أمنون شاحاك .. الانتخابات الإسرائيلية
مقدم الحلقة | يسري فودة |
ضيف الحلقة | أمنون شاحاك: رئيس حزب الوسط الإسرائيلي |
تاريخ الحلقة | 16/02/1999 |
![]() | |
![]() |
يسري فوده:
أهلاً بكم سيداتي وسادتي، إلى لقاء متجدد من هذا البرنامج، نحييكم هذه المرة من تل أبيب، حيث يشتعل كل يوم فوار الحملة الانتخابية، في اليوم السابع عشر من شهر مايو (أيار) القادم، يتوجه الناخب الإسرائيلي إلى صناديق الاقتراع لاختيار نوابه، وللمرة الثانية على التوالي سوف تتاح الفرصة للناخب الإسرائيلي لاختيار رئيس وزراءه بشكل مباشر، من بين هؤلاء المرشحين لقمة السلطة في إسرائيل رئيس هيئة الأركان العسكرية، القائد العسكري الذي استقال من منصبه قبل أسابيع قليلة، وكون حزباً وسطاً في السياسة الإسرائيلية، ضيفنا لهذا اليوم السيد: أمنون شاحاك، سيد شاحاك، شكراً لاستقبالك قناة (الجزيرة)، ونبدأ بالسؤال عن سير حملتك الانتخابية حتى الآن.
أمنون شاحاك:
لقد بدأت الحملة الانتخابية منذ 12 يوماً فقط وهو وقت قصير جداً- لم يكن لدينا ترتيب مسبق للحملة، لذلك فنحن مضطرين لإنجاز أعمال كثيرة في آن واحد، فنحن نشرف على التنظيم، ونتصل بأعداد كبيرة من الناس الذين يتصلون بمكتبي ويريدون التطوع، ونجمع التبرعات، ونتعرف على المعنى الحقيقي للسياسة الإسرائيلية، ولا شك في أن هذه فترة مشحونة بالعمل بالنسبة لنا
يسري فوده:
تبدو جيداً على أية حال، ولكن دعني أضع هذه الحقائق بين يديك، في البداية كانت شعبيتك مرتفعة وفقاً لبعض استطلاعات الرأي العام، لماذا -في اعتقادك- انخفضت شعبيتك قليلاً؟
أمنون شاحاك:
بغض النظر عن قليلاً أو كثيراً فقد حدث انخفاض، وإذا كنا نتحدث عن استطلاعات الرأي فدعني أقول لك إن استطلاعات الرأي في إسرائيل ليست بالدقة التي يمكن معها إجراء المقارنات، ولكن من خبرتي القصيرة أستطيع أن أوضح لك عدة أشياء، أولها: أنه في النظام الانتخابي الجديد فإنك تدلي بصوتك مرة لرئيس الوزراء ومرة للحزب، وأعتقد أننا كحزب وسط ستكون لنا اليد العليا في التصويت الثاني أو المرحلة الثانية من الانتخابات، وستتاح لي أفضل فرص الفوز إذا استطعت الوصول إلى الجولة الثانية، ففي الجولة الأولى ستواجهنا مصاعب، لأن الناس في البداية كانت لديها آمال عريضة، وعندما كنت أتوجه إليهم بالحديث عن بضعة أشياء كان هناك من هم غير مستعدين لسماع شيء غير الذي يتوقعون مني أن أقوله.
ثانياً: كنا نتحدث أنا و(روني ميلو)، و(دان ميردوار) في أن نكون معاً منذ البداية، وكان هناك اتفاق على أن نعيد توحيد جهودنا بحلول منتصف شهر فبراير، ونخوض الانتخابات معاً، ولن يكون (ميردوار) في صفوف (الليكود) عندما يطرح الليكود قوائمه على مستوى الدوائر، ولعل هذا هو السبب الذي دفع البعض إلى القول أنهم يشتمون رائحة السياسات القديمة في إسرائيل، ويرون بعض المشاهد السياسية القديمة، ولكني أؤكد للشعب الإسرائيلي أن لدينا الجديد لنقدمه وأنه سيكون شيئاً جديداً تماماً.
يسري فوده:
حزبك في حد ذاته فكرة طريفة، لماذا تعتقد أن الشعب الإسرائيلي بحاجة إلى طريق ثالثة في حياته السياسية؟
أمنون شاحاك:
من الناحية العملية نحن منقسمون، ونحن نعلم ذلك وقد ازددنا انقساماً بين اليمين واليسار خلال الخمسة عشرة أو العشرين سنة الماضية، وكنا منقسمين حول أشياء كثيرة ليس فقط في أسلوب تفكيرنا أو نظرتنا إلى عملية السلام، بل حول كثير من القضايا المتعلقة بالصراعات الداخلية بين الشعب الإسرائيلي، فلدينا اتجاه اليمين الذي يمثله حزب الليكود، واتجاه اليسار الذي يمثله حزب العمل، وكل من الحزبين متمسك بموقفه بكل قوة ولا يمكنهما العمل معاً، ولننظر إلى ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية لقد واجهتنا بعض المشكلات الخطيرة، ولكننا عجزنا عن العمل معاً لحلها.
وهكذا فإنه من الناحية الفعلية كان (نتنياهو) يقود نصف الشعب الإسرائيلي ضد الشعب الآخر من الشعب الإسرائيلي، وأعتقد أنه لو قدر لحزب العمل أن يفوز في الانتخابات -وهو أمر أشك فيه- فسيتكرر نفس الأمر، ويصبح نصف الشعب الإسرائيلي يقود النصف الآخر، وكلاهما يعمل بشكل منفصل، وأعتقد إن هذا خطأ بالنسبة لنا كإسرائيليين، ولابد لنا من توحيد الشعب الإسرائيلي إذا أردنا أن نحقق أهدافنا ونتوصل إلى نتائج أفضل، وحلول لمشكلاتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والبطالة، والعلاقات بين اليهود المتشددين دينياً وغير المتشددين، والعلاقات بين القادمين الجدد من ناحية والمولودين في إسرائيل من ناحية أخرى، والعلاقات بين الإسرائيليين أيضاً والفلسطينيين.
وأعتقد أن لدينا أفضل الفرص لتحقيق ذلك، ونحن لن نضم إلينا فقط أولئك الذين يشعرون بالسخط من نتنياهو أو من حزب العمل -وهم كثيرون- بل أعتقد أننا سنتيح فرصة حقيقية كي يفوزوا في الانتخابات، وأن يعملوا تحت قيادة جديدة، ونفتح أمامهم آفاق مستقبل أفضل من خلال العمل معاً، ومع الحزبين الكبيرين ربما لنحقق ما هو أكثر من ذلك بكثير.
يسري فوده:
كان هناك كلام في بداية ظهورك في الصورة كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء عن أنك ستلتحق بالسيد إيهود باراك، فماذا حدث بعد ذلك؟ هل اختلفتما؟
أمنون شاحاك:
كلا، ولكن لتعرف أن هناك الكثير من التكهنات التي تثور حول كل قضية في إسرائيل، فإسرائيل مشهورة بالتكهنات. لقد التقيت مع باراك مرات عديدة وإن لم أكن في حياتي عضواً في حزب العمل أو أي حزب آخر، بل كنت أخدم بلادي في قوات جيش الدفاع، وعندما تقاعدت وشرعت أفكر فيما حولي شعرت بانزعاج كبير للموقف الراهن في إسرائيل، وأصبح هاجسي الأول كإسرائيلي هو التوصل إلى أفضل حل للموقف الراهن الذي يثير حنق الكثيرين في إسرائيل.
وكنت أبحث عن موطن الخلل الذي يتعين تصحيحه وأفكر فيمن يجب أن يتولى التصحيح، ولست أرى أن بوسع حزب العمل وحده أن يغير من ذلك الموقف، لأن حزب العمل رغم أنه يمثل الكثيرين في إسرائيل إلا أنه يظل يمثل نصف الشعب الإسرائيلي، وهذا غير كاف لأن الحزب القادر على التغيير ينبغي أن يمثل أكثر من نصف الشعب، وأعتقد أن ما طرحناه بالمشاركة مع الإسرائيليين الذين جاؤونا من كافة الأحزاب السياسية الأخرى كان شيئاً جديداً، وقادراً على إحداث التغيير المنشود، ولذلك لم أنضم إلى حزب العمل، لأني أعتقد أنه ليس الحل الأمثل لإصلاح الموقف الحالي.
يسري فوده:
أحد أهم الانتقادات الموجهة لحزبك الجديد هو.. البعض يعتقد أنه سيقتطع من أصوات السيد باراك في مواجهة نتنياهو وبالتالي يفوز نتنياهو.
أمنون شاحاك:
بالطبع فإن فوز نتنياهو مرة ثانية أمر يثير قلقي، وأعتقد أن ما أفعله يتيح أفضل الفرض لظهور بديل لنتنياهو، ويجعل فرصته في الفوز أقل ما يمكن، وأعتقد أن البعض يستغلون ذلك الانتقاد الذي تحدثت عنه كي يقنع أنصار حزب العمل بعدم الانضمام الينا، تماماً كما وصفني نتنياهو بأنني يساري أو قادم من المعسكر اليساري كي يقنع أنصاره بالابتعاد عن حزبي، وهو أيضا ما يفعله حزب العمل لإقناع أنصاره بالبقاء بعيداً.
ودعني أشرح لك الأسباب التي تجعلني أعتقد أن الانتقاد الذي أثرته في غير موضعه، قبل كل شىء من الواضح إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن لدينا أفضل الفرص في الفوز في الجولة الثانية، ولو لم يكن هناك حزب الوسط لما كان باراك ونتنياهو متساوين في الفرص كما هو الآن بل كان نتيناهو سيفوز لو لم يكن حزبنا موجوداً، لأن الصراع سينحصر بينه وبين باراك، وبالتالي فإن أغلب الأصوات كانت ستذهب إلى نتنياهو، لأن باراك ليس جذاباً بما فيه الكفاية لإقناع الناخبين بتفضيله على نتنياهو.
وفي الوقت الراهن فإن نصف الشعب الإسرائيلي على الأقل يفضل نتنياهو ولو انحصر النزاع بينه وبين باراك فقط لزادت نسبة مؤيدي نتنياهو عن النصف بقليل، ولنتذكر أنه في عام 96 فاز نتنياهو بنسبة 50.5% من الأصوات، بينما فاز (بيريز) بـ 49.5%، وحسب علمي فإن ايهود باراك يتمتع الآن بتأييد عدد من الناخبين الإسرائيليين يقلوا عمَّن أيدوا بيريز عام 96، ولذلك فإن فرصته في الفوز ليست كبيرة، وما أسعى إليه في المقام الأول هو إيجاد بديل أمام الناخبين من اليمين ومن اليسار والأحزاب الدينية والإسرائيليين الذين صوتوا لأحزاب أخرى في السابق.
والأمر الثاني كذلك: هو أنني اتفقت مع باراك على ضرورة إسقاط نتنياهو، وليس هناك شك في ذلك وبالتالي فإننا إذا خرجنا فائزين من الجولة الأولى فإن كل معارضي نتنياهو سينضمون إلينا، أما إذا خسرنا بعد الجولة الأولى فإن كل معارضي نتنياهو سيصوتون لصالح من بقى في المنافسة، وهو في ذلك الحالة باراك، وهكذا فإنه من الناحية العملية فإن اتفاقنا لا يقلل من فرصة أي منا في الفوز على نتنياهو.
يسري فوده:
لديك خلفية عسكرية، وكذلك كثير من قادة إسرائيل، فكيف يختلف ذلك كثيراً عن معظم دول العالم الثالث إذا كانت إسرائيل تزعم أنها الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط.
أمنون شاحاك:
أنا أخوض الانتخابات من خلال نظام ديمقراطي، كما أن كل إسرائيلي -تقريباً- لديه قدر من الخبرة العسكرية، وكلنا يعلم تاريخ دولة إسرائيل، فمنذ نشأتها وهي مشحونة بما نعتقد جميعاً أنه الدفاع عن أمن إسرائيل، وضرورة المشاركة في جيش الدفاع لحماية وضمان أمن دولتنا، ونحن جميعاً نؤمن بذلك، ولهذا السبب أديت واجبي العسكري، ولكني أديته كمواطن إسرائيلي قبل أن أكون ضابطاً عسكرياً محترفاً.
وأعتقد أن أي إسرائيلي بغض النظر عن ما إذا كان طبيباً، أو مهندساً، أو ضابطاً في الجيش لابد أن يكون منغمساً في الشؤون اليومية الإسرائيلية، التي لا تخرج عن كونها السياسة، صحيح أن معظم خبرتي هي نتاج الحياة العسكرية، ولكن الحياة العسكرية في إسرائيل تعنى بالأنشطة الاجتماعية، وباستيعاب المهاجرين الجدد، ومناقشة الحالة الاقتصادية للبلاد، وأشياء أخرى من بينها -بالطبع- أمن إسرائيل وعملية السلام.
وبالتالي فأنا مواطن إسرائيلي جئت من خلفية معينة، ولي خبراتي التي ستأتي معي، إن لدي -مثلاً- خبرات لم تتوفر لكثير من الساسة الحاليين في إسرائيل، ومن بينها المفاوضات مع الفلسطينيين والاجتماعات مع رئيس الأركان السوري -الجنرال الشهابي-، وهذه الخبرات تتيح لي بعض الميزات في مجالات معينة، ولا أنكر أن هناك بعض المجالات التي يتعين علي فيها أن أتعلم أشياء كثيرة جدياً، ولكني لن أكون وحدي في ذلك، بل سيكون القرار جماعياً، وإن كنت أعتقد أن لدي ما يكفي من الأدوات، والخبرة كرئيس لأركان الجيش الإسرائيلي، ورئيس للمخابرات العسكرية، ونائب في الكنيست، والوظائف الكثيرة الأخرى التي توليتها، إضافة إلى متابعتي للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، لذلك فأنا مفعم بالخبرة التي سأحملها معي.
يسري فوده:
في عمق اهتمام المواطن الإسرائيلي تقع قضية الأمن، وهي في الوقت نفسه قضية الليكود، فماذا يمكن أن تقدم أنت أكثر؟
أمنون شاحاك:
إن الأمن وحده ليس الشاغل الوحيد لجيش الدفاع الإسرائيلي، بل إن ذلك الجيش لابد أن يظل قوياً كي يضمن الأمن، إن الأمن هو كيف نصنع السلام مع الدول المجاورة لنا والسلام هو جزء من الأمن، والأمن أيضاً قوة اقتصاد البلاد، وهو العلاقات الداخلية بين الإسرائيليين أنفسهم، فعندما نكون متحدين نصبح أكثر أمناً من لو كنا منقسمين إلى أحزاب عديدة، وهكذا فإن الأمن ليس مجرد عدد الدبابات، والطائرات، أو حتى حماس الجنود الإسرائيليين.
هذه كلها عوامل مهمة، ولكنها ليست كافية وحدها، لأن مفهوم الأمن أوسع من ذلك بكثير -وعلى سبيل المثال- فإن إحدى المساهمات الكبيرة في أمن إسرائيل كانت وصول أعداد كبيرة من المهاجرين القادمين من الاتحاد السوفيتي السابق، وقد كانت تلك هدية ثمينة ليست لأمن إسرائيل فحسب بل لاقتصاد إسرائيل، وأمن إسرائيل، وما أستطيع أن أقدمه هو أن أظل متمسكاً بحماية أمن إسرائيل، والإسرائيليون بطبعهم حساسون لقضية الأمن.
وكانت لشعبنا تجربة مختلفة عن باقي الشعوب، ولكننا ننظر للتاريخ من خلال أعيينا ونحن حريصون على أمننا لأقصى حد وأياً كان ما يحدث هنا فسأظل حريصاً على أمن الإسرائيليين وأمن دولة إسرائيل.
يسري فوده:
إن كنت تؤمن حقاً بالجانب الآخر من المعادلة وهو أن السلام هو الذي يصنع الأمن، فهل أنت على استعداد فيما يخص علاقات إسرائيل بجيرانها العرب لأن تنسحب من جنوب لبنان، ومن مرتفعات الجولان من أجل السلام، الذي هو بالضرورة يخدم أمن إسرائيل؟
أمنون شاحاك:
إن السلام عنصر مهم لأمن أي دولة، بل إن السلام هو أحد الحلول للمشكلات الأمنية طالما كان سلاماً حقيقياً، ولكن السلام لابد أن يبنى، وأعتقد أن بوسعنا أن نبني سلاماً مع تلك الدول التي ليس لها سلام معنا مثل سوريا، وأن نجعل السلام أكثر دفئاً مع دول أخرى.
أما عن جنوب لبنان فأعتقد أن إسرائيل مستعدة للانسحاب من جنوب لبنان، وأنا مستعد للانسحاب من جنوب لبنان على الفور، ولكن لابد أن أتأكد من أننا لن نقدم على مخاطرات غير محسوبة، فإذا أصبحت الحكمة اللبنانية قادرة على أن تضمن لنا أن حزب الله أو غيره من المنظمات الفدائية لن تستخدم أراضي لبنان لشن هجمات ضد إسرائيل أو الأهداف الإسرائيلية، فأعتقد أن بمقدوري أن أصدر أمر الانسحاب، وأن يتم تنفيذه في غضون ساعات، ولكن شريطة أن تكون الحكومة اللبنانية مستعدة لإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، ونزع سلاح كافة المنظمات الفدائية، وألا تسمح بوجود قواعد لهم في البقاع أو أن يصبحوا جيشاً داخل الجيش، فهذا وضع خاطئ بالنسبة للبنان وبالنسبة لإسرائيل.
ولكني أشك في أن تكون الحكومة اللبنانية قادرة على ذلك دون الحصول على إذن من دمشق، لأن كل ما يحدث في لبنان يتم بأوامر من دمشق، وكلنا يعرف الطريقة التي انتخب بها الرئيس اللبناني، ومن كانوا الأشخاص ذوي النفوذ في تلك الانتخابات، بل إننا نعرف كيف تتم ترقية كبار الضباط في الجيش اللبناني، فهم لا يرقون بأوامر من قادتهم بل لابد من استطلاع آراء السوريين أولاً.
يسري فوده:
لو عدنا إلى انتخابات إسرائيل، لماذا تعتقد أنه لا ينبغي لنتنياهو أن يستمر في قيادة إسرائيل؟
أمنون شاحاك:
أمامنا تجربة السنوات الثلاث الماضية، وأنا غير راضٍ تماماً عن تلك التجربة، وعما أسفرت عنه من نتائج، ولست راضياً أيضاً عما يحدث داخل إسرائيل، والصراعات داخل المجتمع الإسرائيلي، والطريقة التي يستغل بها نتنياهو هذه الصراعات ليبقى في السلطة.
يسري فوده:
ولكن عملياً حتى الإدارة الأمريكية لا تستطيع الآن إرغام إسرائيل نتنياهو على اتخاذ طريق لا يحبذه الإسرائيليون.
أمنون شاحاك:
لا أحد يستطيع أن يرغمنا على شيء لا نريده، فنحن دولة مستقلة، ولكننا مستعدين أن نسمع الآخرين ليس الأمريكيين وحدهم، بل لابد أن نسمع للدول الأوروبية، والدول العربية التي لها علاقات معنا، وذلك هو أفضل أسلوب لاتخاذ القرار، أن نسمع ونتعلم حتى نجد الحل الصحيح وأشك إن ذلك قد تم بصورة مرضية خلال السنوات الثلاث الماضية، ولذا أعتقد أننا بحاجة إلى التغيير بأسرع ما يمكن.
يسري فوده:
كيف تقيم العلاقات في المنطقة كلها في الوقت الراهن؟ إذا افترضنا جدلاً أنك ستفوز في الانتخابات القادمة، كيف تتخيل علاقات إسرائيل بجيرانها العرب؟
أمنون شاحاك:
أعتقد أننا في غمار عملية صعبة مع الفلسطينيين، ولابد أن نواصل تلك العملية ونتوصل إلى اتفاق نهائي، وأن نعيد بناء الثقة، لأن الثقة عنصر في غاية الأهمية، والواقع إننا كي نضمن تحقيق مصالحنا لابد أن نراعي مصالح الآخرين، فمن المستحيل أن ينجح اتفاق يسعد به أحد طرفيه بينما الطرف الآخر غير سعيد، أيضاً فإن الحوار مع سوريا قد بدأ بالفعل قبل ثلاث سنوات، وأعتقد أن بوسعنا إحياء الحوار مع سوريا، ولن يفرض أحد أي اتفاق على الجانب الآخر، ولكن علينا أن نتحاور بشكل جدي، وأعتقد أن السلام مع سوريا أمر لا تحتاجه إسرائيل وحدها، بل إن سوريا تحتاجه بنفس القدر.
يسري فوده:
الرابع من مايو (آيار) لا يبعد كثيراً عن السابع عشر كيف ترى تأثير ذلك على السياسات الداخلية هنا، وعلى مجرى الأمور في أي اتجاه؟
أمنون شاحاك:
لا أعتقد أن يوم الرابع من مايو سيكون له تأثير خطير على الانتخابات، لأني أعتقد أن الفلسطينيين سينتظرون نتائج الانتخابات الإسرائيلية ومعرفة من سيفوز فيها، وأعتقد أن الفلسطينيين يتفهمون الوضع، وأن الحوار مع الفلسطينيين سيتجدد عندما تتولى الحكومة الإسرائيلية الجديدة السلطة، وعموماً فإن سكان الشرق الأوسط يتحلون بالصبر، ورغم أننا مختلفون إلا أننا عادة ما نتحلى بصبر طويل، وأعتقد أننا بحاجة لهذا الصبر الآن فعلينا أن ننتظر نتائج الانتخابات، وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ثم يتجدد الحوار، ونستطيع أن نتوصل إلى اتفاق نهائي بأسرع ما يمكن.
يسري فوده:
هل تلتزم بـ (أوسلو)؟
أمنون شاحاك:
أنا ملتزم بالسلام، أنا ملتزم لأني أعتقد أننا نحن الإسرائيليون نحتاج إلى السلام لأنفسنا ولجيراننا، ونؤمن أن السلام هو أفضل الحلول إن لم يكن الحل الوحيد، وأنا ملتزم بمواصلة عملية السلام والوصول بها إلى نهاية سعيدة، ولن تكون نهاية سهلة ولكنها ستكون سعيدة.
يسري فوده:
وهل أنت على استعداد للاعتراف بدولة فلسطين؟
أمنون شاحاك:
الدولة الفلسطينية هي واحدة من قضايا عديدة سيثيرها الفلسطينيون، وكل إسرائيلي يعرف تماماً أن الفلسطينيين يريدون أن يطلق عليهم اسم الدولة الفلسطينية، وفي الأسبوع الماضي قال نتنياهو على شاشة التليفزيون إن سياسات باراك أو حزب العمل، وبيريز تجعل الدولة الفلسطينية أمر ممكناً، وعلى نحو مماثل قال باراك: إن دعوة نتنياهو الرئيس (كلينتون) إلى غزة قد جعلت الدولة الفلسطينية أمراً ممكناً، وشارون صرح قبل فترة وجيزة بأنه يحبذ إنشاء دولة فلسطينية صغيرة.
وكلنا نعرف أن من الضروري أن نتوصل إلى إجابات على تساؤلات بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستضمن تلبية احتياجاتها الأمنية، وما إذا كانت ستتوصل إلى حل المشكلات الصعبة المتعلقة بالحدود أو الخط الفاصل بينها وبين الكيان الفلسطيني، وكذلك قضية المستوطنات والقدس وغير ذلك من المشكلات الكثيرة، وإذا توصلنا لحلول إيجابية لكل تلك التساؤلات فإنني واثق من أننا سنجد الحل الإيجابي لحاجة الفلسطينيين لدولة مستقلة.
يسري فوده:
Mr. Amnon Shahak we wish you the best of luck. Thank you very much in this few time .
أمنون شاحاك:
أتمنى حظاً سعيداً للجميع.
يسري فوده:
وشكراً لكم أعزائي المشاهدين مع وعد بلقاء متجدد من خلال هذا البرنامج (لقاء اليوم) طيب الله أوقاتكم.