أجل فلسطين، كان كل همها اغتيال الكوادر الفلسطينية تحت أي عنوان ما، وبالتالي اكتُشف بالمحصلة الموضوعية، دون أن نوجه الاتهام الشخصي إلى طرف أو معين أنه مرتبط بالأجهزة، أنه المحصلة الموضوعية هذه المنظمة كانت تخدم إسرائيل أكثر مما تخدم القضية الفلسطينية..
غسَّان بن جدُّو:
أبو نضال وجماعته؟
أنيس النقاش:
نعم، منظمات أخرى تحت عنوان التطرف اليساري، كانت تقوم بمهمات أيضاً لا تخدم وقد تُسئ إلى الثورة الفلسطينية، كما أن الانهزاميين الذي يفرون من تحمل المسؤولية أو يضغطون من أجل الاستسلام في مواقع.. هم سيؤدون إلى نفس النتيجة، وهو إضعاف الثورة الفلسطينية، إضعاف الثورة الفلسطينية، (ماوتسي تونج) له عبارة عن بعض هذه المسائل بيسميها الطلقات المغلفة بالسكر، يعني أنت تأخذ قطعة حلوى وتظنها حلوة وهي طلقة قاتلة لقضيتك السياسية، فيه أمثلة كثيرة على ذلك.
وفتح لم تكن أيضاً بعيدة عن هذه المواضيع في أحد المسائل التي يكون فيها تقدير سيئ للعمل العسكري، أحد هذه العمليات عملية (ترتريستا) قامت فيها أيلول الأسود في إيطاليا، ما العلاقة بين تفجير مخازن نفط في إيطاليا مع القضية الفلسطينية؟ قد يقول البعض أنها عملية ضغط على الحكومة الإيطالية لتحسين مواقفها..
غسَّان بن جدُّو:
طب هي شو بتسميها؟ عمليات شو؟
أنيس النقاش:
عمليات..
غسَّان بن جدُّو[مقاطعاً]:
إرهابية؟
أنيس النقاش:
لا، ليس لها علاقة إرهاب أو غير إرهاب، المهم الهدف السياسي من الموضوع، أنت تعمل عمل يخدمك سياسياً، وتقوم بعمل لا يخدمك سياسياً يكون أسوأ من أن توصم بالإرهاب، يعني أنت إذا وصموك بالإرهاب وأنت مطمئن إنك مناضل لا تهتم، ولكن أن تقوم بعمل أحمق يعود بالضرر على القضية الفلسطينية فهذا أسوأ من أن توصم بالإرهاب، عملية (ترتريستا) إلى ماذا أدت؟ أدت إلى خطر على ما اسمه نفط من الشرق الأوسط، وكان المستفيد الأساسي منها هي شركة (اللوتس) البريطانية، ارتفعت نسبة التأمين على حاملات النفط، وعلى صادرات النفط، وعلى أسعار النفط التي لم يكسب منها العرب شيء، بل استفادت منها شركات التأمين البريطانية وحاملات النفط الأجنبية، فهذه عملية بعد فترة في فتح صار هناك حوار إنه من الذي أعطى هذه الفكرة وكيف أدت إلى ذلك، لكي لا نتهم القوى الأخرى فقط بأنها كانت تقوم بأعمال خاطئة، ولكن..
غسَّان بن جدُّو [مقاطعاً]:
طب أنت كنت في فتح، ما علاقتك بالجبهة الشعبية وديع حداد والمجموعة؟
أنيس النقاش:
نعم هذا سؤال جداً مهم، نحن في فتح –مثلما قلت- كان الحركة الأم التي يجب أن ترعى الأبناء جميعاً، نحن لا نوجه اتهامات للمنظمات بأنها كانت كلها غلط، ولكن كما نرتكب أخطاء في هذا.. ممكن أن الآخرين يكونوا أسهل لارتكاب هذا الخطأ، وأكبر دليل عملية فيينا التي أتحدث عنها، ليس لها علاقة، أنا أريد أن أذكر طرفة هنا جرت معي، وهي كانت درس كبير، يعني لو أدخلتني أكبر مدرسة استخبارات في العالم لا تستطيع أن تعطيني هذا الدرس كما أعطتني إياها هذه التجربة في الـ 69، يعني في بدايات العمل في لبنان، طلب مني مسؤول أن أدخل لأتعرف على مجموعة كانت تتحرك في بيروت باسم الفدائيون العرب.
غسَّان بن جدُّو:
هل نستطيع أن نقول أنك اخترقت مجموعة وديع حداد؟
أنيس النقاش:
نعم، كانت عملية اختراق.
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو:
سيد أنيس النقاش، كنت تتحدث عن أنك في حركة فتح، ونستطيع أن نقول أنك اخترقت الجبهة الشعبية ومجموعة وديع حداد لماذا؟
أنيس النقاش:
جاء لي أحد الأصدقاء في يوم من الأيام وقال: أنت جداً لديك طاقات، ولكن لا تعمل في المجال الطلابي، اللي هو عبارة عن تظاهرات ومهرجانات و..، قلت: نعم، ماذا تريد؟ قال: إذا تريد أعرفك على أشخاص يعلمون في أيلول الأسود، وها دول يعني يستطيعوا أن يقوموا بعمليات (جداً) أنا ما كنت بأحتاج في ذلك الوقت إلى أن يعرفني أحد على إيلول الأسود، كنت أعرفها تماماً، من هي مسؤولينها، ومن قياداتها فتعجب في ذلك، وقلت: نعم، أنا على استعداد.
ومن خلال هذه تعرفت إلى مجموعة فعلاً تعمل مع فتح في إطار أيلول الأسود، ولكن بعد 73 وحرب أكتوبر، والبدء عن حديث عن (جنيف) وتوقف عمليات الأسود كاملة في الخارج قررت هذه المجموعة أن تلتحق بوديع حداد، وتوسع نطاق عملها من خلال هذا الإطار، ففوجئت أنا أن المسألة ليست أيلول الأسود، هم أشخاص خرجوا من أيلول الأسود يريدوا أن يتابعوا العمل مع وديع حداد، وغيرت الخطاب السياسي، واستطعت أن أتقرب منهم، لكي نعرف ما هذه النوايا اللي بتحصل.
لا أخفى أن المجموعة كلها كانت مجموعة مناضلين، ولكن قد يكون الوعي السياسي أو اختيار الأهداف أحياناً هو الذي يربك، وبعض الناس متحمسين للقيام بأي عمل عنفي دون السؤال عن خلفيته، وبعض الأشخاص يكونوا مدسوسين من أجل القيام وإعطاء أفكار عن عمل عنفي ويضر بالقضية في ذلك الحين، وهذه كانت المهمة لها ككل في عملية الاختراق والتقرب من هذه المجموعة.
غسان بن جدو:
مع من كنت –عفواً- مع من كنت تنسق في قيادة فتح بالتحديد في هذه الأمور؟
أنيس النقاش:
نعم، الشخص الأساسي الذي كان يتابعني في ذلك الوقت هو الشهيد جواد أبو الشعر مسؤول قيادة .. ميليشيا لبنان، ولكن هذه القضية كانت أكبر منه،وليست تتعلق في لبنان، ولذلك دوغري طلب مني أن أبقى على اتصال مع الاخ أبو جهاد خليل الوزير الذي هو بصفته القيادة العسكرية ومن أهم القياديين بحركة فتح يستطيع أن يقدر كافة المواقف ويقدم كافة الإمكانيات.
فوضحت للأخ أبو جهاد –رحمة الله عليه- وضعية ودوري في هذا الموضوع، وأيدني أن أستمر في هذا العمل، لكي نحافظ على ما يسمى الأمن السياسي للثورة الفلسطينية.
غسان بن جدو:
طيب، معنا الآن السيدة ليلى خالد من عمان، السيدة ليلى خالد، مساء الخير.
ليلى خالد:
مساء الخير.
غسان بن جدو:
سيدتي الكريمة، استمعت إلى أنيس النقاش وهو يتحدث عن هذه العملية وخاصة ما يتعلق بالهدف الأساسي الذي كان وراء عملية فيينا، ويبدو أنه لم يكن..،كان هدفاً مشبوهاً في الحقيقة، ولم يكن هدفاً يخدم الثورة الفلسطينية –كما جاء على لسانه- أنت طبعاً كنت جزءاً من هذه المجموعات بشكل عام وقمت بأكثر من عملية، كيف يمكن أن نتحدث، أو يمكن حتى تعلقي على ما قاله السيد أنيس نقاش، خصوصاً لجهة الشبهات التي كانت تحيط بأكثر من عملية، يتصرف فيها وديع حداد ومن معه؟
ليلى خالد (مناضلة فلسطينية):
يعني أولاً: الشهيد وديع حداد هو جزء من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أي عملية كانت تقام يعني يخطط لها كان لها هدف سياسي، وهذا الهدف السياسي كان يعلن عنه مباشرة، يعني ما كانت المسألة مسألة غامضة حتى يصير فيه شبهات حول أي عملية من العمليات، وبالتالي ما كانش وديع حداد مجموعة، هو جزء من تنظيم، وفي رأس قيادة التنظيم، وبالتالي هو مسؤول عن جانب من العمل العسكري والمتعلق بخارج الوطن العربي، لذلك يعني أنا بأخالف يمكن الأخ أنيس في مسألة الشبهات حول هذه العملية.
يعني من زاوية إنه العمليات اللي كنا فيها من بداية الثورة كانت تعلن عن هدفها في الوقت اللي بتبقى بعدها يعني قيد التنفيذ، مثلاً العمليات اللي قبل ذلك كان هدفها الرئيسي هو الإعلان عن قضية الشعب الفلسطيني، يعني مثلاً العمليات اللي قبل هذه كانت عمليات اختطاف طائرات، كان الهدف الرئيسي منها هو الإعلان عن أن الشعب الفلسطيني ليس فقط لاجئاً، ولكن شعب له قضية سياسية، هذا من جانب.
من جانب آخر كان المطلوب إخراج المتعقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، وبالتالي الهدف معلن، بالنسبة للعمليات الأخرى كان إلها في وقتها وفي ظروفها المحددة كانت تتوجه لغاية في ظرفها المحدد.
مثلاً فيه عملية في عام 72 ضرب (الكورال سي) اللي هي ناقلة نفط، كانت تحمل علماً ليبيرياً، لكنه هذا النفط كان نفطاً عربياً، وبالتالي توجيه الضربة لناقلة حتى يكشف النقاب عن كل هذه العملية، بمعنى أن النفط العربي يمول إسرائيل، وهذا يعني تم التعتيم عليه بأمر من الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت، وفي نفس الوقت من أمريكا، لأنه مسألة النفط مسألة غاية في الأهمية.
العملية اللي شارك فيها الأخ أنيس أنا ماكنتش يعني مشاركة بتلك الفترة في هذا الجانب من العمل، كنت منتقلة من العمل الخارجي، لكن في ذلك الوقت كانت هناك فيه ضغوطات على القيادة الفلسطينية، وخاصة من عدد من الأنظمة العربية لأن تقبل بمؤتمر جنيف الذي كان معقود الأمر عليه في ذلك الوقت، وكان في وقت مبكر في موازين قوى غير.. مختل بالكامل لصالح يعني الطرف الآخر، ولذلك هذه العملية كان هدفها السياسي –أيضاً- أن تقول للعرب المشتركين في أوبك في ذلك الاجتماع أننا يمكن أن نطال من هم المسؤولين عن عصب الصناعة في العالم وهو النفط، لكن من خلال يعني الإمساك بوزراء يحتلوا مواقع هامة في بلدانهم في ذلك الوقت..
غسان بن جدو[مقاطعاً]:
لكن ليس بالضرورة يا سيدة ليلى خالد كما فهمنا ليس بالضرورة أنا ما كنتم تعلنونه من عمليات كان هو الهدف الحقيقي، بدليل أن عملية فيينا كان ثمة بيان، وكان إعلان، ولكن الهدف الحقيقي هو التمويل يعني أخذ أموال من السعودية وإيران في ذلك الوقت. ألا يعني هذا بأن ربما قيادة التوجيه للعمليات كانت هي التي تخطط لحقيقة هذه الأهداف العمليات، ولكن الذي كانوا ينفذون –ربما- كانوا يتصورون بأنهم يناضلون، ويهدفون إلى أعمال سياسية لا أكثر ولا أقل؟
ليلى خالد:
يعي حتى كمان أنا بأحب أشير إنه كمان قيادة العمل لا تغش المنفذين، ما هم المنفذين –أيضاً- هم جزء من نفس التنظيم، إلا إذا كان فيه أشخاص آخرين من نوع كارلوس مثلاً، ما كانش عضو في الجبهة الشعبية، لكن في عناصر يسارية في العالم التحقت بالثورة الفلسطينية في أكثر من فصيل،وليس فقط في الجبهة الشعبية، وبالتالي ما كانش فيه دجل أو كذب على من ينفد عن الهدف السياسي، لأنه ما قبل التنفيذ.. يعني أي عضو بده يمارس.. بده يقوم بالتنفيذ كان يقال له من خلال مش بس التدريب العسكري، ولكن الجانب السياسي في الموضوع إنه ليش هذه العملية؟ وشو أهدافها؟ إذا كان فيه شك للحظة إنه هذا العضو يعني غير مقتنع، أو يعني إنه يرى في هذه.. ما بيروحش على هذه العملية، ولذلك ما بأعتقد إطلاقاً إنه يكون فيه يعني الإعلان شيء والهدف شيء آخر..
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
شكراً لك سيدة ليلى خالد على هذه المداخلة، شكراً لك من عمان، والسيد أنيس النقاش، واضح أن السيدة ليلى خالد لا تتفق معك في مقاربتك، وتقول أن ما يعلن هو الهدف الحقيقي وأن الذين ينفذون هم جزء حتى من عملية التوجيه والقيادة، وكل هذا الإطار السياسي المعلن.
أنيس النقاش:
لكي لا يكون هناك سوء فهم بيني وبين الأخت ليلى خالد أو كل المناضلين الذي يقومون بأعمال بطولية فعلاً بالنسبة للقضية الفلسطينية، أنا لا أقول أن كل الأعمال التي كانت تقوم بها الجهبة الشعبية أو وديع حداد أو الذين قاموا فيها هي أعمال –لا سمح الله- مشبوهة، بالعكس بعض العمليات، وهذا درس لنا في السابق، ودرس لنا اليوم ولأي حركة سياسية في العالم، جزء من الأعمال التي يكون فيها القوى المعادية، أو أحياناً قوى صديقة محايدة هو كيف تورط القوة الثورية بأعمال لا تخدم قضيتهم.
هذا ثابت في علم مكافحة الثورة، مصيبتنا في العالم العربي أن كل الأنظمة العربية اعتبرت حالها أب وأم للقضية الفلسطينية، ولكن بما يخدم مصالحها لا.. بقدر ما يخدم قضية فلسطين، ونحن في فتح كنا دائماً حريصين على أن تكون القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين المركزية، وبالتالي مصلحتها قبل المصالح القطرية ومصلحة بعض النظم وتصفية الحسابات. ما تقوله اليوم هو أن بعض العمليات لم يكن لها لا من قريب ولا من بعيد علاقة بالقضية الفلسطينية، بالذات هذه العملية، عملية فيينا لو أدرنا أن نجد لها جزء بسيط هو جزء عملية التمويل التي تحدثت أنا عنها، دولتين دفعوا من أجل قوى معادية للثورة الفلسطينية.
أنا وجدت أنه لا بأس أن نجبرهم على الدفع مرة أخرى من أجل دعم القضية الفلسطينية والهدف الثاني من العملية كان جزء جداً خطير، وهذا ما نبحثه نحن اليوم ليس له علاقة بالتمويل.
غسان بن جدو:
نعم، الآن تحدثت عن الإطار الضيق للعمليات، الجانب الفلسطيني، هناك إطار أكبر، بعض الأجهزة أو الأطراف العربية والإقليمية التي كانت لها مصالح في بعض العمليات وبعض القضايا، لكن كل هذا ألم يكن مرتبطاً أو له علاقة مرة أو مرتين أو ثلاث مرات أو أكثر بجهات دولية أكبر لها مصالح معروفة في المنطقة وفي لبنان وفي المسألة الفلسطينية، وبالتحديد سواء الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية؟
أنيس النقاش:
هذا صحيح، هذا صحيح مائة بالمائة.
غسان بن جدو:
كيف؟
أنيس النقاش:
بعض الأجهزة الغربية كان لها امتدادات، وعدة محاولات نستطيع أ، نقول أ،ها كانت تهدف إلى القيام بعمل مثل عملية (ترتريستا) أنا أشك تماماً بعد التحليل الكامل لها أن قوى بريطانية استفادت تماماً، لأنه أكثر من 80% من التأمين على النفط والناقلات وهو شركة (اللوتس)، ولم يكن لها أي هدف تخدم فلسطين، يعني جميل أن أقول أني أعلن عن وجود الشعب الفلسطيني المناضل و..و.. إلى آخره، عندي عشرة آلاف طريقة لأعلن عنها في قلب فلسطين، وأجبر العالم كله أن يتحدث عنها، ولكن أجد لها أهداف موازية بعيدة عن القضية تخدم حقيقة قوى أخرى غير قضية فلسطين.
غسان بن جدو:
على كل حال الآن معنا –أيضاً- من غزة السيد هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والذي كان مسؤولاً كبيراً في الأمن الفلسطيني، أعتقد كان نائباً لأبي الهول. مساء الخير سيد هاني الحسن من غزة، وأنت على أرض فلسطين.
هاني الحسن:
أهلاً مساء الخيرات، ورمضان كريم.
غسان بن جدو:
وكل عام وأنت بخير، السيد هاني الحسن، أنا أعتقد أنك سمعت وشاهدت معنا ما سبق من حديث، الحقيقة فيه وجهتي نظر أساسيتين، أنا أود أولاً سأسألك عن بعض التفاصيل، و لكن وجهتي النظر الأساسيتين هو أنه فيما يتعلق بالعمليات الفلسطينية التي كانت كثيفة وقتذاك هناك من يقول.. السيد أنيس النقاش واضح يقول أن جزءاً منها يخدم أهدافا نضالية أو ثورية، ولكن ثمة عمليات أخرى كانت تحيط بها كثير من الشبهات، وهناك من يقول، وربما السيدة ليلى خالد تركز على هذا الأمر أن ما كان يعلن هو في الحقيقة ما كان هو حقيقة الأمور، أنتم كيف كنتم ترون إلى هذا الأمر؟
هاني الحسن:
نعم، نحن في حركة فتح بعد أيلول الأسود وخروجنا من الأردن في الواقع أننا قد أصيبنا بصدمة كبيرة من موقف العالم الغربي والأوروبي منا ومن دور (نيكسون) في مجيئة بحاملة الطائرات لتنظيم نزول قوات إسرائيلية، فحركة فتح مرت في مرحلة من عام 70 حتى عام 72 بأنها آمنت العمليات الخارجية، وقد قمنا بعدة عمليات خارجية، وعلى رأسها عملية ميونخ الشهيرة، وعمليات كثيرة في هاتين العامين ضد النفط وضد يعني المصالح الإسرائيلية والمصالح الغربية، ولكننا بعد ذلك استخلصنا درساً هو أن العمليات الخارجية لا تفيد، فائدتها أقل بكثير من أضرارها، لأن الرأي العام الأوروبي والأميركي لم يقبل مثل أن يهدد هو في أمنه.
إن هدفنا الأساسي كان هو إشعار العالم بأن إسرائيل لا تؤمن لكن مصالحكم، ولكن عندما مس الموضوع الأمن اندفع الغرب بقوة يعني تجاهنا، وبعد ما قتل السفير الأميركي في الخرطوم دفعنا ثمن ذلك عملية بيروت الكبيرة، وشعرنا نحن بأن العمليات الخارجية من الأفضل أن نترك هذا الباب ولنركز على الاشتباك الميداني مع الإسرائيليين فوق أرض فلسطين، كل أرض فلسطين.
غسان بن جدو:
طيب هل كنت تعرف السيد أنيس النقاش أستاذ هاني الحسن؟
هاني الحسن:
طبعاً عرفت أخي أنيس النقاش، وكان اسمه عندنا مازن في ذلك الوقت، هو بالواقع كان صديقاً على علاقة شخصية قوية بالأخ هايل أبو الهول، أنا كنت نائب الأخ هايل ومسؤول الأمن السياسي في جهاز الأمن الفلسطيني، وهو طبعاً كان في البداية في إطار العمل الطلابي، وكان مناضلاً فتحوياً صلباً، وقد قام في لبنان بأدوار مهمة بالتنسيق مع التنظيم ومع الطلاب ومع الأخ أبو الهول.
غسان بن جدو:
بكل صراحة سيد هاني الحسن، هل كنتم على علم بعملية فيينا، سواء كشخص أو على الأقل كأحد بعض القيادات الفلسطينية، سواء السيد ياسر عرفات أو السيد الشهيد خليل الوزير، رحمه الله؟
هاني الحسن:
لا. في الحقيقة نحن كأجهزة أمنية، وكأي أجهزة أمنية في العالم مهمتها دائماً أن تتابع ما يجري حولها، لأن –أيضاً- قد تنشأ قوى حولنا تكون قوى غير صديقة، ولكن الذي أتذكره هو أننا نشأت هناك عدة مجموعات كلف الأخ أنيس، الأخ مازن في ذلك الوقت بالانخراط في هذه المجموعات، وذلك من أجل أن نعلم، أو على الأقل لا نفاجأ فيما يحدث حولنا، ولكن أظن الأخ أنيس نفسه يعلم بأن الظروف التي وضع فيها في عملية فيينا لم تسمح له أن يبلغ مبكراً عن حدوث.. أن يضع القيادة مبكراً عن حدوث.. عن أن هناك عملية في هذا الطريق، وعندما فعل كان الوقت قد فات، يعني بمعنى أن العملية قد بدأت ولا يمكن التصرف تجاهها.
غسان بن جدو:
نعم، هل أبلغك، أو هل علمتم أنتم ما يكشفه الآن السيد أنيس نقاش بعد خمسة وعشرين عاماً، بعد ربع قرن، من أن أنيس النقاش أنقذ وزير النفط السعودي ووزير النفط الإيراني وقتذاك ولكن تحدث عن وزير النفط السعودي الذي لا يزال على قيد الحياة، وأعتقد حتى الإيراني لا يزال على قيد الحياة، ولكن ما يعنيننا هو السيد أحمد زكي يماني، هل بالفعل أبلغتم وقتذاك بأنه كانت هناك.. كانت هناك نية لاغتيال هذين الوزيرين، ولكن أنيس النقاش أنقذهما، أو على الأقل حال دون تنفيذ هذه العملية؟
هاني الحسن:
طبعاً الأخ أنيس –بدون شك- ثقافته الأولية هي ثقافة فتحوية، ونحن الفتحويون لا نؤمن بالاغتيال السياسي، ولا نؤمن باغتيالات القادة سواء العرب أو غير العرب، فكيف إذا كان الوزير هو من المملكة العربية السعودية التي لها أفضال كبيرة على الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت وبعد ذلك الوقت، من حيث الدعم المادي والدعم السياسي، نحن قد عرفنا بعد ذلك خاصة الأخ أبو جهاد استمع مطولاً من أخي مازن عما جرى في فيينا، وقد سُرَّ يومها الرئيس ياسر عرفات بدوره بإنقاذ الوزير السعودي.
غسان بن جدو:
هل أبلغتم السعوديين وقتذاك عن هذه الحقيقة أم تكتمتم على الموضوع؟
هاني الحسن:
في الحقيقة نحن تكتمنا عن الموضوع، لأنا كنا نخشى في وقتها أن يظن بأن هنالك علاقة بين الفلسطينيين، وخاصة منظمة التحرير وفتح وبين العملية، ولذلك فضلنا ألا يعني نتحدث في الموضوع، خاصة وأننا لا ندعي ما لم نأمر به، ولكن الأخ مازن تصرف.. الأخ أنيس تصرف بثقافته وتربيته الفتحوية.
غسان بن جدو:
طيب سيد هاني الحسن الحقيقة وقت الأقمار الصناعية سينتهي بعد قليل، ونود أن نستفيد من هذه الفرصة بمشاركتك معنا، قبل أن ندخل المحور الثاني أنت تعلم جيداً بأن السيد أنيس النقاش كان هو المشرف والمنفذ الحقيقي لعملية محاولة اغتيال رئيس وزراء إيران السابق شابور بختيار، طبعاً سنتحدث عن هذه.. عن هذه تفاصيل هذه العملية مع السيد أنيس النقاش، ولكن هذا يحيلنا إلى ملف كامل هو العلاقة بين الثورة الفلسطينية والثورة الإيرانية، وأنت أعتقد يعني كنت أول سفير لمنظمة التحرير الفلسطينية في إيران، وكانت لديك هذه العلاقات، باختصار شديد كيف بنيت وكيف نمت العلاقة بين الثورة الفلسطينية والثورة الإيرانية؟
هاني الحسن:
هذا طبعاً بحث طويل، ويحتاج في الواقع إلى كتاب يكتب عن هذا الموضوع، ولكن العلاقة بين الثوار الإيرانيين والفلسطينيين بدأت قبل الثورة، فقد كان القادة الإيرانيون، وأستطيع أن أقول يعني إذا استثنينا الإمام الخميني وآية الله منتظري فإنه لا يوجد أحد من القادة من لم يمر على بيروت ويتعامل أو يتدرب في المعسكرات الفلسطينية، وهناك صور الآن أصبحت لها قيمة عن حتى عائلات هؤلاء القادة الذي بعضهم.. بعض هذه العائلات كان يمر على بيروت، ويقيم فيها وقتاً، ونحن في الواقع كنا مهتمين جداً بتغيير الوضع في إيران، لأن النظام الشاهنشاهي –نظام إيران- كان في الواقع حليفاً لإسرائيل، وعندما اقتربت موضوع اتفاقيات كامب ديفيد التي استثنت الفلسطينيين، والتي كان مخططاً أن تشمل دولاً عربية أخرى، ويوضع الفلسطينيون جانباً فيها، هذه.. كنا نعلق آمالاً كبيرة على الثورة الإيرانية لأنها ستحطم النظام الإقليمي القائم، وسوف يزداد قيمة القوى الثورة في المنطقة، وبدون شك أن كثيراً من الشباب والثوار الإيرانيين الأوائل قد تلقوا تدريباً ومساعدة للإقامة في الخارج عبر منظمة التحرير الفلسطينية، وبشكل أساسي عبر حركة فتح، ونحن..
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو:
السيد هاني الحسن، ذكرت أن بعض الثوار الإيرانيين كانوا لديكم في بعض القواعد الفلسطينية قبل الثورة، هل تستطيع أن تذكر لنا بعض الرموز المعروفة، التي أصبحت معروفة بشكل كبيرة بعد الثورة وكانت تأتيكم إلى لبنان؟
هاني الحسن:
أنا أعتقد أن الأوائل الذين أسسوا الحرس الثوري كمحسن رضائي مثلاً قد كان.. وقاتلوا معنا أيضاً يعني جاءوا أيضاً وقاتلوا معنا، وجلال الفارسي كان مقيماً في بيروت، وعندما عدنا إلى.. على أول طائرة عندما ذهب الرئيس ياسر عرفات إلى طهران كان جلال الدين الفارسي على ظهر هذه الطائرة، وآخرون كثيرون في الواقع من المناضلين الإيرانيين الذين كانوا.. وشمران الذي كان وزيراً للدفاع قد تواجد –أيضاً- في جنوب لبنان، نحن كنا على علاقة قوية جداً بالإمام الذي ذهب مبكراً، الإمام موسى الصدر، والذي مازالت الأمة تفتقده حتى اليوم، وهذا عبر الإمام موسى الصدر كان يمر كثير من الإيرانيون، وبالتنسيق المشترك نقوم بالواجب الثوري تجاههم.
غسان بن جدو:
السيد هاني الحسن، سؤال أخير واضح، وأرجو أنت تتفضل بإجابة صريحة، السيد أنيس النقاش كشف لنا هذه الليلة بأن ثم كانت دولة عربية وراء عملية فيينا، أنتم علمتم بكل شيء وقتذاك، هل علمتم بهذه الدولة العربية التي كانت وراء عملية فيينا؟ بصراحة يا سيد هاني الحسن.
هاني الحسن:
والله أنا شخصياً الآن لا أتذكر، أنا لا أتذكر في الحقيقة ربما..
غسان بن جدو[مقاطعاً]:
كيف لا تتذكر؟ ذاكرتك. ما شاء الله –أنت قوي ومتين يا سيد هاني الحسن، كيف لا تتذكر معلومة خطيرة بهذا الشكل؟!
هاني الحسن:
لو عدت إلى أوراقي.. نعم هو يعني بدون شك لا يوجد عمل عنيف بدون قاعدة في دولة يرتكز إليها، نحن في منظمة التحرير رفضنا أن نكون..
غسان بن جدو[مقاطعاً]:
يعني نستطيع أن نقول سيد هاني الحسن أنت تعرف هذه الدولة العربية، ولكن الظروف الآن لا تسمح لك بالكشف عنها، هل هذا صحيح؟ بدون حرج، وليست مشكلة.
هاني الحسن:
نعم أنا أظن هذا ملف ساخن نحتاج.. لسه لم يصبح بعد جزءاً من التاريخ كي نتكلم عن كل تفاصيله.
غسان بن جدو:
نعم، شكراً لك يا سيد هاني الحسن على هذه المشاركة، وأرجو من خلالك أن نوجه تحياتنا جميعاً إلى الأبطال الفلسطينيين المنتفضين في فلسطين الشامخة، شكراً لك، سيد أنيس النقاش انتقلنا الآن.. هل لديك تعليق خاص على ما ذكرت –غير المجاملات والتحيات، المتبادلة –هل هناك قضية تريد أن تركز فيها أكثر وتفصل فيها القول قبل أن نستقبل المكالمات؟
أنيس النقاش:
لا. أبداً، الأخ هاني أفاض في..
غسان بن جدو:
نعم، إذاً لنبدأ في استقبال المكالمات، السيد محمد طاهر من باريس، سيد محمد طاهر تفضل.
محمد طاهر:
آلو.
غسان بن جدو:
مرحباً يا سيدي تفضل.
محمد طاهر:
أهلاً، طيب أول شيء.. أول شيء بأرحب بالضيف، ولدي بعض الملاحظات، نحن قبل كل شيء نحن.. أنا كفلسطيني –في الحقيقة- ضد أي عملية خارجية خارج الأرض المحتلة، لأن هذه العمليات لا تفيد القضية الفلسطينية، لكن سأشرح إنه الشعب الفلسطيني في الأول كان يقوم بهذه العمليات يعني فقط لأن هناك يأس كان للشعب الفلسطيني، لا يملك القوة لمهاجمة إسرائيل، فكان يظن الشعب الفلسطيني.. كان يعتقد أن بهذه العمليات يمكن أن يشرح القضية الفلسطينية، هذا الشيء الأول.
الشيء الثاني: إنه نحن نتكلم فقط على العمليات التي يوم فيها الفلسطيني خارج الأرض المحتلة، هناك عمليات قام فيها الموساد خارج في أوروبا، في بيروت طبعاً قتل ثلاث قادة فلسطينيين من خيرة القادة الفلسطينيين الذي قتلهم هو عبارة عن بطل السلام باراك، وعمليات أخرى في حتى أمريكا الجنوبية، هذه العمليات لم يتكلم عليها أحد، بل أن يعني حتى العمليات التي أقيمت في أوروبا من قِبل الموساد الأمن الأوروبي أحياناً كان متساعد إلى حد كبير مع الموساد.
غسان بن جدو:
نعم، أنا أؤكد معك هذا سيد محمد طاهر، هذا كله صحيح، يعني الموساد قام بعمليات كبيرة خارج فلسطين المحتلة، ولكن اعذرني هذا ليس موضوعنا، نحن الآن يعني هناك ضيف هو كان جزءاً من أحداث كبيرة، فنحن نناقش معه هذه القضية، يعني ممكن أن نناقش قضية الموساد في الخارج في موضوع آخر، هل لديك سؤال، إذا سمحت سيد محمد طاهر؟
محمد طاهر:
نعم، السؤال هو كالتالي يعني ذكر بالنسبة لبوتفليقة قال إن الرئيس بوتفليقة قد استقبله بارتياح، يعني معنى ذلك أنه كان.. كنا نفهم من ذلك أنه كان يعني رجل ثوري، وهكذا كان معروف لدى كثير من الشعب الفلسطيني، فهل يستغرب الآن الأستاذ أنيس نقاش بأن بوتفليقة قد سلم على باراك بعد كل هذه الكلام الذي قيل عنه؟!
غسان بن جدو[مقاطعاً]:
نعم شكراً لك.
محمد طاهر[مستأنفاً]:
هل هناك استغراب؟
غسان بن جدو:
شكراً لك يا سيد محمد طاهر، السيد حسن الجد من الإمارات العربية المتحدة، السيد حسن، تفضل.
حسن الجد:
مساء الخير السيد غسان.
غسان بن جدو:
مساء النور.
حسن الجد:
غسان بن جدو –عفواً-
غسان بن جدو:
مساء الخير، مساء النور.
حسن الجد:
كيف الحال؟ السيد غسان يبدو أن المناضلين العرب بدؤوا يحرقون أوراقهم إن لم يكن ترويج لبيعها إن صح التعبير، وطبعاً هذا سؤال موجه للأخ المناضل، الموجود معكم.
غسان بن جدو:
ماذا تقصد بالتحديد حتى نفهك، أو يوضح ماذا تقصد؟
حسن الجد:
طبعاً أقصد أن سيد كهذا مناضل مثلاً، وهو يقول أنه كان مناضل من أجل القضية الفلسطينية والسؤال طبعاً: هل حسمت هذه القضية حتى أصبحنا نحتاج على كشف الأوراق وإظهار بطولات، إن كانت بطولات حقاً أم أن الوقت مازال يعني الشوط مازال طويل وراءنا؟
غسان بن جدو:
نعم، شكراً لك يا سيد حسن الجد، نبدأ بمحمد طاهر، يعني هو كان سؤالاً واضحاً، أولاً هو يتحدث عن ضد العمليات الخارجية، هذا موضوع آخر، السيد بوتفليقة، الرئيس الحالي، السيد بوتفليقة يعني حسب ما فهم كان مرتاحاً وكان ثورياً، الآن كيف تعلق على مصافحته باراك؟
أنيس النقاش:
أنا أولاً: لو سمحت لي أريد أن أوضح، نحن لا ندين العمليات الخارجية بشكل مطلق، ولا نريد أن ندين العمليات العنفية بشكل مطلق اللي بتجري حتى خارج فلسطين، لأن أعطي عمل.. نماذج عن عمليات الموساد وأجهزة أخرى، وأنا لدي الكثير من ملف هذه العمليات ونعرف.. وأنا أؤيد أنا كل صفعة نوجه للقضية الفلسطينية على أي منطقة نحن يجب أن نرد عليها، لا يفهمني أحد أني هنا لأقول: لا تقوموا بهذه الأعمال العنفية، نحن هنا نتحدث عن كيف نختار الأهداف بدقة، وأن أي عمل مسلح لا يكون مدروساً بشكل سياسي جيد ليخدم القضية قد يسيء إلى القضية.
السؤال الثاني عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا أظن أن شكليات السلام على باراك أو غيره هنا لها أي موقع أن يكون ثوري، يعني الأخ ياسر عرفات سلم على باراك قبل أن يسلم عليه بوتفليقة، وليس لدي أي علامة لإدانة هذا الموضوع، نحن ليس مهم أن نتوقف سلمنا أم لم نسلم باليد أو بالمصافحة أو فاوضنا المهم طالما أننا نصل إلى أهدافنا هو أن نستمر النضال، أنت ممكن أن تستمر بالنضال وبأعلى قدرة من النضال والعنف وأنت تفاوض.
غسان بن جدو:
نعم.. نعم.. سيد أنيس فيما الآن السيد حسن الجد قال لك إنه كشف أوراق هل هو جائز الآن في هذه المرحلة أم أن الوقت لا يزال طويلاً؟ وكأن المناضلين يحرقون أنفسهم أو يحرقون..
أنيس النقاش:
لا، لا. سؤاله في مكانه وسؤال جيد، القضية الفلسطينية لم تنتهي، وأي شيء تقني ينص في أمن الثورة الفلسطينية لا يجب أن يُكْشف، وأي عمل ينص في أمن الثورة الفلسطينية الآن لا يجب أن يكشف، ولكن بعض المسائل التاريخية يجب أن تُكشف، وكشفها-الآن وقبل نهاية الهمل الفلسطيني-ضروري، لماذا هو ضروري؟
غسان بن جدو:
نعم، لماذا؟
أنيس النقاش:
لأن استمرار لعمل المسلح يحتاج إلى دروس وعبر، ومن جملة الدروس والعبر هي بعض هذه العمليات التي كان الهدف السياسي فيها غير واضح، نحن ما زال لدينا مسيرة طويلة في داخل فلسطين واحتمال خارج فلسطين، وإذا لم نتعلم كما قال الأخ هاني أن أيلول الأسود قامت في عدم عمليات، وبعض العمليات ليس لها أي علامة شبهة: قتل ملحقين عسكريين إسرائيليين في أوروبا هذا مائة بالمائة جائز، تصفية حسابات مع أجهزة أمنية عربية عملت على اغتيال بعض المسؤولين أو تورطت في مجازر أيلول الأسود هذا مائة بالمائة جائز، ولكن بعض العمليات الأخرى يجب أن تكون مدروسة.
الآن ما لدينا مسيرة طويلة هذا درس لكل الاخوة وفي كل التنظيمات عندما نقرر أن نقوم بعملية قد تكون استشهادية، فيه أكبر من العملية الاستشهادية؟ الشخص يضع وحياته وكفه ضمن إطار إيمان إسلامي 100%، وعاهد ربه على أن يقوم بهذا، إذا كان توقيت العملية وموقع العملية خطأ قد يضر في القضية الفلسطينية، وإذا كان توقيتها ومكانها صحيح سيفيد القضية الفلسطينية 100%. نحن ما نبحث عنه كيف نقيم مع المناضلين تحديد الأهداف السياسية لأي عمل لا أن يستهويني مجرد العمل المسلح لمجرد العمل المسلح.
غسان بن جدو:
طب، أنا أود أن أسألك بطريقة أخرى هل.. كارلوس الآن هو.. يعني مسجون في فرنسا، هل أنه.. كارلوس لحد الآن لم يذكر اسمك حسب.. يعني لم يذكر.. علناً لم يذكر اسمك، ويبدو أن.. ربما سلم أوراقاً أو شيء من هذا القبيل لمحاميه، على كل حال ستوضح لنا هذه التفاصيل، هل أن قضية كارلوس الآن لها علاقة ما بحديثك في هذا الوقت؟
أنيس النقاش:
نعم، هي لها علاقة، ولهذا أحد الأسئلة التي سئلت من بعض الأصدقاء ومن بعض القرابى والبعدين إنه لماذا توقيت الحديث الآن عن هذا الموضوع؟ أنا بدأت كتابة مذكراتي الآن منذ أكثر من سنة، وكان أعتقد أن هذه المذكرات للإفادة ليس لمجرد أن يعرض الشخص ما قام به، لأنه فيها تجربة ثورية طويلة ممكن أن تفيد في القضية الفلسطينية، ليس بعد انتهاء القضية الفلسطينية، أما لماذا التوقيت الحالي بالذات؟ هذا مهم وهو مربوط بكارلوس.
قضية فيينا –يا أخ غسان-عرضت في المحكمة في ألمانيا بسبب اعتقال (هانز جو) اللي هو (كيم كلاين) اللي كان هو أحد أعضاء المجموعة، واستدعي كارلوس بصفة شاهد (كلاين) في هذه القضية، وأنا علمت مسبقاً أن كارلوس لديه النية بإعلان الاسم، وهذا غير صحيح أن تقول أن لم يعلن الاسم، عندما جاء كشاهد قال أن أنيس نقاش كان عضو في هذه القضية، قد تكون أحد الأسباب التي دفعت اليوم –في هذه الفترة بالذات- إلى توضيح معالم هذه القضية هو أن أستبق الأمور وأضعها بإطارها الصحيح، لا أن تكون مجتزئة وفي يد ناس آخرين يتعاملون بها.
غسان بن جدو:
هذا ما كنت أود أن أقوله، يعني يبدو كان هناك نية لكارلوس أن يكشف اسمك، فأنت أردت أن تلتفت عليه بطريقة أمنية سياسية إعلامية، سيد سعيد من الإمارات العربية المتحدة، تفضل سيدي.
سعيد الكعبري:
مساء الخير أخ غسان، مساء الخير أخ أنيس.
غسان بن جدو:
مساء النور.
أنيس النقاش:
أهلاً وسهلاً.
سعيد الكعبري:
الحقيقة أنا أكبرت فيك هذه الصراحة، والمفروض إنه فعلاً المناضلين السابقين خاصة في الوطن العربي بأجمعه ومن ضمنهم أبناء الثورة الفلسطينية في حاجة إلى أن يعلنوا، وأنا ضد أو معارض لرأي الأخ اللي قال إن الثوار يبيعون أوراقهم
أو شيء من هذا القبيل، فهذا غير صحيح، المفروض إنه مناضلي الشعب العربي وأبناء الوطن العربي يقولوا كل ما يعرفوه عن هذه المرحلة السابقة اللي مرت بنا وخاصة في الستينات والسبعينات، حتى يستفيد منها هؤلاء الأبطال
الذين يقاومون الآن العدو الإسرائيلي بالحجارة، وكثير من الجيوش العربية واقفة تتفرج.
نحن لا نطالب بالحرب إنما نطالب بدعم هؤلاء الأطفال، وهؤلاء اللي يدخلون الآن هذه النضالات السابقة إنهم يعطون دعم لهؤلاء الأطفال، أطفال الحجارة، وسؤالي للأخ أنيس وللاخوة اللي أمثاله إنا إحنا.. وللأخ غسان وللجزيرة بالذات أن تنشر مثل هذه اللقاءات في أوسع نطاق ممكن، لأنه لا يضر الثورة الفلسطينية أن نعرف ماذا دار في السبعينات والستينات، وفي الوطن العربي بأكمله، لأنه حتى ضباط المخابرات الإسرائيلية والأمريكيين والبريطانيين يعلنون عن عمليات بعد 25 سنة أو 30 سنة من التاريخ.
ونحن في أمس الحاجة إلى أن نعرف ما دار في الستينات وفي السبعينات، نحن الآن نصافح باراك ونريد نتفق معاه ما فيه مانع، وهو المجرم اللي قتل ثلاثة من .. الثورة الفلسطينية في لبنان عام 73، كلنا نعرف الحركة وهو رجل مفروض.. يعني يحاكم بتهمة مجرم حرب.
نريد أن نقول إن الثورة الفلسطينية مستمرة ولا يضيرها أن يعلن بعض العمليات الكبيرة مثل هذه العمليات سواء كانت بهدف مادي -كما ذكر الأخ أنيس- إنما في يومها كان كل مواطن يشعر بأنها نوع من دعم الحركة الوطنية الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، ومن هذا المحفل..
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
سيد سعيد، أنت وزيراً سابقاً في اليمن، أيس كذلك؟
أنيس النقاش:
أنا كنت وزير سابق في اليمن، وهو عضو قيادي أو من قادة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل.
غسان بن جدو:
يعني كنت في اليمن الجنوبي؟
أنيس النقاش:
كنت في اليمن الجنوبي وكنت أحد قادتها كمان. فيعني المفروض إن إحنا نقول إن هذا الآن بعد 25سنة على انقضاء هذه الأحداث يجب أن يعرف الشعب العربي والشعب الفلسطيني بالتحديد أنه واحد من زملائنا أيضاً ذهب إلى فلسطين واستشهد هو.. الرائد أحمد عبد الرحيم باعباس وهذا أحد كوادر فتح، وأنا انشغل كمان مع الإخوان كمال عدوان وكمال ناصر ويوسف النجار في ليبيا عام 73 في.. قبل اغتيالهم يعني مفروض أن محطة الجزيرة أن تتبنى مثل هؤلاء الناس لتعرف بالضبط أو ليعرف شعبنا العربي أن هذه الثورة مستمرة، ولا يضر الأخ.. كثير من الإخوان وخاصة في الإعلام العربي الآن يعارضون المفاوضات اللي تجري فى واشنطن، لا.. بالعكس، السياسة المفروضة هي كلمة (لا) اللي اتبعناها من عام 48 وضاعت علينا فلسطين، المفروض إن إحنا نفاوض ونقاتل ونفاوض ونقاتل ونفاوض ونقاتل حتى تتحرر فلسطين.
غسان بن جدو:
شكراً لك يا سيد سعيد على هذه المداخلة المتميزة، شكراً لك..
[موجز الأخبار]
غسان بن جدو:
في الحقيقة سنتناول الآن ملف العلاقات مع إيران، وخاصة أنيس النقاش كان له باع ودور في هذا الأمر، ولكن السيد عمر الفاروقي ينتظرنا منذ وقت طويل وهو من بريطانيا، سيدي الفاضل، تفضل.
عمر الفاروقي:
السلام عليكم.
غسان بن جدو:
وعليكم السلام.
أنيس النقاش:
وعليكم والسلام.
عمر الفاروقي:
الحقيقة أنا حبيت أسأل الأخ الضيف ثلاثة أسئلة، السؤال الأول إنه عندما اعتقل كارلوس الثعلب نسأل الله -سبحان وتعالى- أن يفرج عنه ويهديه إلى هذا الدين الحنيف لأنه رجل، هذا أولاً عندما سجن هذا الرجل أو اعتقلوه في السودان بتآمر من الحكومة السودانية، وهذا مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) هذا نص الآية القرآنية، فهذه مخالفة صريحة للآية من حيث أنه كان يستجير فيهم فسلموه هذا أولاً.
قلت عندما اعتقلوه في السودان وسلموه إلى فرنسا قام السيد بسام شريف أو بسام أبو شريف أحد أبرز العناصر في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتأليف كتاب مع كاتب صهيوني قاموا فيه بفضح أسرار السيد كارلوس، وذكروا فيه أنه كان يتدرب في العراق في قاعدة H3 أو H4 إلى آخره، ويحمل جواز سفر دبلوماسي عراقي إلى آخره. فهل.. ما هي الغاية من فضح أسرار السيد كارلوس في الوقت الذي كان يحاكم فيه في فرنسا؟ هل هو لتقديم أدلة أو إثباتات للسلطات الفرنسية على تورطه ببعض العمليات؟ أم هل هو الغرض منه الإيقاع بالعراق في الوقت اللي تعرفون إنه العراق تحت الحصار شايف كيف، ويتعرض إلى مؤامرة صهيونية وأمريكية إلى آخره؟
السؤال الثاني هو العراق ادعى عن طريق سعد البزاز وهو صاحب جريدة الزمان في لندن بأن العراق كان يزود المقاومة الفلسطينية وفصائل الثورة الفلسطينية بالسلاح، فكانت هذه الأخيرة أي فصائل الثورة الفلسطينية تقوم بإرسالها إلى الإكراد .. إلى الأكراد، عفواً فما صحة هذه المعلومات؟ نسأل السيد أنيس النقاش عنها.
السؤال الثالث موجه إلى شخصياً للأخ أنيس النقاش،نحن نعرف إن أمريكا والصهاينة عموماً يقومون باصطياد جميع العناصر التي كان لها تاريخ نضالي أو يسمونها إرهابية وإلى آخره، فأنا أعرف إن السيد كارلوس الآن هو معتقل، وحضرته الأخ السيد أنيس نقاش يدعي بأنه كان في تلك الفترة مشارك، ولا أشك في هذا -إن شاء الله تعالى- ولكن أقول لماذا يكون السيد كارلوس في الاعتقال والعناصر التي كانت حوله أو تشارك معه طليقة مثل حضرته السيد أنيس النقاش؟ شكراً جزيلاً.
غسان بن جدو:
نعم، شكراً سيدي الكريم. السؤال الأول يتعلق بتسليم كارلوس من السودان.
أنيس النقاش:
حقيقة أنا صعقت عندما سمعت الخبر، لأنه-كما تفضل الأخ-لا من ناحية إسلامية ولا من ناحية عربية يجب أن يقوم بهذا العمل، الذي حدث-أظن-أن من سلموه كانوا ضحية الإعلام الغربي الذي شوَّه كارلوس على أنه مرتزق ومغامر و..و.. إلى آخره. أنا لا أعرف ما الذي حصل مع كارلوس بعد 76، ولكن أضمن وأشهد أن كارلوس حتى سنة 76 كان مناضلاً أممياً يناضل مع القضية الفلسطينية كأي جندي فلسطيني يطيع الأوامر، ولم يتصرف خارج هذا الموضوع، وأقدر فيه -في عملية فيينا- أنه استوعب أكثر من بعض القادة المسؤولين خطر هذه العملية.
غسان بن جدو:
على كل حال أنت في حوارك مع (غسان شاربل) في مجلة (الوسط) أشرت بإيجابية بالغة إلى كارلوس وتعتبره-ولا تزال تعبره-مناضلاً وإن كنت أشرت بأن لم يتم اتصال بينك وبين كارلوس خلال.. منذ سنوات طويلة، وخاصة أن ما فيه تواصل حتى خلال سجنك لمدة عشر سنوات في فرنسا.
أما السؤال الثاني فيما يتعلق بالعراق الذي كان يمد السلاح ويعطي السلاح إلى الثورة الفلسطينية ولكن الفلسطينيين كانوا-أيضاً-يقدمونه إلى الأكراد. لديك معلومات في هذا الأمر.
أنيس النقاش:
نعم، لا هذا غير صحيح، الفلسطينيين لم يستلموا سلاح من العراق ويقدموه إلى الأكراد، الذي حصل هو شئ محدد بالذات وأنا أعرفه، وهو هذا ممكن أن نكشف عن الآن، في فترة زمنية معينة النظام العراقي وعن طريق منظمة أبو نضال شن حرباً شعواء على منظمة التحرير باغتيال كوادرها، وكان واضحاً في ذلك الزمان أنه ما وراء هذه العمليات النظام العراقي أكثر ما هو منظمة أبو نضال.
في ذلك الوقت نعم لعبنا دوراً في الاتصال في مجموعات كردية هي إسلامية ولا تناضل في العراق ضد العراق بهدف الانفصال، لكي ترد على النظام العراقي كما كان النظام العراقي يسئ، وعندما حصلت المصالحة الكبرى بعد ذهاب أنور السادات إلى القدس وتفاهم النظام العراقي مع منظمة التحرير انتهت كل هذه المواضيع، لم يكن هناك دعم الأكراد بصفة العمليات الانفصالية في كردستان.
غسان بن جدو:
نعم، فيما يتعلق بكارلوس معتقل وأنيس النقاش طليق.
أنيس النقاش:
نعم كارلوس معتقل بتهمة إعدام اثنين من رجال الأمن الفرنسيين، ولذلك هذه القضية من الناحية القانونية كان لها متابعة، والفرنسيين-كما تعلم-أنهم بمساومة أخذوه من السودان واستطاعوا الحصول عليه بهذا العمل، يعني لسجنه والحكم عليه باغتيال اثنين من المخابرات الفرنسيين، أما في بالنسبة لعملية فيينا فمسألتها القضائية مع مرور 25 عام والمعني فيها دولة النمسا بالذات فوضعها مختلف تماماً.
غسان بن جدو:
أنت لا تخشى يعني من هذه المسألة.
أنيس النقاش:
أنا لا أخشى شيئاً.
غسان بن جدو:
نعم، فيه السؤال قبل أن نتلقى مكالمة من السيد طلال الرمحي من عمان، سيد أنيس نقاش، في تلك الفترة أين كنت تتلقى تدريباتك؟
أنيس النقاش:
تدربنا في أكثر من مكان، أنا أول تدريب لي كان في شقة في بيروت قرب مستشفى المقاصد على يد أحد جنود الصاعقة الفلسطينيين الذين كانوا في جنود الصاعقة المصريين أثناء حرب 67، وتدربنا على استعمال سلاح لأول مرة كنت أرى بندقية كلاشينكوف..
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
يعني تدريباتك -فقط- كانت في لبنان؟
أنيس النقاش:
لا، تدربنا في سوريا في طرطوس، في مصياف، في عدة مواقع في معسكرات.
غسان بن جدو:
خارج سوريا، هل فيه دولة، دول عربية أخرى كنت.
أنيس النقاش:
كان فيه تدريب على دورة أمنية مكثفة لضباط الاستخبارات في مصر لدى الاستخبارات الحربية، وهي كانت تجربة جداً مفيدة وكبيرة.
غسان بن جدو:
في أي سنة كان هذا الأمر؟
أنيس النقاش:
في الـ 74.
غسان بن جدو:
يعني في عهد الرئيس الراحل.
أنيس النقاش [مقاطعاً]:
أنور السادات.
غسان بن جدو [مستأنفاً]:
أنور السادات وليس جمال عبد الناصر. سيد طلال الرمحي من عمان. تفضل سيدي.
طلال الرمحي:
مساء الخير للضيف والمضيف.
غسان بن جدو:
مساء الخير.
طلال الرمحي:
سيد نقاش، قررت إنك تشرب حليب السباع وتتحدث بصراحة وصدق وبكونك قريب من أبو الهول ومن هاني الحسن بالذات، إذن أنت جزء لا يتجزأ من مجموعات صلاح خلف ومجموعات علي حسن سلامة، أنا أريد أن أسألك هل تعلم من اغتال الرائد خالد فايز حمدان؟ هل تعلم من اغتال عمر السرطاوي؟ هل تعلم من اغتال سعد صايب؟ هل تعلم من قتل عبد الفتاح حمود؟ هل تعلم من سهل عملية (فردان) ؟ هل تعلم ماجد أبو شرار كيف قتل؟
أنت تعلم ذلك أما أن تتحدث أنك أنقذت وزيراً سعودياً فأنا أعتقد كما أنقذتهم، كما سلمتم سابقاً ناصر السعيد بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة يا أستاذي الفاضل، أرجو أن يتسع صدرك لمناضل من مناضلين قديمين، أنا أعلم تماماً أن كارلوس سُلِّم وبيع كما بيع غيره بثمن محدد، أنا أرجوك أن تتحدث بكل الصراحة والصدق وبالطهارة الثورية التي عرفتها عنك شخصياً أن تكشف الأسرار طالما حان وقت كشف الأسرار وفتح الملفات..
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
شكراً جزيلاً سيد طلال الرمحي من عمان، شكراً لك على هذه المكالمة. لم يبق لنا من وقت إلا قليل. من نفذ كل هذه العمليات الاغتيال التي تحدث عنها؟
أنيس النقاش:
هذه لائحة طويلة من العمليات أنا لا أدري عنها، أنا أعتقد هو أنه أي شخص في العمل الفلسطيني يستطيع أن يكشف كل الأسرار؟ وهذا غير صحيح، وأنا لم أكن في يوم من الأيام لا من مجموعات الأخ الشهيد أبو حسن سلامة ولا من مجموعات الشهيد صلاح خلف (أبو إياد) بل عملت فقط مع الأخ أبو جهاد في هذه المجالات.
سعد صايب قتل في لبنان بعد تصفية حسابات واشتباكات مع ما سُمى بفتح الانتفاضة وفي البقاع الغربي، ليس له علاقة في ماجد أبو شرار ولا في عملية عبد الفتاح حمود. في بداية تاريخ الثورة الفلسطينية. الأخ يخلط ما بين مجموعة من العمليات البعض قام فيها قوى معارضة في الثورة الفلسطينية لهذه الكوادر، البعض قام فيها أجهزة إسرائيلية، البعض قام فيها أجهزة عربية استخبارية. فما لا أجد أي رباط بين هذه المسائل؟
غسان بن جدو:
السيد أبو إبراهيم من المملكة العربية السعودية، تفضل.
أبو إبراهيم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
غسان بن جدو:
وعليكم السلام ورحمة الله.
أبو إبراهيم:
لو سمحت أود أن أسأل السيد أنيس النقاش حول -أيضاً- أمور كثيرة مثيرة للجدل في تاريخ حركة الفتح نفسها، أود أسأله -اختصاراً للوقت- عن بعض الشخصيات اللي الآن هي أبطال المرحلة، مدى وزنها النضالي وتاريخها النضالي، بشكل خاص يعني الشخصيات أبطال مرحلة أوسلو. أيضاً أسأل عن شخصية مثيرة للجدل مستشار الرئيس عرفات خالد سلام أو محمد رشيد يعني هناك كلام كثير حول طريقة دخوله لفتح وطريقه وصوله إلى هذا المنصب. إن كان فيه أي معلومات للسيد أنيس رجاء التفضل بها.
السؤال الآخر -لو سمحتوا- بالنسبة لعلاقة الإمام موسى الصدر بالثورة الفلسطينية، أود أن أسمع إذا كان هو عند السيد أنيس أي تحليل حول تغييب الإمام الصدر وإبعاده، وأيضاً الانقلاب اللي حصل في حركة أمل نفسها من الناحية الأيدلوجية والعقائدية ومن الناحية السياسية ومن ناحية تحولها ضد الفلسطينيين بعد تغييب الإمام موسى الصدر. إذا كان عنده معلومات حول هذه الأمور رجاء يعني.
غسان بن جدو:
نعم، شكراً.. شكراً لك يا سيدي، هو الحقيقة فيه سؤال يتحدث عن بعض أبطال أوسلو وعن خالد سلام يعني هل لديك معلومات بسيطة عن هذا الأمر؟
أنيس النقاش:
لا أعرف حتى من هو خالد سلامة يعني هذا.. بعض الأشخاص الذين ظهروا بعد 82 أو هذا لم أكن أنا في هذه الفترة، لا ينسى الأخ أني كنت في فرنسا عشر سنين في السجن، وكثير من الرموز التي كانت غير ظاهرة ظهرت وذهبت..و..
غسان بن جدو:
فيه سؤال عن تغييب الإمام موسى الصدر كما قال، وهذا الحقيقة ينسجم مع فاكس وصلني ويلح صاحب الفاكس عبد الله منصور، يقول إنه من ليبيا يلح على أن نقرأ هذا الفاكس: الدولة التي -يسأل المناضل أنيس النقاش- الدولة التي كانت وراء عملية فيينا هي -بالقطع- ليبيا -كما يقول- والليبيون يتمنون عليك أن تسميها، لأن ذلك يخدم تحرر الشعب العربي الليبي من حكم.. إلى آخره، والشعب الليبي لن ينسى لك ذكر هذه الحقيقة في ذلك تقريب لفك أسر فضيلة الإمام موسى الصدر. طبعاً الكلمات التي تتحدث عن القادة العرب أياً كان موقفنا منها وتكون عبارات نابية أنا أتحفظ عن ذكرها.
أنيس النقاش:
كما كنت في المقدمة أنا لن أذكر من هو النظام لأنه لسنا هنا لنصب الزيت على النار بل لنعطي تجربة ونوضحها.
غسان بن جدو:
نعم، سيد أنيس نقاش.
أنيس النقاش [مقاطعاً]:
بالنسبة للسيد موسى الصدر أنا أعتقد أن أحد الخاسرين الكبار في اختفائه هو الثورة الفلسطينية، ويأتي بعد ذلك لبنان، لأن لبنان كان يمكن أن يعوض بشكل ما من الأشكال شخصية وطنية توحد اللبنانيين، أما بالنسبة للصراع مع العدو الصهيوني فالسيد موسى الصدر كان من أكبر المشجعين على قيام المقاومة وعلى دعم القضية الفلسطينية، وبالتالي إحنا كنا الخاسرين الأكبر في ذلك.
غسان بن جدو:
ليست لديك معلومات.
أنيس النقاش [مقاطعاً]:
لا ليس لدي معلومات.
غسان بن جدو(مستأنفاً):
عن اختفاء السيد موسى الصدر. عن هذا الأمر. طب سيد أنيس نقاش، لم يبق من الوقت إلا قليل وهناك محور أساسي وهو العلاقة مع إيران. أعد السادة المشاهدين لن أذكر التاريخ بالتحديد ولكن سيكون لقاء. لنا لقاء آخر أكثر شمولية تفصيلاً مع السيد أنيس نقاش، وستشاهدونه في وقت آخر سنتحدث عن كثير من القضايا، ولكن فيما يتعلق بإيران أنت كنت جزء من الثورة الفلسطينية وانتقلت إلى الثورة الإيرانية، بل أكثر من ذلك يعني نفذت عملية محاولة اغتيال شابور بخيتار أنت كلبناني وليس.. لم يكن إيرانياً مشرفاً على هذا الأمر، كيف العلاقة؟ كيف تم هذا الانتقال من الثوريين: من الثورة إلى هذه الثورة؟
أنيس النقاش:
لا أذكر الفترة في الضبط في 72-أظن-أو73 قرأت كتاب للجنرال (إيزل هارت) عن الأحلاف في العالم حلف الأطلسي والناتو، وما يجري العالم من استراتيجيات دولية، فتأثرت به كثير وعلمت دور تركيا وإيران في منطقة الشرق الأوسط بشكل أوضح مما كنا نعرفه بالمطلق، وكتبت رسالة للأخ أبو جهاد عنوانها "الإمبريالية تخطط بشمول وعلى الثورة أن ترد بشمول" وكانت من جملة الاقتراحات هو أن نوثق علاقاتنا مع أي حركة معارضة في هذين البلدين.
الأخ أبو جهاد لم يكن يحتاج -فى ذلك الوقت- إلى رسالتي لكي يتحرك في اتجاه دعم حركات التحرير والمنظمات الثورية في العالم، كان له باع طويل يدعم حركات تحرير تمتد من آسيا إلى أمريكا اللاتينية إلى آخره، ولكن أعجب بهذا الطرح وطلب أي شئ أستطيع أن أقوم به فأنا على ارتباط معه فنبدأ في عملية التنفيذ، وبدأت عملية نسج علاقات مع قوى ثورية تركية وإيرانية.
بعد سنة ونص .. سنتين تبين لي أن الحركات اليسارية بتركيا ليس لها التأثير الفعلي، مجموعات تروتسكية ماركسية، ماوية إلى آخره ليس لها أثر على الأرض لقلب نظام أو تغيير موازيين القوى لها تأثير فعلي ببعض العمليات ولها تأثير فعلي في دعم الثورة الفلسطينية، بعضهم ساعدنا كثيراً في الدخول للأرض المحتلة، والإيرانية وضعهم كان يختلف، كنت أجد، أرى أملاً في المستقبل أنهم يستطيعوا فعلاً أن يغيروا بسبب أن القوى السياسية المتحركة كانت مرتبطة أكثر بالجماهير، يعني اعتمادها على الإسلام وقيادة الإمام كانت تعطينا نتائج إنه فعلاً هناك جماهير إيرانية تتحرك ضمن هذا..
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
طيب، بمعزل عن هذا التحليل هل كان هناك تواصل ميداني بين.
أنيس النقاش:
هذا لم يكن تحليلي، كما قلت بدأ بخطة عمل، خطة عمل نسج علاقات مع القوى التي لم نكن نميز بينها سياسياً في إيران، فقط أنها معارضة لنظام الشاه، كان عندنا فدائيو خلق، كان عندنا مجاهدي خلق، كان عندنا المسلمين المؤمنين بقيادة جلال فاسي بقيادة الشهيد محمد صالح حسيني، بقيادة الشهيد محمد منتظرى في سوريا، هم الذين نسجوا هذه الخيوط، وكما قال الأخ هاني إنه كان عندنا كثير من القيادات تأتي إلى لبنان ونقدم لها يد العون.
هذا النسيج من العلاقات جعلني في وسط حلقة الارتباط -جزئياً ليس كلياً- ما بين الثورة الفلسطينية والثورة الإيرانية قبل انتصار الثورة، وعندما انتصرت الثورة كان هذا انتصاراً لنا، لأنا قلبنا نظاماً كبيراً جداً بالمنطقة يعني لا نستهين بإيران، معادي 100% من أحد أشرس الأنظمة المعادية للقضايا العربية ومؤيداً لإسرائيل إلى نظام مؤيداً 100% بل منخرطاً في النضال من أجل تحرير فلسطين والدفاع قضية فلسطين.
غسان بن جدو:
طيب، عندما انتقلت إلى الثورة الإيرانية قبل عملية (شابور بخيتار) هل تم التنسيق بينك وبين الإيرانيين باعتبار لديك خبرة أمنية وعسكرية وحتى سياسية في هذا الأمر؟
أنيس النقاش:
كما ذكرت إحنا كنا نتابعهم في عملية تدربيهم، في عملية تسليحهم، في عملية مدهم بالإمكانات المادية والتشاور معهم في المسائل السياسية.
غسان بن جدو:
من كان الذي يصل بين الجانبين؟
أنيس النقاش:
حلقة الوصل الأساسية في العلاقة ما بين الفلسطينيين وإيران في المجال الإسلامي كان الشهيد -رحمة الله عليه- محمد صالح الحسيني الذي كان إيرانياً متولداً في العراق، اعتقل من قبل النظام العراقي بسبب نشاطه الإسلامي، جاء إلى لبنان والتحق بحركة فتح، وتزوج من لبنانية، يعني أنا وجدت فيه المناضل الإسلامي المثالي، عراقي إيراني جاء إلى لبنان مع الفلسطينيين ومتزوجاً من لبنانية، كاملة الصورة، وبدأنا في التنسيق المتكامل معه وكان له دور أساسي في هذا الموضوع.
غسان بن جدو:
هذا الذي اغتيل في لبنان عام 81.
أنيس النقاش:
اغتيل في بيروت 81.
غسان بن جدو:
نعم، من الذي اغتاله بالمناسبة؟
أنيس النقاش:
لم يعرف تماماً، التحقيقات لم تؤدي إلى نتائج، ولكن هناك شك حول النظام العراقي أساساً في هذا الموضوع.
غسان بن جدو:
نعم، يعني عملياً هل نسقت مع الإيرانيين؟ هل استفادوا منك عملياً في قضية ما؟ قبل شابور بخيتار؟
أنيس النقاش:
قبل الثورة الـ.
غسان بن جدو:
لا لا بعد الثورة.
أنيس النقاش:
بعد الثورة كان فيه عندنا حوار طويل حول كيفية إقامة النظام الإسلامي، وقبل ذهابي إلى طهران كان لي مساهمة في كتابة مشروع الحرس الثوري، لأنه جاء جلال فارسي إلى البيت عندي قبل أن يسافر إلى طهران، وقال: نحن العلة الأساسية الآن نخافها -وهو من معاصري تجربة (مصدق)- أن يقوم الجيش بانقلاب بدعم من أمريكا ويطيح بكل إنجازات الثورة، فأنا كان جوابي تلقائي: لنبن جيشاً مرادفاً للجيش الإيراني يمنع قيام انقلاب فقال: هل تستطيع أن تكتب لنا مشروع؟ في الليل كتبت مشروع، ثلاث ورقات سميته (الحرس الثوري) عبارة عن مجموعات تتواجد في ثكنات للجيش الإيراني ليس لها تسليح ثقيل بل تسليح خفيف تستطيع أن تواجه أي محاولة انقلاب.
غسان بن جدو:
يعني أنت أنيس نقاش من خط.. من كتبت بخط يدك مشروع تأسيس الحرس الثوري في إيران؟
أنيس النقاش:
نعم، هذا الذي حصل، هذا لا يعني أن بدون هذا المشروع لم يكن هناك حرس ثوري في إيران.
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
هل التحقت بالحرس الثوري بعد ذلك؟
أنيس النقاش [مستأنفاً]:
ولكن هذا تحقق بنتيجة لعملية، في اليوم الثاني جاء الشهيد محمد صالح، أخذ هذا المشروع لأنه جلال كان سافر في طائرة الرئيس أبو عمار، وقال: أنا سأذهب عن طريق سوريا مع الشهيد محمد منتظري، فأعطيته المشروع. ناقشوا هذا المشروع وبعض شهر ونص عندما ذهبت إلى طهران وجدتهم فعلاً أنهم قاموا بالمبادرة، ذهبوا خمسة: الشهيد محمد صالح والشهيد محمد منتظري وجلال الدين فارسي واثنين آخرين، وسيطروا على ثكنة بعد انتصار الثورة وأعلنوا.
غسان بن جدو [مقاطعاً]:
وتأسيس الحرس الثوري. الوقت مقتضب جداً سيد أنيس نقاش، قمتم بعملية محاولة اغتيال شابور بخيتار، يعني اختصار شديد سيكون لنا لقاء آخر نتحدث فيه أكثر تفصيلاً عن هذه الأمور، لماذا أردتم اغتيال شابور بخيتار؟
أنيس النقاش:
هذا اغتيال شابور بخيتار لا يدخل ضمن نطاق الاغتيال السياسي، شابور بخيتار كان يعلن باستمرار أنه مسؤول عن عمليات بعد انتصار الثورة كتفجير في البازار الإيراني وإعداد قوات (شاهنشاهية) على الحدود العراقية الإيرانية لإعادة قلب النظام ويهدد في ذلك، إضافة إلى مجموعة معلومات تجمعت وثبت ذلك في -حتى- الكتابات العالمية في بعض الكتب التي كتبت عن بخيتار تورطه في محاولة في محاولة الانقلاب التي كان فعلاً التي كنا نتخوف منها، أنها تعد من قبل الأمريكان وبعض الدول الغربية لإعادة الشاه إلى إيران.
غسان بن جدو:
متخوف منها من؟ من يتخوف؟
أنيس النقاش:
إحنا كنا نتخوف من تجربة مصدق؟
غسان بن جدو:
من أنتم؟
أنيس النقاش:
كل القوى التي ساهمت بهذه الثورة.
غسان بن جدو:
فيها، نعم.
أنيس النقاش:
نعم، نحن كفلسطينيين ولبنانيين مع الثورة الإسلامية. هذا الحوار اللي كان يجري، عندما تجمعت هذه المعلومات وأدلة من بعض الضباط الذين أفشوا السر أن هناك محاولة انقلاب أصدرت محكمة ثورية في إيران حكم قضائي مع الأدلة الجنائية أن بختيار متورط في محاولة انقلاب، متورط في عمليات تفجير، ومتورط في دعم قوي معادية للثورة -حكم إعدام- الحكم إعدام لا ينفذ إلا إذا ووفق عليه من القيادة الدينية، عندما أخذنا هذا القرار تكلفت أنا.. كلفت نفسي أساساً لأني أعرف أن القوى في ذلك الوقت لم تكن منظمة لكي تقوم بعمل خارجي، فقلت أنا أقوم بهذا التنفيذ ونظمت العملية من أجل إعدام شابور بخيتار.
غسان بن جدو:
وقضيت يعني للأسف، يعني للأسف دخلت السجن، يعني فشلت تلك المحاولة، قضيت عشر سنوات في السجن، قمت بإضراب جوع كبير في آخر تلك الفترة على إثره أطلق سراحك، ولكن تمت عمليات في الأثناء هي عمليات احتجاز الرهائن في لبنان. يعني من كان وراء عملية الرهائن؟
أنيس النقاش:
وراء عملية احتجاز الرهائن كان عدة أطراف، لم يكن طرف واحد، ولكن هي -بالقطع كما أشيع أحياناً- أن حزب الله له علاقة، أنا أجزم قاطعاً أن حزب الله ليس له علاقة كقيادة وكتنظيم في هذه العملية، هذه هو كان لها ارتباطات استخباراتية تريد أن ترد على تورط بعض الدول الغربية -بالذات أمريكا وفرنسا- في قضايا الشرق الأوسط بأن تحتجز رهائن لكي تضغط على هذه الدول، ومن جملة استفادة من قضية وجودنا في السجن من أجل هذا الـ..
غسان بن جدو:
شكراً لك يا سيد أنيس نقاش على هذا اللقاء. شكراً لكم مشاهدينا المحترمين على حسن المتابعة، كنا في لقاء مباشر من الدوحة مع السيد أنيس النقاش، أعدكم بلقاء آخر أكثر تفصيلاً، شكراً لكم على حسن المتابعة وإلى لقاء آخر بإذن الله، في أمان الله.