أحمد شاه مسعود .. أثر الصراع العرقي في أفغانستان
مقدم الحلقة | محمد صافي |
ضيف الحلقة | أحمد شاه مسعود: وزير الدفاع في حكومة رباني وقائد قوات تحالف الشمال |
تاريخ الحلقة | 23/11/2000 |
|
![]() |
محمد صافي:
أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (لقاء اليوم).
ضيفنا في هذه الحلقة هو القائد الميداني الأفغاني أحمد شاه مسعود وزير الدفاع في حكومة رباني، وقائد قوات تحالف الشمال. في أول حوار مطول مع قناة تليفزيونية. الأستاذ أحمد شاه مسعود، لنعد أهلاً وسهلاً بك. الأستاذ أحمد شاه مسعود، لنعد إلى الوراء قليلاً، حكمتم كابول لفترة أربع سنوات، وتخللتها مواجهات عنيفة بين فصائل المجاهدين، وقضى فيها ما لا يقل عن أربعين ألفاً من سكان كابول نحبهم، ما هو تقييمكم لفترة حكمكم هذه؟
أحمد شاه مسعود:
بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أرى من الضروري أن أشرح بصورة مختصرة الأسباب الحقيقية وراء المعارك التي نشبت في كابول بين الفصائل الأفغانية، وتبعات هذه المعارك ونتائجها.
السبب الأساسي وراء تلك المعارك برأيي، وقد أثبتت الشواهد صدق ذلك فيما بعد كان باكستان واستراتيجية باكستان في المنطقة، فقد كانت باكستان منذ زمن بعيد تفكر في إيجاد عمق جغرافي ومذهبي لها في أفغانستان، ولذا كان ضمن برنامجها أن تنصب حكومة عميلة وضعيفة في كابول ومن هذا الباب كانت تسعى دائماً إلى تمهيد الطريق أمام العميل الذي اختارته وحزبه الذي كانت تقف وراءه من طريق مدينة جلال أباد ومناطق الجنوب الأفغاني، لكن –ولحسن الحظ- جاءت الأحداث بعكس ما خططت له باكستان، فقد سقطت كابول وحكومة نجيب الشيوعية بأيدينا، أي عن طريق مناطق الشمال الأفغاني،وحين سقطت حكومة نجيب عن طريق الشمال وجدت باكستان أن مصالحها الاستراتيجية أصبحت في خطر، وبدأت في التحرك لاستغلال الأجواء رغم انتصار المجاهدين، ونحن حينذاك لم نكن نسيطر على السلطة كاملة، وكان قادة المجاهدين اتفقوا على صيغة معينة في (بيشاور) ومع أن صبغة الله مجددي لم يكن من حزبنا إلا أنه اعتلى سدة الحكم، ورغم كل ما أبديناه من حسن النوايا بدأت باكستان واستخباراتها العسكرية تحرك حكمتيار حسب خطتها المعدة سلفاً، وبدأ حكمتيار حربه على كابول دون أدنى سبب أو مجوز شرعي.
محمد صافي:
ولكن ألم تكن الخلافات الشخصية السابقة بينكم وبين بعض قادة الجهاد، وخاصة قلب الدين حكمتيار هي السبب وراء موجة الحروب الطاحنة التي عرفتها أفغانستان مؤخراً؟
أحمد شاه مسعود:
أنت تعرف أن حكمتيار قصف كابول لسنوات عديدة وبصورة مستمرة، وتسبب في قتل آلاف من الناس، ومما يؤسف له أنه في الوقت الذي كان فيه حكمتيار يقصف كابول كان يتمتع بحرية كاملة في باكستان، فمقراته كانت مفتوحة، وآلاته الإعلامية كانت متواصلة، وكان واضحاً لدى الجميع أنه لم تكن لدى حكمتيار كل هذه الترسانة العسكرية التي تمكنه من قصف كابول لأربع سنوات متتالية، بالطبع كانت هناك دولة خارجية تدعمه، وتزوده بالصواريخ والأسلحة، وتدفعه إلى الحرب.
قضية أخرى آسف لها وهو أن حكمتيار كان يظن –نظراً لنزعتة الفردية- أنه يستطيع السيطرة على الحكم عبر عمالته لباكستان، ولما فشلت باكستان في أن تنجز شيئاً عن طريق حكمتيار، الذي عرف الشعب حقيقته، واحترقت ورقته داخل أفغانستان جاءت بمجموعة جديدة إلى مسرح الأحداث باسم طالبان، ولا يخفى على أحد عمالة هذه المجموعة لباكستان ولاستخباراتها العسكرية، فقد صرح الحاكم العسكري في باكستان الجنرال مشرف ثلاث مرات أن طالبان يمثلون الحزام الأمني الباكستاني، وأنه سيساعدهم، وتستطيع بنفسك أن تشاهد الأسرى الباكستانيين لدينا، وقطاعات الجيش الباكستاني النظامي تقاتلنا حالياً وإلى جانب كل نقائص حكومتنا ومشاكلها، فإنني أعتبر أن باكستان هي السبب الرئيسي وراء حرب ليست لا في صالح المسلمين، ولا في صالح أفغانستان، ولا في صالح باكستان نفسها.
محمد صافي:
الأستاذ أحمد شاه مسعود، تتهمون طالبان بالتمييز العرقي، ولكنكم قفزتم على محاور عديدة كالسنة والشيعة والمجاهدون والعملاء، واستبدلتم بكل هذه المحاور محوراً واحداً، ألا وهو محور الطاجيك والباشتون، ما هو تعليقكم على هذه النقطة؟
أحد شاه مسعود:
القضية التي أشرت إليها موجودة –مع الأسف- في أفغانستان، ويرجع السبب من جهة إلى بعض المظالم السابقة والحزازات بين العرقيات في المجتمع الأفغاني، لكن السبب الأساسي في تعميق هذه المشكلة تقف وراءه الاستخبارات العسكرية الباكستانية، التي أرادت أن تزرع العداوة بين القوميات المختلفة، حتى تمنع ظهور دولة أفغانية قوية مستقبلاً، وعندنا أدلة تؤكد وقوف هذه الاستخبارات وراء كل الخلافات الموجودة، الخلاف بين الناطقين بالفارسية والباشتون والأوزبك والهزارة، والخلاف بين الشمال والجنوب إضافة إلى الخلافات المذهبية تحرك هذه الخلافات لتحقق أهدافها، وهو ما سيؤثر على مستقبل الوضع داخل أفغانستان دون شك.
محمد صافي:
وفر طالبان الأمن والاستقرار في المناطق التي سيطروا عليها، والآن هم يسطرون على 90% من أراضي أفغانستان، لماذا ترفضون لحد الساعة مد يد المصالحة لطالبان؟
أحمد شاه مسعود:
أولاً: أنا لا أقبل أبداً دعوى طالبان بأنهم يسيطرون على 90% من أراضي أفغانستان، تستطيع بإلقاء نظرة سريعة على الخريطة أن تعرف نسبة الأراضي التي بحوزتنا وتلك التي بحوزة طالبان، أما أن طالبان قد تمكنوا من بسط الأمن على جميع المناطق التي يسيطرون عليها فإن هذا محض ادعاء وإشاعات، فما زالت حوادث السرقة واقتحام البيوت عنوة موجودة في كابول ومزار الشريف بصورة أشد من السابق، والأمن الذي كان يتوقع أن يأتي به طالبان لم يكن بتلك الصورة، وبخصوص ما ذكرته من أننا لم نمد يد المصالحة لطالبان فإنني ذهبت بنفسي مع أربعة من حرسي الخاص إلى طالبان عندما وصلوا أبواب كابول لأول مرة، وجلست مع الملا رباني والملا ترابي ومعظم قادة طالبان عدا الملا عمر وسألتهم: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد تطبيق الشريعة، ثم ماذا؟ قالوا: نريد أن نجمع الأسلحة.
ثم ماذا؟ قالوا لا نريد أحداً من النظام الشيوعي السابق في الحكم. فقلت: مطالبنا ومطالبكم واحدة، فمنذ كنا طلاباً في الجامعة وإلى يومنا هذا لازلنا نناضل من أجل الإسلام وتطبيق الشريعة، ونسعى إلى جمع الأسلحة من أيدي الناس، ونتفق معكم على ضرورة عدم وجود أناس من النظام السابق في الحكم، ولكن هذه دولة تمتلك عتاداً عسكرياً ضخماً من طائرات ودبابات وصواريخ ومدافع وليست تنظيماً صغيراً يقوده عسكري يسلمك أسلحته عندما تطلب منه ذلك.
ما هو طرحكم لأفغانستان اليوم وأفغانستان الغد؟ لم يكن لديهم أي برنامج، ونظروا إلى بعضهم البعض وقالوا: نرسل وفداً إلى كابول للتناقش معك. وبعد أيام جاء وفدهم إلى كابول، فقلت لهم: مادام الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار هو العقبة الأساسية أمام السلام في أفغانستان، وما دمتم ترفعون شعار الإسلام الذي هو أملنا الذي ناضلنا من أجله فتعالوا نعقد مجلساً للعلماء المشهورين ونجمع أربعين عالماً منا ومثل هذا العدد منكم إضافة إلى متخصصين قانونيين ومثقفين وعلماء اجتماع لنتفق معاً على سبل إقامة حكومة إسلامية في هذا البلد، وأنا أؤكد لكم أن الأستاذ رباني لن يصر على كرسي الحكم، فقالوا: هذا كلام جيد، ثم عينا موعداً لتاريخ الاجتماع ولم يأتوا للموعد، ثم بدأت قواتهم هجومها على كابول بعد أن اتفقوا مع قوات حزب وحدة الشيعي، ومنذ ذلك اليوم والحرب مستمرة، وقد اتصل بنا قادة طالبان خلال هذه الفترة مرة أو مرتين، وفي كل مرة كنت أؤكد على أن الحرب ليست حلاً لمشكلة أفغانستان ولكن لن نسلم أسلحتنا لعملاء باكستان. ومن خلال قناتكم أمد مجدداً يدي للتفاوض من أجل تشكيل حكومة إسلامية، ولكننا لن نسمح لباكستان بتحقيق أهدافها غير المشروعة في بلدنا.
محمد صافي:
هل عندكم أدلة حقيقية وواقعية تثبت وقوف باكستان مساندة لحكومة طالبان في حربها ضدكم؟
أحمد شاه مسعود:
أشرت من قبل إلى أن الجنرال مشرف صرح في ثلاث مناسبات أن طالبان يمثلون الحزام الأمني لباكستان، وأنه سيساعدهم، ومن جانب آخر أسرنا أكثر من مائة وعشرين باكستانياً في ميدان المعارك، وهذا أوضح دليل على تدخل باكستان، وإليك قائمة بأسماء بعض الفرق العسكرية التابعة للجيش الباكستاني التي تقاتلنا في جبهات (تاخار) و (كابول):
الكتبية رقم 117 التابعة للفرقة SSG1 التي يرأسها الرائد سلطان.
الكتيبة رقم 197 التابعة للفرقة رقم 9 التي يرأسها الرائد مؤمن.
الكتيبة رقم 625 التي يرأسها الرائد رفيق. هذه القوات التي ذكرتها يبلغ عددها حوالي 1800 جندي تقاتلنا فعلاً في (طرقان) ونحن دائماً نحرص على إرسال معلومات كاملة لمبعوث الأمم المتحدة الخاص بشؤون أفغانستان عن قوافل السيارات التي كانت تتحرك من باكستان وتحمل الأسلحة لطالبان وكنا نمدهم بكل التفاصيل من تاريخ حركة هذه القوافل، وموعد وصولها إلى كابول وجلال أباد ونوعية وأرقام الشاحنات المستعملة.
لقد قلت للقادة الباكستانيين أنه بإمكاننا –نحن الأفغان- أن نكون أخلص أصدقاء لباكستان لن نكون عبيداً وعملاء، فلا باكستان تملك هذه المقدرة ولا شعبنا تعود على الخنوع.
محمد صافي:
هناك أنباء عن خلافات كبيرة بينكم وبين الأستاذ رباني في داخل الجمعية.. ما هو تعليقكم على هذا؟
أحمد شاه مسعود:
ما يشاع عن حجم وطبيعة الخلاف بيني وبين الأستاذ رباني ليس صحيحاً، فقبل فترة قصيرة كنت في (بداخشان) وجلست مع رباني وتباحثنا حول مختلف الموضوعات، اختلاف وجهات النظر موجود حتى داخل الأسرة الواحدة،وكل ما أقوله دوماً للأستاذ رباني هو أنه بجانب وقوفنا في جبهات الحرب الدائرة عليه أن يقوم في الخطوط الخلفية بتنظيم الأمور السياسية بما في ذلك تفعيل مجلس الوزراء وهذا هو لب الخلاف، وليس هناك شيء آخر.
محمد صافي:
أستاذ أحمد شاه مسعود، هل الدولة الأفغانية أو الحكومة الأفغانية موجودة كمؤسسات؟ هل موجود التعليم، والقضاء، والاقتصاد؟ وكيف تسير الأمور اليومية للحكومة الأفغانية هنا في الشمال؟
أحمد شاه مسعود:
مؤسسات الدولة عندنا فعالة تماماً، تستطيع أن تعاين هذا في المناطق التي مازالت تحت سيطرتنا في ولاية (تاخار)، والمديريات والمحاكم مازال العمل فيها مستمراً بالإضافة إلى استقرار الأمن، نفس الشيء تستطيع أن تشاهده في ولايات (بانشير) و (بروان) و (كبيسة) و (بداخشان) وجميع المناطق الأخرى.
محمد صافي:
هناك من يرى بأن دور أحمد شاهد مسعود أصبح كبيراً جداً في داخل الدولة، وإذا اختفى أحمد شاه مسعود ولم يعد موجوداً في يوم من الأيام ستسقط حكومة رباني ما هو تقييمكم لهذا التصور؟
أحمد شاه مسعود:
المقاومة الراهنة ضد طالبان وسابقاً ضد حكمتيار وعموماً ضد باكستان لم تنحصر أبداً في شخص واحد، هذه مقاومة شعبية جماعية ضد هذا الغزو، وهي مقاومة ظاهرة للعيان، وأنا أعتقد أننا سواء كنا موجودين أم لم نكن فإن الشعب الأفغاني سيدافع عن حريته، ربما أنا اليوم وغداً شخص آخر وبعد غد شخص غيره، وهذا لا يعني أنه إن لم أكن موجوداً فإن الحكومة ستنهار، هذا غير صحيح.
محمد صافي:
لو افترضنا سيطرة طالبان على كل أراضي أفغانستان، ما هي خطتكم القادمة؟
أحمد شاه مسعود:
أولا لن تتمكن طالبان –إن شاء الله- من السيطرة على جميع الأراضي الأفغانية بأي شكل من الأشكال، ومن جهة أخرى فإن القضية في نظري ليست في سيطرة طالبان على أفغانستان، وإذا بقي منا شخص واحد على قيد الحياة فسوف يحاربها وسنحارب باكستان داخل أفغانستان، لأنه ببساطة لن يأتي يوم سنكون فيه خارج أفغانستان.
محمد صافي:
ولكن ألا يعتبر الوضع الحالي ترسيخاً لمطلب تقسيم أفغانستان على أساس عرقي وهو المطلب الذي نادت به دول غربية سابقاً؟
أحمد شاه مسعود:
لا شك أن تدخل باكستان وجهاز استخباراتها في أفغانستان أوجد خلافات بين الأعراق الأفغانية المختلفة، ولكن كل مواطن أفغاني متشبث بوحدة أراضي بلده، ورغم كل الضغوط لم يفكر أحد يوماً في تقسيم أفغانستان، وأنا شخصياً لم أسمع أبداً طرحاً بهذه الصورة.
محمد صافي:
ما هي الأوضاع الإنسانية للمهاجرين وللاجئين الذين نزحوا من مناطق القتال في (طالوقان) والأماكن الأخرى إلى هنا، ما هي أوضاعهم الإنسانية؟ وهل جهود الأمم المتحدة والهيئات غير الحكومية على مستوى الأزمة التي يواجهها شمال أفغانستان؟
أحمد شاه مسعود:
أوضاع المهاجرين سيئة للغاية مع الأسف الشديد، لأنهم لا يملكون شيئاً الآن فقد بقيت جميع ممتلكاتهم في المناطق التي سيطرت عليها طالبان التي قامت قواتها بنهب هذه الممتلكات، وقد رأيتم بأنفسكم هؤلاء المهاجرين وقد خرجوا من مناطقهم بملابسهم التي عليهم، ومنظمات الإغاثة الدولية لم تتمكن من التحرك بالسرعة المطلوبة لمساعدة هؤلاء النازحين، ونحن نقوم بتوزيع مساعدات محدودة عليهم بين الحين والآخر وهي بالتأكيد لا تسد حاجتهم بأي شكل من الأشكال.
محمد صافي:
أستاذ أحمد شاه مسعود هناك من يقول بأنكم تتلقون مساعدات من روسيا، وتتلقون مساعدات من طاجيكستان، ودول وسط آسيا، من أجل أن تقفوا أمام مد طالبان حتى لا يصل إلى هذه المناطق، ما هو تعليقكم على هذا؟
أحمد شاه مسعود:
هذه إشاعات تروجها باكستان منذ فترة طويلة لتصرف الأنظار عن غزوها لأفغانستان وتدخلها في شؤونها، بل إن باكستان تتمادى لتقول إن الروس موجودين داخل أفغانستان ويقاتلون إلى جانبنا ضد طالبان، أنت هنا الآن في أفغانستان وبإمكانك زيارة كل جبهات القتال وإذا وجدت جندياً روسياً واحداً فأنا أتحمل تبعات هذا شخصياً، لقد قلنا مراراً وتكراراً إنه من الأولى أن تُرسل الأمم المتحدة وفداً يجوب صفوفنا وصفوف طالبان، لينظر في أي جبهات يوجد مقاتلون أجانب، وإذا لم يكن في صفوف طالبان متطوعون ونظاميون باكستانيون فأنا أتحمل مسؤولية ذلك، ليس في جبهاتنا جندي أو مستشار روسي واحد، هذه كلها إشاعات تهدف من خلالها استخبارات باكستان أن تصرف أنظار المسلمين في العالم والشعب الأفغاني في الداخل عن جوهر القضية، أما قضية العلاقات فنحن دولة مستقلة، ودولة عضو في الأمم المتحدة ولنا سفارات في معظم الدول بما فيها روسيا، وهذه علاقات سياسية، بحتة، وباكستان كذلك لديها سفارة في روسيا، بل إن حركة طالبان بصدد إقامة علاقات مع روسيا، فإذا كانت إقامة علاقات مع دول أخرى تُعد جُرماً، فإن باكستان قد اقترفت هذا الجُرم قبلنا.
محمد صافي:
ولكن ما هي مصادر تمويلكم؟
أحمد شاه مسعود:
مصادر تمويلنا تأتي من كوننا حكومة شرعية، فنحن نقوم عملياً بطبع العملة الأفغانية وتقوم الدولة بتسيير أمورها عن طريق هذه الأموال، ومن جانب آخر نمتلك مناجم الأحجار الكريمة مثل الزمرد واللازورد، كما نستفيد مما نجمعه من الشعب من العُشر والزكاة والضرائب، هذه هي مصادر تمويلنا.
محمد صافي:
ولكنك قاتلت من أجل الحرية منذ عهد داوود، فكيف الآن تُقيم علاقات دبلوماسية جيدة مع دول تُتهم بأنها تقمع الحركات الإسلامية وتنتهك حقوق الإنسان مثل طاجيكستان وأوزبكستان؟
أحمد شاه مسعود:
قُلت سابقاً إننا دولة مستقلة، وأي دولة مستقلة لها الحق في إقامة العلاقات مع الدول الأخرى.
محمد صافي:
ولكن لماذا لم تطالبوا بتطبيق معاهدة خط ديوران عندما كنتم في الحكومة؟
أحمد شاه مسعود:
معاهدة خط ديوران التي ترجع بموجبها أراضٍ واسعة من باكستان إلى أفغانستان تتعلق بالشعب الأفغاني ككل، وبالبرلمان المستقل، وسواء اليوم أو في المستقبل فإن الشعب وممثليه سيتخذون قراراً بشأنه، وكنا نعتقد أن الأمور ستستقر ويجتمعوا ممثلو الشعب ليتخذوا قراراً في هذا الموضوع.
محمد صافي:
كم تقدرون عدد الباكستانيين والأجانب الذين يُقاتلون في صفوف الطالبان؟
أحمد شاه مسعود:
يُقدر عدد القوات التي تقاتل ضدنا في مدينة (طالوقان) حوالي سبعة آلاف جندي منهم 1800 جندي باكستاني نظامي، و800 من المتطوعين الباكستانيين التابعين لمجموعة دينية مثل حركة (الجهاد ) و(لشكر طيبة ) وغيرهما، و500 مقاتل تابعون لأسامة بن لادن، وبهذه الصورة فإنه من مجموع 7 آلاف شخص يُقاتلوننا في طالوقان هناك 3 آلاف أجنبي.
محمد صافي:
ولكنكم في زمن الجهاد قاتلتم عشرات الآلاف من الروس والحكومات الأفغانية المتعاقبة آنذاك، فكيف يؤثر عليكم عشرات المئات الذين يقفون إلى صفوف طالبان من الأجانب والمتطوعين؟
أحمد شاه مسعود:
الأعداد التي ذكرتها هي تلك التي توجد في طالوقان فقط، هناك أعداد أخرى من القوات الباكستانية والعرب موجودة في كابول وجلال آباد، وبقية مناطق أفغانستان والحرب في كل حالاتها مصيبة، سواء كانت هذه الأعداد تؤثر أم لا تؤثر، والحرب ليست حلاً للأزمة الأفغانية، وباكستان من الصعب عليها أن تسيطر على أفغانستان بهذه الكتائب والفرق المعدودة سوى في حالة واحدة، وهي أن تزيد عدد قواتها في أفغانستان وتزداد تبعية طالبان لها، وهذا يؤدي بدوره إلى ردة فعل شديدة عند الشعب تجاههم، وسواء سيطروا على طالوقان أو المناطق الأخرى أم لا فإن الحل الأمثل هو المفاوضات، وليس الحرب.
محمد صافي:
لو كنتم في الحكم في كابول هل ستسلمون أسامة بن لادن للولايات المتحدة الأمريكية؟
أحمد شاه مسعود:
هل يمكن طرح هذا السؤال بصيغة أخرى؟ أنا أجد أسامة بن لادن في نقاط عدة قريباً من شخصية حكمتيار، وتحركاته من وجهة نظر الدين ومن وجهة نظر العقل والمنطق السليم بعيدة كل البعد عن الإسلام، وما يظن أسامة أنه أعمال في صالح الإسلام هو محض ضرر للإسلام، ومن جانب آخر فإن أسامة ساهم عملياً داخل أفغانستان في قتل أناس مسلمين قاوموا الروس سنوات طويلة، وتعلمون أن سكان مناطق شمال كابول كانوا مشهورين بجهادهم ضد الروس، وخنادق بن لادن كانت دائماً ضد هؤلاء الناس، ويمكنك سؤال هؤلاء الناس كيف أحرق أتباع أسامة منازلهم وفجروا نظام الري في مزارعهم، وقاموا بقطع أشجارهم المثمرة وغير المثمرة بمناشير كهربائية استوردوها من باكستان، وأسامة هو الذي شارك طالبان في جميع هجماتهم وتسبب في قتل وتشريد مجاهدين قتلوا الروس، ما أعرفه عن أسامة بن لادن أنه من قتلة شعبي، ومن الذين ساهموا في تعميق آلام الأفغان وإزكاء الحرب في بلدي.
محمد صافي:
إذا رجعتم للحكم في كابول هل ستقبلون بالانتخابات؟ وإذا جاءت صناديق الاقتراع بأحزاب أخرى غيركم إلى السلطة في كابول، هل ستتقبلون النتائج؟
أحمد شاه مسعود:
تماماً، نحن نؤمن بالانتخابات ونراها الطريق الأوحد لحل مشاكل الشعب الأفغاني، وسننصاع لكل من جاء للحكم عن طريق الانتخابات.
محمد صافي:
أستاذ أحمد شاه مسعود ما هو موقفكم مما يُسمى (بالوياجاركا ) وهي المبادرة التي يطلقها الملك السابق ظاهر شاه؟ ما هو موقفكم منها؟
أحمد شاه مسعود:
نؤيد أي تحرك نحو السلام في أفغانستان إذا كان بإمكانه إيقاف الحرب، وفي اليوم الذي تتم فيه ممارسة ضغوط كافية على باكستان لتوقف تدخلها في أفغانستان فإن الأزمة ستعرف طريقها إلى الحل.
محمد صافي:
الأستاذ أحمد شاه مسعود شكراً لك، أعزائي المشاهدين في نهاية هذه الحلقة من برنامج لقاء اليوم لا يسعنا إلا أن نشكر ضيفنا القائد الميداني الأستاذ أحمد شاه مسعود قائد قوات تحالف الشمال ووزير الدفاع في حكومة رباني، إلى اللقاء.