لقاء اليوم

أحمد زويل .. تأخر العرب عن التطور العلمي

من أين نبدأ مسيرة التطور العلمي والتكنولوجي في العالم العربي؟ لماذا نجحت دول آسيوية لا تتبنى النظام الديمقراطي في التقدم علميا وأخفقت الدول العربية؟ لماذا تأخر العرب عن اللحاق بالركب العلمي؟

مقدم الحلقة:

حافظ الميرازي

ضيف الحلقة:

أحمد زويل – عالم كيميائي حاصل على جائزة نوبل

تاريخ الحلقة:

08/08/2001

– التعريف بعلم الفيمتوكيميا أو وحدة الفيمتوثانية
– دور العلم والتكنولوجيا في العالم العربي

– علاقة التقدم العلمي التكنولوجي بتحقيق السلام مع إسرائيل

– علاقة إسرائيل باختيار مَنْ يحصل على جائزة نوبل

– مشكلة هجرة العقول العربية وكيفية الاستفادة منها

undefined

حافظ الميرازي: مشاهدينا الأعزاء، مرحباً بكم في حلقة من برنامج "لقاء اليوم" نقدمها من واشنطن، وضيفنا في هذا اللقاء العالم العربي الأميركي الدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 99.

التعريف بعلم الفيمتوكيميا أو وحدة الفيمتوثانية

دكتور زويل.. لو بدأنا أولاً بسؤال ربما واجهته وبديهي جداً عن تبسيط للإنجاز الذي حققته، ما يسمى الآن بعلم الفيمتوكيميا أو وحدة الفيمتوثانية.

د. أحمد زويل: هو طبعاً دلوقتي بأعتقد يعني في العالم العربي معروف، بس للمشاهدين عموماً بطريقة مبسطة، هو في كل زمان وفي كل عصر، كل ما بينفتح العلم على مقاييس جديدة ومعايير جديدة بتحصل انقلابات وثورات علمية، فعامل الزمن من العوامل الأساسية في الكون، فإن الإنسان قدر يوصل لزمن قياسي حالياً في العصر اللي إحنا عايشين فيه يُقّدر بواحد على مليون من البليون من الثانية ده طبعاً كإنجاز علمي بيعمل ثورات علمية، بس أهميته بتقع في العصر اللي إحنا عايشين فيه في دورة للكيمياء، في الطبيعة، في البيولوجية، في الطب، لأنه حياة الذرات والجزيئات اللي هي في أجسامنا، واللي هي بتسبب الأمراض، واللي هي بتسبب السعادة و.. إلى آخره، دي كلها بتعيش وتموت في فترات قصيرة جداً، بتقدر بواحد على.. أقل من واحد على مليون من المليون من الثانية، فدا لأول مرة في تاريخ الإنسانية إن إحنا نقدر نتفهم ونرصد حركات العالم اللي كان مجهول ده وinvisible زي ما بيقولوا وغير مرئي بالمرة، وإنك بقى منه بيطلع نظريات جديدة، وأفكار جديدة، ودلوقتي -مثلاً- في اليابان لوحدها مثلاً حاطة له -تقريباً- بليون بليون دولار لاستخدام هذا العلم، للتحكم في المادة نفسها، عمل مواد جديدة، إذا قدرنا نفهم شخصية الجزئيات دي وإنه نتحكم فيها بصورة أو بأخرى، فطبعاً الفتح العلمي بتاعه كبير جداً.

إعلان

دور العلم والتكنولوجيا في العالم العربي

حافظ الميرازي: في واشنطن -أعتقد- كان التركيز في المحاضرة اللي ألقيتها على دور العلم والتكنولوجيا في العالم العربي، ما الذي حاولت أن تركز عليه؟ وما هو المحبط في إيصال الرسالة لـ.. من أين نبدأ؟

د. أحمد زويل: والله هو السؤال كويس لأن الحقيقة، شوف.. أنا عايز أقول لحضرتك حاجة، من العصر الحجري.. أنا لسه بأقرأ كتاب مكتوب globalization Stone Ages To The from the من العصر الحجري.. إلى عصر العولمة، والعلم والتكنولوجيا بيمثل العمود الفقري للتحضر، فأنت النهارده لا يمكن يكون لك وجود على الخريطة العالمية إلا إذا كان وضع العلم والتكنولوجيا في المجتمع قوي، ودي يعني من أول المطبخ اللي بتستخدم فيه الميكرويف، لحد الطيارة والصاروخ، لحد النضارة اللي بنلبسها، كل دا علم وتكنولوجيا.

المجتمعات اللي مش دارية بأهمية والدور الأساسي للعلم هي اللي بتعاني، أنا في رأيي.. ده تفكيري، وكتير جداً زي يمكن ما حضرتك سمعت في المحاضرة اللي هي بتاعة وضع العالم العربي بالذات على الخريطة العالمية، إن أنا -في رأيي- العالم العربي لحد دلوقتي ما استخدمتش الـ resources أو المواد لا البشرية ولا المواد الـ.. عايز أقول المادية بصورة واضحة جداً وبصورة مركزة لرفع شأن القاعدة العلمية والتكنولوجية في العالم العربي، فهناك (مجهودات) فردية كبيرة جداً في العالم العربي، أساتذة ممتازين بعضهم بيشتغل في معاملهم وبينتج، بس كقاعدة في العالم العربي كله مش موجودة.
والدليل حتى على هذا إن القاعدة العلمية دية لها وضع في التأثير الاقتصادي، يعني نسبة بسيطة جداً من الاقتصاد العربي بيتداول بين العرب وبعضيهم، والغالبية العظمى من الاقتصاد العربي مع الغرب، فدا معناه إن القاعدة العلمية اللي هي بتساعد حتى على تداول الأفكار بين شعوب العالم العربي مش موجودة الحقيقة، النقطة الأساسية بقى في العملية التنفيذية كلها في العالم العربي بتعاني من حاجات كتيرة جداً، منها البيروقراطية، حتى في الدول الغنية اللي عندها فلوس فيه بيروقراطية، لما بتيجي لوضع العلم، ثانياً إن فيه يعني عايز أقول misconception أو تفهم خطأ في البلاد الغنية، إن التكنولوجيا ممكن إنك تشتريها، التكنولوجيا بتتغير وديناميك، حركية دايماً، فإذا ما كنتش هتقدر تبني القاعدة دي ولأبنائنا.. ولأبناء العرب نفسهم مشتركين في بناء قاعدة تكنولوجية جديدة هتبقى طول حياتك بتشتري التكنولوجيا اللي موجودة في العالم الغربي، فأنا بألاقي إنهم كمان في الشعوب اللي ماعندهاش الطاقة المادية، كمان عندها هموم كتيرة جداً، يعني عندك infrastructure ده أو البنية الأساسية في مصر كانت معدومة مثلاً من قيمة 15، 20 سنة كان لازم يحطوا فلوس كتيرة جداً في هذا الوضع، لبناء البنية الأساسية، لكن أنا بأقول بجانب هذا لا محال من بناء أماكن وinstitution وحاجات جديدة مضيئة بتركز على حاجات، بتدي لأولادنا وشبابنا اللي.. يعني طالعة.. أو تطلع للمستقبل إن إحنا ممكن نكون زي الشعوب التانية دية، ونقدر نطلع بيها على صناعات معينة، وتقدمات علمية وحديثة بحيث إن إحنا ننهض على الخريطة العالمية.

إعلان

حافظ الميرازي: البعض يري إنه السبيل إلى النهضة أو تجارب النهضة السابقة في العالم العربي مثلاً اعتمدت على مشروع عسكري، وبيرى إنه الغرب ليس أفضل، بل ربما نفس الشيء، بالنسبة الأميركيين مشروع مانهاتن ثم تطبيقات الذرة في الحياة العملية، حرب.. الخروج إلى الفضاء ضمن الحرب الباردة مع السوفييت، ثم تطبيقات كل ذلك، محمد علي في التجربة المصرية، هل تعتقد أن المؤسسات والدول النامية تحتاج إلى هذا النوع من التجنيد ومشروع عسكري للنهضة؟

د. أحمد زويل: الشعوب المتقدمة لابد إن يكون عندها دفاع قوي، الدفاع القوي ده بيجي عن طريق.. بناء القواعد العسكرية و.. و..، فبيخش فيه دور العلم، ولكن العلم كمعرفة وكقاعدة علمية مالوش علاقة كتيرة جداً بهذا الموضوع، فـ.. ناخد بلد زي أميركا، اللي أنا.. يعني عندي فكرة عن.. شوية فكرة عن اللي بيحصل فيها إيه، فتبص تلاقي واحد زي حالاتي أنا بيجي لي فلوس أو بحث علمي من الجيش الأميركي، بس ده مالوش دخل خالص، أنا لا بأشتغل في حاجات فيها في الجيش الأميركي، ولا بأشتغل حاجات في الدفاع ولا.. ولا، لكن هم عندهم رؤية للمستقبل، إذا كان فيه عالم في أميركا في جامعة مرموقة بيشتغل في موضوع الليزر، يمكن الليزر ده في يوم من الأيام حيفيد الدفاع الأميركي، النهارده..President بوش بيتكلم على موضوع الليزر في استخداماته مثلاً بالنسبة missiles covered بالنسبة للدفاع missiles.

حافظ الميرازي: الصواريخ.

د. أحمد زويل: الصواريخ، فده الليزر له شأن، يبقى معناه تقدم أشعة الليزر لازم يُدرس و.. و..، ولكن القاعدة العلمية الأميركية طالعة من حاجة اسمهاnational science foundation أو المؤسسة المركزية للعلوم لأميركا، وده ممكن جداً يكون شخص لسه بادئ في العلوم، وبيفكر في أفكار جديدة، و(…)، فأنا بألاقيهم الحقيقة إن الاتنين منفصلين ولكن في النهاية بيخدموا الإنسانية والبلد اللي هي بتحاول تمول البحث العلمي.
حافظ الميرازي: فيه بعض وصفة أنت وضعتها في أكثر من خطاب لك وربما خطابك أيضاً في واشنطن على المطلوب، تحدثت عن إنه لا يمكن أن نتحدث عن نهضة للعلوم والتكنولوجيا في بلاد الأمية فيها تزيد عن أو تقترب من نصف عدد السكان، في نفس الوقت أنت تسعى سواء في مصر أو في دول عربية أخرى إلى بناء مراكز للعلوم والتكنولوجيا ومراكز للبحث تقول: هذه فقط التي سأريد أن أنفق عليها آلاف الملايين من الدولارات، كيف نوفق بين الاثنين، ترشيد الموارد هنا؟

د. أحمد زويل: أنا بألاقي إن مافيش.. إحنا عندنا دايماً في العالم العربي أما بتطلع فكرة على حاجة معينة بتبقى كأنها هي الفكرة الأساسية والوحيدة واللي لازم.. أنا ما بألاقيش الحقيقة تعارض في الاتنين، أنا بألاقي إن فيه بلاد كتير وأمثلة كتيرة زي مثال الهند، الهند فيها مجاعات مش بس ما فيهاش.. الهند فيها مجاعات كبيرة جداً، ورغم هذا الهند عندها من أول القنبلة الذرية، لإنها أصبحت تاني بلد في العالم فيsoftware بتاع الكمبيوتر، أو الـ..

حافظ الميرازي: البرمجيات.

د. أحمد زويل: البرمجيات، فما بألاقيش تعارض، أنا بأقول أيه؟ بأقول إنك علشان تقدر تدخل وتكون لك وضعك على الخريطة العالمية، وتشترك في هذه النهضة وهذه الثورة التكنولوجية إن -نمرة واحد- لابد من إعادة التفكير بالنسبة للتعليم في العالم العربي، المقررات بتاعة زمان، والطرق بتاعة زمان و.. دا مش معناه إن هو ما بيتطورش دلوقت، لا بيتطور، لكن أنا بأنظر له نظرة علمية على.. في القرن اللي إحنا عايشين فيه فين، أولادنا اللي هم ربنا عاطيهم الموهبة، وهم لازم إن نرعاهم من أول سن الحضانة لحد ما يبقوا علماء، يبقى لازم يبقى فيه مدارس من نوع معينة، وفيه.. وفيه مقررات من نوع.. فإعادة هيكلة التعليم في العالم العربي دي نقطة مهمة جداً، بس يمشي مع هذا إن لابد الإنسان يفكر في مراكز مضيئة في العالم العربي، يعني هل تتصور إن مافيش ولا مكان في العالم العربي على مستوي مثلاً الـWiseman institute بتاع إسرائيل، في كل العالم العربي، إحنا ما بنحبش نقول الكلام ده لكن دا واقع، ليه أنا بأعرف ده ليه؟ أنا بأعرفه كعالم عايش في أميركا، بأعرف قد إيه هم بينشروا أبحاث جيدة جداً، وأبحاث معروفة على مستوى العالمية و.. و.. إلى آخره، فلابد من وجود أماكن مضيئة، طب ما إسرائيل عندها بعض المشاكل في حاجات تانية.

إعلان

علاقة التقدم العلمي التكنولوجي بتحقيق السلام مع إسرائيل

حافظ الميرازي: بمناسبة الحديث عن إسرائيل أنت كُرِّمت في إسرائيل عام 93، كرمت بالعديد من الجوائز الأخرى في أنحاء العالم العربي، جائزة (ولفف) في إسرائيل، جائزة الملك فيصل، ميدالية (بن فرانكلين) التي أعطت لمشاهير في العلوم مثل (أنيشتين)، في محاضرتك كان فيه ملحوظة أنت ذكرتها، يعني لعلك توضحها، حين قلت: إنه العلم والتكنولوجيا وتقدمنا فيهم سيساعد العالم العربي في التوصل للسلام، يمكننا أن نتحدث لغة يفهمها الطرف الأخر، ماذا تقصد بذلك؟

د. أحمد زويل: أقصد -بطريقة بسيطة جداً- يعني أنا شايف إنه الوضع العلمي التكنولوجي في إسرائيل قوي جداً، ولأسباب كتيرة منها إن إسرائيل لها علاقة قوية بأميركا والغرب و.. و..، دي.. دي لأسباب عديدة جداً، بس أنا دايماً واقعي، يعني بأحدد الأسباب والعوامل اللي بتسبب ده، وفي نفس الوقت بأبص للحلول يعني، فالقاعدة العلمية التكنولوجية صلبة وقوية في.. في إسرائيل، القاعدة العلمية..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: زرت كم مرة إسرائيل، لو سمحت يعني؟

أحمد زويل: مرة واحدة.

حافظ الميرازي: آه.. آه، اللي فيها حصلت فيها على الجائزة.

د. أحمد زويل: القاعدة العربية ضعيفة، فأنا في مفهومي إنه لغة العصر اللي إحنا عايشين فيه هي لغة العلم والتكنولوجيا، واحترام الشعوب لبعضها مبني على القوة العلمية والتكنولوجية، فأنا بأعتقد إنه أفضل للسلام، أفضل للسلام إنه يكون العالم العربي في وضع.. مش بس أفضل، إن بأعتقد إن مستحيل هيكون فيه السلام الكامل إلا إذا كان العالم العربي شأنه العلمي اللي هو هيؤدي إلى اقتصاد قوي، يكون على نفس المستوى بتاع إسرائيل والشعوب المماثلة لها.

علاقة إسرائيل باختيار مَنْ يحصل على جائزة نوبل

حافظ الميرازي: الحقيقة إن البعض بيقول: انظروا من حصل على جوائز نوبل في العالم العربي: الرئيس أنور السادات للسلام مع إسرائيل، نجيب محفوظ الأديب العربي المرموق الوحيد الذي أريد السلام مع إسرائيل بينما قاطع إسرائيل وأي تطبيع باقي الأدباء، أحمد زويل الذي كرمته إسرائيل من قبل، هل عقدة المؤامرة لدينا، وإسرائيل ليها دورها أم هل بالفعل العالمية جزء منها له ضريبة يجب العربي أن يدفعها؟

د. أحمد زويل: لا، هو الحقيقة أنا بأعتقد إن ده اللي مضيع طاقة العالم العربي، هو كله كلام، لأنه الناس حتى اللي بتتكلم على الحاجات دي، ماعندهاش دراية الحقيقة بجايزة نوبل، يعني جايزة نوبل في السلام ممكن أشوف إن فيها حاجات شوية سياسية، بس ماحدش فاهم مثلاً إن جايزة نوبل في العلوم مثلاً أو الطب دية بتقعد بتندرس بالـ30 سنة، وإلى يومنا هذا لا نعرف إزاي.. اتعملت إزاي، ولا حد هيعرف حاجة لحد 50 سنة من النهارده، وعلماء العالم هم اللي بيرشحوا، مافيش حد أبداً اسمه مؤسسة مش عارف إيه في إسرائيل اللي هترشح، دا ممنوع في القوانين الرسمية، فالعلماء هم اللي بيرشحوا لازم.. هل أنت عمرك سمعت عن واحد خدها في العلوم مثلاً أو الطب إنه الناس قالت ده كان حاجة تعبانة في.. ما عملتش، يعني مابتسمعش الحاجات دي، حتى في الناس اللي هي فاهمة في العلوم و.. أديبنا الأستاذ نجيب محفوظ أنا ما أعتقدش إن هو علشان خاطر إن هو عمل موضوع السلام يبقى معناه إنه.. يعني أنا بأعتقد إن ده كلام أكتر ما هو مدروس وبدقة و..و.. وبعدين عاوز أقول لك يا سيدي: حتى لو ده حصل يعني على هذا المستوى، طب خلينا نطلع أكتر، خلينا نشوف النهارده فيه.. عايش في العالم كله بيحتفلوا دلوقتي بالمئوية بتاعة جايزة نوبل فيه 200 وشوية علماء في جايزة نويل اللي معاهم جايزة نوبل، على كل الستة بليون نسمة اللي عايشة.. يعني.. يعني، فدي أعداد صغيرة جداً اللي بتنقى في هذا، ودي حاجة كويسة للعالم العربي، إن على الأقل فيه عقول عربية بتقدر، لكن اللي أهم من ده إنه هل هيجي اليوم إن يبقى فيه المناخ الصح العلمي في العالم العربي، إنه يطلع أحمد زويل من العالم العربي، ده السؤال، وده السؤال اللي شاغلني إن هو إزاي تبنى القاعدة العلمية الصح، والتكنولوجية الصح؟ إن الشغل اللي أنا أتعطاني الفرصة إن أنا أقدر أعمله مع المجموعة بتاعتي، في جامعة مرموقة إزاي يقدر يتعمل في القاهرة أو في بيروت أو في الرياض أو في دبي أو.. هو ده السؤال الأساسي.

حافظ الميرازي: أقرب الدول العربية لا أقول إلى تحقيق هذا الحلم، ولكن إلى بداية الطريق نحو هذا، وأنت زرت العديد من الدول العربية؟

إعلان

د. أحمد زويل: أنا زرت العديد -الحقيقة- طبعاً مصر بالثقل بتاعها لوجود الطاقة البشرية الهائلة، بأعتقد إن أنا -الحقيقة- سعدت جداً في زيارة تونس، وشفت خطوات جديدة في تونس، كانت مهمة جداً في رؤيتي أنا، بالنسبة للتقدم بتاعها، بالنسبة للمستقبل، لبنان أنا استعجبت للسرعة اللي بنوا بيها البلد، بس طبعاً لسه القوة العلمية مش موجودة في لبنان، لضعف الظروف اللي كانت موجودة عندهم، لكن أنا بأقول: إن ده مش الأساس أنا بأقول إن العرب النهارده لازم ينظروا بنظرة شمولية، فين بعض الموارد المادية اللي موجودة في دول الخليج، والطاقة البشرية اللي موجودة في بلد زي مصر، والطاقة اللي هي القدرة في عملية Business أو..

حافظ الميرازي: العقلية التجارية.

د. أحمد زويل [مستأنفاً]: العقلية التجارية اللي موجودة في بلاد زي مثلاً لبنان وسوريا، فين التجمع العربي ده الهائل، اللي يقدر يكون قوة علمية ولها قاعدة قوية جداً، وتبقى النهارده بتطير -زي ما بتعمل في أميركا- من بيروت للقاهرة لدبي وتدي محاضرات، وفيه ارتباطات علمية و..، هو ده الكلام.

مشكلة هجرة العقول العربية وكيفية الاستفادة منها

حافظ الميرازي: هجرة العقول أحد الأشياء التي تتكرر كثيراً في العالم العربي، البعض يرى إنها مشكلة كبيرة يجب أن نمنعها، البعض يرى إنه بالعكس لولا هجرة العقول لما جلسنا اليوم ونتحدث عن العالم العربي الأميركي أحمد زويل لأنه عن طريق هذه الهجرة حقق هذا الإنجاز، كيف ترى الحل؟

د. أحمد زويل: أنا بأرى إنه برضه يعني فيه ناس بتقول ده ما يجبش ومش عارف إيه، وفيه ناس بتقول لك: لأ دا كويس، أنا بألاقي الحل – الحقيقة- مش لا ده أو ده، أنا بألاقي إنه هجرة العقول.. العالم النهارده متفتح على بعضه، ممكن أحمد زويل يعيش في أميركا، بس ممكن يساعد مصر والعالم العربي، ممكن عالم من العالم العربي يجي يقضي وقت في أميركا وأوروبا، وبدليل إن فيه يهود كتير جداً في جميع العالم الغربي، بس بيقدروا يساعدوا إسرائيل مساعدة كويسة، المشكلة.. القضية مش في هجرة العقول، القضية إنك توجد البيئة المناسبة في العالم العربي علشان تقدر تستخدم هذه العقول بطريقة جدية، فأنت النهارده لما يطلع عندك من العالم العربي عقول كتيرة جداً، وتحب أنت تستخدمها، وعندك البنك معلومات عن هذه العقول، هتقدر تستخدمها أحسن استخدام، النهارده الصينيين عاملين ده بطريقة تخوف، يعني أنا مثلاً معايا في (الكالتاك) مجموعة علماء كبيرة جداً بياخدوا الدكتوراه وبعد الدكتوراه، كتير جداً منهم من الصين، أصبح دلوقتي فيه Net Work أو شبكة معلوماتية بين اللي هم بيشتغلوا مثلاً في مكان زي كالتاك واللي موجودين في الصين بيتعاملوا مع بعض، بيسافروا يبعتوا E- mails لبعض و.. وإلى آخره، فأصبح العقول المهاجرة دية من الصين أصبحت هي من القوة الأساسية للصين، بس فيه نقطة الصين بتعرف تستخدمها إزاي، واليابان بتعرف تستخدمها إزاي، واستخدمتها بعد الحرب العالمية، وألمانيا استخدمتها، وهكذا، فأنا ما بأشوفش إنه فيه تناقض في العملية دي، بس بأرى إنه لابد إنك توفر البيئة الصالحة وماتكونش عملية شعارات، يعني عملية شعارات إن أولادنا والعقول، ومش عارف إيه، اللي أهم من كل ده، إنك -إزاي- الحقيقة تستخدم العقول دية بأمانة وبطريقة صح .

حافظ الميزازي: أنت ذكرت كان 25 طالب دكتواره تشرف عليهم، هل بينهم عرب؟
د. أحمد زويل: في خلال المدة اللي فاتت اشتغل معايا أكتر من 150 واحد، بس منهم عرب يمكن كـtotal يعني حوالي مثلاً 15 أو 20 حاجة زي كده، من لبنان، وده من السعودية، كان فيه من مصر طبعاً فيه حوالي 3، 4 وفيه يعني من بعض البلاد العربية، للأسف ما حدش رجع منهم غير واحد بس هو اللي رجع للسعودية، لكن معظم اللي اشتغلوا معايا -الحقيقة- قعدوا في أميركا أو في أوروبا.

حافظ الميرازي: ليه للأسف؟
د. أحمد زويل: للأسف، لأنه طبعاً لو موجود المناخ لهم، يعني فيه اتنين مصريين منهم أنا حتى حاولت إن أنا أخليهم يرجعوا على أساس إن نقدر نتعامل بعد كده، بس خايفين، عايز يشوف أحدث أجهزة علمية، وعايز يشتغل في المجتمعات اللي موجودة هنا، وعايز يترقى بسرعة، وعايز.. وعايز.. وعايز، فمحتاج لمناخ جديد، علشان تقدر تستقطب العقول..

حافظ الميرازي [مقاطعاً]: هل أنت تؤيد إنه يعود، أم هل تعتقد إنه الشخص بوجوده فعلاً بيستفيد، ولو عاد هيحصل..

د. أحمد زويل [مستأنفاً]: أنا أؤيد إنه يعود لو فيه بيئة مهيئة له.

حافظ الميرازي: حتى الآن لا توجد؟!

د. أحمد زويل: ما أعتقدش لأ، في العالم العربي ما أعتقدش موجود البيئة المناسبة، لأنه هيرجع، يعني خلينا نكون صريحين هيرجع لبيروقراطية، وهيرجع لحاجات كتيرة جداً في الانتدابات والترقية، ومش عارف إيه، وبعدين في نفس الوقت، المعامل والمشاكل اللي حاصلة، فمش هيقدر ينتج على المستوى مثلاً اللي كان فيه في جامعة كالتاك.

حافظ الميرازي: نحن نتحدث عن كالتاك – بالمناسبة- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا..

د. أحمد زويل: للتكنولوجيا آه، فدي أنت عارف إنها جامعة مرموقة جداً، وأنا دايماً بأذكر كالتاك بأقول إنها.. إحنا عندنا 280 عضو هيئة تدريس في جميع التخصصات، ولحد دلوقت مطلعة 28 جائزة نوبل.

حافظ الميرازي: إذن نقول أنت تؤيد هجرة هذه العقول، على الأقل في الوضع الراهن حتى لا تهدر ما لديهم من طاقات.

د. أحمد زويل: حتى لا تهدر طاقاتهم طبعاً طبعاً، وهيجي الوقت إنهم يساعدوا بلادهم بطرق مختلفة، يعني على الأقل بزيارات، على الأقل بإنهم بيدوا.. لكن ده ما بيديش -في تصوري أنا- ما بيديش الاستفادة الكاملة، لابد من وجود المناخ المناسب للناس دي، علشان ترجع وتقدر تشتغل مع إخوانهم، وإخوتهم اللي موجودين في البلد.

حافظ الميرازي: المناخ المناسب، أنت ضربت مثال الصين، نحن لا نتحدث عن دولة ديمقراطية والجميع يعلمون ذلك، نتحدث عن النموذج الغربي، إذن إن لم تكن المشكلة مشكلة إصلاح سياسي أو مشكلة ديمقراطية كما أحياناً تفسر، وبمجرد أن يكون لدينا الديمقراطية ستحل الأمور، هذا مثلاً غير مطروح في النموذج الصيني، إذن ما المشكلة بالنسبة لنا؟

د. أحمد زويل: هي على فكرة من سمات العالم العربي لما بنقعد.. أقعد وأزوره وبتاع، إنه عايزين يحلوا كل المشاكل مرة واحدة، يعني يقول لك الديمقراطية ويقول لك دا مش عارف إيه، والمشاكل، وعندنا الأمية وعندنا.. وعندنا، طب ما بقى انقل البلد دية، وهات بلد تانية، ما هو مش ممكن، البلاد كلها بدأت، فأنا بأقول إنه حتى بعض المشاكل اللي موجودة في بعض النظم السياسية، أنا بأقول إن ممكن جداً جداً إنك أنت تبني حاجات Modest يعني متواضعة في الأول ومعقولة، بس مراكز ممتازة، ومضيئة، وبتشتغل كويس، وما فيهاش اللي إحنا عارفينه دا اللي بيحصل في العالم العربي والوسايط، والكلام دا كله، فأنا بأعتقد إن ممكن جداً أؤكد لك إن العملية بسيطة جداً، أنا مرة قلت على الهواء في واحد من البرامج: إنه يدوني بس one pillion dollar العرب واحد بليون مش لي أنا، بس يتحط في مكان ونبدأ.. بس المكان واحد يتعمل، بلايين الدولارات ضايعة في العالم العربي، واحد بليون يقدر يبني قاعدة علمية على مستوى لائق يليق بسمعة العرب وتاريخ العرب، وهذا ما بيحصلش.

حافظ الميرازي: هم أعطوك مليون دولار فقط لجائزة نوبل، ماذا فعلت بها؟

د. أحمد زويل: والله هي الحقيقة فيه تقليد في الغرب، يعني إنه زي ما أنت عارف في أميركا فيه ضرايب، فإحنا دفعنا نصها للضرايب الأميركية، هي البلد الوحيدة اللي بتاخد ضرايب، وفيه جزء كبير جداً عملناه في تبرع، وفيه جزء حطيناه لجائزة في مصر كبيرة، وفيه جزء بنحاول نساعد الطلبة الصغيرين.. اللي طالعين في المدرسة اللي هي سموها -شاكرين- باسمي يعني فيه كذا عمل خيري حاولنا نعمله، واللي هيتفضل لأولادي، لبناتي وصبياني.

حافظ الميرازي: دكتور زويل شكراً جزيلاً لك.

د. أحمد زويل: شكراً جزيلاً.

حافظ الميرازي: دكتور أحمد زويل العالم العربي الأميركي الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 99، وكان ضيفنا من واشنطن في "لقاء اليوم" مع تحياتي، حافظ الميرازي.

المصدر: الجزيرة